"عُتمة"

صلوا على الحبيب - عليه أفضل الصلاة والسلام-.

تحديث سريع بمناسبة يوم مولدي🥳. 24/9

البارت 1717 كلمة.

قراءة ممتعة + لا تنسوا ترك الكثير من التعليقات اللطيفة مثلكم.

*********

بقيت متجمدًا في مكاني منذ اختفاءها، أعيد تكرار كل ما أخبرتني به في محاولة لفهم أي شيء مما يحدث.

نظرتُ إلى المفكرة التي تقع بجواري وقمتُ بفتحها، وبالفعل بدأت تظهر كتابة على الصفحة الأولى، وكانت جملة قصيرة إلى حدٍ ما: "بظهور القمر أحفر قبرك، وبغروبه أنقذ نفسك".

هل هذا لغز أم شيءٌ مشابه؟ هل بدأت اللعبة بالفعل؟ كنت سأقوم بإغلاقها، ولكن لفت انتباهي ظهور رقمٍ أسفل الورقة "١".

حسنًا، هل هذا يعني أنه رقم الصفحة، أم أنه المدة التي يتعين عليّ فيها القيام بالمهمة؟

أشعر بأن عقلي سينفجر من كمية الأحداث الغريبة التي شاهدتها، لذا قررت أن أنام لبضع ساعات وأفكر في حل الأمر في الغد.

طالما قالت أنه يوجد طريقة أخرى للتخلص من هذه المفكرة، فهذا يعني أن هناك أملًا. وأيضًا، لا أدري إن كان علي أن أصدق ما قالته بشأن العواقب أم لا. لا يمكنني أن أنكر أنني ما زلت أراها مجرد خرافات لا تتفق مع عقل شخص في السادسة والعشرين من عمره.

--
الاثنين في الساعة التاسعة صباحًا.

نزلت من سيارتي لأدخل المشفى. ألقيت التحية على موظفة الاستقبال عندما التقينا بأعيننا، ثم استمريت في طريقي نحو غرفة تبديل الملابس حيث واجهت إيرك، الذي بدا وكأنه وصل قبلي ببضع دقائق ولم يقم بتغيير ملابسه بعد.

"صباح الخير" قلت ووضعت أمتعتي في الخزانة، ورد علي بنفس التحية بهدوء ثم أضاف بلمحة مرحة "هيا، لنقم بتبديل ملابسنا بسرعة قبل أن يتفجر جوناثان في وجوهنا". أومأ موافقًا وسارعت لتغيير ملابسي، إذ كنت قد خضت تحديًا سخيفًا في ذهني حول من سيكون الأسرع في تبديل الملابس، ونعم، لقد خسرت.

بئسًا! أتساءل دائمًا كيف يكون هو الأسرع في كل شيء.
خرجنا وتوجهنا نحو غرفة الإسعاف، شاهدته وهو يدخل قبلي، ووقفت لأنظر إلى السقف لبضع ثوانٍ، حاولت أن لا أفكر في أحداث الأمس. لا يمكنني السماح لمشاكلي الشخصية بالتأثير على عملي أبدًا.

رسمت ابتسامة ودخلت وراءه لأستلم ملف أحد المرضى، ثم توجهت بسرعة نحوه لبدء عملي في التحقق من حالته.

على مر الوقت، قمت بنفس الإجراء مع معظم الحالات التي كانت في قسم الطوارئ، حتى رأيت بعض الأطباء يقومون بإحضار سرير المريض النقال، فوقه شاب يبدو في حالة سيئة للغاية.

كانت عظمة ساقه اليسرى بارزة ووجهه مليء بالكدمات والخدوش، اقتربت بسرعة لأقدم المساعدة، وسمعت الطبيبة وراءي تقول "لقد تعرض لحادث سير".

لاحظت قدوم إيرك نحونا أيضًا، في الواقع، توجه معظم الأطباء الحاضرين في غرفة الإسعاف نحونا، لأن وضعه كان حرجًا جدًا.

قمنا بتوصيله بالأجهزة التي تساعدنا في مراقبة وظائفه الحيوية.

كان نبضه منخفضًا، وفي الوقت نفسه بدأ الجهاز يصدر صوت انذار كدليل على خطورة الموقف.

بدأنا بجلب المعدات واتخاذ الخطوات اللازمة لإنقاذ حياته.

بينما كنت أقوم بحقنه بالأدرينالين، شعرت بدوار حاد. لقد بدأت كل الأشياء حولي تتحرك في دوائر.

ترنحت قليلاً للخلف، ولكن سرعان ما اختفت هذه الأعراض وعدت لرشدي. أعتقد أنها استمرت لخمسة عشر ثانية فقط.

أسرعت في حقنه لأتفادى حدوث خطأ طبي من قبلي... كما حدث في السابق.

"هل كل شيء على ما يرام؟" سألت أماندا بجانبي، فهززت رأسي إيجابًا متجنبًا التعليق.

---

جاء وقت استراحة الغذاء، فجررت أقدامي واتجهت نحو المقهى في الدور الأرضي من المشفى. اشتريت قهوة باردة وجلست على كرسي بجانب النافذة.

بدأت أحتسي قهوتي وأنظر للأشخاص حولي. كان بعضهم أطباء والبعض الآخر أهالي وأصدقاء المرضى.
إنه المقهى الوحيد الذي يضم أكثر البشر حزنًا.

عدت لأحدق بالنافذة ولفت نظري لون السماء، لقد كانت حمراء غائمة، ثم أصبح كل شيء بهذا اللون، شعرت مجددًا بالدوار. فركت عيني ورأيت كتابة على النافذة، كانت نفس اللغز من المفكرة. ولكن بعدها شعرت بصوت همس يصدر من داخل عقلي يصيح "شارف وقتك على الانتهاء!".

ثم... ثم عاد كل شيء لطبيعته في لحظة واحدة.
تمكنت من سماع نبضاتي من شدة الفزع الذي شعرت به. لقد كان صدري يعلو ويهبط بقوة.

"ناثان!" حركت إيرك الذي وقف أمامي يلوح بيده لي، أفاقتني من شرودي.

"ما الأمر؟" سألت بتشتت، فرد هو وقد ارتفع حاجبه الأيمن باستفهام قائلاً: "لقد كنا ندعوك للانضمام إلينا على الطاولة المجاورة، ولكنك بدوت وكأنك تحت تأثير التنويم المغناطيسي بطريقة تجاهلك لنا!".

"أعتذر"، قلت بحرج وانضممت لهم. رأيت الجميع يحركون شفتيهم ولكنني لم أكن أسمعهم؛ فكنت أفكر بعمق فيما حدث لي.

الساعة السابعة مساءً...

دخلت غرفة تبديل الملابس، حان وقت مغادرتي لهذا اليوم. فتحت خزانتي وأخرجت قميصي السحابي وبنطال الجينز. قبل أن أغلقها، فاجأني وجود المفكرة بداخلها.

أصبحت أعصابي متوترة، أخرجت المفكرة بغضب وألقيتها على الأرض، ثم بدأت بركلها بقدمي بعنف.

"هل أنت بخير؟" قاطعني صوت الطبيب جوناثان، الذي كان يرمقني بنظرة متفاجئة. عينيه تعبِّران عن تساؤل واحد 'هل فقد عقله؟'.

توقفتُ في مكاني ونظرتُ إليه بصمت، أفكر في أي كلمات تنقذ كرامتي أمامه، أو ربما لا يجدي ذلك لأنه في جميع الأحوال يراني هكذا.

اكتفيتُ بالصمت ورفعتُ المفكرة، ثم عبرتُ من جانبه متجاهلاً الرد عليه لا أزال غاضب مما يحدث، في الواقع يعلم الجميع أنني لا أجيد الكذب، ولذلك لم أشأ فتح فمي، فما سأقوله سيثبت صحة شكوكه حول كوني أصبحت مجنوناً!

خرجتُ من الغرفة واتجهتُ نحو دورة المياه، قمتُ بتبديل ملابسي ثم تحركتُ لغسل وجهي وأفكر في الخطوة القادمة.

لا أظن أن الأمر لعبة كما توقعت، فهذه المفكرة تكاد تلتصق بي!

حدقتُ في انعكاسي لبضع ثوانٍ حتى قررتُ أخيرًا ما الذي سأقوم به.

خرجتُ من المشفى وصعدتُ إلى سيارتي المتواضعة ذات اللون الأبيض تمامًا كمعطفي الطبي.

شغلتُ المحرك وانطلقتُ نحو وجهتي. استغرقتُ نحو ساعتين ونصف بين الزحام والوقوف عند بعض المحلات، المهم أنني وجدت ضالتي بالفعل.

قمتُ بشراء حبلٍ متين ومجرفةٍ ذات حجمٍ متوسطٍ لا بأس به، وأيضًا كشاف ضوء.

نظرتُ إلى الساعة وكانت العاشرة مساءً عندما ركنتُ سيارتي أمام المقبرة.

الخوف؟ لا أعلم، ولكن بالتأكيد ازدادت نبضاتُ قلبي ضعفًا عندما ترجلتُ لأقف أمام السور الخلفي للمقبرة.

نظرت لنفسي ولا أصدق ما وصلتُ له! رسميا أعلن أن الأسود هو لوني العدو.

بعد دقائق، كنتُ قد تسلقتُ لأقفز داخلها، قمت بتثبيت مصباح الضوء أرضا وفتحتُ المفكرة أقرأ الكلمات مجددًا: "بظهور القمر أحفر قبرك، وبغروبه أنقذ نفسك".

أحفر قبرك وأنقذ نفسك؟ حقاً، ما هذا الهراء! لقد كنتُ أرغب في الضحك لولا أنني أقف بين عدة قبور وأخشى أن أوقظ أحدهم.

أغلقتُ المفكرة ورأيتُها تضيء، لذا قررتُ التحقق منها مجدداً، ولاحظت أن نصف النص على الورقة الأولى بدأ يختفي!

هاجمني نفس الصداع صباح اليوم، لكنه كان أشد من ذي قبل، حتى أنني أفلت المفكرة والمجرفة من يدي، ثم ضغطت جانب رأسي بكفِّ يدي.

ما الذي يحدث لي؟

استمر الوضع لبضع دقائق، وفي تلك اللحظات القليلة، تمكنت بصعوبة من كبت رغبتي في الصراخ.

"تبا!" تمتمت عندما توقف الألم، ثم نظرت إلى المفكرة بغضب.

سحبت المجرفة وبدأت أحفر حفرة صغيرة، بحجم... بحجم المفكرة. نعم، سأقوم بدفنها، طالما أنني لم أستطع التخلص منها بالقذف بعيداً. وأيضاً، هي قالت أن هناك طريقة أخرى للتخلص منها، لذا سأجرب كل ما يخطر في بالي حتى أكتشف ذلك بنفسي.

من قال إنني سأحفر قبري وما كل هذا الهراء؟ وأين تلك المجنونة ذات الشعر الأحمر؟

أرغب بدفن المفكرة بجانبها، فمن تكون لتخدعني وتعتقد أنها قادرة على الاستمرار في خداعي لتجبرني على اتباع هذه الألعاب السخيفة، كما تسميها هي! هل تعتقد أنني أحمق؟

لقد تخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف من كلية الطب البشري! .. في أحد أحلامي ذات مرة. لا يهم، هذا لا يغير حقيقة أنني تخرجت!

أتساءل فقط: أين هي؟ أرغب بشدة في رؤية ملامحها بينما أقوم بدفن هذه المفكرة الملعونة.

ارتسمت ابتسامة غبية على وجهي، وأحياناً يصعب عليَّ تمييز نفسي. كان أخي محقاً عندما وصفني بأنني مجنون عندما تخرجت من الكلية. فمن يحفر في منتصف الليل في مقبرة ليقوم بدفن مفكرة؟ إنه فقط شخص فقد عقله.

لا أعلم من أين أتتني كل هذه الشجاعة حقًا!

شعرت بحركة خلفي فقفزت بخوف أصرخ مثل فتاة في الثانوية اكتشفت خيانة صديقها لها. نظرت عن كثب أجد أنها كانت مجرد قطة!

حسنًا، لنتجاهل أمر الشجاعة ونركز فقط على أنني ذكي.

"أشك في ذلك أيضًا" همس صوتًا بجانبي، جعلني أقفز مرة أخرى، أصرخ كفتى في الخامسة عشر، ثم ضربه بكرة السلة.

نظرت حولي ولم أجد شيئًا، حتى سمعت صوتًا يأتي من أعلى الشجرة المقابلة، فنظرت لها ورأيت الفتاة ذات الشعر الأحمر تجلس وتحرك قدميها بعبث، وكانت تبتسم لي!

"هل تستطيعين قراءة أفكاري؟" سألتها بشك ولاحظت اتساع ابتسامتها من انعكاس ضوء القمر وكشاف الضوء الخاص بي.

"في الحقيقة، لقد كنت تتمتم!" قالت بفقدان أمل.

أوه، بالطبع أعلم ذلك، أعني لم أنتبه بسبب التوتر فقط؛ لذا ظننت أنني كنت أتحدث بعقلي. حسنًا، لننسى أمر الذكاء أيضًا.

على كل حال، ها هي ظهرت أخيرًا لتشهد على ما سأقوم به.

"هل افتقدتني؟" رمت كلماتها بسخرية، أرفع رأسي وأرمقها بالازدراء.

"لا تعلمين كم حظيت بيومٍ رائعٍ بسبب عدم ظهورك" بصقت بجدية أثناء حفري.

"هل تظن بأن ما تفعله صائب؟" سألت ولا زالت تحرك قدميها في الهواء، وهي جالسة على ذلك الغصن المسكين.

"بل عين الصواب!" أجبت بتكبر، وقمت بركل المفكرة لتسقط في الحفرة التي انتهيت من حفرها أخيرًا، وبدأت أعيد رمي الرمال فوقها، وأتأكد من ردمها بشكل تام.

أليست هي من قالت بأنه توجد طريقة يمكنني من خلالها التخلص من المفكرة!

"أتعلم، ظننتُ بأنك أكثر ذكاء، وبإمكاننا اللعب معًا لوقت أطول، ولكن إن استمررت بهذه الأفعال ستلقى حتفك قريبًا، والأهم أنك ستفسد علىَّ متعة اللعب، تبا لك!" قالت بنبرةٍ جادة.

لم أعرِها اهتمامًا فأكملت: "لا أصدق أنك ترفض القيام بالمهمة التمهيدية؟ أعني فقط أحفر قبرًا ونمّ فيه حتى يختفي القمر، أي عندما تشرق الشمس يمكنك الخروج، جديًا ما الصعب في ذلك؟" رمت سؤالها بشيءٍ من التعجب.

توقفتُ ألتقطُ أنفاسي ونظرتُ لها بحدة وأقولُ: "هل تظنينني فقدت عقلي كي أنام بقبرٍ وأصدق ألاعيبك مجددًا؟".

"أولًا، أنت تحفر في المقبرة بالفعل، ثانيًا لا أمتلكُ السلطة على أيٍ من هذه المهام، لذا لا تلقِ باللوم عليَّ، كان من الأجدر بك عدم لمسِ المفكرة في المقام الأول!" قالت بتهكم ومع ذلك شعرتُ بأنها تتحدث بصدق.

"ولما تخبرينني بذل..." قبل أن أنهي كلماتي شعرتُ بنفس الألم، فصرختُ ممسكًا برأسي أسألها بصعوبةٍ: "ما الذي يحدث لي؟".

"لقد انتهى وقتُ مهلة اللعبة الأولى بالفعل، استعد لمواجهة عقابك" قالت وبالكاد استطعتُ فهمها، ويا ليتني لم أستطع فقد زادت من شعوري بالقلق وحسب.

حمحمتُ مكملةً بقولها: "إن لم تستطع فهم شيءٍ في المهمة القادمة، فقط قم بإستدعائي ولا تتصرف من ذاتك!".

كنتُ أعلم بأنها تنوي الاختفاء، ولكنّني بصعوبةٍ قلتُ أوقفها: "كيف؟".

أعني، كيف يمكنني استدعائها!

قبل أن تتحدثَ بدأَ الألمُ بالتبدد وعدتُ لطبيعتي قليلاً، شعرتُ بالارتياح وبدأتُ بتنظيمِ أنفاسي، ولكن كلُّ هذا اختفى عندما رأيتُ المفكرةَ خارجَ تلك الحفرة حيث شعرتُ بأن قلبي وعيناي وقعتا من مكانهما.

"فقط قم"بمناداة اسمي ثلاث مرات بصوت مسموع" قالت تحدق بي بابتسامةٍ جانبيةٍ عندما رأت ردة فعلي حول ظهور المفكرة وكأنها تقول أخبرتك بهذا.

رفعتُ رأسي نحوها بتشتتٍ وشعرتُ بأنني تائهٌ، فقلتُ بنبرةٍ مهتزةٍ كسائر جسدي بهذه اللحظة: "ما الذي سيحدث لي الآن؟"

"ستكتشف ذلك بنفسك" قالت ثم برمشةٍ عين كانت تقفُ أمامي تحدقُ بي بعينيها الزرقاوتين، يتطاير شعرها الأحمر الذي بدا وكأنه يضيء تحت ضوء القمر، قائلةً بهدوء:

"عُتمة".

نظرتُ لها بعدم فهمٍ لتردف بنبرةٍ منخفضةٍ:

"نادِني عُتمة".

يتبع..

************

رأيكم بالبارت؟

ناثان؟

عُتمة؟

المفترض انه البارت يكون أكثر رعب بس بطريقة ما قلب معاي بكوميديا.

توقعاتكم للقادم؟

لو كنتم بمكان ناثان ماذا ستفعلون؟

غلاف معتم، وعُتمة.

-أترك دعوة لي ولك المثل ان شاء الله-

♡دمتم سعداء♡

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top