البارت الرابع


☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆ الفصل الرابع: خلف الستار ☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

مرت الأيام و مرام وحیدة تحاول التأقلم مع عالمها الجديد، تحاول كل جهدھا كي لاتتعارض مع أوامر السیدة جون سن -فهي لم تكن تناديها أمي لقساوتها- و ذاتمرة طلبت السیدة جون سن من مرام أن تكون مسؤولة عن تحضیر مأدبة العشاء وأن تكون فاخرة ، لأن ضیوف مهمین سیأتون اللیلة لرؤية السید جون سن.

طمعافي شراء أحد الصبیة اللذين يقطنون مع مرام في ھذا الجحیم ... و طبعا لیجعلوهخادما بشكل غیر قانوني لأنه قاصر.

و بالفعل تولت مرام بمعونة الأولاد ، إعداد الأطباق كاملة، فمرام كانت من ضمنالأوائل ممن ينهجون میزة الطبخ باحتراف، و لربما كانت ھذه میزتها الخاصة!

بعدما انتهت من إعداد أطباق ،تخترق الحواس -طعما و رائحة و شكلا- قامتبتوزيع المهام على الجمیع ، فمنهم من سیتولى تزيین المائدة ، و منهم منسیتولى غسل الأواني، و من سینقل أدوات الطعام و غیر ذلك من المهام...

أخیراحان الوقت، أتى الضیوف ، كانوا عبارة عن رجال في مثل عمر السید جون سن ، لكن بینهم شاب في مقتبل العمر، كانت تبدوا علیه ملامح الغدر و المكر! كان ينظرإلى مرام بوقاحة، و عندما استلمت المعاطف من الزوار، كان الشاب -اسمه قبیل-قد استأنف دوره إلى أن دخل الجمیع فاختلا بمرام، و ما لبثت المسكینة أناستلمت المعطف المزركش بالألوان الغامقة، و قد كانت مرام تكره ذلك النوع منالملابس فهي و ككل من في عمرھا تأخذ أمر الحیاة ببساطة ، و شعارھا: ابتسم للحیاة تبتسم لك. ذلك أنها تحب الألوان الزاھیة و التي تعبر عن السرور والبهجة..

قام قبیل بإمساك يدھا، مما جعلها تنسحب مسرعة نحو المطبخ ، تاركةالمعطف على الأرض و الشاب خلفها ذو الإبتسامة التي تنم على الوقاحة، و ھوينظر دون انقطاع تدخل أحد العجائز بینما يناديه بصوت شحیح، طالبا منه الدخوليشاركهم الولیمة، و بغض النظر عن ذلك لم يكف عن التحديق بتجاه المطبخ حیثدخلت مرام .

و بعد أن تجمعوا حول الطاولة، أخذ قبیل يفتح مواضیع لا فائدة منها، إلى ان أقبل على مبتغاه قائلا بصوت ساخر مدعیا اللامبالاة .

قبيل:

_ ...ثم منذ متى أصبحت تبیع الفتیات، يا عمي! ھا ھا ھا ..

السيد جون سن:

_ آه، تقصد مرام إذن ... آسف لكنها لیست للبیع ، لكن...ثم أكمل ... يمكنتأجیرھا!

عم المكان فجأة ھدوء مخیف بضع ثوان، ثم كسره جمیع الحاضرين -ما عدى السیدةجون سن لأن لديها بعض الأعمار خارج المدينة - الجمیع و بصوت واحد انفجروضاحكین ، كأنهم يسخرون منه! أو لربما لم يصدقوا!؟تشابكت الأحداث، و لبثت مرام لا تحتمل المزيد من العدوانیة التي تلقاھا صباح،مساء.

انتهت الأمسیة و انبثق جمع غفیر من المسنین نحو الباب -الضیوف -و مجددا كانقبیل آخرھم ، ثم قال في تهكم المتعالي .

قبيل:

_ سید جون سن ... إن لي حديثا مهما معك، فهل يمكنني أن آخذ قلیلا من وقتك؟...

السيد جون سن:

_بالتأكید ، فأنت ابن زبوني الأول ... لما لا؟

فسحب قبیل السید جون سن إلى الداخل و أقفل الباب ، بعد أن طلب من الآخرين عدم انتظاره ؛ بینما كان الإثنین ينظران إلى بعضهما بمكر، و تفاخر، انبثقت منبین شفتي السید جون سن ابتسامة لم يستطع كبحها، إثر توقعه طلب قبیل .

وذلك تسبب في بروز أسنانه المغطاة بالسواد الداكن من شدة استهلاكه السجائر والمخدرات، كأنما غسلها بمعجون من الفحم الشديد السواد، لدى أمست أسنانهتترمد شیئا فشیئا ، ثم قاطعه قبیل مدعیا الحیاء ، و بنبرة متقطعة .

قبيل:

_ ھل ... ھل...ھل تقبل... أنا..آ سیدي...

فتدخل السید جون سن مقاطعا إياه بدوره.

السيد جون سن:

_ قل ما لديك ، فأنا لا أملك النهار بطوله..

و قد انفقعت ابتسامته السخیفة، و الساذجة، و ارتسمت على وجهه ملامح الغفب و العصبیة.

السيد جون سن:

_ ھیا تكلم، ماذا بك يا قبیل؟

قبيل:

_ لا ، أنا فقط أريد أن...

السيد جون سن:

_ تريد أن ماذا ؟..آه، إنها مرام إذا!... أھذا ما يزعجك؟... "ضحك ثم أكمل" ... عزوفها عن
التقرب منك؟! لهذا تريد الإذن مني كي تختلي بها؟...

و لأول مرة تحمر وجنتى قبیل خجلا بصدق، حاول ألا يظهر له ذلك لكن بدون جدوى، فجأة بدأ يتمتم بكلمات غیر مفهومة ، و قد كان الحماس باديا علیه . ثم قاطعه السید جون سن بكلماته الحادة و صوته الغلیظ.

السيد جون سن:

_ ماذا، ماذا؟ ھل ھذا قبیل الذي أعرفه؟..أم أن أحدا غیره قد حل مكانه؟...ثم بماذا كنت
تتمتم قبل قلیل؟...

قبيل:

_ لا...لا شيء ، فقط قلت في نفسي أنك...حقا تفهمني !

و قد بدأ مزاجه يتعكر .

السيد جون سن:

_ كم أنت غريب ھذه الأيام! ..ھل تراك تناولت جرعة زائدة من المخدرات؟..

قبيل:

_ نفس الكمیة التي أوصیتني بها و لا شيء آخر.

السيد جون سن:

_ إذن فقد نالت مرام إعجابك بحق، ھا؟ ...

احمر وجهه مجددا ، لكنه ھذه المرة التفت إلى الإتجاه الآخر بسرعة ، و قالبصوت مرتعش، متقطع و منخفض.

قبيل:

_ أ..أجل ..ھو كذلك ، أجل...

أعادت تلك الكلمات الإبتسامة إلى وجه السید جون سن ، فأخذت أسنانه المتهالكةتطل من جديد. ثم رد علیه دونها أن يكبح سعادته قائلا.

السيد جون سن:

_ و كم ستدفع للساعة الواحدة؟!...

التفت قبیل بدوره دونما شعور.

قبيل:

_ المبلغ الذي يروقك أكتبه على الشیك ھنا...

كان قبیل قد أخرج ورقة شیك من جیبه فقدمها له. و كتب علیها : ٤٥٠٠٠ . ثم قال السید جون سن في تكبر.

السيد جون سن:

_ ھذا فقط ، لأن والدك زبون قديم !...

ثم قاطعه قبیل في غضب عارم.

قبيل:

_ ھل تمزح معي يا سید ؟ خمسة و أربعون ألفا للساعة الواحدة ! لكن ھذا كثیر،ألا تظن
ذلك؟...

السيد جون سن:

_ لا .. مادامت لیوم كامل!..

قبيل:

_ حقا ؟ ھذا...ھذا لطف منك،أحقا ما تقول؟

السيد جون سن:

_ نعم حقا ، و لا تجعلني أبدل رأيي، و لا تنسى أنه إذا عرفت زوجتي فستقتلني!

قبيل:

_ حسنا إذن و متى سألقاھا؟ و أين؟ ...

السيد جون سن:

_ تعال بعد يومین، و ستجد كل شيء جاھزا!...

قبيل:

_ مازلت لا أصدق... ھل أنت جاد حقا؟...

السيد جون سن:

_ قل حقا مجددا و انسى الأمر نهائیا...

قبيل:

_ حسنا، حسنا، فقط لا تغضب يا عمي .

ثم اخترق الصمت المكان مجددا ، و أخذ قبیل ، بخطى واثقة يعبر الممر في اتجاهالباب أملا في أن تخرج مرام من المطبخ لیلقي علیها التحیة بغتة، و لربما لیقول لها بخبث.

قبيل:

_ نلتقي بعد يومین ، يا حلوة!...

أجل ھذا ما كان سیقوله بالتأكید ! لكن و يال تعاسة حظه ، كانت منهمكة في التنظیف ھي و بقیة الأولاد، و كانوا يعدون حفلة وداع لأحدھم -أي الذي تم بیعهلأولئك الرجال - خرج قبیل، و ماتزال عیناه موصدتان بباب المطبخ المهترئ، إلى أنتلاشى خیاله في المصعد نزولا نحو الطابق السفلي- عند سیارته في الموقف- لقدكانت مرام شديدة الإرھاق من التعب.

دخل السید جون سن علیهم في المطبخ، بینما كانوا يحتفلون بضیاء - الواد الذيسیباع- فقاطعهم و أخذ يدور برأسه في المكان كالرجال الآلیین، إلى أن استقرتعیناه على مرام، و قد انتابتها بعض الشكوك حوله ، بالسید جون سن لم يجرؤ يوماعلى مخالفة أوامر زوجته ، و دخول المطبخ ، خوفا من تلك الجملة التي تبدواللجمیع عادية جدا ، لكن مع نبرة من التهديد .

السيدة جون سن:

_ لا تجرؤ على دخول المطبخ ابدا يا عزيزي، حتى و إن لم أكن ھنا!...مفهوم ؟...

فأومأ إلى مرام كي تتبعه إلى الغرفة. انتفضت من مكانها ،و لحقت بالسید جونسن مستفسرت السبب:

مرام:

_ ماذا ھناك سیدي؟!

السيد جون سن:

_ لا شيء ، فقط لا أريدك أن ترھق نفسك ھذه الأيام ، يا ابنتي!...

ابنتي !، منذ متى بناديها ابنتي ، لم يسبق له، طوال المدة التي أمضتها لديهم مرام ،أن ناداھا ابنتي! ترى ماذا يريد ؟ ھكذا ظلت تتساءل في أعماقها ، ترى ما خطبهھذه الأيام؟

مرام:

_ ماذا ھناك سید جون سن ؟...

كررت السؤال،و ھذه المرة بحدة و غضب عارمین، فرد علیها بدوره و في نفس السیاق.

السيد جون سن:

_ قلت لا شيء... فقط تبدين مرھقة بعض الشيء... ثم إنك إذا ما أصابك مكروه ، فمن سیتولى مسؤولیة الأولاد و المطبخ، و زوجتي لیست ھنا؟...

سحبها بقوة من يدھا و أدخلها الغرفة ، ثم أجبرھا على الإستلقاء فوق السرير، وانهال على ضیاء و ھو يصرخ.

السيد جون سن:

_ ضیاء، ضیاء، أين أنت يا ولد...أحضر الكعكة من البراد بسرعة إلى ھنا...

استغربت مرام من ردة فعله المفاجئة و انتابها شيء من الريبة، فلو لا إذ كان ھومن أحضرھا لها، كانت لتأبى تدوقها حتى، فلربما وضع فیها شیئا من المخدرات بغیة جعلها مدمنة كزوجته، أو ما شابه ذلك! لكن السید جون سن أجبرھا على تناول الطبق بأكمله على رغم منها.

■■■■■■■■

في البارت القادم سنعرف كيف ستنجوا مرام من هذا الموقف.

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top