عَروس الميراث | 32

عَروس الميراث | JK

اهلاً بِكُم في الفَصل الثاني و الثَلاثون 🌼

3700 تَصويت
6000 تعليق
فصل جَديد ✔️

خُذوا بعين الاعتبار لو حققتم الشُروط خلال 24 ساعَة
يوم الاحد باذن اله انزلكم فَصل

رجاءًا ، لا تخلوا التعليقات عبارة عن نقاط و حُروف
اريد تعليقات كُلها حُب و كَلام يتماشى مع الاحداث
لان الفصل هذا حطيت فيه كُل مشاعري
و كان الاطول بين كُل الفصول ..!

اتفقنا كواكبي ..؟ ♥️

لِنَبدأ 🤍

•••

حينَما تَمّ اقتِحامُ غُرفتِها مُحكمَة الغَلقِ بالقُفلِ بَعد كَسرِ الباب
وُجِدَت ، سَوداءُ الشَعرِ و العَينينِ ، قويّة الشَخصيّة مُبتسِمَة الوَجنتين..!
مُــنَــتــحِــرَة ..!

ان تَصِل شَخصيَة كَمِثل خاصَة آلميرا الي مِثل هَذِه النُقطَة ، فَهو شَئ يَستحيل ان يَستوعِبَهُ زَوجُها الذي ارتَخت اقدامَهُ عِند البابِ يُراقِب دماءِها تُغرِقُ مُحيطِها و ادولفِ اول مَن هَرع لِتفقُدِها

مالذي يَحدُث ..؟
كَيف..! كَيف غفل عَنها للحَدِ الذي اوصَلها للانتِحار..!

لَم تكُن حالتُها مُبشِرَة مِنذ اخِر مرَة تَركها تَغوصُ في وِحدتها و حُزنِها ، لَكنهُ يَعلم انّها اقوَى من ان تُهِدرَ حياتِها استِماعًا الي وَساوسِ النَدم..!

صَحيح انّهُ اراد تَركِها أن تتأدَب و تَنضِبط ، لَكن اطلاقًا لم يَتوقع انّها كانت بِذلك الضُعف كُلّه ، تَعكسُ القُوّة و الانِدفاعيَة ، لكن بداخلها كائِن هَش يتأثرُ بسُهولَة

لَم تَجِدهُ بِجانِبها في الوَقت الذي كُلّ ما تَتوقُ لهُ ، حُضنه ، كُلّ ما تَمنتهُ قُربه الذي سيُنسيها جُزء من مآسيها ، لَكنهُ بَخلَها فيه ، بل عاقَبها بِبُعده

كان بَخيلاً جِدًا عَليها بِمَشاعِره

- ال..الميرا ؟ انه..انهضي ماب..مابكِ؟

صَدر صَوتُ ادولف الذي انخَفض على رُكبتاهُ يُقرِب اصابِعهُ من رَقبَة السَمراء لتفقدُ نَبضِها الضَعيف ، زَوجتهُ كانت في جِواره ترتجِف بشدّة و دُموعها لا تَنقطِع ، كَيف سَتتصرَف ؟ مالذي يُمكِنها ان تَفعله بِمثل هذا المَوقف؟

مَسكت ذلك السِكين المليئ بِدماءِها ، كان سِلاحُها للتخَلُص من هَذا العَذاب الذي قَتل كُلّ ذرَة شُعورٍ بالقُوّة و الصُمودِ داخِلها

كانَت يائِسَة ، تَتلوَى كُلّ ليلَة في فِراشِها مَع وِحدتها التي نَهشت كُلّ مابِها و تَركتها ذَليلَةُ المواجِع أسيرَةُ الضَمير

كُلّ ثانِيَة تَمُر ، تَتمنى فيها وُجودَهُ ، تََمنت لو وَقف قُبالَة نَدمِها و فضّل ألمَها عَلى خاصِته ، تَمنت لَو انتَشلها من بُقعَةِ اللومِ و قَطع كُلّ اصابِع الاتِهام التي تَخنِقها..!

لَكِنها ، كانَت وحيدَة فَحسب
وَحيدة بِشَكلٍ ، دَفعها للانتِحار

- م..مالذي يح..يحدُث ؟ ماب..مابها ؟

لِتَوه استَوعب أن امرأتَهُ تَموتُ امام عَيناهُ و شَريط من ذِكرياتِ وِحدتها يَمرُ على عُيونِه ، دَعس على قَدمه المُصابَة ، و مَشا مُهرولاً الي ان سَقط بِجوارها بعدَما خَذلتهُ ساقَهُ و عَجزت عن حَمله

- آيلا اجلبي عُلبة الاسعافات بسُرعَة

صَرخ ادولف مُخاطِبًا زَوجتهُ التي نَهضت تَركُض لِجَلب ما امَرها بِه في الوَقت الذي وَضع فيه جُيون يَدهُ على وَجنةِ امرأتِه يَتحسسُ بُرودَة بشرتِها

- م..مابها ؟ لما لا تف..تفتح عينيها؟

هَمِس يَستفسِر ، عَقلُه عاجِز عَن استيعاب انّها آلميرا ، وَصلت الي هَذِه المرحلَة ..!

مُستَحيل ، امرأتهُ قَويّة ، من غَير المُمكن ان يَصِل بها الحَالُ لِقتل روحِها التي تُقدِسها ، هي تُقدس نَفسها لابعَدِ حَدٍ مُمكن

ناظَرهُ ادولف بِنَظراتٍ قاتِلَة لَكنهُ حافَظ على هُدوءِه كيّ لا يَزيدُ الامرُ سوءًا ، تَدارك الوَضع باخذِ الضمادِ المَليئ بالكُحولِ المُعقمَة مِن عند زَوجته ثُمّ لَفّه بِسُرعَة حَول مِعصم آلميرا

- سأخُذها الي المُستشفَى ، نَبضُها ضعَيف و نزيفُها لا يَتوقف

قالَ ادولف و هو يَستعِدُ لِحملها لَكن الرائِد مَنعه و اخَذها هو بداخل حُضنه نافِيًا بِقوّة ، رَفع رأسَهُ الي الاكبرِ سِنًا و قال بِصَوتٍ مُرتعش

- الي اي..اين ستخ..ستأخُذنا؟

يكادُ الاميرُ يَفقد صَوابَهُ لِوهلَة ، و ان فَعل سيكونُ جونغكوك ضَحيّة غَضِبهُ بلا شَك ، اخَذها منهُ رُغمًا عن ارادَتهُ ثُمّ صَرخ به مُنفعلاً

- ألا تَرى انّها تفقدُ حياتها ؟ انت حتى لا تَستطيعُ حَملها بِقدمك هذِه!
صَدِقني ان حَدث لها شَئ ، ساُلقي كُل اللوم عَليك انت
لانَك من اوصَلتها الي هذِه الحالَة

هَسهس خِتامًا بعدَما قام بِضَم آلميرا اليه و خَرج بِها راكِضًا الي الخارِج ، الرائِد لم يكُن يَفهم ، لازال مَشهُدها و هي بَين بركَة دماءِها لا يُغادر عَينيه البتّة

هو مَصدوم لِدرجَة الخَوف..!
الخَوفِ من فُقدانها

لم يَسبِق و ان تَعامل ما حَالةٍ جريحَة بِهذا الشَكل ، بل اعتاد ان يَكون اول مَن يركُض للجرحَى و يُساعِدهُم ، هذِه المرّة هو عَجِز حتّى عن اسعافِها..!

كانَت آيلا سَتخرُج راكِضَة وراء زَوجِها ، لَكنها تَوقفت عند الباب حينَما رأت حالَتهُ و عَجزه عن النُهوض بِسبب قَدمِه ، كَبحت دُموعها و عادَت اليه مُسرعَة تُمسِكه من ذِراعه

- هيا بُني ، انهَض و دَعنا نَلحق بِزوجتك

لَفت ذِراعهُ حَول رَقبتِها و ساعَدتهُ بالنُهوض و حينَما فَعل ، خَرج مَعها و سايرَتهُ هي بالنُزولِ من الدرَج فحالَة قَدمهُ غير مُبشرَة بتاتًا

اساسًا الطَبيب مَنعهُ من استخدامِها قُرابة الشهرِ و النِصف
نظرًا لِسُوءِ وَضعها فترَة احتِجازَهُ و خَطفه

- ا..المي..الميرا بخ..بخير ؟

سأل و صَوتهُ يَرتعِد ، لازالَ لم يَتخطى المَشهد الذي رآهُ للتو ، جَعلتهُ آيلا يَتكئ عَلى الجِدار ثُمّ هَرعت تجلبُ عُكازه و تُقدمهُ لهُ و هي تُبعد دُموعها التي تَعمي بصيرتِها

- بخ..بخير ، اتم..اتمنى
دع..دعنا نلح..نلحقها

اخَذ عُكازَهُ مِنها لِيُسرِع باللحاقِ بِها الي سيارتِها التي ما ان رَكب بالقُربِ مِنها حتّى قادَت مُسرِعَة الي المُستشفَى خَلف زوجِها

حينَما وَصلت وَجدت ادولف لِتوَه يَنزِل و بين يَديه آلميرا لِذلك لَحقتهُ و فَعل الرائِد مِثلُها ، حاوَل أن يَركُض باقصَى جُهدِه لَكن قَدمه و عُكازه لا يُسعِفانه البتّة ، وَقف امام الطوارِئ يَرى المُمرِضون يَجلِبون السَرير المُتحرِك رَكضًا حتى يَضعونَها بداخله و حينَما مَددها ادلوف عَليه ، ادخَلوها الي وراءِ الستائِر حيثُ المُعدات الاسعافيَة

مَسح الاميرُ على وَجهه بيداهُ المليئَة بدماءِها في الوَقت الذي تَجاوزهُ فيه الرائد و حاوَل اقتِحام تِلك الستائِر لِيرَى زَوجتهُ الغائِبَة عن الوَعي تحت رَحمة الطاقَم الطبيّ

يَشعُر انّهُ في حُلم ..!
كُلّ ما يَحدُث مُجَرد كابوسٍ مُرعِب لا يَستطيعُ تَصديقه

اتِلك التي يَضعونُ لها اجهزَة الانعاشِ و يُحاولون ارجاع نَبضِها تكونُ امرأته ..؟ هل ذلك الوَجهُ الفاقِد للحَياة ، يَخُصها هي..؟

رَفع قَبضتهُ يَعضُّ عَليها بِقوّة و بيدِه الثانيَة يعتصرُ الستائِر بين اصابِعه بِشدّة ، هُنالك دُموع مُتحجرَة في عَينيه تأبى النُزول ، هُنالِك شُعور راكِد بداخله لا يَستطيعُ الوصول اليه حتّى يُعبر عمّا يُخالِجه

لِما ، لِما هو فاشِل لِهَذا الحَد عن احداثِ ردّ فعلٍ يَتحدُث عَن المَجزرة التي تَحدُث بداخله ..؟ لِما الي هَذا الحَد هو انسان بارِد..!

ليسَ كَذِلك ، هو ليسَ بارِد نهائِيًا
انّهُ يُقتَل و يَموتُ ثُمّ يُعيد الوقوفِ للنِضالِ و المُحاربَة
يُحارِب في مَعرِكَةٍ ، قَتلتهُ فيها امرأتهُ بانهزامِها

- سيدي ارجوك غادِر ، هذا المَكان خاص فَقط بالطاقم الطبيّ

تَحدثت المُمرِضَة و هي تُحاول دَفعهُ و اخراجَهُ ، لَكنهُ رَفض التَحرُك و ظلّ مُصِرًا على اتخاذِه مَوقعه الذي يُتيح لهُ فُرصَة رُؤيتِها و النَظر اليها

- دع..دعيني ار..اراها

نَفى بِرأسِه يَعترِض ، و لِحُسن حَظِه ان ساقَهُ كانَت تنزِفُ لِذلك اُتيحَت لهُ الفُرصَة في الدُخول و مُجاورَة سريرِها من اجلِ اسعافِه هو كَذلِك

لَم يكُن يَهتم لألم ساقِه الذي لم يَشعُر بِه بِقَدم اهتِمامه بِالتي يَقومُ الطبيبُ بالضَغطِ على صَدرِها من اجلِ انعاشِها و اعادَة الحياة الي جَسدِها

كانَت نَظراتُ اليأس في عينيّ الطَبيب و هو يُناظِر المُمرضَة كيّ تُعطيه الصاعِق الكهربائيّ تَقتُله

- للاسف ، قلبُها يَرفُض الاستجابَة
نَبضُها ضَعيف يكادُ يَنعدم بعد ثَوانٍ

نَظر الرائِد الي الجِهاز الذي يَعكسُ نَبضاتُ امرأته الضَعيفَة امامَهُ ، دُموعه المُتحجرَة بدأت تَلين ، و مَشاعِرهُ الجامِدَة في بُحيرَةِ البُرودِ ذابَت..!

ابعَد المُمرضَة التي تَقومُ بتَغيير ضِماد ساقه لِينَهض مُسرِعًا يَدعُس عليها مُتجاهلاً تمامًا مُحاولاتِها في رَدعه ، دَفع بالطَبيبِ عَنها و مَسكها من يَدِها السَليمَة يُطالِبُها بالمُقاومَة من اجلِه

لِمَن سَتذهبُ و تَتركه ؟
صَحيح انّهُ تَركها ، لَكنها افضَل منهُ
هي أرَقُ و احنُ انثى يَعرِفها ، لن تَكون بِتلك القسوَة اطلاقًا
لن تُغادِر و تَسمح لهُ ان يَغرِق في مُحيط يأسِه ، بعد ان انَقذتهُ

لن تُفلِت بيده في بِداية الطَريق..!

- الي اين تَخالين نَفسكِ ذاهبَة ؟
لِما تُغمضين عَينيكِ بِهَذا الشَكل؟
انهَضي ، انا لَن اسمَح لكِ بالرَحيل

نَطق يُخاطِبُها بِصَوتٍ مَليئ بالمَرارَة ، خَرج عن صَمتِه و تَغلبت عَليه عواطِفه التي عاش طوال حَياتِه يَدفِنُها في صَدرِه ، نَجحت مَشاعِره في الاستِلاء على قَلبِه و طَردِ البُرودِ عَن ارضِه

- انهَضي آلميرا اخبرتُكِ ، كَيف لكِ ان تَترُكيني حينَما حَصلتُ عَليكِ بَعد سَنواتٍ من الحُب ..؟

صَرخ بِها بِلُغته التي لم يَكُن يَفهمها الاجانِب من حَولِهما ، و ذَلك كان سَبب كافٍ بِجَعل الطَبيب يُحاول ابعادَهُ عَنها ليُتم عَملهُ ، لَكنهُ رَفض و تَشبّث بِها كَمن يَتمسكُ بأمّهُ يأبَى رَحيلِها

بالنسبَة اليه ، آلميرا أحنّ عَليه من اُمه التي انجَبتهُ و رَمتهُ و تَركتهُ لا يَعرِفُ مَعنى المَشاعِر ..!

تَركتهُ مُتلبّد مُتجمِد ، حَتى في اسوءِ اوقاتِه يَعجزُ عن التَعبير
آلميرا ، من اذابَت جُزء من جَليدِه ، و مَنحتهُ مَذاق الحَياة

- سيدي ارجوك اُخرج ، دَعنا نُكمل عَملنا المريضَة تضيعُ من بين يدينا ..!

تَحدث الطبيب الذي احاطَهُ من اكتافِه و جَرّه نَحو الخارِج بِصُعوبَة ، اراد قَدر استِطاعته ألا يُفلت يَد زَوجتهُ رُغم مُحاولات الطبيب الماسَة في اخراجِه

عِندما واشَكت يدهُ ان تُفصَلُ من خاصتِها ، احسّ باصابِعها تتحرَكُ ضِد انامِلهُ ما جَعل من اعيُنه الدامِعَة تَنبلِج من الصَدمَة

- لق..لقد مس..مسكت..مسكتني

التَفت الطَبيب برأسِه يُراقِب جَسد الشابَة المُلقَى قُبالته ، تَرك الرائِد و عاد مُسرِعًا لاخِذ الصاعِق و انعاشِ قَلبِها من جَديد في الوَقت الذي تَمسك فيه جُيون بِزَوجته و رَفض قطعًا تَركُها

جَلس على رُكبتيه قُرب السَرير بعدَما خَانتهُ ساقهُ للمرَة الثانيَة و تَسببت في وُقوعِه ، تَشبّث بِها و اتَكئ برأسِه على كَفها يَبكي بِحرقَة تَسببت في اخمادِ غَضب ادلوف تَمامًا

كانَت مَرتهُ الاولَى التي يَراهُ بِهَذا الضُعفِ امامَهُ ، يُشاهِدَهُ يَبكي و يَتذكَرهُ في طُفولتِه ..! كَيف كان وَحيدًا يَرتكنُ في الزاويَة و يَشهقُ بِدُموعه بعد كُلّ مرَة تتركهُ اُمه و تُغادِر

تَمسك الرائِد بِزوَجتِه باقصَى قُوتِه ، و قَلبهُ يكادُ يَنفجِرُ من وَجعه عَليها ، بَكا بِحرقَة بالغَة كَما لو انّهُ اخرَج كَبت سَنواتٍ ماضِيَة في مَرةٍ واحِدَة

احتَضنت آيرا زَوجها من الجانِب تُسنِد رأسِها على صَدرِه بينَما تَهمِسُ لهُ بِصَوتٍ ضَعيف لا يَسمعهُ سِواه

- سَتكونُ صغيرتُنا ، بِخَير همم؟

لَفها ادلوف بِذراعهُ و قام بالايماءِ لَها بعدَما مَسح على شَعرِها الاسوَد المُشابِه لخاصَة آلميرا و اعيُنه لا تُفارِق الرائِد

- اتمنَى ، ان تَنهض و تَراهُ ، ستَشفعُ لهُ حالتهُ امام خَطئِه
ليسَ من السَهل ابدًا ان يَبكي رَجُل بهذا الشَكل
لاسيما ، شَخصيَة كمِثل جونغكوك

اخَفض بَصرهُ الي زَوجته التي قامَت بالايماءِ و مَسح دُموعها بِاصابِعه قائِلَة بِنبرة مُهتزَة

- عَليك ان تُكمِل اجراءات دُخولِها ، حتّى يُكملون عِلاجها

اومَئ لَها ايجابًا قبل ان يُلقي نَظرةٍ على الجِهاز الخاصِ بَنبض آلميرا ، وَجدهِ مُستقرًا و ذَلك اتاحُ لهُ الرَحيل الي الاستعلاماتِ دون الشُعورِ بالقَلق

- نَبضها استَقر ، سنُدخلها الي غرفَة العَمليات حالاً

قال الطَبيبُ و هو يُزيل قُفازاتِه و يَرميها في القُمامَة حتّى يَستعد لِنقلها الي العَمليات ، ناظَر الرائِد اسفلَهُ قبل ان يَنخفِض الي مُستواه يُمسِك بِكَتفه

- سَتكونُ بِخَير ، دام نَبضها استَقر فهي قَد استجابَت اليك
سَتعود من اجلِك لا تَقلق

كان قَد لَمح خاتم الزَواج الخاصِ بهِما في اصابِع يديهما المُتماسكَة و ذَلك جَعلهُ يُدرك انّها زَوجتهُ بِلا شَك ، طالَعهُ الرائد من وَسط دُموعه و لم يَكُن مُهتمًا بتاتًا لِمَظهره و لا حتّى لِهَيبتِه و هو بِذلك الحَال

كُلّ الذي يُريده في الوَقت الراهن ، ان تَكون اُنثاه بِخَير و تَعودُ الي حُضنِه ، سيُقسمُ آن ذاك انّهُ لن يَترُكها لِثانيَة واحِدَة حتّى

- سنُدخلها الي غرفَة العمليات لِنُخيط جُرحها ، لذلك اتمنى مِنك ان تَتفهم و تَسمحُ لنا باداء عَملنا همم؟

خاطَبهُ الطبيب و هو يُساعِدهُ بالنُهوضِ اذ سَمِع الرائِد يسألهُ و هو يَمسحُ دُموعه بِكُم قَميصِه

- ه.هي بخ..بخير ؟

اومَئ لهُ الطبيبُ استجابَة لِسُؤالِه ثُمّ ساعَدهُ بالجُلوسِ على السَرير الثاني قبل ان يُتابِع قائِلاً

- ساقُك حالتِها سيئَة ، لابدّ انك عَسكريّ اذ يَتوجبُ عليك الاهتمامُ بها كيّ تستطيع الحِفاظ على راحَة زَوجتِك

راقَب الرائِد بِعَينيه المُمرضون و هُم يأخذون زَوجتهُ الي المِصعَد من اجلِ نَقلها الي غُرفَة العَمليات ، عاوَد التَحديق بالطَبيب و قال بِصَوتٍ مَبحوح

- ان..انا اري..اريد ان اكون مَعها بالداخِل

نَفى الطبيبُ يَعترِض بعدَما قامَ بالنداء على المُمرضَة كيّ تُكمل تَضميد ساقَهُ المُتأذيَة ثُمّ قال لهُ يُفهمه

- من غَير المُمكن ، حالتها لَيست حرِجَة حتى تَقلق الي هَذا الحَد
فقط سَنُخيطُ جُرحها ، رُبع ساعَة و تجِدُها بالقربِ منك

طَبطب عَلى كَتِفه قبل ان يَتجاوزَهُ و يَلحق بالبقيّة من اجلِ عَمليتِه التي تَنتظرِه ، في ذاتِ الوَقت حَقنت المُمرضَة الرائِد بِدواءٍ مُخَدر كيّ تَمنعهُ من الحَراك نَظرًا لِرَغبته باللحاقِ بَزوجته

اقتَربت آيلا تقفُ بِجانبه و تُمسِك بيدِه تُربت عليه بلُطف

- سَتكونُ بِخَير بُني ، هي لَن تترُكك صدِقني

التَمست بِه شُعور الخَوف من الوِحدَة ، شُعور ان يَعودُ لسابِق عَهده بلا أهلٍ يَترعرعُ وِسَط ذِكرياتِ الهجرِ و النسيان، يَعودُ وَحيدًا ، لا قَريب مِنهُ و لا غَريب

عَلى الأقلِ ، مُنذ ان كان صَغيرًا كان عَلى مَعرِفَة سابِقَة أن الميرا من نَصيبِه ، عاش على أملِ اليَوم الذي سيتَزوجُها فيه كيّ يَحظى باُسرَة تُحبه و يُحبها

كانَ ذَلِك الأملُ الوَحيد الذي يَسمحُ لهُ بالعَيشِ و المُواصلَة
بَعد تَضحياتِه لاجلِها طَبعًا ، فهي في المَقامِ الأول

ان رَحلت هي ، فكُل ما عاشَهُ سابقًا من حياتِه كان مُجَرد وَهمٍ ..!
العَذاب الذي تَعذبهُ طيلَة السنواتِ الماضِيَة ، سيذهَب سُدًا..!

- ان جَرى لَها شَئ ، ساقتُل نَفسي من بَعدِها

ذَلك ما قالَهُ بعدَما زارَتهُ كُل تلك الافكارِ البشِعَة ، هو ليسَ مُستعِد ان يَعودُ لِنقطَة الصِفر أو ان يَعيش حَياة بِدونِها

رَفع عينيه الي آيلا التي مَسحت لهُ دُموعه بِيديها تَتذكرُه في حُضنِها و هو طِفل يَلتجئ اليها حينَما تَخُذله الحَياة

هو بالنسبَة اليها كأحَدِ ابناءِها

- هِشش ، لا انت و لا هي سَتموتان
لستُ مستعدَة ان اخسِر طِفلاي!
اسمِعت؟

قامَت باحتِضانَهُ رُغم انّهُ منذ ان كَبِر ، صَنع حواجِز كَثيرَة بينهُما اذ كان يَكرهُ اساسًا التَلامُساتِ الجسديَة بأنواعِها

لَكِن ، الامرُ اختَلف مُنذ عَودة آلميرا الي حَياتِه
منذ ان جاءَت و هي تُغرقه في حُضنِها الذي اصبَح ادمانًا لهُ

اتَكئ برأسِه على صَدرِ آيلا التي راحَت تُطبطبُ على شَعرِه و المُمرضَة تُضمدُ ساقهُ ، كانَت ترفعُ عينيها للسقفِ حتى تَمنعُ دموعها من التَسرُب اذ هَمست بنبرَة يملؤها القَهر

- لستُ اُلقي بِلوم وَضعك الا على اُمك ، هي السَبب في جَعلِك بهذا الحَال ، لن اُسامحها طيلَة حَياتي لانها جَعلتك تُعاني من طُفولَة مُشوهَة مَنعتك حتّى من التعامُلِ مع المَشاعِر ، لَيتني اراها من جَديد ، اُقسم ساقتُلها

كان صَامِتًا فما تَقولهُ حَقيقيّ لا جِدال فيه
صُعوبته في التَعرُف على المَشاعِر و فَهم احتياجِ المَرءِ لاخيه في الشِدّة سَببهُ اُمه في المَقامِ الاول

كانَت اُمه تُعاقبه حينما يُخطئ و هو طِفل بِهَجره و السَماحُ لهُ بالتعلُم من غلطِه حينما تَترُكه مع نَدمِه ، هو لَم يجِد مَن يُواسيه اثناء شِدته او يَحتضنُ خَوفهُ و يَحتويه ، لِذلك عَجِز عن التَصرُفِ آن ذاك

لا يُمكنه تَقديم شَئ لم يُقدَمُ لَهُ اطلاقًا
لا يَستطيعُ ان يَفهم ، كَم الشُعورِ بالمُواساةِ هو اساسِ التَجاوُز
لانهُ و بِكُل بساطَة ، تَخطى كُلّ ما يُؤلِمهُ بِمُفرده ، حتّى اصبَح حَجر

- انا اظلِمُها كَثيرًا مَعي يا خَالتي ، اعلمُ انّي لستُ المُناسب لانثى رَقيقة مِثلُها ، و بِكُل مرَة اُحاول ان اتقدَم خُطوَة في عِلاقتنا ، اجِدُني اعودُ لنقطَة الصفر حينَما ارتكب خطأ اكبرُ من الاول

هَمس لَها بِصَوتٍ مُختنِق قبل ان يُواصِل بغصّة

- انا اُحاول ان اقرأ ، و ارَى و اتثقف و افهمُ المَشاعر ، قرأتُ الروايات الرومنسيَة ، القِصص و الحِكايات الدراميَة ، لكنّي لم اكًن افهم شَئ مِن الذي يُكتَب ، استطيعُ تَفسير المَشهد لكن الاحساس ذاتهُ لا يَصِلُني ، اقرأُ بِقَلبٍ جامِد و اراهُم يُبالغون بِرُدود افعالِهم ، و هي مُنذ ان دَخلت حَياتي من جَديد ، انا اتعلمُ مِنها المَشاعر و اُجرِبها واحدَة واحدَة

كان مَسحُ آيرا على شَعرِه القَصيرُ يُؤنِسه ، اهذا هو الشُعور بالمُواساة ..؟
لم يكُن يَعرِفهُ اطلاقًا ..! هو يُجرِبهُ لاولِ مرَة

سَمحت لهُ بأن يُعبر عمّا بداخِله و هي تُطبطبُ عليه بلُطفٍ و تَسمعهُ يُفرِغ ما يُخالجه رُبما يَرتاحُ قَليلاً

- صَدِقيني لستُ اتعمَد نهائيًا ان اؤذيها ، كَيف ؟ و هي حُبي الأول ، كَيف استطيعُ ايذاء الانسانَة التي رَهنتُ حَياتي فداها و انتِ اكثرُ من يَعلم ما اتحمّلهُ فقط لاراها على قَيد الحَياة ، انا مُستعد ان اُضحي بِسعادتي كُلها ، فقط لاراها هي تعيشُ بِسَلامٍ و آمن ، لا مانِع لديّ ان مُت انا و واصَلت هي مَع رَجُلٍ اخَر قد يستطيعُ تَقديم ما اعجزُ انا عن فِعله ، صَدقيني كُلما ارى نَظرة الخُذلانِ في عَينيها اُقتَل و اتستُر على جُثتي بِبُرودي ..!

رَبتت آيرا عَلى كَتِفه بلُطفٍ تُنصِتُ لهُ باهتِمامٍ بالِغ قبل ان تَرفع رأسهُ عن صَدرِه و تحتضِن وجنتيه قائِلَة بلُطف

- اسمَعني يا صغيري ، جميعُنا نعرفُ جَيدًا كيف كانت طريقَة نشأتِك قاسيَة ، لستُ محتاج ان تُفسِر ابدًا ، اعلمُ انهُ ان كان بامكانِك لَقدمت لها العالَم باكمِله و لن تَبخل عليها اطلاقًا ، لَكِن بذات الوَقت تستمرُ طباعِك في التَغلُب عليك و هَزيمتِك ، ليس من السَهل ان يُغير الانسانُ من نَفسِه بين ليلَة و ضُحاها ، كِليكما تَحتاجان الوَقت لتفهمانِ بعضكما جَيدًا و تَتوصلانِ للحُلول التي ستُتيح الاستمراريَة لِعلاقتكُما

ابتَسم من وَسط دُموعه لانّهُ وَجد من يَفهمهُ ، يَسمعها تُتابع و هي تَمسحُ لهُ عيناهُ بابهامَيها تُواصِل بحنيّة

- الوقتُ كَفيل بأن يُداوي كُل جِراحنا ، عَليك ان تُصلِح خطأك و ان تَكون بِجانبها الان ، اياك ان تَترُكها و لو لِثانيَة لانّها بلا شَك ستنهضُ و هي بحاجَتك انت اكثَرُ من غَيرِك ، وقوفكِ مَعها في مِثل هذه المِحنَة سيشفعُ لك كُل ما مَضى في قلبِها و سَتغفر ، انا مُتأكدَة ان هنالِك مكانَة لك بداخلها و إلا ما كانت لِتستمر مَعك و لو لِثانيَة ، جميعُنا نعرفُ طباعها جيدًا

مَسح دُموعه بِكُم قَميصه ثُمّ قال بِصَوتٍ مُهتَز

- لن اترُكها اساسًا ، حتى ان قامَت بِصدي سابقَى مَعها ، لن اخاف على شُعوري من الرَفضِ بِقَدر خَوفي عليها لِذلِك ، ساكونُ بِجوارها

مَسكت آيرا يدهُ و طَبطبت عَليها بلُطفٍ بينَما تبتسِمُ لهُ

- احسنَت ، آلميرا خُلِقَت لك و لن تَكون لِغَيرك ، بدل ان تَدعها تَبحثُ عن رَجُلها المِثالي ، تَعلم انت كَيف تَكونُه ، و لا اظنّ ان هُنالك من سيُنافسُك بِحُبك اليها ، او ان يَستطيع تَقديم ما انت تَفعلهُ في السِر عَنها..!

قام بالايماء بِرأسِه و امتلَئ عقلهُ بالعَديدِ من الافكارِ التي تُساعِده في مُساندَة زَوجتِه في مِثل هذِه المِحنَة ، عاد ادولف بعدَما فَتح مَلف لآلميرا لِيستقيم بِجوار الرائِد من الناحيَة الثانيَة مُطبطبًا على كَتِفه

- هيا لِنَصعد الي الغُرفة التي سَتوضَع فيها ، عَلينا ان نَنتظِرها هُناك

اومَئ من جَديد و استقامَ رِفقتهُما الي المِصعد غيّة التَوجُه الي الغُرفَة المنشودَة التي ما إن دَخلوها حتّى جَلسوا يَنتظِرونُ خُروجِها

كانَت بالفِعل بِضع دقائِق اضافيَة و فُتحَت الغُرفَة يُدخلون من بابِها سَريرِ آلميرا الغائِبَة عن الوَعيّ ، قَربوها من الفِراشِ الخاصِ بالحُجرَة لِيقومون بِنَقلها فَوقه

قامَت المُمرضَة بِوَضع المَحلول المُغذيّ مَع الدواءِ لَها و أوَصت بعدمِ الازعاجِ كيّ تَستريح لاكبرِ قَدرٍ مُمكن ، حالتُها كانت صَعبة للغايَة نظرًا لبقاءِها قُرابة الشَهرِ دون مأكلٍ او مَشرب ، ذلك من غَير الدَم الذي فَقدتهُ

كانَت شاحِبَة كُلّ جَمالها قَد ذَبُل يكادُ يَتلاشَى ، نَحيلَة للغايَة بعدما خَسِرت قُرابة العَشر كيلو غرام في مُدّة وَجيدَة ..!

اقتَرب الرائِد للجُلوسِ على الكُرسي الذي بِجانِبها قبل ان يَرفع رأسَهُ الي المُمرضَة يسألُها بِحُزن

- مَتى سَتنهض ..؟

حَقنت المُمرِضَة المَحلول بالدواء ثُمّ قالَت لهُ بينَما ترمي الحُقنَة في القُمامَة

- لا نَعلمُ بَعد ، نبضُها لازال ضَعيفًا و انفاسُها غير مُنتظمَة ، هي خَسِرت الكَثير من الدِماء لذلك تَحتاجُ لاكبر قدرٍ من الراحَة و النَوم

وَضعت لَها قِناع الاوكسجين حَول شَفتيها بعدَما رَبطتها بِبقيَة الاجهزَة لِمُراقبَة انشطِتها الحَيويَة حيثُ واصَلت

- الاربع و العِشرون ساعَة القادِمَة جدًا مُهمَة في تَطور حالتها الصِحيَة ، لذلك رجاءًا تَجنبوا ازعاجِها و مُحاولَة ايقاظِها ، كذلك يَجب ان يَبقى هُنالِك مُرافق واحِد لا غَير

التَفت الرائِد براسِه الي الامير و زَوجته يُناظِرهم بهُدوء

- انا مَن سأبقى مَعها

حَدقت آيرا بِزَوجها تومِئ لهُ من اجلِ الذَهاب فقام هو كَذلك بهز رأسِه و الاقتِراب من جونغكوك ، طبطبَ على كَتِفه بلُطف مُتحدِثًا

- سنأتي بِحُلول الصَباح مُباشرَة ، ان حَدث اي تَطور خِلال الساعاتِ القادِمَة اتصل بي مُباشرَة

همهم الرائِد يُراقِبه و هو يُغادر مَع زَوجته رِفقَة المُمرضَة لِيتركونَه بِمُفردِه يَختلي بِزَوجته الغائِبَة عن وَعيها تمامًا

لِما مَع كُل هذا الشُحوبِ و المَرض لازال يَراها اجمَل خَلقِ الله..؟
مَلامِحُها التي نال مِنها التَعب ، نَجحت في جَعل قلبِه يَنبض بِصخَب

اقتَرب للانخفاضِ الي مُستواها و تَقبيل جَبينِها بلُطف
كان هُنالك مَشاعر جَياشة بداخِله يُريد وَضعها هُنا
هو تَركها وراءَهُ بِقُبلته تِلك
يَتمنى ان تَشعُر بِها

ابعَد شَعرِها عن وَجهِها يَتخيلُ الكم الهائِل من الوَجع الذي عاشَتهُ بِدونَه طيلة الايامِ الماضِيَة ، لاعَب خُصيلاتِها و هَمس بِصَوتٍ مليئ بالغصّة

- هل استطيعُ هذه المرّة ، ان اُصلِح خَطئي ..،؟
ام انكِ سَئمتِ منّي و من اغلاطي المُتكررَة بِحَقك؟

اخَفض يدهُ و امسَك خاصتِها يُشابك اصابِعها سَويًا قَبل ان يُواصِل بِحُزنٍ بالِغ

- انا اسِف لكِ ، لانكِ تَملكين زَوج لا يَستطيعُ التعامُل اوقات الشِدّة ، لَكنهُ يُحاول ، سيُحاول ان يَتدارك الوَضع و يُصلِحه حتّى و ان كان الأوان قَد فات ، احتاجُ فُرصَة اخيرَة اُثبت لكِ فيها أنّكِ اكثرُ ما احتاجُ في حَياتي كُلها

رَفع يدِها الي مُستوى فَمِه و قَبل ظاهِرُها بلُطفٍ يُتابع تأمُلها بِعَينين دامِعَتين

- اليَوم بَكيت ، كَتلك المرَة من سَنواتٍ حينَما ابعدوكِ عنّي و انتِ طِفلَة ، مررتُ بذات الشُعور آن ذاك ، لكن الاحساس هذه المرّة كان اصعَب بمراحِل ، على الأقل آن ذاك كنتُ اعلم اننا سَنلتقي من جَديد ، لك..لكن اليَوم احسستُ اني قَد لا اراكِ ، لا اُريد اطلاقًا ان تُعاد تلك الذِكريات البشعَة

نَفى برأسِه يُبعد افكارَهُ السَوداء عن ذاكِرته فَهي تُؤذيه بِشدّة

- عليكِ ان تَفتحي عينيكِ همم ؟ انا ساخُذ هُدنَة من العَمل و سابقى مَعكِ و لن اترككِ و لو لِثانِيَة واحِدَة ، ساُحاول ان اُريكِ ما اشعُر به نَحوكِ ، ساكسرُ ذلك الحاجِز الذي يَمنعُ حُبي من الظُهور ، انتِ فقط استيقظي ارجوكِ ، لا تَتركيني يتيمًا ..! فانا لا املكُ غَيرُكِ

قَضم شَفتهُ السُفلى بَعدما اهتزّ ذَقنهُ و واشَك على البُكاء من جَديد ، لازال لا يَتخيل انّها وَصلت الي هذه المرحلَة من الضُعف بِسببه هو

قُوتها كانَت لا تُقهَر ..! كَيف استطاع الحُزن و النَدم امتِصاصها حتى اوصَلها الي مرحلَة الهَلاك..!

- ان تَصلي الي هذِه الحالَة ، ذَلك حتمًا لم يكُن سَهلاً عليكِ ، تناسيتُ وَجعك و كنتُ انانيًا حينما التفتُ الي خاصتي ، كَررتُ خطأ داڤل حينَما لامني على مَوت اُختِه ، قُمت بِخطأ لا يُغتفَر بِحَقكِ اطلاقًا

وَضع يدهُ الثانيَة فوق شَعرِها يمسحُ عليه بلُطفٍ بالِغ ، اصبَح حَذِرًا خَوفًا من الحاق أي اذى بِها حَتى لو كانَ بسيطًا ، قَلِق للغايَة هو

اسنَد رأسَهُ فَوق السَرير بِقُربها و هو يُمسِك بيدِها يأبى تَركِها و ظَلّ يَستمعُ الي صَوتِ نبضِها عَبر الجِهاز بِصَمتٍ يُشبه فراغ روحِه

الوَقتُ يَمضي بِبُطئ شَديد ، يَزيدُ فيه الوَضعُ سوءًا عَلى قلبه بِمُرور الثَواني ، لَكنهُ يَستحِقُ تَحمل ذَلك الوَجع ..!

•••

وِسَط اسوارِ تِلك القلعَة في النِصف الآخَر من قَريةِ الخِنجَر
حيثُ قصرِ الحاكِم ، اذ يَلتمّ افرادُ عائلتهُ حَول مائِدة العشاء

في الوَقت الذي كانوا يَتناولون فيه الطَعام ، دَخل احَد الخَدم و بيدِه نتائِج التَحاليل التي اُقيمَت قَبل بضع اسابيِع من يَومِهم الحاليّ

- سُموكِ ، التحاليلُ جاهزَة

انحنَى الخادِم الي الاميرَة الكُبرَى اُخَت الحاكم ، مَدت يدِها لاستِلامها منهُ ثُمّ قامَت بالابتِسام لهُ تَطلُب انصِرافه و حينَما فعل نَظرت الي اخوتها البَنات

كان الحاكم أخ لِاربعَة نِساء
لم يكُن يَمتلِك شَقيق ذَكر

- هذه التَحاليل سَتُؤكد ان كانت التي نَبحثُ عنها ام لا!

قالَت الأخت الكُبرَى بينَما تبتسِمُ بِمُكر جَعل بقيَة اخواتِها يُناظِرون أخيهن الجالِس فَوق كُرسيه يُطالِع طَبقهُ بِشُرودٍ كَمن لا يَملِكُ حَياة في جَسدِه

فَتحت اُخته الاكبرُ ذَلِك الظَرف ثُمّ قَرأتهُ لِتُسمَع اذان البقيّة بنتيجَة التَحاليل التي كانَت كالآتي

- التَحاليلُ تُثبِت

رَفعت عُيونِها لِتنظُر الي البقيّة اذ خِتامًا طالَعت أخيها مُبتسِمَة بِخُبثٍ واضِح قبل ان تُواصِل ما جَعل اعيُنه تَرتفعُ عن طَبقه و تَقعُ عَليها هي حينَما قالَت

- تُثبِت انّها من السُلالَة الملكِيَة ..!

•••

صَباحُ اليَوم التالي
فَتح الرائِد عَيناهُ بعدَما غفى بِجوار زَوجتِه التي لازالَت تَغُط في نَومٍ عَميق ، تَنهد مُدلكًا عَيناهُ ثُمّ رَفع بالغطاء عَلى جَسدِها الضَعيف قبل أن يُراقِب مؤشراتِها الحيويَة يُحاول فَهمها

تَبدوا بِخَير دام الاجهزَة لم تُصدر اي صَوتٍ يُثيرُ الشُكوك

دَخلت المُمرضَة من اجلِ علاجِ آلميرا و حينَما انتهَت منهُ ، غادَرت و تَركتهُ من جَديد يعودُ لسباقِ خَيباتِه يَرى نَفسهُ اولِ الفائِزين في مِيدالياتِ النَدم

لاعجَب انّهُ تَصدر قائِمَة اكثَرُ شَخصٍ ، يرتكبُ اخطاءًا فادِحة في حَق الانثَى الاي يُحِب ، يَتمنى لو كانت هُنالك مُدونَة يستطيعُ نَشر نَفسهُ فيها كيّ يتلقى الشتَم الكافي من الشَعب عامَةً

هل حقًا يستطيعُ فعل ذَلك؟
كانت احدَى افكارِه الغريبَة التي جَعلتهُ يَضعها في عَين الاعتبارِ حَقًا..!
و يُفكر بِها بكُلّ جِديَة ، لكن بطريقَة مُختلفَة قليلاً

ظَلّ بِرفقتها يَنتظرُ اللحظَة التي سَتحرِمهُ فيها من العَذابِ بِفَتح عُيونِها ، لَكنها كانَت ترفُض حتّى الحَراك ، كُلّ ما يَستطيعُ الشُعور بِه هو صَوت نبضاتُ قلبِها الغَيرُ مُستقرَة ، احيانًا ترتفع و احيانًا اُخرَى تَعودُ للانخِفاض

جاء ادولف و آيرا للاطمِئنانِ عليها و الحُزن واضِح عَلى وَجه كِليهما ، كانا يُواسيانَه في بُؤسِه و حينما غادرا جاءَت اُخته مع زَوجِها حينَما تَوجهت لزيارَة آلميرا في بيتِ الاميرِ و اخبرَها بِما جَرى

دَخلت و بين يديها حَقيبة فيها بَعض المُستلزمات التي يَحتاجُها سواء هو او آلميرا ، مَع بعضِ حافظاتِ الاكل و الفواكِه رفقة العصائِر

وَضعت الحَقيبة على الارضِ و اقتَربت منهُ تَسألهُ بقلق

- مالذي حَدث ؟ هل آلميرا بخير؟

حَدقت في زَوجة أخيها الغائِبَة عن الوَعي قبل ان تُطالِعه في قِمّة خَيبتِه جالِس و الحَيلة مَسحوبَة من يَديه ، اقتَربت منهُ تقفُ بجوارِه قبل ان تَنخفِض دون انذارٍ لِمُعانقته و ذَلك سَبب لهُ صَدمة لم يَتوقعها

اخرُ حُضنٍ يَتذكرهُ مع اُخته ، كان قبل خمسَة عشر عامًا
و هي تَحتمي بِحُضنه مِنهُ هو ، حينما حاوَل قتلها..!

مُنذ تلك الحادِثَة ، ابتَعدت عنهُ و حَصلت بينهُما فجوَة يُصعَب امتلاءِها ، خُصوصًا انّها اصبحت تراهُ مَصدر الخَطرِ الاول ، بعدَما كان مَلجئ آمانِها

- لا تَقلق جونغكوك ، سَتكون آلميرا بِخَير

طَبطبت على كَتِفه تُواسيه فهي تَعرِفُ كم أخيها يُحب زَوجته و مُتعلق بِها ، لازال تَحت تأثير صَدمتِه من عِناقها لهُ و كَرد فعلٍ طبيعيّ ، ابعَدها عنهُ و شَكرِها بِوَجهٍ مُندهِش

- ش..شكرًا

اقتَرب منهُ جوليان بعدَما كانَ يقفُ عند رأسِ آلميرا يَتفقدُ مَلامِحها الشاحِبَة بِهَم ، نَقل بَصرهُ الي الرائِد و قال بِانزعاجٍ كان واضِح من نَبرتِه

- رُغم انّي نصحتُك ان تَكون مَعها ، لَكِنك كابَرت و عانَدت و اوصلتها الي هذِه المرحلَة ..! كيف استَطعت جَعل شَخصية كمِثلها تنتحِر ؟

سَكت الرائِدُ و تَولت اُخته الاجابَة بعدَما ناظَرت زوجِها بِحدّة قائِلَة

- انهُ ليس وَقتُ هذا الكَلام جوليان !
اتظنّهُ سيرغبُ بموت زَوجته مثلاً ؟

اخَفضت بصرِها الي اخيها الذي نَطق بِصَوتٍ واهِن

- مَعهُ حَق ، انا الذي اوصَلتها الي هذه الحالَة

وَضعت لارين يدِها فوق كَتف اخيها تُربت عَليه بلُطف

- لست السَبب ، صحيح انك اخطأت لَكنك تَستطيع اصلاح ذَلِك على الاقل دام بيدِك الفُرصَة لِتفعل ، جَميعنا نُخطئ و نسعَى لتحسين انفسُنا ، اليسَ كذلك ؟

رَفع رأسَهُ اليها يُحدِق فيها فَوجد عُيونِها مليئَة بالدُموع ، مَسحتها بسُرعَة قبل ان يَنتبه لَها لَكنهُ بالفعل لاحَظها و مَسك بيدِها التي عند كَتِفه يومِئ

- لقد كَبرتِ و اصبحتِ ماهرَة في القاء الحِكم

ابتَسمت لهُ من خَلف دُموعِها لِتومئ ايجابًا و تُوجه بَصرِها نحو زَوجِها الذي قامَ بالمَسح على شَعرِ آلميرا بلُطفٍ مُتحدِثًا

- عليها ان تَزورني الي العيادَة بعد ان تُشفَى
هي بحاجَة الي جَلساتٍ علاجيَة

قام الرائِد بالهمهمَة و لم يُكلف نَفسه عناء الاهتمام بِكَلامه حاليًا و لا بِمحاولاتِه في تَفقد زَوجته ، راقب اُخته و هي تَسيرُ نحو الحَقيبَة و تَحملها حتى تَضعها فوق الطاولَة

- ساذهبُ انا لارَى الطبيب و اسألهُ عنها

قال جوليان بَعدما سَحب يدهُ و شابَكها مع الثانيَة وراء ظَهره ، حينَما لم يَجد جوابًا غادَر بِصَمت و ترك زَوجتهُ تقومُ باخراجِ حافظاتِ الطَعام

- لقد قُمت باعداد بَعض الطعام
اعلمُ ان خاصَة المُستشفَى سئ غالِبًا

قالَت بعدَما فتحت اول حافِظَة كانت تحتوي على الفُطور ، اقتَربت من اخيها و قَدمتها اليه لَكنهُ رَفض اخذِها قائِلاً

- ليس لديّ شهيَة

لم يُعجبها رَدهُ و اصرَت على تَقديمِ الاكل لهُ حتى رأتهُ يقولُ لها بينَما يُصغر عيناهُ

- لما انتِ مُصرَة ؟ هل وَضعتِ لي بداخله السُم؟

انصَدمت من ردّ فعله و قامَت بسحَبِ الطعامِ قائِلَة

- لا اُصدق كيف تُفكِر!

مَسكت المِلعقة و تناوَلت مِنهُ اذ كانَت تلبسُ قميصًا فضفاض الاكمام تَسبب في سُقوطِها عن ساعِدها حينما رَفعت يدها للأكل

- ارأيت ؟ لم اضع به شَئ

عَقد هو حواجِبه حينَما لَمح بِضع كَدماتٍ على ساعِدها و مِعصمها تَسبب في نُِهوضِه و امساكِه لِرسغها مُتسائِلاً

- ماهذا الذي على يَديكِ ؟

رَفع عينيه الي مَن خافَت و توتَرت من سُؤاله حتى قامَت بِسَحب يدِها منهُ و حاوَلت ان تُخفيها بداخِل قميصِها من جَديد قائِلَة

- ل..لا ليسَ شئ ، لقد اصطدمتُ بالباب

لم يُصدقُها فهي فاشلَة في الكَذبِ كما اعتادَت ان تَكون دائِمًا
هو بارِع في كَشفِها

- لارين لا تَكذبي ! هذه ليسَت كدماتُ اصطدام
انها اثارُ اصابِع واضحَة ، من مَسككِ بهذا الشَكل؟

تَلمس تِلك الاثار بيدِه على مِعصم اُخته التي أصرَت ان تُنكر ، لَكنهُ طَفح كَيلُه و غَضب عليها حينَما نَطق بِانزِعاج

- هل هو جوليان ؟ اهو من قام بِتعنيفكِ ؟

وسَعت عينيها اكثَر و قامَت بالنَفي بطريقَة جَعلتهُ يتأكَد من شُكوكِه ، احَس بالغَضب بداخِله يَكبر فَان كان هو يَضرِب اُخته ، فَغيرهُ سيقطَع لهُ يده عليها!

- ذَلك الساقِط كيف يَجرؤ؟

هَسهس مُنزعجًا قَبل ان يَحمل عُكازَه يستعِد للخُروجِ و البَحثِ عن جوليان ، لَكن لارين مَسكتهُ من ذراعه تَمنعهُ من الخُروج نافيَة

- ارجوك لا ، انهُ لم يَفعل ذلك لما لا تُصدقني

سَحب عِضدَهُ منها و ناظَرها بغضبٍ اذ اخرَسها عبر قَوله

- لا تَتدخلي! انّهُ حَديث بين رَجُلين

تَركها و غادَر الغُرفَة بحثًا عن جُوليان الذي وَجدهُ في المَمر يَتمشى في اتجاهِه ، اندَفع نَحوهُ و تَرك عُكازه الذي سَقط لِيُمسكه من رَقبتهُ بقوّة و يُلصقه ضِد الجِدار مُهسهسًا بحدّة قُرب وَجهه

- انت من سَمح لك بِمَد يدك القذرَة على اُختي؟

اختَنق الشابُ و لم يَستطِع ان يُجيبه و هو يُحاول الفِرار من قَبضة مَن خَبطهُ بالجِدارِ و تابَع مُحذِرًا بِحدّة

- اُقسِم ان لَمستها من جَديد و مَددت يَدك عليها
لن يُعجبك نهائيًا ما قد افعلهُ بك

اصفّر وَجه جوليان الذي يُحاول التَنفُس بصعوبَة بينَما يُنفي بشدّة ، يَسمعُ ما قد تابَعهُ الرائِد في قوله مُهسهِسًا

- دام أخيها حَيًا ، سيقتُل كُلّ من يَلمسُ شعرَة منها
و ان كان زَوجُها حَد ذاتِه ، هل سَمِعت؟

بَعد ان ضَمن انّهُ تَرك اثار اصابِعه على رَقبتهُ تَركهُ يَسقُط على الارضِ يَسعُل بِقوّة ، انخفَض يَحملُ عُكازَه ثُمّ استَقام يلتفِتُ عودَة الي الغُرفَة اذ وَجد اُخته تقفُ عند الباب تَبكي بِصَمت

دَخل مُتجاوزًا اياها ثُمّ قال لها و هو يَعود الي كُرسيه

- ان حاول ان يُضايقكِ ، تعاليّ اليّ انا ساُجيد التَصرُف معهُ

مَسحت دُموعِها من عَينيها تُطالع زَوجها الذي نَهض يُدلك رَقبتهُ و يَقتربُ للدُخول من اجلِ التَحدُث الي جونغكوك بِغَضب

- انا ساسكُت عن اهانتك هذِه فقط لأن الميرا بحاجَة الي الراحَة
و إلا كنتُ قَلبتُ الدُنيا فوق رأسِك ، هل سَمعت؟

مَسك بِذراع زَوجتهُ و تابَع غاضِبًا

- دَعينا نذهَب ، سنتفاهمُ في المنزِل

كان سيجُرها مَعهُ الي الخارِج ، لَكن الرائِد مَنعهُ بِقَوله الجاد حينَما قال بحدّة

- صَدِقني ان امسكَتها بتلك الطريقة مُجَددًا ساحرِصُ أن يَعجز الاطباءُ عن التَعرُف على جُثتِك ، من شِدّة تَشوُهِها

دَعس بِعُكازِه على ارضِيَة الغُرفَة ثُمّ استقام هو من بَعِدها ليُتابع بِحاجبٍ مَرفوع

- و قَبل ان تُكلمها بتلك الطريقَة ، اعرِف جَيدًا انّك تُخاطب ابنَة سُلالَة آل جُيون ، العائِلَة التي لملمتك من الشَوارِع و صَنعت منك رَجُلاً

أفلَت جُوليان ذِراع زَوجته التي ابتَعدت عَنهُ و عادَت نحو الرائِد تَرفُض الذهاب مَعهُ ، لم يكُن لديه السُلطَة عليها دام اخيها قُربها لِذلك انتهَى به المَطافُ يُغادر

جَلس جونغكوك بِجانب اُخته فوق الاريكَة يُحدِق بعيونِها المُتورمَة من البُكاء ، قَدم لها كوب من الماء و سألها بِهُدوء

- هل هو مُعتاد ان يَمُد يده عَليكِ ؟

اخَذت ذلك الماء منهُ و سارعَت بالنَفي برأسِها قائِلَة

- هو لم يَفعل ذلك ابدًا ، لطالَما كان انسان هادِئ و مُتفهم

عَقد حواجِبه بخفّة لِيسأل مُستفسِرًا

- اذًا ..؟ مالذي حَدث تَحديدًا ؟

رَفعت عينيها الدامِعَة اليه و هي صامِتَة لبُرهَة ، حتى تابعَت بعد دَقيقَة من الصَمتِ و انفجَرت من بَعدِها تَبكي

- ان..انا حا..حامل

جُملتها تَسببت في انخراسه تمامًا اذ تَجمدت الحُروفِ في حَلقه و لم يَعُد بِوسعه الحَديث ، سَكت يُشاهِدها تَبكي بقوّة و هو غَير قادر ان يَستوعِب انّهُ سيُصبح خال لِطفل صَغير ..!

اُخته الوَحيدة حامِل..!

- ح..حامل ؟

سألها بِنَبرةٍ مُندهشَة يجِدُها تومِئ لهُ و عُيونِها تكادُ لا تَتوقفُ عن اهدارِ دُموعها بِغزارَة ، رَفعت رأسِها لهُ تُناظِرَهُ و قَد صُدمت حينَما وَجدت الفرحَة بِعَينيه اذ رأتهُ يَبتسمُ للمرَة الاولَى ..!

لم يسبق و ان رأتهُ يَبتسِم ، هو طيلة الوَقت عُبوسٍ مُكشِر
وَجهه مُتجهّم و غاضِب دائِمًا

لِذلك صَدمتُها بابتسامته عند هَذا الخَبر تحديدًا كان اكبَرُ من كُل شَئ

وَجدتهُ يَقومُ بِوضع يَده على رأسِها يمسحِ عليها بلُطفٍ قَبل ان يَسألها بنبرَةٍ لينَة

- انهُ خَبر يجَب ان اُطلق لاجله رَصاص الاحتِفال..!
فلِما انتِ تَبكين ؟ همم؟

مَسحت دُموعها بِكم قَميصِها و قالَت بِصوتٍ مليئ بالحُزن

- جوليان لم يُعجبه امر حَملي ، قال انّه غير مُستعد و وَضعنا غير مُستقر لِنَحصل على طِفل و حينَما رفضتُ اجهاضهُ و جادَلتهُ فقد صَوابهُ و وَصفني بالتقليديَة التي تَعيشُ فقط لانجابِ الاطفال دون ان تهتم بِمُستقبلها

حَدقت في عينيّ اخيها المُندهِش مِما سَمِعه و تابعَت بغصّة

- انا اعلم ان وَضعنا غير مُستقر ، هل يظنُني سعيدَة اساسًا هُنا ؟ انا جئتُ من اجله و وافَقتُ على هذه المَعيشَة رُغم انك تَعرفُ كيف كنتُ اعيشُ في قصرِ والدينا جَيدًا ، لكن ماذنبي ؟ كنتُ اخذ دواء مَنع الحَمل و رُغم ذَلك حملت

اصطكّ الرائِدُ على اسنانِه و لم تُعجبه غصّة اُختها في اسعَدِ اوقاتِها ، غالِبًا المرأة تكونُ في قمَة سعادتِها حينَما تعرفُ انها حامِل للمرَة الاولَى

عدا زَوجتهُ لانها تَمتلك ذات تَفكير جوليان اساسًا
لِذلك ، هو يَتوقع رد فِعلها الهمجيّ ان حَمِلت بِطفله
بلا شَك سَترُفضه و لن تَقبل مَجيئِه في وَقتهما الراهِن

- لا تَبكي لارين ، انتِ لستِ المُخطئَة بل هو تَفكيرهُ رَجعي ، يظنُ انّه يواكِب العصر الحَديث في قَطعِ النَسل ، بالعَكس الاطفال هُم سَبب سعادَة الأهل

واساها حينما قام بالتَربيتِ على رأسِها و هي مَسحت دُموعها مُتحدثَة بِصَوتٍ حَزين

- ما ذنبُ طفلي سيأتي و لا احَد يُحبه

نَظرت في عينيّ اخيها الذي اشارَ على نَفسِه و قال مُبتسِمًا بلُطف

- انا ساُحبه و اهتمُ بِه

وَجدت نَفسِها تَبتسمُ بِدفئٍ لِمُجَرد تَخيل الفِكرَة ثُمّ قامَت بالايماء قائِلَة

- انا اسفَة ، جِئتُ لاخفف من هَمك فَزدتك واحدًا اخَر

نَفى يَعترِض بل قال عِوَض الذي قالَتهُ

- نحنُ اخوَة!

نَظرت الي اقدامِها قبل ان تبتسِم بِحُزنٍ و تنطِق بصوتٍ خافِت

- كِدتُ انسَى اننا كَذلك

رَبت على ظَهرِها و استَقام هو من قُربها من اجلِ تَفقُد زوجتهُ حيثُما قال

- ستعودُ المياهُ الي مجاريها قريبًا
بالنسبَة الي زوجكِ ان حاول مُجددًا فَرض رأيه عليكِ
عليكِ اخباري مُباشرَة كيّ اتصرَف مَعهُ اتفقنا ؟

سَمِعها تُهمهم و هي تَستقيمُ و تُلملم حافظات الطعامِ تَضعها بقربِ حَقيبَة المُستلزمات الخاصَة بهما قائِلَة

- انتهَى وقتُ الزيارَة و انا عليّ العودَة الي الثكنَة و مُساعدَة انجيلا ، ساخُذ مكانها لانها ستذهبُ بعد يَومين في مهمَة مع فريقِ الضابِط اوه

التَفت الرائِد لها و اومَئ مُبتسِمًا حيثُ قال

- اهتمي بِنفسك و لا تُتعبيها فانتِ حامِل ، حينما تخرُج آلميرا سَنحتفلُ بكِ حسنًا ؟

ابتَهج قلبُها على ما قالهُ ختامًا و دون شُعورٍ ابتَسمت لتومِئ لهُ ايجابًا ، لَوحت لهُ ثُمّ غادَرت و تَركتهُ يُعيد الجُلوس من جَديد بجوارِ زوجته مُتنهِدًا

- غَريب ! كَيف استطاعَت اُمي ان تَجعل قلبُها اسوَد ناحيتي ، و بِمُجَرد ان ابتَعدت عنها استطاعَت ان تَستعيد سَجيتِها من جَديد

تَنهد بِثقل لِيُخفض بَصرهُ الي زَوجته ، مَسح على وَجنتِها بلُطفٍ و ظلّ يُرافقها الي أن اخَذهُ النَومُ و غَفى بِجوارِها

•••

صَباحُ اليَوم التالي

فَتح الرائِد عَيناهُ عَلى صَوتِ ضَجيجٍ في الغُرفَة ، اذ بِمُجَرد ان جَلس يَستوعِب وَجد الغُرفَة مَليئَة بالووردِ و البوالين البَيضاءِ رِفقة الزهريَة تملؤها

دلّك عَيناهُ و حاول ان يَفهم ما يَجري ، الا حينَما لاقى اعضاء فريقِه يجلِسون على الاريكَة يتبادلون اطرافِ الحَديث و مَعهمُ الكَثيرُ من الاكلِ و الشوكولاتَة

- مالذي يحدُث؟

سأل مُندهِشًا فَوجد تايهيونغ يَقترِب منهُ مُربتًا على كَتِفه

- صباحُ الخير ! لقد اكثَرت النوم ، انها العاشرَة صباحًا

القَى نظرَة على آلميرا النائِمَة قبل ان يَبتسِم و يُتابع بعدَما اخَفض بصرهُ لقائِده

- سألنا الطَبيب و قال أن وَضعها استَقر
من المُحتمل ان تَستيقظ بأي لَحظة

لم يكُن الرائِد جاهِزًا لِتقبل الصَدماتِ وراء بَعضها
اعني للتوِ استوَعب ان رِجالهُ هُنا ..؟

يَبتسمونُ و يَتحدثون بِعشوائيَة كما اعتادوا ان يَفعلوا قبل وَفاةِ زَميلهم ، في الوَقتِ الذي تَوقعهم سيأخذون مَوقفًا صارِمًا تِجاه زَوجته و يَمتنعون عن التواجُدِ مَعها اطلاقًا . بل سَيلومونَها على مَوتِه

- مالذي تفعل..تفعلونَه هنا ؟

استَقام جيمين من قُربِ جين و هو يَحملُ باقة وردٍ قام بِتقديمها اليه قبل ان يُجيب موضِحًا بابتِسامَة لطيفَة

- جِئنا لِنُسلم على زَوجة أخي ، لم نَرها منذ ان عادَت و كانَت هذه فُرصتنا لِنطمئن عَليها ، لابد ان ما مَرت به لم يكُن سَهلاً

جيمين اخَر من تَوقعهُ الرائد ان يَبتسِم بعدَما كان يكادُ يَقتل نَفسه وراء ليون ، حَدق في العقيد مين مع انجيلا رِفقَة ابنتِها الصغيرَة فابتَسم مُمتنًا

الجَميعُ جاء الي هُنا ، بعد تَوصيَة من انجيلا التي نَصحتهُم بِعَدم تِكرار الخَطأ مَرتين ، فان كانَت آلميرا على درايَة بأن ليون سيموت ، ما كانَت لِتَخطوا خُطوَة واحدَة

ليسَ من الصائِب ان نَتسبب بِلوم شَخصٍ على مَقتل اخَر
حتى نتَسبب في مَوتِه هو كَذلِك ..!

ان لاموها و واصَلوا تأنيبِها و زيادَة العِبئ عَليها ، ذَلك قطعًا لن يَتسبب الا بِموتِها بِسبب الهمِ و الحُزن . سَتمرُض و قَد تموتُ دون مَجهود المُحاولَة

كان من الصَعب ان يَتفهموا ذَلِك من البِدايَة ، خُصوصًا انهم فَقدوا واحِد مِنهم ، لَكنها نَجحت في اقناعِهم بَعدما شَهدوا باعيُنهم حالتِها و كَيف انتهَى بها الامرُ طريحَة الفِراش

أدركوا ان اللوم لن يُعيد لَهُم ليون ، بل سَيتسبب بِفُقدانهم شَخص اخر من بَينهِم ، لِذلك حاولوا قَدر استِطاعتهم التَناسي و المُضي قُدمًا

و ذَلك ما فَعلوه حينَما انتَشروا في مَحلِ الزينَة يَخطِفون كُل البوالين و الازهارِ منذ السابعَة صباحًا ، ثُمّ مُباشرَة جائوا الي المُستشفَى و عَزموا على مُفاجِئتها حينما تستيقظ لانهم بلا شَك سيُساهمون في شفاءِها ، ان رأتهم يُعاملونَها باعتياديَة بدل مُقاطعتها

اخَذ جونغكوك باقَة الورودِ من جيمين ثُمّ فَتح ذراعه الي ابنَة انجيلا التي رَكضت لهُ تعانقهُ بقوّة

- اشتقت اليك عمو كوكي

احتَضنها هو بِكُل حُبه و انحنَى يُقبل رأسِها بلُطف

- عمو كوكي كَذلك اشتاق اليكِ

ابتَعدت عنهُ و جَلست فوق فِخذ قدمِه السليمَة تُناظِرهُ ببراءَة

- هل ساعَدت ايلي الصغيرَة عمو كوكي كيّ يعودُ سالمًا ؟

مَسك انفُها و قام بالايماء ايجابًا لَها قبل يَعبث بشعِرها

- ايلي اصغَر و اشطَر و اذكى جُندية في فريقُ عمو كوكي

صَفقت بسعادَة قبل ان تُقهقه حينَما دَغدغها من بَطنِها و امتلَئت اصواتُ تلك الغُرفَة الكَئيبَة بالبهجَة التي تَسببت في فَتح عينيّ مَن غابَت عن وَعيها مُنذ يَومين بِمُحاولَة للانتِحار

قَطبت حواجِبها تُحاوِل ان تُوضح مَجرى رؤيتِها و هي تَسمعُ اصوات ضَحِك ابنَة انجيلا مَع زوجِها و تِلك الاحاديث العِشوائيَة من بقيَة الفَريق تُغرِق اُذنيها

حَولت بصرِها الي من يَجلِس بُقربها لِتَسمع صوت الطِفلَة و هي تُشير باصبعها عَليها قائِلَة بِدهشَة

- لَقد فَتحت زَوجة عمو كوكي عَينيها

التَفت الرائِد هلعًا لِتفقُد ما كان كَلامُ الصغيرَة حَقيقيًا ، لَم يَمنع نَفسهُ من دَفعها عنهُ و النُهوضِ مسرعًا للانحناءِ الي مُستواها حينَما تأكد مما قالَتهُ

كانَت آلميرا تُناظِرَهُ بِعَينين تائِهَتين لا تَعرفُ وِجهتها و مَرساها
تُطالِعهُ و تَرى حَجم الخَوفِ و القَلق بداخل عَينيه عَليها

كان ذَلك واضِحًا للغايَة ، مَشاعِرهُ اجتمَعت عند عَينيه السَوداء حَتى اصبحَت تَبرُق كالنُجومِ تَشُع دون تَوقف

- ه..هل ان..انتِ بخ..بخير؟

سألها بِصوتٍ مُرتجِف حينَما عجز عن استعادَة اتزانِه ، هي تائِهَة و لا تَعرفُ اين هي ..! لذلك راحَت تُجوب بعينيها بَين بقيَة الاوَجه الذين التفوا حَولها يَسألونَها

وَجدت جيمين يُشير عَلى نَفسِه قائِلاً

- هل تذكريني ؟ ماهو اسمي؟

نَقلت بَصرُها الي انجيلا التي ضَربتهُ على مؤخرَة رأسه تُوبخه

- من قال لك انها فَقدت ذاكرتها ايها الاحمَق..!

دلّك مؤخرَة رأسِه عابِسًا لِيُناظر تايهيونغ و هو يَرفعُ اصابِعه امام عُيونِها مُتحدثًا

- كم هَذا الرَقم ؟ هل هُما اربعَة ام اثنان ؟

تأوه مُتألمًا بِدوره ما ان سَحبتهُ انجيلا كَذلك من اُذنه و ابعَدتهُ عن وَجه آلميرا قائِلَة بانزِعاج

- من قال لك انت الثاني انها اصابَت بالحَول..!

كانَت آلميرا بالكادِ تَستطيع ان تَستوعِب ما يَجري ، لِما الكُل سَعيد هُنا و يَلتفّ حَولها بهذا الشَكل ؟ اخر ما تَذكرهُ انّها كانت وَحيدَة تُراقب قَطرات دَمها و هي تنفَذ من رِسغها

كان الجَو كَئيبًا آن ذاك ، و البُرودَة شَديدَة
التعاسَة تملئ الحُجرَة بأكمِلها

كَيف حينَما اغمَضت عُيونِها و فَتحتها
وَجدت نَفسها في مَكانٍ مليئ بالبهَجةِ و الدِفئ
هل هَذا سِحر ؟ اهو كَذلِك ؟

- دَعوا الفتاة تَستوعِب ، انتم تَصدِمونها
اُخرجوا اتركوا فقط جونغكوك كفاكم تصادم كالحَمير

تَحدث العقيد مين و هو يُمسكهم بالواحِد و يَطردُهم خارِج الغُرفَة و من يَرفُض الرَحيل يَركله من مؤخرَة حَتى ينتهي به المَطافُ و يَقعُ في الممر خارِجًا

وَقف هو كاخِر واحِد عند الباب و قال مُخاطِبًا الرائِد

- نحنُ سنكونُ هنا ، حينَما تُصحصح اخبِرنا سَندخُل

اومَئ جونغكوك مُبتسِمًا ثُمّ راقَبهُ يُغلق الباب قَبل ان يُعيد بَصرهُ الي الصُغرَى التي ازالَت قِناع الاوكسجين عَن شَفتيها مُتحدثة بِصَوت مَبحوح

- ا..اين انا ؟

نَظر بِداخل عَينيها السَوداء قَبل ان يَقوم بامساكِ يدها يَمسحُ عليها بِرفق

- انتِ بداخل قَلبي ..!

حَدقت بِه و هي في قِمَة حيرتِها حيثُ قالَت بينَما تَنظر الي الزينَة من حولِها بِعَدم استيعاب

- اخرُ ما اذكُره انّي كنتُ وَحيدة ، ارتَجِف على الارض و انت لم تكُن موجودًا لاكثر من اسبوعٍ و نِصف ، لقد كنتُ اعُد الثواني كَيّ اموت و يَتوقفُ الم رِسغي و قَلبي ، هل مُت و جِئتُ الي الجنَة ؟

نَظرت اليه من جَديد تُطالِعه بِحيرَة ، كانت تائِهَة للغايَة اذ واصَلت

- هل ليون كَذلك موجود مَعنا هنا ؟
هل استطيعُ رؤيتهُ و الاعتذار منهُ؟

كَلامُها جَعل ألمَهُ يَزداد ، كان بالكادُ يُحاول الحفاظ عَلى صُمودِه امامَها كيّ لا يُظهر ضَعفه الذي رآهُ الاميرُ و زَوجتهُ مُنذ يَومين

عَليه ان يَكون قَويًا ، امامَها هي تَحديدًا
كيّ يَجعلُها تستعيدُ طاقتها من جَديد

انخَفض لِتَقبيل يَدها قبل ان يَرفع رأسِه نافِيًا بِمرارَة

- كلاّ يا حَبيبتي ، انتِ هُنا مَعنا ، لم تَذهبي الي ايّ مَكان بل عُدتِ الينا من جَديد لانّ مَكانك الحَقيقيّ بالقُربِ منّي

سَكتت هي لِلحظاتٍ و اَمتنعت عن الحَديث حتّى قالَت بعد فَترة

- لَكنك انت لم تكُن قُربي ، حينَما كنتُ انا وَحيدَة

نَظرت في عَينيه و سَحبت يَدِها منهُ تَضعها اسفَل الغِطاء ، نَقلت بَصرِها الي السَقف قبل ان تَبتسِم بسُخريَة

- لا اُصدق ، اني نَجوتُ بعدما وَصلتُ لاشد مَراحِل ضَعفي و خَتمتُها بالانتِحار ..! اشعُر بالخُزيّ من نَفسي

استَمع اليها و الي صَوتِها المَليئ بالخَيبَة و الخُذلان
ليسَ منهُ بِقَدر ما تَشعُر به تِجاه نَفسِها

انّها فعلاً سَمحت لِقوتها بالاندثارِ و الضَعف ان يَستعمرها لِهَذا الحَد المُدمِر ، و اكثَر ما كَسرها ، أنّ زَوجِها سنَدُها ، تَرك نَفسُها تَهزِمُها..! بل و دَعمها على ذَلِك

كَلامهُ تِلك الليلَة ، اختَرق اُذنيها من جَديد
كيفَ أنّهُ داعِم لِنَفسها عَليها
النَفسُ التي أن استَلمت الروح لن تَرحمها..!

و هو لَم يحميها حتّى من نَفسِها ، بل سَلمها رَهيبَة اليها عَلى طبقٍ من ذَهبٍ و جَلس يُشاهد دَمارِها دون أن يتأثَر..!

خَيبتُها اعمَقُ من أي اُخرَى قد مَضت في السابِق
لم تَعُد تشعُر بالآمان بِجوارِه

عِقابَهُ كان قاسيًا عَليها و على قلبِها الذي يُحِبه
قاسيًا بِشَكلٍ لا يَتخيلَهُ

رَفضت الاستِماع اليه حينَما حاوَل ان يَتحدث و قامَت مُباشرَة بالحَديثِ قائِلَة بِنبرَة مُتعبَة

- رجاءًا ، التَبريرُ ليسَ كافٍ لِيجَعلني استرِدُ احترامي لِنَفسي بعد الذي فَعلتهُ بِسببك ، مَهما قُلت ، انت لن تَجعل حِدّة شِعوري تَرحمُني حاليًا

رَفعت بَصرِها اليه و تابَعت بِهُدوءٍ بعدَما استعادَت قِناع قُوتِها من جَديد

- صَحيح انّي سَبب من مَوتِ احدِ رِجالِك ، لكنّي في الاخر زَوجتك و مَسؤولة مِنك و تَغربتُ من اجلِك ، طُرقِ العقابِ كَثيرَة ، لَكن طريقتُك الاسهَلُ في جَعل عِلاقتنا تَنتهي الي الابد

حاوَل ان يَصمُت و يَتحمل ما تَقولهُ فهي في حالَة صَدمةٍ و ضُعف ، بِلا شَكٍ لازالَت لا تَستوعبُ ما تَقولُه ، هي لن تَطلُب منهُ الانفصال ..!
ذَلك مُستحيل

حَدق في عَينيها و بَلل ريقه لاجلِ ان يَتحدث لَكنها قاطَعتهُ من جَديد و قالَت

- انا لا استطيعُ الاستِمرار في عِلاقَة فقدتُ شُعور الآمانِ فيها ، بل فَقدتُ صِحتي و قُوتي و جَمالي و كُلّ ما جِئتُ بِه لَك ، جِئتُك كامِلَة لَكنّي ساُغادرُ اجزاءًا كَثيرَة يَستحيلُ ان تُلَم بسُهولَة

لما تَأتي بسيرَة الرَحيل من جَديد؟
لابد ان التَخدير لازال يُؤثرُ عَليها

قام بالنَفي و قَد مَسك بيدِها يَمسحُ عليها بلُطفٍ قائِلاً

- آلميرا اسمَعيني ، دَعينا نُصلح ذَلك م..

قاطَعتهُ و قالَت بِنبرَة جادَة و هي تَعتصرُ قبضتِها حتّى تَسببت في ايلام رِسغها المُمزَق

- انّهُ ذات الكَلام المُكرر من بَعد كُل مرّة تَكسِرُني فيها
و بَعد كُلّ خطأ تُصلِحه ، تَصدِمُني بواحَدٍ اسوء منهُ
اخيرُها انك اوصَلتني الي فِراش المَوت جونغكوك

سَحبت يدِها منهُ و اَمتنعت تمامًا عن اكمالِ النقاش مَعه حيثُ قالَت بِجديَة و قَرارٍ حازِم

- اتصَل بِابي رجاءًا ، اُطلب منهُ ان يأتي و يأخُذ ما تَبقى منّي ، و ورَقة طلاقي اريدُها ان تَصلني عِند والدي

هي تَمزحُ اليسَ كذلك ؟ انّها مُجَرد لحظةِ غَضبٍ و سَتعودُ من جَديد الي حُضنِه و تَرفُض تَركه ..!

لازال لم يَحظى بِفُرصتِه التي تُتيح لهُ تَقديم الحُب اليها
لازال لم يُريها مَهاراتهُ في الرومنسيَة

كان كاذِبًا حينما قال انّهُ سيصمُد امام كَلامِها مَهما كان قاسيًا
صَدمتهُ و لَم يستطِع ان يَتحمل ، لِذلك نَهض و غادَر

خَرج من الغُرفَة الي البقيَة يُقابلَهُم بِوَجهٍ شاحِب جَعلهُم يتشائمون ، هل اصابَ زَوجتهُ مكروه ..؟ شَكلهُ لم يَكُن مُبشرًا اطلاقًا

نادوه لَكنهُ لم يَستمع و تجاوَزهُم يسيرُ بعيدًا عن المَكانِ الذي فَقد فيه احترامِه لِنَفسه الي الأبَد

جَلس في مُنتَصف كرسيّ الحديقَة حيثُما لَحقتهُ آيرا و استَقرت قُربه تُمسك بِظهره قائِلة بقلق

- ماذا هُناك جونغكوك ؟ مابك ؟
الست سَعيدًا انها نَهضت ؟

كانَ مَصدومًا و هو يُناظِر الفَراغ بِأعيُن مُنبلجة حيثُ وضّح قائِلاً

- طَلبت الطَلاق

تَنهدت آيرا لِتَقوم بالايماء ايجابًا و تُطبطبُ على ظَهرِه قائِلَة

- انهُ شَئ وارِد ، هي تحت تأثيرِ صَدمتِها للتوِ استَيقظت ، لازالَت رهينَة مشاعِرها السلبيَة ، تحتاجُ وقتًا لِتستعيد سَجيتها

نَفى الرائِد برأسِه و قَلبهُ يتألَمُ مِما سَمعه مِنها حيثُ قال بغصّة

- كانَت جادَة ، لم تَسمح لي حتّى ان اُناقشها

قامَ بِامساكِ وَجهه بين كَفيه و تابَع بِصَوتٍ مُهتَز

- لا املكُ وَجهًا لاُناقِشها من الاساس
اخطائي تَعدت الحَد الطبيعيّ لَديها
هي لم يَعُد لديها مساحَة لِتغفر لي
يأسِت منّي ، و لستُ اُحملها الذَنب
انا لا اتصلَح ، لا استطيعُ ان اكون زَوجًا لها

غَضِبت آيرا منهُ و قامَت بادارَته اليها تُطالعه بِجديَة اذ وَبختهُ قائِلَة

- الم تَقُل انك سَتحتمل مَهما صَدتك ؟ انهُ رد فعل طبيعيّ منها ، عَليك ان تُحاول بِكامل جُهدك ان تَقف الي صَفها و تُبرهن لَها انك زَوج يُعتمَد عليه ، انت بالتأكيد لن تَستمع الي تِلك التفاهاتِ و تُطلقها..! آلميرا مَصيرُها بين يَديك جونغكوك

كان في قاعِ يأسِه يَستمعُ اليها و هي تُوبخه و عَقلهُ لازال مُحتجَزًا عند كَلامِ زَوجتهُ لَهُ و طَلبها القاطِع للطَلاق

لازالَ لم يَشبع مِنها بَعد ، و لن يَفعل مَهما بَقت مَعهُ
لازال يُريدُها ، قلبَهُ يَبكي عَليها..!

تاه في عُمقِ افكارِه الي ان اخرَجتهُ ضَربةُ آيرا على كَتفه من شُروده و جَعلتهُ يَنتبه اليها حينَما وَبختهُ بحدّة

- انهَض و اذهَب الي زَوجتك ، اجلِس مَعها و لا تَترُكها للوحدَة من جَديد ، قرارُها ليسَ سهلاً عليها هي الاخرى و ان رأتك مُستسلمًا بهذا الشَكل بدل ان تتراجَع ستُصر عَليه و تَرى انّها غير مُهمَة ..! اثبِت لها العَكس

زَفر انفاسَهُ المُهتزَة لِيقوم بالايماء و النُهوض مَعها غيَة الدُخول ، فَتح باب غُرفَة زَوجته و حينَما دَخل وَجد فريقه يُحيطونَها و يُحاولون اضحاكِها و هُم يَسرِدون لَها بَعض المواقف المُضحكَة التي تَحدُث في مُهماتِهم

كان جيمين يَتولى مُهمَة تَمثيل المَشهد مع هوسوكِ الذي اتخَذ دَور المُمثل بِبراعَة ، انضَم الرائِد و جَلس بِجانب زَوجته التي كانَت تبتسِم و حينَما رأتهُ استعادَت هُدوء مَلامِحها

احَس الجَميع بِتوتر عِلاقتهما و رُغم ذلك لم يَشئ احَد التَدخُل ، بل واصلوا ما يَفعلونَهُ يَملؤون تِلك الغُرفَة بالضَجيج الذي لم تَعُد آلميرا تشعُر به بتاتًا مُنذ دُخولِ زَوجِها و جُلوسه بِجانبها

كُلّ ما تَسمعهُ ، صَوت قلبِها الصاخِب و هي تَتخيلهُ يُرسل ورقَة طلاقِها ، قَرارُها صَعب عليها بشكلٍ قاتِل ، لَكنهُ الأصح لِتُحافظ عَلى روحِها..!

زَوجُها مليئ بالعُقدِ و اخطاءَهُ باتت لا تُغتفَر
خُصوصًا انّهُ لم يُقدم اعتذارًا كافِيًا ليجَعلها تتراجَع

بل هي التي مَنعتهُ ، كيّ لا تَضعفُ امامَهُ و يعودُ المرَة القادِمَة يَكسِرُها بِطريقة لا تَتخيلُها البتّة ، اصبحَت بعد كُل خطئِ تَغفره ، تُفكر بالقادِم الاسوء منه..!

لِهَذه الدرجَة هي وَصلت من القَلقِ و التَفكير المُفرَط

يَجلسُ كِليهما وَسط صَخبِ الاصدقاءِ يَبتسِمان كُلما وُجهت الابصار عَليهما لَكن بداخِلهما حُزنٍ يَستحيلُ وَصفه

الكَثيرُ من الطاقَة السلبيَة تملئ عِلاقتهُما
يُحبان بَعضِهما ، لكنهما عاجِزان عن الوصولِ الي نُقطَة التَفاهُم
النُقطَة التي سَتجعلُ علاقتهما مُترابطَة و قويّة يُصعَب كَسرُها

وِسَط ذلك الضَجيج ، صَوتُ آلميرا كَسرهُ و جَعل الانتباهُ يَتوجهُ اليها حينما قالَت و هي تتفقدُ اوجههم جَميعًا

- انا اعرِفُ انكم هُنا ، لِتجعلوني اشعر ان كُل شَئ بخير ، اعلم انكم تُخفون وَجعكم خَلف ابتسامتكم فَقط كيّ لا اتأثَر و اعودُ لِسُوء حالتي التي بِسببها انا هُنا الان

نَقلت بَصرها بينهُم و اخَذت نَفسًا عميقًا قالَت بعدهُ

- انتم لا ذَنب لكُم ، لستُم مُضطرين على التَمثيل ، انا بِخَير و ساعودُ قويَة من جَديد ، لذلك لا تُخفوا حُزنكم عنّي رجاءًا

نَظر الجَميع الي بَعضِهم البَعض قبل ان يَتولى جيمين مُهمَة الحَديث عَنهم

- نحنُ لسنا نُمثل ، نحن سَعيدون اننا لم نَخسر اُختنا..!

اخَفضت بَصرِها عَنهُ و نَظرت الي يديها بِصَمتٍ للحظاتٍ قبل ان تنطِق بنبرَة مُهتزَة

- اُختكم التي كانَت سبب مَوت أخيكم..!

نَفوا بِصَوتٍ جماعيّ و رَفضوا تمامًا ما قالتهُ كيّ يَمنعوا ذلك التَفكير السوداويّ من التَسلُلِ الي عقلِها من جَديد

- كلاّ ، انتِ لستِ السبب ، بل نحنُ كُلنا فَخر بِه و نَحسده لانهُ نال شَرف ان يَموت و هو يُدافع عنكِ و عن قائِدنا ، جَميعنا نتمنى ان نَكون مَكانه ، صَدقيني هو سَعيد و هو يَراكِ بِخَير ، فلِما انتِ تؤدين نَفسكِ و تَجعلين مَوتهُ يذهبُ سُدًا ..؟

تَحدث جين نِيابَة عن البَقية لِمن امتلَئت عينيها بالدُموع و هي تُنصت لهُ ، حاوَلت البَحث عن ذرَة كذبٍ في عُيونهم لَكنهم كانوا صادِقين كِفايَة

- الكلام الذي قالهُ جين ، نَعرِفه نحنُ لاننا فعلاً نتمنَى ان نَحظى بالفُرصَة التي نستطيعُ فيها اثبات ولائنا لقائِدنا و للوطن ، ليون حَظى بِها و ياعظيم حَظهِ انهُ قُتل و هو يُدافع عن وَطنه ، قائِده و زَوجتهُ و فوق ذَلك ابنَة المُشير ..!

أيد تايهيونغ زَميلهُ حينَما قال بينَما يحتضنُ زَوجتهُ من الجانِب و عُيونِه تُراقِب وَجه آلميرا المُتأثر حينَما تابَع هوسوك

- تأكدي ان استَعدى الامرُ ان نُحظي جَميعنا بحياتنا من اجلِك ، نحنُ لن نَبخل ، بل سَنكون في قِمَة الرضَى و الفَخر ، المًهم ان نَضمن سَلامتكِ

تَسربت دُموعها على كَلامِهم و لَم تستطِع مَنع نَفسها ألا تَبكي ، اخفَضت رأسِها و احتَفظت بِوجهها بداخِل كَفها تَبكي تَحت نَظرات البقيَة

ناظَرهم الرائِد بغضبٍ مُصطنَع و هو يُخفي احمرار عَينيه الواضِح قائِلاً بانزِعاج مُزيف

- تَسببتم في بُكاء زَوجتي! ساقتلُكم جَميعًا..!

ضَحك البقيّة تمامًا كما فَعلت آلميرا التي مَسحت دُموعها و رَفعت رأسِها تُناظِرهم بإمتنان

- صحيح أن الرَب لم يَرزقني باخوَة و عشتُ الفتاة الوَحيدة
لكنكم حقًا اخوَتي يارِفاق ! شكرًا لَكم

شَكرتهُم بِصدقٍ و هي تُجفف دُموعِها مُحاولَة تجاهُل نَظرات زَوجِها المُستمرَة لَها ، لا تُريد مَجيئ تلك اللحَظةِ التي سيُغادر فيها الجَميعُ و تَنفرد به من جَديد

قلبُها لن يَحتمل..!

لن تَستطيع ان تَكون بِصُمودها الاولِ امامَه و هي تَطلُب الطَلاق
سَتضعف و قَد تنهارُ بالبُكاء

جاءَت اللحظَة التي خافَت مِنها ، و الجَميعُ غادَر بالفِعل و تَركها مَعهُ بِمُفردهما ، كان سَيتولى مُهمَة اطعامِها من الاكل الذي جاءَت به لاڤينيا كَون آلميرا تُحب طَبخها ، لَكنها رَفضت و طَلبت من آيرا بدلاً منهُ

- حَبيبتي انا عليّ الذهاب لقد تركتُ آيلا لوحدها همم؟
ساعودُ غدًا لاطعمكِ

قالَت آيرا مُتحججة فَهي تُريد من الرائِد اطعامِها ، ذَلك سيُتيح لهُما فرصَة الحَديث و التَقرُب من بَعضِهما اكثَر

عَبست آلميرا و لم يكُن بِوسعها أن تَضغط عَليها ، وَدعتها هي و الامير و بَقت لِوحدها مَع زَوجها الذي غَمس المِلعقَة بداخل الارز و قَربهُ من شَفتيها

أكَلت منهُ و هي تُشيح عَينيها بعيدًا عن مَحط خاصَتيه
كان واضِحًا عَليها ان تَتجنَبهُ و ذَلك قطعًا يُؤلِمه

كَيف يستطيعُ اصلاحَ غلطِه ..؟
كَيف يستطيعُ اقناعها بالتَراجُع..؟

اخَذ من حَساء الدَجاجِ و الخُضار و حَشرهُ بين شَفتيها و حينَما لَطخ اطراف فَمها مَسحهُ بابهامِه بِرفقٍ يُمررهُ على سُفليتِها

كانَت تنظُر الي طبقِها بِصَمتٍ يُنافي ضَجيج دواخِلها لِفعله
قلبُها صاخِب للغايَة ..! من المُستَحيل اسكاتهُ

مَعدتها تَنعقدُ بِطريقَة مُؤلِمَة
تتسائل ان كان الحُب يُسبب الامراض؟
لابدّ انهُ كَذلك ! من غَير المَعقول ان قُربه يَجعلُها تشعُر بكل ذَلك

صَخب في القَلب ، اضطرابِ انفاسِها والم في مَعدتِها ..!
لاسيما ارتعاشِها و صُعوبَتها في التَحكم بِتوازُنها

اطعَمها الحساءُ مع الارز و ابتَسم راضِيًا انها اكلَت هذه المرَة و انهَت نِصف الطَبق ، وَضع الصينيَة جانِبًا و قال بينَما يسَتقيمُ لِجَلب حَقيبة مَلابِسها

- ساساعدكِ بالاغتِسال و تَغيير مَلابِسك

حَدقت في ظَهرِه و هو يَقومُ باخراجِ مَلابِسها من الحَقيبة و لم تُجادله ، بل بَقت صامِتَة تُراقِبه بِشُرود

كَيف يستطيعُ ان يَجمع بين الحِنيَة و القسوَة في آن واحِد..؟

عاد اليها بِاحدَى مناماتِها القُطنيَة الدافِئَة ، ابعَد عنها الغِطاء و مَد يدهُ اليها لَكنها رَفضت امساكِها و استَقامت بشكلٍ سَريع تَسبب في سُقوطها بين ذِراعيه

ابتَسم راضِيًا اذ انتهَى بها المَطافُ بعد عِنادها في حُضنِه..!
سيأخُذها اشارَة لِصالحه

لَف ذِراعهُ حَول خَصرِها بعدَما حاوَلت الابتعاد و شَدّ عليها يَحشرُها بداخل صَدره هامِسًا بِثقل

- فقط دَقيقَة

حَشر رأسَهُ بداخِل شَعرِها لِيُغمض عُيونِه يَستمدُ قوتها مِنه ، لَكنها قلمَت بابعادِه و قالَت بنبرَة جادَة بعدَما ناظَرت عينيه

- لا يُمكنك ان تَكون انانيًا و تَطلُب حُضني في ضُعفك ، في الوَقت الذي لم اجِد انا خاصَتك حينما حَرمتني منهُ في عَجزي..!

كلامُها منطقيّ ، هو في قِمّة حُزنِه و اولّ شَئ يُريده هو حُضنِها ، و في الوَقت الذي كانَت هي بِحالته ، حَرمها من خاصتِه و مَنعها منهُ كُليًا

صَمت و لم يُجادِل ، بل قال و هو يُمسك بيدِها

- حسنًا لن اكون انانيًا و اخُذ شئ منكِ لاجلي
لكن دَعيني اُساعدكِ من اجلكِ انتِ
لن استمد قُوتي منكِ و سابقَى اتعَذب
انا مُوافق

حَدقت بِعَيناهُ بِصَمت و لِكَونها عاجِزَة عن التوازن و السَير جيدًا بِسبب فقر الدَم و نُقص الفيتامينات الحاد الذي تَملِكَهُ ، اضطرَت فعلاً ان تَستند عَليه و تَنهض بِمُساعدته

رأسُها مَليئ بالصُداع و الدُوار يُحيطُها من كُل صَوب
جَسدُها ضَعيف للغايَة بالكادِ تَستطيعُ تحريك قَدميها

هي تَدفعُ ثَمن تَهورُها بِجسدها و نَفسيتِها و روحِها
تَدفعهُ قِرشًا قِرش من صحتها

- عَلى مَهل

هَمس لَها و هو يُحاول المَشي على قَدمه بعدَما تخلى عن عُكازه كيّ يُساعِدها ، تَركهُ خَلفهُ و كَبح وَجعهُ الشَديد و لِحُسن حَظه انها تسيرُ بِبُطئ و ذَلك يُساعده في الحَراك اكثَر

فَتح باب الحَمام و ادخَلها هي قبل ان يَدخُل خَلفها و يُغلقه من وراءِه

- انتِ حافظي على يدكِ المُصابَة و انا ساقومُ بِتحميمكِ همم؟

قامَت بالايماء لهُ و ساعَدها في ازالَة رداء المُستشفَى ، جَلب الكُرسيّ حتى تَجلِس فوقهُ ثُمّ قام بِتحميمِها برفقٍ و مُساعدتها على غَسلِ شعرِها و تنظيفِه

جَففها و البَسها منامتِها البَيضاء اللطيفَة ، كانت تَحملُ قِطَة في المُنتَصف ، حينَما ناظَرتها تَذكرت ذلك القانون الذي غيّرهُ زوجها من اجلِها

لِما الامرُ يُشعرِها بالحَنين اليه..!

حَدقت بِه امامَها بعدَما ارجعها الي السَرير و راح يَسيرُ بصعوبَة بينَما يبَحثُ وَسط الحقيبَة عن مِشطها الذي عاد بِه مع عِطرُها

جَلس بِجانبها و قامَ بتسريح شعرِها الذي سَبق و ان نَشفهُ بالحَمام بِمُجفف الشَعر الموجودِ هُناك

حينَما انتهى ، رَشها بِعطرِها الذي تُحِب و الذي يَعشقُ هو و قام بِتمديدِها و تَغطيتها جَيدًا لِيُناظرها و هي في قمَة تأنُقها و نظافتِها بِرضَى

يشعُر انّهُ سيكونُ أب جَيد..! انتابَتهُ الرغبة في الحُصولِ على طِفلَة صغيرَة في الوَقتِ الراهن بِشدّة

وَضعت يديها فوق الغطاء و تَحمحمَت بعدَما عدلت رأسِها بالوسادَة و كيّ لا تَكون جاحدَة قالَت بِصَوتٍ خافِت

- شك..شكرًا

سَمِعها لكنهُ مَثل عَكس ذلك حينَما انخَفض الي مُستواها و الصَق وَجههُ بخاصتِها قائِلاً

- ماذا قلتِ ؟ لم اسمَع

ناظَرتهُ بدهشَة تَرى التِصاقهُ بِها للحَد الذي جَعلها تشعُر بانفاسِه الحارَة برائِحَة النعناع تَلفحُ بشرتِها

لم تَشعُر بِرغبَة في صَدِه و ارادَت ان يَكونُ بذلك القُرب مِنها لذلك سَكتت لِلحظاتٍ تُناظر عَيناهُ السمائِيَة ، عُيونَه ليلٍ هي قَمرهُ و نُجومه

اراد خَطف قُبلَةٍ من شَفتيها ، لَكنهُ لم يَكُن جَريئ كِفايَة ليفَعل لذلك ابتَعد عنها و حَرِص على تَغطيتها جَيدًا قائِلاً

- هيّا ، نامي فالوقتُ تأخر ، غدًا سَنعودُ الي منزِلنا

اعاد المِشط و عطرِها الي الحَقيبة لِتقوم هي بالالتِفات للنومِ على جانِبها تُطالِع ظَهرهُ بِوَهن

- تَقصدُ مَنزِلك

قَبض عَلى يَدهُ بِقوّة فَلم يُعجبه ان يَتم وَصف ذلك البَيت الذي ما ان دَخلهُ و هو مُسمى باسمهما على انّه منزله هو لِوحده ..!

التَفت اليها يُحدِق في عُيونِها بانزِعاجٍ عَبر عنهُ بوضوح

- كلاّ ، ذلك مَنزلنا نحنُ الاثنين
همم؟

ارتَفع طَرف شَفتُها ساخِرَة قبل ان تَقولُ بهدوء

- البيتُ الحَقيقيّ ، هو الشَريك ..!
و كِلينا نعلمُ اننا لم نَجد بيوتنا الحَقيقيَة

استَفزهُ حَديثُها بشدّة و رُغم ذَلك حافظ على هُدوءِه و اقتَرب للجُلوسِ بجانبها من جَديد فوق ذلك الكُرسيّ قائِلاً

- لا ، انا وَجدتُ مَنزلي مُنذ ان كُنت بالسادِسَة من عُمري

نظَرت في عَيناهُ تَسمعهُ يُواصِل

- كنتِ رَضيعَة حينما حَملتكِ بين يداي و قالَ الجَميعُ انكِ زَوجتي..!
لِذلك سواء بارادتكِ ام لا ، انتِ خُلقتِ لي ، انتِ تَخُصيني انا

انزعجَت من حَديثه الذي يدلّ على التَملُك لِتنطِق قائِلَة

- من غَير المًنصف ان يَتم رَبط مصيري و انا رضيعَة بشخصٍ غير مُناسب لي ..!

قَضم وَجنتهُ من الداخِل قَبل أن يَنطِق بحاجبٍ مَرفوع

- الأيامُ سَتُثبت لكِ ، ان كان مُناسبًا ام لا

ارتَفع طرف شَفتها سُخريَةً من قَوله قبل ان تَلتفت تُقابله بِظهرها مُتحدثَة بنبرَة مَكسورَة

- الايامُ اَثبتت بما فيه الكِفايَة

انهَى الجِدالُ عند هَذا الحَد و لَم يشئ ان يُطيلَهُ كيّ لا يَتناقشانِ و يَكتملُ الامرُ بِغَضبه و انفعاله ، هَز قَدمهُ بقوّة و راحَ يعتصرُ قَبضتهُ بِعُنف يَتحملُ حدّة تلك المَشاعر البشعَة

استَغرق امرُ نَومِها ساعَةٍ كانت قَد انتَقلت فيها الي عالمٍ اخَر استطاع هو استِغلالِ غياب روحِها بِالانفرادِ بِجَسدِها و مَنحه بَعضُ القُبل و الاحضان

عدّل وَضعية نَومِها و انخَفض يُقبل انفِها و جَبينِها مَع الكَثير من القُبل لِشَفتيها ، يَظُنها نائِمَة ..! لَكنها بالفِعل استعادَت وَعيها بَعد اولِ قُبلَة مِنه

استَطاع قلبُها ان يَهزم كِبرياءها و ارغَمها على التَمثيلِ كيّ تَحظى باهتِمامه و قُربه الذي يَجعلُه في قِمَة فَرحه و صَخبه يَرقُص وسط اقفاصِها الصدريَة دون ان يَهتم لِتوبيخِ عقلِها

لا تُريده ان يَبتعِد ، ليتهُ يَظلّ يُقبلها و يَمسحُ عَليها للصباحِ و تَعِده انّها لن تَنام ..!

لَكن لَحظات النَعيمِ لا تَكتمل إلا بِتَدخُل خارجيّ تَسبب في نُهوضه حينما طُرِق الباب من قِبل احدِ العساكِر

استَغرب وجود هوسوك بِمثل هَذا الوَقت و قام بالايماء لهُ بعدَما اشار لهُ بالصَمت كيّ لا يوقِظ زَوجته العابسَة بعدما ابتَعد عنها

غَطّاها جَيدًا و لَحِق بِالعسكريّ اذ حالَما غادَر الغُرفَة فوجِئ بتلك الحِراسَة المُشدَدة امام الباب ، قَطب حواجِبه ينظُر حوله باستِغراب

- مالذي يحدُث ..؟

حَدق في عينيّ هوسوك الذي كانَ القلقُ يَنهشهُ و هو يَنظُر حَولهُ

- انا اسِف لاني جِئتُ بمثل هذا الوَقت سيدي ، لَكن الوَضع هام و خَطِر

اقتَرب الرائِد منهً اكثَر يَستفسرُ بينَما يعقدُ حواجِبه بشدّة

- ما الامر ؟ تَحدث..!

اغمَض هوسوك عَينيه يَستعدُ للقادِم اذ قال بَعد تَرددٍ تَسبب في تأتأةِ حُروفه

- د..داڤل ، ه..هرب من الس..السجن ..!

•••

8827 ✔️

اهلاً اهلاً بفصل اليَوم ♥️

كيفكم معاه ؟ حسيتوا بالمَشاعر يلي فيه؟

الفصل الماضي الكُل كان متعاطف مع آلميرا و تناسى تمامًا مشاعِر الرائِد و الشئ يلي مُمكن يحس فيه بعد انتحارها

قدرتوا تِحسوا بمشاعره ؟ و وجهة نظره؟

شخصية الرائد جدًا مُعقدة
عرفتم السبب ليه دايم اقولكم مشاعر الرواية دي تحديدا تتعبني؟

الابطال مش عارفين يفهموا بعض

ابسط مثال
بعد يلي سواه الرائد ، جيهان اتفقت مع الميرا في خيالها انها لما تصحى الميرا حتسامحه و مستحيل تذكر سيرة الطلاق

كنت ماشيين زي العسل ، لحد ما هي فتحت عيونها و صدمتني و انا القي نفسي اكتب انها تريد تطلق ..!

وقفت اصفن في الشاشة و اتكلم معاها براسي ، يابنتي استهدي بالله من شوية كنت بشرحلك ان الراجل بيعشقك و الخ..

الميرا مشافتش يلي عمله علشانها و انهياره ، كل يلي شافته هو انه تركها و سابها لوحدتها ، لذلك مستحيل تتقبل كلامي لانها مشافتهوش

غدرتني و رفضت تسمع كلامي..!

انا اعيش بدي الدوامة حرفيًا
ممكن تقولون مجنونة ، بس فعلا الكاتب انسان مش طبيعيّ
خصوصًا انا ، شخصياتي يتحكمون فيا

سيند هيلب بليز انا اُعاني

الرائد خرج عن صَمته و عبر عن مشاعره بذا الفصل
حرفيًا ، الجزئية لمن وقع على ركبتيه و هو يحضن ايدها بالطوارئ ، دي قسمتني و فرغت فيها كُل دموعي

ترا صعب شخص بشخصيته ينهار بدي الطريقَة علنًا..!

كان متمسك فيها كانها حبل نجاته حرفيًا
ساعتها انهرت من البكاء و حطيتلكم الستوري بدموعي 👀

تتوقعون شنو قصة الميرا مع السلالة الحاكمة ..؟
و ايش يريدون منها..؟

بالنسبة الي لارين؟
بديتوا تتقبلوها ..؟

جوليان ..؟

احداث الفصل عمومًا ؟

الميرا هتتراجع عن طلبها بالطلاق ..؟
و تحسون ان من حقها تطلبه او لا..!

و لو تراجَعت ، شنو الشي يلي يخليها فعلاً تتراجع؟

اكثر شخص صعبان علي هو الرائد
لانه كلما يحاول يصلح من نفسه
يرتكب اغلاط جديدة و يفسد بيها كل شئ
بدون قصد حرفيًا ، تراه ما يقصد ابدًا

العقد النفسية يلي فيه تخليني انقهر عليه 💔
بداخله شخص يحاول ينجى من السواد يلي يحيطه
و كُلما يُبصر النور ، تعودُ الظُلمة لاحتلاله

انا مالي نزلت اسرد لكم حتى في كلامي العادي..!
شخصيتي ك كاتبة تاثر عليّ حتى في حياتي الطبيعية

المهم ، اكثر جُزئية حبيتوها و اثرت فيكم عمومًا ..؟

تتوقعون شنو حيصير لقدام ..؟

علاقتهم هتتحسن ولا هتسوء..؟

الرائد هينجح في انه يصلح من نفسه و يثبت حبه ليها؟

بخصوص داڤل شنو ممكن يعمل..؟ 👀

فريق الرائد و تصرفهم ..؟

اراكم في القادم ان شاء الله
الي اللقاء ♥️








.
.
.




Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top