«الركضُ و الفوضى.»
مرحبًا أتمنى أنكم بخير.
ملاحظة جانبية:-الواو في العنوان هي واو المعية يعني مع.
يمكن بعضكم ما شاف قراري بشأن تغيير الأسماء وبدون تطويل، كتبت بعض أسبابي بالجدار وأتمنى تفهمكم لكل جوانب القرار.
رح أبدأ تغييرها من هنا تجنبا للتعب مستقبلا لأن الآن أصلا شايفة أن محتاحة وقت طويل لتغييرها في داكن وفي البارتات لي قبل.
قائمة الأسماء هذه وضعتها من مدة طويلة تحسبا لإرسال داكن لدار نشر مثلا ولأن الشخصيات (المجموعة) آلمان وأحب الأسماء الألمانية جدا رح أكتبها بالعربي والإنجليزي.
القائمة رح تظل هنا إلى أن أعدل الأسماء في داكن وفي عمق داكن يعني رح أذكرهم كلهم حتى لو ما كانوا موجودين هنا بالكامل.
قائمة أسماء شخصيات داكن:
• آليكساندر : آليكساندر تاسيان إلاغون| Alexander Tassian Elagon.
(تاسيان معناه الذي يسقط سيعلو مجددا.)
•جين: كلوثار إلاغون|Chlothar Elagon
(إسم آلماني يعني المحارب الهادر.)
• جونغكوك: يواكيم إريك (سينادى إريك)| Joachim Erick Elagon.
• جيمين: جوليان إلاغون|Julian Elagon.
• نامجون: سولومان هاسكل| Solomon Heschl.
• يونغي : إساي| Issei.
( الإسم مأخوذ عن قصة القاتل الياباني والكانيبال إساي ساغاوا.)
• ڤيرنون: نيكولاي | Nikolai.
( الإسم مأخوذ عن قصة القاتل وآكل لحم البشر الروسي نيكولاي جوماغاليف، لا يزال حيًا لليوم.)
_________________________
______
حسب جامع التحف الذي تركه دانتيه و إريك حيًا لاستخراجِ المعلومات فإن هناك عملية مهمة في منزل السيد سبينوزا اليوم، جانبًا للإحتفال بالكرنفالِ الذي سيبدأ من منتصفِ هذه الليلة.
وإذا كانَ هذا هو بابهم نحوَ معرفة التنظيم خلف هجومِ الذئاب السابق مع كارولينا والذي ذكرت آزاليس أنه ضد سوكادور وآليكساندر..
أن هذه العمليَة ستُولجهم عُقر دارِ هذا العدو الغامض، فسيكون عليهم لعبُ لعبة الدقِّ على الباب بحصافةٍ.
لن يندفعوا بغاز الإنتقام والغضبِ مخافة شرارةٍ تحرقهم بتهورهم ذاك، لذا قرّر سوكادور عودة الجميع للفندق لترتيبِ الأفراد و دراسة خطة ما كانت تدُور برأسه مع ما يظمرُه إريك وآليكساندر للقادم.
أخبرهما بذلك على الهَاتف ثمّ طلبَ شاحناتٍ لنقل هذا العدَد من الضحايا للفندق حتى ينتهُوا من المهمة لن يأتمنَ الآلفا وجودهم بمكانٍ لا يحيطه أفراد قطيعه.
تناهز الشمسُ الأفق عندما طلّت عمامة الفندقِ رأس التلة، برزت النافورَة ومعها وجوهُ عائلتهم جاهزة لإستقبالهم ومداواةِ ما جُرح بأبدانهم في سبيلِ تحقيق هذه المهمات.
سبقَهم دانتيه وإريك بساعةٍ وآليكساندر ولولاَ كانا هنا قبل الجميع، في الخطة الأصليَة الثنائي كانَ ليكون الأخير لولا أن وكرهُما وُجدَ فارغًا من العدو.
-- هناكَ أعداد لا تُحصى من الضحايا، سيتكفّلُ من يعملُ بالمشفى كغطاءٍ بأسوأ المصابين، الأطفالُ والمسنين أولاً..
Por favor..
رجاءًا.. من لديه مرضٌ أو معلوماتٌ من أي نوع فليتقدم لإعلامنا، والبقية سيساعدونَ بعضهم بعضًا.
أريدُ وجباتٍ كاملة ومستمرَة سيدَة سيسي، خذِي من يستطيعُ مواكبة سرعتكِ في الطبخ لكن لا تأخذي الكثيرين.
هذه الشاحنات يجبُ ملؤهَا بالوقود تحسبًا لأي عملية نقلٍ مفاجئة، ضيوفنا لن يبقوا هنا لكنَهم يحتاجونَ كل ما نستطيع تقديمه.
البيتا والقَائدين، إريك و دانتيه سيأتون معي لمناقشَة التالي. --
نظرَ لمن ذكرهُم وجهًا يلي الآخر فيمنحهُم رذاذَ مطرِ الآمان وهم الذين أضناهم الضمأ، يبحثُون في وجوده عن دعَة لا تجفُّ.
انتشَر رجاله ونسائه في مكَان الإنزال، يأخذون الجرحَى والمرضى لغرفٍ معينة بالفندق آخر ما رآه الرفاق قبل التوجه لغرفة الإجتماعاتٍ هو آلونزو و سيدةٌ ما تبدو بأربعينات عمرها تشير للغرفِ وتساعدُ رزين الرأي في تحديدِ كل ذات حاجَة نظرًا لإجهاد البادي عليه.
شغّل سوكادور الأنوارَ فتساقطَ ضيائها على الجدران الجديدة، لم يجتمعوا هنا منذ فترة، بالنسبة للولا وإريك فهما لم يشهدَا هذا المكان من قبل.
وكما تساقط الضياءُ والرؤية تساقطَ سوكادور على كرسيّ داكن الخشَب، وسائدٌ مطرزة كاراميلية عليه كما تتموضع على جميعِ المقاعد حوله، يفصلهم طاولَتان..
أمامُ مقعدِ سوكادور الطاولة الكبرَى، وجهها زجاجيٌّ أملس، طبقةً واحدة رتّبت على سطحها عُدّة مكتبية، كتب ملاحظَات، دبابيسٌ ومجسماتٌ في علبة كروية.
الطاولة الصغرَى ناهزت أقدامَ إريك لما قابل في مجلسهِ سوكادور، سطحها احتوَى تداخلاتٍ وثقوب غير منتظَمة الشكل.
و قد رُتّبت على التسلسلِ قطعٌ ضئيلَة لأشياءٍ قد تبدو لا منطقية في وجودها مع بعضها:
رأس ذئب، مخالب طائرٍ جارح، قوسٌ ونشاب، درعين من المعدنِ المزخرف وكريتان من ذات المعدن.
كان بروس آخر من دخَل، راقبه الآخرون يسير نحوَ الآلفا والذي عاينهُ بنفس العيون الغائرةِ حتى دنا ورائهُ يحكمُ يده على كتفه، جعل سوكادور ينخفضُ عن علو كتفيه فيهسهسُ به الألم الذي كان يقبعه.
حينئذٍ جلدَه بما يشبه القماشَ المبلّل لكن الرائحَة الصادرة عنه كانت دالة على أن ما بلّه ليس بماءٍ بل موادٌ عشبية وربما كحولية، ارتفعَت هسهسة سوكادور لتتحوّلَ لهديرِ الألم الذي يشعرُ به يحرقُ جرح ظهرهِ.
-- نعَم، نعَم، هذه تدعَى الميكروباتِ والبيكتيريَا التي تنتقل مع الجرح والتي لن تختفي من نفسهَا آلفا؟
لذا لا يمكنكَ فقط التجولُ بشرخٍ في ظهركَ ورمي مسؤوليته على الشفاءِ الإندفاعي للمستذئبين.
أذكرُ أن آلونزو فعلَ ذلك لجرحٍ في وجهه والآنَ لديه ندبَة دائمة، بعيدًا عن جاذبيتهَا..--
أثناءَ حديثِ بروس كان سوكادور يحاولُ القبض على يدهِ لكن البيتا استثنائيُّ المهارة فيما يخصُّ استعمال يداه لذا كان يدهسه أكثر نحو القاع ويحكِمُ على تطهيرِ ظهره.
-- بروس لدينَا عملٌ بربكَ استوقفَ ضرورة هذا..--
ضحكَ الآخر ونبس
-- ترجيني لذلكَ صغيرتي. --
تنهّد سوكادور وعصبيته استسلمَت لأن بروس ضحّى بالمنطق والجدية وجعلَ الجميعَ حولهما يقهقه.
لا يمكنُ رؤية هذه المعاملة من بيتا نحو الآلفا سوى نادرًا، وبروس لطالما كان بيتا مميزًا.
لكن سوكا سمحَ له باكمال ما يفعله لدقيقة أخرَى ثم أبعده، هذه المرة رمَا بروس الأداة التي استخدمها في سلةٍ جانب خزانةٍ أدراجٍ معدنية وسطح زجاجيّ متناسبة مع الطاولتان.
ونفضَ يداه متذمرًا اجحَاف سوكا لمجهوداته، اختفَى مجددا ريثما يعرضُ كل منهم حقائقَ وتفاصيل ما حدثَ معهم في الأوكار التي هاجموها ثم عادَ بيدانِ مغسولتان علَى رواية سوكادور لجزءِ الفتى الصغير الذي رآه للتو في الخارج.
-- عندما صرخَ الفتى بأن كلبًا ما سيخرجُ ويأكل يد من كان يهاجمني بدَى الأمر كأنما ذلكَ الواقع فعلاً..
أنا لم أرى كلبًا ولم أشعُر بكيانٍ جديد لكن الرعبَ في وجه المهاجم لم يكن وهمًا.
ما كتبَ في الورق عنه أقلُّ من القليل، كأنمَا لم يكن له وجودٌ حتى ظهرَ فجأة في زنازنهم وأفسَد أجهزتهم التي تتلاعبُ بالمساجين.
لا عجبَ..
فقد اكتشفُوا أنه هجينٌ من نسل الإيكواز، ذلكَ يجعلني أقشعرُ. --
بُهتَت الحياة من وجوه إريك ودانتيه وآليكساندر، ردةُ فعل طبيعيَة ناظرت الحيرة على وجه صديقهم كذلك.
لم تفهم لولاَ سوى أن هذا الهجينَ شيء ربما نادرٌ ليجعلَ هؤلاء وحتى وجهًا جامدا كالذي يملكُه دانتيه يرتجُّ..
خزرت بروس ليقتلَ الجهل الذي هي به فانسدلَ بجسده على مقعدٍ جانبها، في زاوية ترَى الطاولتين وشبكَ أصابعه يخبرها:
-- لـو لأنيرنّكِ بأسلوب بسيطٍ، عفيف، مختصر فالوقت يداهمنا.--
-- الآن تتذكرُ الوقت..--
نبسَ سوكا فاترَ الثغر لكن البيتا أكمل.
--بعيدًا عن المقاطعة، بعيدًا عن الملهيات..
الإيكواز أكثَر الأنواعِ تمسكًا بمفهوم "إبقَاء الدماءِ نقية" الذي ترينهُ عادةً في المخلوقات الأسمَى قدرًا..
لكنهم ونظرًا لأن تابعَ الصبو والرفيقِ وما يشابه ذلكَ لا يعنيهم في بنيتهم ومجتمعهم، تجدينَهم أكثر تعصبًا للحفاظ على نقاء نسلهم من أبناء قابيل والمستذئبين حتى، رغم أنهم لا يعتبرُون من المخلوقات الأسمَى..
هذا خلقَ نوعًا من القانون، الإيكواز لا يتزاوجونَ مع غير الإيكواز.--
لما أنهَى بروس حديثهُ الغني بإشارات اليدين زاد سوكادور عليه بالقول
-- قد تعتقدين أن هناكَ على الأقل نسبَة من الذين اخترقُوا هذا القانون المجحف..
بيدَ أنّ هذا لم يحدث، لأنهم ببسَاطة لم يضعوه كقانون بل اعتنقوه كديانَة، وانغلقُوا على ذواتهم لسنواتٍ طوال مبتعدين تمامًا عن السياسة التي سنّها الميليغاليتيرو والتي كان سلاحهَا أبناء قابيل.--
-- ألا تجدُ الأمر غريبًا؟-- سألت لولا وكادَ آليكساندر يقرأ السؤال الأكبر الذي يشتعل في عيناها.
--من كل النواحِي..
لكن جنسهم لم يكن بتلك الأهميَة ليعبأ بهم أحد.--
أجابها سوكادور وآليكساندر استنطقَ خاطره نابسًا
-- حتى الآن.--
أومأَ سوكا موافقًا واعتدلَ في مقعده الذي خايلهم فيه بملكٍ ما.
-- إلى أن وجدنَا هذه النقاط المترابطَة، عملهم مع السيد سبينوزا، تجاربهم وتحركاتهُم المريبة.
دانتيه، إريك..
شاركا معنَا المعلومات التي زودّكما بها الأسير.--
-- آلفا..
لقد توليتُ القسم الثاني من التعذيب، بعد إريك لم يكُن للأسير الكثير ليقاومَ ويكتفي بصمته.
حسبَ ما أفصحَ عنه، فهناك على الأرجحِ عدة عمليات الليلة، لا يعرفُ مكانها ولا عددها..
في الوكر وُجِدت دلائل على تحضير للنقل جعلتني وإريك نميلُ لتصديق اعترافاته، وبعد ما سمعتهُ من فريق الآلفا والقائدين تأكدتُ من ذلك..
ويبدو أن الوكر الذي تكفلتمَا به أيها القائدان قد انتقلَ بالفعل إلمامًا أنه جهّز الضحايا للبيع، في كل الأحوَال وما سنفعلهُ في الحفلة سيحددُ لنا مواقع وعدد العمليات، بل يجبُ أن يحددَّها لذا..
سيكونُ علينا تقسيمُ الفرق والعمل على تنسيقِ المجهودات ومزامنتها، تماما كما فعلنا اليوم.--
قدّم دانتيه تقريرًا مفصلا يحمل حتى نظريَاته، نزعته العملية التي تُعجب ذوق آليكساندر وسوكادور خوّلته للصعود في الأهمية بالنسبة للقطيعِ حتى أضحى فردًا مستحقًا للقعود في هذا المجلس الذي يقعُد به، قربَ البيتا بروس، في غرفة الإجتماعات السرية هذه.
-- سيكون ذلكَ على قدرٍ من الصعوبة فما تناسقُ مهمات اليوم سوى نتيجَة أيامٍ من التحضير وأشهر من المراقبة..
الآن، نحن لا نعلمُ حتى أي اتجَاه نسلك.--
نوّه بروس لذلك ولولا خزرَت الآلفا تستفسره
-- ليسَ إن كان لدينا خيط.
آلفا هل تنوِي استخدامَ ذلك الفتى، هجين الإيكواز بطريقةٍ ما في هذا؟--
تنهّد سوكا وشبكَ ذراعيه يعود للإتكاء حذرًا الألم الذي لا زال يلسع ظهره.
-- أحبذُ بكلّ ما أقدر أن أبقيه بعيدًا عن كل هذا، لقد مرَّ بما يكفيه..
إلا في حالةِ ضرورة قصوَى والتي لا أظننا قد نحتاجهَا.--
نظرَ للأوراقِ على الطاولة، أحد أفراد القطيع استلمَ الدعوات باكرًا عن السيدة فالنتينا وأودعهَا ليد الآلفا ما إن دخلَ مبنى الفندق.
وآليكساندَر مقابلاً في مجلسه للبيتا أعربَ عن ما له برأيٍ في ما قاله مقابله منذ ثوانٍ:
-- هذا لا يغيّر الإتجاه الذي نملكه منذ البداية، كما قالَ دانتيه..
ما سنفعلهُ في الحفلة عليهِ أن يمنحنا ليس فقط المعلومَات عن قطعان الذئاب المتآمرة ومن خلفها، بل عن العمليَات التي ستحدُث الليلة.
و لا مناصَ من إحتمال ترابطهما والفاعلُ توحّدت صوره.--
لفَّ إريك بعده الإنتباه يثبتهُ على جهته من المجلس، يزيحُ منكبيه للأمام ويُفجّ ما بين رجليه فيشغلُ مساحة أشسعَ في الجسد والكَلِم.
-- الليلة!--
صفّقَ إريك ثمّ لوح بيديه في الهواء يباعدهمَا ويرجعُ لاستئناف حديثه
-- لديّ الخطط المثاليَة لكنني وحسبَ ما أعرفه عن آليكس لن أكون أنا أحدَ المدعوين للحفلة، سيفضّل إبعادَ تألقي الساطع ولا ألومه بتاتًا..
لذا أيًا من سيدخل بتلك الدعوتين سيكون عليهما البقَاء على اتصال لما تبقى من الحفل وما بعده حتى نجدَ العمليات.
وقبل أن يسأل أحدكم كيفَ سيجدها المدعوان المزيفان من جماعتنا، سأجيبُكم:
التسلّل الأفعواني.--
-- اشرَح، أبِن، أوضِح، افصح.--
أشارَ له بروس لأن إريك استوقفَ نفسه فقط في سبيل نزعتهِ المسرحية لفعل الأشياء.
-- ما أعنيه بذلك أنّ صديقينا سيفترقان وسيبحثَان عن السيد سبينوزا نفسه، ولفعل ذلك عليهما الإختلاط لا المهاجمَة مباشرة، لذا سنحتاجُ لأن يكونا اجتماعيان وساحران بالفطرَة، أن يختطفَا لبّ قلب كل من يحدّثانه ريثما يمسكانِ بالهمستر.--
-- إريك تقصدُ الأرنب.--
قاطعته لولا هذه المرة لكنه أبعد صوتها بيده.
-- نفسُ الفصيلة..
ما يهمنا أن صديقينا لن يكونَا مستذئبين مخافة أن يتعرّف أحد عليهما، وبالطبع لن يكون آليكساندر فهو تقنيًا مثل ترامب لكن في الجهَة الخفية.--
ونظيرُ ترامب كما وصفه إريك صاتَ
--أنتَ لا تقترحُ إرسَال قائدتكَ لإغواء السيد سبينوزا؟ صحّح خطئي إريك..--
ابتسَم الذي يخاطبِه كأنما يرَى مشهدًا رومانسيا من مسلسله المفضل.
-- إن وصلَت إليه قبل مرافقها.--
--و من تقترحُ مرافقًا لي؟--
سألته لولا ما يودّ الجميع معرفته الآن.
-- فكرُوا بأشباه العقُول تلك، هل علي فعلُ كل شيءٍ بنفسي..--
لم يحتج لفعل شيءٍ فالبيتا بروس نطقَ الإسم الذي كان يفكّر بإرساله إريك كأنه قرأ أفكاره.
-- ڤين ديرما.--
وجه بروس لم يظهِر وفاقا ولا نقضًا للأمر، خزرَ الآلفا كما فعل الجميع وفي صمته علَت أصوات أفكارهم كذلك.
-- لأن القائدَة من أبناء هابيل فإنها أفضَل مترشحَة، هالة نوعها الإستدراجية ستفيدها في الإطاحة وجعل من تقترب منهم يرتاحُون لوجودها الغريب بينهم، لذا تفهّمت ترشيحكَ لها..
لكن ڤين ديرما؟ --
لكن إريك لم يجبه بل كان آليكساندَر بعد أن استوعبَ الفكرة.
-- لأنه في أسوأ سيناريو يمكن حدوثُه الليلة وحسبَ ما رأيناه من قوتهَا، ستكون الوحيدة من بيننا القادرَة على إنقاذ نفسها ومرافقها دونَ أن يعرف أحدٌ من الحضور إلى من تنتمي أو من تكون.--
-- هل ترى هذا الخيَار الأمثَل زعيم؟--
خاطبهُ سوكادور.
-- لا يمكنُ تجاهل أنه أفضل ما نملكه.--
عندهَا قال إريك.
-- شكرًا لي ولوجودي ودهائي..--
-- أيهَا الداهية لديكَ تناقضٌ في خطتك، قلت فردين اجتماعيينِ، مهاراتُ ڤين ديرما في التواصلِ الطبيعي أسوأ من ميكي.--
انتقَد دانتيه.
-- سأتكفّل بالمهارات الإجتماعية لكلينا.
وفي سبيل الخطة، نحتاجُ لجهاز اتصالٍ خفي وشخصٍ يشرح لڤين ديرما أنه ليس صوتَ الأرواح أو الشياطين أو أيا كانَ الذي يعرفه شعبها.--
كانت لولا والجالس قريبًا منها، آليكساندر ناظرهَا شطرًا وسألها
-- أوتذهبين؟--
الإعتراضُ في عيناه لكنه يشاورُ لها الرأي بلسانه، أوتذهبين يسألها ويودُّ لو لم يكُن عليهما أن يكونا قائدين لكن هذا الصوتَ داخله يدفنه دومًا فلا يمكن لهمَا أن يجتثَا هذه الحقيقة من ذواتهما.
-- أعطني مرشحًا أفضل مني؟
حتَى اثنان كڤين ديرما لن ينجحَا إن لم أكن ثالثهما..--
-- نحن لا نعلمُ إن كانت ستوافقُ حتى..--
ذكّرهم بروس وسوكادور اعتدَل يضعُ قبضته أدنى ذقنه ويقول.
-- يمكن إقناعها..
الآن، لنعرض ما لدينا من استراتيجيات محتملة.
إريك، قلتَ أن لديك خططًا؟
لما تبتسمُ كالأخرق في غرفة اجتماعاتي؟--
-- لا تريد أن أجيبكَ عن ذلك في غرفة اجتماعاتكَ.. السؤال الثاني أقصد،
لكن الأولَ نعم، إجابته نعم..
كما قال دانتيه سننقسم، ويجب أن نُحسن اختيار هذه الفرق وهذا ما سأتركه لكم بعدَ أن أشرحَ مهمة كل فريق.
الآن، سؤال مهم..
بروس ما هذا الديكُور الذي فعلته في غرفة الآلفا السرية وما هذه المجسمات؟
يفترضُ أن تكون جنودًا ألا تشاهدُ الأفلام؟--
-- ليسَ لدي وقتٌ لمشاهدة الأفلاَم نعتذرُ من ذوقكَ العصري وعقلكَ الرجعي.--
-- اعتذاركَ مقبول حبيبي.
بالعودَة لما أريد شرحه سنحتاجُ لفرقة من ثلاثة إلى أربعة يُتّكل عليهم، سنضعهم على أسرعِ مركباتكم، هذه الفرقة للملاحقة والعمليات التي قد نجدها على المسافات البعيدة.--
وضعَ مجسم مخالبِ الطائر الجارحِ في مكان من الطاولة الصغيرة قربه، مائلاً على أحد الحفر فيها كأنمَا يستعد للتحليق.
-- جانبًا لهذا سنجهّز عدة فرقٍ وننشرها في مواقعَ مختلفة من ريو وخارجهَا لتغطية أكبر مساحة ممكنَة.--
أخذ الدروع والكريتان ووزّعها على الطاولة كأنها خارطة ما، وحرصَ على جعلها تقف كلٌ في حفرة أو انبعاج.
-- هذه الفرق ستحتاجُ تنسيقًا وتحكما مضبوطًا، لا مجال للخطأ فيه ولهذا سنضعُ أحدا على الإتصال الدائمِ بهم لكن عليه أو عليها أن يبقوا بعيدًا عن الأكشن والإثارَة ريثما ننتهي، لهذا لن يكون أنا..--
ابتسمَ إريك وأخذ رأس الذئب لكنهُ لم يضعه على الصغيرة بل مدَّ جذعه ليرسي المجسمَ على طرف الطاولة الكبيرةِ، شامخًا وعلى مرأى من سوكادور الذئب الأكبر..
والذي فهمَ ما يريده إريك من حركته.
-- لن تبعدنِي عن الأحداث الساخنَة في وسط المعركَة إريك..--
-- أخشَى أنني لستُ السبب الوحيدَ لتبتعد.--
نظرَ الآلفا للقائد الأعلى.
-- ماذا عنك آليكس؟
يمكنك ابتداعُ الإستراتيجيات المطلوبة عندما تزوّد بأماكن العمليات التي نريد إيقافها..--
-- نعم، لكن هناكَ فريق آخر سنحتاجُه لجعلِ خطة إريك ممكنة.--
أخذَ آليكساندر القوس والنشابَ المصغّرين ووضعهما جانب رأس الذئب.
-- رامي السهَام المُرَاقِب.
دخول لولا وڤين ديرما لحفل بتلك الأهمية وفي حراسَة عادية، بأجهزَة اتصالٍ خفية يعدُّ ضربًا من الخيال.
لذا سيدخلُ طرفٌ ثالث حقًا، وفي الظلال سيراقبُ وينقل الأجهزة ثم يمرّرُ الإتصال من الجاسوسين إلى رأس الذئب ومن هناك إلى الدروع والكرات والمخالب.
والعكس لأنّ بعد اختفاء السيد سبينوزا لما يزيدُ عن أربعين دقيقة علينا توقّع الأسوأ أن يحدثُ في ذلك الحفل.
آلفا، أنتَ من سينظّم هذه التحركَات، منذ هذه اللحظة.--
كانت لسعاتُ الجرح في ظهر سوكادور قد بدأت تحولُ للخدر، فمه كانَ جافًا وعيناه مرهقَة لكن قائده الأعلى لم يرَى ذلك سوى كوقودٌ للآلفا، أن يحترقَ كليًا لينقذ قومه أو ينسكبَ مع دمائهم.
لذا قال سوكادور بصوتٍ كصفير ريح خافت لكنهُ رزين وواعد.
-- الإعتمَاد على سلاحٍ واحد في المعركَة مثله مثلُ أن تضع عنقكَ للعدو عندما تريد أنتَ ذبحه، إن فقدت السلاح فقدت عنقَك..
لذا، رأس الذئب ورامي السهام سيشكلاَن قمرَة القيادة، على القائدَة والدخيلة الخروجُ قبل وصول أخبار الهجومِ على عمليات السيد سبينوزا وأعوانه..
أنا وأنتَ سنكون المسؤولان عن ذلك.
ولستُ أدخل مشاعرِي في هذا.--
قال يقصدُ أنه لا يجمعُ عمله بمشاعره سواءَ مصالحه مع ڤين ديرما أو صداقتهِ بلولا والتي ابتسَمت والدفء يأكل عيناها قبل أن تقول:
--أتفهمُ ذلك، لكن لا زلتُ أعتقد أن إدخال أجهزة اتصال أكثر احترافيةً من تكبيلكما في الحفل بعيدًا عن فرقِ الهجوم أين سيحتاجون توجيهًا في خضمِ الحدث.--
تولّى دانتيه إجابة ذلكَ بما يعرفهُ عن هكذا تجمعَات والأسلوب الذي يتم العمل به في ريو دي جانيرُو في ما يخصّ الحراسة والأمن.
-- أيتها القَائدة..
هذه الحفلات تستقطبُ رؤوسًا مهمة دومًا لذلك تجنبا لقطعها حتى لدى البشر العاديين ستكون الحراسَة على مستوى قريبٍ للمثالية، غالبا، لن يتهاونوا..
مراقباتٌ وأجهزة دقيقة، ربما جهازٌ رصد كهرومغناطيسي..
علينا أخذُ اقتراح القائدِ الأعلى كخطةٍ مفصلية.--
تفّهمت لولا منطقَ دانتيه، ربما المهَات التي تولتهَا هي منذ أشهَر والتي واجهت فيها أعدَاءا يعتمدون بصفة أكبر على قوتهم وليس على ما تجُود به التكنولوجيا من أسلحَة وحماية -هذه المهمات- ما جعلهَا تغفلُ عن أن هذه المخلوقَات قد تستعين بالتطور كأيّ بشري وأن المتعارفَ عليه في مكانٍ ما كألمانيا مثلاً ليس بالخصوص القاعدة في أماكن أخرى.
-- حسنٌ بذلكَ، يمكنُ تعويض القُصور بالفرقَ المتمكنَة تمامًا من مهماتها.--
نظرَت لسوكادور لما استنطقتهُ جملتها على تذكّر الأمر
-- القائدَة محقَة، الفرق يجبُ أن تكون مثاليَّة..
بيتا؟ --
-- أعتبرُ هذا واجبًا مقدسًا..--
لمسَ بروس طبقةً من الطيات المتراصَة على سطح الطاولة الصغيرة وإذ بها تدور، المجسمات فوقها كالمخالب والدروع والكريات أخذَت أماكنَ غير التي كانت فيها سابقًا ثمّ كأنما قفلٌ فتح بين الطاولتين فتحركَ سطح الكبرى أيضًا ودار القوس والنشَاب و مجسّم رأسُ الذئب نتيجة لذلك حتى صار قبالة الآلفا.
ثم شرعَ البيتا في وضعِ أهم وآخرِ اللمسات على الخطة، الأفرادُ الذين سيكونون في كل فريق، واجبه.
عندما انتهُوا كان عليهم بدأ التحضيرَات، هذه العمليات المتناسقَة ستحتاجُ أن يكون الجميع على علمٍ بما سيحدث وعلى اتصالٍ مستمر.
لذا أرسل سوكادور الجميعَ إلى ما يبرعُ فيه، دانتيه سيجهّز الأدوات اللازمة وما يعتقد أنه سيلزم وبالكميات المناسبة.
بروس وإريك ولولا سيتولون مع الآلفا تنظيمَ الفرق ووضعَ الأفراد في الخطة ليفهم الكل دوره.
آليكساندر قد توجّه لمخبرهِ يخبرهم أن هناكَ ما سيحتاجونهُ منه، وسوكادور ترك الجميع ينطلقُ للعمل قبل أن يلقِي نظرة أخيرة على الضحايا.
قادته طريقهُ للساحَة حيث الشاحنات متأهبة تحتَ أمره، قطيعه يتراكضُون لمساعدة أكبرِ عدد من المنقذين في أسرعِ وقتٍ ممكن، كانوا مركزين على هذه المهمَة التي منحها لهم حتى أنهم لم ينتبهُوا لوقوفه في المدخل حتى ارتطَمت به شابةٌ سمراء تحمل قوارير فارغَة..
تبعثَر اتزانهَا فاندفعَت نظارتها عن جسر أنفها لكن سوكادور أمسكها قبل الهطول أرضًا.
-- أكملي العملَ الدؤوب.--
-- نعم آلفا! --
عندما رفعَ رأسه كان الجميع ينظرُ إليه مترقبًا وبأعينهم شيءٌ يشبه كل مرَّة عاد فيها منتصرًا بمعركة أو ظافرا مكللاً نجاح مهمة أوكلها له الآلفا السابق، جونيور..
ها هو يرى تلك النظرَة في عيونهم، يرى روحَ جونيور فيهم فيبتسمُ شطريه ووجههُ المرهقُ يشرقُ شمسًا من داخله فينهلُون من النور.
-- أريدُ التحدث إليه..
لن أذهبَ لأي مكانٍ إلا بذلك.--
الصوتُ لم يكن غريبًا عن أذناه، بل وأنه أرسلَ له قشعريرة في جانبه الأيمن لسبب ما فاستدار لذاك الجانب، ومن خلف الضحايا والمسعفين ظهرَ جسدٌ أصغر من الرجلِ الذي يحاول إيقافه.
بضمادَة تحتضنُ كتفه وصدره العاري تعرّف سوكا على توني الذي تمت إصابته في مهمتهم والذي ساعد الفتى وحماه، ذلك الفتى الذي يصرخُ في توني الآن.
-- يا أنتما!
ماذا يحدثُ معكم توني؟--
كان بصدد السيرِ نحوهما لما أفلت الصغير يدهُ وانطلقَ يهرول إليه بنفسه، يزفر بحرارةٍ ووجهه ملىءٌ بالأتربة وفزعه القديم، ثمّ تحوّل لكتلة من اللهفَة ، أمسكَه سوكا من ذراعيه يهدهده علّه يتوقف عن ما أصابه.
--سيدي، سيدي..
لم يدعونِي أراك.--
-- لا بأس يا فتَى، ها أنا ذا..
ما بكَ؟--
اقترب توني والخرسُ يسير معه، حتى عندما خزره سوكا بشيءٍ من العتبِ لم يبح كلمًا بل راحَ يهزُّ عجزه برأسه، العجزَ الذي تسبب الفتى بأن يشعرَ به وهو يدخلُ في نوبة لا يهدأ عنها.
فهمَ سوكادور ما أراد توني قوله، أنه لا يفهَم ما خطبه أيضًا فأرسى عيناه محيطَ الصغير مجددا، وتلاقفه حينئذ موجُ مشاعره لما تبيّن صوته.
-- سيدِي.. إلى أين يأخذوننَا؟
رأيتُ الشاحنات هناك،
تذكرنِي بالمراتِ التي نُقل فيها البعض من الحفرَة ولم نراهم مجددًا..
سيدي.. هل سأراكَ مجددا؟--
دوائرٌ ملتهبة عيناه، دماءٌ مخضبةٌ أسفل جفناه ودموعه مجرّد أسطورة.
كان على سوكادُور إيجاد صوتهِ قبل أن يتحدث به.
-- إن قلتَ أنكَ تريد..
فأظن أنهُ لا بد من أن أتي للقائكَ يومًا.
تلك الشاحناتُ ستنقلكم لمكانٍ آمن.--
مسحَ وجههُ بكفيه فتمسّك الصغير باليدان الشاسعَتان التي تغطي هلعه حتى عنه.
-- أجل، أجل.. أظنُ أنني إن قلتُ فستظهر..
هل تعرفُ ذلك المكان؟ يجب أن تعرفه سيدي لتقدم.--
قهقهَ سوكا حتى نتأ نابه، فابتسم الفتى غير مدركٍ السبب.
-- أعرف المكانَ جيدًا، لقد أوصلتُ العديد من أمثالكَ إليه من سنوات..
مع أنني لا أحسبُهم بمثلِ معدنك وخامتكَ.
ماذا تقصدُ بأنك إن قلت سأظهر؟
أوليسَ لهذا علاقةٌ بما فعلته في الحفرة لإنقاذي؟--
انفرجَت عيون الفتى ونظرَ حولهما، لم يكن سوى توني لكنهُ فجأة لم يعد يأمنُ لأحد سوى هذا الرجل الذي يحنو يداه عليه..
منذ ساعاتٍ فقط كانت هذه الملامسَة لتتسببَ بعكسِ ما يشعر به الآن.
دنا أذنَ سوكادور الذي حوّل كل انتباهه إليه.
-- سيدي،
هذا سحرٌ بداخلي، السحر في جسمي.
وسأتعلّم يومًا كيف أستخدمهُ لتظهر الأشياءُ حقيقةً من العدم.--
عندما استقامَ الصغير كان سوكادور يعالجُ ما سمعه مع ما رآه في الحفرة وما يعرفه عن الفتى، هجين الإيكواز الذين يتلاعبون بالصوتِ وتردداته ليغيرُوا أشكالهم على المستوى البصري، يستطيعُ استخدامَ صوته ليصنع وهمًا.
والفتى الآن قد أصبحَ له هدفٌ أكبر، لذا قد يودُّ سوكادور لو يوجهه لأفضلَ ما يمكنه أن يغدو عليه.
-- سأؤمنَ بسحرِك إذا كنتَ حقا تريد فعلَ هذا يا فتاي؟--
هزّ محور رأسه يوافق ما سبقَ وقرره.
-- عندما أصبحُ جاهزًا، سأريدُ أن أكون مثلك..
و.. سيدي؟ --
عادَ يقتربُ من أذن سوكادور ليخبره شيئًا جعله يضحكُ حتى أن توني سألَه عنه فأجابه الآلفا فاكهًا
-- أشعرُ بالإطرَاء، هذه الفتاة الصغيرَة تودُّ مقابلتي مجددًا.--
-- الفتاة! --
خزره توني ثمّ خزرَ الفتاة وكفاه أن يقول
-- لما لم تخبريني؟--
-- لأنكَ مشغولٌ بمنعي عن كلّ شيء.--
أخبرته ببساطَة، لم تكن تتهكّم أو تتذمر بل تقول حقيقَة ما تفكر به.
استقامَ سوكادور وبقيَ راكعًا على ركبة واحدةً فحسب، تأمل وجهَ الصغيرة التي أنقذَت حياته بالسحر كما تقول..
-- دعيني أعتذرُ عن الآن وأشكُر ما كان إذا سينيورتا، أعتقدُ أنكِ ستحبين المكانَ الذي ستذهبين إليه..--
-- المكان الآمن؟ --
ابتسمَ سوكادور للفكرَة التي برأسه ولفّه حين ظهرَ آليكساندر ولولا مع ميكي فجأةً وهم الذين يفترض بهم القيام بأعمالهم.
-- مكانٌ آخر..
مكانٌ سيساعدكَ على تعلمِ سحركِ وتحويل صوتكِ لحقيقة.
أترينَ ذلك الرجل هناك؟
لقد افتتحَ أكاديمية للأشخاصِ الذين لديهم ما يشبه السحر أيضًا، أشخاصٌ مروا حتى بما مررتِ به.
هل تودّين مقابلتهم؟ --
هذه المرة عندمَا أرادت الموافقَة اهتزَّ كل جسدها أيضًا فأضحكَت سوكادور وتوني فقدمَ على صوتهم الثلاثيُّ..
-- آلفا، الفتيات يرغبنَ بنزهة قبل المعركَة.--
قال آليكساندر ثمّ تتبعّت عيناه من يحادثُ سوكادور ما جعلَ الآلفا يسارع لتعريفهما، الفتاة والرجلُ الذي سيصبحُ منعرجَ طريق جديدٍ بالنسبة لها.
-- بالطبعِ ليس لدينا رأيٌ في ذلك..
لكن أريد رأيكَ أيهَا القائد في هذا، كما ترون الفتى الذي أخبرتكُم عنه بالأعلَى، هذا هو..
غير أنهُ فتاة، بل مرشّحة واعدةٌ لتصبح طالبة في الأكاديمية، فما رأيكَ في هذا؟--
-- اختبارُ قبول سريع.
أريني ما يمكنكِ فعله آنستي الصغيرَة.--
رفعَت الفتاة رأسها لسوكادور حتى رأت تلك الإبتسامة فيه مجددا.
أغمضَت عيونها وأدخَلت يدها بين الخرقاتِ التي ترتديها كأنما تخفيها في جيبها، كانت شفتيهَا في شبه حركَة تُتمتم كأنما تلقي تعويذة، لكن التعويذة الحقيقية كانَت في ترددات صوتها وهذا ما ذكّرهم بما تقوله ڤين ديرما دومًا عن الصوت.
ثمّ صاتت فتاةٌ تملك السحر في جسمها، تفتحُ عيناها وتعانقُ الإحتمالية في أن يكون لديها غدٌ أفضل مما رأت بالأمس.
-- ستخرجُ فراشةٌ من جيبي وستلمسُ جبينك.--
ثانية، ثانيتين، ومن جانبِ البصرَ حلّقت فراشةٌ ضبابية ثم لمعَت مع ضوء الشمسِ وارتفعَت من مستوى أدنى حيث خصرُ الفتاة إلى مستوى أعلى حيثُ دارت جانبَ وجه لولا وسعادته الموسرة وانحرَفت لتحطّ على ندبة جبين آليكساندر واختفَت.
كلّ من رأى ذلكَ انغمَر بجمالِه وسحره، سحرها..
تلك الصغيرَة بدّلت التعب في وجهها بابتسامة أيضًا في وجوههم، أفراد القطيع والضحايا الذينَ كانوا معها الذين نسُوا المأساة لدقيقة واحدة، والأشخاص الذين سيساعدونها، وتوني وسوكادور.
-- ما اسمكِ ؟--
سألها من تراهُ الآن مدعاة للتوترِ لما لديه من سلطَة على مستقبلها.
-- إيكو..
إيكولال يا سيدي.--
-- صدى صوت الرّب..
حسنًا، إيكولال، تمّ قبولكِ للتو في مكانٍ سيحاولُ جعلكِ تحقيق النبوءة التي يحملهَا اسمكِ.--
كانوا يبتسمُون لها، جميعًا، وهي شعرَت بدفءٍ ارتحَل عن عظامهَا منذ الأيام في الحفرَة، منذ الجدران في الحفرة.
عندما ودّعت إيكولال سوكادور بقدمٍ ثقيلَة وتبعَت خطى توني الذي ينظُر لها الآن كمنقذَة كاملة له ناداهُم إريك من مكان قريب للفندق، بعيدٍ عن ساحة الجرحى والمنظمين من أفراد قطيع سوكادور الذين ينقلون الضحايا.
--ما الخبرُ بين أسنانكَ إريك؟--
سأله سوكادور والأصغر ردَّ بعيون شاسعة.
-- يريدُ بروس وضعَ فرق المخالبِ على دراجاتٍ نارية معدّلة من شركة جوليان، ما اسمهَا... آه؟--
-- ليوراست 01 وليوبلاستو 01.
(Leorast 01, Leoblasto 01)
لدينا دزينَة من كل موديل منهما، نعم..
وهي سريعَة، نعم نعم، جدًا..
جوليان عبقري في كلّ شيء يمتلك محرّكًا أو وصلَة كهربائية.--
استعرضَت ميكي ذلك ولأنها لا تمدحُ جوليان كثيرًا، بل إطلاقًا، لولا نظرَت لها منكسرَة العين
-- لثانيتين اعتقدتكِ أصبتِ بالخبل لكنكِ دومًا مخبولة لذَا أعتقدُ أن هذا نذيرُ شؤم.--
-- لا!-- صرخَت فيها ميكي -- لا شؤمَ رجاءًا، إنه مدعاتٌ للتذكر والتحسُّر.--
-- على طارىء التحسر، لا أطيقُ تمهلاً لرؤية وجه جوليان عندما يعلمُ ما يفوته الآن، يالي عبقرته.--
-- الكلمة هي: عبقرية.-- صحّح له سوكادور وتنهّد فاستعجَل إريك في الكلام.
-- حسنٌ، بوجودِ دراجات نارية بتنَا نعرفُ أين سأكون أثناء العملية، المخالب لي..
دانتيه والبقية مع الدروع، بروس وميكي في الكرياتِ، هذا البروتوكول الأولي.--
-- لا أرى به عيبًا، أنذهبُ لرؤية الدراجَات؟--
دانتيه ظهرَ كذلك على السؤال، باحثًا عن آليكساندر لإخباره بأن الموادَ قد وصلت.
-- لدينَا هذه الخمس ساعاتٍ الشحيحة وتعاوننا لجعلِها كل ما نحتاجُه في تحقيق ما نريد..
دانتيه جِد بروس، لديه الكثير لتتكاتفا فيه، آلفا، عليكَ إيجادُ ڤين ديرما والتأكدُ من فهمها لما ستفعل بأي طريقة، أما لولا و ميكي قُمن بسحرِ الفتيات قبل أن تتحولنَ لتلك الوحوش القاتلة مساءًا، واضحٌ آنساتي؟--
ابتسَمن و الدماء وهمٌ على أنيابهن.
-- لا تقلق قترَة قائد، لولا موهوبةٌ في هذا، حتى وإن كانت ڤين ديرما أطول مني ستجدُ لها ما يناسبُ احتفال الوحوش دون وجودها.--
-- متأكدٌ من ذلك، ارفعي المصروف، استمتعن..
ابتعنَ أغلى الأصناف، سترتدينه مجددًا لا محالة.--
ما قصدهُ هو أنهن لن يخسرنَ الليلة نزالاً، هاتين الوحشيتانَ أبرعُ من الموت.
منحهما بطاقتهُ السوداء، غيهبٌ لانهائيٌ من مال متوارثٍ وغير متوارث.
لولا لم تستطِع الرفض، شكرته وخزرت إريك بعيونَ ذائبة لاذعة ففاهَ بشفتيه، دون صوت
" sugar daddy
عالي المستوى."
دانتيه من جانبه تحدث..
--ألا تحتاج الفتياتُ لحماية؟--
سوكادور قهقه مغمض العينينِ مبتعدًا مع إريك لما آليكساندر تكفّل بالإجابة في حادثة مميزة وضعَ يديه بجيبه يفترُّ المبسمَ ويناظرُ لولا وميكي أثناءَ إجابته.
-- لا دانتيه، الفتياتُ لا يحتجنَ حماية.
فتياتي يحمِين أنفسهن.--
كان ذلك بمثابة اعتذارٍ للولا على التشكيك المسبّق في قرارها..
قرار أن تكونَ هي من يدخُل وسطَ الوحوش المرقعَة بأقنعَة البذخ والتحضّر.
_________________________
___________
دنَت براثن الليلِ من سماءِ الصباح، الشمسُ تسقطُ بعيون مفتوحَة لأن ريو دي جانيرو لا تنامُ هذه الليلة.
يعتبر الكارنفال المحليُّ في ريو دي جانيرو واحدًا من أهم مراكز هذا الإحتفال المنتشِر في الدول والثقافَات المسيحية، تميزه واختلافهُ عن البقية جعله نقطة استقطَابٍ للسياح والجماهير.
أربعَة أيام من الاستعراضَات الحية بمدارسِ الرقص الأبرز في البرازيل، أزياءٌ للشياطين والملائكة، الريش، اللمعَان، الرسوم، والغناء..
كل هذا في بيئةٍ تفكُّ القيودَ والأساليب الحضارية فترى أن ما يفترضُ به أن يكون عيدًا لتقديس وشكر الربّ على ما أعطى و ما حُصِدَ قد تحولَ لعرضٍ يخلعُ رداء التحفّظِ.
المحتفلون في أوجِ حماسهم وحاجتهم للرقصِ والتدافعِ في نهب ملذات الحياة، كلمَا انسدَلت خيوط الشمسِ عن السماء موعد تسَاوق الوحوش يحلُّ وسيستمر هذا الموكبُ أربعة أيام.
العربَات المزخرفة بخيوطِ الخيال، شخصيات جسّمت أساطيرًا عُرفَت في البشرية كخرافاتٍ و حكاياتِ جدات والقلّة تعرفُ الحقيقة، أنواعٌ لا يمكن عدّها من الرقص يمرُ عارِضوها وينشرون معهم تلك الطاقة في الأرجاء المُشاهِدة.
العيون على الاستعرَاض، وعيونُ الفرق التي نظمهَا بروس والرفاق على التحركَات الغريبة الخفية التي لا يراهَا الجميع كما يرونها.
عادة تحملُ هذه التجمعَات عصاباتٍ جانحة ومتطرفة من أنواع مخلوقات مختلفة على الصيدِ فيها أو العبث مع السياح والسكان المحليين السُذج..
لكن هذه السنة وحسب ما عرفهُ سوكادور، ستكون توزيعًا للحصاد الأسبق من سنوات ومناسباتٍ واختطافات أخرى.
الآلفا سوكادور دو ثيراس الذي يجلسُ الآن وعيونه ترى كل شيءٍ، أذناه ستسمعُ كلّ شيء.
موقعهُ سري في خريطَة خطة بروس وإريك، تحسبًا أن يأخذ منهم العدو أسرَى أو أن تفشل لولا وڤين ديرما في مهمتهما.
الدرّاجات ليوراست 01 تموقعَت في المناطق الداخليَة حيثُ يقودهم لوديفيكو بأوامرَ مشتركة بين سوكادور وبروس وإريك والذي أخذَ الدزينة الأخرى من دراجات ليوبلاستو 01 وأمرها بالانتشار في المواقع الخارجية ما يجعلهَا أبعد الوحدات عن بعضهَا بعضًا...
ولهذا قام بروس باختيَار راكبي ليوبلاستو 01 بعنايَة أكبر من أي فريق آخر.
خاصة وأنّ فرق الدروع تحتَ إمرته ودانتيه وفرقَة خاصة وضعهَا على أهبة التوغّل يوجهُهم آلونزو.
تنكّرت ميكي بعد تسوقهَا المثمِر مع لولا كسيدة من العصور الوسطَى، دون احتشامٍ كان الفستان الذي يفترض أن يكون طويلَ الساق ذو طبقاتٍ منتفخة عكس المفروض، كورسيت سوداء جلدية على خصرهَا وطبقات فستانها لم تكن سوى للزينة ليتسنَى لها وضع قناعٍ مزهّر بخطوط ورقعٍ، رفعَت شعرها، بل لولا فعلَت ذلك..
وتجهّزت لتدخلَ جماهير الاستعراضِ حيثُ يقتاد احتفَال الكرنفال عبر ريو، قدّاسٌ عظيمٌ وهي ستكون حاصدَة لبركاته.
" عندما تصلكُ الإشارة، اِتبعيها وأنهي الأمر سريعًا، لا تحتاجِين دراجَة نارية لفعل ذلك.
أنتِ الوحيدَة التي خرقت قوانين التخفّي حتى لم يعُد للكبار رغبة في محاسبتكِ..."
أمرها سوكا ولأول مرَة كان ممتنًا لجناحة طباعها.
في الجهة الأخرَى، حيث الفيلا المخفية بين الأشجَار ومرتفعات السيد سبينوزا، السياراتُ الباهضة التي تزن وزنها ذهبًا والأزياء التي يتحدثُ إسم ماركاتها عنها..
وسطَ الأضواء التي تهتفُ كنيران السعيرِ أسفل أقدامِ هاديس، القائدُ الأعلى ومنظّم الجماعات الخفية قد تنكّر كسائقٍ، أوصلَ لولا وڤين ديرما وأبقى نفسه ووجهه في ظلال هذا التنكر..
عندما نزلتا وانتظرتا أن يسمحَ لهما المراقبُ عند نقطة الفحص بالتأكد من دعوتهما والعبور كانت يد آليكساندر على المقودِ مهيأة والأخرَى على سلاحه. لكنه راقبهما تدخلان بعد حين، لولا مبتسمَة وعذوبتها خمرٌ حتى والعمال هناكَ يمررون جهازَ الكشف عليها وعلى رفيقتها ثم تختفيان خلف الأضواء أيضا.
قاد سيارتهُ بعيدًا كأنما يعود أدراجه، يخاطرُ بأخذ وقتٍ أكبر للإلتفاف حول الفيلا حيث أخبره إريك ببقعة عمياءٍ يستطيع التوغل عبرها ، يخاطرُ ليمحي الشك حول الفتاتين اللتان ستحددانِ النجاح أو الفشل في خطتهم.
ركن السيارةَ عند موقعٍ بين الأشجار والمسطح المائي، ونزعَ عنه تنكر السائقِ، فقط سترة البذلة الرسمية والرباطَ ، ما أسفل السائق كان رامي سهام محدّد خطوط الجسد.
عندما وصلَ كانت دوريات حراسَة متزعزعة تحوم لكنها سرعَان ما انقشعَت في المساحة الكبيرة للفيلا، استغل اللحظات وتسلّق المبنى الثاني للفيلا، تتبع الحائط والسقف وكان يشاهدُ بعيناه ثمن سقوطه عندما تنسفُ في جلده وشعره الرياح.
وجدَ المكان الاستراتيجي للمراقبَة بين شرفتين وعمودٌ ناقل للماء يرتفع من الأرض، و هناك أخرج عدته أولها المنظار الحسّاس والدقيق الذي أهداه جوليان لدانتيه ليتفقدَ لولا.
عندما لم يجدهَا عبر النوافذِ الزجاجية والرؤية المكبّرة، أخرج سماعاته وقوارير صغيرة من المعدن وبدأ العملَ على قوسه ونشابه ريثما تفتح لولا الخطَّ من الجهة الأخرى.
هناك في الحفل حيث الأضواء تسطُع على ڤين ديرما من الثرياتِ الكرستالية، شعرت لولا أنها فكرة سيئة لما بدَت مرافقتها مسحورَة بالسقف..
لم يكن ذلك شعورها عندما كانتَا تدخلان عبر المدعوينَ وكانت ملامح ڤين ديرما الجلفَة تخفي أي حيرةً فيها.
همست لها وهما تتوجهَان لطاولة صغيرَة طويلة العنق دون مقاعد.
-- إنكِ ترتدين فستان دولسي أند غابانا، أرجوكِ تصرفي وفقًا لذلك.--
كان ذهبيًا، الفستان، بخيوط صغيرة أسفل صدرها وأخرى ترسمُ خصرها، وشقٌّ فارع لساقها الأيسر، حيث يلمعُ سماره بالذهب كذلك و يبقي الضياء محصورًا بكيانها.
لم تتخلَى عن قلائدها لكنها سمحت للولا برفع جدائل شعرها فبدى وكأن كلّ تلك الإضافات مجرّد جزء من تنكرها..
كان ذهبيًا، وعيناها الخضراء ناسبتهُ جدًا حتى أن الجميع راقبها وهي تركبُ السيارة مع آليكساندر، والحلقات الزمردِية التي علّقتها لولا على أذنيها.
-- ماذا؟--
عندما تسآلت ڤين ديرما عن ما تعنيه لولا تذكّرت أن دولسي أند غابانا لا تعني لها شيئًا وأنها ربما لا تُدرك حتى ما يعنيه ثمن الفستان الذي عليها الآن ولا حتى لونه، وأنها على الأرجح لا تتأمل الثريَات لأنها تبدو غالية بل لأنها تتموّج وتعكس الضياء.
-- فقط.. لا تفقدي تركيزكِ.
ماذا قال لكِ سوكا؟--
كانت تسألها الآن وهي تعبثُ بالمغلاق المعدني لحقيبة يدها، سودَاءٌ بتوهّج أحمر كفستانها الطويل، دمويَّة من كتفها حتى ساقها وكعبها الحادِّ، كله أحمر، لكنّه الشادنجي في شفتيها ما يجذبُ العين أكثر.
-- الذئب؟
" ساعدي القائدَة وسأتغاضى عن تهجّم صديقتكِ على قطيعي".
آيثن ثير لم تهجم القطيع،
بل هو.--
بدى وكأن ڤين ديرما تتهكَّم سوكادور، ولولا لم تتأكد لكنها قهقهَت ترفع يدها لأذنها وتعيدُ بعض شعرها الذي تركته حرًا خلفها.
كل هذا كانَ تمويهًا لتركّب السماعات وتشيرَ لآليكساندر أنها على الجهة الأخرى ومستعدَة.
لأنها لا تعلَم هل تم الإيقاع به فتوجّب عليهما أن يلتزمَا هذه الطريقة لبدأ الإتصال.
-- من الجيدُ سماع ضحكتكِ.--
قال لها في السماعات، وفي موقعه استئنفَ تحديد موقعها مجددًا.
-- اتبع الثريَات، فستانٌ ذهبيٌّ مشع أكثر من غيره بسبب الضوء.--
قصدت فستان مرافقتها، وتلك لم تكن صدفة.
-- فتاتي الذكية.
تجعلينَ يداي ترتعشَان وهذا خطرٌ على حياتكِ..
حرفيًا.--
حاولَت أن لا تضحك، وأن تجعلَ الأمر يبدو كأنما تخاطبُ ڤين ديرما.
-- علينا إكمالُ المهمة حبي، حاول أن لا تقتلني عندمَا تسدّد.--
-- اقتربِي من النافذة على يساركمَا.--
-- تحبُّ إصدار الأوامِر صحيح؟--
-- ليسَ بقدرِ ما تحبين ذلك بي.-
تحرّكت وڤين ديرما وهناك عند النافذَة تظاهرت بالبحثُ في حقيبتها، حتى سمعته يحادثها، يده كانت تجذبُ خيط القوس وأصابعه دقيقة على ريشة السهم، عينهُ تحولت للأحمر الداكن.
-- مستعدَة أو خائفة؟--
ابتسمت
-- من الموتِ على يداك؟
البتة.--
رفعت الحقيبة ومن النافذة المفتوحَة استقبلَت السهم بين يديها، ڤين ديرما استعادت الطريق الوهمي الذي جاءَ منه ذلك حتى رأت بعيدًا من أرسله.
استخرجَت لولا رأسه وأخذت ما علّقه فيه، القوارير والخيوطَ الرقيقة، ثم رمته من نفس النافذة، ومن منظاره رآها آليكساندر كأنما هي أمامهُ ترسل له قبلة وتلوح مبتعدة.
الآن سيبدأ العمل الحقيقي بتحرّك لولا للبحث عن سبينوزا.
تقصيهَا بدأ بصورة ذهنية له، تعرّفها على بعض المدعوين واصفة نفسها ورفيقتها في كلّ مرة بإسم برازيلي مستعار وعملٍ وهمي اخترعته :
-- أنا سيسلي كواترو وهذه مارينا اسكودو ونحن مستثمرتانِ لشركة روغن روايال المعروفة في مجال إعادة تكرير النفط ودمج الشباب في خطوط البانتس العالمية، هل سمعتم بها؟ --
كل ذاك كانَ زيفًا، لكن لدحض الشكوكِ بالجهل في مجالٍ مهم كالاستثمار والنفط والشباب والعالم يميلُ جميع من تخبرهم ذلك بأن يقولوا أجل أو يطلبوا منها الشرح مجددًا لأنهم سمعوا ولم يبحثوا عن الأمر جيدًا..
في كل حالة، كان ذلك يفتحُ موضوعًا ويقرّب لولا من إيجاد سبينوزا.
بعد ما يقارب الساعَة اكتشفَت لولا أن هذا الطابقَ منفصلٌ عن ما فوقه وما تحته، كل من هنا بشر ورجالُ أو نساء أعمال صاعدون.
هؤلاء لن يدخلُوا دائرة الشناعَة والفساد التي دخلها السيد سبينُوزا وشاكلته، لن يثقوا بهم ليدخلوهم بينهم حتى..
على الأقل لن يدرجوهم في معارفهم ومجتمعهم السري بعد.
-- ليسَ هنا، لا..
هدفنا ليس هنا بل هناك.--
أشارَت بعيناها للدرجِ الشاسع الذي يتربّع في ردهَة علّقَت على جدرانها السماوية لوحاتٌ لطيورٍ مهاجرة تمرّ على أنهارٍ من الدماء ولوهلة اعتقدَت لولا أنها مجرّد انكسار في ضياء اللوحة، أو أن الرسامَ رغبَ بجعلها بائسَة حدَّ الموت.
لكن سنوات دراستها الفنيَة أفاقتها لما حملَت بعض اللوحَات نزعاتٍ وحشيَة ومشاهد حروبٍ تاريخية وأخرى مبتدَعة.
وها هي مرةً أخرى تجدُ نفسها مسلوبَة كليًا بالامتزاجِ اللوني الذي يحيي أرواحًا أزلية في اللوحات الفنية.
توقفت ڤين ديرما فجأةً فجعلتها تعودُ لواقعهما، كانت المرأة تخزرُ الحركة الغريبة في مدخل الطابق الثاني، الجوُّ أكثر تحفظًا وهناك حارسٌ منمّق يُفرط في إخفاء مراقبته للداخل والخارج غير أن ڤين ديرما لم تغفل عنه.
-- إنه يراقبُ الوجوه.--
همسَت للولا والأخرَى تابعَت ما يجري بهدوء، كانت تنتظرُ آليكساندر على الخط الآخر حيثُ يتواصل مع سوكادور الآن.
أخبره الآلفا أن: -- الفرقة الرابعَة من الكريات قد رصدَت أحد عمليات النقلِ بين مستودعات غرب ريو والمحطة وهم يعملون على إحباطهَا.
أخبر لولا أن عليها الإسراع، لا نعلمَ ردّ فعلهم حين يصل الخبر.--
فتحَ آليكساندر الخط على لولا متوترَة أكثر منه، تخبره في حالتها تلك أن تفكّر بإبعاد المراقب ، غير أن أي احتمالٍ لاكتشافه ما تفعله سيؤدي بكارثَة واشتباهات بها.
-- الآلفا يريد منكِ التحرك، كرياتنا بدأوا في إسقاطِ بيادق العدو ونخشَى ردة الفعل.
جدي طريقَة لإيصاله للنافذة شرقكمَا، وفكري بإبعاد جثته بعد ذلك.--
ما يقترحهُ آليكساندر هو قتل المراقبِ بسهامه، الأمر الذي سيثير جلبة لو حدثَ وسط الحفل..
-- لكن، لا وقتَ لتضييعه..
أنا من عليها دخولُ القاعة، ڤين ديرما لن تستطيعَ تجاوزَ التواصل الإجتماعي.--
-- إذا..
أنا الصيادَة.--
رفعَت لولا عيناها لها، كانت تستمعُ لما يحدُث، هي تعلم أنها تخاطب آليكساندر و كلّ شيء، كادت لولا تقهقهُ على نكتتها السابقة عن أصوات الشياطين.
-- هل أنتِ متأكدة؟
لا أستطيعُ انتظاركِ خارجًا..--
-- ليس عليكِ ذلك.
و ليس علينَا قتله أيضًا.--
استوعبَت لولا سبب رفض ڤين ديرما لنزع قلائدها، إنها آلة مخدّر وسموم تسيرُ على قدمين قويتين، أمسكَت رأسها وأخبرت آليكساندر أن يبقي سهمه على المراقب حتى يرى ڤين ديرما تصطاده، أي تخدرهُ.
-- هل تعلمين كيفَ تستدرجينه؟--
كانت لڤين ديرما قلادةٌ مخفية تربطها بفخذها الأيسر، تصميم الفستان ساعدها على إستخراجِ القطعة شبه معدنية التي تعلّقها هناك، أشهرتهَا أمام لولا وشرحَت بطريقتهَا المبهمة أن هذا ما سيستدرجه.
-- هذا سيكون سريعًا.--
-- جيدٌ إذًا، حاولي إيجادي بعدَ التخلص منه.--
وهكذا و دون إطالة أخرَى، توجّهت ڤين ديرما أولاً نحو المدخل فتحولت عيون المُراقب من القاعة إليها حتى قبل أن تصله.
شاهدتها لولا تضعُ تلكَ القطعة في فمها أولاً، وحين دنَت منه وسألها عن من تكُون وما تفعله في هذا الطابق تحديدًا فتحَت فمها لإجابته..
وبدل أن تخرجَ الحروف انسلَّ من الثقب الذي أحدثه نابها في القطعة من قلادتها غازٌ رماديٌّ يميلُ للأصفر، لكنه تموّه سريعا مع الضوءِ وانشغالَ الحضور في القاعَة بعيدًا عن محيط المدخل.
ما إن لامسَه الغاز حتى تداعَى فأمسكته ڤين ديرما وبقوة ساعديها أبقته معتمدًا عليها وتحرّكت نحو النوافذ، و قبل أن تلتفَّ من الرواق الشرقي رأت لولا تسلكُ المدخل دون عوائقٍ.
الرجل بين يديهَا يهلوسُ شيئًا عن عمله وبأنه لا ينبغي عليه أن يغفو، فهمسَت له
-- عملكَ انتهَى..--
وجدَت لاحقًا بابا بعبارة تشعُّ وتخبو أعلاه، لم يكن هناك من مكانٍ آخر غيره وبينما آليكساندر يراقبهَا عبر منظاره وضعت المراقب أرضًا فزفرَ طويلاً وأكمل هلوسته.
دفعت الباب دون تردّدٍ، الخوف يبدو شعورًا مستبعدا في كيانها، نظرَت لما وجدَت هناك وابتسمَت.
العبارة المعلقة أعلى المدخل كانت:
[ممنوع الدخول غير المرخّص]
وڤين ديرما لن تجيدَ قراءة ذلك.
_______________________
_________
رح أبدأ تعديل الأسماء هنا ثم أنتقل لداكن لذا قد اضطر لإعادتها للدرافتز ويمكن لا ، المهم هذا بيكون السبب فقط لا غير.
لي عجبهم الأسماء شكرا لكم ولي ما عجبتهم رجاءا احتفظوا برأيكم.
أتمنى ما بطول هذه المرة ، علمًا أن سبب تطويلي السابق لا يمكن تحديده حتى.
Love y'all ❤️
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top