29: عالمٌ آخر.

مضى العديد من الأسابيع حتى وصلوا إلى الثامن عشر من ديسمبر، نشرَوان بقي عالقًا مع إيجاكس يضغط عليه في إيجاد ضحية حتى وجدها. وها هم الآن إيجاكس في المشفى يعمل ونشرَوان يتكلم في عقله كي يرحلا ويبدآ في العمل فلم يتبقى له الكثير لأن الساعة بالفعل السابعة والنصف مساءً.

إيجاكس لم ينم منذ البارحة بسبب عمله، ومن أجل أن يأخذ نشرَوان التحكم يجب أن ينام إيجاكس أو حتى يأخذ مخدر كي لا يخسر تحكمه. ولو انتهى اليوم فلن يستطيع التحكم بجسده لأن هذا سيخالف قوانينه، يكره أن إيجاكس محق ويكره نفسه أكثر لأنه مهووس بالقوانين.

«هيّا، هيّا، هيّا، هيّا، هيّا!» قام بتلحين آخر كلمة ليغلق إيجاكس عيناه بينما يعمل. «هل يمكنك التوقف؟ عملي لن يتوقف فقط لأنك تصرخ بهيّا!» قال بغضب، هو سِئمَ من ثرثرته في عقله، عمله وعدم نومه يكفيه.

«لو ذهبت حينها سأتوقف» بادله بغضب أكبر، دخل إيجاكس الحمام وبدأ بغسل وجه، نظر لنفسه في المرأة ليرى عيناه المتعبة ووجهه الشاحب.

«أشك أنني أستطيع تحمّل باقي اليوم، هل يمكننا تأجيله إلى السنة القادمة؟ وحينها سوف نفعله في وقت أبكر مثل شهر واحد أو اثنان، ما رأيك؟» سأله بقلة حيلة ليقابله الصمت.

«حسنٌ، سيكون في شهر واحد لأنني بعدها لن أكون هنا، لدينا شيء في عالمنا وسوف أكون هناك. في تاريخ خمسة يناير سوف يكون موعدنا، ومن الأفضل لك أن تكون الضحية تستحق وإلّا سوف أغضب، ولن يعجبكَ غضبي» قال وخرج من جسده ليشعر بالألم.
تنهد براحة وأعاد غسل وجهه كي لا ينام فجأة، خرج وعاد لعمله.

طيلة اليوم وحتى انتهائه كانا ينظران لبعضهما كثيرًا، خصيصًا هي، خائفة من المشاعر التي تكنها له، هي لم يسبق وأن حظت بحبيب بسبب انشغالها، ولا تعرف لو أن هذه المشاعر حقيقية.

كان أمامها يأكل الطعام بل هدوء ويبدو عليه النعاس، حجب شيءٌ ما نظرها لترفع رأسها وكانت تارا. «تعلمين أن التحديق بالناس وهم يأكلون شيء غير مهذب» قالت وجلست بجانبها لتقلب نورسين عيناها. «لم أكن أحدق» قالت بحرج لتهمهم الأخرى: «أجل، أجل، اقنعي نفسك بهذا» قالت وابتسمت لتبدأ بالأكل هي أيضًا.

بعد أن أنهى كل منهم عمله عادوا للمنزل وناموا كالأطفال بعد يوم طويل.

---
فتح عيناه بتعب ليجد أمامه منظر نشرَوان المخيف لهذا انتفض وأراد أن يصرخ لكنها تمالك نفسه. «ما اللعنة نشرَوان؟» سأل بتعب وفرك عيناه.

«فقط جئت كي أخبرك أنني لن أكون متواجدًا من تاريخ عشرة يناير حتى نهاية شهر فبراير، يجب أن أكون في عالمي» قال وابتعد ليستقيم إيجاكس. «سأغيب من اليوم أيضًا وسأعود في نهاية شهر ديسمبر، إلى اللقاء» قال ثم اختفى من وجه إيجاكس الذي لا يزال تحت تأثير النوم.
تنهد ثم وقف كي يغسل وجهه، استعد لعمل اليوم ومشى حتى الباب، توقف وعاد بنظره حتى مكتبة إليون، تردد بهذا لكنه أخذ معه الكتاب كي يقرأه وهو هناك.

---
جلس وارتكى بظهره على الحائط بينما يتنهد، لا يزال يشعر بالنعاس والتعب يقتله. كان يجلس على سطح المشفى في راحته كي يقرأ الكتاب، فتحه وبدأ يقرأ.

«لا أعلم من أين أبدأ... المصحة أعطتني هذا الدفتر كي أكتب به علّ حالتي تخف، لكنهم لا يعلمون أن ما بي ليس مرضًا، ولو أنني أتمنى أن يكون مرضًا وأن ما فعلته فقط من محض خيالي.

بدأ الأمر حين بدأت أفكار غريبة تراودني، وحصل هذا بعد عشر سنوات تقريبًا من حادثة أبي، كنت، ولا زلت في حالة من عدم التصديق والحزن لما حصل، ربّما من منعني من قتل نفسي وجود نيد.
الأفكار كانت غريبة، وجدتُ نفسي اهتم لمن حولي، شيءٌ بعقلي يخبرني أن هذا يفعل هذا وذاك لا يفعل، وفجأة ذهبتُ لشراء مسدس رغم أنني لم أمسك واحدًا بحياتي، لنقل أنه لدي عقدة من الأسلحة بسبب أبي.

الشيء المُحيّر أنني لستُ الشخص الذي ذهب لشراء السلاح، كنتُ أنا لكن بنفس الوقت لا، كما لو أن هناك أحدٌ يتحكّم بجسدي.
ثم بعد أسبوع من شراء المسدس قتلتُ أحدهم، لم أكن أنا لكنه كان أنا، لم أصدق أنني فعلتُ هذا، انهرتُ تمامًا، وحين وقعتُ على ركبتيّ ظهر أمامي بينما يقهقه بشر. لم أعلم ماذا أفعل، الخوف مما فعلت كان أكبر من خوفي منه.

أكملتُ حياتي بصعوبة، كنتُ أغيب معظم الوقت عن نيد كي لا أقتله، حتى عائلتي لم اقترب منها وذهبتُ للعيش مع نيد، أناقض نفسي وهو يعاندني.
ثم خطط لضحيتنا التالية، لأكتشف أننا نختار من يمسك سلاح بيده، لكنه لم يختر أبدًا أحد أفراد الشرطة. أخبرني أنني سبب اختياره للضحايا، وكل هذا يحدث بسببي، هو فقط يقرأ أفكاري وينفذها، أنني أنا القاتل.

وحينها بعد شهر أتت ضحيتنا التالية، يومها عدتُ للمنزل وأنا مليء بالدماء ونيد من رآني، حينها انهرت وأخبرته بكل شيء، لم يصدقني لكنه خرج كي يثبت له مدى صحة كلامي. خرج وعرّفنا عن نفسه، ولم أصابتنا اللعنة بالذات، وكان كل هذا بسبب أبي، اللعين الذي حتى وهو ميت لا يتركنا وشأننا، وكلانا فقط ازداد حقدنا عليه.
لم يعرف نيد ماذا يفعل، مثلي تمامًا. لكنه وقف بجانبي، حاول إيقافي، ربطني بالحبال، الأصفاد، سلاسل حديدية، لكن كل هذا لم يكن نافعًا.

ثم أتى اليوم المشؤوم حين اكتشفت الشرطة أنني أنا القاتل، اكتشفوا أن الرصاصات مطابقة للسلاح الذي اشتريته وسلاح شخص آخر، لكن بعد التحقيق اكتشفوا أن سلاح الشخص لم يكن قد تم استخدامه بعد بينما سلاحي قد استخدمته، وبهذا تم القبض علي.
حاولت الشرح، وأمرت نشرَوان أن يخرج لكن اللعين لم يفعل، وبهذا تم الحكم علي بالسجن مدى الحياة مع العلاج النفسي لأنني بنظرهم مريض نفسي، وكم تمنيت لو أنهم محقون.

وها أنا الآن لوحدي بين أربعة حوائط، تاركًا خلفي زوجة وفتًى، أغلى ما أملك. وحتى الشيطان الذي كان سببًا في وجودي هنا ليس موجودًا، لوحدي تمامًا...».

غريبٌ أن مايسون تمنى لو كان مريضًا، فأنا في بعض الأحيان أتمنى لو أنهم يرون ما أراه كي يصدقوني وليس يعتبرونني مريضًا نفسيًّا.

«ماذا تفعل؟» صدح صوت من جانبه ليقفز خوفًا. «أعتذر لم أقصدك إخافتك!» قالت لأنفي برأسي. «لا بأس» قال لها وابتسم، أشارت للمكان بجانبه لذا أومأ لها كدليل على موافقته، جلس بجانبها لتبدأ نبضات قلبه تعلو.

«ما هذا؟» قالت وبرأسها أشارت للكتاب، قلّبه بيده ورفع كتفاه: «فقط كتاب يوميات للعائلة».

«جميل، للأسف ليس لدي كتاب يوميات للعائلة، كيف كتابك؟» سألت لينظر له ثم لها وأجاب: «مليء بالدراما» قلت لتضحك «أحب الدراما، ربّما يمكنني قراءته يومًا ما» أشكُّ بهذا. «ربّما» قال ثم كلاهما نظرا للأمام يحدقان بالسماء.

«كيف حالك وإليون بشأن... تعلمين» سألها لتضحك: «بخير، أخبرني أنه يحتاج بعض الوقت كي يتخطى إعجابه» قالت ليبتسم من الداخل. هكذا ازدادت فرصه معها، وهو لن يضيعها أبدًا.

«الاستراحة انتهت، إلى اللقاء» قالت ووقفت، وقف معها وفتح لها باب السطح. «أو ليس إلى اللقاء» قالت ليضحكا معًا. حالما وصلا الطابق ذهب كلًا منهما في طريقه.

---
بعد انتهاء الدوام عاد للمنزل لكن لم يكن قادرًا على قراءة المزيد لهذا وضع رأسه على الوسادة ودخل في نوم عميق.

---

فقط حبيت الصورة 😭😂

تشاوز. 🖤

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top