عَروس الميراث | 33
عَروس الميراث | JK
اهلاً بِكُم في الفَصل الثالِث و الثلاثون 🫶🏻
قَبل كُل شَئ عَروسنا كبرت و وَصلت لِلمليون ♥️
شكر جَزيل لِكُل حَد قرأها و ساهَم بِنَشرها و قَدم لها الحُب
احبكم صِدق نَفر نَفر و عُقبال الملايين بِحُضوركم ♥️🫂
احييكم على دَعم الفصل الماضي ، كان رَهيب رُغم ان الشروط ما تنفذت بنفس اليَوم بس تظل جهودكم جبّارة ، تسلم عُيونكم و اياديكم و تعليقاتكم الحُلوَة زيكم ♥️♥️♥️
الفصل يتجاوز ال 12 الف كَلمَة ، طويل كفاية ليعوض الغياب 🫂
استمتعوا به و قدموا لهُ الحُب الكافي ، كتبتهُ بكلُ حُب صِدقًا
4000 تَصويت
7500 تعليق
فَصل جَديد ✔️
الفصل طَويل ، لديكم مُتسع الفقرات للتعليق ، لا تَبخلوا عليّ بِحُبكم 🤍
لِنَبدأ ✨
•••
قام الرائِد بإغلاقِ باب الغُرفَة جيدًا بعدَما اطمَئن على نَوم زوجتِه ، حينَما فاتَحهُ هوسوك بِالخَبر الذي زَعزع كيانَهُ سُرعان ما تجمَدت الدماءُ في عُروقه و قال بعدَما هرب نَفسهُ من اقفُصه الصَدرية
- ك..كيف هَرب ؟ اين الحِراسَة ؟
هَمس مُهسهسًا بعدَما قَبض على يَده مُتسببًا في بُروز عُروقه ، سارَع هوسوك باجابتِه بعدَما لاحظ غَضب قائِده الشَديد مُحاولاً تهدأتَهُ
- رجاءًا سيدي ، سنقومُ بالبحثِ عنهُ حالاً اذ ارسلَنا دوريات تقومُ بعملياتِ البَحث ، طُلب منّي اخبارُك من اجلِ اخذ احتياطاتُك و البقاء بِجوار زَوجتك
قام الرائِد بالمَسحِ على وَجهه و هو مُستغرِب من المَشاكل التي تَسقُط فوق رأسِه دون رحمَة ، جَمع انفاسهُ بِصُعوبَة و قال بَعد لحظاتٍ من التَفكير
- شَددوا الحِراسَة على مبنى المُستشفى ، كَذلك بَيتي ، قد يُحاول التَوجه الي هُناك للبحثِ عن آلميرا ، او رُبما يأتي الي هُنا ، اصابَة فخذه لن تَسمح لهُ بالابتعاد كَثيرًا
قامَ هوسوك بالايماء ايجابًا يسمَعُ قائِدهُ يُتابِع بِجديَة
- سابقَى انا بِجوار آلميرا لن استَطيع الحَراك ، سيستهدِفها مُباشرَة ، ان اضطَر الامر اطلبوا المُساعدة من فريق القائِد كيم
بَلل العَسكريّ شَفتاهُ قبل ان يُجيبهُ بهدوء
- تم اقالَة القائِد كيم من مَنصِبه ، بعدَما اتضَح انّهُ اكتَشف حَقيقة آلميرا و رُغم ذلك سَمح لها بالذَهاب
قَبض الرائِد على يَديه بِقوّة فهُنا استنتَج ان اسباب كُل المَشاكل كانت بِسبب نامجون الذي سَمح لِزوجتهُ بالتمادي دون ان يَردعها رُغم انّها على هَويتِها
زَفر انفاسَهُ بهدوء ثُمّ قام بالايماءِ برأسِه دون اكثارِ الحَديث ، دَخل الي غُرفة زَوجتهِ النائِمَة و مَشا بِخُطواتٍ رزينَة في اتجاهِ النافِذَة يُحكم اغلاقِها جَيدًا
وَضع الستائِر و اوصَد اغلاق الباب بالقُفلِ تجنُبًا لِدُخول مُفاجِئ ثُمّ تَفقد الحَمام و نوافذهُ التي اغلقها هي كَذلك لِيَسير ناحِيَة الكُرسيّ الذي يُجاور سرير آلميرا و يَجلِس فَوقه
قامَ باخراجِ مُسدَسهُ و مَلئهُ بالرَصاص من بابِ الاحتياط فَقط ، وَضعهُ بِجانبه فوق المنضدَة و صَوتُ ارتطامِه بالخَشب كان كافيًا لِجَعل اعيُن زَوجتهُ تُفتَح
طالَعت ذلك المُسدَس الذي يُقابلها لِتجلِس بِهَلعٍ واضِح تُطالِع وَجه زَوجِها بِخَوفٍ جَعلهُ يَقلق ، اراد ان يُمسِك بيدِها كيّ يُطمئنها لَكنها سارعَت بالحَديثِ تُخبِرهُ بِفَزع
- م..مالذي تفع..تفعله ؟ هل ستق..ستقتلني انتقامًا لِصديقك ؟
ثِقتُها به اصبحَت شِبه مُنعدِمَة ، تَتوقعُ منهُ كُل شَئ فافعالهُ من الاساسِ لا يُمكن التَنبؤ بِها اطلاقًا ، نَظرة الخَوفِ منهُ في عَينيها كَسرتهُ و حَطمت رُجولتَه
كيف اوصَلها الي هذا الحَال ؟
بدل ان يَكون ملاذَها ، اصبَح مَصدر خَوفها الأوَل
احس بالاستياء الشَديد لَكن رَغبتهُ بِاصلاح ما افسَدهُ غَلبت كَسرته ، ابعَد ذلك المُسدس يُخفيه عن اعيُنها قَبل ان يَستقيم مُحاولاً الاقتراب مِنها كيّ يحتِضنها
حاوَلت ابعادَهُ بيديها المُرتجفَة فللتوِ كان يُراودها كابوسِ ذلك اليَوم الشَنيع ، قُوتِها كانَت لا تَسوى شَئ امام هَيكل زَوجِها الذي احتَضنها رُغمًا عن ارادتِها و سَحبها بقوَة يَحشُرها بِداخل صَدرِه الوَسيع
مَسح طُوليًا على ذِراعها يَهمسُ بِجانب اُذنها مُواسيًا رُغم مُحاولاتِها في ابعادِه
- كيف لي ان اقتلكِ ؟ اتريدين ان اموت و انا على قَيد الحياة؟
ارادَت الهُروب مِنهُ و الاختباء في رُكنِ افكارِها السَوداويّ بعيدًا عن مُتناول يداهُ ، لكنهُ كان رافِضًا لِرَحيلها و زاد من شَدِه عليها يُكمل مُواساتِها بِصَوته الذي تُحِبهُ هي
- استمحيكِ عُذرًا على جَهلي ، رَجاءًا دَعيني اُصلح ما افسَدتهُ ، انا لا استطيعُ العيش بِدونكِ ، سأتوهُ في شَوارِع الهَلاك و لن اجَد سِوا طريق الدَمار
استَمعت الي كَلامِه النابِع من قَلب رَجُلٍ مُحِب للانثى التي بَين ذِراعيه ، قامَت بِرفع رأسِها ناحِيتهُ تَكشِفُ عن عُيونِها الغارقَة بالدُموع لِمَن احَس بِسكينٍ سام يَخترقُ قَلبهُ و يُمزِقَه
هُنالِك خُصيلاتٍ مُتناثِرَة على سائِر وَجهها تكفّل هو بابعادِها ليرَى اتقان الالهُ في مَلامِحها ، لازال في كُل مرَة يَغوصُ في تأمُلها يَنبهرُ كَما لو انّها المرَة الاولَى
لم يَستطِع مَنع نَفسهُ من الانخفاضِ الي مُستواها و تَقبيل جَبينِها ، سَواء بارادتِها او دُونِها ، لَكنِها لم تُمانِع و بَقت ساكنَة بين ذِراعيه و ذَلك سَمح لهُ بالتَمرُد
انخفض اكثَر الي انفِها المَنحوتِ يُقبل مُقدَمتهُ ثُمّ تدريجيًا نَزل الي شِفاهها التي لا تَنقطِعُ عن اغواءِه ، كُل مافيها لا يُقاوَم و كَرجُلٍ يُقدِس كُلّ مافي اُنثاه يَعترِفُ ان قَوامِها يُسقِطَهُ
اخفضَت ستائِر عُيونِها تزامُنًا مع قُبلتِه التي ايقَظت براكينِها الخامِدَة و جَعلَت امر التراجُعِ مُستَحيلاً ، لا يُمكنها ابعادِه ، بعدَما حاصَرها هو بين قُضبانِه و قيّد حُريتها وِسَط قَفصِ حِبه
اصبحَت عاجِزَة عن رَدعه و نَجح في نَيل مُبتغاهُ مِنها دون مَجهود
اتعلَم هو كَيف يُغويها و يُطيح بِها ..؟
امّ العِلَةِ من قلبِها الذي اصبَح خفيفًا في حُضورِه ؟
لم تَجد اجابَة حَصريَة تَسُد فُضول سُؤالها الذي بقى عالِقًا في ذِهنها طَوال فترَة قُبلته التي انسَتها العالم بأسرِه و احتَفظت بِها وِسَط مكانٍ دافِئ للغايَة
فَصلَها و اطال النَظر في عُيونِها الخامِلَة يَترقبُ رَد فِعلها ، ما قابلتهُ بِه هو الهُدوءِ التام ، كانت مُرتخيَة تمامًا لو يَفك وِثاقها لَوقعت فوق الفِراش مُباشرَة
اُعجِب كَيف اصبَح لهُ تأثير عَليها
و ان امرأتهُ الجامِحَة اصبَحت تَخضعُ لهُ دون مُقاومَة
تأثيرُ الحِنيَة على الانثَى رَهيب..!
قامَ باسنادِها على الوِسادَة من جَديد بعدَما ابعدها عن مَلاذها و هو حُضنِه ، بان الانزعاجُ على مَلامِحها لَكنها لم تُصرِخ في رَغبتها بالبقاء وِسط اذرُعه حفاظًا على كَرامتِها التي كَسرها بِفعله قبل يَومين
راقبَتهُ و هو يُغطيها و انتَظرت منهُ ان يَمسح على شَعرِها حتى تَنام لَكنهُ استَعد للنهوضِ بدلاً ، استَولت عليها رَغبتها بِقربه لذلك مَدت يدِها تُمسِك بخاصته و تَضعها فوق شَعرِها الكُحليّ
نَظر اليها مُستغرِبًا لِيسألها بِوديَة
- هل امسحُ على شَعرك ؟
قامَت بالايماء و اكتَفت بالصَمتِ تترقبُ رَدهُ الذي كان لِصالحها حينَما بدأ بالمَسحِ على شَعرِها بِرفقٍ تَسبب في ارتِخاء جُفونِها
هي على وَشك الخُلودِ الي النومِ من جَديد ، اخَذ مِنها الوَضعُ المُريح ذاك بِضع دقائِق قصيرة لينقُلها الي عالمِ مُختلف لم تَعُد ترى فيهِ سِوا الكَوابيس
حتى بَعد نومِها لم يُبعد يدهُ عن شعرِها بل ظلّ يَمسحُ عليها برفقٍ يتأمُل مَلامِحها الشاحِبَة بِعُيونٍ مُضيئَة ، كانَت مَصدرُ امداده بالطاقَة لِمُواجهَة ما تَبقى من المتاعِب
انخَفض يُقبل جَبينها مرَة ثانيَة و كُلما رأى انكماش مَلامِحها دلالَة على خوضِها معركَة بداخِل كابوسِها المُريع ، تَطوع للمسحِ على شعرِها و امساكِ يدها يُمسدُها برفقٍ حتى يَرى ارتخاءِها من جَديد
سَهر مَعها الليل بِطولهُ و بِحُلول الصباحِ فتحت عينيها فَوجدتهُ نائِم و هو جالِس بالقربِ منها ، كان يَتكئ بِرأسِه على الجِدار وراءِه بينَما يُمسك بيدِها رافِضًا تَركها
حَدقت بيدِه قبل ان تَفرُك عينيها بيدِها الثانيَة لِتجلِس تُطالعهُ باهتِمام ، لا تُنكر انها اشتاقَت لتأمُل مَلامحه و هو نائِم فتلك عادتها الصباحيَة كلما استَيقظت قَبله
اطالَت التَحديق بِه فقاطَع شُرودها طَرق بابِ الحُجرَة الذي تَسبب في فتح عُيون زوجِها مُباشرَة ، كان رد فعله الأول هو امساكِه لسلاحِه و توجيهه نَحو آلميرا التي كانَت تتمسكُ بيدِه اعتقادًا بأنّها داڤل
عقلُه لازال مشغولاً بِه مُنذ البارِحَة ، و هي لا تَعرفِ عن هُروبه ..!
و لا عن اخذِ زوجها احتياطاتِه في سَبيل حِمايتها
لِذلك انتابَها الحُزن من تَصرُفه بِرفعه السِلاح عَليها لِتسحَب يدها منهُ و تَنطِق حينَما طالعَت عُيونه بِصَوتٍ مَبحوح
- مالذي تنتظره ؟ اُقتلني
اخَفض سِلاحهُ حينما استَوعب مَوقعهُ و قام بالتَنهُد بِراحَة بعدَما تفقد الحُجرَة وجدها آمنَة ، استَقام من جوارِها باستخدامِ عُكازها لينطِق موضحًا
- راودني كابوس بشع لِهذا اخذت رد فعلٍ هجوميَة
راقَبتهُ و هو يَسير في اتجاهِ الباب و سِلاحهُ بين يدهُ ، فَتحهُ برفقٍ تام تحت استغرابِها اذ لِما يقومُ حضرتهُ باغلاقِ الباب بالمفتاح ..؟
امعَنت التَحديق بِه تراهُ يتفقدُ الطارِق و حينما وَجدهُ الطاقم الطبيّ سَمح لهم بالدُخول و الاطلاعِ على حالَة زَوجته الصِحيَة من اجلِ خُروجِها
راجَع الطبيبُ مَلفها قبل ان يُناظرها مُبتسِمًا
- صباحُ الخير سيدَة جُيون ، آمل انكِ بخير
اكتَفت بالايماء دون اجابتِه تراهُ يُقدم الملف الي المُمرضَة قائِلاً بابتِسامَة
- عَظيم ، هُنالك تحسُن في حالتكِ ، سَنكتُب لكِ خُروج اليَوم و يُفضَل ان تلتزمي بادويتكِ و اكلُكِ في الموعد اتفقنا ؟
لم يكُن لديها مَقدرة على اجابتِه ، كل الذي استَطاعت فعله هو الايماء بِصَمتٍ و تَعب واضِح على ملامِحها المُنهكَة ، تُريدُ مُسايرته كيّ يُغادر و تُعيد الاختلاء بِنَفسها من جَديد ، تودّ ان تَحسم العِراك الناجِم بين افكارِها و مَشاعِرها بِداخلها
عَليها اتخاذُ الطلاق كَخطوَة اساسيَة بعد التعافي ، لن تَسمح لِمَشاعرها الحَديثة بداخل قلبِها الي زَوجِها في التَغلبُ على كَرامتها و كبرياءِها
ناظَرت الرائِد حينَما تَفقد حالتِها مع الطَبيب و طمَأنهُ بشأن صِحتها ، رأتهُ يبتسِمُ فَرِحًا بِطريقَة ساهَمت في جَعل قلبِها يَنقبضُ من الحُب
لا تَراهُ يبتسمُ كَثيرًا ، لَكن حينما يَفعل يُصبح في قِمَة وَسامتِه
اطالَت التَحديق بِه حتّى وَجدتهُ اقتَرب منها قائِلاً
- سنُغادر الي بيتنا همم ؟
حَدقت في عيناهُ بِجُمود يُنافي حَقيقة ما تَشعُر بِه
- انهُ بَيتِك بِمُفردك
سايَرها حينَما تجاهل ما قالتهُ و تَوجه من اجل جَلب ملابِسها كيّ يُساعدها على ارتداءِها لاجلِ المُغادرَة ، ارتَدت ذَلك الفُستان الاخَضرِ القاتِم ثُمّ ناظَرت زوجِها تَستفسرُ بقولها
- هل اتصلت بأبي ؟ اُريد التحدث مَعه
نَظر اليها بينَما يقومُ بِاعادَة البيجاما خاصتِها الي الحَقيبَة حيثُ قال
- والدكِ مَشغول ، لم يُجب على الهاتِف
كانت حُجَة كاذِبَة اقنعَت نفسها بِتصديقِها كيّ لا تُعجل في اجراءاتِ الطلاق لا غَير ، كانت تَعلم ان والدها يَنشغل عن العالِم باجمِعه و لا يَنشغلُ عَنها
لَكنها ستُسايرِه فقط كيّ تَقضي اكبر وَقتٍ معهُ ، تتأكدُ فيها من مَشاعِرها ناحِيتهُ ثُمّ تتخِذ القَرار الأنسَب ، بالنسبَة اليها حتى الحُب لا يَشفع عن اخطاءِه المُتكررَة
الحُب ليسَ عُذر كافٍ ، للبقاء في عِلاقَة تجعلُ كرامتُها تُداس
غادَرت معهُ الي منزِلهما و طيلَة الطريق تَلتزمُ الصَمتُ رافضَة الحَديث معهُ رُغم مُحاولاتِه الفاشِلَة في خَلق المَواضيع ، كانَت تتأملُ الغاباتِ خارِج النافِذَة و ذِهنُها سارِح لا يستجيبُ الي الواقع بتاتًا
حينَما تَمرد لامساكِ يدِها ، ردّ فعلها الصامِت كان اقصَى من صَدِه ، حينما طالَعتهُ بِنظراتٍ خاليَة من المَشاعِر ، لا تملكُ ذات العِدوانيَة و الحَماس كما اعتادَت ان تَكون في السابِق اطلاقًا
تَركتهُ ان يُمسِك يدِها لَكِنها قَتلتهُ بِصَمتها المُميت ذاك
اجتاحتهُ الغصَة فالتجاهُل بالنسبَة اليه اقصَى عقاب قد يَحصُل عليه في حَياتِه ، نَظر امامَهُ من جَديد و رَكن بِجوار المنزل حيثُ نَزلا سَويًا و اقتادَها الي غُرفتهُما ، جَلست فوق السَرير و طَلبت منهُ ان يُحضر هاتفها
اغراضُها التي استَعملتها في منزِل ادولف قد جاء بِها تايهيونغ و زَوجتهُ الي هُنا من ضِمنها هاتِفها الذي قَدمهُ اليها بِرحابَة صَدرٍ و قال بِوديَة
- هل اُعد لكِ شَئ تأكُلينَه ؟
حَدقت بِه للحظاتٍ تُفكر ، اخفَضت بصرِها الي رِسغها المُضمّد تُراجع افكارِها التي ناقَشتها خِلال طريقها الي هُنا ، النُسخَة الضعيفَة التي وَصلت اليها لا تُعجبها بتاتًا ، تودّ نَفض الغُبار على روحِها القَويَة
ليسَت من سَجيتها نهائيًا ان تكون بهذا الضُعف ، لَطالما كانت قُوتها لا تُقهَر ! هي حزينَة على نَفسِها اكثَر من أي شَئٍ أخَر
ناظَرتهُ بَعد لحظاتٍ من الصَمت ثُمّ قالَت
- ان كانت لاڤينيا مُتفرغَة ، قُل لها ان تُعد طبقي المُفضل
رأتهُ يقتربُ للجُلوسِ بجانبها قبل ان ينطِق
- اخبريني ماهو طبقكِ المُفضل و ساُعدهُ انا لكِ
طالَع عينا من استَنكرت قَولهُ و ظَلت صامِتَة تُناظرهُ دون اجابتِه ، ضَغط على نَفسِه و جابَه ترددهُ بالاقترابِ و المَسحِ على شعرِها الاسوَد مُتابِعًا
- ساُعده لكِ بكُل حُب
ما قالَتهُ بَعد حينٍ جَعلهُ يسكُت للحظاتٍ يُناظرها ما ان نَطقت
- لِما ؟ ايوجد حُب في قلبِك ؟
اجابَتهُ التي تَلقتها زَعزعت ثباتِها كُليًا و اخلّت من اتزانِ نابِضها حينَما قال
- نَعم يوجَد ، لكِ انتِ
الرَد الذي نالهُ مِنها كان احمرارُ وَجنتيها الطَفيفُ على ما قالَهُ ، وَجهها الشاحِبُ انبَثقت فيه الرُوح و تَغذّا بِحُروفِ حُبه التي ساهَمت في ازدهارِ قلبِها
اخَفضت بصرِها عنهُ حينَما انعقد لسانِها و نَجح في جَعلها تَلين و تُخبره بِطبقها المُفضَل ، اذ قالَت
- اُحِب السَمك المَشويّ مع الارُز بالشعيريَة رِفقة السلطَة المشويَة
قامَ بالايماء لَها و استَقام بِدوره بعدَما اخبَرها
- حسنًا انتِ ارتاحي و انا ساذهبُ لاتفقد المُكونات التي لديّ
انتَشل عُكازَهُ و سار في اتجاه المَخرج تحت نَظرات آلميرا التي كانَت تُراقِب ساقهُ ، لم تستطِع منع نَفسها من سُؤاله فعاطفتها تَغلبت على زَعلها لِذا قالَت
- هل قَدمك بِخَير ؟
فَتح باب الغُرفَة و حينما اراد الخُروج سَمع سُؤالها الذي جَعله يبتسِم لتجوابها معهُ ، التفت برأسِه اليها لِيقوم بالايماءِ ايجابًا
- انها تَتحسن ، شكرًا لِسُؤالكِ
لم يَردهُ اي جواب اضافيّ ، لِذلك غادَر بهدوء و لم يُغلق الباب خلفهُ كيّ تبقى تحت رقابتهُ ، يَخشى ان تقوم بايذاء نَفسها من جَديد رُغم انّهُ ابعَد عنها كُل انواعِ الادواتِ الحادَة ، كيّ لا تَنجرفُ بافكارِها السوداويَة بَعيدًا
اتصَل بتايهيونغ يطلُب مِنهُ احضار نواقِص البيت و من ضِمنها السَمك ثُمّ جَلس ينتظر حُضوره في الوَقت الذي وَضعت فيه آلميرا هاتفها في الشاحِن و تَمددت تُناظر السَقف و تتذكَر حديث لاڤينيا بِخُصوصِ عودتها للكتابَة
تشعُر انّهُ اكثر وقت مثاليّ ، تعودُ فيه الي موهبتها التي تُنسيها مَرارَة الحياة و تنتشِلُها من الواقِع ، لِذلك اغمَضت عُيونِها تتنهَد و تُحاول صياغَة الاحداث في رأسِها للبدأ في رِوايَة جَديدة تَسرِدُ فيها ما عاشَتهُ أخِر فترَة
باسماء شَخصياتٍ مُزيفَة
تَمددت على الطرفِ الثاني و قابَلها زوجِها الجالِس على الاريكَة المُقابلَة للغرفَة يعبثُ بهاتِفه بِتركيز ، لم تكُن تعلمُ انهُ يقرأ احَد وصفاتِ اعداد الارز بالشعيريَة حتى يُتقنهُ و يَنجح في جَعله لذيذ المذاق ليُناسب ذَوقها
استَمرت تتأمَلهُ و تَنسُج شَخصيتهُ في عقلِها
ماذا سَتُسميه ..؟ وهل تَنقُل شخصيتهُ بالكامِل ؟
طِباعهُ و تصرُفاته و حتى بُروده و حِنيته ..؟
ماهو الاسمُ الانسب الذي سيُلائِمهُ ؟
و الوَصف الذي قد يَتماشى مع شَخصيته..!
لا تودُ وَصف ملامِحهُ ، تغارُ ان تَقع احدى القارِئاتِ في حُبه ، كما فَعلن الملايين مع الوَزير ، تُريدُ ان تَحتفظُ بذلك الوَجه اليها ، لِنَفسها
شَردت بِه و راقَبت ابسط تَفاصيله و هي تُفكِر ، رُباه..! كُل يَومٍ يُصبح اكثَر وسامَة من الذي قَبلهُ ، تعجَبت و ظَلت تُراقبه اكثَر ، لحظَة ؟ اذلك شَعرهُ الذي نَما ؟ لم يَعُد اقرَع كالسابِق و طالَت بعض الخُصيلاتِ السَوداء التي غَطت فَروتهُ
لم يُصبح طويلاً لِدرجَة تَمكنها من امساكِه ، لَكِن فَروتهُ اصبحَت سوداء بالكامِل عَكس السابِق اذ كان بياضُها يَظهرُ
سَمِعت صَوت الباب يُطرَق و تلك لَحظة مُزعجَة ساهَمت في نُهوضه من امام مُحجر عَينيها ، حَقدت على تايهيونغ لانهُ كان السَبب في قَطع تأمُلها الي زَوجها الذي استَلم منهُ الاغراض و وَدعهُ
لم يَعُد يظهر امامَها لانهُ دَخل الي المَطبخ و بدأ يُنظف السَمك و يُنقيه من الشَوك ، التَفت على جانِبها الثاني تُناظر الخرانَة بِضَجر و حينما طَفح كيلُها استَقامت و قَررت تغيير مَلابسها
فَتحت الخزانَة و اخرجَت منامَة مُريحَة ، كانت عبارَة عن بِنطال قَصيرٍ يصلُ الي مُنتَصف فخذيها مع حَمالتهُ الصدريَة التي تَتشبه بشكلِ صَدفة البَحر
لَبستها و حينَما ارادَت اعادَة فستانِها الذي نَزعتهُ الي الخزانَة ، لاحَظت أن هُنالك عُلبة دواءِ تختبئ خَلف ملابس زَوجها ، لم تَمنع فضولِها من جَعلها تسرِقُها و تَقرأ اسمُها حينما تَردد الي ذهنها كلامُ جوليان الذي يختّص بامراض الرائد النَفسيَة
عَقدت حواجِبها تقرأ اسم الدواء الذي يَختصُّ بِتهدئَة نوباتِ الفصامِ و الهَلع ، فتَحتهُ و اخرجَت الشريط من الداخِل تتفقَدهُ باستِغراب
- مُنذ متى كانَت اقراصُ هذا الدواء بهذا الحجمِ الكبير؟
لطالَما كانت اصغرُ حجمًا ..!
تَمتمت مُستغرِبَة من حَجمها الغيرُ مُعتاد فَحسب تَخصُصها هي ادرَى بانواعِ الادويَة و حجم اقراصِها ، خَمنت ان الشركَة قد غَيرت الاقراص و قللت من الجُرعات لذلك اعادَتها مكانِها و لم تُشغل بالها بالتَفكير
اغلَقت الخِزانَة و مَشت في اتجاهِ طاولَة تبرُجها تَجلِسُ قُبالتها لِرؤيَة انعكاسِها ، لاحَظت فُقدانها الشديد للوزَن ما جَعل صَدريَة المنامَة واسعَة عليها حَد التأرجُح
عظامُ ترقوتها بَرزت بشكلٍ مُخيف ، احَست بالاستياء و اغمَضت عينيها تنتحبُ على جَمالها الذي كان يُضرَب به المَثل
حتمًا قد اصابَتها عينُ حاسِد ..!
تَنهدت بِأسَى و فَردت شَعرِها الطَويل تقومُ بِتَسريحه بلُطفٍ مُتجاهلَة الم رِسغها ، حاوَلت ان تتجاهَل كامل الافكار السَلبية كيّ تستطيع استِرداد عافيتِها قريبًا و تَضع حدًا لِهذه المُعاناة ، عَليها ان تَستعيد حَياتها ..!
سَرحت شعرِها و فَردتهُ و اخَذت من عِطرها تَضعُ منهُ القَليل ثُمّ استَقامت و خَرجت من الغُرفَة كيّ ترى مالذي يقومُ الرائد بِفعله
وَجدتهُ مُنشغل باتباعِ وَصفةِ الارز بالشعيريَة بينما يقطبُ حواجبه بِتركيزٍ تام ، جَلست امامهُ فوق الكُرسيّ الخاص بطاولَة الطَعام تُراقبهُ بِصَمتٍ جَعلها تنجحُ في التَستُرِ على وجودِها حَوله فهو لم يَنتبه من شِدة هُدوءها و تَركيزه
قام بِشَوي السَمك ، و نَقع الارز الذي اضافهُ في الاناء بعدَما حمَر الشعيريَة و سَكب المياه لِيجعلهُ يستوي في ذاتِ الوقت الذي انتَشل فيه الخُضار المشويّ و قطّعتهُ لمربعاتٍ صغيرَة الحَجم قبل ان يَضعها بداخِل المِقلاة من اجلِ تنشيفها من الماء
وَضع عليها زيت الزيتون و المُلح و قام بِتَقلبيها جَيدًا تحت نَظرات آلميرا المُنبهرَة في مهاراته بالطَبخ ، كان حَريص على تَنظيف كُل الفوضَى التي يَفتعلها بالوقتِ ذاتِه على عَكِسها هي ، بعد ان تنتهي من تحضير الاكل يكونُ شَكل المطبخ فوضاويًا
جَهز السَمك و جَهزت السلطة المَشويَة ثُمّ اخيرًا اطفئ على الارز و حينما اراد الالتِفات ليجلبِ المواعين من الخزانَة التي وراء الطاولَة صُدم بوجودِها امامَه
صَرخ بِقوَة يضعُ على قلبه مَذعورًا بِرؤيتِها تجلسُ بهدوء بينَما تُناظرهُ دون انقِطاع ، ابتَلع ريقهُ و نَطق مَفزوعًا
- مالذي جاء بكِ ؟ تركتكِ نائِمَة ..!
استَقامت من مجلِسها و كَشفت عمّا ترتديه لاعيُنِ زَوجِها الذي ابتَلع ريقهُ مُحاولاً التَحكم بِنَفسه ، انّهُ ليس الوقتُ الامثل للسَماحِ بغريزَتهُ تَحكمه
مَشت في اتجاهه و تَصرُفها كان غريبًا للغايَة ، حينما رَفعت يدها و مَسكت شعرهُ تتفقدهُ بلُطفٍ تام ، كان خَفيفًا جدًا لكنهُ ناعم كفاية ليمنحها شُعورٍ جَميل
- لقد طال شَعرُك
نَظر بداخِل عُيونِها فقام بالايماء ايجابًا لِمن لازالَت تلتمِسهُ بِرفقٍ و قَد بدت مُعجبَة بِه ، اُمنيتها ان تراهُ بشعرٍ طَويل يَتماشى مع مَلامحه
رُغم انّهُ لم يَعد يقل وسامَة عن غيرِه في عُيونِها ، فهو قَد تجاوز غَيرهُ بِمراحل ..!
كانَت فُرصتَهُ التي اغتنمها بامساكِ خَصرِها المَكشوفِ و المَسحِ عليه برفقٍ تام ، ليسَت وحدُها من تلتمسُه ..! كُل شخصٍ يلمس الجُزء الذي يُحبه
اخَفضت عَينيها من شَعرِه الي عَينيه و هي تَستشعرُ لَمساتِه التي تُذيبُ قلبِها ، انزلت يدِها من فوقِ راسِه لالتماسِ وَجهه برفقٍ تُخاطِبهُ بِنبرةٍ خانِقَة
- ماذا لَو لَم تَلُمني ..؟
لفّ ذِراعَيه حَول خَصرِها بالكامِل ليقوم بِسَحبها ناحِيتهُ و جَعل صَدرِها يُلامس خاصتهُ قبل ان يَقوم بالهَمسِ امام مَلامِحها التي يُحِب
- اسِفُ لَكِ
كان القُربِ الناجِم بَينهُما ، مُتسبب في جَعل انوفهما تَتصادم و انفاسِهما تُنفَثُ على شِفاه الاخَر ، عُيونِها السَوداء لم تُقصِر في عِتابه و هي تُنزل يدِها من وَجنتهِ الي صَدرِه للتشبّث بِقَميصِه
- ماذا سَتُرمم كَلِمَة اسِف ؟ مالذي ستُصلِحهُ ؟
كانَ هَمسُها القَريبُ من شَفتاهُ يُفقِدَهُ صَوابه ، و قَد علِمت عن مَدى تأثيرُها عَليه حينما رأت عُيونَه الذابلَة ، تَعرِفُ جَيدًا انّهُ يُحِبُها ، لَكن طريقَتهُ في الحُب مُؤذيَة و إن لم يَكُن بِقَصده
- انا الذي ساُرمم و اُصلِح ، همم ؟
ذَلِك ما قالَهُ بَعدما استَطاع أن يَخرُج من قاعِ عِشقها ليأخُذ بضعًا من انفاسِ الحَياة للحَديث..! ثُمّ هو على درايَة تامَة انّهُ سيُقتل من جَديد و تَغيبُ عنهُ انفاسَهُ من نَظراتِ عُيونِها القاتِلَة تِلك
لا تَبذلُ أيّ مَجهودٍ لِقتلِه
هو جُنديّ خانَ وَطنهُ و طَمع في خاصِتها
خِيانَة الوَطن الوَحيدة التي تَروقُ لَهُ
حينما تَكونُ هي الغنيمَة خِتامًا
- انت تُفسد الامَرُ بعد كُل مرَة تُصلِحه جيون
هَمِست لهُ من جَديد بعدَما قامَت بِوَضع يدِها على وَجنته تَلتمسُ بشرتهُ باصابِعها حيثُ تابعَت و الغِصَة تُرافق حُروفها
- لا يُمكنك ان تَتخيل كَم خطأك هذه المَرة كان مُدمِرًا ، طَغا عَن كُلِ خَطئٍ سابِق ، انت فَرطت بي و تَناسيتَ انّي اخصُك ، غَفلت عن كَوني امرأتك و أبهرتك قُوتي التي تَلاشت بِمُجَرد ان عَلمت انك عَدوي..!
كانَ كَلامُها مُؤثِرًا كِفايَة ليسَحق ما تَبقى من مَشاعِرهُ التي سَبق و ان قَتلها ضَميره ، بانَ عليه الحُزن و النَدم لَكنهُ عَجز عن تَبرير مَوقِفه و القاء اللَوم على صَدماتِ طُفولته التي تُؤثِر على عِلاقتهُ و تَجعلُها سامَة بالنسبَة اليها
هو شَخص سام ، لِلانثَى التي كرّس حَياتهُ لِحُبها
التي بينَ يداهُ ، هو يُؤذيها..! و المُتسبب الأول عائِلتهُ
لا يُريد ان يَكون مُؤذيًا اطلاقًا ، يُحِبُها و يُحِب أن يُحسن مُعاملتها كيّ يُشعرها باهميتِها لَديه ، لَكن خِتام كُل فرصَة يحصلُ عليها لابد ان يَتغلب عليه طَبعهُ و تُهاجمهُ صَدماتُه التي تَجعلهُ يُؤذيها..!
كان حِصارَهُ لَها ضِد خزانَة المَواعين من خَلفِها نَاجِم من تَدفق مَشاعِره التي اجبَرتهُ على الاندِفاعِ و احاطِتها بِذراعَيه كيّ يُبرر ، لَعلها تَقتنعُ و تَنصاعُ الي حُبه
- انا استطيعُ اصلاح الأمَر ، استطيعُ ان احصُل على حَياة سعيدة معكِ ، فقط دَعيني اُثبتُ لكِ ذَلِك
قال هامِسًا بِحُزنٍ استَطاعت آلميرا الشُعور بِه ، تَشعُر ان طِفلهُ المَجروح هو من يَتحدث بدلاً مِنهُ حينما تَحدث عَن أحقيتهُ بالحُصولِ على حَياةٍ سَعيدَة
أضعَفها ..! ضَعفت امامَهُ و كان المُتسبب في امتلاءِ جُحر عُيونِها بالدُموعِ التي آلمَت قَلب زَوجِها بدلاً مِنها ، انّها ليسَت عُيونٍ يُسهَل ابكاءُها ابدًا
عُيون زَوجتهُ يُصعَب ملؤُها بالدُموعِ
- لَكِني لستُ مُذنِبَة ، لِما تَجعلني ضَحية طِفلُك المَجروح ؟
نَطقت بِمرارَةٍ بعدَما اجتاحَتها العِبرَةُ و مَنعت عنها سُبل التَنفُس ، جاوَلت جَذب اكبر قَدرٍ من الاوكسجين لِملئ صَدرِها الضيق و عُيونها لا تُزاح عن خاصَةِ زَوجِها الذي نَطق بعدَما رَفع يدهُ و بطرفِ ابهامه مَسح دُموعها
- صَحيح انتِ لستِ مُذنبَة
حَرِص على أن يُزيل كامِل قَطراتِ الدُموعِ عن عَينيها ثُمّ واصل مُتحدِثًا بِغصّة
- لَكِن اُنظري اليّ ، و انا اُحاوِل من اجلِك
رُبما كانَت جُملتَهُ اقصَى ما تَسمعُ امرأتَهُ مُنذ زواجِها منهُ للوقتِ الراهِن ، يُطالِبها بأن تَرى كُلّ مُحاولاتِه في التَغلُب على أزماتِه النَفسيَة من اجلِها هي دون غَيرِها ، من أجل ان يُرضيها و يَكسب رِضاها لِتَكون سعيدَة في جِواره
يُحاوِل بِجدٍ و كَد ، فقط لِينال قَلبُها حتّى يستطيع الحُصول على اُسرَة آمنَة تُعوِضَهُ عن مَرارَة ما قَساهُ في طُفولتِه
اقصَى طُموحه الحُصول على بَيتٍ دافِئ ، تَكونُ هي اساسَهُ الأوَل و الأخير ، لا يُريد غَيرُها اطلاقًا و هو ليسَ مُستعد نهائيًا ان يُغير من نَفسه لاجلِ انثى اُخرَى
يُحاول ان يَتحسن لاجلِ آلميرا فَقط..!
يَجعلُ عُيونُها تَفيضُ من الدَمعِ ، الي الحَد الذي يُرغمها علو عِناقه و حَشر رأسِها بداخل رَقبته للاختباءِ من نَظراتِه المُميتَة تِلك
لم تَعُد عيناهُ قاسيَة و جاحِدَة ، هي لينّةِ بالشَكلِ الذي يُؤذيها
يَجعلُ من قُوتِها تَتلاشَى ، مَفعولُ نَظراتِه باتَ خطيرًا على جَيروتِها..!
- لا اسمَحُ لَك ، أن تَلتمّ انت و نَظراتُك و مَشاعرك دُفعَة واحدَة للقضاء على اتزاني..! كَفاك
ما تَبقى من استِقرارها زَعزعهُ حَضرتهُ و جَعلها تندمُ انها غادَرت الفِراش لِتكون بِجوارِه ، لَيتها بَقت نائِمَة و مَنعت الحِوار مَعهُ كيّ تتمكن من الحِفاظ على كِبرياءِها و اعطاء زَعلِها منهُ قيمَة اكبَر
احكمت اغماضِ عُيونِها التي تَسربت مِنها قَطراتُ الدَمعِ و بَللت قَميصه ، احَست بِقُبلاتِه على فَروةِ رأسِها يُعطيها كَمًا من الآمان الذي تَفتقِدهُ
لَكن مُجَرد التَفكير أنّهُ قد يُعيد التَخلي عنها عند أولِ مُشكلَة تُواجه كِليهما ، يَجعلُ ذلك شُعور الآمان يَتلاشى بداخِلها بِبُطئ فيحَل مكانهُ الخَوف بَدلاً
ابتَعدت عنهُ و هي تَمسحُ دُموعِها حيثُ ناظَرتهُ قائِلَة
- أثبِت لي
قَطب حواجِبه بخفَة و هو يُناظِرُها مُستغرِبًا يَنتظرُ ان تُفسِر ، استَغرقت وقتًا من التَفكيرِ قبل ان تُخبِرَهُ بهُدوء
- أثبِت لي ، انَك تَستحِقُني ..!
حَديثُها بِمثابَة تَحدي لهُ ، ان يُثبت أحقيتهُ بِها أي عَليه بذل اقصَى مَجهود يَمتلِكهُ حَتى يُريها انّهُ فعلاً يَستحِقُها
قَد يكونُ الامر عاديّ بالنسبَة الي اي رَجُلٍ اخَر ، لَكن لهُ هو فالوَضع صعب للغايَة ، لا يستطيعُ ان يَكون طيلَة الوقت مُتزنًا و مُستقر على شَخصيَة و طِباع واحِدَة ، فِصامَهُ يَتحكم بِه في مُعظمِ الاحيان
هي ، تَطلُب مِنهُ المُستَحيل
تُريده ان يَكون رَجُلاً مِثاليًا بين ليلَة و ضُحاها..!
حينَما لاحَظت تَشنجه ، ابتَسمت بسُخريَة قبل أن تنطِق بِنبرةٍ خافتَة
- لستُ اطلُب منك ان تكون مِثاليًا جونغكوك
فقط..! اطلُب منك ألا تُؤذيني
جَففت ما تَبقى على مَلامِحها من آثار الدُموعِ ثُمّ واصلَت بِقهَر
- اطلُب مِنك ان تَكون رَجُلٍ لي ، في العُسر قبل اليُسر
ان اجِد كَتِفك ، كيّ اتكئ عَليه حينما يَميل جِذعي
و يَعجزُ جَسدي عن حَملي..!
انتَظرت مِنهُ جَوابًا ، لَكن صَمتهُ الطَويل جَعلها تشعُر باليأسِ منهُ ، لم تَعُد تمتلكُ طاقَة لان تَحتمل القادِم من اخطاءِه ، فهو سَلب كُلّ طاقتِها دُفعَة واحِدَة بأخَر غلطٍ ارتكَبه
- افسِح لي ، اُريد ان أستَريح
نَطقت بعدَما دَفعتهُ من صَدره و أفسحَت المجال لِنَفسها بالعُبور و حينَما مرّت من امامَه تسوقُ خُطواتِها الي غُرفتهِما سَمِعتهُ ينطِق
- ساُحاول
تَوقفت عند مَدخل الباب تلتفِت اليه اذ سَمِعتهُ يُواصِل مُتحدِثًا
- لَكِني ، ضَعي في عين الاعتبار انّي مَليئ بالعُقد النَفسية التي من المُفترض أن تَفهمينِها انتِ ، تغلبُ على تَصرُفاتي و تجعلُني عاجِز عَن التَحُكم في نَفسي احيانًا
التَزمت الصَمت و هي تَراهُ يَجذبُ عُكازه كيّ يسير ناحِيتها و يقفُ امامَها من جَديد حيثُ تابَع بعدما طالَع عينيها
- ساُساندكِ ، للخُروجِ من أزمتكِ الحاليَة ، و بَعد اذ اُريد منكِ مُساعدتي لاحصُل على استقراري النَفسيّ ، كَطبيبَة قبل ان تَكوني زَوجة
ناظَرت عَيناهُ السَوداء تُنصِت اليه يُكمِل بِرجاء
- رجاءًا ، افصلي مَشاعِركِ عن كَونكِ زَوجتي ، و خوضي تجربتكِ معي كَمُعالجَة نَفسيَة ، عامليني كَمريضُكِ و بيدكِ مفتاح نَجاتي
سَكتت تُفكِر بِكَلامهُ و قبل ان تُجيبه سَمِعتهُ يُتابع
- لم يسبق و ان طَلبتُ من احد ان يُساعِدني لاخرُج من قاعِ الظلام الذي امكُث فيه مُنذ ان خُلقت ، كُنتُ و لازلتُ وَحيدًا الجَميع يعجزُ عن فَهمي ، لكنّي اتمنَى ان تَكونين الشَخص الوَحيد الذي ، سيستطيعُ فَهم حَقيقة ما اشعُر به ، و يَمسح بُقعَة السواد التي تُحيطُني
قامَت بالايماء بَعد فترةٍ من السُكوت ، و هي على اتمّ الادراك كَذلك ان التعامُل معهُ كَمريضٍ نفسيّ لن تكون سَهلة ، سيكونُ من الصَعب مُعالجتهُ خصوصًا بالاعراضِ التي ستظهرُ عليه و على الغالب ، ستكونُ عدائيَة
نَظرت بِداخل عَيناهُ تَراها تُومِضُ بالأمَل ، هو لا يَعرِفُ القادِم لَكنها تعرفهُ جَيدًا ، و كيّ تصلُ الي تلك المرحلَة معهُ عليه ان يُثبت لها انّ مُعاناتها في عِلاجه تستحِق ، عليه أن يُريها انّهُ جَدير بِها و انها لن تتألم مَعهُ هباءًا ..!
هي ليسَت مُستعدَة ان تُعاني من نوباتِه التي قد تُؤدي الي مُحاولاتِه في قَتلها ان فقد سيطرتِه على نَفسِه ، إلا بَعدما تتأكَد انّهُ جَدير بها و سيمَنحها الحُب الكافي بعد عِلاجه
عَليها التأمينُ على نَفسِها جَيدًا
- حَسنًا ، مُوافقَة
ابتَسم لَها بِلُطفٍ تَسبب في ظُهورِ غمازتِه التي تُحِب ، قاومَت عدم تَقبيلِها و انتَظرت منهُ ان يَجلب لها الطعام حينما عادت الي الفِراش تَستريح ، قلّة الاكلِ تجعلُ جَسدُها يتعبُ من ابسط مَجهودٍ يبذله كالوقوفِ و المَشي بضغ خُطواتٍ قليلَة
جاء بِتلك الصينيَة التي حينَما ناظَرتها التزمَت الصَمت للحظاتٍ تتأملُها ، رَفعت عينيها اليه و ناظَرتهُ حينما جَلس امامَها اذ سألَتهُ
- انت تُجيد الطَبخ ؟
قامَ بالايماء و قال
- لطالَما اعتدتُ ان اطبُخ لِنَفسي ، مُنذ ان كنتُ شابًا لاني لم اكُن اجِد الأكل حينما اعودُ من الخارِج ايام مَسكني مع عائلتي ، لذلك كَبيرة الخَدم علمتني بِنَفسها بعدَما حاولت امي طردها حينما اكتَشفت انها تقومُ بتخبئة الطعام لي
عَقدت حواجِبها مُنزعجَة من مُعاملَة اُمه القاسيَة معهُ ، لم تكُن تفهم السَبب وراء كُرهها الشَديد لابنِها ..! مُجرد تَذكرُها جَعل صدرها يَضيق
قامَت بِجَمع انفاسِها و طَرحتها بعد إذ بِبُطئ قبل ان تَملئ المِلعقَة بالارز و تَتذوَقهُ بحَذرٍ شَديد ، كان يَترقُب وجهها لرؤيَة التعابير التي ستُظهرها بعد إذ ، لكنها حافَظت على مَلامح هادئَة تمامًا لِتكون مُنصفَةً في ابداءِ رأيها
استَغرقت وقتًا لِتُعطيه رأيها و هو صَبرهُ يكاد يَنفذ اذ واصَلت على انهاء الطَبق و لازالَت صامِتَة لا تُعريه اهتمامًا ، اتمَت الطَعام ثُمّ ناظَرتهُ تراهُ يتصبب عَرقًا من كَبحه لسُؤاله ، دَفعت حاجِبها عاليًا ثُمّ دفعت بالصينيَة نحوهُ قائِلَة
- الأرز يَنقصهُ المِلح ، و السَمك تتبيلتهُ يَنقُصها الكمون
رَمش مُتعجبًا و قد احس بالاحباط لِوهلَة ، لَكنهُ عاهد نَفسه على ان يَتحمل تذمُراتها و صَداتها لهُ ، حَمل الصينيَة باستياء نَجح في اخفاءَهُ ثُمّ نَهض مُستندًا على عُكازه كيّ يسير الي المطبخ و يَغسل الاطباق
بالنَظر الي حالَة ساقِه ، فهو اكثر تعبًا مِنها هي لذلك احست بالاستياء حِياله و نَهضت لتتولَى مهمَة غسل الاطباقِ بدلاً ، حينما تطوعَت لفعل ذلك رَفض هو قيامِها بالغَسيل كَون رِسغها مَجروح و ضِمادها سيبتَل
ناظَرتهُ بجديَة ثُمّ قالَت
- استطيعُ تولي المُهمَة انا لستُ عاجزَة
بِمُجَرد ان حَملت الطَبق سقط من بين يدِها لِثقله على جُرح رِسغها الذي آلمَها ، ناظَرها بِعتابٍ و قال مُؤنِبًا لَها
- عودي الي فِراشك ارتاحي ، لا يَنقصكِ مَزيدًا من التَعب
انخَفض يُلملمُ الزُجاج فانحَنت هي مَعهُ تُساعده مُتجاهلَة توصياته لَها ، ناظَرها يرى عنادها الذي يستَحيل كَسرهُ ، انتهى به المَطاف يَتنهد و يَستقيم بِمُساعدتها حينما وَضعت يدها السليمَة تَحت ابطِه
ناظَرت عيناهُ و قالَت بعد ثوانٍ من الصَمت
- سَنغسلُ الاواني مَعًا ، انت تَغسلها و انا اُنشِفها
كان سيعترِض لَكنها أصرَت بِعنادٍ يفوق قُدرته على مَنعها
لذلك ، تَنهد مُتعبًا من الجِدال و جَهّز دلاء الغَسيل
الأول فيه الماء ، و الثاني الصابون
لَبِست هي كنزَة صوفية تَقيها من البَرد حينَما خَرجا سويًا الي فناء المنزِل حيثُما جَلسا على كراسٍ ارضيَة من الخَشب مُقابل بعضِهما البَعض
بدأ الرائد بِغَسل الاواني و فركها بالصابون قبل ان يُمررها بالماء حتى يُزيل تلك الفُقاعات ثُمّ يُقدمها الي امرأته التي تُنشفها بالمنشفَة و تَضعها في صينيَة كبيرَة سيحملها هو لاحِقًا و يُعيدها الي المطبخ
لاحَظت هي وجود الكَثير من العَساكر حَول منزِلهما و ذَلك اشعرها بالرُهبَة لِوهلَة لذا سألتهُ مُستغرِبَة
- لِما يوجَد عساكر هُنا ؟ لطالما كُنا لوحدنا؟
كان يَرفض رفع عيناهُ من فوقِ الاواني التي يَغسلها فَشكلهُ مُثير للسخرية امام عَساكره الذين يُراقبونَه يغسل المواعين بدلاً من زَوجته
لم يكُن يَهتم ، لكن هَيبتهُ تُؤنِبهُ
- انتِ تعرفين ان المنطقَة غيرُ آمنَة ، لِذلك نَحتاجُ مزيدًا من الحِمايّة لضمان سَلامة كلينا ، خصوصًا ان الجَميع يعرفُ بامرِ اصابتي التي جَعلتني التزمُ البَيت هذه الفترَة
عُذره كان مُناسِبًا لاقناعِها لذلك لم تُعلِق و فضَلت الصَمت و هي تُراقبه يغسل الاواني بِاتقان ، سألتهُ عن ذَلك قائِلَة
- انت بارِع بهذا؟
همهم لَها و قَدم الطبق اليها يُجيبها
- كنتُ اعملُ في احد المطاعِم لغسيل الاطباق بعد الدَوام ، اغسل في اليوم ما يُقارب الالفين طَبق
اخَذ مِنها المنشفَة لِتنشيف يديه بعدَما انتهى ثُمّ ناظَرها بهُدوء
- ابدوا من عائلة ثريَة لكنّي لم اعش حياة الاثرياء اطلاقًا
استَقامت معهُ حينما حَمل الصينيَة بيدٍ واحدَة جعلها تَنبهر من قُوتِه ، دَخل مَعها الي الداخل و اغلق الباب وراءهما فتكفل احَد عساكره بِسكب مياه الدلاء داخل التُربَة
وقفت في مُنتَصف الصالَة تُراقبهُ يُرجع الاواني الي مَكانها و لهذا الحَد لم يكُن لديها حُجَة تستطيعُ فيها مُرافقته اكثر فقد أدَت مُهمتها على كامِل وَجه
انتَظرت قليلاً ان يَلتفت اليها او يُعير وجودها اهتمامًا ، لَكنه كان مُنشغل في اداء مُهمته فالرِجال تَركيزهم عادَة ينصب في اتجاهٍ واحِد
حينما يأست مِنهُ قَررت الانسحاب و العَودة الي فِراشها الدافِئ كيّ تحظى بقليلٍ من النومِ و الراحَة ، اغلَقت عُيونِها و خافَت من تلك الكَوابيس التي قد تُراودها و تُعرقل مِزاجها الذي بدأ يَتحسنُ بِبُطئ
للتوِ بدأت تتجاوَبُ مع العالم الخارجيّ ، لا تُريد ان تعود الي نُقطَة الصِفر من جَديد ، جَلست تَضمُ رُكبتيها الي صَدرِها قبل ان تَسمع خُطوات زَوجها تسيرُ في اتجاهها ، اغلق باب الغُرفَة خلفهُ و جَلس بِجوارها بعدما جَاء بِطبق يحتوي على شَمعتين
علِمت ان الكَهرباء سَتنقطعُ قريبًا ، فموعِدُها يحينُ بالمَساء لِذلك سَكتت تُطالِع السَقف بِشُرودٍ قاطَعهُ لَمسة الرائِد ليدِها
التَفت برأسِها لهُ تُناظِرهُ حينما قال
- حينما تنقطعُ الكهرباء ، ستُفصَلُ المدفئَة ، سيكونُ الجو بارِد جِدًا
كانَت هادِئَة تنتظرُ تَفسيرًا لِكلامهُ الذي تَظنهُ عشوائيّ ، لَكنها اُذهلت حينما انقطعَت الكهرباءُ ثانيِتها و اقبالِه على سَحبها الي حُضنِها جَعلها تتجمّد بين ذِراعيه
- لِذلك ، علينا استخداىُ الوسيلَة التقليديَة في جَعل الجَسدُ دافِئًا
تَسمرت في مُنتَصف ذِراعيه تُطالِع الفَراغ بِعَينين سارِحَتين حتى سَمِعتهُ يهمسُ بداخِل اُذنِها قائِلاً
- لا شَئ يُضاهي حَرارة الالتِصاق
قامَت بابتِلاع ريقها فَتصرُفاته الاندفاعيَة نَجحت في فَصل عقلها عن افكارِها المُظلمَة و وَجه كامِل تَفكيرُها نَحوهُ و نحو خُطوتِه القادِمَة
كانت تَسمعُ صَوت المَطرِ خارِجًا ، الجو بدأ يَهدأ تدريجيًا و يُصبِح نَفسهُ القريب من اُذنِها مَسموعًا بشكلٍ مُربِك
لم يسبِق و أن اجتاحها الارتباكُ بِحضورِه الي هَذا الحَد ، مُنذ ان عادَت من تلك المُهمَة اصبَح كُل شَئ مُختلِفًا ، سَواء على الصَعيد الجَسدي ، النَفسي ، و كَذلك العاطفيّ ..!
بالنسبَة الي الرائِد فشجاعَة زَوجتهُ في تلك المُهمَة لعبت دورًا كَبيرًا في جَعله يَقتدي بِقُوتها في الاوقاتِ الصَعبة ، كان فخورًا بِها بشدَة و هو يَراها تُجيد حَبك زمام الامور دون ان تَخاف حينما وُضِعت في مأزقٍ غَيرُها كان سينهارُ منهُ
عَودتهُ حَيًا ، كان الفَضلُ الاول لَها هي
اما من طَرفها هي ، فَوقوعِ زَوجها في الخَطر الذي كان سيؤدي بحياتِه الي المَوت ، جَعلها تُدرك انّها لا تستطيعُ العيش في واقعٍ هو ليسَ فيه
لا مانع لديها ان تَنفصل عنهُ و هو لازال حَيًا ..!
المهم انهما يَتشاركان الحياة ذاتِها
فِكرَة انّها قد تعيشُ في عالمٍ هو ليسَ فيه ، كانَت مؤذيَة للغايَة
جَعلتها تُدرِك ان قلبُها يُناجيه
كانت على اتمّ الاستِعداد بِمُصارحته بحقيقة شُعورها باد رِحلة التعافي مِما عاشَتهُ ، لَكن موقفهُ مَعها جَعل تردُدها يسبقُ كُل خُطواتِ شَجاعتها في الافصاحِ عن احساسِها ناحِيته ، خَطئهُ ايقَظ عِقلانيتِها و كَبح عاطِفتها بداخِل قَفصِ التأني بعدَما رَمى المِفتاح وِسَط بِئر التَحفُظ
اغمَضت عُيونِها تَتنهدُ بِبُطئٍ لِتشعُر بِلمساتِه عَلى شعرِها الخَفيفَة ، مُبادراتِه تِلك تَنجحُ في جَعلها تَلين فالانثَى رَقيقَة الطبعِ مُرهفَة الحِس و الشُعور
ابسَطُ الافعالِ تُساهم في خَطفِ قلبها المُحتاج للحُبِ و الرِعايَة
احَست بالاستِرخاء على لَمساتِه ثُمّ لاحَظت تَشُنجه نَظرًا لِمُحاولته في رَفع قدمهُ المُصابَة على السَرير بدلاً من تدليها على الارض كيّ يُصبح مُتساوٍ مَعها
ابتعَدت عنهُ و ناظَرتهُ قائِلَة
- قُل لي ، ساساعِدك على رَفعها
حاول مَنعها لكنها تَصرفت بِسُرعَة جَعلتهُ عاجز عن النُطق ، رَفعت ساقهُ و تجاهلت المِ رِسغها ، كُل منهُ يَهتم لراحَة الثانٍ دون الاهتمام بِراحته
قامَت بِسَحب الغطاء عَليه و هذه المرَة هي من عادَت الي حُضنه بتلقائِيَة قبل ان تَرفع عينيها اليه و تَقولُ مُبررة تصرُفها
- فقط هذِه المرَة ، لان الكهرباء انقطعَت في جوٍ عاصِف
النَظر اليه في اضاءَة خافِتَة تَحكمها الشُموع يَجعل الجَو شاعريّ للغايَة ، يسمحُ للمشاعر ان تَقودُ بَقيّة الوظائِف الحِسيَة و تتولّى مُهمَة بَقيّة الحَواسِ اجمَع
شعرُها الذي يتمردُ لِمُلاطفة مَلامِحها بين الحينِ و الاخَر يَجعلهُ في قِمَة غيرتِه مِنهُ ، لانهُ يحصلُ على شَرفِ مُلامسَة وَجهِها الملائكيّ عِوضًا مِنهُ ..!
قام بابعادِ خُصيلاتِها تِلك و حاصَرها وراء جِدار اُذنها بانامِله كيّ يُمتع نَظراته بِحُسنها في اكمِل صُورَةٍ مُمكنَة ، كانت هادِئَة و انفاسُها مُضطرِبَة للغايَة
بالكادِ تستطيعُ الحفاظُ على رَجفتِها التي ظَهرت حينما انخَفض لِتَقبيل جَبينها ، لَم يَكفيه مِساحَة جَبهتها التي احتَلها . بل اراد استعمار ما تَبقى من وَجهها عندما نَزل بِشفاهه على طُولِ جِسر انفِها دون فَصلِ فاهه عن بَشرتِها وصولاً الي مُقدِمته حيثُما قامَ بترك عضّة خَفيفة هُناك
مَسكت كُلّ انفاسِها بداخل حُنجرتِها تَكبحُها خوفًا من الفِرار و فَضحِ اضطرابِها المُفتعَل من قِبل من قام بامساكِ ذَقنها و رَفع رأسِها حتى يَتماشَى مع مُستواهُ كيّ يُعطي لِنفسه كامل الصلاحيَة بِتَقبيلها
كانَت لحظاتٍ حابِسَة للانفاس ، كُل واحِد فيهِما قيّد انفاسَهُ و سَمح للأخَر بتوليِ مُهمَة قيادَة تِلك المَشاعر المُبعثرَة و توجيهِها الي المَسار الصَحيح ، حيثُما يَمكُث الحُب و اللهفَة
لَهفتهُ عَليها واضِحَة ، و هي لا تَقلُّ حالاً عَنهُ لَكِنها تُكابِر
حاوَلت الابتِعاد ، فَقيّدها من خَصرِها و هَمس قُبالَة شِفاهها
يأبى افلاتِها و تَرِكها تَفّرُ من بَين يديها التي انتَشلتها بِصُعوبَة
- حُبًا بالرَب ، اشتعلُ انا من اجلِك
نَظرت بِداخل عَيناهُ و سَمِعتهُ يُتابِع مُؤنِبًا بعدَما داعَب انوفِهما سَويًا
- دَعيني اُثبتُ لكِ كَيف اصبحتُ اتحكمُ بِنَفسي كيّ لا اؤذيكِ
اخَفضت بَصرِها للتَحديق بِساقه المُصابَة ثُمّ ناظَرتهُ تقولُ بنبرَةٍ غير مُتزنَة اطلاقًا فهو بَعثر كَيانِها و زعزع استِقرارُها
- لَست من انت سَتتحكمُ بنفسِك ، بل قَدمُك المُصابَة لن تَسمح لك بالانجِرافِ وراء رَغباتِك السادِيَة
كانَت خائِفَة من مُجاراتِه لانها سَتدفعُ ثَمن ضُعفها و رَغبتها بِه بانتهاء المَطاف بِها مُعنفَة من قِبله ، طالَعتهُ و رأتهُ يُنفي قائِلاً بِصَوتٍ مُهتَز ، لم يكُن في كامِل ثقته في انّهُ سيكونُ آهلاً للتحكمُ بِنفسِه ، لَكنهُ يُحاول
- لن تَصل درجَة الضَرر الي ما سَبق ، ستكونُ اقل
صَدمتهُ حينَما اقتَربت للدُخولِ بين ذِراعَيه ، تُغمِض عُيونِها و تتمسَك بطرفِ قَميصِه مُتحدثَة بِصَوتٍ خافِت
- يَكفيني ضَرري النَفسيّ ، انا لستُ مُستعدَة للحُصول على اخر جَسديّ قد يَجعل نُفوري مِنك مَحتومًا
رَفعت رأسِها الي مُستواه و هي تُسند وَجنتها على صَدرِه تُراقِبَهُ بتأنيب
- لم نَصل للمرحلَة التي ساقومُ فيها بمُعالجتِك ، آن ذاك ساسمحُ لك بفعل كُل ما تُريدُه ، حتى ساديتُك
اخَفض جَبينهُ ليُسندهُ على خاصتِها و هو يُناظر ابعَد نُقطَة في عُيونِها حيثُ قال بِهمسٍ يُشبه خاصتِها
- كَلِماتك الحَنونة التي تُردديها حينما افقد السيطرَة على نَفسي ، تُروض الوَحش الذي بِداخلي و تَجعلهُ خاضِعًا تحت إمرتِك ، انتِ الوَحيدة التي تستطيعُ جَعلي اتغير من اجلِها
التَزمت الصَمت و هي تَسمعهُ يُعبر عن شُعورِه ، لم تُرد مُقاطَعتهُ و تَركتهُ يُواصِل بِحُزنٍ واضِح
- انا فقط اُريد ان نَحصل على عِلاقة زَوجية طبيعيَة ، ذلك ما اُريده
اصَدرت تنهيدَة عميقَة اخرجت فيها ثِقل الشُعور الذي يُخالِجها ، استَغرقت وقتًا لِترتيبِ كَلامها و صِياغتهُ بِقولها لهُ حينَما كَشفت عن سوادِ عيونِها لهُ
- نحنُ لسنا في وقتٍ ، يسمحُ لعلاقتنا الزوجيَة ان تكون قائِمَة ، الوَضع ليسَ مُناسِبًا اطلاقًا ، لاسيما انّي لم اشفَع لك بَعد
لازال الاستياءُ مُخيّم على وَجه من استَمع بِانصاتٍ يراها تُواصِل بِهُدوء
- اقصَى ما اُريده في الوقت الراهِن ، الوصول الي الاستقرار النَفسيّ ، لا اريدُ الشُعور بأنّي اداة تُستعَمل لافراغِ شَهواتِك ، دون الالتِفات الي حَقيقة شُعوري
كان كَلامها منطقيّ لاقناعِه بالتراجُع عمّا يُفكر بِه ، لا يُمكنه اخَذ اي شَئ دون ارادتها فراحَتها تأتي في المَقام الاول بالنسبَة اليه
قام بالايماء ايجابًا و فَضل السُكوت من بَعدِها حيثِ اتكَئ بِرأسِه على مَسند السَرير يُطالِع السَقف بِهُدوءٍ تمامًا كما تَفعلُ هي
لم تكُن تلومهُ على انجذابهُ الجَسديّ لها اطلاقًا ، فهي كَذلك تمتلكُ الشُعور ذاته ناحِيتهُ و تريده بالطريقَة التي يُريدها ، لَكِنها تُكابر لا غَير
جَسدُها يَرفضُ التجاوبُ مع عِقلانِيتها ، و رُغم ذلك فهي تُجبِرهُ على الخُضوعِ الي اوامِر عَقلِها بالمُكابرَة في المَقام الأول
لن تَسمح لهُ باخذ حُقوقه منذ اول ليلَةٍ عادت بها معهُ الي المنزل رُغم انها صباحًا كانت تطلُب منه الطلاق ..! ماهذا التناقُض..؟
كانَت تستغربُ دومًا ، ان المُتزوجين يَتشاجرون صباحًا ثُمّ ليلاً ينامون في حُضن بَعضهم البَعض رُغم استمرار الخِلاف
الآن ، علِمت ان الرَغبات الجسديَة تنفصل عن العاطِفيَة
إلا في حالاتٍ نادِرَة تكونُ في المَشاكل لا تُطاق
اخَذت وَقتُها بالتَفكير على لَمساتِه التي تُمسِد فَروة رأسِها و دون شُعورٍ انتَهى بها المَطافُ تنام بَين ذِراعيه حينَما ساهَمت راحَتها في التخلي عن حَذرها من الكَوابيس المُخيفَة
نامت بعد ارهاقٍ شَديد حينما احسَت بالراحَة تُداهِمها و احاطَت خَصرهُ بِذراعيها تتشبّث بِه خوفًا من رَحيله
انَزل عينيه الي خصرِه يرى ذراعيها التي تتمسَك به كَطوقِ نجاةٍ تخافُ هُروبه ، تَنهد مُستاءًا من نَفسه و قام بِجَذب الغطاء عَليها يُطبطبُ على كَتِفها برفقٍ حتّى لا تَفزع اثناء نَومِها
تَمدد الي جانِبها و تَرك رأسها يُسنَد على صَدرِه دون ازاحتِه بينَما يَدهُ لازالَت تُربت على ظَهرِها بِرفقٍ للتأكد من حُصولِها على جَودةِ نومٍ عاليَة
استَغرق منهُ الوَقت ساعَةٍ كامِلة حتى استَطاع هو كَذلك النوم رِفقتها بعدَما تسبب صَوتُ الامطارِ في استِرخاءِه
•••
الساعَةُ الثالِثَة فَجرًا
لازال صَوتُ المَطرِ يَخبط ارضيَة البلدَة بِعنفٍ يَتسبب في ضَجيج عالٍ ، لم يكُن هو المَصدر الأولُ في ايقاظ الرائد من نَومِه ، بل سَماعه لِصَوت صُراخ زَوجته الهستيريّ جَعلهُ ينهضُ مَفزوعًا للاطلاعِ على حالِها
كان كابُوسًا مُرعبًا تَسبب لها في نَوبةٍ من الهَلع اخافَت قلب زَوجِها عليها ، تَبكي باستِمرارٍ و تَشُد على شَعرِها بقبضتيها بينَما تنتفضُ و تُحرِك اقدامِها بعشوائِيَة ، خافَ و لم يَكُن بِوسعه سِوا ان يَلُف ذِراعيه حَولها بِقوّة من الوراء يُحاول تَقييدها بِحُضنه و مُخاطِبتها قائِلاً بِلُطف
- اهدَئي ، هشش ، الميرا ارجوكِ
لم تكُن تُنصِت لهُ فهي مُغيبَة تمامًا عَن واقِعها ، تلك الكوابيس انتَشلتها من عالِمها و قيّدتها وِسط اسوءِ مخاوفها و اكثرُها رُعبًا
حاوَل بكامل طاقتِه ان يُعيدها الي واقِعهما ، لَكنها لا تَستجيبُ لهُ بل تَستمرُ بالصُراخِ و البكاء بالطريقَة التي تَفطرُ قلبَه
جَلس يُشعِل الشُموع بِجانبه ثُمّ انتَشل كوب الماء بِجواره يُبلل اصابِعه و يَرُش وجهها بِه لعلّها تتفاعلُ مع تلك القَطرات البارِدَة و تَفوقُ من كابوسِها
لَكن بدون جَدوى..!
شَتم لِكَون قدمِه لا تُساعده نهائِيًا بالحَراك لكنهُ لم يَستسلم و واصَل بِعزمٍ في مُحاولاتِه في احتِضانها و الضَغط عليها بِذراعيه بأقوَى ما يَملك
اجلَسها و عانَقها من الخَلفِ بقوّة نَجحت في تَكبيل تَحركاتِها ، لكن بُكائِها لازال عالِيًا و صَوتُ صُراخها يكادُ يُمزق حُنجرتِها
هَمس لها بِجوار اُذنها بِصَوته الدافِئ ، يُحاول الوصول الي روحِها و احتِضان اضطرابِها كيّ يَطردهُ بعيدًا عَن مُتناولها
- هششش اهدئي ، انا هُنا مَعكِ ، انا بِجانبكِ
انتِ لستِ وَحدُكِ
بدأ اضطرابُها يَخفُ تدريجيًا و تحرُكاتها العَنيفة تَقلّ حتّى سَكن جَسدُها بين ذِراعاهُ و بُكاءِها الهستيريّ وَحدهُ القائِم ، تَنفس بِراحَة حينَما اتَكئت عَلى صَدرِه و قامَت بِفتح عُيونِها المُبللَة للتحَديقِ في الفَراغِ بِتشتُت
فَك سَراحِها بِرفقٍ حينما علم انها استَعادت وَعيها لِيقوم بادارتِها نَحوهُ و احتِضان وَجهها المُبلل بِكَفيه يتفقدُ حالِها
- مابكِ همم ؟ مالذي يحدث؟
حَدقت بِه من وراء الحاجِز الذي صَنعتهُ عيونِها بفعل الدُموع اذ انهارَت تَبكي بِحسرَة و تَعب واضِح على مَلامِحها الشاحِبَة و المُنهكَة
- لق..لقد تع..تعبت ، ل..لم اج..اجد حلاً لع..لعذابي
صَوتُها المليئ بالقَهرِ أوجَعهُ ، لم يَكُن بِوسعه سِوا ان يَضمُها ناحيَة صَدرِه و يستمع الي المَزيدِ من ألمِها و هي تَبكي بِحرقَة تَكويهِ من هَولِ العَذاب
- ل..لم يعد بمق..بمقدوري التح..التحمل اكث..اكثر
اتم..اتمنى ان اخت..اختفي من ه.هذا الع..العالم
لا يُجيدُ المُواساة اطلاقًا . و لا يَعرِفُ كيف يُخفف عَنها حِدَة الوَجع ، لَكِنه حاوَل عبر الطبطبَة فوق ظَهرِها و الهَمسِ بالقُرب من اُذنها
- انها مسألة وقتٍ و سيختفي هذا الألَم
الزمن كَفيل ليمحي جِراحنا و يُجدد ارواحنا
حَشرت رأسِها في رَقبتِه تذرفُ اكبر قَدرٍ من الدُموع مُتحسرَة على ما مَضى ، قالَت من وِسط شهقاتِها المُتألمَة
- سيبقَى موتُ ليون بصمَة سَوداء لن استطيعُ تجاوزُها طيلَة حياتي ، ليتُني مُت مَكانهُ ، ليتهُ تَركني اُقتَل و لَم يتدخَل
رَفع يدهُ من ظَهرِه الي شَعرِها يَمسحُ عليه بِرفقٍ تام
- هشش ، ليون سَعيد انهُ ضحى بحياتِه لاجل وَطنه و لاجلنا ، جميعُنا فخورون بِه ، ارجوكِ لا تُلقي اللوم على نَفسكِ
رَفعت رأسها من فوقِ صَدرِه و طالَعتهُ بغصَة
- لَكنك فعلت ، ألقيت اللوم عليّ كَذلك
ناظَرها بِحُزنٍ واضِح اذ قال مُفسِرًا
- تَصرُفي نَبع عن جَهلي
كنتُ جاهِل
احتَضن وَجنتها بِكَف يده الذي احتوى وَجهها باسرِه ثُمّ تابَع قائِلاً بِنبرَة دافِئَة
- اسِف لكِ ، لانكِ كنتِ ضَحية جَهلي للمرَة الثانِيَة من بَعد ليلتُنا الاولَى
نَظرت بِداخل عَيناهُ و اقتَربت منهُ اكثَر قبل ان تُمسِك بِقميصه مُتحدثَة
- اجعَل ألمي الجَسديّ ، يَفوقُ خاصتي النَفسيّ
عَقد حواجِبه مُستنكِرًا حيثُ قال
- ماذا ؟
شَدتهُ من ياقتهُ و هَمست بالقُربِ من شَفتيه بِمرارَة
- اُريد ان اتناسَى وَجعي و انشغل بأخَر ، ارجوك
طَلُبها صَعب..! حينَما واصَلت تقولُ ما صَدمه
- ارجوك عَنِفني..!
كيفُ تطلُب منهُ ان يُعنفها ..؟ اجُنَت ..؟
نَفى يَعترِض لَكنها أصرّت و الدُموع تدحرَج من عَينيها دون تَوقف
- اشعُر اني سافقدُ صَوابي و اخرُج من عَقلي ، اُريد ان انشغَل بوجعٍ اخَر يُنسيني ألمي ، ارجوك
حَرك رأسِه نَفيًا حيثُ قال موضِحًا
- آلميرا لا ..! قد افقدُ صَوابي مُجددًا
مَسحت دُموعِها باطرافِ اصابِعها متحدثَة
- ذَلك ما اُريده ، ان تفقد صَوابك
طالَ صَمتهُ و انحرفَت معهُ افكارِها التي عَبرت عنها قائِلَة
- ان رَفضت ، ساقومُ بايذاء نَفسي باستخدامِ المِشرَط..!
قَطب حواجِبه بِغَضبٍ عارِم فهي قد تُغافلهُ و فعلاً تُؤذي نَفسها ، مَسكها من ذراعها يَعترِضُ بحزمٍ و جديَة
- اياكِ ..!
هي وَصلت لاعلى مَراحل الاضطِراب النَفسيّ ، لم يَعُد بمقدورها استعادَة اتزانِها بسُهولَة ، تحتاجُ وَقتًا كافيًا لتتشافَى و تَسترجع سَجيتها
مالذي فَعلهُ النَدم بامرأته ..؟
كَيف حولها الي هَذا الحَد المُخيف..؟
لِوهلَة يشعُر انهُ لا يَعرِفها..!
اصرّ على مَوقفه بالرَفضِ و قام بِسَحبها الي حُضنه بدلاً مُتحدِثًا بِهُدوء
- لن اسمَح لكِ ان تنظري الي عِلاقتنا من جانِب انها وَسيلة للتعنيف ..! ارجوكِ توقفي ذلك جارِح ، انها اعظمُ من ذَلِك
اتكَئت بِرأسِها على صَدرِه تَسمعهُ يُواصِل بِعتاب
- لن اسمَح لنفسي ان اخوض عِلاقَة معكِ و انا مُدرك اني ساؤذيكِ ، في كُل مرَة لمستكِ فيها كان هَدفي ان نَخرج بأقلِ الاضرار ..! و الان تَطلُبين منّي ان اُعنفكِ ؟ عودي الي رُشدكِ ارجوكِ
اغمَضت عينيها بِشدة تعتصرُ عَينيها بِحسرَة على الحال الذي وَصلت لهُ
- لَكن الوَجع يفوقُ قُدرتي جونغكوك ، مالذي افعَلُه ..؟
رَفع رأسُها اليه باستخدامِ ذقنِها كيّ يتسنَى لهُ النَظر الي عَينيها المُحمرَة اثر البُكاء ، كانت الاضاءَة خافِتَة بفعلِ نور الشُموعِ لَكنها كافيَة لِجَعل عُيونه تَرتوي بِجَمالها
- انا مَعكِ حتى نتجاوز الامرُ سَويًا ، انا هُنا من اجلكِ
كَلِماته مُطمئنَة للغايَة ، لَكنها لا تَضمنهُ اطلاقًا و ذَلك ما يَجعلها في خَوفٍ مُستمر مَعهُ ، حاوَلت ان تثق بِه ، ارادَت أن تُصدق انهُ لن يَخذُلها مُجددًا لِذلك قامَت بالايماء و العَودة لغرسِ نَفسها في مُنتَصف صَدرِه
هَمست بِصَوتٍ مَكتوم يكادُ يَظهر
- ارجوك ، لستُ مُستعدَة لتحملُ خَيبةٍ جَديدَة
مَسح على طولِ ظهرها مُتفهمًا حَقيقة شُعورِها جَيدًا ، من الصَعب اعطاء الفُرص و الطَرفِ الاخَر مُستمر في اهدارِها بدلاً من اثبات احقيتهُ بِها
قامَ بِجَمع انفاسِه و اصدار تَنهيدَة خافتَة عَبر فيها عن استِياءه ، لم يكُن بحوزته كَلِماتٍ مُناسبَة قد تَتماشَى مع المَوقف للتخَفيف عَنها ، حُضنه كان انسَبُ جوابٍ لامتِصاص حُزنِها و التَخفيفِ منهُ على الأقل
بين الفينَة و الاخرَى يَنخفضُ لِتَقبيل فَروة رأسِها ، يَراها تنكمشُ في حُضنِه تُحاول الاختباء من مَرارة ما تَعيشُه بداخِلها ، ثَقيل عَليها الشُعور الذي تَحس بِه تِجاه نَفسِها ، انّها المُذنبَة و الجانِيَة في كُل ما حَدث
لم تستطع التَوصُل الي نُقطَة الصُلح اطلاقًا
هي لم تستطِع مُسامحَة نَفسها..!
تَبلل قَميصُ زَوجِها من كِثرَة دُموعِها و اعيُنها مُعلقَة في انعكاسِها على المِرآه قُبالتها تَرى حُطامها امامَ عَينيها
حاوَلت التَغاضي و الاستِمرار ، لَكنها عاجِزَة عن فَك ذلك الحِصار
ارادَت ان تَستعيدُ قُوتِها التي تستمرُ بالفِرار
احكَمت على اغلاقِ عَينيها قبل ان تَنطِق بِصَوتٍ خافِت
- الحَل الوَحيد لأن اتجاوز ، هو انّهُ علينا الطَلاق جونغكوك
ابتَعدت عنهُ و نَظرت بداخِل عَينيه تُتابع
- عليّ ان ابتعِد عن هذه البيئَة ، كيّ استطيعُ استعادَة نَفسي
كَيف امَكنها ان تنطِق ما قالتهُ و هي تَنظُر في عُيونِه ؟
كيف امَكنها ان تَكون بهذه الشَجاعَة ، و ألا يَهزِمُها حُبه..!
- ان واصَلتُ على هذا الحال ، اُجزم انًي قد اموتُ من حَسرتي
هَمست تُواصِل لِمَن ابتَلع غِصتهُ و دَنى مِنها يحتضنُ كِلتا وَجنتيها بِكَفيه مُعاتبًا
- الي اين سَتذهبين و تترُكيني..؟
انها فترَة و سَتمر ، علينا ان نَصبِر
قالَت من وِسط ألمها تُوضِح
- انت لا يُمكنك ان تشعُر لما اعان..
قاطَعها هو بِصَوتٍ عالٍ جَعلها تتأهب و تُطالعه بِحَذرٍ و دَهشة
- بلى اشعُر ..! اشعُر و اعرفُ جيدًا الاحساس الذي يُراودُكِ
انخَرست و لَم تنطِق حَرفًا ، الي ان تابَع هو يقولُ بغصّة واضِحَة
- لانهُ ذات الاحساس الذي روادَني و انا اراكِ غارقَة بدمائِك ، و قَلبكِ يأبى الاستجابَة الي الحَياة ، و انا السَبب ..! ذاتُ الشُعور الذي يُقطعني و انتِ امامي غيرُ قادرَة على استعادَة سَجيتُكِ ، و فَقدت ما تَبقى من قُوتكِ و طاقتكِ ، لاني لم اكُن بِجواركِ ، لانّي لو كنتُ معكِ لَكنتُ هَونتُ الكَثير من ألمكِ و لَم اسمَح بتفكيركِ السوداويّ ان يأخذكِ منّي ..!
لم تَتوقف دُموعها لِلحظَةٍ عن النُزول و هي تَسمعهُ يُواصِل بِألمٍ و قَهر
- انتِ لا يُمكنكِ تَخيل مِقدار الألم الذي اشعُر به ، و انا اراكِ بهذا الضُعف رُغم ان قُوتكِ كانت لا تُقهر ، لِما يا تُرى ؟ لاني كنتُ اول من وَقف ضِدكِ ، اليسَ هذا سبب كافٍ يَجعلُني اُجرب مرارَة احساسُكِ ؟ او رُبما اسوَء ..! نحن فقدنا ليون و هو في مكانٍ افضَل ، لكنّي افقدُكِ و انتِ على قَيد الحَياة . اراكِ تتعذبين امامي و انا عاجِز عن مُساعدتكِ ، ثُمّ اتذكَر اني من اوصلتُكِ الي هُنا
قامَت بالايماء ايجابًا لهُ ثُمّ مَسكتهُ من ياقتهُ تجذبهُ ناحِيتها مِتحدثَة بِوَجع
- صَحيح ، انت من اوصَلتني الي هُنا ، عَليك ان تتألم اكثَر ، لِتَشعُر بربع مِقدار الألم الذي غَمرني في بُعدك و انا في امسّ الحاجَة الي حُضنك
اعتصَرت ياقتهُ بين قَبضتيها و كَم كان وَقعُ كَلِماته عَليهُ مُؤذيًا للحَد الذي لا تَتخيلَهُ ، لَكنهُ يستحِق ان يَتجرع من ذاتِ الكأسِ و لا يَجِدُها بالقُربِ منهُ ..!
- عَليك أن تَتوجَع ، و انا بِقُربك لَكنك عاجِز عَن الحُصولِ عليّ
لرُبما نيران قَلبي تَبرُد ، لعلِّ استردُ كَرامتي
لانَت نظراتهُ و احتَلها الحُزن حينما قال
- اكرامتُكِ اهم ..؟
مَسحت دُموعها بِخُشونَة لتقوم بالايماء ايجابًا و تنطِق
- تمامًا كما كُنت تَرى اعتقادِك أهم ..! كما فَضلت حضرتك طريقتك المِثالية في عِقابي ، لا يُمكنك لَومي و انت البادِئ ..!
انخَرس و لم يَملِك مَجالاً للرَد فهي غَلبتهُ و نَجحت في جَعله ذليل امام نَفسِه ، عادَت الكَهرباءُ في تلك اللحظَة فرآها تَنهضُ غيَة التوجه الي دَورة المِياه و لِخَوفه عَليها لَحِقها و تجاهل ألم ساقِه و قلبِه في الدرجَة الاولَى
وَقف امام الباب يَنتظرُ خُروجها و حينَما فعلت طالَعتهُ بِهُدوء
- لا تَقلق ، لن اقتُل نَفسي مُجددًا ! كان تَهور في لحظةِ ضُعف و انا لن اسمَح ان تُوصلني مُجددًا الي تلك المَرحلة
كان سيتحدَث لَكنها قاطَعتهُ بِقولها و هي تتجاوزَهُ عَودةً الي فِراشها
- تُصبح على خَير
لقد عاد قلبُها ليكونَ قاسيًا بعدَما بدأت تَلين ، غِياب الآمان مَعهُ سَبب فجوَة بينهُما صَعب ان تُسَد بسُهولَة ، ماذا يَفعلُ حتى يُثبت لَها انّهُ نادِم و يُحبها ..؟
كَيف يُقنِعها ، انّهُ يُريدُها و لن يُكرر اغلاطهُ مرة اُخرى؟
اجتاحَتهُ الضيقَة و لم يَعد بِوسعه الوقوف ، جَلس على الاريكَة و الهَم يملئ صَدرهُ و عيناهُ لا تُزاح عن صُورتهما المأخوذَة يوم زِفافُهما ، جاءَت بها انجيلا هديَة لهُما و وعلقتها آلميرا فوق التِلفاز ، تتوَسطُ صالَة بيتهُما و تُقابل كُل زائِر
ابتَسم بِخُفوت حينَما تذكر يَوم زِفافه و كَم كان مُميزًا للغايَة بِمُفاجِئتها لهُ عندما احضَرت فريقِه ، كان لاولّ مرَة يشعُر بالاُنس و الترابُط الاسريّ آن ذاك
بعدَما ظنّ انهُ سيقضي يوم زَواجه منبوذًا ، هي جَعلتهُ يَكونُ نجم يَومهُما حينَما سلطَت الاضواء عَليه و عَلى فَريقِه الذين لم يُقصروا بِفرحتهم بِه
كُل مواقِفها معهُ ، رُغم انّها لم تكُن تُحِبه ، تَجعلُه يشعُر بتأنيب الضَمير اكثَر ، لطالما حاوَلت و جاهَدت لأن تَجعل عِلاقتهُما قَويّة ، لم تُشعره يَومًا انهُ اقل من غَيرِه رُغم انهُ يفتقرُ للكَثير ، و خِتامًا هو يُجازيها باخطاءٍ صَعب عليها ان تَتقبلها
زَفر انفاسَهُ بِضيق لِيرَدهُ اشعار من هاتِفه حال ارتباط الانترنت بِه ، اخرَجهُ من جَيبه و فوجِئ بأن كاتبتهُ المُفضلَة نَشرت قِصّة على الانستجرام بعد غِياب دام طَويلاً ، مُنذ اخر فَصلٍ نشرتهُ و ذلك كان يَوم زِفافه
نَقر على حِسابها لِتُعرَض لهُ بِضع قِصص حَكت فيها عن اشتِياقها الي قُرائِها و اعتذارٍ عن غيابِها الذي حَدث فيه الكَثيرُ من الامورِ ، منها الجَيدة و السيئَة
نَصت في اخِر قِصّة على انّها تودُ العَودة بروايَة جديدَة ، و وَضعت تصويتًا إن كانوا يَرغبونُ بِتصنيفها يَكونُ زَواجًا اجباريًا ، أم قِصَة مدرسيَة
كان التَصويتُ الغالِب للزواجِ الاجباريّ لِذلك رآها تَكتُب في قصَة نزلت مُنذ ثوانٍ قالت فيها
- قِصص الزَواج الاجباريّ غير مُنتشِرَة في وقتنا الحاليّ ، لَكِني اعرفُ كم قِصَة مُميزة استطيعُ ان اسطُرها لَكُم باسلوبٍ مُميز يَجعلُكم تَعيشونُ رفقة الابطال ، اتحبون القِصص الواقعيَة ؟ ام المُستوحاة من خَيالي ..؟
- اقترحوا عليّ قصَة واقعيَة ، لان كما قُلت لكم في مُجتمعنا الزواجُ بصفَة عامة شِبه مُنعدم فالجَميع يُفضل ان يَعيش عِلاقات عِشوائيَة
قرأ كَلامِها بِعنايَة و قبل ان يستوعِبهُ رآها نَشرت
- في الواقِع ، لديّ قِصَة واقعيَة اودّ سردها لَكم بشدَة ، تُعتبر زواج مُدبّر و بذاتِ الوَقت هي عَسكرية ، جَرت من احداثٍ حَقيقيَة اعرفُ كامل تفاصيلِها ، اُريد نشرُها للتوعيَة قبل التَسليَة ، لِتُلامس قُلوبكم و تُفتَح عيونكم عن مُعاناةِ العساكِر بصفَة عامَة ..! فالروايات غالبًا لا تَعكسُ الجانب الحَقيقيّ لِحياتهم
اسنَد وَجنتهُ على كَفِه يقرأ كَلامِها الذي جَعلهُ يَتخذُ قَرارًا ، لا يَعرفُ ان كانَ سيندمُ عَليه أم لا ..! لَكنهُ عَزم على تَنفيذه حينما ردّ على اخِر قصَة لها و ارسل
- مرحبًا ، انا لديّ قِصَة واقعيَة اُريدُ منكِ مُشاركَتُها
وَردتها تلك الرِسالَة النصيَة حينما كانت على وَشك اغلاق الهاتِف و الخُلودِ الي النَوم فالنُعاس عاد ليُداهم عُيونِها ، قرأت اسم المُستخدم و علِمت انهُ ذات الشاب الذي ظَنتهُ احدى المرات فتاةٍ و خاطبتهُ بصيغَة الانثَى
- مرحبًا ! انا هُنا لاستمِع 🫶🏻
اهي قصَة من واقِعك ؟ ام تَجربة شَخصية خُضتها ؟
انتَظرت رَدهُ الذي جائَها بَعد دَقيقَة بدا فيها مُترددًا و هو يَكتُب ثُمّ يَمسح ، الي أن عَزِم على الارسالِ و نصّ احرُفه في سطرٍ قال فيه
- انها تَجرُبة شَخصية مَررتُ انا بِها ، هل يُمكنكِ كتابتُها رجاءًا ..؟ سَتكونين اسديتِ مَعروفًا عظيمًا بالنسبَة الي رَجُلٍ لا يُجيد التعبير عن مَشاعره
قرأت آلميرا اخِر سَطرٍ بَعثهُ لِتُرسل لهُ مُستغربَة
- الديك هَدف مُعين من انتشار هذه القِصَة ؟
وَردها بعد لحظاتٍ رَدّهُ
- اُريدُ ان تَصِل هذه الرِوايَة الي زَوجتي ، انا مُتأكد انكِ سَتُجيدين تَوضيح وجهات نَظري ، و ما اشعُر به اتجاهِها باسلوبكِ الفريد بالسَرد ، سيُلامس كَلامكِ قلبِها و يَجعلُه يَحن و يُدرِك ، كم هي مُهمَة بالنسبة اليّ ..!
قامَت آلميرا بِزَم شَفتيها بِعُبوسٍ حينما تأثرَت من كَلامِه ، لِوهلَة شَعرت بِمدَى حَظِ زَوجته التي تمتلكُ رَجُلاً ، يودّ ايصال مشاعره اليها بأيةِ طريقَة ..!
ابتَسمت بلُطفٍ و زارَها شُعورٍ دافِئ للغايَة كَتبت استنباطًا منهُ
- بدايَةً ، زَوجتك مَحظوظة لانها تمتلكُ زوج مِثلك ، انا مُتاكدة انهُ ان كتبت القصَة و وَصلتها ، سَتُسامحك على الفَور مهما كان خطأك
قرأ الرائِد رِسالتها النَصيَة قبل ان يَبتسم ساخِرًا حينَما قالَت عن زَوجتهُ مَحظوظَة به ، هي حتمًا تسخَرُ منهُ ..!
قام بِلَفظِ انفاسَهُ ثُمّ كَتب بِضيق
- لا يُمكنكِ ان تَحكُمي عليها بانّها محظوظةِ و انتِ لا تَعرفين كم أذيتُها انا دون قَصد ، ساكتُب لكِ قصتي ، و انتِ قرري ان كانت تستحقُ الكِتابة ام لا
رَفعت آلميرا عَينيها الي نِسبَة شاحن هاتِفها الذي سينطفِئ رُغم انها شَحنتهُ مُنذ ساعات ، تَنهدت بِضيقٍ و كَتبت لهُ
- حسنًا ، اكُتب لي قصتك و حالما اجِد الوقت ساطلِعُ عليها و اُعطيك رأيي الصادِق ، اتمنى لَك ليلَة سعيدَة ، الي اللقاء 🤍
كانَت تلك اخِرُ رِسالَة قرأها مِنها قبل ان تُغلق الهاتِف و تَضعهُ فوق المِنضدَة استِعدادًا للنَوم ، استَغربت ان الرائِد لم يَلحق بِها لِذلك جَلست تُناظرهُ جالِس على الاريكَة المُقابلَة للغرفَة يَضعُ يدهُ على وَجنتهُ بِهمٍ واضِح
هاتفهُ كان بين يَداهُ و عُيونه مُعلقَة على الشاشَة بشُرود ، كان من الواضِح انّهُ يُفكِر بِشَئٍ يُثقل كاهِله و يَجعلهُ بهذا المُستوَى من الانطفاء
هي لا تقلُ سوءًا عن حالِته ، كِليهما مُنطفِئانِ للغايَة
رُغم ان كُلٍ منهما يَحملُ انارَة اخيه
عاوَدت التمدد و سَحبت الغطاء عَليها تُحاول العَودة الي النَوم مُتجاهلة فكرَة تردد الكَوابيس اليها من جَديد ، تَتمنى فعلاً ان تَحظى بِنَومةٍ آمنَة بعد شهرٍ من العَذاب
في الوَقت الذي نامَت فيه هي ، سَهِر الرائِد الليل بِطُوله يَكتُب قِصتهُما الي كاتِبتهُ التي يَتمنى ، ان تُجيد سَرد قِصتهُ بما يتماشَى لِمُلامسَة قلبِها هي
دون أن يَعرِف ، انهُ يَكتُبها لَها هي خِصيصًا ..!
•••
فَتحت عينيها على اصواتِ زقزقةِ العَصافيرِ عند نافِذَة غُرفتها ، حينَما جَلست بِكَسلٍ و نُعاسٍ شَديد سَمِعت صَوت ضَجيجٍ ناجِم من الصالَة لِذلك استقامَت بِتململ و مَشت في اتجاهِ الخارِج للكشفِ عن مَصدر الازعاج ذاك
وَجدت كُلٍ من تايهيونغ و لاڤينيا ، رِفقَة لارين يُجالِسون زَوجِها الذي كانَت اُخته تتولَى مُهمَة تَغيير ضِماد ساقِه و تَنظيف الجُرح
فَركت عينيها بِنُعاس حتى تَستطيعُ ان تُصحصح ثُمّ سَمِعت صَوت صديقتِها التي كانَت تُجهز الفُطور في المَطبخ تُحييها بِحَماس
- صباحُ الخير ميري ، لقد استَيقظت الآميرَة
لَف الرائِد رأسِه الي زَوجته التي وَقعت عُيونِها بداخِل خاصِتَيه تَراهُ في قِمّة هُدوءِه و هو يُراقِبها بِصَمت ، لابدّ ان كَلامها البارِحَة ترك أثرٍ بِه
حَصلت على عناق لَطيف من لاڤينيا التي تَركت ما بَين يديها و هَرولت لاحتِضانها و التَربيتِ فوق ظَهرِها برفقٍ
- هيّا اُدخلي اغسلي وَجهكِ و تعالي لنفطر ، حَضرتُ لكِ طبقكِ المُفضل للافطار
صَنعت آلميرا ابتِسامَة مُصطنعَة قامَت بالايماء من بَعدِها و هي تَجُر قَدميها ناحِيَة الحَمام للاغتِسال ، سَمِعت زَوجِها يَطلُب من اخته الابتعاد حيثُ حَمل عُكازهُ يودّ النهوض من مَطرحه
- انتظري لَحظة ساعود
حَدقت لارين به مُستغربَة اذ كانَت على وَشك تعقيم جُرحه
- انتظر لا يُمكنك القيام و جُرحك مكشوف ، لازلتُ لم اُعقمه
قام بالاعِتراض و أبى الانصات اليها و هو يَستعيد للقيام قائِلاً
- لا تستطيعُ غَسل وَجهها بِمُفردها ، مِعصمها سَيتبلل
تَوقفت آلميرا عِند باب الحَمام تَستديرُ اليه حينَما وُجه الكَلام عليها ، قَطبت حواجِبها تراهُ يُطالبُ تايهيونغ بِمُناولته عُكازه لَكنهُ رَفض و طالبهُ بالخُضوعِ الي عِلاجه كيّ لا يَتعفن جُرحه
- يا رجل اجلس ، ستقومُ لاڤ بمُساعدتها
قال تايهيونغ و هو يُجلِسه من اكتافه في الوَقت الذي ضَحكت فيه لارين مع لاڤينيا على اهتِمامه المُفاجِئ ، غَسلت زوجةُ العسكريّ يديها بالماءِ جيدًا ثُمّ مَشت في اتجاهِ صديقتها قائِلَة
- دَعيني اتولى مُهمة غَسل وجهكِ
قامَت آلميرا بالايماء دون جِدال قبل ان تُرافقها الي الحَمام حيثُ اشرفَت لاڤينيا على غسل وَجهها مُبتسمَة
- ارى انهُ بدأ يَتحسن ..! ارايتِ اهتمامه بكِ ..؟
مَسكت آلميرا المِنشفَة تُنشف وَجهها المُبلل بِصَمتٍ قبل ان تُومِئ مُهمهمَة
- انهُ يؤدي واجبه على اكملِ وَجه
طبطبَت صديقتِها على كَتفها و قالَت بلُطف
- هيا تعاليّ لنأكُل كيّ تاخذين جُرعَة دوائِك
بَللت آلميرا شَفتيها بريقِها ثُمَّ رافَقتها الي الخارِج حيثُما اجتمَع الجَميعُ على طاولَة الافطارِ من اعدادِ لاڤينيا التي جاوَرت زَوجِها و سَكبت الطعام للبقيَة و أولهم صَديقتِها
اكلَت طعامِها بِبُطئ شَديد فَشهيتُها تكادُ تَكونُ مَعدومَة ، نَظراتُ زوجِها لا تُزاح من فَوقِها اطلاقًا يُراقب اكلِها باستِمرارٍ الي ان حَرِص على انهاءِها طَبقها
تَولت لاڤينيا غَسل المواعين مع تايهيونغ بينَما رافَقت آلميرا لارين الي الغُرفَة من اجل أن تُغير لها ضِماد مِعصمها و تُعطيها حُقنَة العلاج خاصتِها
حَدقت زوجة الرائِد بالدواء الذي تَسحبهُ لارين بداخِل الحُقنَة قبل ان تنطِق بحاجبٍ مَرفوع
- انتِ مُتأكدَة ان هذا ليس سُم ؟
ناظَرتها اُخت زَوجِها بِعَينين مُقلصَتين قبل ان تُومِئ ايجابًا
- انهُ كذلِك ، اريد ان احرِص على موتُكِ
استَقامت آلميرا تُعطيها بِظهرها من اجلِ اخذ الحُقنَة في العَضلة اذ قالَت باستسلام
- لاولِ مرَة ارضَى على قراركِ بِقتلي
حَقنتها لارين بالعِلاج ثُمّ ازالت قُفازاتِها و لَبِست أخرين جُدد ، عَقمت يديها و بدأت تُجهز ادواتِ تغيير الضِماد مُتحدثَة بِعتاب
- لا استطيعُ الاستقواء عليكِ بهذه الحالة ، عليكِ ان تعودي قويَة كيّ تكونُ هُنالك لِذَة في جِدالنا و مُنواشاتِنا المُستمرَة
عاوَدت آلميرا الجُلوس امامَها و قَدمت اليها رِسغها كيّ تُغير لَها ضِمادها بينما تُحافظ على صَمتِها ، لم تكُن لديها قُدرَة على النِقاش او الحَديث حتّى
شَغفها مُنعدم تِجاه كُل شَئ تقريبًا
في حين ان الرائِد جُرحه قَد تحسن بِشَكلٍ ملحوظ و اصبَح يستطيعُ التَخلي عن العُكاز و السيرِ على قَدمِه دون أن يُجهد نَفسه بشكلٍ مُبالغ
كان في فناء المنزِل يُدخن رِفقَة تايهيونغ قَبل ان يسألهُ
- هل من مُستجدات بخصوصِ داڤل ..؟
تَنهد تايهيونغ نافيًا برأسِه اذ اجاب
- للاسف لم نَجد لهُ اثر ، كذلك كاميرات الثكنَة مُعطلة ، لم نعرف كيف استطَاع الهُروب رُغم الحراسَة الأمنيَة المُشددَة
نَفث الرائِد دُخانَهُ لِيُصدِر همهمَةٍ خافتَة في الوَقت الذي وَقعت فيه عُيونه على جيمين الذي كان يُهرول ناحيتهُ رِفقَة اربعَة عساكِر من خَلفه، طالَع تايهيونغ الذي يُرافقه بِرَيبة ثُمّ تَمتم
- هل من خَطب ؟
نَفى تايهيونغ مُعترِضًا قبل ان يَنطِق
- كلاّ ، تركتُ الثكنَة هادِئَة صباحًا !
وَقف جيمين امامهُ مع بقية العساكِر يُؤدون التَحية العسكريَة
- سيدي الرائِد
قام الرائِد بِدوره بِرَد التَحية قبل ان يَرمي سِيجارتهُ و يَستفسرُ بحواجبٍ مَعقودَة
- هل من خَطب ..؟
دَعس على سيجارتهُ و نَفث ما تَبقى من دُخانه بداخل صَدرِه في وَجه من قام بالوقوفِ مُستعِدًا قبل ان يُخبرهُ باخر المُستجدات
- للاسف ، هنالك اخبارٍ غير سارَة اطلاقًا ، و استلزَم حُضورك
نَظر الرائدُ خَلفه حيثُما استطاع رُؤيَة زوجتهُ من النافذَة تُجالِس الفتاتين بينَما يحتسين القهوَة سويًا مع الكَعك بالشوكولاتَة ، قام بالسيرِ بعيدًا عن مَوقعهنّ و طالع عُيون جيمين مُتسائِلاً بِصَوتٍ خافت
- ما الامر ؟ لا تُقلقني ..!
حَدق جيمين في عَيناهُ مُستاءًا قبل ان يَهمسَ لهُ قائِلاً
- ابنَة الاميرِ اختَفت ..! ليسَ لها ايّ أثَر
وَسع الرائِد عيناهُ مُنذهِلاً اذ قال بِهَلع
- آيلا ..؟ كيف اختَفت ؟ متى حدث ذلك ؟
بَلل جيمين ريقهُ ثُمّ اجاب بِريبَة
- منذ يومين تقريبًا ، بحثنا عنها بِكامل المنطقَة و لم نجِدها ، خاف الاميرُ ان احَد افراد العائلة الحاكمَة اخذَها ، لَكن حينما ذهب الي هُناك لم يجِدها كذلك ، زَوجتهُ في حالة انهيارٍ تامَة و هو يكادُ يفقد عقلهُ
مَسح الرائِد على وَجهه طُوليًا قبل ان يَقضم شَفتهُ بغضبٍ عارِم ، لما المَشاكِل تهطلُ على رأسِه كالمَطرِ ؟ امعَن التَحديقُ في العسكريّ قُبالَتهُ و اومَئ
- سآتي حالاً ، لَكن لا استطيعُ ترك آلميرا بِمُفردها
وَجه بَصرهُ اتجاه تايهيونغ الذي تَطوع بالبقاء مَع بقيَة العساكر كيّ يَحرِسونَها ، اومَئ لهُ ايجابًا و مَشا في اتجاهِ بيتِه يَدخل على الفتيات اللواتن وَجهن بَصرهن اليه
رافقتهُ آلميرا بِعينيها و هو يسيرُ في اتجاهِ غرفتهما ثُمّ اغلق الباب ليخرُج بعد دقائِق بِبذلته العسكريَة رِفقة سِلاحه ، عَقدت حواجِبها بشدَة و لم تستطِع ألا تَسألهُ عن وِجهته حينما نَهضت تستفسر
- الي اين جونغكوك ؟
كان يلبسُ قُبعتهُ التي تَحملُ رُتبتهُ قبل ان يُجيبها
- طرأت عليّ مُهمَة طارئَة ، لم استطع التَغاضي عنها
تَولت لارين مُهمَة الحَديث بدلاً عن زَوجتهُ حينَما قالت بعدمِ رضَى
- جونغكوك ليس لانّي سمحتُ لك باستخدامِ قدمك تَظن انك تعافيت ..! يلزمك شَهر اضافيّ راحَة حتى تستطيع استخدامُها بِحُريَة
حاوَلت آلميرا ان تتجاهَل و تُمثّل اللامُبالاة حينَما جَلست و نَظرت ناحيَة التِلفاز ، رُغم انّها تودّ بشدَة منعهُ من الذَهاب ، لَكِن كبرياءها غَلبها
- تعاليّ لارين لاوصلكِ الي الثكنَة لديكِ مرضى بحاجتكِ ، سنتحدثُ بالطريق
جَمعت لارين ادواتِها في الوَقت الذي طالَع فيه الرائد لاڤينيا قائِلاً
- سيظلُّ تايهيونغ هُنا ، ساُحاول ان اعود سَريعًا
وَضع عيناهُ على زَوجتهُ يَنتظرُ مِنها رَد فِعلٍ او حَتى كلِمَة تُودعهُ فيها ، لَكنها فضَلت السُكوت و انشغَلت بالتلفاز بدلاً من النَظر اليه
تَنهد بِعُمقٍ و مَشا في جوار اخته الي الخارِج يُحكم اغلاق الباب من خَلفه اذ سَمع لارين تُخاطبه بضيق
- الم تاخذ عُطلة رسميَة ؟
حَدق بِها و هو يسيرُ في اتجاهِ السيارَة العسكريَة كيّ تقودُهما الي الثكنَة القريبَة
- كما لو انكِ تهتمين لو مُت ، اليسَ ذلك ما تَتمنينَه ؟
ناظَرتهُ بِعتابٍ لِيتوقف عن السَير يُحدِق فيها مُبتسِمًا
- لا تَقلقي ساكونُ بخير ، اعرفُ جَيدًا ما افعلهُ
اطلقَت نفسًا مَهزوزًا فقامَت بِمُسايرتَهُ دون جِدال ، في ذاتِ الوقت عاتَبت لاڤينيا صديقتِها قائِلَة بِلَوم
- ميري لما لَم تمنعيه من الرَحيل ؟
أجابَت آلميرا و هي تتحاشَى التَحديقُ بِها
- هو أدرَى بِمَصلحته
قَرصتها لاڤينيا على ذِراعها تُعاتبها بِغيض
- اعلمُ انكِ تُكابرين و في داخلكِ لا تُريدين رَحيله!!
نَظرت الثانيَة اليها و سُرعان ما غيَرت الموضوع حينَما وَضعت كَفها فوق بطنِ صديقتِها مُتحدثة بلُطف
- لا اُصدق انكِ حامل ..!
انَزلت لاڤينيا عَينيها الي بطنِها الصَغير و قالَت بِحُب
- قال تايهيونغ ان كان صبيّ سَنُسميه ليون
أيدَتها آلميرا على قَرارِ زَوجِها عبر الايماء برأسِها اذ نَبست
- سيكونُ وَسيمًا كأباه
صَغرت لاڤينيا عينيها و طالَعت خاصتيّ صديقتها مُتحدثَة
- كما لو انّ زَوجكِ غَير وَسيم ..!
دَحرجت آلميرا عَينيها للطرفِ الاخَر مُتكلمَة بتململ
- الجَمال للنساء عُمومًا
تَنهدت الثانيَة بقلَة حيلَة لِتنهَض من جِوارها قائِلَة
- ساذهبُ لاعد الفشار ، دعينا نُشاهد فيلمًا قبل انقطاع الكَهرباء
اومأت آلميرا ايجابًا قبل ان تَنشغل في تفكيرِها بِزوجها الذي ذَهب فجاة دون سابِق انذار ..! تُرى ماهي تلك المُهمَة التي استلزَمت رحيلهُ فورًا ..؟
انقبَض قلبها الذي احتَضنتهُ بِكفها تُحاول التهدئَة من رَوعِها ، تُطمئن نَفسها أنّهُ سيعودُ سالِمًا في القَريب العاجِل و لن يُطيل بقاءَهُ خارِجًا
عَلى الأقل ، تَتمنى ..!
•••
وَصل الرائِد الي الثكنَة العسكريَة حيثُما دَخل مُسرِعًا الي مَكتب العقيد ، أدّى تَحيتهُ العسكريَة قبل ان يُنزل عيناهُ ناحيَة الامير الجالِس فوق الاريكَة يُمسك رأسهُ بين يداهُ من الصُداع الذي يَفتُك به
قُبالته زَوجته التي تَبكي دون انقِطاع مُنذ ان علِمت بِخَبر ضياع ابنتِها ، سَبق و ان تسائَل الرائد مُستغربًا عَدم مجيئِهما لزيارَة آلميرا حينَما خرجَت من المُستشفَى ، و الأن هو علِم السَبب
مَشا في اتجاه أدلوف ليَجلس بِجواره مُتحدِثًا بِقلق
- مالذي حدث ؟ لما لم يَتم اعلامي باختفاءها منذ البِدايَة ..؟
طالَع عُيون ادلوف الذي رَفع رأسهُ من بين يديه و ناظَرهُ بِحيرَة
- صَدِقني لا احَد يعلم ، لرُبما احد اقتَحم البيت اثناء تواجُدنا مع آلميرا لَكن لا يوجَد اي آثارٍ للسطو ، كُل شئ في مَكانه حتى فِراشها مُرتَب كالمُعتاد
انعقَدت حواجِب الرائِد اكثَر لِينظُر في اتجاه العَقيد مُستفسِرًا
- هل تمّ تَفتيشُ الكاميرات ؟
اومَئ العقيدُ براسِه قبل ان يُجيب
- جميعُها مسموحَة ، سواء خاصَة منزل سُموه او التي تخُص الثكنَة
مَسح الرائِد على وَجهه يُحاول ان يستوعِب حيثُ قال
- هل تزامن اختفاءِها مع هروب داڤل ..؟
طالع عينيّ الامير الذي اومَئ ايجابًا ثُمّ نَطق
- بذاتِ الليلَة ..! لَكِن ، ما السبب الذي يَجعل داڤل يُريد ايذاء آيلا ..؟
وَجه جونغكوك بَصرهُ ناحِيَة آيرا التي مَسحت دُموعها بخشونَة و قالَت بِصَوتٍ مَهزوز
- رُبما هو يَعلم انّها اُخت آلميرا ..؟
قامَ الرائِد بالنَفي بِرأسِه مُعترِضًا حيثُ اجاب
- مُستحيل ، لا احَد يعرفُ نهائيًا بِشأن هذا السِر ..!
سَكت للحظاتٍ يُفكِر قبل ان يَسمع صَوت ادولف يتسائل بحيرَة
- اذًا لما قد يُحاول خَطف ابنتي ..؟
وَضع الرائِد عيناهُ بِداخل عينيّ الأمير الذي ناظَرهُ بتأهب حينَما قال بِصوتٍ راكِز
- ليس هو من خَطفها..! بل هي من خَطفته
•••
الليلُ اقتَرب و شَبكة الانترنت بَدأت تُصبح قَويَة ، في ظِلّ جُلوسِ آلميرا مع صديقتِها التي تَتصفحُ احد مجموعاتِ الحوامِل و الامهاتِ ، تَذكرت القارِئ الذي راسَلها ليلة البارحَة بخصوصِ قِصته
انتابَها الفُضولِ لِقراءَة قِصتهُ لذلك استأذنَت من لاڤينيا و اخبَرتها انها سَتستريحُ في غرفتِها قليلاً ، لم تُمانع الاخرَى اطلاقًا و وَجدتها فُرصة بالبقاء مَع زوجِها قليلاً فهو يُشاهد احد المُبارياتِ بالقربِ منها
تَركتهما آلميرا بِمُفردهما و دَخلت الي الغُرفَة حيثُما اغلَقت الباب و فَصلت هاتفها من الشاحِن لِتتسطَح على الفِراش و تَوصله بالانترنت
استَغرق تطبيق الانستجرام دقيقَة كاملَة حتى يَفتح نظرًا لضعفِ الشبكَة ، زَمجرت بِضيقٍ لتدخل على المُحادثَة حالَما فَتحت لَها
كانَت القصَة طويلَة و عَدد الرسائِل كَثيرَة ، لَكن حماسِها لم يَدفعها للهُروب بالعَكس ، اشتاقَت للقراءَة و الاطلاع للغايَة
بدأت من اولِ رسالَة كَتب فيها الآتي
- لا اعلمُ من اين ابدأ قِصتي تَحديدًا ، لَكِنها طويلَة و هُنالك الكَثير من التفاصيل ساتغاضَى عنها لانها تُعتبر اسرار خَطيرَة ليس من المُفترض أن تَتسرب اطلاقًا ، حَتى زوجتي لا تَعرفُ بشأنها
بَللت شَفتيها بريقها مُتمتمَة لِنفسها
- تحمستُ لمعرفة تلك الاسرار ..! تبًا سابدوا فضوليَة بشكلٍ وقح ان طلبتُ منهُ ان يُسربها اليّ
انتَقلت الي الرِسالَة الثانيَة و وَجدتهُ كَتب
- انا و زَوجتي كُنا نعرفُ بعضنا مُنذ الطُفولَة ، في بادِئ الامر عائِلات كِلينا كانوا فُقراء ، الي ان يَشاء القدر بطريقَة لا استطيعُ ذكِرُها ، حَصل والدها و والدي على مَبلغ ماليّ كَبير ، سَمح لهما بالعودَة الي بلدِهما نظرًا لكونهما عسكريين يعملانِ لصالح الدولَة في منطقَة لستُ مخول لذكر اسمِها ، عمومًا حينما عادا بعائلتهما الي كوريا ، كنتُ اتشارك ذات البَيت معها و هي طِفلَة ، في الواقِع لم تكُن عِلاقتي مع عائلتي مثاليَة اطلاقًا ، لطالما كنتُ منبوذًا من بين اخوتي و اُعامل بطريقَة بشعَة للغايَة ، كانت هي من تُهون عليّ كُل ذلك الظُلم و القَهر ، خُصوصًا اني شاهدتُها تكبرُ امام عينيّ رُغم اني كنتُ بالسادسَة من عُمري فقط ..!
قَطبت آلميرا حواجِبها بِخفَة لِتُواصل قراءَة القصَة بفضولٍ شَديد
- عاشَت معي ثلاثُ سَنواتٍ كامِلَة ، فوالديها تركونا لَدينا حتى يُؤسس أبيها نَفسهُ بعدما فضّل البقاء في الجَيش ، عَكس والدي الذي قدّم استقالتهُ و قرر فَتح شَرِكَة بِنصيبه من المَبلغ الذي قُدم لهما ، كُنا نتشاركُ ذات الغُرفَة انا و هي ، نَلعبُ سويًا طوال النهار و في الليل تُسارع في الارتماء بداخِل حُضني الي ان تَنام من التَعب ، تَعلقتُ بها و احببتُها بشدَة ، لكنّي كنتُ اعجزُ في التَعبير عن حَقيقة ما احسُ بها و غالبًا ما اُعبر عنهُ بطريقَة خاطِئَة ، لان نشأتي من الاساس لم تكُن سليمَة ، احيانًا اغضبُ عليها ان اخطأت و اُعاقبها بطريقَة قاسيَة رُغم انّها طفلَة لا تتجاوزُ العامين ، ثُمّ اندمُ و اسهر الليل ابكي بعدما تهربُ من خوفها منّي اليّ عبر مُعانقتي ، لم اكن سويّ نَفسيًا اطلاقًا ، رُغم ذَلك ، الطِفل الذي لم يتعلم الحُب اطلاقًا ، تَعلم كيف يُحِب ..! بِسببها هي ، احببتُها للدرجَة التي جَعلتني افكر احيانًا بِقتلها لان هذا العالم ظالِم و مُخيف ، خِفتُ عليها من قسوة الحياة لاني لم ارى سِوا العُنف و المَزيد منهُ
بدأت حَرارة آلميرا ترتفعُ بدون شُعورٍ مِنها كُلما اندمَجت مع القصَة لِذا قامَت بالجُلوسِ و الاتكاء على مَسند السَرير لِقراءَة ما تَبقى بلهفَة
- جاء اليوم الذي اراد والديها استعادِتها فيه ، لا استطيعُ ان اصف لكِ كم كان مِقدار وَجعي آن ذاك ، و انا اراهم يأخذونَها منّي ، صَحيح انّي كنتُ بالتاسعَة من عمري ، لكنّي كنتُ ابكي كطفلٍ رَضيع سُرقت منهُ لُعبته ، كنتُ اعانقها و هي تُعانقني ، نَبكي دون انقِطاع و تَرجيتُهم ان تَبقى مَعي ، لَكِن مُقابل تَوسُلي كان اخذِها بالعُنف و ضَربُ امي المُبرح لي بغُصن شَجرٍ وَجدتهُ بالجِوار ، ضَربتني الي دَما جَسدي ثُمّ طلبت من الخَدم ان يَرموني في الشارِع الي ان اُصبح رَجُلاً ، قالَت انّي ابكي كالمراةِ على اُنثى ..! و يَستحيل ان اكون من نَسلِ الرِجال ، رُميت فعلاً في الشارِع اسفل نَهر الهان مع المُشردون و انا انزِفُ ، لم اكن اهتَم لِوَجع جَسدي بِقَدر ألم قَلبي فَروحي سُلَبت منّي ..! حاولتُ النُهوض و المُقاومَة ، اردَت البَحث عن عنوانِ بيتها كيّ اذهب اليها و اتفقدُها و اُنيمها كَـ كُل ليلةٍ في حُضني ، لَكِن جَسدي الذي عَلق فيه شَوكُ الغصن لم يكُن مُناسبًا لِيُعانق نُعومَة خاصتِها ، اصبحَت مُشوهًا من الداخِل و الخارِج ..! بَكيتُ على حَظي العاثر ، بَكيتُ الي ان جَفت دُموعي و انعَمت نَظرتي للحياة كُليًا ، لم يَعُد شَئ في هذا العالِم يَستهويني ، فقدتُ غالبيَة مَشاعري التي امتلَكتها بِفَضلها هي
انهمَرت بِضع دُموعٍ لِتُغطي الشاشَة التي تقرأ آلميرا عبرها تلك القصَة ، احسَت بِوَجعٍ شَديد يَفتُك بقلبِها الذي انقبَض بعنف اذ هَمست بالم
- ليسَ الرائد لِوَحده من يُعاني ..! هُنالك الكثير من الامُهات اللواتن لا يَملكن قلب اطلاقًا ..!
حاوَلت الحفاظ على دُموعها كيّ تقرأ ما تَبقى من القِصَة
- عُدت الي البَيت بعد يَومين و اصبَح تواصُلي معها شِبه مُنعدم ، والِدُها انتَقل الي منطقَة ثانيَة بعدما ارسلتهُ الدولَة الي هُناك و بَقوا ما يُقارب الثلاث سَنوات ، عادوا مجددًا الي العاصِمَة و لقائي الاول بِها كان في المَدرسَة ..! لم اتوقع اطلاقًا ان يكون بِكامل تلك الفَوضى ، حينما علمتُ من اختي الصُغرى ان هُنالك طالبة نُقلت حَديثًا تعدَت عليها و ضَربتها ، ذَهبتُ بشهامَة لاجلب حَق شَقيقتي و صُدِمَت ان تلك الصَبية تَضرِبُني مَعها ..! في الواقع قد كانَت قويّة يستحيل هزيمتها ، سليطَة اللسان جبّارة الحُضور ، رُغم صغر سِنها لَكنها كانَت بكاريزما عاليَة جِدًا ، صُعِقتُ آن ذاك و جاء مُعلم الفصل الذي طَردني من القِسم لِكَوني في الاعداديَة بينَما هُم في الابتدائيَة ، حملتُ ما تبقى من كَرامتي و غادَرتُ بِصَمت ، ملامِحُها و سَمارُها المُميز انا اعرِفه ، هي ..! انّها نَفسُها التي بَكت روحي لِفُراقها مُنذ ثَلاث سَنواتٍ مَضت ..!
صُعِقَت آلميرا و هي تَقرأ المَشهد الذي وَصفهُ القارِئ ، سَقط الهاتفُ من بين يديها لِترفع عينيها تُطالع انعكاسِها بالمرآه بعدمِ تَصديق
- م..مستحيل ..! انّهُ ذات الموقف الذي جَرى بيني و بَين جونغكوك ..! اول لقاء لَنا كان بالمَدرسة ..!!!
ابتَلعت ريقهُا مُتوترَة قبل ان تهمس بدهشَة
- ايُعقل انهُ جونغ..
نَفت برأسِها تعترضُ و هي تستبعدُ فكرَة ان الذي يُخاطبها زَوجها
- كلاّ ، مُستحيل ، لابد انهُ تشابه مواقف لا غَير
عاوَدت حمل الهاتِف بيديها التي ترتعِش من الصَدمة ثُمّ تابعَت قراءَة القِصَة بِتوتُر واضِح
- مُنذ ذلك الوَقتُ اصبحتُ اراقبها سِرًا ، و في كُل مَوقفٍ يَجمُعنا لم اكن الفتُ انتباهها اطلاقًا رُغم ان عَينيّ لم تكُن تزاحُ عَنها ، عِلاقة والدينا كانت جيدَة كفاية لِلسماح بالزياراتِ العائليَة الكَثيرة ، كنتُ اراها دومًا في البَيت لكنّي لم امتلك الشجاعَة الكفايَة لِمحادثتها و التقرُب منها كَونها انشغَلت مع ابن عمي بالتَبني و اتخَذتهُ رفيقُها الدائِم ، يلعبانِ سويًا و يُساعدها بالمُذاكرَة و حَل الواجِبات ، الغيرة كانت تحرِقُ قلبي لَكني كنتُ اضطرُ الخروج للعملِ كيّ استطيعُ سدّ جوع مَعدتي لانّي كنتُ ادفع حَق اقامتي في ذلك البَيت ..! كنتُ ادفع لامي ايجار غُرفَة التنظيف التي انامُ بها ليلاً مهدودًا من التَعب من المَدرسة صباحًا ، و السهَرِ للعمل في مُختلف الوظائِف مساءًا
- ذات مرَة كُنا نلعبُ سويًا لُعبة الغُميضَة ، اذ اختَبئت هي بالقبو و قامَت اُختي الصغيرَة باغلاق البابِ عَليها ما جَعلها غيرُ قادرَة على الخُروجِ لِساعات ، آن ذاك انا اُمي قد ندهت عليّ لانظِف الحَديقة و حينما انتهيتُ لاحظتُ اختفاءِها لذلك سارعَت بالبحثِ عَنها و حالَما شعرتُ بالارتياب ناحية السِرداب فَتحتهُ و كَشفتُ عن جَسدها المُرتعشُ و الباكي بالاسفَل ، جائت اُختي و ابن عَمي و اُلقي اللوم عليّ مُباشرَة بانّي من اغلقتُ عليها ..! و بِدون تَفكير هي صَفعتني و كَنت الحِقد تجاهي مُنذ تلك الليلَة التي من بعدِها اصبَح كل ما اُتيحت لها الفُرصَة تتنمرُ عليّ و تنتقدُ طريقَة لباسي المُبعثرَة ، شَكلي و طريقَة حديثي و شَخصيتي المَهزوزَة ، كُل شئ بي اصبَح لا يروقُها ، رُغم انّها منذ ثلاث سنواتٍ مضت كنتُ ملجَئها الاول و مَخبئها الآمن الذي تَختفي فيه حالما اُحيطها بذراعاي ، كنتُ اول من نَطقت اسمهُ ، كنتُ انا الذي احرِصُ على ترتيب هندامِها بِحُب بالغ ، اصبحتُ بين ليلةٍ و ضُحاها مُجرد غريبٍ مُؤذٍ اتلقى مِنها ابشَعُ الكلِماتِ و أقساها ، و لاني اعرفُ انّها تجهلُ الحَقيقة لم اكُن الومها اطلاقًا ، بل اكتفي بالصَمت و التجاهُل ، لاني على ادراكٍ تام انها حالما تعرفُ الخفايا ، سَتندمُ و تعتذر ، هي ليسَت ظالمَة ..! هي فقط لا تُحب من يُؤذيها ، لاني انا الذي علمتُها كيف تقفُ بِوَجه من يُحاول و لَو بحرفٍ واحد ايذاءِها ، انا الذي غَرستُ فيها القُوّة و دَربُتها كَيف تقول لا ان لم يُعجبها الوَضع ..! و تُغيرهُ و تُمشي الكَون على هَواها ، لانها تَستحق ان يَخضع الجَميع اليها ، هي اميرَة ! اميرتي انا
مَع كُل جُزئيَة تقرؤها كانَت صَدمتها تَزدادُ اكثَر من التي قَبلُها
اخَرُ قِطعَة قراتها ، جَعلتها تتأكد ان الذي يُراسلها هو زَوجها
زَوجها الذي كَتب قِصتهُما من منظورِه و اراد ان يُريها وِجهَة نَظرِه و يَحكي نواقص قِصتهُما التي هي لا تَعرِفها ، من خلال ما قرأتهُ علِمت انهُ يُحِبُها مُنذ نعومَة اظافِرها لكن العالَم كان ضِدهُ و شَوّه مَشاعره بالكامِل حتى تَحول الي نُسخَة يُصعَب مُداواتِها
اوقعَت الهاتف من بَين يديها و دون شُعورٍ بَكت ، بَكت بِحرقَة بالغَة و هي لازالَت لم تُكمل نِصف القصَة حتّى ، مُجَرد التَفكير بأنّهُ بادر بِخُطوَة كَهذه جَعلت قلبها يَنقسمُ على حِنيتهُ و براءته التي ارغَمتهُ الظُروف و مَشاق الحَياة على دَفنها وراء قِناع البرود و الشِدَة
قَضمت شَفتيها بِقوّة ، تتمنَى وجودَه امامَها كيّ تستطيع مُعانقتهُ بشدّة و الاعتذارُ لِقَلبه النَقيّ نيابَة عن كُل شخصٍ اذاه ، اصبحت ترتعِش و قلبُها يعتصِرُها من الوَجع ، بِصُعوبَة تمكَنت من حَمل الهاتف و قراءَة ما تَبقى
- جاءَت اللحظَة التي فقدتُ فيها ما تَبقى من احاسيسي حينَما قرر والديها الانفصال و عَزِمت والِدتها على السَفر بِها الي خارِج البَلد ، لم يَكُن لديّ حَق الاعتراض فانا مُجَرد نكرة لا املكُ رأيًا ..! حَكمتُ على مَشاعري بالإعدام و تَحولتُ لِاقصَى نُسخَة امتلِكُها ، تَركتُ المَدرسَة و جُلت الشَوارِع تائِهًا اعملُ في وظائِف عشوائيَة حتّى التَحقتُ بالجَيش و سافرتُ الي المنطقَة التي كان يَعملُ فيها والدينا سابقًا ، تَغربتُ بعمر الثامنة عَشر و عِشتُ وسط اجواء العساكر التي ساهَمت في تَحجّر ما تَبقى من قَلبي ، اصبحتُ كُتلة جَليدٍ مُتحركَة ، استطيعُ التَعبير في حالاتٍ نادرَة ، و هي تخصُ غضبي و انزِعاجي فقط ، في المُقابل هي كانَت تحظى بِحياةٍ كريمة مع والِدتها التي حَرِصت على توفيرِ كُل ماتحتاجهُ لها ، كَذلك والِدها الذي لم يُقصر بِحقها اطلاقًا ، كانت مُدللة و ذَلِك ما تستحِقهُ هي ، مَرت السَنواتُ و تَفاهم والدينا على تَزويجنا و ذَلك فعلاً بَعد بِضع احداثٍ كثيرَة جَرت قبل العُرس ، من ضِمنها ان لقاءنا الاول بعد سنواتٍ طِوال كان في المطار حينما جاءَت مُتنكرَة مع العسكر الامريكيّ و انا كنتُ فطريقي الي كوريا لاجلِ الزواج ، كانت غايتها الهَربُ من عرسنا لكن القدر جَمعُنا ما ان سُرقت حَقيبتُها و كنتُ من امسَك باللِص فظَنت انّي السارِق ، و لان قَبضتها تسبقُ لسانها ضَربتني ..! لم اتعرف عَليها و نتيجَةُ غضبي سَحبتها الي مَخفر الشُرطَة و طلبتُ سِجنها و تَلقينها درسًا
المَوقفُ الاخير الذي قرأتهُ آلميرا جَعلها تعودُ بذاكِرتها اشهُرٍ الي الخَلف ، تَبسمت بخُفوتٍ من وِسط دُموعها لِتنطِق بنبرَة مُهتزَة
- هربتُ منك اليك ..! كما كنتُ افعل و انا طِفلَة رُغم انّي لا اذكُر شيئًا
قرأت الباقي و دُموعها تسبقُ كَلِماتها و هي تُردد تلك الاحرُف و تَسمعها بِصَوته
- عُدنا الي كوريا سَويًا ، و تَزوجنا ، ارتكبتُ الخطأ الاول ليلَة زِفافنا حينَما شككتُ بعذريتها و طَعنتها في شرفِها لاني كنتُ اجهلُ الغشاء المطاطيّ ، اتخَذت موقفا صارمًا و طلبت الطلاق ، في الواقِع هي لا تعرفُ اني لم اُكمل تعليمي ، و لم ادرُس عَن هذه الامور اطلاقًا ، انا حتى لا املك شهادَة الاعداديَة ..! لِذلك كنتُ جاهلاً و فرحَتها كَعروس ذَهبت ضحيَة جَهلي ، لكني حاولت ان اتثقف اقسم ، ذَهبتُ و بحثت و لم افهم شيئًا من تلك المُصطلحات المُعقدة لذلك طلبتُ المُساعدة من صَديقتي التي فَسرت لي كُل شَئ بالتَفصيل ، آن ذاك انا عِرفتُ مَدى خَطئي و ذهبتُ مباشرَة للاعتذار لاني لا اُريد خَسارتها ، حاولتُ تبرير مَوقفي و هي تَفهمت ، سامَحتني و أصرَت على السَفر مَعي الي مكانِ عملي ، حياتنا الزَوجية لم تكُن مستقرَة نوعًا ما لان كِلينا عاجز عن فَهم الاخَر ، لا اُنكر انها كانت الطَرف الاكثر تَنازلاً ، حاولت بكل جُهدها ان تَفهمني لكنّ الخطأ دائِمًا كان منّي ، لاني مَليئ بالعُقد التي تَغلبُ على تَصرفاتي مَعها ، تجاهَلت الكثير من اغلاطي كيّ نستمر معًا الي ان جاء الخطأ الاخير الذي دَمر كُل شَئ بِها ، اعترِفُ اني فقدتُ بسببه احترامي لِنَفسي سواء كَرجُلٍ او زَوج ..!
تَمددت آلميرا على ظَهرِها تقرأ ما سَردهُ الرائِد عن المُهمَة التي لحقتهُ هي اليها ، تَنهدت بِضيقٍ و دُموعها قد بَللت وسادِتها بالكامِل
- بعد مَوت احد رِجالي ، و عندما علمتُ انا القيتُ اللوم عليها رُغم انّها لم تكن مُذنبَة ، حَملتها الذَنب و تجاهلتُ حالتها النَفسية السيئَة حتّى اوصلتُها الي الانتحار ..! لا يُمكنكِ ان تَتخيلي بشاعَة شِعوري و انا اراها غارقَة وِسط دمائِها ، شعرتُ ان عالمي الذي بدأ يَستقرُ بوجودِها قد هُدم بأكملِه فوق رأسِي ..! من صَدمتي لم اتمكن من اسعافها بل تَولى احَد المُقربون بذلك ، اذكُر جَيدًا كَيف بكيتُ كالرَضيع و انا اُمسك يدها في الطوراِئ اتوسلُها الا تَترُكني ، كانت مَرتي الاولى التي انهارُ بها بالبُكاء مُنذ سَنواتٍ طويلَة بَعدما سُرِقَت منّي و هي طِفلَة ..! ذاتُ الشعور و نَفس مِقدارُ الألم ، ادركتُ انّي لا اخافُ شئ بهذا العالم بِقَدر خَوفي على فُقدانها ، لا استطيعُ وَصف شُعوري لَكنهُ كان قاتِل ، توقعتُ انها ستطلُب الطلاق حينَما تنهض مِن غيبوبتِها و فعلاً ذَلك ما جَرى ، رَفضت الاستِماع اليّ و ارادَت الانفصال مَهما كلّف الامر ، في الواقع لستُ الومها ، لكنّ كيف اِخبرها اني لا استطيع العيش بدونها ..؟ انا سئ في التعبير عن احساسي ، لا اعرفُ اطلاقًا و اخافُ ان تَصُدني ان اظهرتُ لها مَدى احتياجي اليها ، لستُ مُستعد ان يَجرحني رد فِعلها حينما اُقبلُ على اظهار مَشاعري اليها ، هي لا تعرفُ وِجهَة نَظري و لا ما اُفكر به لانّي شخص صامِت بالكاد تسحبُ منّي كلمتين ، لهذا اعذرها دومًا
قَوست شَفتيها المُرتعشَة مع كُل حرفٍ تقرأهُ من منظورِه عن تِلك الليلَة المُميتَة ، تَعبيرهُ عن احساسهُ كان دَقيقًا ليُلامس قلبِها و يُذيبُ جَليدِها ..!
- يقولُ انهُ لا يُجيد التَعبير ! انهُ يكتُب افضل منّي
هَمِست بغصّة و هي بصعوبَة تُحافظ على دُموعها التي استنزفَت خزاناتٍ لا تُعد و لا تُحصَى مِنها ، واصَلت تقرأ اخرُ رسالَة كَتبها
- لهذا انا قصدتكِ ، رجاءًا ان كان لديكِ الوقت ، اُكتبيها كَقصة قصيرَة اُسردي فيها وِجهَة نظري التي تعجزُ هي عن فَهمها ، و ساقومُ بتقديمِها كَهدية الي زَوجتي لعلّ قلبها يَشفعُ لي ، اريدُ فقط ان اُريها انّي اُحبها ، اُحبها بشكلٍ لا يُوصَف ، حتى و ان كانت تصرُفاتي احيانًا تعكسُ غير حَقيقة ما اشعُر به ، لكنّي اُحاول ان اتغير من اجلِها ، اُحاول ان اكون افضَل نُسخَة من نَفسي كيّ اتماشَى مع معاييرِها ، اتمنى ان تَقبلي قِصتي و تلفت انتباهُكِ ، شكرًا على وَقتكِ
خَتمت اخرُ رسالَة بِبُكاءٍ يُعبر عن مَدى شُعورِها بِكُل حرفٍ قرأتهُ من البدايَة وصولاً الي الخِتام ، اوقعَت الهاتف من بَين يديها و احتَضنت وسادَتهُ التي تَحملُ رائِحتهُ بِقوّة عارِمَة تَسمحُ لكلّ احاسيسها السَلبية نَحوهُ تُغادرُ دواخِلها مع اطنانِ الدُموع التي تتسابقُ للخُروجِ من جُحورِ عيونِها
- اين انت لاخبرك اني شَفعتُ لَك ..؟
لست مُضطر ان تكتُب قِصَة لِتُخبرني انك تُحبني
فقط قف امامي و قُلها ، ساصدِقُ عُيونك التي لا تَكذِب
هَمست و هي تَشتمُ عِطرهُ الذي يُذيب حَواسها ، اغمَضت عُيونِها تتحسَرُ على ما مَضى و قلبُها يكادُ من يَنفجر من صَخبه ، نَهضت تَعزمُ على الخُروجِ و الذهاب الي الثكنَة حتّى تَحتضنهُ هو بدلاً من وِسادته ..!
تُريد ان تُخِبرهُ انّها تبادلهُ ذات الشُعور ، و انّها قطعَت لن تترُكه و تتخلَى عنهُ مهما حَدث ، مَسحت دُموعها و غادَرت غُرفتها تُطالع لاڤينيا التي نامَت فوق الاريكَة ، من صَوت المِياه الصادرَة من الحَمام علمت ان تايهيونغ هُناك
كانت فُرصتها بالخُروجِ نَظرًا لانشغالِ الاثنين عَنها لذلك حَملت مِعطفها تَرتديه و اسرعَت ناحيَة الباب تَفتحهُ ، و بِمُجَرد ان رَغبت في وَضع قَدمِها خارِج عُتبة البَيت ، تَسمرت مَكانِها حينَما رأت هَيئَةُ ذَلِك الشَخص قُبالتِها ..!
•••
- تواصل مع احد العساكر ، اريدُ الاطمئنان على آلميرا
تَحدث جونغكوك بينَما يقومُ باشعالِ سيجارته في فناء الثكنَة و هو يُخاطب جيمين الذي يُجاوره ، حرّك الجنديّ رأسهُ استجابَة لأمرِه ليقوم بالتواصل مع العساكِر باستخدامِ اللاسلكيّ ، لكن لم يَكُن هنالك استجابَة
نَظر الاصغرُ في اتجاه قائِده قائِلاً
- لا يوجَد استجابَة سيدي ..!
انتاب الرائِد القلق حِيال الامَر لِذلك نَطق مُباشرَة
- تواصل مع تايهيونغ فورًا ..!
الجو ماطِر للغايَة لِذلك القَى الرائد اللومُ على العاصِفَة ، حاوَل بِدوره ان يَتصل على هاتِف آلميرا لَكنهُ مُغلق و انقطاعُ الكهرباء يلعبُ دورًا في سوء الشبكَة
صَدر صَوت من اللاسلكيّ الخاص بتايهيونغ ، جَعل اعيُن الرائِد تُوسَع من هَول صَدمتِه ، و دون شُعورٍ منهُ وَجد نَفسهُ يَركُض باقصَى سُرعته في اتجاهِ مَنزِله و فريقِه من خَلفه
بِمُجَرد ان عَبر بوابة منزله الرَئيسيَة ، صُعق برجاله المَقتولين بداخِل الفِناء ، تَزعزع استِقرارهُ و واشَك اتزانهُ على ان يُهدَم ، لَكنهُ حافظ على قُوته و رَكض بِمصباحه الي مَدخل بيتِه حيثُما رأى اخِر ما يَتمناهُ على الاطلاق
وَجد تايهيونغ في حُضن زَوجتهُ غارِق بدماءِه بينَما امرأتهُ تجاهِد لِحَمله و اسعافه بعدَما جَرتهُ من وِسط الصالَة الي الباب
وَجه المِصباحُ عليها يَرى وَجهها مليئ بالنُدوبِ و الكَدمات التي تُؤكِد اشتباكِها مع رَجُلٍ يفوقِها حَجمًا ، اختَل توازُنه و لولا الجدار بجانبه لكان سَقط ارضًا
رَدد اسِم واحِد ، اسم زَوجتهُ الذي جَعل اعيُن لاڤينيا الباكِيَة تُرفع اليه و تَنطِقُ بِصوتٍ مَبحوح لِكثرَة الصُراخ
- اخ..اخذها ..!
•••
12221 ✔️
اهلاً بكم في اطول فصل في مسيرَة الروايَة كُلها 🫶🏻
اخباركم مع فصل اليوم ؟ مُتنوع بالمَشاعر صَح ؟
تعتقدون ان الميرا بالغت برد فعلها لما رفضت تسامحه؟
ام الشئ يلي سواه فيها يستحق..!
لانها فقدت الامان معه ..!
لو كنتم مكانها شنو كان هيكون موقفكم ..؟
كيف كان معكم الفصل عامَةً ..؟
اغلبكم كان متوقع ان ميري بنت ادولف و آيرا
شاطرين 👀 بس انا كنت حابتكم تعرفون اساسًا
تعتقدون ان آيلا فعلاً يلي خطفت داڤل مش العكس؟
و السبب ؟
جُزئية القارِئ و هو يحكي لكاتبته عن مشاعره ناحية زوجته لكاتبته بدون مايعرف انها هي..! 😭
هالجزئية بكتني لانها عبرت عن مشاعره يلي الميرا ما تعرف وجهات نظره فيها
زيّ انه ما كمل تعليمه مثلاً و رد فعله كان ناجم من جهله فعلاً
لانه ما يعرف هذيك المعلومات .. بس لما عرف مباشرة صلّحها و اعتذر
حرفيًا الفصل كان عبارة عن خليط مشاعر ، تكسر و ترمم الخاطر بنفس الوَقت ، مشاعرهم جدًا صعبَة و كلما يريدون يتقدمون خطوة يصير شئ يفسد علاقتهم اكثَر
انقهرت عليهم 💔
اكثر جُزئية حبيتوها عمومًا و لامستكم ..؟
ماضي الرائد مع ميري ..؟
انتم سامحتوه على غلطه ..؟
انا بلاحظ ان الرائد اكثر ابطالي يلي انتم تتعاطفون معه ، ما ادري ليه 😭
يعني في يلي يحبونه اكثر من الوزير رُغم انه مليئ بالاخطاء
توقعاتكم للقادم عمومًا ..؟
تايهيونغ هيلحق ليون ..؟ 👀
شنو هيصير بآلميرا ..؟
اراكم قريبًا ان شاء الله
اهتموا بانفسكم ♥️
الي اللقاء 🫶🏻
.
.
.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top