|2|تمهيد

Matteo

في الساعة السابعة مساءٍ خرجت من غرفة العمليات بعد أن عقمت يداي جيدًا

تفقد هاتفي المحمول لأجد أكثر من عشرون مكالمة فائتة وعشر رسائل من أمي ولم أستغرب ذلك

تفحصت الرسائل بسرعة

[ماتيو متى سوف تعود إلى المنزل هل نسيت موعدنا، أريدك أن تأخذني إلى منزل أخيك]

[ماتيو لماذا لا تجيب على مكالماتي؟]

[ماتيو هل شغلت بالعمل كالعادة ونسيتني]

[ماتيو أرجوك دع العمل ولو قليلًا وفكر بوالدتك المسكينة]

[ماتيو لا تجعلني أغضب عليك وأرغمك على الاستقالة من عملك]

[ماتيو اللعنة، لماذا تفضل العمل على والدتك العزيزة]

تأفأفت بعد ألقاء نظرة على جميع الرسائل ثم تذكرت.

حيث

- قبل أربع ساعات -

خرجت من ردهة الرقود بعد أن تفقدت المرضى، لأسمع رنين هاتفي، فتحته

حتى اندفعت والدتي بالحديث

« ماتيو عليك العود مبكرًا لدي موعد مع هاريسون الساعة السادسة مساء.. أرجو ألا تتأخر كالعادة فاليوم لدي أمر مهم»

أجبتها ببعض القهقهة وأنا أحك مؤخرة رقبتي

« لا عليك يا أمي ، قبل السادسة بدقيقة أكون في المنزل»

تذكرت كل هذا ثم نظرت إلى الساعة

يا الهي تأخرت ساعة كاملة ،حتمًا عزيزتي ماما غاضبة جدًا مني .

أنتزعت صدريتي البيضاء ووضعتها في المكان المخصص ثم خرجت من غرفة الأطباء وتوجهت إلى المخرج وأنا أسير ببعض الذعر، لا أعلم كيف سأقابل أمي بعد أن تأخرت عليها؟
وفي أي وجه سوف أقابلها

حتى جميع الأعذار قد استنفذت مني .

قبل أن أصل إلى باب الخروج بعدّت امتار ..

.

.

أقتحم الباب ثلاثة أشخاص ينقلون مريض، دخلوا بسرعة هائلة، وساروا به في أتجاه غرفة العمليات

أثناء اقترابهُ نحوي رأيت مقدار الضرر

كان مهشم الرأس، وجزء من جمجمته قد انشق مظهرًا الدماغ .

كانت إصابته خطيرًا جدًا...

ما أن مرة بجانبي.

حتى توقف كل شيء.

رأيت باب الخروج أمامي ثم رمشت أجفاني عدّت مرات، بعدها نظرت إلى هاتفي

أخذت زفيرنا وابتسمت.

أستدرت بسرعة وهرولت بأقصى سرعة

إلى غرفة العمليات

وأنا أقنع نفسي

« لقد تأخرت ساعة عن الموعد، لا ضير في أن تنتظرني ساعةٌ آخرا»

أتصلت بالطبيب المقيم وأمرته أن يجهز الطاقم

لإجراء جراحة مستعجلة وفعلًا لم يستغرق الأمر وقتًا لأن الجميع كان مستعد لدخول العملية التالية

وصلت غرفة العمليات وقد وجدت الطبيبة هيلين قد سبقتني، ولم أستغرب كون اليوم يومها في الخفر ، أرتديت زي الجراحيين الأخضر القاتم لكي نباشر بالجراحة.

وجهت أوامري إلى المساعدين .

هتفت إلى الطبيب المقيم دونكان

« بسرعة قم بقياس ضغط الدم ،كذلك أفعل بقية التحاليل»

ثم ألتفت إلى المساعد سويو

« أنت تفقد الأعضاء الحيوية»

بعدها خاطبت الممرضة

« وأنتِ جهزي لي الكثير من التنبونة * »

عقبها أستدرت إلى الدكتورة هلين

« جهزي خيط حجمه 0.3 ، ريثما أتفقد الضرر »

قربت جهاز التكبير أمام عيناي وبحثت عن مكان النزيف ثم أخذت الشاش وضغط به حتى؛ أقلل من مقدار الدم بعدها أخذت أداة ارتري الفورسبس** و كبست به على الشريان، حتى يتسنى لي خياطة مكان القطع بسهولة .

خيطتُ الشريان ثم أصلحت وضعية الدماغ في مكانه، بعدها قاربنا أجزاء الجمجمة قدر المستطاع، لنبدأ بعملية ترقيع الجمجمة ثم بدأنا الخياطة

أستمرينا بالخياطة أنا ودكتورة هلين لمدة ثلاثة أرباع الساعة.

بينما استغرقت العملية أربع ساعات ونصف تقريبًا فقد كانت فوق الكبرى .

بعد خروجنا من غرفة عمليات، قدم وفد من الشرطة مع أحد المحققين رفع هويته التعريفية

« محقق من قسم شرطة مدريد، نود أن نسألك على الصبي دايلان الذي تعرض لحادث سير، سمعت أنهم قد نقلوه هنا»

أخذت دقيقتان أحلل ما يجري قبل أن أردف

« نعم، وقد اجرينا له جراحة مستعجلة، وهو لم يستفق بعد »

نظر إلى الباج المعلق في صدريتي ثم أكمل

« سيد جوسفير، هل تستطيع أخبارنا متى سوف يستيقظ المريض دايلان؟»

حمحمت قليلًا ثم أكملت

« لنأمل أنه سوف يستيقظ في غضون ثلاثة أيام القادمة على الأكثر»

أعطاني بطاقته التعريفية ألقيت عليها نظرة سريعة لأجد خُط فيها

( المحقق لوك جريسن)
وأسفل الاسم رقم هاتفه

ثم قال وهو يشير إلى البطاقة التي في يدّي

« عندما يستيقظ أرجو أن تعلمنا حالًا»

رفعت رأسي من البطاقة ونظرت نحوه قائلًا

« انتظر، الن تخبرني ماهي قصة الحادث؟»

لا أعلم لمَّ أنتابني الفضول لأول مرة، و أردت معرفة سبب هذا الحادث .

أبتسم لي المحقق وأستطرد

« حسنا سأخبرك، لقد حاول شخص قتل الصبي عن طريق دعسهُ بالسيارة»

وسعت حدقيتيّ قليلًا بينما هو أكمل
« لقد أمسكنا على أحدهم ونعتقد أنه المشتبه الرئيسي في هذا الحادث، لذلك نريد أن نستجوب الفتى لنتأكد من أنه الشخص الذي قد أعتدى عليه»

سألته ببعض البرود

« وهل تعتقد أن الصبي قد رأى الشخص الذي تهجم عليه»

تكلم بنبرة أشبه بحالمة

« لنأمل أنه يستطيع التعرف عليه ، فقد شاهدنا شريط المراقبة وللأسف المعتدي لم تظهر صورته في الكاميرا ولكنه قد تحدث مع الصبي لهذا لدينا احتمال بأن الصبي سيتعرف على المتهجم»

.

.

.

.

.

.

بعد مرور أربعة أيام كنت أتفقد المرضى في ردهة الطوارئ إلى أن قدمت الممرضة ميني بسرعة ثم قالت بلهاث متقطع

« حضرت الطبيب جوسفير، لقد استيقظ الصبي الذي تعرض للحادث»

من الجيد أنني أنتهيت من فحص آخر مريض، هرولت بسرعة إلى الغرفة الموضوع فيها، بينما أنا اشكر الله على نجاح العملية .

وصلنا في غضون سبع دقائق

أنتبهت على ملامح الصبي لأول مرة بدا كطفل ما بين العاشرة والثانية عشرة ولكنني تفاجأت أنه في بداية عامه في الرابعة عشرة، ضعيف البنية، قصير القامة، بني الشعر، أبيض البشرة على نقيض لوني الداكن.

كان خائفًا وهو ينظر فيما حوله، تقربت منه وبدأت بفحصه وتأكد من سلامة أعضائه الحيوية، ثم أمرته بتحريك يده لكنه صرخ بفزع وسحب الغطاء وأختبأ

تكلمتُ بحنان مع أبتسامة هادئة « عزيزي هل تستطيع أخباري ما هو اسمك ؟»

تحدث من تحت الغطاء بنبرة هامسة ممزوجة بالخوف

« أريد ماما، أنا أريد ماما؟»

خاطبتهُ بأكثر نبرة رقيقة أمتلكها

« عزيزي، هل تستطيع اخباري ما هو أخر شيء تتذكره ؟»

رفع الغطاء قليلًا منه وألقى نظرة على المكان ثم أردف

« أريد العودة إلى البيت أين أنا ؟»

أنهى حديثه ثم تجمعت الدموع حول مقلتيه البندقيتين

تقربت الممرضة نحوه، عانقته بلطف ثم بدأت تغني له بعض اناشيد الاطفال

بينما أنا اتصلت بالمحقق؛ لأخبره بأستيقاظ الصبي

مرت نصف ساعة ، قدم فيها المحقق ثم خاطبني بعجل

« متى، نستطيع أخذه معنا للمركز ؟»

أبتسمت ثم قلت بهدوء

« تستطيع أن تأخذه غدا، ولكن يؤسفني أعلامك أن المريض دايلان قد فقد ذاكرته بشكل مؤقت نتيجة موقع الإصابة جاء على مكان الذاكرة، لا تقلق مع العلاج والرعاية سيعود في غضون اشهر عدّة»

تنهد المحقق لوك بقليل من الاحباط

ثم أكملت الحديث قبل أن أفسح المجال للمحقق بالحديث

« من الأفضل أن تتصل بعائلته، حتى تأتي لإخذه في الغد»

بلل المحقق شفتيه ثم أردف بأسى

« في الحقيقة، لقد قتلت عائلته في اليوم الذي تعرض فيه للاعتداء، ونرجح أن القاتل، قتل أبويه ثم قرر التخلص من الأبن وكان من الجيد أنك استطعت انقاذه»

عضضت شفتاي على أثر الخبر الذي ذكره ثم أسرعت سؤاله من جديد

« وماذا عن باقي أفراد عائلته؟ أعني اعمامه »

« للأسف والد الفتى لم يكن له أخو، لقد كان الوحيد لعائلته»

اه، يالها من قصة مأساوية! وددتُ حقًا لو أستطيع مساعدته، ولكن مع الأسف أنا شخص ملتزم جدا بالعمل ولا أملك وقت لأخذه معي، وبقائه في المشفى ليس سديدًا، فالمشفى لا يتعامل بالإنسانية وسوف يقوم بطرده ما أن تتحسن صحته.

لذلك زفرة الهواء وأكملت بقلة حيلة

« سيدي المحقق أتمنى أن تأتي غدا لأخذه من المشفى، فمستشفانا ..»

قطع المحقق الحديث وأعقب

« نعم، نعم ..»

ثم أعطيت ملاحظاتي إلى المحقق و عدتُ لأكمل عملي .

.

.

.

.

.

.

.

.

Harrison

كنت ألعب في هاتفي النقال، جالسً على الكرسي المدولب خلف المكتب مُشغول باللعبة، فجأة تم أستدعائي من المحقق بواسطة العامل المبنى، وبالمناسبة أنا أعمل شرطي عادي وما زلت في أول الطريق في الثلاثين من عمري.

توجهت ببعض الخوف، فمّن الغريب أن يرسل المحقق شخص في استدعائي.

دخلت إليه بوجه مرتبك وقد لاحظت أن بجانبهُ صبي يجلس على الأريكة الجلدية ويعبث بالأقلام .

نظر المحقق نحوي بابتسامة لا تبشر خيرًا ثم أردف

« بمَّ أنك شخص ملتزم، ومثابر، ونعلم أنك متزوج و تمتلك عائلة، ولديك خبرة طويلة مع الأطفال..»

هززت رأسي بالموافقة بينما أنا مندهش على كم الأسئلة التي يطرحهّا، ثم أكمل استرسال حديثه

« لذلك قررنا أن نعطيك مهمة العناية بهذا الصبي، ومهمة أعطائه الدواء إلى حين عودة ذاكرته»

وسعت عيناي وقهقهت ببلاهة من المفاجأة .

ثم أكمل حديثه وهو يضع يده على ظهري مشجعاً

« لقد أخبرنا الطبيب الدماغ جوسفير في غضون الاشهر القادمة مع الاستمرار في تناول الدواء ستعود ذاكرته له، لذلك عليك أن تلتزم برعايته وأعطائه العلاج في مواعيده المخصصة»

أبتسمت رغمًا عني.

هو بالتأكيد يمزح، يعلم جيدًا أن أبنائي بالكاد استطيع السيطرة عليهم ويأتي ويضيف لي همٌ إلى همي، من قال له أنا أحتاج إلى أبن أضافي .

قدم المحقق لي الصبي وهو يقول

« تستطيع أن تأخذ باقي اليوم أجازة.. بالمناسبة يدعى لووي دايلان، هاريسون أعتني جيدّا به ، لا أوصيك أكثر»

أستلمته بمضض ثم خرجنا من القسم، أدخلته سيارتي وبدأت أفكر بهذه المصيبة التي نزلت علي .

إذا أخذته إلى المنزل حتمًا زوجتي، سوف تصرخ عليّ!

ثم تخيلتها وهي غاضبة

[هاريسون، أنت بالكاد تجني المال لتربي أطفالك، من أين ستنفق على هذا الغريب ..]

[هاريسون ربما يقوم بإيذاء أولادي...]

[هاريسون تعلم أن تربية الاطفال مسؤولية، وإذا تعرض إلى إي مكروه ستكون أنت السبب وتعاقب]

أعُاقب يا الهي!!

أنهيت تخيلاتي وأنا اشاهدهُ يجلس على مقعد السيارة بهدوء .

بدأت أفكر إلى أن جالت في عقلي فكرة لا أعلم كيف جاءت لي، عندما تذكرت نقطة صغيرة التي قالها المحقق لي ، وهي ..

( لقد أخبرنا الطبيب الدماغ جوسفير )

أظنني وجدت الحل الأنسب ، ابتسامة شريرة زينت شفتي ثم اتصلت بأمي لشروع في تنفيذ الخطة.

______________________________________

* التنبونة قطن ملفوف بالشاش على شكل كرة يستعمل في الوضع على مكان النزيف

**الارتري فورسبس إداة تستعمل لمسك الشرياين

ارائكم :

اتوقع الجميع عرف فكرة هاريسون😆

See you later my sweet 💜

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top