« التي تركضُ مع الذئاب.»

اقروا نهاية البارت السابق إذا نسيتوا.

استمتعوا♡

_______________________

________

-- توقف، ستقتلنَا..--

كانت هذه الكلماتُ من ڤين ديرما التي يمكن سماع اختناقهَا ومكافحتها ضد السقوط أرضًا في هاوية الاستسلام له، كلمات جعلت منظر سوكا وهو يحاول تمزيق ما لا يستطيع أحدٌ رؤيته بكل تلك الوحشيَة يبدو أكثر رعبًا، يُدرّ للقلوب قشعريرة وارتجافا.

لكن أي كان ما يحدثُ الآن فإن احتمالية أن يقتلَ ذلك أحدا على يد سوكا حتى ولو كانت ڤين ديرما، احتمالية تركل وعي بروس للتحرك، خاصة وأنه الأقرب مسافة إليه..

عليه المحافظة على مرحلة البيروزا حتى وإن كان الآلفا المعني بها لا يحافظ عليها.

تحول سريعًا في الهواء قافزًا لدفع ذئب سوكا المهول بعيدًا ولو قليلا..

لا يعرف ما يفعله لكنه سيعلمُ أنه نجحَ عندما تتوقف ڤين ديرما على الاختناق، مع أنه في سيناريو آخر كان ليحب رؤية ذلك يحصل.

عندما اصطدمت جمجمته بجانب جسد ذئب الآلفا ارتجف شيءٌ داخله لحقيقة أنه يعارضه ويؤذيه في سبيل ذلك، لكنه حازمٌ، كشر على أسنانه لتشتدّ قوة ساقيه التي تثبتانه.

تزعزع الآخر على غرة ولوهلة بدى غير مدركٍ لما حوله ولا لمن يعودُ الجسد الذي دفعه وعندما هبّ لإبعاد بروس عن طريقه قفزت ميكي على ظهر ذئبه، لا زالت بهيئتها الآدمية وفستان يرفرف كلما ضرب سوكا رأسه لرميها عنه.

تتعلق برقبتهِ وتصرخ به أن يتوقف وإلا ستركلهُ في موقع كليتيه.

-- آليكس افعل شيئًا قبل أن أكسر ظهر شقيقي لنصفين..--
صاحت ميكي وهي كذلك، كان البقيَة يحاولون الاقتراب منه لكن الأمر صعبٌ بتحركاته العنيفة تلك وانتفاضاته اللامتوقعة.

نظر آليكس للولا وهي فهمت ما يريدُ منها أن تفعله، ركضت ورمت ظهرها للخلف في منتصف المسافة لتتزحلق قدميها وثقل جسدها أسفل سوكا..

قد تودّ شكر احترافها للجومباز في ذلك لكنها تعلمُ أن جزئًا كبيرا من مرونتها المُكتسبة كانت بسبب تدريبات جين والبقية والكثير من إصرارها.

-- دانتيه! ذيلكَ على ساقه اليسرى..--

صرخَ آليكس في دانتيه الذي كان بالفعل قريبًا من ساق سوكا اليسرى، كان استخدامه لذيلهِ أقل خطرًا على باقي جسده فإذا سارَت الخطة في طريق مسدود سيستطيع سحبه مبتعدًا.

ابتسمَ ذو الخصلات الليلية الدامسة، وفي لحظَات يكتسي كليًا بذلك الشعر الأسود متحولا لذئب طويل الذيل يلتف كالسوط حول ساق سوكا في نفس الثانية التي تصبح فيها لولا أسفل جسده، تركُل ساقه اليمنى لتفقده توازنه.

يجذبُ دانتيه اليسرى عندما تتدحرج لولا بعيدا في الأرض فيبركُ الجزء الخلفي من ذئب سوكا وتعودُ ميكي للوراء جرّاء سقوطه..

قفز آليكساندر ليسحبها أيضا تجنبًا لفكرة أن يصبح وزنُ سوكا عليها وبروس ثبته أرضًا صعب المراس.

جونغكوك كان على رأس ڤين ديرما، تمسّك بكتفيها عند رؤية إبعادهم لسوكا عن الشيء الذي يتسبب بخنقها ليتأكد مما يجري معهَا..

أخذت عدة أنفاس أخرى، لم تسقط ذراعيها قط أرضا لذا وجههَا الذي لم يخفيه التراب برزت به عروق غريبة الشكل، فبدلَ الشكل المتشعب كأغصان الشجر العارية كانت عروق ڤين ديرما تتبع خطوط عيناها لتلتصق بها..

جانبي ثغرها وترسم طريقا لأذنيها، مجموعة أخرى في ذقنها تنزل إلى رقبتها ثم عظام صدرها البارزة.

مجموعة من جبينها تتساقطُ كالجدائل من رأسها، وكل هذه العروق كانَت تبدو خضراءً أسفل جلدها وليس هناك وقت ليتساءل جونغكوك هل هي خضراءٌ بسبب ذلك أم أنها ستظل خضراءً حتى وإن اكتشفها تحت جلدها.

-- ڤين...--

نبسَ فحسب وقبل أن يكمل الإسم عادت للاختناق، كان ذلك حين رما سوكا بروس بعيدا عنه ووثب ينقضُّ على عدوه اللامرئي مجددًا ومجددًا..

القطيع كان في حالة صدمَة، تشتت بين الواجب فعله ومكانته فيهم، وأثر موت كارولينا لا زال لاذعًا في عقلهم.

هذه المرَة لولا لم تنتظر خطة أو أمرًا بل هاجمته مباشرَة عند رؤية علامات الخطر في وجه ڤين ديرما.

هي لم تفعل شيئًا له، تظن لولا..
يتم ظلمها، تشعر داخلها..

وحينها كانت عيناها قد ابتلعهَا السواد، دكنتُه كقعر محيطٍ لا يمكن الولوج إليه أو آخر نقطَة خُلقت في الكون المهيع.

ماريا حضرت.

وفي حضورها خطرٌ على كلّ ما يمثل الخطر في نظرهَا، صرخَت به ولكمت بيدين تعتصرُ بأسا المكان الواقع بين ظهرهِ وأحشائه فتوجه انتباهه إليها.

في محاولته لمهاجمتهَا خطرٌ على كلاهما، لكنه فعل على كل حال واستخدمَ يده بينما يستدير لضربها بعيدا..

تنزاحُ لولا أو ما هي ماريا الآن بالفعل لكنهَا تعود بغضبٍ أكبر، تمسك رقبته وتقفزُ بطريقة مريعة كأنها تحاولُ كسرها..

واكب آليكساندر سرعتهمَا ليقفز دافعًا لولا معه و يفكّ اشتباكهما، سقطا أرضا وماريا حاولت الوقوف مجددا، حواسها وتركيزها على سوكا لكن آليكساندر شابك ذراعيه حول صدرها وساقيه على ساقيها...

لو يندفعُ فيما يفعله أكثر قد يتسبّب بكسرها لكن ماريا تجعَل ذلك واردا جدا وهي تحاولُ انتزاعه عنها.

-- توقفي، ماريا، إنه سوكا، توقفي..--

نظر آليكساندر لدانتيه الذي يحاول كميكي وبروس إيجادَ حلّ آخر لهيجان سوكا والآن القلق بشأن هيجان ماريا أيضًا.

دانتيه ركضَ إليه، لن يوقفها هذا لكن سيؤخرها بما يكفي.

لفّ ذيله حولها وجونغكوك هرعَ صوبه يساعدهُ في تثبيتها لو كان ذلك ممكنًا يمنحان بذلك وقتًا إضافيا لآليكساندر.

أن يتركهَا ويلتفتَ لمشكلة الآلفا، كان على وشكِ رمي أمرٍ في الهواء لكنه استنتجَ الضعف في هذه الاحتمالية، أن يطيعه سوكا وهو الذي هاجم بروس ولولا للتو.

تنهّد، تحولت عيناه للأحمر مجددا، ندبته واضحَة عندما يعقد جبينه وحاجبيه، لكنه الوخز الطفيف في يده الذي يزعجه أكثر.

ركض بسرعَة جنونية صوب سوكا، عندما رأته ميكي قادم لم تستطع سوى الابتعاد وبروس كان قد حاول إطاحة الآلفا للتو.

يده السليمة وجدت مكانًا في خصر سوكا تندفعُ داخله دون كلل وساقيه ساعداه على التشبث بجسد ذئبه..

أن يؤذيه أقل مما سيؤذيه هذا، كان الجزء الصعب بالنسبة لآليكساندر لأن يداه تحمل لعنة أبناء قابيل، مخضبة بالدماء وجالبة للموت.

يده المصابة بما خلّفه الضباب الأسود أمسكت جانب رأس سوكا، إنه حيث المسافة بين رقبة الذئب وأذنه، هناك تمسك بفروه ليستطيع دفع رأسه بقوة على الأرض.

يصدمهُ بالحصى والتربة فتصعدُ بعضها وترتطم مجددا جانب رأسه، يقلبه كحصان على جانبه ويخرج يده الأخرى من تحته
ليلكم وجهه حيث سيؤلمه الأمر ويجعل وعيه يتذبذب لثوان، عيناه تنغلق وتنفتحُ ليستعيد نقاء رؤيته..

أذني ذئبه تتحركان مع نفضه للشعور، مع ذلك ارتخت ساقيه وتمكن آليكساندر إيقاف عفسه لكاحليه.

للحظَة سكن كل شيء وماريا تدحرجَت خارج المشهد، تعود عيون لولا للطبيعية، أبيض والخشب يحترقُ في حدقتيها.

عند التأكد من ذلك يتركها جونغكوك ودانتيه بهدوء، ڤين ديرما تستعيد أنفاسها ليس ببعيد والقطيع على حاله.

اقتربت ميكي لكن عيون آليكس تحركت باتجاهها تمنعها، لا زالت يديه تمسك بسوكا رغم أنه يستمر في تحريك جفنيه..

جونغكوك لاحظ اليد التي ترسلها ڤين ديرما في صفير الهواء الخالي، تشير أمامها لبقعة ما، بدت لأول مرة منذ لقاءه بها، يائسَة، مضطربة..

ورغم ذلك لا زالت هادئَة من الخارج، ينكسر شيء بعيناك لرؤية جلوسها أرضًا لكن هي لا ينكسر بها شيء.

سار إليها مهرولاً، يكاد جهله بما يجري حوله يخنقُه بينما تتعثر قدميه مرة، يمسكها ويحاول مساعدتها على الوصول للمكان الذي تشير إليه.

يدها أزاحته بينما تنزلقُ أرضا مجددا بعد الخطوات القليلة التي خطتها معه، ركبتيها لامسَت التراب، عيناها نظرت مرة لذئب سوكَا الذي يعرقله آليكساندر ويمنعه عن الحراك.

كانت العروق الخضراء التي أرهبت جونغكوك والبقية تنحصرُ ببطء مقيت عن وجهها..

وجهٌ اعتادَ مشابهة الصلادة في صخور الجبال، تزعزع عن شموخه كسفا وتتهاوى كل صخرة بلحظة إلى سفحه.

وجهها الذي صبأت رقبتها ليرتخي جفناها، تضعه في مكان من الفراغ أمامه، شيء ما، كيان لامرئي، أو أنها حقا مجرّد شعوذة..

-- آيثن ثير..--

عاد جونغكوك خطوة للوراء، ترتعدُ فرائصه للحركة الغريبَة التي طرأت على خصلات شعرهَا البربري.

للحظة لم يصدق عينَاه، كان كما يبدو له أن شيئًا ما قد حرك شعرها لكنه لا يراه..

نظر حوله ليتأكد فحسب بأنه ليس الوحيدَ الذي يرى ذلك..

لم يكن، آليكساندر انفرجت عيناه وبروس اقتربَ خطوات دمثة.

دانتيه الذي أبعد ذيله عن لولا، ذئبه الأسود وجدَ صعوبة في الوقوف لثوان وحين فعَل رما ذيله لذلك الحيز تماما..

حيث تضعُ ڤين ديرما رأسها، يتوسّد اللاشيء.

لكنه لم يلمس شيئًا، لم يكن هناك جسد حقيقي ولا ما يفسر ما يحدث.

-- أنا بخير، أنا.. هنا.. واعٍ..
يمكنك إفلاتي الآن، آليكس.--

صوتُ سوكا صدر ينسلخُ عن زمجرات الذئبِ وعويله المتقطع بينما ينسلخُ جسده البشري من بين الفرو واللحم والمخالب.

كانت أنيابهُ المتوحشة تعود للطبيعية لذا كان تحدثه غريبًا وتكوين جملة أصعب، كأنه يقارعُ إصرار ذئبه ليعود، يقارع غضبهُ وغريزته ليهاجم.

جمع ذراعيه لصدره ورأسه ظلت بين يدي آليكساندر لوهلة حتى أحضرَ أحد أفراد القطيع ما يستره..

عندما وقف كانت عيون ڤين ديرما عليه، قاتلة لكن متعبَة ورغم أن رأسها لم يُرفع عن الجسد الذي تضعه عليه، نظرت إليه بذات الوضعية.

-- قد لا أرى ذلك الشيء، لكنني أشعُر بوجوده لذا يستحسَن بكِ شرح الأمر قبل أن نعيد المشهد معًا..

هذه المرة، لن أتوقف!--

سوكا كان يحدثها من منبر قوةٍ يظن أنها لم تعد تسري داخلها، لكن عيناها فقط، ذلك الأخضر فقط، قد يحرقه.

--سوكا كيفَ لك...--

بدأت ميكي حديثا تضعُ يدها على كتفه لكنه أمسكها وأخفاها شطر ذلك الكتف كما كانت، يبتر حديثها ويحميها كالأخ الأكبر الذي عرفته دومًا.

-- نحن لم نعرف كهذا قط..
أتشعر بصوتِ الآلهة بدل أن تسمعه؟
أمميز أنت؟
أم شيطان؟--

آليكساندر أعاد صدى قولها، يستنبطُ إجابة من جملتها الغريبة الموجهَة لسوكا.

-- صوت الآلهة؟
هذا ما وصفتِ به ذاتكِ أيضًا..
هل لها علاقَة بأصوات الحقيقة التي
ذكرتها بالأمس؟
لا، لابد أن يكون.. --

رفعت رأسها أخيرًا، الريحُ حملت شيئا مريبا، غامضَ الوقع في نفوس من هناك، وعلى الجانب حصلت لولا على طنين خافت في أذنها اليسرى..

طنين عادة يرافقُ رغبات ماريا لكنها لم تسمع شيئًا بعد، جعلها تفقد توازنها للحظة، تعود للجلوس أرضا بعد أن حاولَت الوقوف.

قد تكون دورة دمائِها المتدفقة عند استقامتها لكنها لا تظن أنّ هذا كل السبب، دانتيه لا زال بجانبها لذا ظلت تتنفس وتراقب ما يجري من مكانهما غير البعيد لا تعرفُ ما يقلقهَا أكثر.

وما كانت تراه من جهتهَا هو الجهة الخلفية من رأسِ ڤين ديرما، لم تكن ترَى وجهها أو الابتسامة التي تنذرُ بالسبات في الضباب والغموض الذي قد يغلّفه..

كما هي كما الأرض التي قدمت منهَا مرتحلة، كآخر ضوء في الأفق يسقطُ في خط أشجارهم وغاباتهم، لا تعلم ما يكتنفه.

ڤين ديرما تشبه تلك الأرض وذلك الأفق، والشعاع الأخضر في ليلة الشفق.

-- أصوات الحقيقة تُسمَع..
أصوات الآلهَة تكون، أعيش بها فأراها،
لكن أن يُشعَر بها...
هو.. --

التفتت لسوكا في نهاية حديثَها، بالطبع هي تقصد قدرته، تبدو متفاجئَة بها، متفاجئة به.

--لك الفضول، ذئب.
قُل..
ما تشعر في حضرة آيثن ثير؟ --

ويدها تمسكَت بكيان لامرئي تقف على قدميها مستندة عليه فتزيدُهم يقينًا بأنه موجود.

هل يخبرها سوكادور أنه يشعر بضآلته الآن؟
أن قلبهُ يطفو على صفحة ماءٍ مقدس لكنها تتلاطمه كأمواجٍ وعواصف من الغضب لا يزالُ يكافحها ليثنيها.

رغم ذلك شيءٌ به يمنعه من الهدوء، أن يرخي دفاعه ولو لحظة.

شيءٌ به يمقت شيئًا به،
نقيضان تصارعَا جانب جثة شيءٍ ثالث، لا بد له أن يحيى بعدَ كل هذا الموت.

جميع من حولهما قلق، خائف ربما ممّا تسميه بآيثن ثير الذي يبدو أنه هنا لكنه ليس كذلك، وأكثر ما يقلقهم هو ما يستطيع فعله فرد آخر له علاقة بها، بالتأكيد من خلف الحدود كمثلها قوةً.

-- لا تتعالي بالكَلم، كلّ ما أشعر به هو
الرغبَة بقتله، قتلكمَا معا.--

وضعَ آليكساندر يده على كتفه، لا يدري هل يُؤنسه أم يردعه.

نظر ليده ثم لوجهه، لقد رأى حوافَ الخطوط السوداء التي تركها الضباب بها.

ڤين ديرما جلبَت انتباهه لها مجددا.

-- مثالي.--

--أنت لا تبدينَ غاضبة بما فعله
سوكا للتو...--

قالت ميكي في محاولَة لفهم هذا السلوك المسالم الذي لم تعتدهُ هي شخصيًا.

نظرَت لها الآخرى برحابة صدر ووجهٍ فاتن الوقعِ.

-- وهل أتوقّع غيره منه؟--

-- بالطبع لا.--

أجابَها سوكا ثم أشار للقطيع بالمغادرَة، حمل جثة كارولينا والتأكد من البقية داخل الفندق.

ألقى نظرة أخيرة عليهَا وهي تبتعدُ،
وحين فرغ المكان سأل آليكساندر.

-- صديقكِ...
هل هو من ساعدنَا خلف الحدود؟--

نفت سؤاله بعيدًا.

-- ما هو إذن؟ تمام ما تعرفيه، تمام العِلم بما يكونه، ذلك ما أريد.--

حدّد لها فنظرت ليده، المتضررة من الضباب وقالت وكأنها تخاطب شخصًا أبعد منه مكانا، شيئا كمخاطبَة شبح الماضي الذي يرقصُ على شعاع الشمس إلى عيناك.

-- الجهل خطر، لكن..
يا من يحملُ دم قابيل، احذَر ما تريده
من معرفة.--

وكأنها فكّت أحد ألغاز نفسه، الجزء الأسوأ من كل ذلك هو أنها لم تعرفه قبلاً لتكتشف هذا الهوس والرغبة السقيمة التي تتمسك بكيانه كالمخالب والأنياب.

أن تخبره هذا بعد عن أمضَى ليلته في مكتبة أسرار العالم يقرأ كتابًا لم يكن لقبله حظٌ به، ولا وقعت علومه في عقلِ من سبقه عمرًا، كان ذلك أكبر مثال لسخرية القدر حتى أن آليكساندر قهقهَ لذلك الحس الفكاهي.

يجعل الجميع يستغربُه حتى ڤين ديرما، وحين أشارت سبابته للشيء الذي بجانبها نظرًا لوقفتها ووضعية يدها عليه هي نظرت لأبعد مكان تصلهُ في عيناه.

-- لن يدخل الفندق ضيفًا ما دمنا
لا نتعارَف آنستي.
هذه آداب الزيارة. --

--لن تراه..--
همسَت وآليكساندر لوح بيده ليساره حيث يقف سوكادور.

--لا لكن، كما ترين أنتِ..--

--سأكون بالأرجاءِ لأشعر به، بكلاكما.--
حدّد سوكا يرفع ذراعيه لصدره، يعاكسهما، يجذبهما ويستعرضُ قوة عضله وصدره للعيان.

وجهها امتعض وأصدرت صوت همهَمة أقرب للإنزعاج، أول ردة فعلٍ بهذا النوع من طرفها و أول استسلامٍ لم تكُن قد خططت له في خطتها الأكبر.

--أتحدث لكن..
ندخل، طعام، أرتاح، ولا يهاجمهَا هو.--
أشارت لسوكا الذي سقطَ رأسه للجانبِ قترة وسأل ما يحاول الجميع التأكد منه بعد جملتها.

--'يهاجمها'؟
هي؟--

--هي.
آيثن ثير.
الإلهة التي كانا يتحدثا عنها.--

تقصدُ آليكساندر ولولا وحديثهما الذي سبقَ هجوم القطيعِ المخدّر بالأوهام والمخاوف عليهم.

على سوكادور تحديدًا لكنها وكما قالت تتبعُ مبادئا ما، قائمَة على أن قيام القيامَة يقيمُ قيامتها، وأنّ من يطعَن ظهرًا، ذلك الدم المغدورُ يجبُ أن يخنق رقبته.

محاربة أصيلة.
ورفيقتها إله؟

رفع سوكا يداهُ لجانبي صدره، تنهد ورماهما في الهوَاء.

-- حسنًا، الآن أريدُ حقا أن أعرفَ ما تكون.
حصلتِ لنفسك على هدنة، مشعوذة..
لكن ما حصلَ اليوم...--

--إنقاذي لك كرتين.--

رفعت إصبعين تلوحهمَا في وجهه، فتحطم أي تهديد كان سيضيفه لجملته وتحطم الحجرُ عنه فظهرَت من الشقوقُ ابتسامة نبيلة..

لكنها خلف الشقوق، وما خلفَ الشقوق لا يظهر كاملاً للعيان.

-- لندخل.--

أمر لكنه أكثَر تعبا من أن يبدو كذلك، بعد فورة الأندرنالين والقتل التي دخلَ بها تلك وبعد ما حدث مع كارولينا وبعد أن كادَ يكسر مرحلَة البيروزا في سبيل قتلِ إله مزعوم من قبل مشعوذَة خرجَت من خلف الحدود التي لا يخرجُ منها أحد قط سوى الآلاف الذين تظاهرَوا وتوافدوا جماهيرًا للظفرِ بفوز الحرب ضدّ أجداده وأجداد المستذئبين منذُ سنين عديدة وفي سنين عديدة مُرّة علقم.

وهذا فقط مختصرُ ما يحدث معه وما يفكر فيه.

الجزء الآخر هو المعروف سلفًا، معاناته مع منصبه الجديد.

المحاربُ الذي أصبح آلفا.

الحصان الذي عليهِ أن يصبح الملك أيضًا في رقعة الشطرنج العظيمة هذه.

عندما تقدموا للدخولِ كانت لولا أول من فعل، وقفت سريعًا وهرولت للغرفة بالأعلى.

لم يسأل أحد لكنّ ذلك لا يعني أنهم لم يتسائلوا.

هناك في الساحَة كانت هادئة بشكلٍ مقلق لأن ذلك ليس من عاداتها، وكما يرجح أنهَا منزعجَة مما كادت تفعله لسوكا، لا يبدُو ذلك أنه يزعج سوكا أصلاً، ربما ليس بعد.

الآلفا أخذ أحد أفرادِ القطيع على جنب ليسأله عن حال البقية فأجابه الشابُّ الأسمر ذو العيون التي تنتمي للعسل.

-- لم يستطع مخلبُ عدو أن يخدش حتى نافذة هنا، الجميع بخير آلفا ويحاولون تخطي الأمر سريعًا..لأجلك.--

همس آخر كلمَة وسوكا شعَر بأن كتفيه سيسقطان لو سمحَ لنفسه بالتراخي قليلا.

كل هؤلاء يعتمدون عليه لأنهُم ينتمون له، هو الذي لا ينتمي سوَى للمعارك يجدُ أن هذا الجيش يتبعهُ حتى في معركة الحياة التي يفترض به أن يخوضها وحده.

-- حمدًا للرب، أنتم..

آه أين السيدَة سيسي؟--

تجاهلَ الشاب مطلع الحديث، بل أنهُ يكاد يُعمى عن هذا التفصيل أمامَ الآلفا سوكادور.

-- حتى اقتراب الموت لا يمنع السيدة
سيسي عن تحضيرِ الغداء.--

ابتسم سوكا.

-- جيد، أحضر أي شيءٍ جهزته سريعًا لتتسمّم المشعوذة وتخبرنا ما نريد.--

ضرب ظهر الشاب وهو يتخطاهُ ويتوجه للبقية.

جلسُوا في دائرة حولَ كراسي وطاولة أبعدها بروس يرميها بعيدا، لا سبب محدد، ربمَا لم تعجب ذوقه أو أعصابه ويقول

--هيا، هيا، جلوس وبدايَة وشرحًا
مفصلا يليقُ بهذا الفيلم الملحمي الذي نعيشه.--

-- ألم نكن دومًا كذلك؟
حياتنَا ملحمة.
أنظر من يجلسُ معك على نفس الطاولَة.--

قالت ميكي بينما تجلس، يصعبُ القول إن كانت تقصدُ نفسها فقط أم باقي من يجلس الآن بـ'الملحمة'.

جونغكوك أصدرَ صوتًا كالجراء، يحاول تمثيلَ استيائه.

-- نعم أنظر..
شرحٌ مفصل سيكون صعبًا عليها، هي أفضلُ في العمل التطبيقي الصامت.--

مشيرا لڤين ديرما وجالسا جانبها، بروس يقابلهما مع سوكا وميكي وآليكساندر ودانتيه آخر من جلس على يسار ذلك القائد الأعلى.

-- متأكدٌ أنها ستقوم بما في وسعها وأكثر لضمانِ الأمن والأمانة والإيمان بصدق ما تؤمنُ به هي.--

كان تهديدًا عذبا ومنمقًا من لسان آليكساندر السام.

وكانت ڤين ديرما تراقب التحركَات الهادئة لآيثن ثير في المكان خلفهم، لم تخفي ذلك على الأقل.

هذا ما كانت تبحث عنه حولها دومًا منذ جائت معهم، نظراتها التي تثب من زاوية لزاوية كانت لأجلِ إيجادها، ندائاتها وأصواتها أيضًا.

أخذت لحظات طوال ولم يقاطعهَا أحد، كانت تنتظرُ هدوئهم، تركيزهم وليس ظاهريًا فقط، ڤين ديرما كانت تستشعر كل ما حولهَا..

-- الماء، الأرض، الغابة.
ما ينسكب..
ما يلمس..
ما يتنفس..--

مرّ بهم الهدوء سريعًا حتى أوصلهم لمداخلة آليكساندر.

-- سائل، صلب، غازي وما بينهم..
تقصدين حالات المادة؟--

تحركت في مقعدها فتحرّك قلائدها التي تغني تمجيدًا لها، يدها شكلت رقم ثلاثة، تجربتهَا مع جونغكوك أوضحَت لها أن تسميات الأرقام بينهما تحتاجُ لعمل أكثر..
بالطبع ستصلُ لذلك قريبًا بقدرتها العقلية.

-- القمر، أيضًا..
سيلين الذئاب، ما يُشعر به..--

رفعت اصبعًا رابعا فنظرَ المستذئبين هناك لبعضهم، سوكا ميكي بروس ودانتيه.

هذه آلهتهم العريقَة، كل أساطيرهم تحكِي قصص خلقها لهم، وبعد عصور وحتى عندمَا اندثر هذا الدين ظلوا متمسكين بها على أنهَا رمزٌ مقدس لكفاحهم واستمراريتهم.

-- ما الذي يعنيه هذا؟--
قال سوكادور، لا يعجبهُ ما ذكر للتو.

--انصت جيدًا ذئب..--

--أيتها الـ..--

-- ما يُسمع.--

رفعَت خامس أصابعها فكانت كفّها تواجه عيونهُم، حركتها للجانب وعندما تابعوا ذلك كان بإمكانهم رؤيَة هالة من الغبار الغريب الأبيض التي تركتها يدهَا في سابق محلها..

لم تبتعد كثيرًا إلا أن ما يرونه بدَى خياليًا لدرجة تفوق الذهول به، التحديق به والتساؤل عنه.


ورغم أنهم في عالمِ المخلوقات التي يعيشون فيه بالفعل قد شاهدُوا ما يجعل خيالهم واقعًا لكن هذا، من قبلها، كانَ يتدافعُ في عقولهم، يبرق ويرعَد دهشةً.

وكانت الدهشَة دومًا بدايَة ما.

-- ما.. الذي.. فعلته.. للتو..--

كلماتُ ميكي تقطعت على زوايا لسانهَا، تعقد ذراعيها القوية لجانبيها متيبسة.

-- هذه، إذا انصتَ جيدا..
شعرت وتنفست ولمست وانسكبت
جيدًا سترَى.--

-- ما تقولينهُ يبدو كمداعبَة عقل طفل.--

تجهّم بروس يقول، غير أنهُ قد أدركَ أنها لا تمزح ولا تلعب عندمَا كادت تقتله في تدريب الصباح، وللتو عندمَا ارتسمَ مكان يدها أبيضًا.

-- لا بروس..
لا أظنهَا تفعل، قومهَا يعرفون الذرَّة، الأمواج الصوتية، في جعبتهَا سمومٌ ومنومات، صديقها لامرئي سوى لها ولديهَا سرعة وقوة جسدية غير طبيعية.
والآن.. آخر إصداراتها حقل طاقَة ذاتي تفعّله بجهدٍ صغير منها..--

آليكساندر وضّح ما يعلمونه وما لا يعلمون، دانتيه جذبته نقطة الفصل.

-- حقلُ طاقة ذاتي؟--

نظرَ له آليكس ثم أشارَ ليدها التي تريحها على الطاولة وقد اختفَى الغبار بالفعل.

-- مختصرُ العلم والدروس الطويلَة وأعمدتها الفيزيوكيميائية:
حسب علم الطاقَة الذي لا يُعترف به غالبا، للأجسام أغلفة من الطاقة سواء كانت ساكنة أو متحركة، كيف هذا؟
حسنًا، تطلقُ الأنوية مجالاً طاقويا غير مرئي، يتردد عبر الأثير مشكلاً ما يعرف بالهالة حول الأجسامِ والمادة التي تشكلها هذه الأنوية.

يُدعّى أنه يمكن جعلها مرئية بالتركيز المناسب، غالبًا يحتاج سنين.--

--هذا الإختصار؟ --
قال جونغكوك.

--لقد جعلتنَا نرى هالة الطاقة التي
حولَ جسدها.
صحيح؟ --
حدّد آليكساندر له متنهدًا، ثم سألها ليتأكد من نظريته الآن وقد بسّط مفرداته.

فكرت قليلاً ووافقت ما سبق و قيل من قبله.

-- هل هذا ما يفترضُ به أن يجيبنا عن
ماهية صديقتكِ الخفية تلك؟--
كان ذلك سوكا ووجهه يقطرُ تعبا.

هزت رأسهَا فجهّز قبضتيه.

-- تفضلين خنقَ رقبتكِ أو كسرها؟--

ڤين ديرما تفعَل الكثير من الأشياء لأول مرة اليوم، مثلاً أن تضحكَ الآن بكل وجهها، تظهر صفّ أسنانها وصوتها الضخم على مسامعِ من أخذتهم الدهشة مرة أخرى..

شعر سوكَا بإهانة عقب ردها على تهديده بالضحك، لكن كيف لها أن لا تفعَل بنبرته تلك وكل ما مرّا به في يومين أو ثلاثة.

وقبل أن ينفذ تهديده فقط بسبب ضحكتها التي تفجّر أعصابه عصبًا عصبًا هي قالت، كلمة غريبة مثلها في هكذا موقف محتدٍّ بينهما.

-- أن تستغلني..
استغلني.--

نظرَ لها وكأنهُ تعلم النظر للتو، عيناه التي تظلّلها خطوطٌ وآفاق من الغموض تنحسرُ للضوء، النار والنور حولهمَا يشرقُ كالشمس في معركَة أبدية بين ظلامهما ونورهما.

جونغكوك أخذَ يصعّد الموقف بصوتٍ جهور يشبه أبواق الملاعب، بروس أراد إحضار الطاولة التي رماها بعيدًا وكسرها على رأس ڤين ديرما.

الثلاثة البقيَة أخرستهم المفاجأة.

-- ما الذي دهاكِ؟ --

عندما نطقَ سوكا تشكل خطٌّ أحمر يصلُ خديه بأنفه، بشرته السمراء ساعدَت في تمويهه وإخفائه خاصة وأن من يجلسون الآن لن يروه جيدًا أثناء دهشتهم.

-- الإجابة، ذئب:
لا خنق لا كسر، استغلني لإكمال البيروزا..
وما بعد ذلك أيضًا.--

-- كيف تعرفين بشأن مرحلة البيروزا؟ --
آليكساندر سأل يتسرّب توجسٌ من صوته، مخافة أنها تعلمُ أكثر منه حتى على جانبهم من الحدود يقلقه.

ابتسَمت ڤين ديرما، سهامُ عيناها على سوكادور.

-- طاقة القمر والنهر والغابة تحركت
يوم قدمتُ.

ألم تفكّر بذلك؟--

نظرُوا لبعضهم بحيرة أكبر، لم يمرّ ذلك التساؤل تاركًا أحدا منهم.

-- قال إرايدَا أن أبرزها طاقة الغابة...--
أضاف بروس يمسحُ ذقنه.

-- طاقة الغابة حية أكثرَ مما تحسبون.
لديها عدة مصادر.. --

أغمضت عيناها لوهلَة ثم فتحتها والأخضر اللاطبيعي فيهمَا أضحَى يضيء ويأفل كنجمٍ محتضر أو يولد..

تناقضٌ لا يمكن الجزم فيه.

-- آيثن ثير.. غير مرئية..
لأنهَا طاقة خام؟!--

آليكساندر شكلّ الجملة بينما يجف حلقه لهذا الإستنتاج العظيم، عقله الآن، ومنذ أمسه، يتشرب علمًا وهذا يدفعهُ للإنتشاء..

-- أراها لأنني أجيد ما ذكرته..--

ورفعت يدها مجددًا بخمسة أصابع إشارة لما سبق وقالته.

كان سوكا يشعرُ بكيان آيثن ثير وهو يدور في القاعَة، يتصرف بريبة بالنسبة له، غير أنها قد تقدمت إليهم للتو، عيناه خزرت للموقع الذي يستشعر وجودها فيه وڤين ديرما تتبعت عيناه فقط لترى آيثن ثير جانب كرسيها، تجلسُ بجبروتها ذاك وأذنيها تتبع الأصوات حولهم كما تفعل عادة.

-- القمر وهبكَ أحد الدروس لسبب ما،
لكن لأجل البقية..
استغلني.
لتصبح أقوَى، الأقوى.

وإلا هذا كلّ ما ستراه من آيثن ثير،
الشعور فقط.--

-- هذا مستحيل! --

صوت لولاَ تداخل مع جملَة ڤين ديرما، كانت تلتقط أنفاسها كأنها بذلت جهدًا ما، تقعد ورقة في قبضتها وتتكأ على الحائط للحظات.

-- لولا هل أنتِ..--

ميكي بدأت سؤالا مقطوعًا.

-- ما تقولينه مستحيل، وإلا..
كيفَ لي أن آراها؟--

تلك الدروس لدى الأستاذ كوريلي في كلية الفنون جائت بفائدَة قصوى، لولا كانت قد رسمَت ما رأته في الساحة عندما صعدت راكضَة لغرفتها..

أشهرت ورقتها للعيان وآليكساندر اختطفها واقفًا.

بقلم خفيف رسمَت خطوطا تشكلُّ هيئة حيوانية، لا نقاش في ذلك، غير أن تسربات طيفية عديدة تتداخل مع هذا الشكل فتجعلهُ يشابه الخيال الجامح لمخلوقٍ قديم وعظيم..

الأذنين المدببة وشكلُ الفك والأقدام حدّد الأمر يحسم الفرق أن هذا الكيان يشبه الذئب في كثيرٍ من منحنياته و يشبهُ الأرواح التي تطوفُ في العالم اللامرئي في كثير من زواياه.

رفعوا وجوههم عن الورقَة بعد تداولها تباعًا، آخر من حطت بيده كان سوكا، يدٌ على ساق والأخرى تمسكُ بسراب ما لا يمكن له رؤيته سوى وحسب ما قالته ڤين ديرما:

أن ينسكب ويندمج مع محيطِه، أن يلمس كما لم يَلمس من قبل، أن يتنفسّ بطريقة تعرفها هي، أن ينصت لما تسميه هي بأصوات الآلهَة وإلا لن يعرف ما و من هو عدوه حقًا.

هذه الحواس الأربعَة آخرها الشعور، وهو موهبَة سوكادور الأثمن بالنسبة لقطيعه وقائده الأعلَى آليكساندر، لكن..

الأسوأ بالنسبَة له.

والآن وهو ينظر للوافدة من خلف الحدود ويرصد صديقتها التي تتحكم بطاقة الغابة بطريقة ما، ما يشعر به سوكادور أيضًا هو أنه حقا بحاجة لاستغلال وجودِ ڤين ديرما..

علّ أحد أحمال ظهره تنقضي بانقضَاء ترسيمه كآلفا لهذا القطيع الذي يقدم له كل هذا الاعتزاز والجهد.

-- لولا هل لا زلتِ ترينها؟--
آليكساندر سأل من بجانبه تقفُ، عيناها وجسدها مرهقين.

--لا، رأيتها في الساحَة للحظات..
كانت تومض في عيناي وتختفِي، أسرعت لرسمِها مخافة أن أنسَى أي تفصيل.--

فاهت وقبل أن يسألها أحدٌ كيف لها تلك القدرة قالت..

-- أظنّ أنه ماهيتو..
لا بد أنه فعلَ شيئا غريبًا مجددا لأتمكن من رؤيتها.--

جونغكوك قفزَ من مكانه يذكرها.

--في الطائرَة قد جعلكِ ترين شيئا أيضا، تذكرين لـُو؟
من خبرتنا معه، هكذَا حدث لن يفوته..--

ذلك جعلها تجلس في المقعد الذي كان خلفها تمامًا، فارغا، تستذكرُ المشهد الذي رأته في الطائرة.

-- الفتاة التي تركضُ مع الذئاب، إلهِ..
لقد فعل حقًا.--

عيناها على ڤين ديرما والفتى الذي أوصاه سوكا على الطعام قد اختار هذه اللحظَة بالذات ليأتي.

--آلفا، طعامُ ڤين ديرما.--
قال اسمهَا مبتسما وبروس نظرَ له كأنه يلكمه.

-- ماذا؟ لقد ساعدتنا.--

-- لقد قتلت كارولينا!--
صاح بروس والآخر تقدم أكثر.

-- مع كلّ احترامي بيتا، كارولينا خائنَة حاولت قتل الآلفا، لو لم تفعَل هي ذلك لكنت أنا أو أي فرد آخر قد فعله.--

وقبل أن يتحول النقاشُ لشيء آخر سوكا أخذ منه الطبق وشكره يصرفه بعيدًا.

مشى بضع خطوات نحوهَا، وضعه بين يديها ونظر لعيناها.

--كما وعدت..
اخبريها ألا تتجوّل في فندقي كأنه بيت أبوها وتبقى قربكِ.--

هزّت رأسها مع ارتخاءِ جفنيها، أخبرته.

--فكّر فيما ذكرته.--

لم يجبها بعد ذلك وابتعدَ عن المكان تماما، وبروس لحق به أسرع من المتوقع.

أخذ آليكساندر كتفَ لولا يقربها منه، يهمس لها..

--اذهبي واستريحي في غرفتنَا الآن، سألحقكِ بعد قليل.--

رفعت رأسها له بينما يتحاشا الجميع التنصت عليهم كأنّ الأمر ممكن.

-- عليّ أن أعرف كيف رأيتهَا آليكس..--

تحركت يدهُ لشعرها.

-- فعلتِ ما يكفي، للآن.
يمكنني الشعورُ بمدى إرهاقكِ فقط بالاستماعِ لصوتك.--

توقف للحظَة يفكر بما قاله و جملة ڤين ديرما حضرت مع عدة مشاهد آخرى..

"أصوات الحقيقة، انصت جيدًا.."

--ألا تعرفين؟--

ڤين ديرما سألت، يبدو أن الصدمات اليوم لا نهاية لها.

انحنَت لولا للجانب لتستطيع مقابلة وجهها.

-- آه أيتها الإمرأة التي يصرخ وجودهَا حولها..
كيف لكِ ألا تسمعي صوتكِ؟
ليليث تغني عبركِ.--

ثم عم صمت طويلٌ وفي تلك الأمسية عندما تسلل آليكساندر لسرقة عينة دماء من جثة كارولينا كان كلّ ما يفكر فيه هو التشابهُ المرعب بين ماريا والأسطورة المأثورة عن ليليث والتي في عالمهم كانت مجرّد قصص جدات أيضًا..

كالنبؤة التي جعلتهُ هو، الحفيد السابع للاسكندر الأكبر، يحرّر العالم الذي لا يحرّره.

_________________________

______

Hi, ay..

هذا البارت ممكن أغير فيه مستقبلا خاصة كلام آليكساندر عن الطاقة والأنوية لأنني حطيت فكرتي عن الموضوع والتي لست متأكدة إن كانت واردة، لكنها ليست خاطئة من ناحية النظريات الكيميائية.

إذا لم أصحح شيئا فهذا يعني إما أنني وجدتها صحيحة أو أنني قررت أن تكون صحيحة في عالم داكن.

لي مفهمش الكلام أو الأفعال فستتوضح بالقادم لكن كلشي صار مبرر ومنطقي في الرواية.

في وحدة سألتني عن ماريا ولولا، هل هم كيانين منفصلين عن بعض وهل لولا تتحكم بالثانية والجواب هو لا هم مش منفصلين هما مندمجتين مع بعض لدرجة صعب تعرف إذا فعلا لي قدامك لولا أو ماريا حتى العيون لي تتحول سوداء ولي تشير لأنها ماريا ما تمنع أن لولا معك.

ولا ما يتحكمون ببعض ولا يقدروا حتى، النقاط لي تحفز ماريا هي بالذات النقاط لي تحفز لولا يا إما لتغضب يا إما لتنتقم.

أصلا لمفروض ما أفصل أسمائهم لكن حبيت الفكرة وعملتها ولسا حابتها.

___

أتمنى عجبكم البارت وشكرا لكم💜

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top