الأوّل|حياةٌ شاقّة.

-

|١٨٦٤|
كندا|الولايات المُتحِدة

يسيرون تِباعاً بوهنٍ شديد جِهة الضفّة الغربيّة لنهر سانت لورانس،مُحاولين التماسُك حتّى يصلوا.

القيودُ الحديديّة إتخذَت موقِعاً بأرجُلهُم و أيديهُم بتكبيل،يربُط بين كُل فردٍ و مَن خلفهِ سلسالٍ متين يمنعهُ مِن الفرار،ريثما يُمسِك بأحد أطراف أكبالهُم حارِسٌ بالأمام يمتطى جِواداً،والطرف الآخر بيدِ حارسٍ بالخلف يمتطى جِواداً كذلِك.

"إنهَض يا قذِر!"صاح الحارِس عديم الرحمةِ صافِعاً ظهر الفتى بالسوط الذى يقبعُ بيدهِ عِندما هوى أرضاً جراء الإرهاق،جاعِلاً مِن دموعهِ تتكثَّف بمُقلتيهِ.

سقيع دون ملابِس،سيرٌ لأيّامٍ دون طعامٍ يُذكَر.

"تماسَك شون،أرجوك.."همسَ لهُ صديقهُ هارى بترجٍ خِفيةً رُغم أنّهُ لا يختلِف عنهُ شيئاً،جاعِلاً مِن شون يستنِد على مرفقيهِ بضعفٍ نظراً للقيود التى تستحوِذ على يديهِ،قبل أن ينهَض مِن جديدٍ ويُعاوِد السير بأقدامٍ مُرتجِفة.

"واصِل السير،هيّا.."صاح الحارِس على صديقهُ بالأمام،ليُعاوِد السير مُحرِّكاً جوادهُ حيثُ الموقِع المنشود.

كان طريقهُم مُثلِجاً و مؤلِماً جِداً،أجسادهُم ترتجِف و أقدامهُم تكادُ تتشقَّقُ جراء كثرة السير،علامات السوطِ إتخذَت موطِناً بجُثثَهُم الهزيلة،حتّى أن أفواههُم إشتاقَت لمذاق كسرة الخُبز.

"لقد وصلنا.."صرَّح الحارِس الأمامى موقِفاً جوادهِ،ثُم نزلَ مِن فوقهِ جاذِبا إيّاه خلفهِ،مِمَّ جعلهُم يُعاوِدوا السير كقطيعٍ مِن البقَر.

"كَم أوَدُّ أن يدهسُك جوادُك أسفَل حدوتهِ يا لعين.."تمتمَ هارى بخفوتٍ لكِنّهُ كان كافِياً كىّ يسمعهُ الحارِس الخلفى،جاعِلاً مِنهُ ينزِل بسواطهِ فوق جسد هارى ليصرُخ بألمٍ.

"صمتاً يا وقِح!"صاح مُعاوِداً ضربِه،ليحتلّ شون الذِعر عِندما سقطَ هارى أرضاً،مُتأوِّهاً بخفوتٍ جراء الألَم.

"إنهَض واللعنة!"صاح الحارِس مِن جديدٍ بغضبٍ نازِلاً مِن فوق جوادهِ ليزدرِد شون لِعاب حلقهِ الجاف بتوتُّر،ثُم شهقَ بخفوتٍ عِندما وجدَ الحارِس يجذِب هارى مِن خُصلاتهِ الطويلة جاعُلاً مِنهُ يستقيم.

"إن سمعتُك تهمِس،سيكون عقابُكَ جحيماً.."هدّدهُ الحارِس مُشدِدّاً قبضتهُ فوق شعرهِ،جاعِلاً مِن هارى يومئ بإرهاقٍ.

"أين رحلَ صوتُك البغيض!"صاح بهِ وهو يكاد ينزَع خُصلاتهِ مِن جذورِها،ليقضِم هارى على شفتهِ السُفليّة بألمٍ،قبل أن يُجيب بصوتٍ خافِت:

"أجل،سيّدى.."تركَ الحارِس خُصلاتهِ بقسوة،قبل أن يُعاوِد إمتطاء جوادهِ.

"هارى،لا تضعَف أرجوك،هُم يسعدون برؤيتُنا ضُعفاء.."توسّلهُ شون مِن خلفهِ بإرتجافٍ،جاعِلاً مِن هارى يتنفَّس الصعداء مانِعاً دموع القهر التى كادَت تهوى أرضاً.

"هيّا!"صاح الحارِس الأمامى مُتوقِّفاً أمام أحد الحقول المُجاوِرة لنهر سانت لورانس،ثُم فكَّ وِثاق جوادهِ بعيداً عن البقيّة،ليفعَل الحارِس الخلفى مِثلهُ.

جذبهُم مِن السِلسال جِهة الحقل بقوّة ليُحاوِلوا مُسايرتهِ مِن مشيتهِ،فهو لديهِ الطاقة الكافية ليتحرّك عكسهُم تماماً.

"إن تخاذلَ أحدكُم بالعمَل،سأجعلهُ يكرَه بقاء روحهِ بجسدهِ.."حذّرهُم بنبرةٍ حادّة ريثما يحلّ وِثاق السلسال الضخم الذى يربُط بينهُم جميعاً،ويُبقى قيد أقدامهُم و أيديهم فحسب.

ألقى بعض المجارِف أمامهُم ثُم أخرج سوطهِ الحاد،مُستمتِعاً بكونهِ سيُنزِل السواط فوق جسدِ أى أحدٍ قد يُملى عليهِ عقلهِ أن يُعذِّبه.

إنحنى الجميع مُلتقطين المجارِف بأيديهُم المُكبّلة،ليبدوأ بالسير برويّةٍ بجهاتٍ مٰتفرِّقة،ويبدأوا بالعملِ الشاق كالعادة.

"ماذا تنتظِر!"صاح الحارِس كالعادة بصوتهِ الغليظ مُنزُلاً صوتهِ فوق جسد أحد الرِجال التى تعمَل،جاعِلاً مِنهُ ينظُر لهُ بحقدٍ،قبل أن يصيح بشجاعةٍ أذهلَت الجميع و أخافتهُم:

"فلتذهَب للجحيم السابِعة!"شعرَ الحارِس بغيظهِ ينمو أكثَر و يكاد ينفجِر،ليلتقِط المجرفةِ مِن بين يدىّ الشاب،وبسُرعةْ أنزلها فوق رأسهِ بضربةٍ جعلتهُ يهوى أرضاً،ويبدأ رأسهُ بالنزيف.

"أترفَع صوتُك علىّ أيُّها المسخ!"صاح الحارِس بغضبٍ مُعاوُداً ضرب الفتى بالمجرفةِ بقوّة،حتّى بدأت الدِماء تتدفَّق مِن رأسهِ بغزارةٍ،وفقد روحهِ دون شفقةٍ.

هوَت دموع شون و هارى كالبقيّةِ خوفاً و شفقةً على الشاب الصغير،الذى لَم يلبَث حتّى تَم جذب جُثّتهِ و إلقاءُها بعيداً عن الأنظار،وكأنّ روحهِ رخيصةٌ لتِلك الدرجة.

"مَن يتعدّى حدودهِ سيُلاحِقهُ،أفهِمتُهم!"صاح بغضبٍ مُلقياً بالمجرفةِ بعيداً،ليُتمتِم الجميع بـ 'أجل سيّدى'،قبل أن يُعاوِدوا العمل.

ساعاتٌ إنقضَت،حتّى حلّ الليّلُ على المدينةِ و أصبحا الحارِسان يتثائبان بكللٍ و نُعاس بعد ساعاتٍ قضوها بمُراقبتهُم و ضربهُم السوط،غير آبِهين لهؤلاء الذين على وشكِ فُقدان الوعى بأىّ لحظة.

"هيّا!،للنوم.."صاح الحارِس فجأة مُخرِجاً سوطهِ حتّى يحظى ببعض المُتعة،ليترُكوا المجارِف،قبل أن يبدأو بالسيرِ جِهة الحظيرة بإشارة مِن الحارِس.

"هيّا!"صاح بغضبٍ مُنزِلاً السوط فوق جسدٍ عشوائي كونهُم يسيرون برويّةٍ جراء الإرهاق،مِمَّ جعلَ الفتى يسقُط فاقِداً الوعى،و يهوى بجسدهِ فوق شون الذى سقطَ جاذِباً جسد البقيّة برفقتهِ دون قصدٍ.

"يا قِطع القذارة!"صاح ضارِباً السوط فوق أجسادهُم غير عالِماً على أىّ جسدٍ تهوى ضربتهِ،لينتفِضوا جميعاً مُحاوِلين النهوض،فبدون شيئٍ أجسادهُم تؤلِمهُم،ليُزيد هو الأمر سوءاً.

نهضوا جميعاً بعد مشقّة،جاذبين ذلِك الفتى الذى فقد الوعى برفقتهُم جِهة الحظيرة التى ستكون مقبعهُم و مكان نومهُم لفترةٍ حتّى يرحلوا.

فتحَ الحارِس الباب البالى خاصّة الحظيرة،ليبدأ بدفعهِم بأكبالهم واحِداً تِلو الآخر،قبل أن يُعاوِد غلق الباب مِن جديد،تارِكاً إيّاهُم بين الظِلمةِ القاحلةِ و الرائحةِ العفِنة،والأرض الصلبة التى سيتخِذوا مِنها مكاناً للنوم.

وضعوا الفتى برويّةٍ فوق الأرض،قبل أن يتخِذ كُل واحدٍ مِنهُم بُقعةٍ لهُ فوق الأرضيّةِ إستعداداً للنوم بعد يومٍ مُهلك.

حياتهُم شاقّة منذُ سنواتٍ.

أنزلَ هارى جسدهُ برويّةٍ ليستنِد على الحائِط مُتأوِّهاً بخِفّة مِن الألم،ليتخِذ شون مجلِساً بجانبهِ،قبل أن يُرسى رأسهُ كتِف هارى مُغلِقاً عينيهِ بإرهاقٍ.

"أتمنّى التخلُّص مِن كُل ذلِك.."همسَ شون بضعفٍ مُتنهِّداً،ليتنهَّد هارى برفقتهِ مُزدرِداً لُعابهِ.

"جميعنا نودُّ لو أصبحنا أحراراً مِن جديد.."علَّق هارى بخفوتٍ على حديثهُ،قبل أن يُغلِق عينيهِ مُستنِداً فوق الحائِط خلفهُ.

تشبَّث شون بذراعِ هارى،قبل تهوى دمعتهِ التى تُعبِّر عن شعورهِ بالقهرِ و الذُلِّ قائِلاً:

"لكِنَّا لسنا سوى عبيد.."
-
هتشتمونى طبعاً و تقولولى انها بداية زفت على دماغى عشان النكد دة😂 بس بصوا للجانِب الإيجابى؟ شون و هارى مع بعض ف قصّة واحدة😂😂
المُهم الفصل حلو ولا اية؟ اكمل يعني؟
الرواية دى الاخيرة اة،بس مش الاخيرة خالص،الاخيرة السنة دى بس
مُجرد انى اخلص ثانوية عامة هرجع تانى ان شاء الله
هكمِّل تحديث فى دعوة زرقاء معاها،كدة كدة دعوة زرقاء مش كبيرة يعنى
بحبكوا❤️

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top