Ch 15
بارت كهدية العيد لكم ❤️✨
كل عام و انتم بخير ❤️✨
****
مع توتر الاجواء بديسمبر ، أصبح هذا اليوم لطيفاً بهواءه دون أمطار كلَيلة أمس المشبعة بأمطار غزيرة .. لكنها مازالت تنشر رطوبتها و عبقها بالاجواء ..
مشفى المدينة .. كان هذا إسمها ، بأحد غرفها إحتجز جسداً جالساً بابتسامة تميل جسدها للخلف بإرهاق لا تريد إظهاره أمام طفلها الذي بالكاد إستطاعوا إبعاده من العناق الذي فاجئها به منذ دخوله ، فشهر واحد دون رؤيتها كان كالجحيم بالنسبة إليه .
" دعيني أعانقك مرة أخرى ! "
" لا .. أنت تؤلمني ."
" أمي أيتها ال .. "
تذمر أكثر و هو يترجاها و هي ببساطة تمنعه قبل أن تفقد أعصابها :
" سيلين روجر أصبتني بالدوار أيها الشقي ! "
توقف و عبست ملامحه لينطق بضجر :
" كل ذلك لأني أحبك ؟.. أنسيتي أني المسؤول عنكِ أيتها السيدة ؟ "
تنهدت ، فقد عاد لتصرفه اللئيم مجدداً فنظرت لآريان الذي يجلس بابتسامة مقهقة بجانب ميل :
" ألم تعلمه بعضاً من أفعال الاطفال يا آريان ؟ "
فصرخ سيلين معترضاً :
" لست طفل أنا رجل الان و أكثر من يعرف مصلحتك ."
لوح آريان يداه أمام وجهه مبرراً :
" انه عنيد ، لا يستمع لحديثي .. كما أنه مشاغب فلما تقولين ذلك و أنت أكثر معرفة به عني ؟ "
عبست لتنطق بهدوء حين أحست بالتعب :
" سيل .. أنا متعبة أيمكنك الذهاب مع جدك قليلاً ."
" و أتركك مع هذا الرجل ؟! مستحيل ! "
قالها بضجر يشير بإصبعه علي آريان الذي تفاجأ من فعلته لينطق بتعجب :
" رجل ؟! أين سيلين الذي كان معي كطفل لطيف بالمنزل !!."
كتف ذراعيه محرجاً ليجيبه بشئ من الكبرياء الزائف :
" ذلك لأني لم أكن بمنزلي وقتها ، و أمي علمتني كيف أكون ولداً مهذباً ."
احتدت عيناه و هو يتمتم بضجر مستنكراً :
" مهذباً ؟! أشك بذلك ."
تدخل ميل بملل :
" تعال معي سيلين ، سنذهب لشراء شئ لنأكله ."
رضخ سيلين لطلب جده الذي أمسك معصمه و ذهبا معاً لتتفرغ الغرفة لكلا الاثنين .
" إذاً ؟ "
بادر آريان حديثه و هو يتخذ مقعداً إلي جانبها فأخفضت عيناها تسأل بهدوء :
" أهو بخير معك ؟ "
" أجل .. لكنه عنيد إن تعلق الامر بكِ ."
نظرت إليه بحزن :
" أشعر أني أم سيئة ."
أمسك بيدها بدفء :
" لست كذلك ديفي ."
عانق ظهرها السرير بعد إستلقائها عليه ، نظرت للفراغ تتحدث بحزن و هو يستمع لها و يشاركها تعاستها :
" سيلين أصبح مختلفاً عما كان عليه .. حين كان معي ، كنت دائماً بعيدة عنه لكنه كان معي ، يشعرني كما لو أنه أنا إبنته و ليس هو إبني .. يساعدني ، يساعد جده بالطبخ .. و أحياناً بالحقل .. لدرجة أنه ذهب للعمل بمطعم دون علمنا و كله ظناً أن ذلك سيساعدني للشفاء ، كان يتحمل كامل المسئولية عني رغم خوفه ، و رغم عدم تعامله كالاطفال بعمره .. أما أنا فقد إستسلمت للمرض و لازمت فراشي لست سنوات .. حالتي النفسية تسوء يوماً خلف يوم و أنا أتذكر الماضي .. دعمني صغيري و أبي ، لكني تسببت بالاذى لهما .."
تساقطت دموعها فمسحها بأنامله و هي تنظر إليه برجاء :
" أرجوك آريان .. لقد كنت أنانية لمنعه عنك ، دمرت حياته و طفولته بسبب أنانيتي ، فإعتني به إن حدث لي .. "
منعها عن إكمال ما كادت تقوله ليخاطبها بدفء :
" لا تقولي ذلك أبداً ديفيا ، ستكونين بخير و سنعود ثلاثتنا للعيش معاً ، و سينمو طفلنا بيننا و أمام أعيننا ."
شهقت بحزن :
" لكن .. لكني خائفة .. خائفة علي سيلين ، ماذا لو أفقت و أنت إبتعدت مجدداً ؟ .. هل سيعامله الجميع كما لو كان نكره ؟ "
عقد جبينه بإستنكار :
" ماذا تعنين ؟ "
مسحت دموعها تحاول أن تبقى قوية لتقول :
" جميع اهل القرية ظنوا بي السوء .. أحد العائلات كانت تكرهني و جعلت أبنائها يتنمرون علي إبني .. كنت آراه دائماً يعاني بمفرده .. يعود ببسمة كبيرة علي وجهه دون إخبارنا بشئ ثم بمنتصف الليل أسمعه يبكي وسط الظلام لوحده لأعجز عن مواساته ! .. "
إنهمرت دموعها مجدداً و هي تردف بألم :
" كانوا ينادونه بألفاظ سيئة ، يخبروه أنه مجرد نكرة لا أب له .. و كنت أنانية .. أخاف أن أواسيه و أضطر لأن أكشف سرك .. أخبرته أنك تعرضت لحادث و أخفيت عنه الكثير حتي تناساك .. كنت أظنني بهذا أحميه لكني كنت أقتله ببطء .. "
صمتت تمسح دموعها الغزيرة فتنهد آريان بحزن و جلس إلي جانبها ليأخذها بعناق هامساً بدفء :
" لا بأس .. لست بغاضب منكِ .. الخطأ أنا من بدأته ، و فعلتي أنت ذلك للتنفيس عن غضبك و ألمك دون أن تعلمي ما الخطأ من الصحيح .. الان لم يعد للخوف مكان ، نحن سنظل معاً .. "
صمت قليلاً بعد أن هدأت ثم ابتسم ينطق ممازحاً :
" قلتي تخافين علي طفولة ذلك الشقي ؟ .. أنظري ماذا فعل بي خلال شهر واحد .. لقد إعترف بي بسرعة و هو يعاملني الان كأني خادمه .. و أنا الان أود إعادته لكِ ."
أنهي كلامه يضحك فبادلته الضحك مع دخول سيلين مطلقاً شهقة محرجة و هو يختبئ بجده يصرخ باستنكار :
" ماذا تفعلان ؟! ألا ترون برائتي ؟! "
ضحك ثلاثتهم عليه ليجيبه آريان بسخرية :
" برائة ؟! أين هي أنا لا أراها ! "
عبس سيلين ليتقدم من أمه يوبخها بغيرة :
" تسمحين له بعناقك و أنا لا ؟! "
إبتسمت بوجهه و كادت تسحبه ليعانقها لكنها جفلت لتسقط رأسها بسرعة تستند علي كتف آريان الذي أمسكها بقلق :
" أنت بخير ؟ كيف تشعرين ؟! "
زادت أنفاسها إضطراباً و هي تشعر بالمكان يدور حولها فتمسكت بملابس آريان بقلق تحت نظرات سيلين التي إرتعشت بقلق علي والدته .
" يا سيد لا يسمح لك بكل هذا القرب ."
ساعدها بالاستلقاء لتتقدم الممرضة تعطيها دوائها و تساعدها علي الهدوء ، سألت بقلق :
" هل حدث شئ أزعجها ؟! "
" أجل ، لقد كانت حزينة و كنت أواسيها .. هل ستكون بخير ؟."
نطق آريان بقلق ينظر لها و هي نائمة بينما يمسك بيد سيلين الذي يحدق بوالدته بقلق و خوف .. ردت :
" لا تقلق ، فقط بالزيارة القادمة لا تذكرها بشئ يحزنها فحالتها النفسية تؤثر بالسلب علي حياتها ."
" حاضر ."
ابتسمت بقلة حيلة :
" أسفة ، لكن وقف الزيارة انتهي ."
---
غادرت المشفى بيدي سيلين الذي حاول ترجيتي بأن أتركه لكني رفضت .. ثلاث أمور وجدت نفسي عالق بينهم .. ديفيا ، سيلين و .. آلبيرت ! .
شردت بذهني للحظات وأنا أقود سيارتي ، هناك إستياء شديد داخلي .. قلق للغاية من إدراك آلبيرت ذاك من وجود سيلين و قلق لأجل ديفيا بسبب حالتها تلك و خاصةً بعد ما تحدثت مع طبيبها أمس .. أيام قليلة و ستجري العملية .. هذا ما أخفيته للآن عن سيلين ! غير مرضها المناعي ذاك ! .. أنه أمر معقد !
بطرف عيني نظرت لصغيري لأجده يميل علي النافذة عابس الملامح لأعود للطريق مجدداً و مازلت أفكر ، أوقفت سيارتي بعد دقائق قليلة عند أحد الحدائق لنقضي نزهه لطيفة معاً لربما تبعد يأسه و ألمه عنه قليلاً .
" سيلين إنزل ."
لم يجادل و هو يفتح باب سيارتي ليغادرها ، إقترب مني و همس بصوت لم أعتاده من قبل و لم ينظر لعيني :
" لما نحن هنا ؟ "
لم أشأ أن يبقي هكذا فنزلت لمستوى طوله و تعاطفت معه قائلاً و أنا أحتضن كتفاه :
" ما هذا الوجه الكئيب بني ؟ .. أنسيت النزهة ؟ .. أم لا تريدها ؟ "
" نزهة ؟؟ "
كرر خلفي مستغرباً و كأنه لم يسمعني بالامس ، لكني لم أجادله بينما أنطق بحب وأنا أمسك بيده و أسير معه :
" أجل ، لقد وعدتك أمس بها و عليّ تنفيذ وعدي."
فلمحت طيف ابتسامة و هو يستعيد نشاطه ليهمس :
" حسناً ."
دخلنا ، كانت حديقة واسعة ، جزء منها يمتلئ بالالعاب و هناك الكثير من الناس .. و الجزء الاخر مساحة واسعة خضراء ، علي أرضها هناك أخرون غيرنا .. عائلات قليلة تستمتع وربما أصدقاء أيضاً .. و أطفال .. ليس العدد كبير بسبب الاجواء السيئة المتقلبة .
أخذت بيده و إقتربت به من الالعاب أخاطبه بابتسامة :
" ما رأيك باللعب هنا ؟ "
فنظر لي بوجه مستنكراً قولي و نطق بتذمر مكتفاً ذراعيه بانزعاج :
" تعتبرني طفلاً أبي ؟ "
تنهدت بعمق ، فهذا مزعج ! .. طوال حياتي بمفردي و هذا الولد يفسد اللحظات اللطيفة بيننا ! .. نظرت إليه بهدوء :
" ماذا تريد أنت إذاً ؟ "
وجدته قد أبعد انزعاجه و أخذ يبعثر نظراته حوله لينطق فجأة :
" هنا مكتبة ؟ "
" أجل ."
أجبته بغرابة ليبتسم بوسع و هو يردف بحماس :
" إذاً لنذهب إليها ! منذ زمن و أنا أتمني ذلك ! .. "
صمت دون رد ، لا أعلم لما ؟ لكني صمتت أفكر في حماسه المفاجئ لينطق و هو يمسك بيدي :
" إذا سمحت لي بذلك ؟ "
لما أراه محرج ؟ ألا يراني والده ؟ أو ظنني سأرفض ؟!
" أكيد ، بالطبع صغيري ."
ابتسم سيلين و هو يرى والده يسحبه ليغادرا معاً ، ركبا السيارة و سار بها نحو المكتبة الكبيرة داخل المدينة .. بعد وقت لم ينتبه إليه سيلين توقف والده بسيارة أمام مبنى عملاق جميل المظهر تراثي .. رمقها سيلين بنظرات معاينة تمتلئ بالحماس و السعادة قبل أن يسبق والده بالنزول و الذي نطق بدهشة و هو يلحق به :
" سيلين لا تتعجل ! "
لكن سيلين بالفعل وصل للباب ليوقفه الحرس ينطق أحدهما بابتسامة مفعمة بالحيوية :
" يا ولد ليس مسموح الدخول الا بالتذاكر ."
عقد حاجبينه بإرتباك ليقاطع ذلك جذب والده لذراعه و هو يرد علي الحارس بابتسامة عذبة :
" سنحصل عليها و سندخل ، شكراً لإخبارنا يا سيد ."
حصل علي تذكرة واحدة كونه فرداً واحداً معه طفل ، تلفت سيلين سعيداً بهذا العالم الكبير الممتلئ بشتى أنواع الكتب و انتهي الامر بكليهما يقتنيان العديد و العديد من الكتب التي طلبها سيلين من شدة فضوله و حماسه .
عاد كليهما للمنزل مرهقين ، فقد أمضيا وقتاً لطيفاً تملئه مشاغبات إبنه و حماسه ، بأربع أكياس إمتلأت بكتب مختلفة كان يحملهم آريان علي يديه و بجانبه سيلين يشعر أنه تخطى حدوده!
" ماذا تفعل آريان ؟ "
أنزل ما بحوذته و هو يقابل سؤالها بهدوء :
" إقتنيتهم لصغيري .."
قاطعته بضجر و هي تنظر لسيلين بانزعاج :
" و هل أنت طفل لتجيب علي طفل ؟"
رمقها بطرف عيناه بانزعاج و هو يعود ليرتب الكتب أمام سيلين الذي يجلس بصمت :
" هو إبني ، و ما يريده سيحصل عليه."
" أنا حامل آريان ."
تصنم المعني و قد إنزلق ما بين يديه موسعاً عينيه علي هذه الجملة التي جعلته لا يعلم كيف شعوره ، إستقام ينظر إليها بصدمة لتنطق بجفاء :
" ماذا ؟ أصدمت لهذه الدرجة ؟ ألست سعيداً الان ؟ .. "
صمتت ثم رمقت سيلين بحدة و الذي نظر بعيداً عنها بانزعاج و خوف ، أردفت باستياء شديد :
" طبعاً لأنك أب لهذا الفتي فلن يهمك إن كنت حاملاً بطفل .."
إقترب منها مما جعلها تصمت و هي تراقبه بقلق لتفاجأ بعناق قوي منه و هو يجيبها بنبرة سعيدة مهتزة :
" لا تعلمين كم من السعادة أنا أشعر ، كاميل !!.. "
إبتعد عن عناقها المحب و عانق وجهها مبعداً شعرها ، ثم قبلها علي جبينها بسعادة غامرة و هو يردف :
" شكراً لهذا الخبر الجميل و الغير متوقع ."
أعادها إلي عناقه بسعادة فابتسمت ثم نظرت لسيلين فوجدته يبتسم أيضاً فقد علم أنه سيمتلك أخاً كما كان يتمنى !
إجتمعت العائلة هذا اليوم فرحين بهذا الخبر و سيلين من بينهما كان يجلس يفكر بإمتلاكه لطفل لطيف يلاعبه .
" أبي ؟ .."
همس إلي والده الذي يجلس الي جانبه فأمال نحوه ببسمة :
" ماذا صغيري ؟"
ابتسم سيلين يسأله :
" سأملك أخاً ؟ "
فزادت إبتسامة الاخر بينما يفرك رأس صغيره :
" أجل طبعاً سيلين ! ستمتلك أخاً لطيفاً تلعب معه ."
نظر سيلين ليديه بابتسامة سعيدة كونه سيمتلك شقيق صغير او حتي أخت .
ارتفع هاتفه برنين قوي فأخرجه يجيب ثم تغيرت ملامحه للإستياء و الغضب و هو يجيب الطرف الاخر :
" جيد سامويل ، سأتي حالاً ."
اغلق المكالمة ليسأله سيلين بقلق :
" أبي إلي أين ستذهب ؟ "
" للشركة ، هناك أمر بغاية الاهمية ."
قالها و هو يستعد للمغادرة بتعجل فصمت سيلين و نهض ليذهب الي غرفته بعد أن إستأذن لذلك ، و قبل أن يغادر آريان خاطب كاميليا برجاء :
" كاميل ، حاولي أن تعاملي سيلين بحب و إعتبريه كإبن لكِ ، هو يتيم و لم يحظي بحنان والدته بالشكل الكافي ، صدقيني سيعتاد عليكِ بسرعة كأم له ."
ابتسمت :
" بالطبع سأحاول عزيزي ."
هناك تغير شديد طرأ علي هذه العائلة ، أو ربما هذا ما تخيله آريان الذي غادر واثقاً من الامر الذي طلبه من زوجته .
*
*
*
يتبع...
رأيكم ❤️✨
بارت قادم بالطريق 😂❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top