CH4
اهلااااا
استمتعواااا ولا تنسوااا التفاعل
10فوت+ 60 كومنت
.
.
♡♡♡♡♡
.
.
.
في لحظةٍ مشحونةٍ بالتحدي، تنقضُّ الإرادة على القدر كعاصفةٍ لا تعرف التراجع، ويعلو صوته بأصداءٍ مشبعةٍ بالثقة، لتتردد كلماته في الأفق كأنها توقيع القدر: "إيما ملكي!"
B.K
B. Baekhyun
.
.
تحت قبة القصر التي ارتفعت كأنها سماء أبدية، انبعث الضوء من الثريات الكريستالية، واهنًا كأنما يُحاكي شموعًا تلفظ أنفاسها الأخيرة. الجدران من حولها، بلمساتها الذهبية ونقوشها المهيبة، بدت كأوراق كتاب قديم أُعيدت كتابته بأيدٍ مرتجفة، تحمل ذكريات قصر لم يمت، بل احترق فقط ليبعث في شكل كيان مسخٍ يتنفس الماضي.
دفع الباب الكبير ببطء، وكأن الزمن نفسه يتثاقل أمام القادم. دخل بخطوات تفيض ثقةً، وابتسامة على شفتيه كانت كقوس مشدود جاهز لإطلاق سهمه. في قلب القاعة، جلس الجنرال على عرشه، كرسيه بدا كعرين أسد، وعيناه كصقرين يحدقان بفرائسه، تقيسان كل حركة، كل نفس، وكل كلمة قد تُقال.
وقف القادم أمامه، ونظره كرياح شتوية تحمل معها برد السخرية، ثم انحنى بخفة، لكن كلماته كانت طعنات ملفوفة بورق حرير:
"أهلاً، سيادة الجنرال. أضأت سماء كوريا بعودتك، وكأن الربيع قد استيقظ قبل موعده."
لم يحرّك الجنرال ساكنًا، سوى ابتسامة واهية ارتسمت على شفتيه، كابتسامة جبل يطل على عاصفة تعتقد أنها تستطيع أن تزلزله. أما القادم، فتابع سيره بخطوات محسوبة، كراقص يتحدى خيطًا مشدودًا فوق هاوية، ثم جلس قبالته، نظراته كسيف يلمع قبل أن يغمد في صدر خصمه.
قال، بنبرة تحمل في طياتها نارًا مغطاة برماد ساخر:
"اعذرني... كنت مستعجلًا، فلم أحضر هدية."
ابتسامة الجنرال اتسعت قليلاً، لكنها لم تكن ابتسامة رضا، بل كإشراقة قمر غادر ليلة ملبدة بالعواصف. رد بصوت أشبه بانفجار بركان خافت، يخبئ حممه لوقت أنسب:
"هدية؟ كلماتك وحدها هدية عظيمة... لكنك، بلا شك، تعلم أن الهدايا الثقيلة غالبًا ما تحمل أثمانًا أثقل."
ساد الصمت، لكنه لم يكن صمتًا عاديًا. كان صمتًا حيًا، كأنه نمر يزحف بينهما بخطوات خفية، ينتظر لحظة الانقضاض. القصر كله بدا وكأنه يراقب المشهد، الجدران تميل بآذان خفية، والثريات تتأرجح كأنها تستعد لإعلان السقوط عند أول شرارة.
في قاعة تلفها هيبة كأنها قلبُ زمنٍ عتيقٍ يخشى التنفس، اقتحم أحدهم الباب بعنف، خطواته كزئير عاصفة تقتلع جذور الهدوء. عيناه كانتا كتنينٍ يبحث عن فريسته، تتقدان بنارٍ لا تخمد، ونظراته الغاضبة كحرابٍ موجهة إلى قلب خصمه. صوته، حين دوّى، كان أشبه بصاعقة تشق السماء:
"أين ابنتي، بيون؟!"
أما الآخر، فقد جلس في مواجهة هذا المدّ الغاضب كجبلٍ صلدٍ تحدى العواصف لقرون. لم تتحرك ملامحه، كأنه منحوتة من صخر لا يعرف الانكسار. على شفتيه ارتسمت ابتسامة باردة، كوميض برقٍ يعري ضعف العاصفة قبل أن تزول. تحدث بصوتٍ كنسمة شتوية تخترق الصدر، تقطر سخرية كزيت يُسكب على النار:
"لقد سبق وسمعت تصريحاتك الأخيرة، أليس كذلك؟ تلك التي أعلنت فيها أنك لا تملك أي نطفة تائهة؟!"
ثم رفع عينيه ببطء، كمن يكشف الستار عن لوحة محفورة على جدار العذاب، نظراته كانت كسهامٍ مسمومة، تخترق غضب خصمه دون أن تُهدر قوتها. تلك النظرات، رغم هدوئها، حملت في أعماقها إعصارًا مكتومًا، وكأنها وعدٌ صامت بانتصار قادم. وحين تحدث، خرجت كلماته كريحٍ قطبية تعبر فراغًا مهجورًا، باردة، لكنها تحمل نصلًا خفيًا:
"إنها بخير... لطالما أنا أتنفس، فهي تحت عيني."
كانت كلماته كجمرة أُلقيت على حقل مشتعِل، والهواء بينهما صار أثقل مما يُحتمل، كأن القاعة كلها تعيش تحت وطأة مشهد عاصف بين جبلٍ لا يتزحزح ورياحٍ لا تهدأ.
اقترب الرجل الغاضب كإعصارٍ جارفٍ يقتلع كل ما يعترض طريقه، وجهه كان لوحةً متوهجةً من الألم والغضب، خطوطه كندوبٍ رسمها البرق على وجه الليل. عيناه تقدحان شررًا كفرسانٍ يحملون سيوفًا مشتعلة، وصوته دوّى كهدير جبلٍ انهار فجأة:
"هل فقدت عقلك؟! هل أصابك الجنون؟! وأنت تعلم أن كلماتك ليست سوى دخانٍ وأكاذيب! إلى متى ستستمر في لعبتك القذرة؟!"
أما الآخر، فكان كجبلٍ جليديٍّ شامخٍ يتحدى عواصف المحيط، لم يهتز، بل رفع رأسه ببطءٍ يشبه حركة السحاب حين يُفسح الطريق لضوء القمر. عيناه، كمرآتين تعكسان شوقًا دفينًا وألمًا عتيقًا، تلاقتا مع نظرات خصمه، وكأنهما تُعلنان حربًا صامتة. عندما تحدث، خرجت كلماته كأنها عزفٌ على وترٍ مشدودٍ بين الحنين والتحدي:
"إلى أن يوحدنا القدر معًا."
كانت الكلمات كخناجر مطلية بالذهب، تخترق الصمت لتترك أثرًا لا يُمحى. بدت كأنها تعويذة قديمة، تحمل معها كل الوعود التي عجز الزمن عن محوها. توقف للحظة، كملكٍ يتأنى قبل أن يصدر حكمه، ثم أضاف بصوتٍ يفيض باليقين:
"لن أسمح لأي قوةٍ في هذا العالم أن تنتزعها مني. ولن أتركها لكم... أبدًا."
كانت كلماته كالرعد الذي يسبق العاصفة، تضرب أعماق المكان وتترك الهواء مُثقلًا برائحة المعركة. الجدران ارتجفت كأنها تحمل عبء هذا الاشتباك بين الحب والتهديد، وكأن القاعة بأكملها أصبحت ساحةً يتصارع فيها القدر مع المستحيل.
في صمتٍ ثقيل كليلٍ أغلق أبوابه على أنفاس العالم، اخترقت ضحكات الجنرال القاعة كعاصفةٍ تجتاح حقلًا ذابلًا. كانت ضحكاته كسهامٍ مسمومة، تُشعل في الفراغ نيرانًا خفية، تحمل في صداها قسوة حكاياتٍ منسية، وصدى زمنٍ لا يرحم من يعاند قانونه.
عيناه، كسيفين مُصلتين، جالتا بين ابنه والمقابل له، وكأنهما يتفحصان لوحةً قديمة تشوهت مع الزمن، أو صورةً أُعيد رسمها بأيدٍ مرتجفة. كان المشهد أشبه بصراعِ مرآتين تعكسان شبحًا واحدًا، شبحًا يرفض الخضوع لجدران النسيان.
نهض الجنرال من مقعده كريحٍ شرسة تنهض من سباتٍ عميق، خطواته تُثقل الأرض كأنها أختامٌ على سفرٍ من غضب. بصوته الذي اخترق الصمت كطوفانٍ يجرف كل ما في طريقه، صرخ:
"أهذا انتقامك، بيون؟!"
أما الآخر، فكأنه تمثالٌ من صخرٍ يتحدى الريح، ووجهه نصف مغمورٍ بابتسامةٍ ساخرة كقمرٍ مشوه غارق في عتمة الغيوم. اقترب بخطواتٍ هادئة، كمن يتحدّى الزمن نفسه، وقال بصوتٍ باردٍ كماءٍ يغرق في أعماقٍ لا تُقاس:
"ربما... ولمَ لا؟"
لكن العاصفة انفجرت بضربةِ العكاز التي شقت الهواء كصوت ناقوسٍ يُعلن انهيار صرحٍ عتيق. سقط الرجل على الأرض كغصنٍ جاف انكسر تحت وطأة الرياح، لكنه لم ينكسر روحًا. نظر إلى الجنرال بكبرياءٍ كمن يحتضن الليل ليُثبت أن الظلام لا يخيف من حمل النور داخله.
الغضب اجتاح الجنرال كحريقٍ في غابةٍ عتيقة، رفع العكاز مجددًا، وضرب به ظهر الرجل وصدره كمن يوقّع بيديه على عقدٍ من الألم. كانت الضربات كوقع الرعد على أرضٍ عطشى، تحفر أخاديدًا عميقة لكنها لا تسلبها صمودها.
وفي ذروة المشهد، انطلق الابن كبرقٍ يضيء سماءً ملبدة بالغيوم، أمسك بالعكاز بكل قوته، وصرخ بصوتٍ أشبه بنداءٍ مكلومٍ في صحراء الصمت:
"أبي! توقف! ما الذي تفعله؟!"
لكن الجنرال، كعاصفةٍ جائعة لا تعرف التراجع، رد بصوتٍ كالجبل الراسخ في وجه الزمن:
"أنا وهو نعلم جيدًا ماذا فعل!"
كانت كلماته كسياطٍ من لهيبٍ، تُلهب ما تبقى من هدوءٍ وهمي. وفي تلك اللحظة، كان المكان شاهدًا على صراعٍ أزلي بين الغضب والندم، بين كبرياءٍ متأصل وحقيقةٍ ثقيلة كالجبال.
في صمتٍ ثقيلٍ أشبه بمقبرةٍ مهجورة، رفع عينيه ببطءٍ كمن يُحدّق في أعماق هاويةٍ لا قرار لها. كان جسده يئن كآلةٍ صدئةٍ نخرها الزمن، لكن روحه وقفت شامخةً كجبلٍ يرفض الانحناء للعواصف. نظراته حملت برودًا قاتلًا، وصوته اخترق السكون كصوت ناقوسٍ يُعلن عن ساعة الحساب:
"انتقام؟! من ينتقم ممن؟ أخبروني، أهو ينتقم منكم بها، أم أنتم تنتقمون منه بها؟ ألم يتسلل الشك إلى قلوبكم للحظة؟ ألم تفكروا أن هذا هو فخّه الأعظم؟ أن يقنع العالم أجمع - والأسوأ، عائلتها - بأن تصدق الأكذوبة، أن تكونوا أنتم، بجهلكم، الحربة التي تخترق قلبها بدلًا من أن تكونوا الحصن الذي يحميها؟"
كانت كلماته تتدفق كتيارٍ جارفٍ يحمل معه كُلّ ما يواجهه، لكنها لم تخلُ من شظايا التعاطف، كمن يضع مرآةً أمام وجوههم ليروا هشاشتهم. أكمل، وكأن أنفاسه تحمل عبق المعارك التي خاضها من أجلها:
"هي ليست مجنونة. بل هي إنسان يحمل ندوبًا أعمق من أن تُرى بالعين المجردة. ومن منا لا يحمل آثار ماضٍ كالجمر تحت الرماد؟ حتى هذه الجدران، مهما تغيرت معالمها، تظل شاهدةً على أصواتٍ دفنت هنا، وشقوقها تحفظ ذكريات الأرواح التي مرت بها. الأرض نفسها تتنفس آلام من عاشوا فوقها، فكيف بإنسانٍ هشّ مثلها؟"
توقف، وكأن روحه تئن مع كل كلمة. ابتلع وجعه، ثم قال بنبرةٍ أهدأ، لكنها مشحونةٌ بألمٍ غائر:
"هي طفلة... طفلة أرهقتها الأيام كغصنٍ هشّ تطاولته العواصف. أرهقتها الحياة وهي تحاول أن تكون السيف الذي يدافع عنها والدرع الذي يحميها، لكنها لم تعد قادرة على ذلك وحدها. والجنون الحقيقي هنا ليس جنونها، بل هو أنتم... أنتم الذين جعلتموها معركةً تُحسم بدلًا من أن تكون سلامًا يُعاش. أما الآن، فلن أسمح بذلك بعد اليوم. أنا سيفها. أنا درعها. أنا الحصن الذي لن يخترقه أحد. لذا، انسوا اسمها، وامحوا ذكراها من ألسنتكم، واتركوها تعيش بسلامٍ بين من أحبوها حقًا. لديها عائلةٌ أخرى الآن... عائلةٌ لم تكتفِ بأن تحميها، بل احتوتها حين تخلّى عنها الجميع."
نهض بخطواتٍ بطيئةٍ متثاقلة، وكأن أعباء الكون بأسره استقرت على كتفيه، خفيةً عن الأعين ولكن ثقيلةً على روحه. لكنه تجاهل ذلك بثباتٍ يشبه جبلاً يشق طريقه بين السحاب. حين مرّ بوالدها، تلاقت نظراتهما. لأول مرة، ارتعشت عيناه للحظة، وكأن ألم الرجل الذي أمامه اخترق دروعه الحديدية. تحدث بهدوءٍ، لكن صوته حمل شفقةً صادقة كنسمةٍ تهدّئ نيرانًا مشتعلة:
"أعلم أنك لم تقصد ذلك... أعلم أن كل ما أردته هو حمايتها، أن تضمها بين ذراعيك كما ينبغي لأي أبٍ أن يفعل. لكن الزمن كان أقسى منك، وكان قاضيًا لا يرحم. وأنا هنا، ليس لأحملك اللوم، بل لأخبرك أنني لن أتركها تواجه هذا العالم وحدها مرةً أخرى."
كانت نظرة الأب مليئةً بالحسرة، كصدى نواحٍ يتردد في وادٍ مهجور. عجز عن النطق، وكأن الكلمات نفسها خانته، فبقي صامتًا يحمل عبء الماضي والحاضر على كتفيه.
وعندما اقترب من الباب، استوقفه ظلٌّ مألوفٌ في الزاوية. هناك، وقف الحارس، وجهه كصفحةٍ خالية، لكنه أثار داخله عاصفةً من الغضب. الرجل الذي كان يُفترض أن يكون درعها، لكنه خان الثقة، لم يعد حاميًا، بل عدوًا خفيًا.
اشتعلت عيناه كنيرانٍ التهمت آخر فتيلٍ لصبره. تقدم نحوه بخطواتٍ سريعة، وقبل أن ينطق بكلمة، انطلقت قبضته لتصطدم بوجه الحارس كصاعقةٍ تمزق سماءً مظلمة. صرخ بصوتٍ انفجر كهدير أمواجٍ غاضبة:
"أيها الخائن! لقد وضعت فيها ثقةً لا تضاهى، وأنت... أنت كسرت تلك الثقة بيديك. ماذا لو لم تجدني يومها؟ ماذا لو لم تلجأ إلي؟ أين كانت ستذهب؟ من كان سيحميها؟!"
توقف فجأة، وكأن شيئًا عالقًا في ذاكرته عاد ليطارد أفكاره. حدّق في الحارس بنظرةٍ تحمل ألمًا وغضبًا لا حدود لهما، ثم مد يده وقال بحدةٍ كالسكين:
"القلادة... أين هي؟"
أخرجها الحارس بصمتٍ، وكأنه يُسلّم دليل إدانته. أمسكها الرجل بقوةٍ، وكأنها آخر رمقٍ من روحها بين يديه. تأملها للحظةٍ، ثم رفع عينيه إليه وقال بصوتٍ باردٍ كالثلج:
"اعتبر نفسك منتهيًا. لم تعد حارسها، ولن أسمح لك بالاقتراب منها أبدًا."
دون أن يلتفت خلفه، خرج من المكان بخطواتٍ تحمل أوجاعًا أعمق مما يراه العالم. ترك خلفه أبًا حائرًا، وحارسًا سقط في هاوية خيانته، وقلادةً بين يديه كأنها شظيةٌ من روحها التي أقسم أن يحميها حتى آخر نفسٍ فيه.
.
.
.
قاد سيارته وسط ليلٍ بدا كأنه لوحة غارقة في سوادٍ كثيف، يلفه صمتٌ مشوبٌ بالوجع، لا يكسره سوى أنفاسه المتقطعة التي كانت تخرج بصعوبة كأنها تحمل معها أوزار روحه المثقلة. أمسك بالمقود بيدٍ بدت وكأنها تقبض على خيوطٍ واهية من الثبات، بينما اليد الأخرى استقرت حول خاصرته، تضغط برفق كمن يحاول إخماد نيران ألمٍ يشتعل داخله. كل حركة كان يقوم بها تشبه رقصةً مؤلمة على حافة الانهيار، لكنه مضى كأن العناد ذاته يدفعه رغم هشاشته.
الطريق أمامه كان كئيبًا، والمصابيح التي تناثرت على جانبيه بدت كأنها نجومٌ انطفأت قبل أن تصل إلى السماء. كل منعطفٍ أخذه كان يضرب بأوجاعه في صميم روحه، لكنه ظل ماضياً، مصممًا على الوصول، كأنه يقود حربًا ضد ذاته قبل أن يقود سيارته.
حين وصل إلى الجرف المطل على المحيط، توقف ببطءٍ شديد، كأن صرير الفرامل هو الصوت الوحيد القادر على اختراق ذلك الليل الثقيل. جلس للحظاتٍ، مغمضًا عينيه كأنما يحاول أن يُطفئ حريق الألم المتصاعد في داخله. أنفاسه كانت قصيرة، متقطعة كأنها حبيبات زجاجٍ تنفلت من بين شفتيه.
فتح عينيه أخيرًا، وحدق في المحيط الذي بدا كأنه مرآةٌ مظلمة تعكس اضطراب قلبه. الأمواج ترتطم بالصخور بعنف، كأنها صرخات مكتومة تتردد بينه وبين العالم. مدّ يده المرتجفة إلى درج السيارة، وأخرج علبة المسكنات التي بدت كأنها صندوق أملٍ صغير وسط عاصفة اليأس. أمسك بها للحظةٍ، يحدق فيها كأنها تحمل وعودًا بالهدوء الذي استعصى عليه. تناول حبة، ثم أخرى، وابتلعها برشفة ماء، يداه المرتجفتان تعكسان عمق الانكسار الذي يخفيه خلف صمته.
نظر إلى الأفق حيث يلتقي البحر بالسماء، تمتم بصوتٍ بالكاد يُسمع:
"لا يمكنني أن أعود إليها هكذا. يجب أن أكون القوة التي تلجأ إليها، لا الضعف الذي يزيد أوجاعها. يجب أن أكون سدًّا لا يُكسر، مهما كلفني الأمر."
---
على الجانب الآخر من المدينة، جلس دونغ في مكتبه، جسده مائلٌ كأنه يُسند ثقل الأفكار التي تنهش عقله. أمامه شاشة الهاتف، تعكس وجهه الشاحب الذي بدا كأنه يحمل ألف قلق. على الطرف الآخر، كان الصوت القاسي يتحدث بنبرةٍ باردة كحدِّ السكين، يخترق أعصابه دون رحمة:
"أرسل عقد الزواج المزيف إلى جدي. احتفظ بالأصل جيدًا، فأنا لا أريد أي خطأ في هذه المرحلة."
ارتجفت أنامل دونغ، وهو يحاول أن يُخفي توتره، لكن صوته خرج مكسورًا:
"ولكن... جَدّك ليس أحمقًا. سيكتشف الخدعة بسهولة. هذا التصرف قد يُفشل كل شيء!"
الصوت الآخر، كأنه جبلٌ من الجليد، لم يتزعزع قيد أنملة:
"هذا ليس شأنك. نفّذ ما قلته لك، ودع الباقي لي. أنت عليك أن تركز على استكمال أوراق قضية الوصاية. سأكون الوصي الوحيد عليها، زوجها رسميًا، أمام القانون والجميع. لا مجال للتراجع، ولا وقت للتردد."
أنهى الطرف الآخر المكالمة بصوتٍ حاد كإغلاق بابٍ ثقيل، وترك دونغ غارقًا في صمتٍ خانق. ظل يحدق في الشاشة، كأنها أصبحت مرآةً تعكس صورته المهشمة التي بالكاد يتعرف عليها. الجدران المحيطة بدت وكأنها تضيق عليه، كأنها تُطبق على صدره، شاهدةً صامتة على هشاشته، وعلى لعبةٍ لم يكن يومًا مستعدًا لخوضها.
.
.
.
أوقف سيارته في المرآب بخطى مثقلة، كمن يحمل على كتفيه جبلاً من الأسرار والآلام. عيناه تسمرت على الورقة القريبة منه، كأنها عدوٌ يتربص به في صمت، يشدّ عليه قبضة التوتر. كانت الورقة أشبه بجمرةٍ خافتة، تخبئ تحت رمادها نارًا قد تشتعل في أي لحظة. التقطها بيدٍ مرتعشة، وعقله يبحث بيأس عن طريقة تجعلها تؤدي غرضها دون أن تثير شكوكها أو تجرح طمأنينتها. زفر أنفاسًا ثقيلة، كأن صدره قد ضاق بكل الأفكار التي تطارده، وأخفى الورقة بعناية كمن يخفي جرحًا ينزف بصمت.
زفر بثقلٍ، كأن صدره يتنفس صراعًا داخليًا لا ينتهي، وعاد يرتب ملامحه التي أثقلها الألم، محاولاً إخفاء انهياره خلف قناعٍ من الهدوء المصطنع. فتح باب السيارة، وجرّ قدميه نحو المنزل، والخطوات تبدو كأنها تُحفر في الأرض من ثقلها. تجاوزت الساعة منتصف الليل، وظلام السماء كان يمتد فوقه كوشاحٍ يخنق كل أمل.
لكن فجأة، خانه جسده؛ تلك الساق التي تلقت ضربتها القاسية لم تعد تقوى على دعمه، فانهار للحظة، قبل أن ينتصب من جديد، كجنديٍ يأبى أن يترك الراية تسقط. الألم كان يلتهمه، لكنه قاومه بعنادٍ يُشبه الصخر أمام الأمواج.
وحين عبر عتبة منزله، بدا وكأن الزمن توقف فجأة، كأن العالم بأسره قد جمد في لحظةٍ مشبعة بالدهشة. كانت هي هناك، كأنما استعار الحزن قوامًا وجلس يتأمل السماء عبر الجدار الزجاجي المطل على الحديقة الخارجية. جسدها النحيل استكان في انحناءة خفيفة، كعصفورٍ كسرته ريح الشتاء لكنه يأبى السقوط. ذراعاها التفتا حولها كوشاحٍ خفي يحاول عبثًا أن يدرأ عنها صقيع المشاعر.
النجوم التي أضاءت السماء خلفها لم تكن مجرد أضواء متناثرة؛ بل بدت كأنها دموعٌ معلقة في صفحة السماء، انعكست على عينيها كمحيطٍ سرمدي تختبئ فيه أعماقٌ لا يسبر غورها أحد. ذلك البريق الخافت في مقلتيها، لم يكن سوى شظايا حزنٍ متوهج، كجمرٍ يخبو تحت الرماد، يحكي قصص انتظارٍ وألمٍ صامت يختبئ خلف هدأة الليل.
رغم الإرهاق الذي ألقى بظلاله الثقيلة على جفنيها، ورغم التعب الذي رسم خطوطه على ملامحها، كانت لا تزال تنتظره، كأن عودته هي الوعد الوحيد الذي يعيد ترتيب فوضى روحها ويمنح قلبها سلامه المفقود. كان انتظارها أشبه بميناءٍ يترقب سفينةً عالقة في بحرٍ هائج، لا تعلم إن كانت ستصل لكنها تظل هناك، على يقينٍ رغم كل العواصف.
شعر بشيءٍ عميق ينقبض داخله، خليطٍ مربكٍ من الحزن والحنين، كأنما رؤيتها في هذا الوضع تنزع عن روحه أقنعته الثقيلة وتضعه أمام هشاشته الكامنة. لكنه، وكعادته، تظاهر بالقوة، ارتدى ابتسامةً عريضة، لكن خلفها كان يخفي انهيارًا يتربص عند حافة قلبه، ينتظر فرصةً ليظهر.
قال بصوتٍ هادئ، مشوب بمحاولة بائسة للظهور طبيعيًا:
"تجاوز الوقت منتصف الليل... لماذا لم تنامي بعد؟"
كانت كلماته تبدو كأمواجٍ خفيفة تحاول أن تمسح آثار الرياح العاتية، لكنه أدرك أنها لن تخدع نظراتها المتفحصة، التي كانت تحاول أن تقرأ ما يختبئ خلف صوته وابتسامته.
رفعت عينيها نحوه ببطء، وفيهما مزيجٌ عجيب من الحيرة والقلق، كأنها تسأل بصمت أسئلةً تخشى الإجابة عنها. كان بريق عينيها يحمل شيئًا أعمق من الكلمات، نظرة تبحث عن الحقيقة بين طيات ملامحه المتعبة، تلك التي يحاول جاهدًا أن يكسوها بقناعٍ من القوة الهشة.
شعر بثقل تلك النظرات التي تغوص في أعماقه بلا استئذان، كأنها تقرأ أسراره المخبوءة. لكنه، بتوترٍ صامت، تجنب مواجهة عينيها، متجهًا بخطواتٍ مثقلة إلى المطبخ. أمسك كوبًا، وملأه بالماء، ثم رفعه إلى شفتيه بحركة بطيئة، كأنه يشتري مزيدًا من الوقت، يبحث في تلك الثواني عن خيطٍ يعيد إليه تماسكه.
لكن خلفه، كانت نظراتها لا تزال تحاصره، تُطوّقه كظلالٍ ثقيلة لا يمكنه الهروب منها. كانت عيناها أشبه بمرآة تعكس ضعفه، تلاحقه بأسئلةٍ صامتة، وقلقٍ يتسلل من صمتها ليصبح صوتًا داخليًا يصم أذنه.
بينما كان الألم ينساب في جسده كتيارٍ خفي، يرافقه في كل خطوة، كان يتنفس بصعوبة كمن يخطو على حافة الهاوية. ومع ذلك، أعاد كوب الماء إلى مكانه بحركةٍ بطيئة، كمن يعيد الحجر إلى قلب النهر العاتي ليهدأ. لم يكن يراها فقط، بل كان يشعر بها كأنها موجة صغيرة في بحرٍ عميق، تسرح في صمتها كظلٍ في المساء. وعيناه، اللتان تائهتان بين الذكريات والمستقبل، أخيرًا التقتا بعينيها.
كانت هي، كما لو أنها رسمت من ظلال الليل، تجلس في صمتٍ مرهق، بينما كانت النجوم، التي تناثرت فوق السماء في فوضىٍ متقنة، تعكس انعكاسًا خفيًا في عينيها، كأنها تحمل مع كل ومضةٍ ماضٍ لا يُنسى. تلك النجوم لم تكن مجرد نقاط مضيئة في السماء، بل كانت مرآة لأحلامٍ قد تاهت بين طيات الزمن.
قال بصوتٍ يحمل في طياته بعضًا من سكون الليل، بينما كانت كلماته تتناثر بين الهواء كما لو أنها أصداءٌ بعيدة: "السماء اليوم مليئة بالنجوم... أليست ساحرة؟"
اقترب منها بخطواتٍ هادئة، كما يقترب الفجر من قلب الليل، يقرب المسافة بينهما دون أن يُخرب هدوء اللحظة. وعندما مدد يده نحوها، كانت يداه تلامسان فضاءً تاهت فيه الأنفاس، كانت اللمسة ليست مجرد لمسة، بل كانت وعودًا شديدة الصمت. أمسك يدها برفق، كما يمسك الفجر زهرةً مبللة بندى الليل. همس، وكأن الكلمات تخرج من فم البحر نفسه، كهمسات أمواجٍ رقيقة تتناثر عبر الأفق:
"تعالي... لنشاهدها من مكانٍ أقرب."
كانت همساته تتناغم مع نسمات الرياح التي تداعب وجه الليل. كل كلمة كانت تُسحب نحوها، كأنها تبحر في بحر من الزمن الذي لا ينتهي، وكانت لحظة وجودهما معًا تتسرب في الذاكرة كقطرة ماء تتناثر على حجر قديم، لم تكن مجرد لحظة بل كانت بداية لقصيدةٍ خالدة، تكتبها النجوم على سماءٍ لا تُرى.
عندما وصلا إلى منتصف الدرج، طلب منها أن تنتظره قليلاً، كأنما كان يطلب هدنةً قصيرة من ألمٍ يخنقه دون رحمة. وقف هناك للحظة، يحاول أن يثبت على قدميه المتعبتين، بينما عيناها تتبعه كظلالٍ حائرة، تخشى أن تفقده في أي لحظة. خطواته كانت كأنها تخطّ على الأرض قصيدة من الألم، وصدى تعبها يرتد في أذنيها كهمسٍ ثقيل لا يريد أن يُسمع.
تركها عند تلك العتبة، وتوارى عن نظرها وهو يجرّ نفسه بصمتٍ يشبه هدير بحرٍ يختبئ في عمق الليل. وما إن ابتعد حتى استسلم للألم الذي كان يحفر عميقًا في عظامه. سقط على الأرض كعمودٍ انكسر تحت وطأة الريح، لكنه رفض أن يستسلم تمامًا. كان كمن يجمع فتات نفسه ليعيد تشكيلها، ليقف مجددًا، متشبثًا بروحٍ ترفض الانحناء، ثم عاد حاملاً سترته الثقيلة ووشاحًا ناعمًا، وكأنهما درعان سيحميانها من صقيع هذا الليل، وكأن ذلك دفء كان وعدًا منه بحمايتها مهما اشتدت العواصف.
عاد بخطواتٍ متزنة، وابتسامة خافتة تُخفي وراءها طيفًا من الألم، وقال بصوتٍ وادع:
"اشتريت كتبًا عن النجوم."
كانت كلماته أكثر من مجرد جملة؛ كانت محاولة منه للاقتراب أكثر من عالمها، رغبة صامتة في أن يكون جزءًا من شغفها وأحلامها التي تسكن عينيها. ابتسمت له بخجل، وبدت ابتسامتها كفجرٍ ينبثق على استحياء، توردت وجنتاها كزهرتي جوري مخبأتين بين أكمام الخجل، وكأن تلك الكلمات البسيطة اخترقت كل الحواجز بينها وبينه.
على السطح، أضاء مصباحًا خافتًا، يكاد يكون ظلاً للضوء، حتى لا يبدد سحر السماء. أمسك بيدها برفق، كمن يطمئنها بأن الليل، مهما كان عميقًا، لن يخفي النور الذي يجمعهما. وعند السور المطل على المحيط، كان البحر يهمس بهدوءٍ، متناقضًا مع هيجانه صباحًا، والنجوم تضيء السماء كقلوبٍ صغيرة نابضة بالضوء.
كانت عيناها تتنقلان بين النجوم، تروي له بحماسٍ هادئ أسرارها المخبأة في صفحات السماء، تشير بيدها الصغيرة كأنها تعيد رسم خريطة الكون بأطراف أصابعها. صوتها كان كنسيم الليل العابر، يحمل عبق الحكايات القديمة، ويملأ السكون بسحرٍ لا يوصف. لكنّه، وسط هذا الفيض السماوي، لم يكن يرى سوى ملامحها. كانت هي نجمته الوحيدة، التي تضيء عتمته بنورٍ لا ينطفئ، نجمته التي لو أطبق الكون ظلامًا، ستظل تشعّ في عينيه كالشمس التي تأبى الأفول.
اقترب منها بحذر، كمن يخشى أن يوقظ زهرة نائمة تحت ضوء القمر، وحين لفّ ذراعيه حول خصرها، كانت حركته أشبه بعناق الأرض للسحب، يتشبث بها بخفة المحب الذي يريد أن يحميها من نسمات يناير التي تسللت دون استئذان. سقط رأسها برفق على كتفه، كأنما انسابت روحها إليه بلا إدراك، فيما كانت لا تزال مشغولة بالسماء، تشير إلى نجمة بعيدة، تروي عنها بحماسة خجولة، بينما هو كان يرى نجمته الوحيدة، تلك التي بين ذراعيه، النجم الذي اختزل كل مجرات الكون.
ولكن الألم كان له رأي آخر، يتصاعد بداخله كمدٍّ ثقيل يغمر ضلوعه ويعصف بكيانه. كان أشبه بسكين بطيئة تنخر عظامه بلا رحمة، فجعله ينحني برأسه نحو عنقها، دفن وجهه في عبقها وكأنه يبحث عن ملاذ أخير. استنشق شذاها بعمقٍ، كما لو كان يستعيد أنفاسه التي سلبها الألم. كان وجودها وحده كفيلاً بأن يهدئ العاصفة التي تثور داخله.
ثم، فجأة، انطلقت كلمتها كبرقٍ اخترق سكون اللحظة: "يوم مولدك... سنفعلها. لست مستعدة الآن."
كانت الكلمات كصاعقةٍ أخرجته من غيبوبة ألمه، ليرفع عينيه ببطءٍ نحوها. كانت ملامحه تحمل مزيجًا من الدهشة والارتباك، كأنه لم يتوقع منها أن تنطق بذلك الآن. للحظات، كان الزمن يتوقف عند تلك الكلمة التي باغتته كريحٍ جلبت معها شعورًا لم يكن مستعدًا له.
أما هي، فقد كان خجلها يغمر وجهها كغروبٍ هادئ يلون السماء بحمرةٍ وردية. عيناها هربتا منه سريعًا، تبحثان عن ملجأ بعيد عن نظراته، بينما نبضاتها كانت تتسارع كعصفور صغير في قلب عاصفة.
لكنه، بدلًا من الحديث، شدّ ذراعيه حولها أكثر، وكأنه يحاول أن يزرع طمأنينةً في أعماقها. كان ذلك العناق أبلغ من أي كلمة، وأصدق من أي وعد، يخبرها بصمته أن لا شيء في هذا العالم يضاهي اللحظة التي يجمعهما فيها الأفق.
سكن السطح بلحظة غريبة من السكون، كأن النجوم توقفت عن التلألؤ احترامًا للصمت الذي أحاطهما. كان رأسه مستقرًا على عنقها، أنفاسه هادئة وثقيلة، كأنما وجد في قربها مرسى لبحر ألمه. لوهلة ظنت أن قربه كان تعبيرًا عن شيء أعمق، شيء تحاول فك شفرته، لكنها أدركت فجأة أن جسده كان مستسلمًا لإرهاقه، وأنه قد غفا بهدوء في حضن عنقها.
شهقت بصوت خافت، وكأن صدمة الإدراك ضربتها كبرق في ليلة هادئة. دفعت رأسها قليلاً لتراه، لتتأكد، لكن وجهه الذي كان يغرق في هدوء غريب أكد لها الحقيقة. تمتمت بارتباك، تكاد الكلمات تخرج متعثرة:
"هل... هل كنت نائمًا؟"
فتح عينيه ببطء، كأنما استيقظ من حلمٍ عميق، ينظر إليها بتعبٍ ممزوج بدهشة طفيفة. لكن قبل أن يتمكن من الرد، انحنت برأسها بسرعة، وكأنها ترتكب طقوس اعتذار رسمية، صوتها كان متقطعًا بالخجل:
"عمت مساءً..."
ثم، دون أن تمنحه فرصة للرد، انطلقت راكضة نحو باب المنزل، خطواتها مسرعة كطفلة ارتكبت خطأً في درسها. كانت تركض والحرج يلاحقها كظلٍ ثقيل، فيما كانت مشاعرها تتشابك داخلها، من الحيرة والخجل، وتلاحقها وتطغى على تفكيرها. وقفت عند الباب لحظة، محاولة أن تلتقط أنفاسها، قبل أن تقول بصوتٍ متلعثم، "عمت مساء..."، ثم اختفت داخل المنزل، تسرع الخطى كما لو كانت تحاول الهروب من نفسها، من الكلمات التي خرجت منها دون إرادتها.
أما هو، فقد بقي حيث هو، في مكانه، عاجزًا عن فهم ما يجري.
عندما اختفت عن أنظاره، وابتعدت بسرعة كما لو كانت تهرب من عاصفة داخلية، استقر صمت طويل على السطح. لكن هذا الصمت لم يدم طويلاً، حيث انفجر ضحكٌ خافت من بين شفتيه. كان ضحكه مفاجئًا، غير متوقعٍ، كالرعد الذي يعلن عن عاصفةٍ على الرغم من السماء الصافية. لم يكن الضحك بسبب شيء هزلي، بل كان مزيجًا من الفوضى التي اجتاحت قلبه، من تلك اللحظة الغريبة التي اختلطت فيها مشاعره بين الألم والراحة والارتباك. شعر وكأن صوته هو الوحيد الذي يتحدى السكون، يعبر عن شيء كان مختبئًا طوال الوقت: ضعف مكبوت، وراحة غريبة، وسعادة ضائعة.
أغمض عينيه لبضع لحظات، مستمتعًا بتلك اللحظة القصيرة التي شعر فيها بشيء يشبه التحرر من نفسه. ضحك، ولكن عينيه كانتا تحملان نغمة مختلفة، كانت تراقبها حتى بعد اختفائها، كما لو كانت الكلمات التي خرجت منه تبحث عن إجابة في الفراغ الذي تركته وراءها.
بعد أن هدأت نوبات الضحك، جلس مستندًا إلى السور، يأخذ نفسًا عميقًا ليعود إلى واقعه، حيث بدأ يشعر بأن تلك اللحظة قد تركت أثرًا لم يكن يتوقعه. كان في قلبه حيرة، لكنها كانت حيرة تحمل جمالًا خاصًا، جمال شيءٍ بدأ ينمو، غير واضح المعالم بعد، لكنه كان هناك، يكبر مع كل ثانية تمر.
"أنتِ حقًا شيء ما بين نساء الأرض، بيون إيما." بطرف شفة ارتفع فخرا ليهمس لسكون الليل بحروف كأنها طلقة بقلب الصمت:
"زوجتي!." بينما تغوص حدقتيه بتلك الورقة التي استلها من جيب سترته.
.
.
.
يتبع....
☆☆☆
10فوت + 60كومنت
شو رأيكم في البارت؟
بيكهيون؟
إيما وزلات لسانها؟
الجد؟
جون كي؟
ري؟
دونغ؟
بي كي؟
توقعاتكم؟
أي شيء؟
سلااااام 🌟🌸
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top