Ch 13
كعصفور صغير تائه يبحث عن عُشِّه ، كنت أنا وحيداً مثله أتخبط بين طريقين نهايتهما هاوية .
-
كنت أرتجف حرفياً ، أسناني تضرب بعضها بعضاً، حاولت الهرب أسفل اللحاف لكنه لم يدفئني أيضاً .. أبي للتو خرج و تركني دون تيشرت أرتديه بعد أن تخلص جون الاحمق من ملابسي التي جئت بها ...
خبئت نفسي أكثر حين فتح الباب ، فلازلت خجلاً من وجود أبً لي ! و من وجودي بهذا المكان ! أمي كوني بخير أرجوكِ كي أعود إليكِ مجدداً .
" إنهض و إرتدي هذه الملابس .. إنها جميلة "
ملابس؟! أذَهب لكي يشتري لي الملابس ؟! بهذا الوقت ؟ الساعة قد تجاوزت الثامنة مساءاً أظن !
نهضت و أنا أحتضن اللحاف بذراعاي فتبسم آريان بخفة علي مظهري و إختار لي من بين كمية الملابس التي إشتراها لي تيشرت أبيض عليه رسمة لشخصية كرتونية و إقترب مني بهدف مساعدني بإرتدائه لكني نظرت له بضجر أتذمر :
" أتظنني أحمق آريان ؟! .. لن أرتدي مثل هذا الزي الغبي ."
لكن ماذا يمكن للكبار أن يفعلوا غير إجبار الاطفال مثلنا علي ما يريدوه ، و ها انا كالغبي أرتديه مرغماً بينما تجمع جون و ميلان خلف أبي يضحكان عليّ لأصرخ بوجههم :
" تباً لكم جميعاً ."
لكن وجدت أبي ينهرني علي ما قلته للتو :
" سيلين لا لعن مجدداً ، مفهوم ."
غطيت وجهي بيداي بإحباط لألتفت و أستلقي هارباً تحت اللحاف و لم أشعر بنفسي بعدها .
تقدم آريان بغرابة حين هدأ ، فأبعد الغطاء عن وجهه ليجده قد غفي فتبسم بحنان بينما يخاطب جون :
" جون ، لقد نام لذا لن يأكل الان ."
" لا بأس ، بالصباح سيجهز فطوره و معه كعكة بالفراولة كما يحبها ."
ذهب جون و شقيقه ميلان بعدها ليغير آريان ملابسه لملابس منزلية مريحة و تقدم ليستلقي بجانب طفله آخذاً به بعناق متلهف و سعيد بوجوده مرة أخري لكن عقله كان مشغول بحبيبة عمره المريضة !
فتح الباب ليصدع صوتها منزعجاً :
" تتركني لتنام هنا مع طفل لا تعرفه ؟!"
فتنهد و هو ينغمر بحضن طفله النائم و يجيبها ببرود بصوت خامل :
" و ماذا في الامر؟، إنها ليست أول مرة أتركك بها .. كما أن سيلين إبني .."
فقاطعته بغضب :
" إبنك أم تبنيته لتغيظني ، كل ذلك لأني لا أنجب ؟! "
لكنه بهدوء تام رد عليها :
" سيلين هو إبني و إبن ديفيا يا كاميليا .. و لا يحق لك التحدث بأمره مجدداً ."
تصنمت مكانها ، لقد ظنت أنه تبنى هذا الطفل لكي يغيظها و أنه يكذب عليها لكنه للتو أكد لها الامر ! .. تراجعت و أغلقت خلفها باب الغرفة و عادت لغرفتها منزعجة .. لم لم تنجب ؟ .. إن أنجبت لكان أحبها ! لكن ما لم تراه هي أنها إفتتنت بجمالها و مالها و شهرتها علي حساب حياتها .
باليوم التالي ...
الساعة قد تجاوزت السادسة و النصف صباحاً حين كان آريان يشرب قوته بهدوء تام لأفراد أسرته ، لم يسأله والداه عن سيلين أو إن كان محقاً و أن هذا إبنه لكن بوسط ذلك تقدمت سلافيا منه حيث جلست إلي جانبه قائلة :
" آري ، هل ذاك الصبي هو طفلك أنت و ديفيا ؟ "
فتبسم بوجهها و أجاب :
" أجل ، هل يشبهني ؟ "
" يشبهك كثيراً حين كنت بمثل عمره ، كأنه نسخة مصغرة عنك عدى عيناه التركواز ."
حل الصمت قليلاً ليقطعه آريان بهدوء :
" أفهم من حديثك أن لا عداوه بينك و بين إبني لأنه من ديفيا كما الماضي؟ "
فإختفت إبتسامتها و هي تجيبه :
" حسناً ، يكفي ما أجبرتك عليه بالماضي لكن لم أكن أعلم أن ديفيا حامل ما كنت قد أجبرتك علي شئ .."
" بسبب ذلك يا أمي قامت ديفيا بإخفاء أمر سيلين عني و ربته بنفسها و لم أعلم بشأنه سوى عندما قررت رؤيتها مجدداً لأصدم أن الفتي الذي تعارك معي و سميث هو نفسه إبني ، كما أنه متعلق بشدة بوالدته ."
" هل ديفيا بخير ؟ "
لا تعلم لما جاء ذاك السؤال ببالها لتسمع إجابة إبنها الحزينة :
" إنها مريضة ، قد أصابها السرطان و لهذا أحضرت إبننا معي .. "
ما ان نطق بذلك حتي شهقت بصدمة و حزن لكنه أكمل بنفس النبرة السابقة :
" أتعلمين ؟ لقد كان رافض للذهاب معي لولا إجباري له بذلك و هددته بأنه لن يرى أمه إن لم ينفذ كلامي ."
" و لقد أخطأت بذلك يا آريان ."
تدخل فرانسس بإحباط و هو يكمل :
" بالتأكيد لم يعلم بوجودك مثلما لم تعلم بوجوده ، و هو الان متعلق بأمه لأنها من ربته و قد عاش معها لسنوات لذا عليك معاملته بالحنان و ليس بالقسوة لأنه طفل بالنهاية ... ذكرني كم عمر حفيدي ؟ "
ابتسم لأن والداه لم يرفضا وجود حفيدهما كما الماضي :
" الحادية عشر ..."
" سيد آريان ؟ . "
فزع ثلاثتهم حين صدع صوت المعني و هو يجذب طرف كم بدلة والده الذي سرعان ما نظر له بقلق ليجده يحك عيناه بقوة مفرطة إحمرت بسببها و يبدو أنه قد إستيقظ فزعاً بسبب هيئته المبعثرة :
" ما بك سيلين ؟ "
أبعد يده عن عينه لتظهر كم هي محمرة ليجيبه بألم :
" أريد رؤية أمي .. أرجوك .. لا تمنعني عنها ."
جذبه ليجلس إلي جانبه من ثم عانقه مربتاً علي رأسه حتي وجده قد عاد للنوم مجدداً فسألت سلافيا بقلق :
" أهو بخير ؟ "
" يبدو أنه قد زاره كابوساً عن أمه ، و لا تقلقي هو هكذا حين يشتد الضغط عليه . "
" هو مثلك بالنهاية .. "
تدخل فرانسس بابتسامة لينظر له إبنه بغير فهم ليتابع المسن حديثه و هو ينظر لسلافيا :
" تذكرين سلافيا حين كان يتشاجر مع الفتية بالمدرسة من ثم يعود لينام بعمق دون إخبارنا عن أمره .. كنا وقتها نحاول إيقاظك دون جدوى و حين تفتح عيناك تكون قد نسيت كل شئ حدث ."
ابتسم آريان حين تذكر ذلك فهو كان يقع دائماً تحت ضغط هائل ما بين دراسته و بين تنمر الاولاد عليه و بين شجاره بينهم و غضب معلمينه و أبويه لهذا كان يتخذ نومه العميق كراحة له يستيقظ بعدها دون تذكره للأمر لأيام حتي عرضه والده علي طبيب نفسي لكنه رفض الاكمال معه .. كما أن هذا الامر قد إختفى حين توضحت رؤياه للعالم من حوله .
صمت الجميع حين جاءت كاميليا ترتدي فستاناً يصل لأسفل ركبتيها بلون السماء ، رمقت الصبي النائم ببرود ثم جلست بمقعد لوحدها تقرأ الصحيفة التي كانت بيد حماها الذي خاطبها بإبتسامة :
" كاميل لما الاستياء علي وجهك بنيتي ؟ "
أبعدت الصحيفة و نظرت له تجيبه بإنزعاج :
" شئ فعله إبنك يا عمي ، أنظر إليه كيف لا يبالي بي ! "
تنهد آريان بضجر لأن المحاضرة لن تنتهي لينطق بغلظة و هو يحمل سيلين بين يديه :
" عن إذنكم فلدي عمل ."
إغتاظت منه فهو تجاهلها تماماَ لتنطق بغضب و غيرة :
" أجل تجاهلني .. اليوم أحضرت هذا الصبي و غداً ستحضرها .."
ذلك كان كافي ليغضب منها فصرخ عليها بعصبية :
" أجل سأحضرها و ما شأنك أنتِ؟! لا تنسي أنها زوجتي الأولي كما من تنطقين إسمه باشمئزاز هو إبني يا كاميليا ، و ان لم يعجبك الامر فغا.."
" آريان كفى ."
صرخ المسن قاطعاً الحوار و الشجار الذي بدأ، فنهضت كاميليا تغادر بعصبية بينما تنفس آريان بعدم صبر و إلتفت ليغادر لغرفة الاصغر .
جلس المسن بتعب فنطقت سلافيا بندم :
" كل ذلك بسببي لأني من فكرت أن إبني لا يمكنه أن يحب إبنة خادمنا .. نسينا كل فعله ميل لأجلنا و كل ذلك لأجل أننا عائلة غنية بينما هو فقير .. ليتني فكرت في مشاعره وقتها و ليس ب.."
" لا بأس سلافيا ، الامر متروك بين يدي القدر الان .. لا يمكننا محو الماضي ."
تنهدت بعمق و يأس ليمسك العجوز بيدها يطمئنها فنظرت له بامتنان .
" نحن تزوجنا عن حب رغماً عن أسرتنا فلما لم نفعل ذلك لإبننا ؟ "
****
" أعرف أنك مستيقظ .. لا داعي للتمثيل صغيري ."
خاطب النائم بسخرية ففتح عيناه و إعتدل يحدق بيداه فسأله آريان بغرابة :
" لما الصمت سيل ؟ .. إنزعجت مما حدث بالاسفل ؟ "
فأومأ الصبي إجاباً ينطق :
" أشعر أني متطفل .. أعني .. السيدة شريرة أقصد زوجتك .. لا تحبني .. "
فتبسم الاكبر و هو يجلس الي جانبه :
" كيف علمت إنها السيدة شريرة التي حدثتها ذلك اليوم ؟ "
" حسناً لا أعلم ، شعرت إنها هي ."
إنحني آريان نحو الفتي لتلتقي عيناهما المختلفة و الاكبر ينطق بصوت خافت :
" هل يمكنك نسيان كل شئ الان و الاستمتاع كأي طفل صغيري ؟"
لم ينطق سيلين بل سحر بعين والده الرمادية فرفع يده لا إرادياً ليلمس وجه والده الذي زادت إبتسامته و إقترب منه أكثر ليفاجأ بعطسة قوية أطلقها سيلين الذي أخفي وجهه محرجاً بينما قهقه والده و هو يمسح وجهه قائلاً :
" يبدو أنك أصبت بالزكام ."
فرك أنفه و هو يتذمر بصوت عالي :
" تباً أبي ، كله بسببك ! "
جذب آريان أذنه و هو ينطق بإستياء :
" ماذا قلت لك بالامس ؟ "
" أعتذر لذلك ، لكنك من تركني عاري بعد حمام دافئ لذا لن أعتذر عما حدث للتو .! "
فتنهد الاب و نطق بنفاذ صبر :
" سأجعل جون يحضر لك الطعام لغرفتك .."
سأل سيلين بلهفة و قلق :
" سيد آريان أين ستذهب ؟ "
توقف المعني و إلتفت بهدوء :
" سيلين ، أنا والدك .. "
فحك الفتي رأسه بحرج و هو يتحاشى النظر لوالده :
" حسناً أبي .. أستبتعد عن المنزل ؟ "
فتبسم الاكبر يجيبه :
" لدي عمل ، سآتي بالمساء لذا إلزم غرفتك و لا تخرج منها الي حين عودتي تجنباً للمشاكل .."
عبس سيلين فهل سيسجنه هنا أيضاً فنطق بإحباط :
" حسناً لكن هل سأري ماما أم لن أراها ؟ "
" حين أعود سأذهب معك إليها ."
اقترب منه و إنحني يحتضنه تحت إندهاش سيلين و خجله منه ثم تركه آريان و ذهب مغلقاً خلفه الباب ليعود سيلين للإستلقاء و هو يفكر بكل ما يحدث الان دون أن يستطع إيقافه .
نزلت دموعه بعجز تام ، حياته تسير بوجهه غير ما أرادها .. ما الخطأ بتحقيق أمنيته الوحيدة الصغيرة ؟ .. كل ما أراده هو البقاء مع أمه و هي بخير دون أن يصيبها مرض .. أهذه أمنية صعبة لهذه الدرجة ؟!
***
و بينما هو يعاني كانت ديفيا تتعرض للعلاج الكيميائي الذي أرهقها و قد وجدت شعرها بدأ بالتساقط مما أشعرها بالحزن و هي تنظر لصورة طفلها و تخاطبه داخل عقلها :
"" صغيري كيف ستراني بهذا الشكل ؟ .. أسأصبح أمك أم أنك ستختار والدك ؟ .. أعلم أنك تتألم الان لكني أسفة لذلك .. ليتني .. ليتني لم أكن .. "
اختفت الكلمات من عقلها بينما دموعها تسيل بقوة و هي تحتضن صورة طفلها حتي شعرت بيدين تطوقانها ، لم تهتم بمن يعانقها بقدر ألمها الروحي .. و كل ما فعلته هو مبادلته العناق و هي تبكي بحرقة .. حالتها النفسية كانت دائماً ما تجعلها تنهار .. حياتها تدمرت و بسببها دمرت طفولة طفلها الذي ذهب ليعمل لأجلها و قد أخفي الامر عنها .. أي أم هي ؟ كيف لها أن تصبح أماً لطفل كسيلين؟!
" حبيبتي لا تبكي ، أنا هنا .. أعتذر لك عما حدث لك بسببي ."
ميزت صوته و ذلك جعلها تزيد بحدة بكائها و هي تعانقه بشوقٍ و حزن أليم لتنتحب :
" لما إبتعدت عني يا آريان ؟! لما تركتني أعاني وحدي ؟! لقد أحببتك يا غبي ! أحببتك و لكنك دمرتني بهذا الحب الاحمق .. "
ربت علي ظهرها و هو يمسح علي خصلاتها القصيرة قائلاً بحنان :
" أعلم أني سبب كل ذلك ، لكن أين ديفيا القوية ؟ أكنتي تريدين أن يراكِ إبننا بهذا الشكل ؟ "
ابتعدت عنه برفض أن يراها بكل هذا الانهيار فتبسم آريان بحزن و هو يمسح دموعها :
" إذاً ، هذا إختبار لكِ .. لا تدعي المرض يتغلب عليكِ .. أنت قوية كما عرفتك دائماً ، لا تدعي هذا الشئ يهزمك .. أريدك أن تعودي كما كنتِ لأني أحتاجك ، لن تكتمل أسرتي بسيلين فقط فأنت جزء من أسرتي ."
" و زوجتك ؟ "
صمت قليلاً ليجيبها :
" سننفصل .."
فاعترضت :
" لا .. لا تخرب حياتها لأجلي .."
فقاطعها و هو يعانق خداها بكفي يده :
" أنا و كاميليا زواجنا مجرد مصلحة .. إن بقيت معها أكثر سأظلمها معي لذا عليها أن تجد حياتها بعيداً عني ."
نظرت إليه بنظرات معترضة دون النطق فنطق مبتسماً و هو يغير الموضوع :
" ألديك مشط ؟ "
" لما ؟! "
" سأعود كالماضي حيث كنت أمشط شعرك بيدي ."
فأخفضت عيناها بحزن لكنه فهم نظرتها لينطق :
" أتخافين من رؤيتي له و هو يسقط؟! .. لا تقلقي ذلك لن يجعلني أكرهك بل حبي لك سيزيد ."
لم تجادله بينما حصل علي مشط للشعر و بدأ بتسريحه لها ، مع كل شعرة تسقط ينطق :
" تبدين أجمل من قبل ."
حتي عادت لروحها مجدداً ، بثقة تامة أقبلت علي تكملة علاجها .
بعد تلك اللحظة قد مر شهر كامل علي علاجها ، تساقط معظم شعرها بسبب العلاج لكن وجود آريان بجانبها وثق العلاقة بينهما و قوّاها ، سيلين عاد لمدرسته الجديدة و قد جعله والده ينشغل بها بعد أن جعله يرى أمه ذلك اليوم لتكون المرة الاخيرة حين طلبت ديفيا منه أن يهتم بدروسه و لا يأتي و هي ستكون بخير حين عودته .. أما كاميليا فقد كانت أغلب الاوقات بغرفتها كي لا تري سيلين الذي بدوره يتجنب كل من بالقصر ، يذهب مع جون لمدرسته و يعود معه ، و هناك يتقابل مع لوان الذي يسبقه بعام دراسي .. كان الروتين الاعتيادي له و قد مر الشهر بسلام تام و قد حسن مزاجه وجود لوان يشاركه وجباته و لعبه و منه قد علم أنه الان يعيش مع سميث بشقة بعيدة عن قصر والده لكن ما يزعجه أنه لم يرى أخته أميليا و ابنتها كاميا من يومها .
*
*
*
يتبع..
و ........ بارت!😂❤️
رأيكم يا رفاق
رأيكم بحنان آريان مع ديفيا؟
النجمة😇✨
و توقعاتكم؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top