|10|عشـرة أعوام

كان الظلام قد أسدل ستاره بينما الضوء البيض الخفيف المنبعث من القمر ينعكس على سطح مياه النهر يضفي جمالا لا مثيل له على العاصمة مدريد

وصلت إلى منزل أخي ترجلت من السيارة وطرقت الباب طرقا خفيفا فقد جاءت اصطحب أمي كون عقب يومين سوف يكون دوري في الخفارة بينما كان لووي في المقعد الخلفي غاطّ في نوم هنيئ

فتح أخي هاريسون الباب ثم قال وهو يشير إليّ بالدخول
« تفضل»

إجبته مع أبتسامة صغيرة
«اعتذر جاءت لأخذ أمي ولا أستطيع الدخول كون لووي نائم في السيارة»

عقب عشر دقائق خرجت أمي بعد أن ودعت أخي وزوجته.

ولجت أمي إلى داخل السيارة كذلك أنا فعلت ثم أسترسلت مازحة
« لا أصدق لا تستطيع أن تظفر يومان من دوني!»

أرتبكت قليلًا وتلعثمت في الإجابة
« اا.الأمر ليس كذلك...فقط لا أستطيع أبقاء لووي وحده في البيت»

نظرت نحو النافذة وتأكأت على معصمها ساندة ساعدها على زجاج النافذة وحسحست
« إذن من الأفضل لك عدم الذهاب إلى المشفى ومجالسة لووي عله يستطيع أن ينتشلك من أدمانك؟»

همهمت دون أكتراث وأكملت قيادة السيارة بينما أمي عاودت إلى الحديث قائلة بنبرة أكثر أرتفاعا
« كان عليّ البقاء في منزل أخاك فيومك ليس غدًا وبهذا تجبر على البقاء في المنزل»

أبتسمت بخفة وقلت محاولًا تغيير مجرى الحديث
« اماه مارأيكِ أن أشتري السلايم فلووي يحبه كثيرا»

أكفهرت وجه أمي وغمغمت
« أياك وأن تفكر بهذا أبدا»

قهقهت فأنا أعلم أمي كرهت السلايم كثيرا منذ أخر مرة لصق فيها لووي السلايم على ثوب أمي الجديد ولم تستطع الأخيرة أزالته

عدت بذاكرتي إلى الوراء:

في ذلك اليوم أصرت أمي على عدم ذهابي للمشفى فضطررت إلى البقاء مجبرًا

ما أن مضت نصف ساعة حتى بدأ جسدي يكون مضطربا أحركه يمينا وشمال جالسا على الأريكة في غرفة الجلوس بينما عيناي لا تفارقان عقارب الساعة المعلقة أمامي في الحائط وأصبحت كالشخص الممسوس أتحرك لا أراديا

فأنا لا أطيق البقاء في المنزل بعيد عن المشفى بضع دقائق فكيف بيوم كامل إلى أن أقترحت أمي أخذ لووي في نزهة إلى المتنزهة الذي يقع في نهاية أطراف منطقتنا
ريثما تذهب هي إلى السوق مع زوجة أخي

عجبت بالفكرة وأخبرت لووي أن يغيّر ملابسه، فعلًا عشر دقائق كنا داخل المتنزهة فهو لا يبعد كثيرًا عن منزلنا سوى خمس دقائق في السيارة

لاعبت لووي بالرجوحة ثم الزحليقة إلى أن قررت شراء عصير بارد يروي ضمأنا عقب مرور ساعة كاملة من اللعب

وعندما أشتريت العصير راى لووي السلايم وبدأ يهتف أنه يريده، حسنا لم أمانع فخير لي أجعله يلعب بالسلايم عوضً عن اللعب بالوحل في الحديقة

أبتعت له كمية مناسبة له ثم عدنا إلى والمنزل، وفعلا بدأ لووي يلعب بالسلايم في أحد زوايا غرفة الجلوس (الصالة) وكان هادئا لا يصدر أي ضجيج

بينما أنا أستخرجت هاتفي وبدأت اتصفح مواقع التواصل الاجتماعي التي لم أزرها منذ دهر كون قليل التصفح في المواقع ولا أجد الوقت لها مطلقا.

كانت أمي قد ذهبت إلى النوم عقب عودتها من التبضع ولم تستيقظ إلى الليل وبعدها شارعت في تجهيز وجبة العشاء لنا

عقب العشاء ومشاهدة التلفاز سمعت شهقة أمي وهي تنظر إلى فستانها الجديد عقب تلوثه بالسلايم ثم باشرت بتنظيفه بمختلف مساحيق التنظيف، وبّخت لووي على فعلته ولكنه لأسف أستقبل التوبيخ بقهقهة.

بعد أن فشلت أمي في أزالة السلايم وضعة ثوبها داخل كيس في فريز البراد كأخر أمل لها في زالة السلايم لمدة يوم كامل ولكن!

ولكن للأسف كان أقوى من أن يزال إلى أن أستسلمت أخير ورمت الفستان ثم أصدرت قانون بمنع دخول السلايم إلى البيت بتاتا.

أستفقت من ذكرياتي عند وصولنا المنزل وأنا راسم أبتسامة على شفتاي

في صباح اليوم التالي ذهبت إلى المشفى مبكرا قبل أن تعترض أمي مطمئن على لووي بسبب وجودها لذا أخذت راحتي في المشفى وتأخرت إلى الثانية ظهرًا

وفي طريق العودة قدم اتصال رأيت اسم المتصل وكان المحقق لوك جريسن، أستغربت وأبطاءت قليلا قبل أن أجيب
« نعم، معك الطبيب جوسفير»

جاءني صوت الطرف الثاني
« دكتور جوسفير لقد أعترف المشتبه بجريمته بعد أن أكتشفنا أدلة جديدة ضده، وأردت أن أعلمك أننا لم نعد بحاجة إلى الصبي دايلان ولكن إذا أحببت أن تحضره ليرى من قتل والداه فهلًا بكم في أي وقت»

تحمحمت قليلا أفكر قبل أن أقول

« هل تستطيع تأجيل عقاب المجرم إلى حين أسترجاع ذاكرة دايلان حتى لا نكون قد ظلمناه من هذه المسئلة؟»

« لكن أخشى أن ذاكرة الصبي لا تعود قريبا؟»
أجابني مستفسرا

« لا تقلق حالة دماغ لووي مستقرة وذاكرته تعود بالتدرج لذا أتوقع عودتها كاملة في أشهر قليلة»
طمأنت المحقق ومن ثم قمت بتوديعه وأغلاق الخط

عدت إلى البيت في الثانية ونصف ظهرًا، وجدت أمي ولووي يشاهدون التلفاز القيت عليهم التحية وتوجهت إلى الحمام بعدها تناولت طعام عقبها ذهبت إليهم

ألقت أمي التحية شطري بنبرة لا مبالاة والغريب كان لووي هادئا على غير المعتاد ولم يصدر منه أي فعل مشاغب كما جرت العادة لديه حينما يراني؟
أحسست أنه يتجنبني؟
وأن ما وراء الأكمة ما وراءها؟

شعور غامرني أن هناك هدوء يسبق العاصفة وأن وراء هذا السكون كارثة تنتظرني ولكن سريعا ما مسحت هذه الافكار التي خالجتني وحاولت أقناع نفسي ربما عقل لووي بدأ يكبر ويسترجع ذاكرته لهذا فأنه بدأ يعقل ولا يفعل المشاغبات كالسابق؛ ولا أنكر وخزني قلبي قليلًا لهذه الفكرة؟
ربما سوف أفتقد مشاغباته مستقبلًا!

عندما أمست الساعة الخامسة مساءً قدم أتصال لي من المشفى فنهضت لتلبية النداء وعندما ذهبت لتجهيز نفسي أستغربت أن لووي لم يعترض طريقي كما جرت العادة!

غيرت ثيابي ثم بحثت عن صدريتي الجميلة، لم أجدها في مكانها بدأت بالبحث عن ملابسي إلى أن وجدت واحدة في داخل الدولاب في الإسفل مخبئة، تهللت أساريري وأحملتها بعجل لكن تفاجأت بكونها ممزقة صرخة خافتة صدرت من ثغري فقد كانت الصدرية ممزقة من الوسط من أسفل الياخة إلى الأسفل بالمقص

انفرجت مآقي وأنا أحدق في الصدرية كيف تمزقت بهذا الشكل المأساوي بقيت برهة مدهوشًا قبل أن أتدارك نفسي وأتذكر أنني تأخرت أكثر مما ينبغي

حملت حقيبتي الدبلوماسية وغادرت إلى المشفى على أمل أستعارة صدرية من أحد زملائي.

أكملت عملي في أستشارية الجراحة إلى أن أمست الساعة السابعة مساء غادرت المشفى ثم أنطلقت إلى السوبرماركت المختص ببيع المستلزمات الطبية

أشتريت صدرية بيضاء جديدة عوضً عن تلك التي تمزقت بينما بالي كان مشغولا أين أختفن باقِ الصدارية الخاصة بي وكيف تمزقت الصدرية بهذه الصورة المروعة؟

قررت العودة إلى البيت دون ابطاء حتى أبحث عن أخواتها.

وصلت المنزل في السابعة وخمس وثلاثون دقيقة، ألقيت التحية على أمي أجابتني بأنها قد جهزت طعام العشاء وتركتني في المطبخ وأنها قد تناولت عشاءها هي ولووي قبل نصف ساعة.

مضيت وتناولت طعامي بعجل وعقب الأنتهاء توجهت إلى حجرتي وجدت لووي يرتدي ملابس النوم الزرقاء الخاصة به، يرسم بكراس الرسم الخاصة به بهدوء غريب.

تجاهلته وفتحت الدولاب الملابس وقمت بأعادت ترتيب ملابسي وهناك وجدت باقي الصداري أسفل الدرج الأخير مخبأة

وقبل أن يشرق وجههي فرحًا تفاجأت بأنّهم ممزفات، دق قلبي ألما لرؤيتهن ممزقات، أغمضت أجفاني وأستدرت شطر لووي الذي كان على السرير يلون مع دندنة بعض الاناشيد

خاطبته وأنا أحاول تهدّت نفسي قدر الأمكان
« لووي هل أنت مزقت صادري العمل الخاصة بي؟»

جفل من السؤال وتلعثم ثم قال بشرود
« كلا، كلا أنها.. أنها أماه»

عقدت حاجبيّ وأستطردت بنبرة أستنكار
« اماه من مزقت صداري العمل الخاصة بي!»

تمتم بنبرة خافتة وهو يتجنب النظر في عيناي
« نعم، أنها أماه»
ثم فر هاربا تنهدت عدّت مرات محاولا ضبط نفسي، تبا هل قلت أنني سوف أفتقد هذه المشاغبات؟
حتمًا أنه الأرهاق من جعلني أفكر هكذا، فأنا أتمنى اليوم قبل الغد من أن أتخلص من كل هذه الأفعال الصبيانية؟

وضعت الصدرية التي أشتريتها في الدولاب وأغلقته ثم ولجت إلى السرير ونمت فقد شعرت بالتعب من هذا اليوم الطويل وغدًا ورائي يوم أطول.

في صباح اليوم التالي أقصد ليس الصباح تحديدًا أنه الرابعة وربع فجرًا

أستيقظت على صوت حسحسة قادمة من الصالة (غرفة الجلوس) أستقمت وأنا أعقد حاجبي النعستين فمن يستيقظ في مثل هذا الوقت!

مشيت بتؤدة وقلبي يخفق هل يعقل لص تسلل إلى بيت؟

دلفت الصالة بقلب مضطرب حتى تفاجأت بالكارثة لووي مستيقظ وبيده المقص يقص الصدرية إلى قطع صغيرة وهو يتمتم بكلمات
« وبهذا سوف لن يستطيع الذهاب إلى العمل»

بقيت مبهوتا وتسمرت في مكاني ثم بالكاد وجدت الحروف ونطقتها
« لووي..ماذا..تفعل!!»

جفل عند سماع صوتي ورمى المقص ثم قام بتغطية وجهه بكلا كفيه وهو يهتف
« أنا لم أفعل شيء»

ثم هرب بسرعة البرق إلى غرفة أمي بينما أنا أطلقت صرخة مدوية جعلت سابع جار ربما يستيقظ، أستفاقت أمي وقدمت نحوي بعيون مغمضة ثم قامت بضرب رأسي قائلًا « مابك تصيح منذ طلوع الفجر حتى الجيران لا زالوا نائمين!»

أردفت بنبرة عصبية عالية
« ألا ترين لووي مزق ملابس العمل الخاصة بي»

جأرت بضجر وهي ترمقني بنظراتها
« لماذا تتكلم على الطفل المسكين ألا ترى أنه غاط في نوم عميق؟»

أدرت وجهي ناحية غرفة أمي وكان الباب مفتوحا ويسمح لي بمشاهدة الغرفة بأكملها وجدت لووي نائم بالفعل عندها بعثرت(عكشت) شعري وأنا أتمتم
« هذا الطفل حقا..»

ثم مسكت رأسي نتيجة الصداع الذي أنتابني في تلك اللحظة فعقب ثلاث ساعات سوف يبدأ يومي في الخفارة ولووي قام بتمزيق جميع صداري العمل؟؟

تراميت على أحد المقاعد وأنا أصدر تنهيدات لا نهاية لها

____________________________________

ارائكم :

If you loved the part please
❤&🗯

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top