البارت السادس

هو لم يبالي بما فعل إنما اتخذ لنفسه مقعدا على الطاولة و سحب صحنا و بدأ يلتهم الطعام بهنم و شراهة، مما جعل تعابير التقزز ترتسم على وجه روز، لكنها تحتاج الطاقة إن أرادت الفرار، لدى عليها أن تأكل جيدا.

انتهت روز من تناول الطعام و أرادت أن تنهض لكن استوقفها ذو العينين الفضيتين بكلامه:

لقد رأيته صحيح...؟

استغربت روز قليل فهي لم تفهم عما يتحدث، لكن سرعان ما تبادر إلى ذهنها ذلك الرجل الذي التقته في الغابة، لتردف قائلة:

أتقصد الرجل الغريب في الغابة...؟

كان ما يزال يتناول طعامه، ليرد بلامبالات أو اهتمام:

بل السيف...إنه...

لم يكمل كلامه لأنه رفع رأسه فجأة و اتسعت عينيه و بدت ملامح الغضب جلية عليه، ليصرخ قائلا:

أي رجل...؟كيف يجرؤ بشري ضعيف على اقتحام غابتي...؟

ارتبكت روز قليلا، فيبدوا أنها أخطأت بإخباره عنه خاصة و أنه فر هاربا عندما علم بعودته، فحاولت تغيير الموضوع قائلة:

ماذا تقصد ببشري ضعيف...؟ ليس و كأنك وحش...

قالت جملتها الأخيرة بنوع من السخرية، ليحدق فيها بعينيه الفضيتين الضيقتين و هو يرد بصراحة تامة و باختصار:

بلى أنا وحش متحول...

اتسعت عيني روز بدهشة و بدأت تسعل لأن الطعام لم يجد له ممرا في حلقها، لم يبالي هو بذلك إنما عاد إلى الموضوع الأساسي و الذي هو السيف، ليردف قائلا:

إذن هل تعلمين شيء عن السيف...؟

شربت روز بعض الماء لتبتلع ريقها بصعوبة و تحاول تنظيم تنفسها، لترد ببلاهة بعد أن استوعبت سؤاله:

أي سيف...؟

رد هو باستغراب متبادل، قائلا:

متأكد أنني أرسلت لك رؤى حول مكانه...

فجأة تذكرت كل تلك الأماكن و الأشياء الغريبة التي كانت تشاهدها، إضافة إلى ذلك السيف.. السيف صاحب الهالة المخيفة، لتردف أخيرا :

ذلك السيف الذي ينذر بالشؤم من مجرد هالته...

عبس ذو العينين الفضيتين بانزعاج لينبس من بين أسنانه التي صك عليها مسبقا:

هذا سيف الظلام خاصتي الذي تتحدثين عنه...

ثم أكمل بفخر و هو يرفع رأسه لأعلى و يمسك قبضته نحو صدره قائلا بغرور:

و هو أقوى سيف في العلم... و ليس أي ضعيف يحمله... بل يختار سيده شرط أن يكون قويا...

لم ترد عليه روز إنما اكتفت بالهمس الخافت لنفسها قائلة كلمة واحدة:

مغرور...

ثم عادت لتغرق في تفكيرها، فإذا ما ساعدته، أيعقل أن يعيدها من حيث أتت..؟ أم أسيتخلص منها..؟ انغمست في التفكير و هي تتناول ما بصحنها ببطء و شرود، و قد لاحظ ذلك المتحول الأمر، بيد أنه لم يأبه كثيرا للموضوع.

على أي، طلب من روز أن تستعد من أجل رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر، و في أثناء ذلك تذكرت روز أن حقيبتها كانت معها ليلة أمس، إلا أنها لم تنتبه لها في البداية، و قد كانت الحقيبة تحتوي هاتفها و المسدس الذي أخذته من غرفة والدها، إضافة إلى علبة الإسعافات الأولية الصغيرة التي وزعت عليهم في أثناء توزيع المهام على فرق التخييم لحالات الطوارئ، و غيرها من الأشياء التي تتسع في حقيبة ظهر متوسطة الحجم..

بأية حال، أخذت روز ما قد تحتاجه، أما ذا العينين الفضيتين اقتصر على سيف وضعه بجانب خصره، و هما يقفان عند مدخل الكوخ، طرح هو سؤالا موجها مباشة إلى روز:

إذن ما أول شيء شاهدته في الرؤية...؟ أعني ما مواصفات المكان أو شيء قد يفيدنا لمعرفة الوجهة...؟

أغمضت روز عينيها لتركز على تلك الرؤية، فإذا بها تتردد أمامها بشكل صور متقطعة، و قد أصابها الصداع إثر ذلك، لتفتح عينيها فجأة بعدما كان آخر ما شاهدته هو طائر العنقاء الملتهب يتجه نحوها بسرعة و هو يصدر صياحا يصم الأذن.

نظر إليها و هي تحدق نحو الغابة بفزع، ليردف بكل اختصار مستفسرا عن نتيجة ما آلت إليه بعد التركيز لدقائق معدودة:

إذن...؟

رفعت رأسها نحوه نظرا إلى أنه أطول منها بكثير، لتردف بعد طول تفكير:

لقد كان هناك مخلوق.. لا بل مخلوقات خضراء مخيفة و هائلة الحجم... و أظنها في قرية محاطة بسياج من الأشجار الضخمة...

لم تكد تنهي روز جملتها حتى تدخل هو بسرعة قائلا و هو يسير أمامها:

قرية الأشيب العملاق...

استغربت روز من هذا الإسم لكنها لم تأبه كثيرا فليس من عادتها الفضول، كما أن ما صادفها من غرائب حتى الآن جعلها أقل تفاجؤ، لكن الحقيقة أنها لم ترى شيئا بعد، فالمغامرة ما تزال بأوجها الأول و للقصة بقية.

انطلقوا نحو طريق جانبية بعد أن خرجوا من الغابة، كان هو يسير بكل ثقة و عزم كأنما يعرف الطريق الصحيح، بينما تتبعه روز في صمت و ترقب نظرا إلى أنها لا تثق به، بل لا تعلم حتى اسمه أو من يكون، عدى أنه وحش متحول كما كان يدعي أثناء تناولهم الإفطار.




Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top