|5|خمـسـة أعـوام
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
عدُت من المشفى في تمام الساعة السادسة مساءً، وقد أَضنَى الأرهاق كاهلي وأخذ التعب مني مأخذ،
وجدت أمي تنشر الغسيل .
بعد القاء التحية عليها سألتها بنبرة عابرة
« أماه ماذا يفعل لووي الآن؟»
مسحت جبينها ثم اجابتني باسمة
« تركتهُ في المطبخ يكمل طعامه »
هززت رأسي، عقبها ذهبت إلى غرفتي وغيرت ثيابي ثم غسلت وجهي بعدها توجهت إلى المطبخ .
وهناك صدمت بالكارثة البيئية...
المعكرونة قد نُثِرَت على أرضية المطبخ وعلى شعر لووي وملابسه وعلى الطاولة!
بينما هو يضع يده في الصحن يعصر بيديه المعكرونة
ثم يضعها في فمه مؤديًا إلى تلطيخ وجهه .
تصاعد الدم في عروقي ثم همست بغضب
« لـ لووي ! »
رفع عيناه نحوي بهدوء وهو لا يزال يضع يده في ثغره ويرمش بأجفانه غير واع بمَّ صنع .
صرخت فيه بقوة دون وعي
« لووي اللعب في الطعااام ممنوع »
قلت هذا وأنا أختطف الصحن من أمامه بقوة
فقد وصل الغضب إلى أقصى حدوده، فأنا لا أحتمل أن أشاهد شخص يلعب بالطعام .
نظر نحوي برعب لثواني عدّة ثم صرخ ببكاء عارم
« اماااااه.. »
توجه نحو أمي خائفًا والتي كانت الأخيرة قد دخلت عتبة المنزل توًّ
أرتمى في أحضانها وهو يبكي بهضم
« ماااتيو لـ.قد صـرخ .. على لوو ...وضربه »
مَسدّت أمي على شعره ثم قالت بنبرة حانية
« ماتيو صرخ على لوو ! اه سأعاقبه لا تقلق يا حبيبي»
ثم نظرت إلى ملابس لووي وأكملت بقليل من الدهشة
« ما هذه المعكرونة الملتصقة في الملابس ! وهذا الوجه الملطخ ! دعنا نغسل وجهّك أولًا، ونغير ثيابك ثانياً، بعدها نحاسب ماتيو»
تكلمتُ ببعض الغضب الواضح على تقاسيم وجهي
« عن أي محاسبة تعنين؟ ألا ترين ماذا فعل بنفسه؟ وبأرضية المطبخ !!»
لم تجبني وإنما رمقتني بأعينها، وهي تأخذ لووي نحو الحمام .
نظفتُ الأرضية بمضض ومسحت الطاولة؛ فأنا رجل مُنظم، وأحب النظافة وأتخيل الجراثيم تحيطني من كل جانب، ما لم أنظف هذه الفوضى .
ثم جاءني أتصال من المشفى طارئ ذهبت إليه وعدت إلى المنزل بعد ثلاث ساعات، أخذت حماما ساخناً حتى أطهر نفسي من الميكروبات فأنا بعد كل ذهاب إلى المشفى يجب أن أغتسل حتى أتطهر من الجراثيم عقبها ذهبت إلى سريري لغرض النوم ولكنني لم أجد لووي .
أستغربت ذلك ثم توجهت إلى غرفة أمي فلا يعقل أنه ذهب إلى مكان أخر، وجدتهُ نائماً في أحضانها
دهُشت وقلت بتعجب وأنا أتقرب نحوهما بخطًى وئيدة
« لا صدق لووي نائم معك! وفي سريرك؟»
أجابتني بهمس ممزوج بالعتاب
« هو غاضب منك جدًا، وقال إنه سوف لن ينام معك بعد اليوم؛ لأنك صرخت عليه»
وسعت عيناي وأنا أسمع توبيخها، فأنا لا أفهم لمَّ هي غاضبة عليّ هكذا !! هل أصبحت أنا المُلام ولا أعلم؟
بعدها غادرت الغرفة وأستدعتني لتكمل عتابها عليّ دون أن توقظ لووي
« اليوم تصرفك كان خاطئا جدًا، لقد جعلت الصبي يتأثر جدًا ويبكي دون أن يعلم خطئهُ»
زفرت الهواء من ثغري بضيق بينما هي أكملت
« لقد بقية يبكي إلى أن نام في أحضاني ... ماتيو هو يحترمك جدًا؛ لذلك عليك الاعتذار منه»
شعرت بتأنيب الضمير ينهش قلبي، ربما تسارعت كثيرًا؛ لذلك قررت أن أستشير أحدهم لكي أعلم من المخطئ، وبالتأكيد ليس أمي؛ فهي تضع دائمًا اللوم عليّ .
.
.
.
في صباح اليوم التالي ذهبت إلى المشفى باكرًا بسبب حالة خطرة .
أنتهينا منها بعد ساعتين تقريباً، ثم توجهت إلى استراحة الأطباء وهناك وجدت الدكتورة هيلين تتحدث مع الدكتور البرت ومن الجيد أنه غادر عقب قدومي مباشرةٌ.
أتخذت من المقعد الذي بجانبها مجلسا لي، تنهدت مرتان ثم ألتفت صوبها
بعد ان ألقيت عليها التحية، بللت فمي ثم سألتها بشرود
« لنفترض أنه يوجد في منزلك طفل صغير يعيش معك ...»
قاطعتني بضجر وهي ترمقني شزرًا
« أنا بالفعل أمتلك ادمز، وأنت تعلم ذلك»
رمشت مرتين على النسيان كون لديها طفل في الثامنة من عمره، عقبها أكملت سؤالي
« حسنا، لنفترض أنك شاهدته يفعل أمر خاطئ، كبعثرة الطعام على الأرض، ماذا تصنعين ؟»
أستغربت قليلًا من سؤالي وحدقت بالفراغ برهة، ثم ابتسمت وتقربت نحوي قائلة
« عليك أن تعلمهُ أنه نعمة، وعلينا احترامها، كذلك تعليمه أن بعثرة الطعام في الأرض يحضر الحشرات والتي هي سوف تجلب لنا الأمراض»
تنهدتُ بأسى وأنا مطرق الرأس
« حسنًا ماذا أن كان صغيرًا على أن يفهم هذا الكلام؟؟»
خاطبتني بدهشة ممزوجة بضحكة مرتبكة
«ماتيو هل تزوجت من ورائنا، وأنجبت طفلًا !»
أرتبكت مع احمرار وجنتي تزامنا مع تحريك يديّ ورأسي بالنفي ثم صرخت بتلقائية
« أنه مجرد سؤال، كذلك قلت لنفترض»
قهقهت غير مصدقة لمَّ قلته ثم أسترسلت
« لم يبقَ لك حل سوى تعليمه الطريقة الصحيحة لمسك الملعقة، وكيفية وضع اللقمة في الفم، ومراقبته إلى أن يجيد أن يأكل الطعام بنفسه»
شكرتها وأنصرفت محمر الوجنتان من حماقتي .
.
.
.
في المساء عدّت مبتسما أشعر بتفاؤل كبير .
وجدت لووي يلعب بأحد الدببة البُنية اللون في غرفتي ما أن شاهدني حتى صرخ نحوي بلطف
« لوو من اليوم فصاعدًا سوف لن يتكلم معك؛ لأنك صرخت عليه، وسوف لن يلعب معك أيضا»
أنهى حديثه وهرول نحو غرفة الجلوس حيث والدتي، وجلس بجانبها .
لا أعلم لمَّ قهقهت على غضبه، توجهت نحوه وحملته رغمًا عنه ثم أخذته إلى المطبخ، وأجلستهُ في حجري، وأنا أحاصره حتى لا يهرب .
بعدها وضع يداه على وجنتاي وبدأ يقرصهما من الجانبين يمدهما، ثم أردف وهو يبكي
« ماتيو ! لوو لم يعد يحبك لأنك...»
لم يكمل حديثه حيث شهق بالبكاء بينما أنا
تكلمت بالكاد بسبب يدان لووي التي تمدّان فمي
« اأعتذر، أعـ تذر .. والآن أتـ رك وجـ نتي حتى أسـ تطيع أن أتكلم»
أبعد يده ثم نظر نحوي، أبتسمت بحنان ثم قلت وأنا أمسد شعره البندقي
« أنا آسف، وأعترف بخطئي؛ لأنني صرخت عليك بقسوة، وسوف لن أكررها ثانية، أعدك، والآن هل تسامحني»
هز رأسه بالموافقة بعد وهلة بينما أنا ابتسمت قائلًا
«اليوم سوف أعلمك الطريقة الصحيحة لتناول الطعام، تأخذ الملعقة وتضعها بين السبابة والابهام»
ثم وضعتها في يد لووي وتركتهُ يجرب .
حاول رفع الطعام عدّت مرات إلى أن شعرت بحزنهِ ورغبته بالبكاء لعدم نجاحهِّ *
ثم هتفتُ بتشجيع
« لوو إذا نجحت سوف أشتري لك الهدية التي تحبها، والتي تريدها»
بدأت أساعده ُ إلى أن نجح أخيرًا واستطاع أن يأكل بمفرده .
بقيت أراقبه إلى أن أنهى الصّحن بمفرده، صفقت له بسعادة قائلًا
« أحسنت يا بطل»
لم أشعر به، إلا هو يضع يداه عليّ ويحتضنني بفرح، وفمهُ المُلطخ لامس قميصي؛ ومسحهُّ فيه!
وسعت عيناي بتلقائية ودون وعي مني صرخت عاليا في وجهه
«لووو كم مرة أخبرتك إلا تمسكني؛ إلا بعد أن تغسل يداك !»
أبتعد عني، ولا أعلم إلى أين هرول؟ بينما أنا أنطلقت كالصاروخ إلى الحمام، وأخذت دوشٌ سريعا، ثم سمعت صوت صراخ والدتي نحوي
« أحمق كبير، إلا يمكنك أن تغلق فمك قليلا؟»
أغلقت عيني، وأنا أخذ نفس عميقًا، مع سماع شهقات بكائه، أظنني أفسدت كل شيء ثانيةٌ، وعلي أن أصلح الأمر ولا اؤخره أكثر .
بعد الاستحمام خرجت وأيضا ابتسمت بوسع حتى أعتذر مرة أخرى، توجهت نحو لووي الذي ما أن وقعت عيناه عليّ حتى صرخ بعصبية محببة إلى قلبي
«ماتيو سوف لن أتكلم معك ثانيٌة لأنك شخص وكيح ** أماه قالت ذلك أنت شخص وكييييح»
قلت وأنا أغمض أجفاني وأفتتحها عدّت مرات أحاول أن أفهم ما قاله لي
« أنا وكيح !»
توجه نحوي وبدا يضرب بكلتا يداه على صدري ومعدتي بعشوائية وهو يصرخ بغضب
« نعم أنت وكيح، ويجب أن تعاقب لأنك صرخت على لوو مرتان»
حاولت منعه وتهدئته
«أهدئ، اهدئ ، أعتذر ما كل هذا ؟»
وجه قبضته الصغيرة نحو بطني عدت مرات ثم جأر
« هل سوف تعيدها وتصرخ على لوو ثانيةً»
رفعته و أحتضنته بقوة ومنعته من ضربي وقلت بكل صدق
« سأحاول إلا أصرخ عليك ثانية، وأعُاقب هذا اللسان إذا صرخ عليك ثانيةٌ»
أراد أن يقاوم و يكمل ضربه ولكنه هدئ بعد مدّة ثم مسكت وجنتيه وبدأت أقبل جبهته فخدوده وأوزع القبل كاعتذار على الصراخ الذي بدا مني.
هدئت ثارت غضبه وبادرني العناق بعد برهة .
وبينما أنا أحتضنته بدفء ، قدمت أمي بجانبي و ابتسمت لي برضا
قلت لها بهمس
« حقًا أمي هل قمتي بتغسيل يداه؟»
أجابتني ببرودها القاتل الذي سوف يجلطني يومًا
« كلا ولمَّ سأفعل !!»
وسعت حدقيتيّ لا اراديا وبالمعجزة الربانية منعت نفسي من الصراخ أو رمي الصغير في أبعد نقطة، ولكنني تجمدت من الخوف وأنا أنظر إلى لووي الذي يعانقني بحب ويُدفن رأسه في عنقي.
بينما في الواقع بدأت أحرك اكتافي لا أراديا وجسدي، وأصبحت كشخص مصاب بالصرع، أتخيل الجراثيم بدأت تغزوا عليِّ وتتسلقني ولا أستطيع منعها لأنني وعدتُ لووي بالفعل مرتان لذلك لم أستطيع إبعاده عني بالقوة .
وأمي تنظر نحوي وهي تكتم ضحكاتها ثم أردفت بعد مدّة
« عوضً عن هذه الحركات الغبية، أنهض وعلمه على أن يغسل يداه»
أبتسمت ببهوت ورجع عقلي أخيرًا إلى مكانه؛ بعد أن فقدته للحظات، ثم رفعته وحملته نحو المغسل وقلت له بصوت مختنق أثر الصراع الداخلي
« لوو عليك أنت أيضا أن تَعدّني أن تغسل يداك بعد قضاء حاجتك وقبل وبعد تناول الطعام فلا يجوز أن تمسك أحدهم ويداك ملوثة وألا رأيت صرختي تتوجه نحوك»
قلت هذا وأنا أغسل يداه و وجهه جيدًا، ثم رفع يداه قائلًا
« أعدك أن أغسل يداي دائمًا حتى لا تغضب عليّ، فأنا ولد مطيع وأسمع الكلام»
أنهى حديثه بهتاف رائع
عانقتهُ بحرارة قائلا
« نعم أنت فتى مطيع ويسمع الكلام وأنا أحبك عندما تسمع الكلام»
______________________________________
* ملاحظة /
واجهة صعوبة بستخدام الملعقة لان لديه ارتخاء بالاعصاب كأثار جانبية للعملية.
**وكيح مصطلح عامي في اللهجة العراقية ⬅ معناها بالفصيح مشاغب.
| لازم اكتب اشوية عن معاناتي 😆
طبعا اني ما احب اشوف طفل يلعب بالاكل ، بس الفتنة من اين تأتي من سوسو : معليج خلي الطفل يأكل لا ضوجينة😑، هو بالصدق لقمتين بالفم وعشرة بالكاع واني بالاخير لازم انظف المكان 😭 |
ارائكم :
If you loved the part please
❤&🗯
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top