الفصل الثاني عشر

عندما توقفت فاتن عن نوبة ضحكها، عادت ملامح وجهها الجدية اليها وقد استقامت في جلستها. "ولمَ تعدّين ما فعلتماه خطأ كبير؟"

عقدت حيدا حاجبيها بتفكير حتى ادركت ما تقصده فاتن فأخذت نفسا كبيرا وكأنها تهدئ من أعصابها. "فاتن، انه ليس بأمير حتى، انه من عامة الشعب."

نظرت فاتن اليها باستخفاف. "وان يكن؟ ليث ليس من عامة الشعب، لم يمنعني ذلك من الإعجاب به."

شعرت حيدا ببعض من الانزعاج، ألا ترى فاتن ان وضعها مختلف. "الامر مختلف مع ليث تماماً وكلانا يعلم ذلك، انه ليس من عامة الشعب للعيان كما تدعين."

"وان يكن، هذا لا يمنعك من الوقوع في حب رجل من عامة الشعب، لطالما استوفى الشروط."

نظرت حيدا إلى فاتن بتعجب. "أي شروط؟"

ميلت فاتن شفتيها بتفكير وهي تفرد أصابعها لتعدد لها الشروط. "أولاً، على جذوره ان تكون من ستراثكلايد لا غيرها، الاستثناء الوحيد هو ان كان امير او صاحب نفوذ من احدى الدول الأخرى والذي سيترتب على زواجه من احدى الأميرات بفائدة على ستراثكلايد. ثانيا، عليه ان يحصل على رضا  الأميرة.. وثالثًا عليه ان يكون عالما بالأمور الملكية وسيتوجب عليه ان يتعهد أمام الشعب بانه سيوفي بالعهد."

"وكيف لم اعلم انا هذا من قبل؟ طيلة حياتي وانا اظن ان علينا ان تنزوج من الأمراء او اصحاب النفوذ."

بدأت فاتن بالعبث بأناملها بشرود، "كان علي معرفة ذلك، فإنني وددت أن يصبح الليث لي بجد، وكان يتوجب علي ان أتأكد من صلاحية الأمر. فأنا في النهاية، دائماً سأقف بجانب ابي ولن أفعل ما قد يخذله."

صمتت حيدا وهي تقلب الامر في ذهنها، لطالما ظنت حيدا ان فاتن ذات عقل سوي، ولكن حين تعلق الأمر بليث، باتت تظنها تتبع قلبها لا عقلها. ولكن الان اتضحت لها الصورة، فاتن كان يسيرها عقلها طيلة الوقت، وما كان قلبها الا مرشد إضافي. بعكسها هي، كانت تمضي في ما بينها وبين سينا بلا ان تعلم إن كانت لهما فرصة في المستقبل، ولو فرصة صغيرة.

هاهي تفعلها مجددًا، وللمرة المائة منذ ان تعرفت على سينا تقارن نفسها بابنة عمها الذكية ذات الجمال الحسن. وهنت عيناها وقلبها يتشرب ذاك الحُطام النفسي، فقد نبهتها فاتن إلى حقيقة لم تعرها هي اهتماماً كبيراً. أبيها لم ولن يكون كعمها والد فاتن. وأن فرصة زواجها بسينا ضعيفة جداً، بل إن وُجدت.

توالت الأيام والليالي على ستراثكلايد، أيام تنذر بخطر وشيك، وليالي هادئة مستفزة تنذر بقرب العاصفة التي ستحل عليهم بعد هدوءها.

مالك المنصور كان يقف في إحدى زاويا القصر، هادئاً متماسكاً. شعر بيدٍ تربت على كتفه، فتنهد وهو يتعرف على لمسة ابنته.

"كيف حال أبي؟" جاءه صوتها الهادئ فأومأ بشرود.

اقتربت منه فأصبحت تقف بجانبه لترى بعينيها ما يتأمله منذ ساعة. فاستقبلها منظر الشعب في سلام وهناء، لا يدرون ذرة عمّا ستحل عليهم من عاصفة قريبًا. أصواتهم مرحبة وهم يتاجرون ببساطتهم المحببة إنما المنفرة  الى قلب فاتن.

"سنخسر هذا المشهد، ألن نفعل؟" تنهدت فاتن وللحظة توهم القيصر بأنه سمع لمحة من الحسرة بصوتها. منذ متى وابنته تهتم للشعب، أليست هي سبباً غير مباشر لما سيحدث؟

بالرغم من ان كلاهما يعلم بما تسببت به، الا انه لم يصارحها بالأمر. كان ليموت، ولا يجرح ابنته الوحيدة من حبه الاول.. ابنته الكبرى والغالية.. لا، لن يفعل. لن يخبرها أن اعداء البلد رأوا في الحروب الداخلية ضعف وفرصة لا تعوض ليشنوا حربا عليهم، واضعين اياه، قيصر ستراثكلايد بكبرها، في موقف عصيب. فمنذ استلامه زمام الامور من والده وهو يحرص كل الحرص على جعل علاقاته سلمية.. مما جعله قليل الخبرة فيما يتعلق بالحروب والمعارك.. فأخر معركة شهدها في ارض بلاده كانت وهو في التاسعة عشرة، وبعد عشرة سنوات.. قد تم اخلاء كرسي الخلافة له.

"هل لي بالانفراد لوحدي عزيزتي؟" قالها مالك المنصور بهدوء نبّأ فاتن عن مدى ضيقه لما آلت اليه احوال البلاد.. فأومئت وابتعدت لتغلق الباب بهدوء خلفها. في تلك اللحظة.. اغمض عينيه متذكرا كلمات والده له قبل استلامه للتاج بلحظات.. "يا بني، إن ربي رزقني  ثلاث أبناء أشداء.. كان من حظي أن أكبرهم هو أرشدهم.. فأنا لم أكن لأجعلك خليفة لي لو لم أرى حكمة واتزانا فيك لم أراه في إخوتك.. لا تخيب ظني، فحتى إن رحلت عن هذه الدنيا.. وعجزت عن رؤية من يرشدك.. اتبع حكمتك هذه، فقد كانت كثيرا ما تنقذك وانت صغير.. وستنقذك وترشدك الى بر الامان وانت شاب وكهل لا محالة." نطق بتلك الكلمات والده وهو يرمقه بنظرات مفتخرة... ثم ربت على كتفيه بضع مرات. "احيانًا كثيرة ما يُنتقد من يسلم زمام اموره الى قلبه.. ولكن أنت، فلن يحاسبك احد على هذا.. فقلبك هو عقلك، يرشدك الى الصحيح دائما، فلا تتردد إن همس لك قلبك بشيء.. فأنا لم اخترك عبثا." بعد ذلك  دفعه ليخرج الى الناس ليس بهيئة مالك المنصور الامير والخليفة الاكبر لأبيه.. بل كملك متوج، كملك جاهز للقيادة.

وبعد كل هذا الوقت من عدم الحاجة للرجوع الى كلام والده... ها هو الان يشحذ نفسه بكلماته، ويجهز نفسه للحرب القادمة.. والتي على خلاف ما كان يظن ايام شبابه، لن يشارك بها حاملا للسيف، بل سيبقى متفرجا وجنوده تتوجه للمعركة.

-هذي هي نهاية الرواية..هي غير مكتملة لان نفذت مني الافكار..وحاليا اكتب رواية اخرى اعرف نهايتها نوعا ما..وهو دافع لان اكملها حتى النهاية..اسمها بخلاف المفروض🤍

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top