|13|ثلاثـة عشـر عـامًا
كانت ذكريات لووي تعود بعض الشيء وأحيانا تختفي وأصبح يمر بنوبات أثناء نومه، كنت أراقب حالته الصحية بينما كانت أمي قلقة عليه كثيرا وأصبحت تكثر المبيت عندنا وتتعلل بحجج واهية إلى أوليڤ زوجة أخي، فهي تظن أن وضعه قد أزداد سوءً بينما أنا كنت أهون عليها وأجيبها بأن وضعه طبيعي ولا داعي لأن تقلل وإن ذاكرة لووي تحاول العودة ومع قليل من العلاج أتوقع عودت ذاكرته في غضون الأشهر المقبلة وعلى الرغم من كلامي المهدئة إلا أنها لا تزال تحمل بين طيات وجهها كثيرا من القلق والوجوم فهي حقا بدأت تعتبر لووي مثل باقي أحفادها
وتشعر أنه أصبح جزء من العائلة.
في ذلك المساء الخريفي أتصلت زوجة أخي على أمي تدعونا إلى أحتفال في قاعة النورس التي تبعد خمسة كيلومترات من منزل هاريسون للأحتفال بعيد ميلاد جيول الرابع ولذكرى زواجهم أيضا، عندما أغلقت السماعة نقلت الخبر لي ثم أسترسلت
« ماتيو مارأيك أن تقوم بدعوة الدكتورة هيلين فهي من أصدقاء العائلة وأخالها سوف تسعد كثيرا هي وأبنها في الذهاب للحفلة؟»
أجبتها بغير مبالاة
« لكِ ذلك غدا سوف أقوم بدعوتها ولكن في أي يوم يصادف؟»
أكفهر وجه أمي قائلة وحسحست بغضب
« هل حقا تتظاهر أنك لا تعرف تاريخ زواج هاريسون أو ميلاد إبن أخيك في أي يوم يصادف! يصادف يوم العاشر من هذا الشهر »
أخذت برهة تفكير، أحسب في أي يوم يصادف في التحديد حتى قطعت أمي التفكير بضجر
« لا تقلق ليس في يوم خفارتك وتستطيع القدوم بطمأنينة ولا تقلق سوف لن يعارض الاحتفال عملك المقدس »
همهمت ببرود وأنا أقلص حدقيتي
« ولكنه يصادف في يوم خفارة الدكتورة هيلين ولا أظنها سوف تقبل الدعوة »
زمجرة أمي بكتضاب
« الدكتورة هيلين سوف تقبل الدعوة وليست مثلك تفضل العمل على العائلة »
« اماه لا أريد أن أسمع أي نصائح، سوف أخبر الدكتورة هيلين وأرجو أن تتركيني في حال سبيلي »
رميت كلامي بضجر وأستدرت إلى حيث التلفاز محاولا قطع السجال
عقبها قدم لووي إلى والدتي تربع بجانبها على الأريكة وأخبرته بأمر الحفلة، في هذه الأثناء سمعنا صوت جرس الباب، هرول لووي ليفتح وجد الطارق الدكتورة هيلين وأبنها، هتف لرؤيتهم ثم قام بأدخالهم
أبتسمت في داخلي لرؤية الدكتورة، القيت عليها التحية ثم غادرت إلى المطبخ لتلبية الضيافة بينما أمي تهلل وجهها وأستطردت
« لقد أتيتي في وقتك، كنت أود أن أتصل بكِ الآن»
انحنت الدكتورة هيلين لوالدتي وقامت بمصافحتها وتقبيلها، ثم جلست بجوارها قائلة
« الحمد لله أنني قررت اليوم أصطحاب ادمز لزيارة لووي حتى يلعب معه وفي نفس الوقت أطمأن على صحتكِ»
« أريد أن أدعوعكِ إلى حفل عيد زواج هاريسون وايضا ميلاد حفيدي جيول وأرجو ألا تخيبِ أملي وتأتين للحفل أنتِ وعائلتك؟»
أسترسلت أمي بعد الحية والسلام تدعوها لحضور الحفل
ربتت هيلين على قدم أمي وأستطردت بحنان
« من أجلك سوف أفرغ نفسي وأحضر الحفل»
قدمت العصير والكعك في صينية ووضعتها أمامهن على طاولة صغيرة ثم جلست على المقعد الذي بجانب الدكتورة هلين من جهة اليسار وأفصحت بخبث وأنا أشابك ذراعيّ وأحتضنهما عند سماع موافقة الدكتورة على الحضور
« وماذا تصنعين بشأن خفارتك؟»
أستأنفت الكلام قبل أن تجيبني ونطقت بانتصار وأنا أشير إلى نفسي
« لا تقلقي أنا أتبرع لكِ بالعمل عوض عنك وأنتِ أصطحبي ادمز بقلب بارد»
ما أن أنهيت عبارتي حتى صرخ لووي بغضب وهو يهرول صوبي
« كلا أنت يجب أن تحضر الحفل؟ أماه قالت أن هناك ساحر وعروض جميلة ستقام في نهاية الحفل »
ألتفت إلى لووي بغضب أخفيته في داخلي ولم أضهره وقلت برقة
« عزيزي لووي ألا ترى أن العمة هيلين تريد أن تحضر الحفل ويجب عليّ مساعدتها »
« ولكن أنا أريدك معي في الحفل»
همس بنبرة خائبة وهو منكص الرأس
تدخلت الدكتورة هيلين بنبرة واضحة وهي تطبطب على ظهر لووي
« ماتيو من الأفضل أن تصطحب لووي إلى الحفل ولا تقلق بشأن خفارتي؟ أهم شيء لا تجعل صديقي حزين»
قفز لووي لعبارة هيلين وهتف بغبطة
« نعم يجب أن تعدني أن تحضر الحفل معي إلى الأخير ونشارك في الفقرات التي سوف تقام»
تخبطت في مكاني على هتاف لووي وحشرت في زاوية ضيقة فكيف سوف أرفض؟ حتى أخر مخرج للهروب من الحفل قد ضاع
تكلمت كل من أمي والدكتورة هيلين وقالن بلهجة أمر
« هيا عليك أن تعد لووي بأن تحضر الحفل حتى النهاية؟»
تهالكت على المقعد وغمغمت بخيبة كبيرة
« أعدك يا لووي بأن أحضر الحفل حتى النهاية»
قفز لووي وبدأ يرقص مع الصرخ بسعادة
« نننعم»
تبعه ادمز وشاركه الفرح وقام يقفز معه.
*****
في ذلك المساء بقى لووي مدة طويلة يثرثر بشأن الحفلة وأنه متشوق كثيرا لرؤية الساحر الذي سوف يظهر في نهاية الحفل ويتمنى أن يأتي يوم الاحد القادم بفارغ الصبر.
مرت الايام وطوال مدة الأسبوع ذهبت أمي مع لووي إلى السوق ثلاث مرات ومرتان مع زوجة اخي، أنا لا أعلم ما هي المتعة في التسوق ولمَّ النساء يحبن أن يقظين جل وقتهن في التبضع؟
وقد أشترت أمي لي قميصا مخطط سمائي ولا أنكر قد سعدت لذلك.
قدم يوم الأحد وكان المنزل في حركة دائبة أستعدادًا للذهاب إلى القاعة التي ستقام فيها الحفلة.
أرتديت القميص بوجه مكفهر فأنا أكره أجواء الحفلات كثيرا ولا أستطيع أن أطيقها وتمنيت لو أذهب به إلى المشفى لكان أفضل.
كان لووي متحمسا وقد أنتهى من تجهيز نفسه بينما أمي تأخرت نصف ساعة على الرغم أنها بدأت بتجهيز قبلنا بثلاث ساعات، لا أفهم لمَّ النساء يستغرقن كل هذا المدّة في التبرج؟
وصلنا إلى القاعة وقد أستقبلنا هاريسون ببدلته الجديدة كأنه عريس الليلة هو وزوجته أوليڤ التي كانت ترتدي فستان جذابا كريمي اللون.
ذهب لووي مع الأولاد يلعب معهم ويطارد في أرجاء القاعة، أستقرينا على أحدا الطاولات أنا وأمي وأوليڤ ثم اندمجت النساء بالحديث وأنا وضعت مرفقي على الطاولة وأسندت حنكي على معصمي أراقب الحضور بملل مُميت إلى أن رأيت دخول الدكتورة هيلين أستقمت من مكاني لأستقبالها كانت قد أحضرت معها أمرأة أخرى في العشرينات من عمرها تشبهها إلى حد ما وشاب يكبرها سننا قامت بمهمة تعريفهم عليً وعلى والدتي وزوجة أخي، وقالت أن أختها أسمها أديث وأخاها كارس
لم تبقَ الدكتورة هيلين مدة طويلة حيث أعتذرت وغادرت الحفل تاركة أدميز في رعايتة خالته، كان هاريسون مشغول جدا بالحضور وبالكاد أستطاع الجلوس معي بضعة دقائق
كنت أحدق في الحضور بغير مبالاة عندما رن هاتفي كان المتصل المقيم الدوري، فتحت الخط حتى جاءني الصوت الأخر عقب برهة من الزمن قبل أن يأتي الصوت بنبرة مترددة
« دكتور جوسفير..اه ماذا أقول لقد قدمت حالة طارئة والطبيب الأختصاص مشغول في عملية أخرى »
أستقمت من مكاني وأسرعت الخطى ذهابا إلى المشفى كالغريق الذي يمد إليه حبل النجاة، لقد جاء هذا الأتصال كالأنقاذ السريع وصلت إلى المشفى بسرعة البرق
أرتديت ثياب الجراحة وولجت غرفة الجراحة وشارعت بتوجيه الأوامر على الكادر ثم أخذت المشرط وقربت الجهاز التكبير إلى عيناي حتى أقتحمت الدكتورة هيلين صالة العمليات
ما أن رأتني حتى أندهشت تقربت نحوي بخطًى سريعة وهمست بنبرة ضجرة لا أسمعها إلا أنا
« ماذا تفعل هنا لقد تركتك في الحفل؟»
أجبتها ببرود عكس أعصابها الحراة
« تعلمين أنني أكره أجواء الحفلات ولم أطق البقاء أكثر »
بدأت في مساعدتي في الجراحة بينما عاودت استفسارها بنفس النبرة
« لماذا قدمت إلى المشفى؟ تعلم أن اليوم يومي وليس دورك؟»
« المقيم الدوري من أستدعاني»
أجبتها بغير مبالاة
خاطبتني بنبرة غليضة
« نعم المقيم الدوري أحمق لا يعرف غير الطبيب جوسفير لانه قد تبرع للعمل عن باقي الأطباء»
أكملت تجاهل غضبها، بينما هي أسترسلت بعصبية ولكن بنبرة لا يسمعها سوى أنا
« كان عليك البقاء في الحفل سيما أن لووي لقد تحدث كثيرا ومتشوق إلى أخر فقرة حيث يختارك الساحر أنت وهو للعرض، هل فكرت ماذا ستكون ردة فعله عندما لا يراك موجود بجانبه؟ »
غمغمت دون أكتراث
« لا يزال هناك متسع من الوقت على الفقرة الأخيرة وأستطيع العودة قبل أن تبدأ الفقرة »
سمعت صوت تنهيدتها التي تدل على ضبط أعصابها ثم أسترسلت بجفاء
« للأسف أنت مثل الجميع يعد الأطفال ثم يخلف بوعده، لقد وعدت لووي بأن تبقى معه في الحفل... كذلك هل تظن أنها عملية صغيرة حتى تنهيها بخمس دقائق؟ انى لك هذا التفكير! »
إجبتها بغضب لأول مرة وبنبرة عالية قليلا
« هل أفهم أنكِ تقللين من قدراتي؟ أنا أستطيع أنهائها في غضون نصف ساعة فقط»
ولأنني كنت غاضبا ومشوشا قليلا حدث نزف فجائي في أحد الشراين أسرعت في محاولة أغلاقه وجأرت على المساعدين في وضع التنبونة حتى يقللوا الدماء التي تتدفق بغزارة ثم سمعت صوت هيلين تخاطب ذاتها ولكنها كانت تخاطبني
« هل تعلم أنك تكابر كثيرا ولا أظنك سوف تتغير.. أنتم الرجال لا تتغيرون مطلقا »
أكتفيت بالصمت بينما هي أنتظرت جوابي وعندما لم ترى أي رد صمتت هي الأخرى.
عقب ثلاثة أرباع الساعة أنتهت الجراحة ولكن لا أنكر كلام الدكتورة هيلين قد أثر في داخلي كثيرا، أنطلقت عائدا إلى الحفل حتى لا أخلف الوعد أمام لووي
عدت بسرعة كبيرة في السيارة كدت أن أتجاوز السرعة المحددة وصلت في غضون عشرون دقيقة ترجلت من السيارة وهرولت عائدا إلى الحفل ولكن للأسف وجدت أن الحفلة قد أنتهت أيضا وكان أغلب الحضور قد غادروا المكان وجدت أخي هاريسون يحاول أقناع لووي بالمجيء معهم ولكنه كان يبكي ويرفض القدوم معهم.
ما أن رأني حتى صرخ
« أنت شخص وكيح! لماذا غادرت ولم تبقَ معي في الحفل؟»
شعرت بالأحباط فقط جرحت قلب لووي ولم تسعفني الكلمات لصياغة جملة تعبر عن أسفي الشديد بينما أعقبت أمي تواسي لووي
« عزيزي تعلم أن ماتيو رجل مدمن على العمل لذا لا تحزن كثيرا فنحن لا نستطيع تغيير غريزته »
حملت لووي إلى السيارة كونه يرفض مسألة مغادرة القاعة وعند ركوبنا نحن الثلاثة وجه لووي عدت ضربات إلى كتفي
ثم أكتفيت بقول كلمة واحدة
« أسف »
ثم تنهدت وقدت السيارة عائدا إلى البيت وأنا أفكر بكلام الدكتورة هيلين ربما أنا بالفعل أبالغ في العمل وأنسى حتى عائلتي في سبيل أن أكمل العمل؟
شعرت بالأسف من نفسي لأنني لا أستطيع أن أقلل من هذا الأدمان
______________________________________
مرة أخرى اذكر أسماء المصطلحات
* التنبونة قطن ملفوف بالشاش على شكل كرة يستعمله الجراحين في وضعه على مكان النزيف
وكيح: مصطلح عامي شائع معناه المشاغب
أرائكم:
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top