عَروس الميراث | 38

عَروس الميراث | JK

اهلاً بكم في الفَصل الثامن و الثَلاثون 🌸

لِنبدأ 🍃

•••

دَخلت آلميرا لِقَصرِ والِدها للتَوِ بعدَما كانت في نُزهَة مع اصدقائِها ، صوتُ ضَجيج العِراك المُستديم بين والديها يَجعلُها تعقدُ حواجِبها لاستقبال الطاقَة السلبيَة كُلّما كانا مَع بعضهما البَعض

والِدُها هادِئ ، لَكن اُمها تحملُ كمًا من الغضب الدفين داخِلها ناحيتهُ لم تستطِع ان تتجاوَزهُ و لو بِمَر السِنين ، حالما ألقت نظرَة خاطِفَة من مدخلِ الصالَة كان شَكلُ المُشير المُترنح يُخبرها انهُ بلا شَك اسرف في الشَرابِ الليلَة

نَظراتُه الي ڤيولا تَحملُ كمًا عاليًا من النَدمِ و هو يُحاول احتواءَ غضبِها و اصلاحَ ما افسدَهُ في الماضي ، اقتَرب مِنها و هي تتراجَعُ الي الوراء تُهدده بالتراجُع و إلا سَترمي عليه مِزهريَة الورود بقربها

- ابتعِد ، اُقسِم انّي سانهشُ رأسَك بِهذه المِزهرَيةِ حالاً..!

كان يَنظُر الي عَينيها و هو يَعتذِرُ بِصدقٍ حينَما نَجحت مَشاعرهُ في التغلُبِ عَلى عِقلانيتهُ و رَزانتهُ بسببِ الثَمالَةِ و قال

- انا اسِف ، دَعينا نَبدأُ صفحَةٍ جديدَة

حَدقت في عَيناهُ و رُغم انقضاءِ الأعوامِ ألا انّها فشلت في نِسيان ما ارتَكبهُ في حَقِها ، تُناظِرَهُ و قلبُها مليئ بالضَغينَة ناحِيتهُ حينما قالَت

- اسِف..؟ على ماذا انت اسِف؟
همم؟

كانت آلميرا تَستمعُ بِحَذرٍ من وراءِ الجُدرانِ تُحاول اشباع فُضولِها ناحيَة الماضي الدفين بين والدَيها ، تُناظرُ تعابير المُشير الذي اخَفض عيناهُ للارضِ حينما واصَلت ڤيولا و هي تقتربُ منهُ توكزهُ من صَدرِه بِغُل

- اسِف على انك خُنت صَديق عُمرك؟ و انتهَكت عرض خَطيبتهُ قبل زِفافها كيّ تأخُذها منهُ ..؟ امّ اسِف لانك اغتصَبت فتاةٍ لم تتجاوز السابعَة عشر حتى تتزوَجها رُغمًا عن ارادتِها فقط لان قلبُها كان مُلكًا لغَيرِك؟

تَسمّرت آلميرا مَطرِحها لما سَمِعتهُ من والِدتها اذ عادَت خُطوَة الي الوراء مُندهشَة ، كانت سَتُكذب ، لَولم يتفاعَل المُشير بالاسفِ مع حَديثِ الفَرنسيَة طلبًا للسَماحِ لَكنهُ بالفعل قَتل كُلّ ذرَة مشاعِر حُلوَة بِداخلها..!

ناظَرتهُ بعدما امتلئت عَينيها بالدُموع و قالَت بنبرةٍ مريرَة

- انت سَمحت لنفسك بالتعاون مع تِلك الشيطانَة ، كيّ تاخذ جُيون منّي و تاخُذني مِنهُ ، تَزوجتهُ بعدما انتهَكت في عَرضي و شَرفي و صَدّق اكاذيبِها بحجة اني اوروبيَة و الانحلالُ لدينا جائِز ، تزوجتهً امام عَيناي بعدَما اجبَرني على حُضورِ زِفافه الذي كنتُ انا عَروسُه ، تَزوجت منهُ يَوم زواجي !! و انا كنتُ مذلولَة لا استطيعُ تبرِئَة نفسي لانك و الجَميع ضِدي ، حتى والِداي!

وقعَت مِزهريَة الورود من بَين يديها ثُمّ مَسحت الدموع التي تَسربت من جُفنَيها بِغزارَةٍ قبل ان تَهمس لهُ بِضعف

- الشئ الوحيد الذي افلحَت فيه ، انك كُنت أب جيّد لالميرا ، انهُ السبب الوحيد الذي يَجعلني اكُن ذرّة احترام لَك ، و إلا ماكُنت لترى وَجهي يومًا!

نَظرت في عيناهُ و رَفضت ان تسمَع تبريراته حينما اخبرتهُ بنبرَة مليئَة بالحِقدِ و الكراهيَة

- المُغتصب يَستحيل ان يَكون يومًا حَبيبًا! و لا زوجًا حتّى

تجاوزتهُ و تابعَت السير ناحيَة الغرفَة حينما صعدت الدرَج ، تركت خَلفها طليقُها يتآكلَهُ تأنيبُ الضَميرِ و ابنتُها التي تستندُ على الجدارِ موسعَة الجُفنين بعدمِ تَصديق لما سَمِعت

والدُها؟ اغتصَب اُمها..!
كيف؟ و لِما؟
اكانت هُنالك علاقة تجمَعُ والد زَوجها بوالدتها؟
الهذا السَبب ، يونهي تَكرهُ ڤيولا و تمقتُها هي كذلك؟

هل اتفق والدُها و والدة زوجها على مَكيدَة كانت ضحيتها والدِتها؟
لَكِن لما..؟ ما ذَنُب فتاةٍ بالسابعَة عشر ان تُغتصَب قبل زواجها؟
مُجَرد التفكيرُ بالمشهدِ البشَع ، جَعلها تكُن ضغينَة للمُشير
اذ كَيف لهُ ان يَكون بتلك البشاعَة..؟

الحُب ليسَ بالإجبار..!

حاوَلت ان تَستجمع شِتاتها و اطرافُها ترتعشُ من الصَدمة ، اهتّز هاتفها بين يدها يُؤكد وصول اتصالٍ من تطبيق الواتساب جَعلها تعرفُ هويته

انهُ زَوجِها

نظرت الي اِسم المُتصل ثمّ جرت خُطواتها الي الخارِج حيثُ الحَديقة ، جَلست على الارجوحَة ثُمّ ردت بِصوتٍ مُرتعش

- اه..اهلاً

عَقد حواجِبهُ حينَما سمع نَبرة صوتِها على غَير المُعتاد
سألها للحظةٍ بعدما جَلس فوق فراشه

- مرحبًا؟ مابه صَوتكِ؟

ارجعَت شعرِها الي الخَلفِ و هي تُحاول استِجماع ما فقدتهُ من نَفسها بداخل القَصرِ و قالَت بنبرةٍ اكثرُ اتزانًا

- ان..انا بخير

لم يُصدِق الخَير ذاك فهو اطلاقًا لا يصلهُ من صَوتِها ، اعتدل في جَلسته اكثَر ثُمّ تكلّم بهُدوء

- هل حَدث لكِ شَئ ؟ يُمكنكِ اخباري ساستمعُ لكِ

لا تظنّ انّ فكرَة مُشاركتهُ حَقيقة ما سَمِعت جيدَة اطلاقًا
هذه اسرار عائليَة تخُص والديها عليها الاحتفاظُ بها لنفسها
لِذا وَضعت كفّ يدها فوق وَجهها تمسحُ عليه بتوتُر

- لا استطيعُ اخبارك بالتَفاصيل ، لكنّي علمتُ شَئ صادِم للتو
ارجوك لا تَسألني عنهُ ، اشعُر انّي تائِهَة جونغكوك
اشعُر انّي اعيشُ وسط كِذبَة..!

رجاءِها لهُ بعدمِ التَطفل جَعلهُ يَتفهم انّها حتمًا تمر بمشاكل عائليَة فذلك الوارد من علاقَة والديها بالتَبني حينما يَلتقيان ، كم من مرَةٍ يشهدُ على خِلافٍ حاد بينهُما لِذلك فضَلت ڤيولا الانفصال و اخَذ آلميرا للعيشِ بعيدًا عنهُ حفاظًا على سَلامتها النَفسيَة

لم يكُن يعلمُ سبب كُره ڤيولا الشديد للمُشير
و بذات الوقتِ ليسَ لديه الحَق في التَطفُل

رَطب شَفتاهُ و قال بعدَما اسنَد ظهرهُ على مُتكئ السَريرِ قائِلاً

- همم حسنًا هل اُغني لكِ لتشعري بالتَحسن؟

كانت مُبادرَة لطيفَة منهُ جَعلتها تبتسِمُ بشكلٍ خافِت للحظاتٍ و هي تُحدق في القَمرِ أعلى السَماء ، لا يسعها الرَفض اطلاقًا فهي تَعشقُ سماع صَوتِه

قامت بالمُوافقَةِ و هو بدأ يبحثُ عن اُغنيَة تتماشَى مع الشُعور الذي يُخالج كِليهما في لَحظةٍ كَمثلِ هذه و لم يَجد افضَل من التي غنّاها للتوِ لَها بِلُغته الكُوريَة السليمَة و هي يُلحن احرُفَهُ بِمثاليَة تامَة جَعلت الاحاسيس تَغلغلُ بداخل عُروق مَن رَفعت عُيونِها للسماء تُشاهد النُجوم و تَتذكّرُ عَينيه

عَينيه السَوداء التي حالَما تلمعُ ، تصبِحُ شَبه السماء الليليَة في اُمسيَة مليئَة بالنُجوم المُضيئَة

تكادُ لا تذكُر مَوقِفًا صريحًا رأت فيه لَمعة عُيونِه
فعيونَهُ دومًا جامدَة تُشبه روحه المُقتولَة
لَكِن..!

الليلَة التي جاء فيها لاخذِها من قصرِ حاكم الخِنجر
كانت مُختلفَة ، حينما احتّل الظلامُ مَمشى كِليهما
تكفَلت عيناهُ بمنحها الانارَة التي تَحتاجُ
حينَما اُضيئَت بشكلٍ ساحِر للغايَة

بطريقَةٍ أشعَلت النُور داخِل صَدرِها
النُور الذي صُوّب ناحِيتهُ هو ، لِتراهُ جالِسًا في مُنتَصفِ قلبِها..!
يَستحيلُ ان تَنسى ، الضوء الذي جَعلها تُدرِك انّ كُل مشاعِرها مِلكه

تَسمعهُ يُغني و تبتسِمُ بِخُفوتٍ و هي تراهُ امامَها جالِس ، تَرى ذات النَظرةِ في عيناهُ المُنيرَة فيتَسللُ الدفئ ليحتضنُ فُؤادِها البارد و يُدفِئَهُ كالسِحر

كانَت كَلِماتُ الاغنيَة كالآتي ~

- الوقوعُ في حُبي لَيس صَعبًا

- تعالي الأن و احتَضنيني كَما انتِ

لَيتها تستطيع..! لَيتها حقًا تستطيعُ التواجُد حَولهُ للركضِ و احتضانَهُ كما هي دُون حاجَة اللجوءِ الي ذاكِرتها التي تخونَها في جَمع عناقاتٍ لا تُذكَر بينهُما

حتى العيشُ على ذكرياتِهما ، لا تُفيد بملئ الشَوق القاتِل
فَكُل ما كان يَدورُ بينهُما ، المشاكل و المزيد منها..!

- بالرُغم من أن مُستقبلنا لازال غَير مُؤكَد

- هذا هو الغُموض الذي اُحِبه

- لما عَلينا الاهتمام باُمورٍ اُخرَى ليست حُبنا؟

- هل يُمكنكِ تَخيُل حياتنا بِدون بَعضنا البَعض؟

- بالطبع يُمكننا ان نستمر بالحُب

- عِندما تبدأين بِحُب شخصٍ اخَر

- عندنا اعتادُ على الحَياة بِدونكِ

- عندما يأتي هَذا الوقت
حينما اتأكد ان النِهايَة هي الخيارُ الأنسَب

- عندها فقط سأترُككِ تَذهبين

خَتم كَلِمات اُغنيتهُ بما جَعل عقلُ آلميرا يسرحُ في اسطُر حُروفه التي نَجحت حُنجرتهُ بجعلها تُحفَة فنيّة ان ظهرت للعلَن لحصد ملايين من المُعجبين..!

سَكتت للحظاتٍ ثُمّ قالَت لهُ بهدوء

- لن ابدأ بِحُب شخصٍ غيرك جونغكوك

اخَفضت بصرِها الي اقدامِها التي تتأرجحُ في الهواءِ ثُمّ تابعَت بنبرةٍ خافتَة

- و انت لن تعتاد على الحَياة بِدوني..!
لانّها قطعًا مُملَة

ضَحِك بخفّة على ثِقتُها التي في مَحلها الصَحيح
حياتهُ كانت سوداء قبل ان تَعود اليها من جَديد و تُعطها الحياة

لم يكُن يهتم ، ان كان سيُقتَل في مَهامِه ام لا
لَكنهُ اصبح اكثر حِرصًا على حَياته..!
فقط كيّ يعود و يجِدُها تنتظِرُه

هي اصبحَت المِحور الذي يُمسك جُلّ امور حَياتِه
المحور الدافئ الذي يُشعِرهُ انهُ يَنتمي لشخصٍ لاولً مرة

احساسُ انك وَحيد لا تمتلكُ انسان يخافُ عَليك او يُقدر وجودَك ، كان قاتِلاً بالنسبَة الي رَجُلٍ لم يذُق طعم الحَنان مُنذ الطُفولَة ، لكنهُ فَعل معها هي

هي التي جَعلتهُ يشعُر بأن الحَياة تستحقُ العيش

- احقًا ، ان كان الحل الانسبُ لعلاقتنا الانفصال
كنتُ سَتترُكني اذهَب للأبد..؟

سألتهُ بعد صَمتٍ دام لفترةٍ بينهُما ، كان هادِئًا و مُتأنيًا في جَوابه الذي قاله بعد لحظاتٍ مُجيبًا

- ان كان الانفصالُ الحُل الوَحيد كيّ أراكِ سعيدَة و بأمان
ساختارَهُ بدون تَردد

كَلامهُ كان قاسِيًا بالنسبَة لِمَن لم تعُد العقلانيَة حلاً مُجديًا مع مَشاعرها نَحوه ، شدّت على اطرافِ اصابعها تتألَمُ لِجَوابهُ الذي جَرح شُعورِها و جَعلها تهمِسُ لهُ بِعتاب

- لِما لا نَبحثُ عن حُلولٍ غير الرَحيل..؟

طَرح انفاسَهُ ببطئٍ ثُمّ أجاب بهُدوء

- لا اضمنُ لكِ نَفسي ، انا مليئ بالعُيوبِ آلميرا ، للحدّ الذي اخافُ عليكِ مني ، ان وَصل بي الحال ان اُؤذيكِ بدلاً من ان احميك ، وحدكِ من ستطلبين الرَحيل

التَزمت الصَمت للحظاتٍ و هي تَستمعُ لِكَلامهُ الذي جَعلها تَبتلع ريقها مُتحدثَة

- عُيوبك ساحتويها ، سنُصلِح ما افسدهُ الزَمن بك و نصبح زَوجين طبيعيين همم؟

كانت واثقَة على عَكِس من ابتَسم بخُفوتٍ ثُمّ اجاب

- أتمنَى ، فانا يأستُ منّي و تعبتُ بدلاً منكِ

قالَت بعدما صَمتت لفترةٍ تُفكر

- حتى ان كان الحَل ان نبتعِد و تأتي اليّ كُل شهرٍ سنويًا
لابأس ، المُهم اننا معًا

عَقد حواجِبهُ مُستغربًا ، مُنذ اشهرٍ فعلت معهُ مشكلَة ضخمَة على موضوعِ الاستقرار الاسريّ الذي سيزعزعهُ البُعد ، لَكنها ادركَت الان ان استقرارَهما هُما يَمكُث في الانفصال الجَسديّ

او على الأقل ، يحتاجان فتراتٍ من الراحَة بين الفينَة و الاخرى لاصلاح الاضرار التي اُحدِثَت بسبب المشاكِل بينهُما

كالآن مثلاً

- اتمنى ان لا نَصل للوقتِ الذي يكونُ زواجنا فيه على المِحك
دعينا نتجاهُل هذه الافكار السلبيَة ، و لديّ ما اخبركِ به

بللت شَفتيها و استَمعت لهُ بحذرٍ حينَما تابَع يقولُ بِهُدوء

- لديّ مُهمة قادمَة ، قد تستغرقُ مني اُسبوعين

انزعجَت مما قالَهُ لكنها لم تُظهر ذلك و قالت مُهمهمة

- لن نتحدث لاسبوعين اليسَ كذلك

هَمس في داخِله و هو يبتسمُ بالخَفاء

- لن نتحَدث بالشِفاه ، سنترُك اعيننا تفعلُ بدلاً

همهم بالايجاب فَزاد حُزنها من فكرَة انسحابه عن تبادل المُكالمات لاسبوعين كاملين ، سَتُقتَلُ من الضَجرِ و تَكرهُ حَياتِها بالكامِل في بُعدِه

اعتادَت على مُحادثته يوميًا..!
بشكلٍ ما ، اصبَح تبادل الكلامِ معهُ مُمتعًا
اكتشفَت ان لديه جوانِب ثقافيَة مُذهلَة
هي المُتعلمَة و لا تعرِفُها

ينقُصه الاندماج مع الانفعالاتِ و المشاعِر ، هو حياديّ في الاحاسيس لا يعرفُ المُزاح و لا الانخراط في الاحاديثِ التي تتطلبُ حُضور العواطِف

يفهمُ لغتين في الشُعور
الحُزن ، و الفَرح

امّا الحَماسُ و الانفعالُ و بقيّة الاحاسيس تلك
لا يعرفُ عنها شيئًا

لا يذكر انهُ تحمس لشئٍ في حياتِه ، رُبما يوم زواجِهما؟
كان سعيدًا ، لَكن ليسَ مُتحمسًا

نَظر الي ساعَة رِسغه فقد حان موعد اجتماعه مع فريقه لاجل التخطيط للخُطّة التي تخصّ المُهمَة

- استاذنكِ ، ورائي عَمل اُنهيه

استَمعت لما قالهُ و تكفلت هي بانهاء الخَط دون الرد عليه تعبيرًا عن انزعاجها ، خبئت هاتفها بداخل جَيب بنطالها الجينز ثمَ اتكئت على ظهر الارجوحة تُحدق في السماء بِصَمت

عاودت تذكر الحِوار الذي دار بَين والديها بِشُرودٍ تام
تُرى هل ذلك الماضي ، لهُ عِلاقَة بما يحدُث بالمُستقبل..؟

•••

وَقف الرائد امام العَقيد الذي قدّم لهُ ظرفٍ بِه عدّة صُورٍ اخرجها من داخِله يتفحَصُ شَكل تِلك الفَتاةِ الموجودَة بِه

دَفع حاجبهُ عاليًا يُناظر العقيد الذي عقد ذراعيه الي صَدره مُتحدثًا

- أليسا كورنفيلد

عاوَد الرائد النَظر في عينيّ الفتاةُ المُلونَة اذ كانت اوروبيَة بشكلٍ واضح ثُمّ رفع عيناهُ مجددا لقائِده يسألهُ باستِغراب

- من تكون هذِه؟ و ما عِلاقتها بالمُهمَة القادمَة؟
انها اوروبيَة! و المهمة في كوريا

ابتَسم العقيد للحظاتٍ ثُمّ قال بهدوء

- أليسا تكونُ سياسيَة معروفَة اكتسحَت مجال السياسَة بِذكائها و سُرعَة بديهتها لي عُمرٍ صغير ، لاسيما ان جَمالها لعب دورًا كبيرًا في جَعلها تتولّى منصبًا مُهمًا في الحُكومَة الفرنسيَة ، اشتغلَت في مجالاتٍ عِدّة و من ضِمنُها انّها فَتحت شركَة عُطورٍ عالميَة تصدرت الاسواق لسنواتٍ على التوالي

دَفع الرائد بلسانهُ ضد جدرانِ وجنتهُ ثم استَفسر

- لستُ مهتم صراحة لاسأل عن حياتها الشَخصيَة ، اُريد ان اعرِف ما علاقتها بِمُهمتي..؟

حدق العقيد به بجديَة ثُمّ تابع

- قبل ان تُهاجم عدوك ، عليك ان تعرف كُل شَئٍ عَنهُ

دفع جونغكوك بِحاجبه عاليًا ثُمّ نطق

- لا تقل لي ان العدو هذِه المرَة اُنثى؟

اومَئ العقيدُ و هو يَستريحُ بظهرِه ضِدّ مسند الكُرسيّ ثُمّ تابع بأسَى

- للاسفِ فإنّ أليسا مُتهمَة بعدَة قضايا تدعمُ فيها الارهاب بشكلٍ خفيّ ، قد تمّ التسترُ عليها كُلّها ، و ذلك بِسَبب

اخرَج صُورَة من الدرَج و وَضعها فوق المكتب امام عينيّ الرائد الذي انتَشلها يُطالع الرَجُل قبالته بِاندهاش

- رَئيس مجلِس النُواب الامريكيّ..؟

قامَ العقيدُ بالايماء لهُ و ذلك جَعلهُ يسكُت للحظاتٍ يُفكر حتّى سمِع المقابل لهُ يتحدث

- سيُقام حَدثٍ ضخمٍ في كوريا الايامٍ المُقبلَة ، و الذي سيدعمُ فيه الماركات العالميَة للمشاهير و من ضِمنها اصداراتُ أليسا للعُطورِ و التي غالبًا انت فَهِمت مالذي اتحَدثُ عنهُ

بلل الرائد شِفاهه ثُمّ جلس امام العقيد مُتحدثًا

- هُنالك تركيبَة في العُطور حتمًا خطر استخدامُها؟

همهمَ العقيدُ و هو يُتابع

- ليسَ كُلها ، انما تستهدفُ فئَة مُعينَة يتمّ من خِلالُها تَخديرُ المعنيين من قبل المنظمَة الارهابيَة ثُمّ تَجنيدِهم لصالِحهم

اخرَج من الدُرج بضع صُور لَمشاهير عالميين وَضعها امامَ الرائد ثُمّ تابَع بهُدوء

- كل هذه الاسماءِ الضخمَة ، كانت ضحيّة للتخطيط الشيطانيّ ، لكنهم لا يستطيعون الحَديث او التصريح لانهُ حتمًا سيتمّ قتلهُم مباشرَة! اما عامَة الشعب فالعُطور التي تُباع لهم تكون سليمَة بالكامِل

نَظر جونغكوك ناحيَة الصُور التي وضحّت لهُ عدّة مشاهير كِبار ، تمتم و هو يقبضُ على اصابِعه بغيض

- يتمّ العبث بعقولهم باستخدامِ العطر كيّ ! يروجوا لانفسِهم من خِلال المَشاهير حتّى يظهروا بصورَة انسانيّة تدعمُ الخير و السَلام!

همهم العقيدُ و هو يحرك رأسه بالايجاب قبل ان ينطق

- للاسف نضمّ منهم الكثير من المجموعات الالكترونية حول العالِم ، يستغلون فيها مُعجبيهم للدُخول كما لو انّها دردشَة يتحدثون فيها عن اعمالِهم الفنيًة ثُمّ ! يتم تَجنيد غالبيتِهم عند تلك المُنضمَة ، لم نستطع الوصول الي تلك المجموعات لانها على تطبيق التيلجرام الذي يدعم الخصوصيَة بشكلٍ كبير ، طلبنا تعاون من المُؤسس و هو رَفض تمامًا تسريبِ المعلومات التي قد تَدعم مُهمتنا في انهاء هذه المهزلَة..!

تَنهد الرائِد بٍخُفوتٍ ثُمّ قام بِوَضع صورَة أليسا امامَهُ رفقَة خاصَة رَئيس مجلس النُواب الامريكيّ يُحدق فيهما بحذرٍ و تَروٍ

مُهمته هذِه المرَة ستكونُ صعبَة للغايَة..!
خصوصًا انّ المُستهدفِ فيها اُنثَى

رَفع عيناهُ الي العقيدِ ثُمّ اومَئ برأسِه و هو يُخزن الصُور في جَيبه

- عُلِم ، ساذهبُ للتجهيز انا و فَريقي

ادًى تحيتهُ العسكريَة ثُمّ غادر المكتَب و هو يُفكِر بِشُرود
كَيف سيتولّى امر هذِه المُهِمَة..؟

لَعِق شَفتيه و دَخل الي السَكنِ حيثُ وجد لاڤينيا هُناك بِجوار زَوجِها الجالِس على كُرسيه المُتحرِك ، استطاع النَجاةِ من الغيبوبَة و استعادَة وَعيه ، لكنهُ لازال لم يتعافى بشكلٍ كُليّ بعد

اقترب يَطمئن على تايهيونغ الذي قام بالايماء بهُ ثُمّ سألهُ بعدما لاحَظ نظراتهُ الجادَة

- هُنالك مهمة جديدة؟

قام الرائد بالايماء فاجتمَع بقيَة الفتيَةِ امامَهُ بعدما كانوا يلعبون بالورقِ فوق طاولَة الاجتماعات، حدقوا بِه باهتمامٍ بالغ

- اين الوجهَة هذه المرَة؟

اخبَرهم بهُدوء

- كوريا الجنوبيَة

نَظر الفتيَة الي بَعضِهم ثُمّ ابتسمَت وجوهِهم بحماسٍ عبّروا من خِلاله

- اي سنستطيعُ رؤية آلميرا؟

نَظرت لاڤينيا اليهم بِحُزن فهي اكثرُ من يشتاقُ لصديقتِها لكنها عاجزَة عن رُؤيتِها ، حَدقت في الرائد الذي توجه ناحيَة طاولة الاجتماعات يضعُ ظرف الصُور فوقَهُ متحدثًا

- دعونا نُركز في المُهم
مُهمتنا هذه المرَة لا تقتصرُ فقط على السِلاح

حَدق جين في صُور أليسا التي جَذبت اهتمامهُ فقام بِحملها و التعبيرِ عن اعجابه قائِلاً

- واااه! من هذه الفاتنَة

ضَربهُ الرائد على مُؤخرَة رأسه ثُمّ خطف الصورَة منهُ قائِلاً بحدّة

- انها خَصمك ايها الخَفيف

نَظر ناحية جيمين الذي تَمتم بصوتٍ خَفيف

- لا احد يُنكر انّها خصمٍ فاتن

حَدقت لاڤينيا في زَوجِها الذي يرغبُ في الاطلاع على تِلك الصُورَة عبر مُحاولة مدّ رقبته للوصولِ الي مستوى الرائد فهو جالِس

قرصتهُ من ذراعهُ بقوّة مُتحدثَة

- هل تريد ان اقتلك؟

حَدق بِها مُبتسمًا ببراءَة فقام بالنَفي

- كنتُ اريد رؤيتها لارى مدى بشاعَة اذواقِهم!

نَظر الرائد ناحيتهما ثُمّ تمتم و هو يُخبئ الصُورَة بالظرف

- حمدًا للرب ان آلميرا ليسَت هُنا

عاود التَحديق في فَريقه ثُمّ شابك يداهُ وراء ظَهرِه قائِلاً

- مُهمتنا هذه المرَة تحتاجُ تدقيقًا و دراسَة اكثرُ من السابِق ، سنستخدمُ فيها العقل بدل القُوّة ، لذلك علينا ان نُدقق في ابسط التفاصيل التي من المُمكن ان تُخرجنا بأقل الخسائِر المُمكنَة

اخفض بصرهُ نحو الصُورة التي رماها فوق الطاولَة امام الفتيَة فتابع

- الخَصم هذه المرة اُنثَى
و لاذكركم ، فكيدُ النساء ليسَ سَهل

اومَئ له هوسوك الذي اتكئ بذراعهُ على كتف جيمين و قال مُبتسمًا

- اجل تمامًا كمثلِ زوجة اخينا آلميرا

رَمقه الرائِد بنظراتٍ سامَة فادرَك حقيقة ما قالهُ و هز اكتافهُ بقلَة حيلَة

- ليسَت هنالك امراةٍ تفوقُ زوجتي في كيدِها
المُهم ، ساُجري بعض الابحاثِ حولها
ثُمّ ساعطيكم الخُطَة

همهم الفيتَة فقام الرائد بالانصراف بعدما طلب منهم الاستعدادُ فالسَفرُ قَريب ، دَخل الي مَكتبِه ثُمّ جَلس على حاسوبِه يقومُ بتشغيله لبدأ مباحِثَهُ

نظر الي هاتِفه حينما وَصلهُ اشعار من الرِوايَة الجديدَة التي بدأت كاتبتهُ في سردها حديثًا ، ابتَسم بخُفوت و قرر ان يَترُكه كمكافئَة لهُ بعد الانتهاء من جَلبِ المعلوماتِ الكافية لِمُهمته

•••

كوريا الجنوبيَّة

نَزلت آلميرا من جَناحِها بعدَما استيقظت على تَمامِ الساعَة الثامنَة صباحًا ، استَحمت ثُمّ لبست تنورَة قصيرَة بيضاء رِفقَة كنزَة صوفيَة زرقاء فاتِحَة اللون ، مَعهما بُوت طويل يصلُ الي مُستوى رَكبتيها

جَلست على طاولَة الافطار رِفقة ڤيولا المُنشغلَة بالتَحديق بالطعامِ و الصَمتُ سائِد ، رأت تورّم عينيها الواضح و ذلك اخبَرها بوضوح انّها قضت الليلَة تبكي حدّ الصَباح بلا شَك

تنهدَت بِحُزنٍ ثُمّ لم تُرد ان تزيد هَمها باسئلتها التي قطعًا لن تكون مُناسبة في وضعٍ حساسٍ كهذا ، خصوصًا ان والدتها حامِل لذا قالَت كأنّها لم تسمع شيئًا

- اين ابي؟

رَفعت ڤيولا عينيها الي الصُغرَى و بدا عليها انّها للتو لاحَظت وجودِها ، اعادت التحديق في طبقها ثُمّ قالَت

- لابد انهُ ذهب الي عمله كالمُعتاد

قامَت بالايماء و تَحفظت بِكلماتِها حينما بدأت تتناول الافطار و هي تُفكِرُ بِصَمتٍ يقودُ الجَلسَة ببراعَة ، وَصلها اشعارٍ على هاتفها فقامَت بحمله لتفقدُه

- مرحبًا سيدتي ، نُعلمكِ ان نتائِج التحليل الخاصَة بالقُرصِ الذي جِئتِ به قَد ظهرَت بالفِعل ، يُمكنكِ المجيئ و استلامه

خالَطتها مشاعِر من السَعادة و التوتر بالآن ذاتِه
قلبُها بدأ يَخفقُ بِعُنفٍ حينَما تخَيلت النتائج بين يديها

تتمنّى ان مَفعولُ ذلك الدواء ليس سلبيًا بالدرجَة التي قَد تُؤدي بِحَياة زَوجِها للمِحَك

وضعت الهاتف ثُمّ نظرت ناحيَة ڤيولا تسألها بلُطف

- امي ، انتِ و يونهي اُم جونغكوك كُنتما اصدقاء من الثانويَة اليسَ كذلك؟

شدّت ڤيولا على ملابِسها من تحت الطاولَة ثُمّ قامت بالايماء بهُدوء ، نَظرت في عينيّ صغيرتِها و هي تحشُر السلطة بين شَفتيها ثُمّ تابعت تَستفسرُ قائلَة

- هنالك سُؤال يشغلُ بالي ، دامكِ صديقتها او كنتِ كذلك فاعلم الان انتُن لستن على وفاق اطلاقًا و صراحَة امراة مِثلُها لا تستحقُ ان تكون صديقتكِ

بللَت ڤيولا شَفتيها ثُمّ وَضعت الملعقَة فوق الطاولَة تُطالعها بانصات

- ماهو سُؤالكِ؟

استَغرقت آلميرا وقتًا في التَفكير ثُمّ كسرت حاجز الصَمت مُتحدثَة

- لِما تقومُ بمعاملة جونغكوك بِهذا السوء ؟ دونًا عن بقيَة اخوته؟ خَمنت انهُ قد جاء غلطَةٍ و هي لا تريد الانجاب بعد ابنها الكَبير ، ثُمّ تراجعتُ عن الفكرَة لان لارين الصُغرَى و هي تُحبها جدًا .. ! اذًا ؟ لما جونغكوك استثناء؟

سُؤالُ آلميرا كان حَساسًا بالنسبَة الي ڤيولا التي اخَفضت نظرها الي طبقها و قامَت باصدار تنهيدَة مُثقلَة ،  اخَذت كأس العَصير تَحتسي منهُ لتبليل حَلقها الجاف ثُمّ أجابَت

- لا اعلمُ تحديدًا سبب استثناءها لِجونغكوك بتلك المُعاملَة ، لَكن هُنالك شائِعات تقول انهُ ليسَ ابن جُيون ، لذا هو غير مُعترف به ضمن ابناءِه و لا يظهرُ في المُناسبات العائليَة و ان فَعل ، يُخرجونَه باسوء صُورَة كيّ يُنفي الناسُ انتماءهُ الي آلِ جُيون

ضَغطت آلميرا قَبضتِها بِقوّة و هي تُطالِعُ عينيّ ڤيولا بِغَضبٍ عجزت عن السيطرَة عليه ، قامَت بالحديثِ بهدوء

- مُستَحيل ، جونغكوك يُشبه والِدَهُ ، انهُ نسخَة من عمي جُيون

هَزت ڤيولا اكتافها قبل ان تُتابع

- الشائعاتُ تقول انهُ ليس ابنه ، و كامراةٍ اعرفُ فيها طباع جُيون جيدًا ، فانا اعلمُ انهُ يمقُت الخِيانَة لاقصَى حَد ، لذلك يُقال انّهُ عَذب زوجتهُ و كَرِهها لسنواتٍ حتى وصل الامر للطلاق لَكِن سُمعة العائلة ستنهار ، فظلّ مُحتفظ بالسِر الدَفين و كان جونغكوك ضَحيّة خِلافهما ذاك

ارتَفع طرف شِفاه آلميرا بسُخريَة قبل ان تقول

- هه ، كرِهها؟ ان كان كذلك لما انجَب منها لارين من بَعد زَوجي

ابتَسمت ڤيولا و هي تُحدق بغضبِ طفلتها و انزعاجها على زَوجِها
مَدت يدها للتربيتِ على ظاهر كفّ صغيرتِها قائِلَة

- انتِ مُتزوجَة الان و تعرفين ان العلاقة الجَسدية لا تَقتصرُ على المَشاعر يا حَبيبتي

اومأت آلميرا بالايجابِ ثُمّ قالَت بغضَب

- حينَما يكونُ الخلاف يُمكن ان يُشفع لهُ
لكن الخيانَة! يستَحيلُ ان اسمَح لهُ بلمسي
ان ارتَكبها في حَقي..!

وافقَتها ڤيولا الرأي و قالَت بينما تَستقيمُ من مَكانِها

- ليسَ كُل الازواجِ سَواء ، عمومًا لديّ اجتماع مُهم علي الانصرافُ حالاً ، ان لم يكن لديكِ فعاليات الليلَة دعينا نَخرُج سَويًا

ابتسمَت لها ثُمّ قامت بالايماء و هي تَتبعُها للخارِج ، عقلُها امتلئ بالتَشوش و هي تُحاول رَبط كُل الاحداثِ ببعضِها

هل حقًا جونغكوك كانَ نتيجَة خِيانة اُمه لِزوجها؟
و لما خانتهُ؟ و هي تُحبه..!

هل يوجد امراة عاقلَة تخون السيد جُيون؟
رَجُل معروف بِوسامته و شَهامته و رُجولتهُ المُفرطَة

لاعجب ان اُمها كانت تُحِبه للغايَة..!
فهو جذّاب بطريقَة ساحِرَة

خَمنت ان تذهب لهُ للشركَة و تُجرِب الحَديث معهُ لربما تستطيعُ ان تجلب منهُ بعض الامورِ المُهمَة التي قد تُفيدها في التَوصُلِ الي حلٍ يُشبع فضولِها

اول ما قامت بِفعله عند الخُروج من القَصر ، انّها ذَهبت الي المختبر لِجَلب التَحاليل ، جَلست بداخل سيارتِها تقرأ النتائِج بقلبٍ صاخِب

في الواقِع..!
مفعولُ تلك الادويَة جَعل عقلُها عاجِز عن الاستيعاب او التَفكير
فاق كُل توقعاتها الممكنَة في التَخمين..!

لم تتوقَع اطلاقًا ، أنّ رَجلٍ كزوجها ، يتّمُ العبثُ به بهذه الطريقَة البشعَة ، و الاسوء من ذَلِك ، أن عقلُها بدأ يستوعِب و يربط الاحداث بشكلٍ جَعلها تضربُ رأسها على المِقوَدِ للتوقف عن التَفكير لانها سَتُجَن..!

تناسَت كُلّ تِلك الاحداثِ و رَكزت على انّ زوجِها في خَطِر
و هي عَليها ان تُنقِذَهُ و إلا..!
لن تكون العواقبُ سليمَة

•••

- سيد جُيون

طُرِق باب مَكتب جُيون الجالِس فوق كُرسيه على مَكتبِه يراجع اخر المُستجدات في عملِه ، مظر الي سكريترَهُ الذي اعلمهُ بأنّ هنالك ضيفَة تنتظِرَهُ

استَغرب لَكِنهُ لم يُمانع دخولها و بِمُجَرد ان دلفت مكتبهُ تفاجئ بوجودها ، استقام من مكانِه فوجدها تقتربُ لاحتضانه بِوديّة فهي تعتبرُه كمثل والدها

- كيف حالك عمي جُيون

بادلها العناقُ بترحيبٍ و قام بالطبطبةِ على ظهرها بلُطف

- الاميرَة جائت! متى عُدتِ ؟ لم اسمع شئ من جونغ

ابتَعدت آلميرا عنهُ بابتسامَة مُجيبَة

- عُدت قبل اسبوعين ، ابي لم يتفرغ اطلاقًا انت تعرفُ طبيعة عمل العساكر

قام بالايماء مُتفهمًا فقد كان باحدِ الايامِ عسكريّ هو كذلك
ابتسَم و اقترب للجُلوسِ في مَكتبه يُشيرُ امامهُ كيّ تجلِس

جَلست امامهُ فطلب لها الضِيافَة ، قابَلتهُ و هي تضعُ قَدمًا فوق اُختها تُناظرهُ حينَما سألها

- تركتِ جونغكوك هناك بمفردِه؟

قَوست شفتيها بأسَى حينما اومأت فسألها مُتابعًا

- لابد ان التعايش مع طبعهِ كان صعبًا عليكِ

نَظرت في عينيه لِلَحظاتٍ ثُمّ قالَت بابتِسامَة باهِتَة

- طِباع جونغكوك صعبَة صحيح ، و كاخصائيَة نفسية اُرشِح أنّ طفولته كانت مأساويَة بلا شَك

بلل جُيون شَفتاهُ فقام بعقدِ اصابعهُ فوق طاولَة المكتب ينظُر اليها بهُدوء

- طفولتهُ مختلفة عن غيرِه بالتأكيد فقد تربى في بيئة عسكريَة منذ ان ولدتهُ امهُ في الثكنَة

همهمت لهُ و هي تجوبُ بعينيها مَكتبهُ الذي وَجدت فيه صُورة عائلية تَجمعهُ بابنه الاكبر و ابنتهُ الصُغرى ، امّا عن زوجتهُ و جونغكوك فهما غير موجودين

عاوَدت التحديق في جُيون مُجددًا و قالت بينما تعتدلُ في جَلستها

- قد تعتبرهُ تطفلاً ، لكنّي فرد من العائلَة دامني زوجة ابنك الان

وجدتهُ يطبطبُ على رأسِها بلُطفٍ قبل ان يقول بابتسامَة وديّة

- انتِ فرد من العائلَة منذ زمن بعيد يا ابنتي

ابتسمَت لهُ حينما وجدتهُ وديًا في التعامُل و ذلك سيسهِلُ لَها استجوابَهُ و قراءة لُغة جَسدِه بِسُهولَة

- شُكرًا لك عمّي..! ذلك لُطف مِنك

سَكتت لِلحظاتٍ ثُمّ تابعَت بنبرةٍ هادئَة

- لا اعلمُ لما جئتُ اليك اليوم ، لكنّي شعرتُ انّي بحاجة لان اُفضفض لشخصٍ من عائلة جونغكوك ، و بالطبع لن يكون هُنالك شخص افضل مِنك

نَظرت في عيناهُ تجدهُ يُنصت اليها باهتِمام فتابعَت

- اعلمُ انك مُتفهم ، و مُتفتح كذلك لِذا ارجوا ان تتفهَم ما جِئتُ لقوله ، في الواقع خلال الفترَة التي عشتها مع جونغكوك ، اكتشفتُ انه شخص حساس على عكسِ ما يُظهرهُ للعالَم ، لرُبما لانك عسكريّ سابِق فانت تُعامله بالقسوَة التي تعلمتها في الجَيش ، لا اعرفُ كيف تربّى اخوتَهُ لَكِن زَوجي حقًا بحاجَة للرعايَة الاُسريَة ، مهما كبُر الانسان فهو لازال يحتاج الشُعور باهتِمام والديه بِه ، يخافون عَليه و يسألون عن حالِه

قام جُيون بالاتكاءِ على مَسندِ الكرسيّ خَلفهُ و قد بان بداخل عَينيه نظراتٍ لم تستطِع آلميرا تفسيرُها ، مَزيج من النَدمِ و الحُزنِ الدفين داخله

كان من الواضح انهُ يُخفي شَئ بِداخِله
شَئ لا يَستطيعُ اطلاقًا الافصاح بِه

اطالت الصُغرى التَحديق بِه تترقبُ رده الذي قالهُ بعد لحظاتٍ من الصَمت

- سيكونُ من المُتأخر ان يَتم الطبطبَة على جُروحه القديمَة
جونغكوك عاش في بيئَة قاسيَة ، قلبهُ متجمَد يا صغيرتي

نَفت الصُغرى برأسها تعترِض ثُمّ قالَت

- صدِقني لم يَفُت الاوان اطلاقًا
انت لازلت تَستطيع ان تَحتويه
انهُ ابنك

ترقَبت ردّ فعلهُ حينما وَصفت زوجها بأبن جُيون تُحاول التأكد من شُكوكِها ، تُناظِرَهُ فَتجدهُ يُخرج سيجارتهُ للتدخَين و التَصرُف ذاته شبهتهُ بالرائِد

صَحيح ، الرائد نُسخة منهُ ، حتى في تصرُفاته..!

الشَوق جعلها تراهُ امامَها في وَجه والِده
ابتسمَت لا اراديًا حتى افاقها جُيون بقولِه

- ساحاول اخذ نصيحتكِ بعين الاعتبار همم؟
شكرًا لكِ

نَظرت في عَينيه فابتَسمت لهُ و هي بداخِلها تتخبّط من الاجابَة المرنَة التي تلقتها منهُ ، لطالما كانت تعرفُ انه بارع في اخفاء احاسيسِه و الان تأكَدت

لم يُظهر اي ردّ فعلٍ او تعابيرٍ تُفيدها في الاستِنتاج

دعاها على العَشاء لَكنها تَحججت فلا رغبَة لها بالالتقاء بيونهي و الاشتباك معها ، عقلها مليئ بما هو أهم مِن تلك الشَمطاء كما تُسميها

رافَقها الي مخرجِ الشركةِ ثُمّ قام بالابتِسام لَها بعدما طلب من السائِق ان يوصلها بنفسه كيّ يتأكد من سَلامتِها

- دَعيكِ من الشُكوكِ فهي ستوصلكِ الي الهاويَة يا حَبيبتي
دامها جائتكِ فُرصَة ازهارُ قلب زَوجكِ ، فَكفّري عن ذنبي بِذلك

لم تَفهم ما قالَهُ اذ لم يُعطها مجالاً للرَد ، تَركها تتخبطُ بِمُفردها بعدما دَخل الي الشركَة و تابَع ما تبقى من اعمالِه و من ضِمنها قد خَصص وقتًا للاتصالِ بالرائِد

دَخل الي الواتساب بعدما جَلس فوق مَكتبه فرأى صُورة الرائِد التي يضعها في البروفايل ، سَكت لكثيرٍ من الوَقت و هو يتذكَر كلام آلميرا

- اعليّ التكفيرُ عن ذَنبي؟ في الاخر لم يتبقى لي الكثيرُ لاعيشه

هَمس يُخاطِبُ نَفسهُ قَبل أن يضعط على زر الاتصالِ ينتظرُ اجابَة من الرائد الذي رنّ هاتِفه و هو يُغير مَلابسه استعدادًا للسفر

حَمل هاتفهُ ظنًا انها آلميرا ، لكنهُ فوجِئ باسم والدَه على الشاشَة
خاف ان مَكروهًا قد جَرى فعائلتهُ لا يتصلون الا اوقات المشاكِل

استَجمع انفاسَهُ و سارع بالرَد عليه مُتحدثًا

- ابي؟ هل هُنالك خطب؟

بلل جُيون شَفتاهُ و هو يُحدق بالمدينَة الظاهرة لهُ من قمّة بُرج شركته العِملاقَة ، سَكت لوقتٍ ليس بالطَويل يستجمعُ شَجاعتهُ قبل الحَديث

- اهلاً جونغكوك ، لا تقلق لم اتصل بك لمشكلَة هذه المرّة

جَلس الرائد فوق سريرَه فدلّك جَبينهُ متعجبًا

- اذًا ؟ هل هُنالك شَئ ؟

كان مُستغربًا من اتصال والده الذي زَرع بداخله الكثير من الشُكوك ، سَمعهُ و هو يقولُ ما صَدمهُ و جمّده كليًا

- اتصلتُ لاسأل عَنك

تفاجَئ الرائِد الذي استَقام من مَكانِه مُنصدِمًا ، لم يسعهُ فالرَد فهذه اول مرة في حياتِه يَهتمُ احد والديه في السُؤال عَنه..!

- اتصلتُ لارى ان كانَت احوالك جيدَة هُناك؟
عملك بخير؟ و انت بخير؟

تابع جُيون يزيدُ من صَدمة ابنه الذي عجز عن الحَديثِ و الكَلام
لم يستطِع اطلاقًا النُطق الا بعدما استفاق من صَدمته

- ان..انا بخير

سَمع تنهيدَة والِده التي صَدُرَت بعد حينٍ اذ قال

- اعلمُ انك مُنصدم من اتصالي ، فنحنُ لا نملك تلك العلاقَة السلسلة ، لكنّي فعلاً اردتُ ان اطمئن عليك هذِه المرّة

قَطب جونغكوك حواجبَهُ يستنكرُ الاهتمام المُفاجِئ من أبيه ، ظلّ صامتًا لفترةٍ ثُمّ قال

- هل تحتاجُ شئ منّي؟ مهمة تريد ان اؤديها؟

اعتاد ان يكون الاهتمام متبوع بأوامِر عليه تنفيذُها ، و ذلك قطعًا زاد علاقتهُ بوالديه سُوءًا و منع عنهُ شعور الامان مَعهما اطلاقًا

علِمَ جيون ان نُفور ابنهُ من اهتمامهُ هو سَببهُ لانهُ تغاضَى عن المجزرَة التي اُقيمَت بحق طفولتِه و مثّل اللامُبالاة طوال السنين الماضيَة

صحيح انهُ لم يكُن يؤذيه ، لَكنهُ لم يَمنع زوجتهُ من ذلك..!
سمح لها ان تتمادَى بِحَقِ قطعَة منهُ

- لا احتاجُ منك شئ سِوا ان تعود سالمًا ، علينا ان نخرُج لنلعب البلياردو سويًا في النادي و نتناول العشاء مع بعضنا . كأب و ابنه

ارتَفع طرف شِفاه الرائد ساخِرًا فهو لم يحظى يومًا بخروجَة ابويَة اطلاقًا ، بعدما عاود الجُلوس قال بهُدوء

- ستخُرج معي و انت تستعرُ منّي؟

طَرح جُيون انفاسَهُ فقال بعد حين

- كلاّ ، سنضعُ لتلك الشائِعات حَدًا
انت ابني جونغكوك

سَكت الرائِد و لم ينطِق حرفًا واحِدًا ، ظلّ والدهُ يتحدثُ بالعشوائيات الي ان اغلق الخَط بعدما انشغل في عمله و ظلّ جونغكوك يُطالع الفراغ بِصَمت

- انت ابني جونغكوك؟

هَمس مُستنكِرًا ، انها مرتهُ الاولى في حياتِه يحظى باتصالٍ ابويّ يجعلهُ يشعر او لديه والد يهتمُ لشأنه..!

لا يُنكر ان الموضوع راق الطِفل الذي بِداخله
لكنهُ لم يُداويه ، فما عاشهُ لم يكُن بسيطًا

والدهُ كان شاهدًا من الجريمَة التي ارتكبت بِحقه
لكنهُ لم يتدخَل او يُنصفه و لو لمرّة!
الساكتُ عن الحَق شيطان اخرَس

تابع يلبسُ ثيابهُ و هو يُفكر بالسَبب الذي جَعل جيون بعد كُل هذه السَنوات يُقرر الاتصال بِه ، لِما ؟ و ما الدافِع؟ احقًا هدفهُ ان يُصلح ما افسدَه؟

حَمل هاتفهُ يتصل على زَوجتهُ التي كانت في طريقِها الي القَصر بعدما رَكبت مع سائِق جُيون الذي يقودُ سيارتِها

ردت عليه تُهمهم لهُ فاول ما قالهُ هو

- ابي اتصَل يطمئنّ عليّ..!

جُملتهُ التي استفتح فيها المُكالمَة جعلتها تُدرك حجم الحرمان العاطفيّ الذي يُعاني مِنهُ ، لَكنها فَرحت ! لانها كانت اول وجهَة يُشاركها مُستجداته

ابتسمَت بعدما نَظرت ناحية النافذَة تُطالع المدينَة بالخارج
صَحيح انّها لم تستطع الخروج بجوابٍ شافٍ من جُيون
لكنها على الاقل نجحت في جَعله يُكلّم ابنهُ..!

لربما تكون سَببًا في تحسن علاقتهُما
قد لا تكونُ هي السبب الرَئيسيّ
لانهُ لو لم يكن لجُيون رَغبةٍ في الاقدام على تلك الخُطوَة
لما كان سيتصلُ به..!
هي كانت مُجرد دَفعةٍ بسيطَة لا غير

- حقًا ؟ انهُ خبر سار
اخبرني كيف تشعُر؟

تهتمّ لِسُؤاله عن مشاعره دائمًا ، حتى تجعلهُ يتعلمُ كيف يَصفها بعد ان يُدرِكها ، تُريد منهُ ان يبدأ في اتخاذ خُطواته ناحيَة فهمُ الاحاسيس و التعبير عنها دون قُيود و قد نَجحت بذلك حينما قال لَها

- لا اعلمُ كيف اصفُ شُعوري بالتَحديد ، لكِني مُستغرب و بذات الوقت اشعُر انّ هُنالك احد يهتم لامري

ابتَسمت زوجتهُ بدفئ فاجابتهُ بنبرَة هادئَة

- انت تشعُر بالاحتواء يا حَبيبي
اليسَ كذلك؟

قام بالايماء فهي جائت بالمُصطلح الذي اراد ان يَقوله
فكَر للحظاتٍ ثُمّ نفى

- ليس الاحتواء ، فانا لا اشعر به إلا مَعكِ
كان شُعورًا بسيطًا ، احسّ به طفلي الداخليّ
فانتِ تعرفين طبيعة ما مررت به

خالجها شُعورٍ مليئ بالحُب حالما رَبط الاحتواء بِها
سعادَتها لا تُوصَف..! ان كانت هي من تَحتويه

قامَت باصدارِ همهمةٍ خافتَة ثُمّ قالَت

- المُهم ان ما شَعرت به ، لم يكُن مُؤذيًا اليسَ كذلك؟

اكمَل جمع اغراضَهُ بداخل الحَقيبَة و هو يُهمهم

- اجَل ، انهُ ليسَ سيئًا

كانت ستتحدثُ لكن قاطعها حينما دخل عليه العقيد و اخبره ان الطائرَة جاهزَة ، طرح انفاسَهُ بهدوءٍ قائِلاً

- الطائرَة جاهزَة ، عليّ الذهاب الان همم؟

انزَلت عينيها للتحديق بحضُنها بِاستياء

- احقًا لن نتحدث لاسبوعَين؟

اجابتهُ الباهتَة زادت من ضيقَة صدرِها ، ودعتهُ بعدما طلبت منهُ الاهتِمام بِنَفسه ثُمّ تابعَت تأمُل النافذَة و هي تُفكِر بِشُرود

•••

الساعَة الثالثَة فجرًا
بعد ان استَحمت قامَت بارتداء بيجاما زهريَة لطيفَة ، اهتمت ببشرتها و جِسدها كالمعتاد ثُمّ توجهت ناحيَة الفراش تستعدُ للنَوم بعدما اطفَئت الأنوار

فتحت هاتفها تدخل على تطبيق الواتساب لتفقد اخر ظُهور لِزَوجها فكان بعيدًا بالفِعل ، تنهَدت فاغلقتهُ و اندسَت تحت اللُحاف تُجبر نَفسها على النَوم

مَرت بِضع دقائِق بدأت تشعُر فيها بالنُعاس و الخُمول لَكن بذات الوقت تَحِسُ بالحركَةِ من حَولها . تأففت ظنًا بأن والدتها من فَتحت الباب و تَسحبت للداخِل

- اُمي كم مرة اخبرتكِ انّي اكرهُ من يدخل عليّ و انا احاول النوم..!

زمجرَت مُتحدثَة و هي تتقلبُ للنحوِالاخر استعدادًا لطردِ الاكبر سِنًا ، حينما جَلست لاشعالِ النور صُدمت بيد خشنَة تُوضع فوق خاصتِها لِمَنعها

- اب..ابي؟

ظَنت انهُ والِدها لكن الرائحَة التي تَنبعثُ من ذا الذي يُقابلها ليسَت الا لشخصٍ واحد ..! انهُ عطر زَوجها

نَفت تعترِضُ و هي تُتمتم

- مُستحيل ، لابد ابي ابتاع نفس العلامة التجاريَة

دفعت بيده لاشعالِ النورِ لَكنها فُوجِئت بِه و هو يهمسُ قُرب اُذنها

- دَعِ قلبكِ يتعرفُ عليّ قبل عَينيكِ

تصلَبت مكانِها و لم يعد بامكانِها التَصديق
كيف..؟ اهذا زَوجها حقًا؟

- جونغ..وجونغكوك؟

ابتَسم بخفوتٍ على لَفظها لاسمِه فتابَع يُهمهم لَها بنبرته الباحَة

- عُيونَه

لم تُصدِق صَوتهُ و لا قلبها حتّى ، عيونها شاهدها الوحَيد..!
اشعلت النور الخافِت فقامت بالصُراخ بمجرد ان رأتهُ امامها

لم تُصدق عَينيها كذلك!

صَرخت بقوّة جَعلتهُ يضع كفه فوق شَفتيها يُؤنبها بجديَة

- اصمتِ فضحتينا

ابعَدت كَفّ يدهُ عن شفتيها تتفقدهُ بعينيها بعدمِ تَصديق

- ك..كيف؟

رَطب شفتاهُ الجافَةِ و قال بصوتٍ خافت بعدما جَلس امامَها

- مُهمتي هذه المرَةِ هُنا

وسعَت عينيها اكثَر و لم تشعُر بنفسها إلا و هي تقفزُ بداخِل حُضنه تُعانقهُ بقوّة بالغَة ، اغمَضت عُيونِها تشدّ من لفّ ذراعيها حولهُ مُتحدثَة

- لا اُصدق انك هُنا..!
اشعُر انّي احلُم

هَمست لهُ و هي تحشُر رأسها داخل رَقبتهُ لاشتِمام عطِره ، عضتهُ بقوة فصرخ مُتألمًا لتبتعد عنهُ مُقهقهة

- كنت اتاكد انك حَقيقيّ..!

نَظر في عينيها السَوداء كخاصتهُ فقام باحتضانِ وَجنتيها بِكُفوفه

- كَيف حالكِ؟

أطالَت النظر في عُيونِه ثُمّ اجابَت بصوتٍ خافت

- بخير بعدما رأيتُك!

ابتَسم بطريقَة جذابَة للغايَة ، تراهُ اوسَم ما خلق الالهُ في الوَقتِ الراهن و كُلّ ما به يسحرُ عُيونِها التي بالكاد تُشاح عنهُ

تمنت لو انها تعيشُ بدون الرَمش..!
بدلاً من اهدار الوقتِ في الاغماض كِل ثوانٍ
عليها استغلالها في النظر اليه لاطول فترةٍ ممكنَة

مَسح على وَجنتها بِابهامِه فقامت بوضع كفها فوق يدهِ تُميل بخدها وِسَط خاصتِه مُستشعرَة لمساتِه براحَة ، كانت لحظاتٍ حتى شَعرت بِانفاسهُ تخبطُ شفتيها قبل النُطقِ بِـ

- اشتقتُكِ

فَتحت عينيها للتَحديقِ بخاصتِه فاجابَتهُ بذاتِ اللهفَة

- انا اكثَر..!

كانت اللهفَة واضحَة في عُيونِ كِليهما تجاه الأخَر
لم يَترُك لها مَجالٍ اخر للتعَبير حينما اخَذ قُبلَتهُ مِنها

حاصَرها بين ذِراعَيه و احتَضنها الي صَدرِه برقّة و هو يمسحُ على ظهرِها برفقٍ تام ، لديه شُعلَة من المَشاعر يظنّ انها من ستُطفئها..!

لم يُدرك ان خاصَتها تكادُ تفوق خاصَتهُ فاندلعُ اللهبُ بينهُما
تلك النيران التي اشتعلَت ، لا يظنّ اطلاقًا انها سَتُطفئ

لا بليلةٍ . و لا بِغَيرِها..!

•••

الساعَة تُشير الي السادسَة صباحًا
تضعُ رأسِها على صَدرِ زوجِها بعدما سَحب الغطاءُ على اجسادِهما للتوِ و طلب مِنها الخُلود الي النَومِ فقد استنزفا طاقتهُما بالكامِل بالفعل

رَفعت عينيها اليه تُحدِق في العرقِ يتصبب من جَبينه قبل ان تَقول و هي تُحاول استجماع انفاسِها

- هل ستُطيل البقاء هُنا ؟

اخَفض عينيه الي مُستواها فقام برفع اكتافهِ مُجيبًا

- لا اعلمُ تحديدًا ، لكن مُهمتي هذه المرَة تطلب ذكاءًا

صغَرت عينيها فقالت بصوتٍ خافت

- هل تحتاجُ مُساعدَة؟

قام بِقَرص شفتيها المُنتفخَة مُعترضًا

- انتِ ابقيّ خارِج الصُندوق

قامت بالايماء بعدما ضَحكت

- بالطبع لن اتورط في مَهامك من جَديد!
انا عاقلَة

تنهد حينما نظر الي السَقفِ بعدما قضم شَفتهُ السُفلى و همس في دواخِله

{ لا اعلمُ ان ستظلين عاقِلَة بعدما ترين الهَدف }

بلل شفتاهُ و رآها تجلِسُ امامهُ تمنعهُ من النَوم

- لا تنام! لا نملك الوقت لِنُضيعهُ في المَبيت
هيّا انهض

تذمَر مُعترضًا و هو يسحبُ الغطاء لتغطيَة وجهه

- آلميرا دعيني انا مُتعَب من السَفر

اعترَضت على نومِه و قرصتهُ من صَدرِه بقوّة حتى تَسببت في صُراخه ، نظر اليها بحقدٍ تمامًا كما فعلت هي بعدما حملت الوسادَة و ضربتهُ على رأسه

- هل النومُ اهم منّي؟

كان النُعاس يحتضنُ عَينيه و الضربَة ساهمت في جَعلهُ ينامُ مباشرَة حالما سقط رأسهُ فوق الوسادَة ، شَهقت فقامَت بهزه لايقاظِه لكن عبثًا

- الهي هذا الكسول! لقد نام بسُرعَة

احسَت بالغَيضِ ثُمّ تمددت بجانبه تُحدق في وَجهه و هو غارِق في النومِ من التَعب ، اسنَدت وجنتها على كَفها فحمَلت هاتفها تُصورِه للاحتفاظ بِها

ابتَسمت بخفوتٍ لا تُصدِق انهُ هُنا ..! معها
بالصباحِ فقط كان الوداعُ بينهما حاضِر
تُجزمُ انها افضلُ مُفاجاةٍ ، حَصلت عليها

انخفضت تُقبل جَبينهُ ثُمّ دَخلت في مُنتَصف حُضنِه تستعدُ للنوم الي سلبها من واقعها في غُضونِ لَحظاتٍ من المجهود الذي بذلتهُ قبل قليل

•••

فَتحت عينيها على تمامِ الساعَة العاشرَة صباحًا
جَلست بحثًا عن زوجِها الذي لم تجدِهُ بقربها

عقدت حواجِبها تخافُ انّ ما جرى بالصباحِ الباكر كان حُلمًا..!

استقامَت فوجَدت نَفسها لا تلبسُ ثيابها..!
هي بالفعل مرمية قُرب السرير و بالطبع ليست مجنونَة
كيّ تنزع ملابسها بنفسها و تنام

- لم يكُن حُلمًا..!

هَمست قبل ان تَتجه ناحِيَة الحَمام الذي حالما بلغتهُ حتى فُتِح يكشف عن هيئَة الرائد بالداخل ، ناظرتهُ بعيونٍ موسعَة فهي لازالت لا تُصدق وجوده

اقتَرب يُقبل ارنبَة انفها يُفيقها من صَدمتها قائِلاً

- صباحُ الخير سيدَة جُيون

اغلقَت فمها المُنبلِج ثُمّ قالت مُتحمحمَة

- صباح النور سيد جُيون

تتبعتهُ بِعينيها و هو يسيرُ ناحيَة الفراش يجلسُ عليه و يجلب جَوربه يرتديه

- هيّا استحمي و تعاليّ دعينا نخرُج سويًا
لَديّ مُتسَع من اليومِ لكِ قبل ان ابدأ بالمُهمَة

دَخلت تركُض الي الحَمام و هو تبسَم على حَماسِها ، استَحمت و بغضون نصف ساعَة كانت امامهُ جاهزَة ، ترتدي ملابِسها بالكامِل و تضعُ اخر ماتبقى من مُستحضراتِ التَجميل

اقتربت منهُ تمسك بيدِه بعدَما وجدتهُ يعبثُ بهاتفه
القت نظرَة سريعَة فوجدتهُ يقرأ اخر فصلٍ نزلتهُ
ابتسمَت بالخفاء و تحمحمَت تجذبُ انتباهه

- دعنا نذهب

حَدق بها بعدما خَبئ هاتفه بداخِل جَيبه ثُمّ قبل ان يُرافقها للخارِج لَمِح عِطر على مِنضدتها جَعلهُ يقطبُ حواجِبه متوقفًا عن السير

حدقت به باستِغراب مُتسائلَة

- مابك؟

اقتَرب من المنضدَةِ لامساكِ زجاجَة العطر التي كانت زَهرية اللون ، رَفع عيناهُ لامرأتهُ و سألها مُستفسرًا

- متى اشتريتِ هذا العِطر؟

ابتَسمت و هي تقترِبُ منهُ متحدثَة

- اوه هل تعرفه؟ انهُ عطر من علامَة أليسا كورنفيلد التجارية ، نزل حديثًا للاسواق و قد كنتُ من ضمن العشر الاوائل الذين اشتروه

نَظر بِداخل عَينيها ثُمّ عاود التَحديق بالعِطر الذي فَتحهُ و جَرب ان يشتمّ عِطرَه ، قد تكون امرأتهُ من الفئَة المُستهدفَة من قِبل تلك المُنضمَة..!

فهي ابنة مُشير البلَد بالكامِل
و لابدّ ان شعبيتها عالية في اُستراليا كذلك فحسب معرفته فهي تمتلكُ مدرسة للرقصِ يأتيها من جَميع البُلدان

نَظر اليها ثُمّ قال

- هل يُمكنني الاحتفاظ بِه؟

طالعتهُ باستغراب

- لما تحتفظ بعطر نسائي جونغكوك؟

ابتسَم فقال مُجاملاً

- فقط كيّ اشتمهُ حينما تكونين بعيدَة فاتذكركِ

انطَلت عليها كِذبتهُ بل فَرحت بما قالهُ فهي ترى رومنسيتهُ تتحسَن ، اومأت لهُ و تركتهُ يأخُذه ، خَبئهُ في جَيبه فالزُجاجَةِ كانت صغيرَة للغايَة ثُمّ مشت معه للخارج متحدثَة

- أليسا ستأتي الي كوريا قريبًا ، سيُقام لها حفل جبّار هُنا و ابي سيُوظف العساكر هنا لِحمايتها

نظر الرائد اليها بِجُمودٍ فتلك ملامحه المُعتادة اساسًا
لكن تجهمه زاد لِذكر من يستهدفها في مُهمته

- من تكون هذه اساسًا؟ لا اعرفها

نَفى يعترِض فقامَت هي باصدارِ شهقَةٍ عاليَة قالَت بعدها

- كيف لا تعرف أليسا كورنفيلد ؟ انها سياسيَة مشهورَة و صاحبة اكبر علامة تجاريَة للعطورِ في العالم..!

خَمنت للحظاتٍ ثم تابعَت

- من مصلحتي ألا تعرفها فهي جَميلة هه

ابتَسم بالخفاء على غيرتِها التي كانت واضحة حينما دحرجَت عينيها ، كيف سيكونُ موقفها حينما تعلمُ انه سيَلتقي بِها و قد يُجالسها..؟

لا يُمكنه تخيل ردّ الفعل اطلاقًا

- هل ستذهبين للحدث الذي ستقيمه؟

اجابَت بالايماء و هي تنزل معهُ الدرَج

- بالتأكيد..!

زمّ شِفاهه اذ ليسَ لصالحه نهائيًا انها ستكونُ هناك
كان سيتحدثُ لَكِن قاطعتهُ ڤيولا حينما رأتهُ ينزل من الدرَج

- جونغكوك..!!

حَدق الرائد بِصدمتِها عندما تابعَت و هي تصعدُ اليهما

- مالذي تفعلهُ هنا؟ كيف اتيت؟

نظرت آلميرا اليها تقرِصها من ذراعها

- امي!

طالعتها الاكبر سنًا قبل ان تُصحح الموقف قائلَة

- انا مُتعجبة لا اقصدُ شيئًا اخر

نَظرت ناحيَة جونغكوك حينما احتَضن ذراع زوجتهُ و قال بهدوء

- لقد شعرتُ بالاشتياقِ الي آلميرا ، فأتيتُ لأراها

سَمِع همهمَت ڤيولا التي طبطبت على ذراعه مُبتسمَة

- مرحبًا بك في أي وقتٍ بني
اذا استمتِعا

لوحَت لَهُما ثُمّ تابعَت الصُعود الي غُرفتها ، نزل الرائد رِفقَة زوجته التي التفت نحوهُ قائلَة

- الي اين ستأخُذني..؟

اشار بيديه للخارِج فقامت بالسير معهُ ناحيَة المخرج ، غادرا القصرِ قائِلاً

- سنذهبُ لتناول الافطار معًا على النهَر

قامَت بالايماء و رَكبت سيارة الاجرَى معهُ ، سألتهُ حينما ساد الصَمت للحظاتٍ لكسرِه

- قُل لي ، هل تايهيونغ تحسن حاله؟

همهم الرائد و هو يُخرج هاتفه لتلقي الاشعار من جيمين الذي بعث لهُ

- السمكَة ابتلعت الطُعم

ابتَسم ثُمّ رفع عيناهُ الي زوجتهُ مجيبًا

- انهُ يتحسن ، لازال لا يستطيعُ السير بعد ، الطبيب قال سيستغرقُ وقتًا ليتعافى بالكامل

تنهَدت آلميرا بِحُزن تشعُر بطبطبةِ الرائد على كَفها ناطِقًا

- سيكونُ كُل شَئ بخير

اتكَئت برأسِها على كَتفه تُجيب

- أتمنى

•••

يَجلسان قُبالَة بعضهما على طاولَة ثُنائيَة امام نَهرِ الهانِ المَشهورِ في كوريا ، كان قد طَلب لهما افطارًا كوريًا شَعبيًا احبتهُ آلميرا حينَما تناولتهُ على الفَور

نظرت في عَينيه و على عادتهُ هو صامِت لا يُشارك في الاحاديث الا حينما تبدأها هي ، شخصيتهُ تختلفُ قليلاً عن الهاتف فهو اكثرُ جرأة من وراء السماعَةِ امّا على الواقع فيكونُ اكثر خجلاً و انطوائيَة

اخَذت البطاطس الحُلوة تُغمسها في الصلصَة الحارَة ثُمَ تحشُرها بين شفتيه تُطعمه امام الجَميع و ذلك كان مشهدًا مُحرجًا بالنسبَة لمن احمرَت اُذنيه

ضحكت على مَظهره ثُمّ قرصت وجنته تُغازله

- ايغوو انظروا من يَخجل من زوجته

ابعَد يدها عنهُ و عاتبها بنظرةٍ سامَة قال من خلالها

- اسمَعِ ..! انا عسكريّ ذا هيبَة و شأن
لا تُطيحي بِي

صغّرت عُيونها و هي تُناظِرَهُ بِخُبث

- ذا هيبَة و شأن بعيدًا عن حُضن زَوجتك يا عُمري
انت مَعي ، طفلٍ مُدلل

ناظَرها بغضبٍ لم تَراهُ سوا لطيفًا ، ضَحكت عليه و واصَلت تتناول من الافطار الي أن انتَهيا فدفع حَقهُ ثُمّ اشترى لهما مظلّة فالجو ماطر

تَمشت معهُ على رصيفِ النهر و هُما مُتشابكا الايادي بعد إلحاحٍ مِنها ، كانت تُطالع سقوط المطرِ على مياه النهر باعجابٍِ شديد في الوقت الذي كانت هي وِجهة عينيه الاولى و الاخيرَة

يَنظُر الي جَمالها الذي يُتيّم كُلّ مابِه و يَجعلهُ رهن اعتقال رُموشِ عيونِها كُلما نَظرت اليه و اطالت التَحديق بِه

لطالما كانت جَريئَة..!
لا تخجلُ و ان طال تبادل النظرات بين عُيونِهما

تُحِب لُغَة العُيون جدًا..!
لذا تكرهُ ان تُقاطعها حينما تُشيح بصرِها

كان الجو شاعريًا حينَما سمِع كليهما صَوت احد الفتيَة يعزِفُ الجيتار و يُغني تحت الجِسر يُطرب اذنيّهما مع قَطراتِ المطر العاليَة

اقتربَت منهُ و قلصَت المسافَة بينهُما اكثَر
قلصّتها للحَد الذي شعر فيها بانفاسِها
ناظَرتهُ و هَمست لهُ

- اريد ان اعترف لك اعتراف

حَدق في عينيها بعدما احط خَصرُها بذراعه الخاليَة فالثانيَة يُمسك بيدها المِظلّة ، قال بعدما امعن التَحديقُ في جُفونها

- اعترافاتكِ تُخوفني..!

ضَحكت بخفّة ثُمّ قامَت بالنَفي مُعترِضَة ، مسكَت بياقتهُ تُغلق ازرار قميصه العُلوية اجتنابًا لتحرُشِ قطراتِ المَطر لبشرَة عُنقه البَيضاء

عَبثت بازرارَهُ و هي تقولُ بصوتٍ خافت لا يسمعهُ سِواه

- هذه المرّة الاعترافُ سيروقُك

نَبرتُها التي تَحملُ كمًا هائِلاً من الغَنجِ تَجعلهُ أسيرُ دَلعها الذي يُحب
مُستعد ان يُنفذ كُلّ ما تأمرُه ، كلما تُخاطبه بهذه اللكنَة الانثويَة
تُتقن فن الاغواء بدرجَةٍ عاليَة لا يُتقنها غيرُها

بل يليقُ بها هي ، كما لو انّهُ خُلق من اجلها

ارتخَت اعصابَهُ بالكامِل على نَبرةِ صَوتها و ذَبلُت جُفونه و هو يستمعُ اليها بكامل حَواسه ، ارتَفعت على اطرافِ اصابِعها ثُمّ هَمست بِجانب اُذنه ما جَعل الرعشَة تحتّل سائِر كَيانهُ حينما قالَت بِصَوتِها الناعِم

- اُريدُ ان اُنجِب طِفلاً مِنك ..!

•••

6549 ✔️

اهلاً اهلاً بفصل اليوم ♥️

كيفكم بناتي..؟

شنو رايكم ببداية الفصل الصادمة نوعًا ما؟
بدايتنا كانت دسمَة تقريبًا

تحسون ان ماضي ڤيولا و المُشير
لهُ علاقة بيلي يصير في الحاضر..؟

بخصوص يلي قالته ڤيولا بان جونغكوك مش ابن جيون
تعتقدون الاشاعة صحيحَة؟

و شنو الذنب يبي ارتكبه جيون و طلب من الميرا تكفر عنه؟
هل هو سكوته على تعذيب جونغكوك ولا شي ثاني؟

امّا نتائج التحليل يلي ماكشفت لكم عنها 😌
لكل حدثٍ حديثٍ ، اصبروا بس

بس شنو تتوقعون مفعول هذيك الحبوب؟

و هذيك السياسيَة؟
شنو الخطة حتى الرائد يقدر يتخلص منها..؟

حيكون لها مشهد مع الرائد حرفيا حيخلي الميرا تنهار 😂

اكثر جزئية حبيتوها..؟

الميرا هتقدر تحمل من الرائد رغم المشكلة يلي عندها؟
و ليش فجاة قررت انها تريد تنجب منه؟

اراكم في القادم ان شاء الله
الي اللقاء ♥️





.
.
.





Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top