البارت الثالث
أهلا من جديد مع بارت جديد.
☆☆☆☆☆☆☆☆ الفصل الثالث: ما خفي عن الأبصار ☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆
انطلقت السیارة بنا بهدوء، و ما إن تجاوزنا الممر الضیق حتى ضغط السید جون سن، وھو أبي ،على الدواسة و لاحت أطلال المیتم تختفي في الأفق،ومعها أحلامي،وكل ذكرياتي ترفرف و تحوم حول المیتم...
انهمرت فجأة قطرات دمع من عیناي بالتتالي، فخطر ببالي وجه ملاك مشرقا يحجب عني الشمس المنعكسة على الزجاج، قاطعني التوقف الجنوني الذي قام به أبي ، أمام بناء شاھق العلو ، و طلب إلي التقدم بعصبیة ثم اتجهنا نحو المصعد، و قد كان السید جون سن يداعب شعره حینا و حینا آخر يتفقد ساعته الذھبیة البراقة، و المزخرفة بنقوش لیست غريبة عنذھني ، لكني لا أذكر أين رأيتها.
ظللت أحملق فیه باستغراب فهو لیس كما وصفته المديرة لي -شخص لطیف و عطوف و يحب الأطفال حبا جما- فكیف ستكونالأم يا ترى؟ أظنها ربما قد تكون لطیفة ، من يدري!
ظلت الأفكار تتراكم في ذھني طیلة المدة التي أمضیناھا في المصعد، فقد بدت لي كأننا نمضي في رحلة لامتناھیة .
توقف المصعد ھنیهة ثم ضرب على بابه بقوة و تفوه بكلام فاحش لا يجوز لرجل محترم أن يقوله ، ثم اھتز المصعد و راح يشق طريقه نحو الأعلى.
فجأة تسارعت دقات قلبي و انقبضت أنفاسي، ربما ذلك بسبب ضیق حجرة المصعدذات الشكل المربع كصندوق بلاستیكي يكاد يذوب من شدة الحر، خاصة و أن الجو شديد الحرارة في الخارج ، فما أدراك ما بالداخل ، ثوان معدودات ثم توقف مجددا ربما ھو مثلي يحتاج التوقف لیلتقط أنفاسه ھنیهة، لكن يبدوا أننا وصلنا إلى وجهتنا، إلى الطابق الصحیح ھذه المرة ...
مازالت أشعر بالضیق ، و القشعريرة تسري في جسدي ، تقدمت و بخطوات متخاذلة نحو الباب الذي كتب علیه بخط عريض اسم عائلة -جون سن- و الذي أنا على صدد إتمام اسمي به -مرام جون سن- مازال صدى ھذا الإسم يتردد في مسامعي، فقد كنت متشوقة لألتقي بأمي ، "أمي ،أمي، أمي..."
فأناديها بین الحین و الآخر حاولت رن جرس الباب بمشقة نظرا لارتفاعه الشاھق، لكن دون جدوى فیبدو أنه معطل أو ما شابه ذلك ، و طرقت الباب في استعجال و لم يكن صوته مرتفعا بذلك السوء.
برھة ثم انبثق من قاع الشقة الضیقة صوت خشن، مخیف، مدوي، تتبعه صیحات الأطفال ، أطفال! لم يخبرني أحد أن لدي إخوة! أو أخوات!
و من تما تقدم سراب شخص -ولد- لیس بیني و بینه فارق ، كیف لهم ابن في مثل عمري؟ أيعقل أنه توأمي ، ظللت ثابتة مكاني متصلبة من الدھشة .
تقدمت نحوي أمي! السیدةجون سن ، بلحمها و شحمها، في الحقیقة توقعت أن تنهال علي بالعناق ، والصدمة أنها انهالت علینا بالشتائم.
السيدة جون سن:
_ أيها ال... أين كنتما؟ قلت ستحضرھا في الرابعة و النصف و ھا نحن ذي في الخامسة
مساءا. أتظنني آلة لا تمل و لا تكل من العمل لیل نهار...
فوجئت كثیرا مما بدر منها ، من أمي! أمي أنا!؟ و ما زاد حیرتي عزمها على السفر،حیث قالت و ھي تتابع كلامها .
السيدة جون سن:
_ لقد وعدتني بأن تأخذني بعیدا عن ھذه القذارة ، بضعة أيام على الأقل ، بعد أنتحضر ھذه
الشقیة إلى ھنا. لا تقلق فالأولاد سیطلعوھا على قانون المنزل!
قانون المنزل ...! قانون المنزل ...! و ھل للمنازل قوانین تطبق على الفرد الجديد للأسرة حتى قبل أن يتعرف أفراد أسرته! في تلك اللحظة الجامحة ، انهالت على ذھني عدة أسئلة لكن ھل من مجیب عنها؟ طلبت إلي السیدة جون سن أمي التقدم لأتعرف غرفتي التي يستلزم علي مشاركتها مع بقیة إخوتي، تماما كما في المیتم بید أن الغرفة ھنا ضیقة بعض الشيء.
ثم سحبت حقیبتي من بین يدي و دفعتني دفعة خفیفة نحو الغرفة فأقفلت الباب خلفها و بقي معي إخوتي أو من ظننتهم كذلك ، فراحت أمي تفتش بین أغراضي و لمحتها من الجدار المتصدع ، كأنهم كانوا ينبشونها بمخالبهم المتعفنة ، لمحتها تأخذ بعض المال الذي كنت ادخره لسنوات مضت، بدأت أحاول الصراخ بغتة ، لكن من دون جدوى، فلا يخرج سوى صوت مخنوق لا يكاد يسمع ، أيعقل أنني مازلت مصدومة لماحدث لملاك!
و أظن أن ما زاد الطین بلة ھذه الصدمة ھي الأخرى ، لكأنها ما كان ينقصني! أم و أب جشعین، و من يدري كیف ھم الإخوة ، فهذا ما ستعرفني عنه الأيام.
ثم شقت كلمات تلك المرأة مسامعي بكلمات جارحة و مهینة، فما كان مني إلا أن أتربع على الأرض الباردة و أجهش في البكاء .
تقدمت نحوي يد من المجهول، بملمس خشن و صوت جاف مملوء بالفراغ، راح يحط على ظهري حینا و رأسي حینا أخرى ، فنعم الحنان المنبعث منه.
رفعت رأسي لأشهد طفلا بريئا في السادسة من عمره بهذه الحالة المزرية ! ھل يعقل أن أما ستفعل لابنها ما فعلته ھذه المخلوقة عديمة الإحساس ؟
لقد كانت آثار الضرب و الخدوش ظاھرة بشكل كبیر على وجهه و كلتا ذراعیه، أصابني الفضول لأعرف ما أصابه من كدمات، لكن لیس بالید حیلة، فصوتي مبعثر بین صدمات الواقع المر الذي أعیشه، إني حقا لا اتمنا ھذا لأحد حتى لو كان أنا!
بعد أن استعدت رشدي و رتبت أفكاري ، لاحت أطلال المطبخ تظهر شیئا فشیئا ، و ترافقها وجوه غريبة لم يسبق أن لمحتها عیناي، فتقدم كل منهم يقدم نفسه لي معرفا اسمه الكامل! يا للعجب إن أسماء عائلاتهم مختلفة تماما ! أي أن أحدا منهم لیس بأخي أو أختي!
إذا من يكونون ؟ و لماذا ھم ھنا؟ و لماذا تم احتجازي ھنا؟ أھذه طريقتهم في الترحاب!
لو كان صوتي معي لما توقفت عن السؤال، ثم سألوني عن اسمي و ھويتي ، و من باعني! من باعني! ھل ھو جاد! تردد صدى ھذه الكلمة كثیرا في ذھني قبل أن أومئ لهم بحركة من يدي بأنني مريضة و أشرت إلى عنقي فتقدم أحدھم مستهزئا و ھو يقول.
الولد:
_ھل أنت خرساء! مرت علینا ھذه النماذج كثیرا ، تحاولین التهرب كي لا تشقي
معنا!... ها ها...؟!
■■■■■■■■■■
برأيكم كيف ستخرج مرام من هذه الورطة؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top