"Ch 6"صدمة


بما أن اليوم الاول لي غفوت فيه و لم أستيقظ الا في مسائه ، إذاً هذا يعتبر اليوم الثاني لي بهذا القصر ، حالياً أجلس وحيداً بحديقة قصر ذاك السيد غريب الاطوار .. أشعر بالملل يقتحم قلبي و عقلي ، ليس هناك شئ ليثير إهتمامي حقاً !

أمس لقد حادثت أمي علي هاتفه الشخصي و هي كانت تبدو متفهمة لأمر وجودي معه لهذا أنا أقضي وقتي هنا بملل بعد أن إستيقظت لأجده قد غادر لعمله ، أمس أيضاً نمت بتلك الغرفة التي لم تكن سوى غرفته ، لقد علمت ذلك منه و هو يغادرها تاركاً إياي وحدي وحيداً ! .. و رغم قلقي غفوت سريعاً بدون علمي بكيف نمت مجدداً بعدما أخذت طول النهار نائماً !!

" سيد سيلين ؟ .. الجو يبرد .."

رفعت عيني علي جين الذي ابتسم بوجهي بلطف لأعبس أطلق سيّل تذمري :
" لا أريد الدخول لهذا قبل قولها لي لن أغادر من هنا الا حين يأتي ذاك البارد ."

وجدته قد عبس بوجهي لكني لم أهتم ليخاطبني قائلاً :
" أيها الطفل ، لا تنسى بحضوره لك هنا فأنت أصبحت .. "

عقدت جبيني غير مدرك لكلماته الذي قطعها بينما يتنهد بإنزعاج بعدما إختفت لطافته فجأة ليردف :
" إسمع سيلين ، أنا هنا رغم عمري الصغير الا إني أدير القصر ككبير خدم و أنا مع السيد آريان منذ فترة طويلة لذا رجاءً لا تزعجه و لو بكلمة ، فهو سيكون جيد معك للنهاية لكنه إن غضب منك لن تري منه غير كل ما هو سئ .. لذا .. أنصحك أن تتأدب بحضوره ."

رمشت للحظات و قد دَب القلق بقلبي ، ما قاله جين تواً هو أمر مزعج بالنسبة لي فهل أنا بصدد بقائي مع شخص غريب كهذا ؟ كما أنه لديه النفوذ الكافي لـ..

" يكفي جين و هيا لتحضر الغداء للفتى ."

لم أشعر بنفسي و أنا أشهق بتفاجؤ ، كان قد إتخذ مجلسه قربي علي نفس المقعد الذي أجلس فيه ! .. فقط ، متي جاء وجلس ؟!

حدق بي راسماً إبتسامة باهتة ، ليست إبتسامة حقيقية حتى ، لكني أبعدت وجهي عنه مكتفاً يداي بحِنق أتذمر :
" خادمك هذا يهددني ، أيخالني جباناً لأخاف من متعجرف مثلك ؟! "

أنهيت كلماتي أبادله التحديق و كأني أتحداه ليعقب قائلاً :
" أأنت تهينني الان ، سيل وودفيل ؟ "

قطبت جبيني ، حتي شهقت حين أمسك بيدي المصابة و لكني نظرت إليه ، كان يمسكها بطريقة لا لطيفة و لا قاسية لكن رغم ذلك الجرح ألمني فهمست و أنا أشيح بنظري عنه :
" إنها تؤلم كما تعلم ، فرجاءً أتركني ."

شهقت مجدداً بألم أقوي حين نهض رافعاً إياي عن الارض من يدي المصابة ، حدق بي من الاعلي بسخرية ، كان طويلاً ! و أنا كنت قصيراً جداً مقارنةً به ، ثم نطق تحت محاولة تحرري منه :
" تؤلمك ؟ أنظر لنفسك يا قصير ، أنت حتي لا تلمس قدماك الارض ! "

أنزلني بعدها لكنه لم يترك يدي ، كان يضغط علي جرحي لكني لم أتحدث و كل ما فعلته هو محاولتي للصمت كي لا يحدث ما هو أسوأ فأنا بالنهاية بعرين الاسد !

إحتضنت يدي سريعاً حين تركها لأنظر للأرض مخفياً ألمي الا أنه .. توسعت عيناي و ذراعيه تضماني بقوة ، يدفنني بصدره و كأنه خائف من فقداني ! .. لكن .. ما لا أفهمه هو .. ما هذا الشعور الذي بداخلي الان ؟! .. لما أشعر بالارتباك ؟! لما أشعر بغصة الحنين تلك ؟!

" لست ملزماً بالتذمر طيلة الوقت ، لست ملزماً بتحملك المسؤولية .. مازلت طفل ينبغي عليه البكاء حين يريد لا أن يترك نفسه بوسط عاصفة الكبار ليهلك بنيرانها .."

كلماته .. أصابت الوتر الحساس داخلي ، لكن من أين له أن يعرف ما أشعر به كل مرة أجد أمي مريضة .. كل مرة أجد جدي يتعب لأجلنا ؟!
.. رغم كل الاوقات كان عليّ المقاومة ، النهوض مجدداً و نسيان أني طفل .. كان دافعي هو الحفاظ علي جدي و أمي .. دائماً ما أراهما متعبان ، حزينان دون إستطاعتي لفعل شئ ، لهذا طفل بعمري كان عليه نسيان ذلك و العمل و المقاومة كالكبار ! .. تعلمت الصبر ، تعلمت تحمل الألم و عدم إظهاره .. تعلمت أن أقاوم أمامهما و ترك نفسي داخل قوقعتي .. لكن رغم ذلك ، كان جدي محقاً فخروجي للعالم الخارجي هو أمر متعب !

..

ابتسم آريان بحزن حين شعر بهدوءه ، علم وقتها أنه حزين و متعب لكنه قرر أنه لن يتركه بعد الان ، سيكون أباه دون أن يعلم ، غرز أنامله بين خصلات الاصغر يعبث .. يثبت رأسه علي كتفه ، يبث فيه الدفء الذي فقده طويلاً .. لعل كلماته و أفعاله تعيد الصغير لطفولته المفقودة !

إبتعد بعد لحظات يبعثر شعره بفوضوية ، مطلقاً قهقة هادئة حين وجد ملامح طفله تحولت للانزعاج من فعلته و إحتلت تقاسيم وجهه التذمر من فعلته ليصرخ بينما يدفع يده عنه :
" تباً ، لا تفعل ذلك و كأني طفل ! "

ضربت أقدامه الارض بينما يسير بغضب للداخل بتذمرات لم تنتهي مخفياً خجله منه تحت قناع الغضب !

بعد خمسة عشر دقيقة ، كان يجلس علي الطاولة يأكل بغضب مما حدث بالخارج ، و كأنه وجد ملجئه ليخرج غضبه و إنزعاجه به .. بالاكل !

" لا تأكل بسرعة حتي لا تختنق ! "

خاطبه آريان بملل و هو يضع قطعة اللحم بفمه و يمضغها بهدوء و لباقة عكس إبنه الذي زاد بسرعة تناوله للأكل بغضب ليتوقف فجأة مما جعل الابتسامة الساخرة تعلو فم آريان الذي نظر نحوه بشماته :
" أخبرتك .. ستختنق ."

غطي الصبي فمه بسرعة يسعل بقوة و إختناق فتنهد آريان و أمسك بكوب الماء بجانب الصبي ليناوله إياه قائلاً بينما يربت علي ظهره بخفة :
" هيا إشرب الماء ، لا بأس ."

أخذه من يده بسرعة ليشربه جرعة واحدة ، و سرعان ما هدأ قليلاً لينطق آريان بينما يعود لتناول طعامه :
" هيا أكمل يا سيل ."

نفى بهز رأسه هامساً بينما يتحسس معدته بألم :
" لقد شبعت .. تناولت أكثر مما أتناول بالعادة ! "

" و ما الكمية التي تتناولها ؟ "

" مم ؟ ربما أقل من نصف هذا الطبق ."

توقف آريان عن الاكل لينطق بضيق رغم هدوء نبرته :
" لهذا تبدو أقصر من المعتاد ! "

عبس الفتى يحدق فيه بغضب ليغير الاكبر الموضوع بسرعة :
" صحيح ، أخبرني هل تذهب للمدرسة ؟ "

" آه ، أجل أفعل .. لما تسأل سيد آريان ؟ "

" لا شئ ، مجرد سؤال ."

سكت للحظات تحت صمت الفتى ليسأله شئ قد غاب عن عقله :
" لما ضربوك هؤلاء الاولاد ؟! "

رفع الفتى عيناه عليه ليتنهد بضجر مجيباً :
" لقد رآني بيل بالمدرسة حين وجدت قلادةً ما علي الارض و أراد أن يأخذها مني لكني رفضت فتشاجرنا سوياً قليلاً و قد تركته بعد ذلك و ذهبت للمدير معطياً إياه تلك القلادة ليجد صاحبها و .."

" و لما لم تخبرهم بذلك؟ "

ابتسم سيلين ببساطة:
" أردت إغضابهم و لهذا تركتهم يشتعلون."

" لكنهم أذوك."

تنهد أريان يخاطبه فهتف:
" لكني أغظتهم و ضربت ذاك الأحمق أيضاً ، لذا لست غاضباً من نفسي."

تنهد أريان مرة أخري و قد شرد يهمس:
" أنت شقيّ."

لم يهتم سيلين بل إنتبه لشئ ما ، فرفع نظراته علي آريان سائلاً بحيرة :
" صحيح سيد أريان .. "

بادله النظرات المستفهمة ليردف الاصغر :
" أنت لم تخبرني بعد .. أين باقي أسرتك ؟ .. أنت قلت أن لديك زوجة فأين هي ؟! "

قلب عيناه بملل لينطق بغضب خفيف :
" إنها مع والداي خارج البلاد لأجل العمل ."

إستغرب الصغير نبرة صوته ، كان يبدو منزعجاً من عودتهم حقاً !

" سيد آريان ، صديقك ينتظرك بالمكتب ."

قاطع الاجواء صوت جين فرفع آريان نظره له و أومأ ليغادر الشاب ، ثم نظر لسيلين للحظات ليترك مقعده و يغادر .

عبس سيلين فهو تجاهله للتو ، ليترك مقعده هو الاخر و يتبع خطوات الاكبر و كله فضول بأن يعرف من صديقه ذاك الذي قد يقتحم مكتب آريان بذات نفسه ؟!

*****

مر يومان بالفعل .. كان بعده يخنقها .. كيف حاله ؟ .. هل أكل اليوم ؟ هل نام جيداً ؟ هل يشعر بالراحة ؟ هل هو خائف ؟

كثير من الاسئلة إقتحمت عقلها ، رغم سماعها لصوته لكنه ليس كافياً لمنع قلق قلبها علي وحيدها ! .. أرادت و بشدة أن تطلب منه العودة ، أن تغادر منزلها الان و تذهب لذاك القصر أكثر الاماكن التي تكرهها لتعيد صغيرها .. تعلم بالفعل إنها بسبب مرضها قد قصَّرت بحقه كثيراً ، و أرهقته كثيراً ، لكنها رغم ذلك فهي تحبه بجنون ، تشعر و كأن العالم مظلم من دونه ..كان هو قمرها الذي ينير حياتها المظلمة ! و الان أني لهذا القمر أن يسطع في حياتها لينيرها مجدداً ؟!

دلف للغرفة ليجدها تجلس علي حافة السرير تحيط رأسها بيديها .. ملامحها بائسة و حزينة ، فتنهد بقلة حيلة ، حزيناً لحزنها .. كيف لا يشعر بها و هي إبنته و قد عانت كثيراً أمام عيناه ؟ .. مازال يحمل ذنب أنه سبب خراب حياتها الان ! .. رغم شعوره و تأكده أن إبنته لن تستطيع العيش مع تلك الاسرة التي لا تهتم سوي بالمظاهر و المال الا أنه وافق و شجع آريان علي ارتباطه بها حين علم بمكنون قلبه و قلب إبنته .. و ياليته لغى كل شئ منذ تلك اللحظة .. ليتهما تفرقا و لا أن يحملا طفلاً يصارع لبقائهما بجانبه ! .. لكن الليت صارت وإنتهي الامر ، فقدرهما تعلق بنقطة ما بين جهتين ، لا مهرب و لا مواجهة فيها !

" ديفيا ، مهلك يا بنيتي ! ما هذه الحال التي أصبحتي فيها؟ .. "

لم يجد الا أن يوبخها ، كان حانقاً من تدهور حالتها النفسية التي تأتي بالسلب علي حالتها الجسدية .. أكمل بإستياء :
" تعرفين أن سيلين ليس بمكان غريب ! أنه مع والده و سوف يعود ، فلما تفعلين ذلك و تدهورين صحتك ؟! ... "

رفعت سماويتاها بفتور نحوه تهمس بألم معترضة:
" لكني خائفة .. ماذا إن أخذه دون جعلي أراه مجدداً ؟! .. أنه .. أنه روحي يا أبي .. لا أكاد أصدق بعده عني شبراً ! "

تنهد و هو يجلس إلي جانبها ، إحتضن كتفاها ليخاطبها بهدوء :
" كل شئ سيكون بخير يا ديفيا .. كل ما في الامر أنه يمكث ليومان أخران فقط ، تحملي فيهما يا عزيزتي .. إجعلي سيلين يترعرع و لو قليلاً بحضن والده فأنت أكثر من تعرفين ما يشعر فيه طفلك بسبب ذلك الامر و كيف يواجه المشاكل دون إخبارنا بها ! .. لذا لا تسلبي حق طفلك بذلك ".

أومأت لتقول بحزن بينما تريح رأسها علي كتف أباها و تعانق معدتها شاعرة بالتوعك :
" سأحاول .. بالنهاية ليس لي الحق .. في سلب .. حق سيـ.."

إختفى صوتها فجأة ليشعر والدها بثقل جسدها مما جعله ينتفض فزعاً بينما يتفحصها ..

و فجأة وجد نفسه بالمشفي .. ممرضان يجرانها علي عربة الطوارئ ، بينما منعه أحدهما من إكمال طريقه خلفها مردداً ، بأنه يجب بقائه هادئاً حتي يطمئنوا عليها و يطمئنوه ، فوجد نفسه مضطراً للإنتظار ، يشعر بالوقت يسير ببطء شديد ، القلق و الخوف سيطر عليه محيطاً إياه بأسئلة جمة عن ماذا فعل ليحدث ذلك ؟!

و بعد نصف ساعة ، أخيراََ خرج أحد الاطباء ، فهرول نحوه يتعثر بسيره ، فمهما كان هو مجرد عجوز غطى الزمن علي شبابه و أرداه مسناً ! .. نظر بعينا الطبيب الباردة التي تنذر بشئ سئ ليسأله بلهفة و شئ من القلق :
" ما بها إبنتي ، دكتور ؟.. أهي بخير ؟!"

و تنهيدة أطلقها الطبيب الشاب و هو يعدل منظاره علي عيناه ينطق بشئ من الأسف :
" أعرف أن الامر سيكون صعباً عليك ، لكن السيدة .. بصدد مواجهة الدخول للمرحلة الثانية من سرطان الكبد ."

و كانت هذه أشد وقعاً من صدمة موت زوجته و حبيبة عمره بنفس نوع السرطان ! .. و كأن إبنته الصغيرة ورثت كل ما ورثتها والدتها من ألم و أحزان .. حتي الامراض لم تتركها .. ملامح وجهها دائماً ما كانت تذكره بعزيزته الراحلة !

ضاقت عيناه غير مصدقاً ، مصدوماً حزيناً يقول بألم :
" متأكد أيها الطبيب ؟ قل أنك تكذب !"

" أعتذر منك ، أعرف أن الامر صعباً ، لكن .. الله معك .. لا يمكنني غير قول ذلك ، كما أنه لا يجب أن نيأس بعد من رحمة الله فيمكننا وقف تفاقم المرض بالمثابرة و الصبر و الثقة بالله ."

أومأ ميل و قلبه يؤلمه ، و كل ما جال بتفكيره الان ، هو ردة فعل سيلين حين يعلم بمرض أمه ؟! .. يمكنه التحكم بصدمته لكن ، ماذا عن الصغير ؟ و هو من كان يتمني رؤية أمه بخير ! أرادها دائماً بجواره ، لكن لا نستطيع التحكم بالقدر للأسف !

****

و بينما كانت تعاني أسرته كان هو يجلس علي الاريكة بمكتب والده ، يحدق بنظرات كلها حذر و إنزعاج لمن يجلس مع والده علي مكتبه ، و بنظرات منزعجة يبادله إياها ، كان يثير بها غيظه مما جعل آريان يتنهد كل فينة و أخري بقلة حيلة و ملل منهما .

" سميث توقف عن إغاظته ، مازال طفل ."

حاول آريان أن يوقف الشحنات الكهربائية التي تثار بينهما لينظر إليه سميث يهتف بعصبية دون إنتباه لما سيقوله :
" لا توبخني آريان ! إجعل ابنك ذاك يتعلم .... "

" سميث ! .."

ضرب علي مكتبه بخفة هاتفاً بإسم رفيقه بتحذير واضح بينما عيناه علقت علي عين صديقه توبيخاً لما نطق به للتو ليكمل مدارياً ما كاد يكشفه سميث الذي إنتبه لفعلته :
" لا تشاجر الفتي هو ضيف ! "

" حسناً لك ذلك ."

عقب سميث متذمراً بينما يعطي نظرات حارقة لسيلين الذي كان يحدق بهما بصمت غير مستوعب ما دار للتو لكنه لم ينبث بكلمة ، فنظر نحوه آريان بلطف ليقاطعه صوت سميث و هو يسأل بشئ من السخرية :
" سيلين ! .. يبدو إسمك كإسم فتاة !"

لاعب حاجبيه مغيظاً سيلين الذي نطق بحنق :
" لكنه أفضل من إسم سميث علي أي حال ، أيها العجوز ! "

" آأه عجوز !! .. هيه أيها الطفل .. "

صاح بحنق ليقاطعه سيلين يبتسم نحوه ببراءة :
" كما أن والدتي من إختارت إسمي لهذا لا يمكنك إغاظتي بالامر فهو يعجبني ! "

حل الصمت علي الغرفة ، آريان أحس بشئ من الحزن ، فيبدو أن صغيره متعلق بوالدته و لا يفكر بوالده إن كان حي أو لا ، لكن ذلك لم يمنع تلك الابتسامة من الظهور ، فربما بمقدور سيلين إسعاد ديفيا بنهاية الامر !

" إذاً سيد سيلين المحترم ، لما سمتك أمك بهذا الاسم ؟ "

جاراه سميث محاولاً إغاظته لينظر له سيل و تلك الابتسامة لا تفارق وجهه ثم نظر لحيث قدميه لينطق بخفوت و هدوء ملئ بالدفء :
" لأنه القمر .. إسمي معناه القمر ، و لهذا فأنا قمراً خلقت بليلة شديدة الظلمة لأنير سماء أمي الحالكة ."

توسعت عين آريان ، كانت مجرد كلمات بها مشاعر جمة أطلقها الفتي بكلماته لكنها كالوقع الشديد علي آريان ، تعلقت عيني سميث علي صديقه يعلم جيداً كم يتألم الان من الداخل لكنه لا يظهر رغم أن عيناه فضحته ! .. ذلك البريق اللامع ، تلك الدموع المحبوسة .. كل ما كان يشعر به آريان كان يخزن بقلبه تاركاً ذكرياته من تعبث به دون أن يراها أحد !

" سيد آريان .. "

خرجا من تفكريهما علي صوت الفتى ، لينعقد جبين آريان و هو يغادر كرسيه ليتقدم ناحية إبنه ، مستغرباً من تغير مزاجه تواً ! .

" أنت بخير ؟ تشعر بتوعك ؟! "

سأله و هو يحتضن خده بلطف بكفه اليمين بينما يده الاخري مسكت عقده يده ليزداد إستغرابه و الصغير أمامه يرتجف لسبب لا يعرفه فأردف بقلق :
" مابك ؟ لما ترتجف ؟ .. خائف ؟! "

هز رأسه نافياً لينظر لعيني آريان ينطق و شئ من عدم الارتياح إقتحم قلبه :
" أيمكنك تركي أحدث أمي ؟ .. لا أشعر بالراحة ."

هز رأسه ليطمئنه قائلاً بينما يربت علي شعره :
" حسناً لكن إهدأ ، فلما الخوف ؟ أكيد والدتك بخير."

أومأ بصمت فنظر آريان ناحية سميث قائلاً :
" سميث ناولني زجاجة الماء بجانبك ."

أومأ سميث يمسك بزجاجة الماء للحظات ليضع بعضاً منها بكوب بجانبها ليقترب منهما بعدها ، ناولها إياه ليساعد الاخر الفتي بشرب رشفات قليلة من الماء تعيد هدوءه ثم أبعد الكوب ليمسكه سميث و يبتسم .

هدأ سيلين ، رفع نظره نحو عين والده ثم بدأ يشعر بالنعاس يسيطر علي وعيه ، فهمس و يداه تعانق رأسه :
" أشعر .. بالدوار.."

لم يكمل حتي إختفى وعيه ليتلقاه آريان بسرعة مصدوماً مما حدث لكن قهقة سميث خلفه بينما يتكلم طمئنته حيث قال :
" لا بأس ، لا داعي لقلقك ، فلقد أضفت حبة دواء مخدرة من التي أخذها و هي لن تضره .. "

حمل صغيره بين يداه ليواجه صديقه قاطعاً حديثه بانزعاج :
" و لما فعلت ذلك ؟ "

أمال سميث رأسه بخفة قائلاً بجدية بينما يدفن يديه بجيبيّ بنطاله :
" هو لا يعلم أنك والده ، كما أني أري أنه مازال خائف من محيطه الذي وجد نفسه فيه فجأة ، كما بعده عن أمه يقلقه .. لهذا إن تركته يعاني من خوفه ذاك قد يحدث نتائج غير مرضية .. كما .. "

صمت قليلاً ثم أردف بجدية أكبر :
" عدم معرفته بحقيقة كونك والده ، سيثير الغضب و الضغينة تجاهك و ربما يفضل البقاء مع والدته و عدم رؤيتك مجدداً .. هذا غير زوجتك الحمقاء إن علمت بوجوده سيكون خطراً علي حياته ."

كان كلامه صحيحاً ، يوقن ذلك ، لكن .. كيف له أن يتصرف ؟ .. من جهة ديفيا و الجهة الاخري أسرته و زوجته الاخري ، بينما الطرف الثالث و الاهم ، هو صغيره الذي لا يعلم للأن أنه بصدد مواجهة حقيقة قاسية جداً ، سترهق عقله و قلبه و تملأ حياته بالنزاعات الغير مرضية ، فكيف له أن يفعل ليعيد لحياة صغيره الهدوء الذي علي وشك الاختفاء ؟!

*
*
*
يتبع..

شباب أريان هو جين ، لقد كان متنكراً

هو والد سيلين 😌

رأيكم؟

طبعا فيه بارت تاني لان اليوم عيد ميلادي 😌❤️✨ ككل سنة لازم ارفع بارتات زيادة في مناسية عيد ميلادي ❤️✨

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top