الفصل الخامس و الأخير
تشابكت خيوط لعبتهما حول ضحيتهم الجاهلة لكل ما يحدث حولها ! متناسين تماماً أن أوهن المنازل التي بُنيت بمر التاريخ هي تلك الشِباك الواهية للعنكبوت ، و التي تُدمر فقط من نسمة هواء ربيعية أو لمسة غير مقصودة .
فتح عيناه بتعب شديد وهو يلتفت حوله بهدوء ، وقبل أن تعمل حواسه بشكل جيد هو إشتم رائحة خفيفة من عِطر كريس المفضل مما دفع بقية حواسه للعمل بسرعة بينما نبضات قلبه إزدادت سرعتها ، هذا مخيف و مؤلم ، هو وبالرغم من أنه فتح عيناه لم يرى سوى الظلام ليدرك متأخراً أن عيناه تم إغلاقهما بقطعة قماش بالية !
ثوانٍ إضافية وأدرك أن قدميه و يديه مقيدتان كذلك بسلاسل فولاذية تؤلمه ، و لسبب ما هو يشعر بأن طاقته تُسلب منه وكأنه على وشك النوم مرة أخرى .
نطق بهمس مؤلم :" أخي كريس هل أنت هنا ؟ "
لم يستمع لأي رد لكنه لازال واثقاً بأن أخاه كان هُنا أو مازال كذلك للآن ، إذاً لماذا لا يجيبه ؟
شعر بخطوات تغادر المكان بهدوء ليهتف مرة أخرى بيأس و لهفة :" كريس "
توقف صوت الخطوات لثوان قبل أن تعود للحركة ليخفض الفتى رأسه بخوف ، هو لا يدرك ما يحدث هنا ولا يعرف سوى أن كريس أراد منه أن يأتي لهذا المكان ، لكن لماذا ؟ ما الهدف من ذلك ؟ و لما تحدثت معه والدة كريس بكل هذه القسوة ؟ و صفعته أيضاً ؟
هل تأذت إيف بشدة بسببه ؟ لكنها كانت تتحدث و بدت بخير بالنسبة له !
عض على دواخل شفتيه بقلق شديد ، هو خائف و بشدة ، لا يعلم ماذا يحدث أو ما سيحدث له حتى ، و لا يعرف أي إنسان بالعالم بأسره سوى كريس الذي لا يعلم إن كان هو من أراد أن يوضع بمكان كهذا ، لكن لماذا أطلقوا عليه لقب القاتل ؟ هو لم يؤذي أي أحد بحياته كلها أو على الأقل ما يذكره منها .
أغمض عينيه و قد قرر أن العودة للنوم هي أفضل وسيلة لينسى كل ما حدث معه قليلاً ، على الأقل حتى عودة الشخص الذي يمده بالأمان .
فهو وللآن واثق بأنه سيعود لأجله وربما هو فقط يعاقبه لإنه خالف أحد أوامره .
*****
صعد على تنينه الضخم ذو الجلد الخشن باللون البرتقالي الفاقع ليجعله يحلق عالياً بغية الوصول لمنزل كريس ، فإن ساعده كريس بالبحث سيصبح الأمر أكثر سهولة على كلاهما !
لاسيما أنه الأمير وولي العهد و لديه مئات الأعمال و لا يمكنه الإعلان عن وجود ليو بهذه المملكة مهما حدث .
لم يكد يصل لوجهته حتى عثر على تنين اصغر حجماً يحلق بجواره ليطل عليه مستشاره المزعج و الذي نطق :" سيدي الأمير هناك مشكلة "
نظر له بإنتظار أن يتابع ما لديه من حديث لردف الآخر بهدوء :" مُستشار الحاكم يطالبك بالذهاب و التحري عن حريق ما وقع بمصنع للألعاب بسبب ساحر فقد قدرته على السيطرة ! "
قطب حاجباه بضيق وهو ينطق :" أهذا هو دوري كأمير حقاً ؟ ما علاقتي بهذا ؟ "
حدق مستشاره ذو العينان الزرقاوتين به بهدوء وهو ينطق بملل :" وهل تحليقك بالتنين هو عملك ؟ و من ثم أنت من حددت لذلك الرجل بأنه عامل ! إذاً إخفاقه بسبب قوته يعد خطأك "
تململ وهو يغير مساره بعدم إرتياح ، لا يعلم لماذا لكن هناك شعور يخبره بأن هذا العمل فقط مجرد تشتيت له و لسبب مجهول من قِبل تلك الأفعى التي تدعي أنها مستشار و الده الطيب .
*****
نظر لهم بضجر وهو ينطق للمرة المئة :" علي الذهاب أُمي فقد تركته بمفرده ! "
تحدثت شقيقته التي تصغره بعام :" كريس ذلك الفتى سرق أبي منا ! و الآن هو يأخذك أنت ! أنا أفهم وجهة نظرك و لا اكرهه أقسم لك لكن يحق لنا رؤيتك يا أخي "
إبتسمت الوالدة بشيء من الهدوء عندما رأت ملامح الخضوع على وجه صغيرها ، فشقيقته لا تعلم أي شيء عما حدث و يحدث و لكنها ساعدتها دون أن تعلم حتى !
نطق كريس بإستياء :" هو لم يسرق أبي ! لقد كان الأمر مجرد حادث فظيع ، لا افهم كيف يلومه الجميع على ذلك ! والداه لهما فضل كبير على كل من يعيش بلوثير ! و بالرغم من هذا تعاملون إبنهما هكذا ! "
صمت قليلاً ليردف :" فقط حتى صباح الغد ولن يثنيني عن العودة له أي شيء مفهوم ؟ "
تعلقت شقيقته بعنقه فلا بأس بيوم واحد على الأقل لتقضيه معه ، ولكن بالطبع هذا لم يكن ليرضي إيف أو الوالدة ! .
حدق كريس بإيف التي كانت متمركزة على الطاولة أمامه لينطق بسخرية :" هل تمت إعادة صيانتك ؟ "
أجابته بسخرية و شيء من الغرور :" هذا يحدث كل فترة عزيزي علي الحفاظ على جمالي "
هو كاد أن يجيبها وبكل سخرية بأنها محض قُبعة عادية فما هو الجمال الذي تتحدث عنه ؟ لكنه آثر الصمت مستذكراً بنفسه أن هُنالك روح فتاة شابة تعيش بها و هذا سيجرحها أكثر .
حرك كتفيه بلا مُبالاة بينما وضعت والدته بعض الطعام أمامه وهي تتحدث بإبتسامة خافتة :" تناول الطعام الذي أعددته لك ! هي وجبتك المُفضلة "
أومئ لها إيجاباً و عيناه تجوبان المكان بإستياء يلازمه ، هو يشعر بالإختناق بكل ثانية تمر لكنه حاول تناسي ذلك و قد بدأ بتناول طعامه حتى يبعد كل تلك الأفكار السلبية التي أحاطته ، و شغل نفسه بالحديث مع أمه و شقيقته و أحياناً كانت تشاركهم إيف الحديث بإستمتاع غير مدرك لحقيقة أن هنالك من يراقبه بحيرة و ألم و إشتياق !
*****
سالت دموعه الحارقة على وجنتيه المتوردتين بفعل الحرارة التي يشعر بها جسده ، هو تم إبعاد قطعة القماش عن عينيه بعد أن تم تقييده بمنتصف الزنزانة البيضاء بحيث لا تلامس قدماه الأرض ، وأمامه شاشة ضخمة تعرض تلك الجلسة الأسرية السعيدة .
هو لم يعلم من وضع الشاشة بالمكان لإنه للآن لم يشاهد أي أحد ، لكن لماذا كريس غير مهتم به ؟ أهذا كابوس ما ؟ صرخ بأقصى ما لديه من صوت بإسم ' كريس ' عله يوصل صوته المحمل بالألم و الخيبة الممزوجة بالإشتياق و اللهفة له .
صمت وقد ظهر الهلع على ملامح وجهه عندما إختفت الشاشة من مكانها وظهر صوت ساخر و قاسٍ :" و تظن أنه سيلبي ندائك وهو من أوقع بك ؟"
إلتفت يبحث عن الصوت ليظهر أخيراً له حارس الزنزانة والذي نظر له بحقد ممزوج بسخرية وهو ينطق :" أتظن أن كريس يسامحك على قتلك لوالده ؟! "
إتسعت عينا ليوناردو بشدة بينما يكمل ذلك الرجل بكل برود غير آبه بقلب الصغير الذي يوشك على الإنفجار :" هل رأيت تلك العائلة السعيدة ؟ أنت السبب بجعلهم يفقدون عضواً مهماً بها ! و ليست الأسرة الوحيدة التي فقدت من تحب بفضلك "
هو حدق به بخوف بينما يُكمل وهو يمسكه من شعره بقوة :" و أسرتي فقدت أيضاً عضواً مهماً بسببك يا حُثالة "
إنتفض من مكانه بسبب نبرة صوته المُرتفعة لاسيما بآخر كلمة تفوه بها و ألم فهو يكاد يقتلع شعره من مكانه حرفياً .
نطق الفتى بصوت مرتجف :" لكن أنا لم .. "
صمت بسبب الصفعة التي تلقاها ليتورم خده الأيمن فهي المرة الثالثة لليوم و هذا الحارس صفعته و ببساطة كادت تُحطم له أسنانه بالكامل .
عيناه أغرورقتا بدموعه و حنجرته إختنقت بصرخو مكبوتة كاد يُفلتها ، صرخ به مُعذبه :" لا تهمس بأي حرف ! لا يحق لقاتل مثلك الحديث "
أومئ إيجاباً برعب ليضع الرجل يده على رأسه قاصداً بذلك إعادة له ذكريات من ماضٍ بعيد لم يكن من المنطق حتى أن يذكره .
ليو رآى نفسه كطفل بالثالثة من العُمر يلهو بين يدي و الدته و التي كانت تنظر له بحنان شديد بينما تداعبه ، وعلى خلاف لون عيناه و شعره الداكن فهي إمتلكت شعر باللون الثلجي و عينان بحريتان واسعتان ، مد يديه الصغيرة بالهواء عندما لمح والده المشابه له بالملامح والذي ضحك فور رؤية صغيره ليحمله و يرفعه لأعلى بكل سرور و الصغير يعبث بين يديه بإطمئنان شديد .
صدرت شهقة متألمة منه ، هو لم يرهما بحياته كاملة ! تبعثرت مشاعره بتلك الثانية و ما عاد يشعر بالخوف و كأن إحياء ذكرى و الديه بعقله أعاد له جزء من الطمأنينة المفقودة ، لكن الأمر لم يدم طويلاً إذ بدأت ذكرى أخرى بالتسلل لعقله بحيث شاهد كِلا والديه مُحملين بتوابيت بعد أن وقع حادث قضيا نحبهما به .
شعر بغصة ما بأعماقه فهو لم يتعرف عليهما يوماً ، و بالرغم من هذا آلمه رؤيتهما ساكنان بلا حراك بجسد شاحب اللون .
لكن هذه الذكرى ما كانت إلا ممهد للمأساة التي حدثت بعدها .
****
ضرب آكيرا على الطاولة أمامه وهو ينطق :" هو كان طفل بالخامسة ! أنتم السبب فيما حدث له ! "
حدق المستشار و الحاكم به لينطق الأخير بهدوء محاولاً إمتصاث غضب طفله :" أعلم ذلك جيداً آكيرا ، لكن ما باليد حيلة ! لم يكن أحدهم ليتمكن فقط من السيطرة على قواه بعد وفاة والده "
كز على أسنانه بحنق ، فتلك القوة لطالما كانت رمز لأمان و قوة الأسرة الحاكمة للوثير و لكنها إنقلبت لمأساة حقيقية قبل أعوام ، و مع هذا هو لم يستيلم بل أجابه ببرود :" و لكن كما تعلم يا أبي العزيز هو كان مجرد طفل ! ما الصعب بالسيطرة عليه ؟ عندما يغضب أحضر له بعض الحلوى فيصمت ! لكن لا أنتم كان لكم رأي آخر وعندما وقعت المآساة وضعتم الحق عليه و جعلتم يديه ملوثة بدماء هو بريء منها ! سأخبرك بالحقيقة التي يخشى الجميع مواجهة أنفسها بها .. "
صمت لثوان قبل أن يكمل بنبرة أكثر برودة :" أنتم السبب بما حدث لذلك الفتى ! أنت يا أبي و مستشارك و كل الحرس الذين تناوبوا عليه القاتلين الحقيقين ! لا هو أنتم من أجبره على إستخدام قواه "
ضيق الحاكم عيناه وهو ينطق بشك :" لم تفتح هذا النقاش الآن ؟! أيعقل أن ليو .."
لم يسمح له بأن يكمل كلماته حتى بل نطق وهو يغادر :" فقط اليوم هي ذكرى وفاة عمي و وزجته ! أبي قبل أن تذهب كعادتك لزيارته تأكد من الإعتذار له تماماً كما عليك الوثوق بما أنه لو كان على قيد الحياة لقام بضربك و نظر لك بإستياء و خيبة أمل شديدة وهو يرفض إعتذارك ويغادر ببرود "
ألقى بكلماته التي تركت أثراً عميقاً بقلب والده و غادر وهو غاضب ، لم يستطع العثور على ليو بأي مكان والأسوء أنه للتو إستلم جدول أعمال ستشغله عن البحث عنه لأسبوع كامل وهذا لا يعجبه ، لديه شعور طفيف بأن تلك الأفعى لها يد بإختفاء ليوناردو و بالأعمال التي وجهت له .
*****
جسده كان يرتجف بشدة وكأنه ورقة لا حول لها و لا قوة تم نزعها من غصنها الأُم لتتطاير مع الهواء بلا إرادة !
شعور خانق أحاطه من كل الجهات ، و رغبة بالموت هي ما إستوطنت كيانه بعد رآى ما لم يكن عليه رؤيته ، دموعه لم تتوقف للحظة و لكن ماذا عساها تفعل ؟ هي لن تكون قادرة على تطهيره من ذلك الإثم الذي إقترفته يداه أبداً .
فهو علم الآن سبب عدم سماح كريس له بمغادرة الكوخ ، تماماً كما أيقن من هو القاتل الفظيع الذي تسبب بتدمير ذلك الجزء من الغابة ، ببساطة لم يكن أحد آخر سواه !
هو و كحال وريث الأسرة الحاكمة بلوثير إمتلك قوة كبيرة ، حيث أنه ومنذ الأزل تجري بعروق وريث الأسرة قوة هائلة و مدمرة كانت تُعد نعمة للمملكة السحرية و أمان يحميها من كل شر .
و بكل حال أصبح المعروف أن الملك و يجب أن يكون له إبنان من الذكور ، و أحدهما سيمتلك تلك القوة الهائلة بينما الآخر سيصبح حارساً وحامياً لشقيقه ، لم تكن القوة محصورة بالطفل الأكبر فقط فأحياناً كان الأصغر هو من يولد بها ، لكن لم يحدث قط أن ورثتها فتاة ما ، أو شقيقان بنفس الوقت .
وبعصر الملك السابق كان إبنه البكر و الأمير الأول هو من إمتلكها ، وقبل أن يولد أي إبن آخر له أو يكبر طفله هو فارق الحياة تاركاً الصغير خلفه بقوة كبيرة للغاية دون شخص قادر على السيطرة عليها .
شكل هذا رُعب للشعب لاسيما بعد تلك الشائعات التي تحدثت أنه إن أغضبه أحد قد يحرقه أو يموت بطرق فظيعة ، مرت عدة شهور و إستلم شقيق الملك الراحل الحُكم ، هو بذل ما بوسعه لتبديل رأي شعبه بلا فائدة فالإشاعات كانت تننشر بسرعة لتغرق المملكة بصراع داخلي بين من أطلق على الصغير لقب الطفل الوحش و بين من رفض تلك المسميات القاسية بحقه .
و لختم الصراع قرر الحاكم بمساعدة مستشاره أن يحبس الطفل بغرفة كان يفترض أن توفر له كل إحتياجاته و يتناوب بعض الحرس للتأكد من أن كل شيء بخير .
مضى عامان و أهمل بهما الحاكم بسبب إنشغاله التأكد من أن إبن أخيه بخير و لا ينقصه شيء ليستغل البعض ذلك و يبدؤوا بالتخلي عن واجبهم مُظهرين حقيقتهم المعارضة لوجود خطر يهدد مملكتهم .
تغيرت معاملتهم للطفل ذي الخمسة أعوام من عمره و إزدادت قسوة حتى تمرد بعضهم و أصبح ضربه عادة لهم !
لكن و تمهيد لتلك المأساة دخل أحدهم كعادته لتلك الغرفة لضربه إلا أن الصغير كان قد إكتفى من الألم لتنطلق جزء بسيط من طاقته و تسبب بحروق شديدة لمن أمامه .
إنتشر الخبر كسرعة إشتعال النيران بأرجاء المملكة و بصورة خاطئة عن أن الطفل آذى أحد الحرس أثناء تقديمه للطعام له ، و بهذا عادت مخاوف الشعب التي طالبت بقتله فوراً ، كما عاد الإنقسام بينهم فجزء منهم رفض تحمل دماء طفل صغير .
و من بين الصنف الثاني كان والد كريس سيد أسرة إيفريا ، حيث رغب بأن يثبت للجميع بأنه مجرد صغير و كل ما يجدر بهم فعله هو إشعاره بالأمان و اللطف .
لكن بإحدى الليالي التي فاحت بها رائحة الموت و الدماء كان الصغير يجلس بزاوية ما بالغرفة وهو يبكي من الجوع و الألم عندما دخل عليه شقيق الحارس وبيده عصاً خشبية بينما ينطق بكل شر :" ستدفع ثمن ما فعلته بأخي أيها الوغد "
هو أنهى عبارته تزامناً مع سقوط العصى على جسده بكل قسوة ، بعدها بفترة نطق بصوته المثير للإشمئزاز :" هذا لا شيء ، سأعود خلال دقائق بشيء سيؤلمك أكثر "
هو غادر بينما الصغير متكور على نفسه من الألم ، ولو أنه إنسان فقط لكان قد رحل عن العالم بذلك الوقت ، دموعه كانت قد جفت حقاً و عيناه تحدق بالفراغ بينما يشعر بالدماء تتدفق للخارج .
شعر برعب فظيع عندما فُتح الباب لغرفته و حينها فقط وقعت المآساة ، قوته تم تحريرها بالكامل وهي تسببت بدمار القصر بالكامل و قتل معظم ساكنيه من خدم و حرس والأهم بالنسبة لليو حالياً و الد كريس !
ذلك الرجل الذي أراد إنقاذه هو دخل للغرفة ليراه و إنتهى به المطاف مدفوناً تحت الركام .
لم يمضِ الكثير من الوقت حتى تم نقله لذات الزنزانة التي هو بها الآن لتمتص طاقته بينما يقرر من بالخارج مصيره بعد أن تعالت الأصوات التي تطالب بقتله برعب غير آبهين بأنه طفل تم إضطهاد كامل حقوقه وتعذيبه .
و لكن و بعد يومين من حبسه هو إختفى بطريقة غامضة و لم يُسمع عنه أي شيء ، وما كان خلف ذلك سوى كريس !
- بعد ثلاثة أيام -
أطلق أنين خافت بفعل الألم الذي إنتشر بجسده ، خلال تلك الأيام الثلاث هو إكتشف ما معنى كلمة تعذيب التي كان يجهلها ، و التي كان قلقاً على كريس من تجربتها !
دمعت عيناه بينما يفكر بأن من ظنه أخاه هو من ألقاه لهذا المكان لكن أيحق له الإعتراض ؟ هو سلبه والده لذا يحق له الإنتقام بالطريقة التي يرغب بها !
مع أنها اكثر الطرق إيلاماً ، أن يجعل من نفسه كل شيء له و فجأة يختفي ويخونه .
إنهمرت دموعه من عيناه المنتفخة أساساً وهو يهمس لنفسه :" لا يحق لي إعتباره خائن ! لا يحق لي أي شيء بعد الآن "
هو ما كان لينسى الضرب و الإهانة التي تعرض لها بالأيام المُنصرمة ولكنه تحملها بصدر رحب مُعطياً للجميع عذر حتى لا يتسبب بمآساة أخرى و يتحمل دماء أناس آخرين .
رفع رأسه قليلاً عندما شاهد أحدهم يقف أمامه ليبتلع رمقه بتوتر فهذا الرجل وعده بالأمس بأنه سيذيقه ألماً لم يشعر به قط !
وحقاً هذا ما فعله عندما أنزل بالسوط الشائك على جسده بكل قوة ليعلو صوت صراخه محطماً هدوء المكان الذي تم إخلائه تحسباً لأي طارئ .
شعر بروحه تغادر جسده بينما يغمض عيناه بقوة و كأن هذا سيخفف الألم عنه ، هو رغب بالصراخ والنداء على شخص ما لإنقاذه وكم آلمته فكرة أن لا أحد يهتم !
كريس هو من أوصله لهنا وهو الوحيد الذي يعرفه إذاً بمن عليه الإستعانة لإنقاذه ؟ همس لنفسه بوسط دموعه و صراخه بأنه عليه التحمل للنهاية ليكفر عما فعله بهم .
لم يمضي الكثير حتى سقط فاقداً للوعي و بداخله أمنية مفادها أن لا يصحوا بعد هذا مُطلقاً إلا إن كان كابوس مزعج .
****
جلس آكير وهو يعبث بخصل شعر النائم السوداء بإستياء وهو ينطق :" كيف تُصاب بحمى شديدة السوء كهذه كريس ؟ أنا بحاجة إليك ، ليو مفقود و أنت راقد بالفراش دون أن تصحوا حتى ، ماذا علي أن أفعل ؟ "
صمت قليلاً قبل أن ينطق بهمس شديد :" أقسم بأن كل ما يحدث مدبر ! هنالك من علم بوجوده ، و الأسوء أنه قد يكون بين أيديهم الآن ! كريس لقد ربيته ليكون طفلاً ساذجاً و لا يعلم أي شيء عن الحياة القاسية ! "
قبض على يده بقوة وهو يكمل :" وهل تعلم ماذا سيحدث له إن إكتشف ظُلم الحياة فجأة ؟ هذا مريع للغاية ، نحن سنفقده "
بعثر خصل شعره الشقراء وجفنيه تحتضنان دموعه الدافئة التي قلما تظهر لأي ظرف ، لكنه يشعر بيأس شديد ، ماذا لو علم بشأنه بعد فوات الأوان ؟ و حتى لو عاد لهم أسيكون ليو الكفل البريء الذي عرفوه ؟
صحيح أن آكيرا لم يقابله بالسابق مباشرة ، إلا أنه كان يراقبه بإستمرار ، لطالما تشاجر وكريس عليه ، هو يرى أنه من حقه الإعتناء به بما أنه إبن عمه لكن إنقاذ صديقه له كان ميزة أعطته حق رعايته .
****
عيناه اللتين إمتلكتا لون العسل اللذيذ فُتحتا بكل بطئ وعدم رغبة بالحياة , أصدر أنين خافت عندما إستعاد إحساسه بجروح جسده المُلتهبة , جال بعيناه بالزنزانة الفارغة التي إحتضنته خلال الأسبوع المنصرم , ومن ثُم عاد لإغلاقهما بخيبة أمل عندما وجد أن واقعه لم يتغير , أذِنَ أخيراً لدموعه بالإنهمار مرة أخرى وهو يعد بداخله أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يأمل بها أن يصحوا ليكتشف أن كل ما مر به مجرد كابوس حالك الظُلمة !
فأحلامه تبخرت تماماً ما إن تعالى صوت الأبواق بالخارج ومن ثم صوت شخص ما ينادي بصوت مرتفع :" مساء اليوم سيتم إعدام الأمير الأول ليوناردو باردي ذو الخامسة عشرة عاماً "
ومن ثم تعالت صوت الهتافات المؤيدة و السعيدة بذلك غير آبهين بقلب الصغير الذي يستمر بتلقي الطعنات المؤلمة بقلبه النازف أساساً , لكن لما المقاومة ؟ إن كان الجميع سعيداً بأمر إعدامه و بما أن صديق عمره أو أخاه الأكبر كما كان يدعوه هو من أوصله لهنا بإرادته للإنتقام منه على جُرم هو لا يذكر منه شيئاً إذاً لا داعي للمقاومة !
حياته توقفت باللحظة التي تخلى عنه من كان يعني له كل شيء , وما يتمناه الآن فقط هو أن لا تلمحه عيناه مُبتسماً بين الجموع الغفيرة التي ستشهد على رحيله الأبدي من هذا العالم .
إبتسم بإستهزاء لم يكن يوماً قادراً على رسمه بمعالم وجهه البريئة وهو يذكر أن بداية كل هذه الفوضى كانت رحلة بحث عن أخاه الأكبر المفقود .. و قُبعة !!!!
*********
وبمكان آخر بعيد كُل البُعد عن تلك الأحداث تحديداً بغابة مترامية الأطراف , سار ذلك الشاب ذو العشرين من العمر بخطواته الهادئة والواثقة بينما أفرجت شفتاه عن إبتسامة مُستفزة لا تغيب عن وجهه أياً كان الظرف والمكان المتواجد به , بعثر خصل شعره السوداء بشيء من الضيق وهو يذكر أنه غاب عن منزله مدة شهر تقريباً , إلا أنه تنهد براحة شديدة عندما ظهر ذلك الكوخ الصغير على مرمى من نظره ليسرع بخطواته حتى وصل ويفتح الباب بينما يتحدث بغرور :" لقد عدت ! هل إشتقت لي ؟"
أخفى إبتسامته وضاقت عيناه السوداء وهو يحدق بالمنزل الفارغ , نظر حوله ليجد أن الغُبار مُتكدس بالأرجاء , بدأ شعور من القلق يتسلل لأعماقه فبالتأكيد ليس من عادته مغادرة المنزل لمدة طويلة , ومن يعيش معه لا يعرف أي شخص سواه هو , لا منازل قريبة منهما إذاً أين هو ؟ هل شعر باليأس من عودته ؟ أم غادر للبحث عنه وضاع بأرجاء الغابة ؟ وهذا الخيار دب الرعب بأوصاله ليتحرك بخطوات أسرع للبحث عن أي خيط يدله عليه دون أن يدرك بأن الحل معه بالفعل !!
هو وما إن شُفي من الحُمى التي أصابته بشكل مُفاجئ و غريب حتى هرع للعودة للكوخ بحثاً عن ليوناردو دون أن يمتلك أدنى فكرة عن تلك المُعاناة التي إضطر الصغير لتجرعها خلال الأسبوع المنصرم .
*****
بعد أن دوى ذلك الإعلان بأرجاء المملكة الواسعة وصلت أخباره و أخيراً لآكيرا و والده , الأول غادر القصر بنية قتل واضحة بينما الآخر دُهش تماماً من ذلك ! فمُنذ متى إين أخاه بالمملكة ؟ هو ومن البداية كان يعلم أن كريس إصطحبه للخارج !
حدق بأرجاء قاعة العرش لينطق بإستياء :" أتمنى أن لا يتهور آكيرا الآن ! "
بعثر خُصل شعره وهو يستعيد أمنيته السابقة , فهو يريد من أي شخص أن يتهور وينقذ الفتى من الإعدام الوشيك .
****
تم إقتياده لساحة الإعدام بكل هدوء و الحراسة من حوله كانت مشددة للغاية , هو كان يشعر بالرعب الشديد ورغبة عارمة تحثه على محاولة للهرب من أجل نفسه والنجاة , لكن روحه المُحطمة تُجبره على السير فقط ليلقى حتفه و يتخلص من كل هذه الحياة وينتقل لحيث والديه و يطالبهما بتفسير و تعويض عن التخلي عنه .
وقف على المنصة ووجهه شاحب للغاية وهو يبحث بعيناه عن كريس , مُتناسياً أنه وقبل وقت قصير تمنى أن لا يلمحه , إلا أن رعُبه الشديد أجبره على البحث عنه بعيناه التي أصبحت الدموع شيء لا تخلو منه , هو يريد أن يراه ليشعر بالقليل من الإطمئنان , حتى لو نظر له بسخرية لن يهتم , وإن له بحقد وكره أو سعادة فهو فقط سيتمنى الموت ويصبح الأمر أسهل , لكنه يدرك أنه خائف وبحاجة لصدر آمن لإحتضانه وحمايته .
شهق عندما وُضع على وجهه غطاء ما ومن ثم شعر بحبل غليظ يلتف حول عنقه , و بالرغم من أنه لا يرى أي شيء هو أغمض عيناه بقوة شديدة وقلبه يوشك على التوقف من الخوف قبل تنفيذ الحُكم حتى .
بدأ الضجيج يعلو من حوله و فجأة قبل أن يشعر بالحبل يبتعد عن عنقه وشخص ما يحمله بكل خفة وهو يبعد الغطاء المقيت عن وجهه , حدق به الفتى بخوف فهي المرة الأولى التي يراه بها وقد تلاشت أماله بأن يكون منقذه هو ملاذه الآمن و أسرته !
ثوان فقط وسقط فاقداً للوعي فما عاد عقله قادراً على إحتمال المزيد من الإجهاد , بينما حدق آكيرا بهم بعيناه العشبيتان وهو ينطق بسخط :" كيف تقررون فعل ذلك دون العودة لنا ؟! إنه أمير ولا يحق لكم الحُكم عليه دون العودة لنا ! "
أردفَ بنبرة مُرتفعة نسبياً :" كل شخص هنا أقسم أني لن أمرر الأمر على خير "
هو أنهى عبارته ليضع الصغير المحموم على ظهر تنينه برفق و ينطلق نحو القصر الخاص بالأسرة الحاكمة و بهذا تحققت رغبتين سابقتين لليو الذي ما عاد مُهتماً بهما بعد الآن .
*****
حدقتا كريس إتسعتا تماماً وهو يستمع للرسالة الصوتية التي أرسلها آكيرا له , صغيره بلوثير ؟! والأسوء كاد أن يُعدم و تم تعذيبه ؟! الطفل الذي أشرف هو على العناية به و إنقاذه من كل شيء حتى من ماضيه ونفسه .
بالبداية هو لم يتقبل فكرة موت والده بسهولة , حزن وغضب للغاية حاله كبقية الشعب لكن هو و على خلاف البقية عند الغضب أو شك أول ما يفعله هو البحث عن المُسببات وما وجده أثناء بحثه مما فعله الجنود بالحقيقة بالطفل أجبره على إنقاذه لإيصال رسالة والده لهم , هو فقط بحاجة للأمان .
ويوماً بعد يوم زاد تعلقه بالصغير وأصبح يعتبره أهم ما يملكه بحياته , والآن كيف له أن يواجهه وقد خذله تماماً ؟! تنفس بعمق وهو يفكر بأن إصابته بالحُمى ومغادرته الزنزانة ما كانت أحداث طبيعية لذا سيفعل ما يفضله ويحقق بما حدث ليقتل المُسبب أو على الأقل يُحيل حياتهم لجحيم لا يُطاق .
عاد مُسرعاً للوثير بينما إيف غارقة ببحر من أفكارها الخاصة فهي أكثر من تعلم أنه لن يمر وقت طويل حتى يكتشف كريس كل ما فعلوه دون علمه , كما تُدرك أنه سيقلب حياتهم تماماً حتى وإن كانوا أسرته , فهو يرفض أن يتم خداعه , فكيف لو خُدع وتم إيذاء شخص يهتم له أكثر من ذاته ؟!
******
أسبوع جديد مر بعد كل تلك الأحداث , و بقصر الحاكم بمملكة لوثير تربع كريس أمام السرير الضخم وهو يُبعثر خصل النائم بعمق و ملامح وجهه توحي بالحزن , دخل آكيرا للغرفة وهو ينطق بإستياء :" هو لا يتحسن مُطلقاً , ما إن يرى أي أحد يجلس بزاوية الغرفة و ينكمش على نفسه حتى يرحل الدخيل , كما أنه يقضي ليله بالبكاء بألم وأنا عاجز عن التخفيف عنه ! "
هو قالها متقصداً جعل كريس يظهر أمامه , فهو قد أقسم أنه لن يعود للظهور بحياة ليو قبل أن يحضر له الدليل على برائته مما قالوه له , هو لم يكن ليسلمه لأحدهم ويتخلى عنه , و الأهم عليه أن ينتقم لصغيره المُتألم .
نهض من مكانه ليقبله على جبينه وهو يغادر الغرفة و القصر بُخطى ثقيلة , فحياته بالكامل تحولت لرماد متناثر بعد أن كان يعيشها بسعادة وهدوء
جلس بأحد المقاهي بينما يحاول إعادة ترتيب حساباته , لماذا لا يمكنه العثور على دليل واحد ؟! هو يدرك أن والدته مشتركة بالأمر لكن كيف لهم أن يوصلوه لمملكة السحر ؟ بل كيف لهم الوصول لمكان ليو وهو لم يفصح لهم عنه ؟! وقطعاً والدته تنفي علاقتها بأي مما حدث وهو ليس مغفلاً لتصديقها ! .
بتلك اللحظة قررت إيف أن وقت إظهار الحقيقة قد حان , فهي أرادت و مُنذ البداية إنقاذ سيدها فقط و لم تظن ولو لثانية واحدة أن ما سيفعلونه سيدمره هو أولاً , لذا إخباره بما حدث وجعله يخرج كل ما يحتبسه من خيبة أمل و إستياء أفضل بمئات المرات .
وكم كانت دهشته عظيمة وهو يستمع لكل ما حدث , بداية بإتفاق والدته مع المستشار لتسليمه بدلاً من كريس مروراً بخداع إيف له و أخيراً بحادثة الإعدام .
هو نهض من مكانه كإعصار هائج قلب منزله رأساً على عقب , هو أخبر أُمه أنه لن يسمح لها برؤيته بعد الآن وأنه ميت بالنسبة لهم أو لإيفريا بالكامل بينما أخبر إيف بأنه خائب الظن بها فهو لم يتوقع مُطلقاً منها هذه الخيانة , لم يهتم لتوسلات والدته بل أبعدها عنه بالقوة و رحل بعد أن نطق بكل قسوة :" أنتي أم وزوجة فظيعة ! لم تحققي رغبة زوجك الأخيرة أو تحترميها حتى , و بالطبع لم تقدري أن أفعالك أدت لمقتل إبنك من الداخل صحيح ؟! "
لم تجبه ليصرخ بصوت أخافها :" أتعلمين ما هي مشاعري بكل مرة أرى بها تلك الندوب على ظهره ؟! أتمنى أنها بجسدي و أضعاف منها ! أتدركين ماذا يحدث لي بسبب دموعه وخوفه ؟! بحق الإله بأي حق دمرته ! هو كان مجرد طفل جاهل لا يعرف من الحياة أي شيء ! "
إلتفت لها لينطق بكل كره وحنق و بذات نبرته المُرتفعة :" ولكن وبفضلك علم أن الحياة قاسية للغاية و بأفظع الطُرق التي من الممكن أن تحصل لأي أحد ! "
هدأ صوته وهو ينطق بإنكسار غير معهود :" شكراً لكِ أُمي لتحطيمي تماماً وسلبي أغلى ما لدي "
أنهى عباراته ليغادر المنزل بينما إنهارت والدته أرضاً وهي تبكي بحرقة .
أما هو فقد نطق موجهاً كلامه لإيف :" وأنتي ستُضحين بالسحر الذي بداخلك لختم قواه ! هذا هو فقط ما يجعلني أبقيكِ برفقتي عوضاً عن إلقائك للكلاب المشردة لتمزيقك تماماً "
*****
و بالقصر هو جلس بنهاية السرير يضم جسده لنفسه مُغمضاً عينها بإنتظار أن يغادر آكيرا الغرفة , لكن الأخير عزم على جعله يتحدث أو أن يكسب و لو القليل من وده بحيث جلس أمامه و بعثر شعره ليشحب وجهه و يحاول ضم نفسه أكثر .
نطق بإستياء :" أرجوك ليوناردو , سيكون كل شيء بخير يا صغيري أعدك "
تنهد عندما لم يلقى إستجابة من الطفل ليردف بشيء من المكر :" تعلم كريس كان هنا و أنت نائم "
رفع رأسه أخيراً وحدق بعيناه بحثاً عن الحقيقة بهما ليكمل بشيء من الغيظ لإنه إستجاب فقط لأجل كريس :" هو يأتي كل يوم لهنا ! وبكل مرة يقول أنه لن يسمح لك برؤيته حتى يُحضر دليل لك أنه ما كان يعلم بما يحدث معك وأن لا علاقة له بالإمساك بك "
هو نطق بصوت مُرتجف :" أخي كريس لا يكرهني ؟! "
أجابه بحنان :" لا , هو يُحبك حقاً وسيثبت لك ذلك يوماً ما موافق ؟"
أومأ إيجاباً وقد عاد لصمته , هل سيثبت له ذلك أم أنه سيعقد بعض الأمل و من ثُم سيقتل مُجدداً ؟!
رفع نظراته مجدداً لكن بخوف بسبب الضوضاء التي تحدث بالقصر ، أراد آكيرا أن ينهض و يرى ما يحدث لكن يد ليو كانت أسرع إذ منعه من الحراك و تشبث به بكل خوف ، مسح على شعره بخفة وهو يتحدث :" تعال معي و أعدك سأحميك هيا "
هو قالها له بكل لطف يمكنه إظهاره قاصداً بذلك جعله يطمأن لكن لم تكن هناك إجابة منه سوى الرفض !
هو بالكاد يثق الآن بأي أحد منهم فكيف يغادر ليسير بين الجميع بسهولة و كأن لا شيء حدث ، هو طالب آكيرا بالعودة لكوخه بالغابة لكنه رفض دون أن يعطيه أي سبب و هذا يخيفه أكثر منهم .
أغمض عيناه باللحظة التي فُتح بها الباب بقوة دون أن يرى القادم والذي نطق بغضب هادر :" مستشار والدك سأرسله للجحيم آكيرا ! "
نهض آكيرا من جوار ليو الذي إتسعت عيناه لرؤية كريس أمامه و بكل الغضب الذي يحتويه .
تحدث آكيرا بهلع :" كريس إيفريا أنت تخطط و لم تفعلها بعد صحيح ؟ "
هو نطقها بخوف لإنه أكثر من يعلم أن الداكن أمامه لا يستشير بل ينفذ و من ثم يتحدث !
إتسعت إبتسامة كريس الواثقة وهو ينطق بفخر :" حسناً الحقيقة لقد أرسلته و أنتهى الأمر "
ضرب على جبهته بخفة وهو يتحدث :" أأنت مجنون ؟ لا يمكنك التصرف كما تريد ! عقوبتك هي الإعدام ! لماذا فعلت هذا ؟ أنا مُنذ ثلاث سنوات أبحث عن أي دليل ضده "
أشاح بوجهه بلا إهتمام ، يرغبون بإعدامه ليفعلوا كما يشاؤون ، لكنه لن يترك من جرح صغيره ينجوا و ينتظر دليل قاطع من شخص يثق به الجميع .
صمت كلاهما تماماً بسبب الضغط الذي طرأ فجأة ، حدق كريس بصغيره ليجده واقفاً بجوار سريره وطاقته بدأت بالإنبثاق خارج جسده حيث شكلت نسمات من الهواء الساخن حوله .
و بذات اللحظة إمتلئت تلك الغرفة بالحرس لإلقاء القبض على قاتل المستشار إلا أنهم تجمدوا تماماً بسبب طاقة الفتى و بعضهم هرب من المكان بينما آخرون وهم الأقلية أشهروا أسلحتهم لقتله .
ردة فعل آكيرا كانت الأسرع بحيث أخرج سلاحه ووقف أمام ليوناردو لحمايته بينما ينطق بحده :" أخفضوا أسلحتكم الآن وأخلوا القصر حالاً ! "
أومئ له الحرس لينطلقوا للنجاة بحياتهم بينما تقدم كريس من ليوناردو الذي كانت ملامح وجهه خالية تماماً من أي مشاعر تُذكر , فقد خرجت طاقته عن السيطرة بعد معرفته أن هناك من يحاول قتل أسرته الوحيدة , ولن يهتم بالسبب حقاً !
صرخ آكيرا به لإن يبتعد عن جسد الشاب الساخن كالنار إلا أن كريس إبتسم بسخرية كما هي عادته بينما يضع يده على شعر الأصغر يداعب خصلات شعره ناطقاً بهدوء غير آبه بالألم الذي يسري بيده :" ليوناردو صغيري هل إشتقت لي لهذه الدرجة أيها الطفل الباكي ؟"
شعر بإنخفاض طفيف بطاقته ليتشجع ويقترب أكثر منه بينما يحتضنه بجسده وما إن فعل ذلك حتى سرى بجسده ألم فظيع بسبب الحروق التي بدأت تنتشر تدريجياً به , لكنه لن يتوقف هنا و الآن , هو كان المسؤول عن ليوناردو مُنذ اليوم الذي قرر إنقاذه به , لذا أي ذنب سيرتكبه الفتى سيصبح ذنبه هو على إخفاقه .
نطق بصوت متألم وهو يحاول كتم صراخه :" ليو , كل شيء سيكون بخير يا أخي ! حتى لو لم أكن موجوداً بحياتك أنت كبرت بالفعل , وأصبحت رجلاً مُذهلاً , سيطرت على طاقتك عندما تعرضت للتعذيب , أنا فخور بك للغاية "
صاح آكيرا برعب :" تباً لك كريس إبتعد عنه حالاً وإلا قُتلت "
تجاهله و قد هربت صرخة خافتة منه بينما يكمل بألم ونبرة متقطعة :" عليك أن تعلم أنني لم أخنك يوماً ! أنت هو أخي الصغير الذي لم تلده أمي ولم أكن يوماً لأسبب الألم و الأذى لقلبك , سامحني فقد أخفقت بحمايتك ! أردت دائماً الحفاظ على برائتك وطيبتك لذا أستحق ما يحدث لي الآن , فقط ثق بي أنت شخص جيد و لست مُلوثاً بل هُم السبب "
إنهار على ركبتيه وقد إبتعد قليلاً لتظهر الحروق المُلتهبة على مختلف أنحاء جسده بينما كان يلهث بتعب شديد وهو يشعر بأن حياته توشك على الإنتهاء :" أرجوك ليو ! دعني أرى إبتسامتك يا أخي وثق بهذا الساطع عديم الفائدة فهو الآخر لا يريد سوى سعادتك "
شهق بألم شديد وإنهار تماماً يتنفس بصعوبة , فبالرغم من أنه إبتعد عن ليوناردو إلا أن الألم يزداد و الحروق تنتشر بسرعة كالوباء لتفتك به , إقترب منه آكيرا ليضعه بين يديه وهو ينطق :" توقف عن المُزاح كريس ! أنت أيها الداكن أين هو غرورك وكبريائك ؟ هل ستقتل فقط بسبب بعض الحروق ؟ "
نظر له بسخرية وهو ينطق :" لا أصدق أن الأمير يبكي علي ! "
تشبث آكيرا به أكثر بينما كان وعي ليوناردو قد عاد إليه بعد صراع طويل بينه و بين طاقته لينتفض من مكانه ويسقط أرضاً بجوار كريس وهو يهزه برفق بينما ينطق :" لا , أنا آسف كريس أرجوك إنهض "
ضرب على صدره بقوة متوسطة بعد أن فقد كريس وعيه وهو يتوسل له أن ينهض , لا يريد أن يموت كريس , هو كان يفضل أن يكرهه ويُقتل هو على أن يرى ملاذه الآمن يحتضر و بسبب قوته الملعونة !
لم يتوقف عن تحريكه و دموعه تتسابق فما بينها لتهطل على وجهه وهو ينطق بألم شديد :" مهلاً أرجوك كريس , أنا لم أقصد ! أنت أردتني أن أبتسم صحيح ؟ إذاً إنهض لأفعل ذلك , أرجوك يا أخي لا ترحل من دوني هذا مؤلم للغاية "
همس بيأس و ألم شديد :" أتوسل لك يا أخي لا تتركني مرة أخرى وحيداً "
لم يعد يشعر بأي شيء سوى الألم الشديد , لقد أُضيف إسم جديد للآئحة ضحاياه وهو كريس أخاه و أسرته و كل شيء بالنسبة له بهذه الحياة , أراد الصراخ ولكن صوته أبى الخروج , كيف له أن يعبر عن الإختناق الذي يشعر به الآن ؟! لا يُمكن لأحدهم رؤية أن هنالك سكاكين تخترق قلبه بكل نبضة !
لا الصُراخ و لا البكاء و لا أي شيء مما قد يفعله سيجعله يشعر بالتحسن مُطلقاً .
شد آكيرا على قبضته بقوة , فكريس تمكن من إيقاف طاقة ليوناردو و السيطرة عليها بسبب حبه له و بهذا هو أثبت وجهة نظر والده لكن بثمن مُرتفع للغاية ! .
بتلك اللحظة لا أحد منهم إنتبه إلى إيف التي كانت مرمية بالقرب من جسد سيدها الساكن , لم تكن لتسمح له بالموت بسهولة فهي ومهما فعلت لا يُمكنها فقط تجاهل تلك المشاعر المتخزنة بثنايا الروح التي تحملها .
قفزت لتهبط على جسده الجريح بينما تُطلق طاقتها السحرية بحيث رُفع جسده عن الأرض تحت نظرات الدهشة من كُل من ليو و آكيراً , دقائق وإختفى جسده بداخل ضوء ساطع أجبر الإثنان الآخران على إغماض عينهما بقوة .
شعر ليوناردو بتلاشي الضوء ليفتح عيناه وهو يراقب جسد كريس يهبط بسلاسة بينما تناثر قُماش باللون الأسود بالأرجاء , وقف آكيرا بسرعة وهو يشاهد ذلك الطيف الذي وقف أمامهم بكل هدوء بدهشة شديدة , كانت فتاة بشعر طويل بلون السماء الصافية وعينان تُشابهان المُحيط بلمعانهما , حدقت بهم بهدوء قبل أن تنطق بإبتسامة شبه نادمة :" أعتذر على كل ما سببته لكم ! و شكراً لإنني الآن تحررت من تلك اللعنة "
نظرا لها بدهشة بينما تقدمت هي لكريس الفاقد للوعي و الذي إختفت كل جراحه لتجلس أمامه وهي تنطق بهمس :" أنا أحببته , وكم كان حُباً مؤلماً , لم أكن بالشيء الذي يمكنه أن يحبه حقاً , وكل هذا بسبب أنانية أبي "
رفعت رأسها لتحدق بليوناردو بينما تتحدث :" آسف ليو , لقد كنت السبب الرئيسي بما حصل لك ! أنا فقط ظننت أنني أحمي من أُحبه , وتلك السنوات الطويلة التي خُتمت روحي بها بالقبعة جعلتني أفقد الشعور بالإنسانية ! و فقط توقفت عن التفكير الصحيح , حقاً آسفة "
فتح كريس عيناه ليصدم مما يراه بينما هي بدأت بالتلاشي وليو كان ينظر لها بمشاعر مُختلفة ما بين الإستياء منها و الشفقة عليها , وبهذا كُشف سر آخر مخفي فليست القُبعة من سُمي نسبة لأسرة إيفريا , بل إن إسم الأسرة كان نسبة لها وللروح الذي سكنتها من البداية !
قبعة إيفريا التي تلاشت للتو و رمز أسرة إيفريا النبيلة تركت خلفها ذكرياتها بعقول الثلاثة , حيث كانت تلك الشابة ووالدها يتجولان من مكان لآخر بعد أن طُرد كلاهما من أسرتهما و أصبحا مجرد متجولان متشردين , مضت بضع أشهر فقط لتُصاب الفتاة بمرض هدد حياتها و أفقد والدها تماسكه !
فإن كانت صغيرته سترحل ما الفائدة من المقاومة ؟ بتلك الأيام حالكة الظُلمة هو إتخذ قراراً ظلم به طفلته دون أن يدرك , إتبع فقط قلبه كأب يريد الحفاظ على أي شيء منها وعدم السماح لها بالرحيل !
إصراره و عزمه جعل المستحيل واقعاً إذ تمكن من نقل روح إبنته لداخل تلك القبعة القماشية , لتصبح هذه التجربة الفريدة من نوعها رمز له , وبما أن مملكة لوثير تعطي شارة الأسر النبيلة لمن يصنعون بسحرهم أمور فريدة وغير متكررة مُطلقاً , أصبحت قبعة إيف رمز للأسرة التي أطلقها والدها فقط تيمناً بها , وبعدها هو أنشأ أسرة إيفريا العريقة بينما تمت معاملة إيف القبعة كالملوك تماماً من جيل لآخر و حتى وصلت لكريس .
لم تكن حياتها الشيء الذي تتمناه , هي فقدت نفسها وإنسانيتها بذلك , لم تفهم أي نوع من المحبة هي هذه التي جعلت والدها يلقي عليها لعنة أبدية ؟! رأته يموت أمامها تماماً كالكثير من الأجيال التي مرت عليها , وبكل جيل هي شاهدت المئات من المآساي و التي جعلتها تفقد ما تبقى لديها من مشاعر إنسانسة مُرهفة , لم تعد تلك الفتاة الهادئة ذات الإبتسامة الحنونة ! بل تحولت روحها لأكثر روح تمتلك الكثير من الغرور و العجرفة مخفية بذلك إنكسارها الحقيقي بداخلها !
لم تكن سوى ضحية لرغبة أنانية , فليس الخلود هو ما تمنته يوماً , وعلى الأقل ليس بالشكل الذي وضعها به والدها , والآن و لأجل إنقاذ كريس الذي أعاد لها بعض من تلك المشاعر التي كادت تنساها هي حررت روحها من تلك اللعنة وتمكنت من الرحيل واللحاق بوالدها .
*******
| بعد ثلاث سنوات |
فتح باب الكوخ وهو يحدق حوله بملل بينما يتقدم ويبعد الكتاب عن وجه النائم على المقعد ليهمس بيأس :" أيمكنك أن تفعل أي شيء سوى النوم ؟! "
فتح عيناه السوداء الضيقة وهو يتحدث بسخرية :" أنا كنت أفكر بعمق فقط ! ومن ثم عن ماذا تتحدث يا صغيري أنا أعتني بك طوال الوقت ! "
سخر بهدوءوهو يجيبه :" أولاً توقف عن مناداتي بصغيري , و ثانياً أنا من يعمل بالمدينة ويحضر الطعام وينظف المنزل فما هو عملك أنت ؟"
بعثر خُصلات شعره البُنية بكل خفة وهو يحتضنه :" لا يمكنك أن تنكر أنك صغيري ! وأنت من يحتاج لعلاج و هذا لن يحصل دون إختلاطك بالآخرين لذا أنت تعمل و ليس لحاجتنا للنقود , و حقاً أتظن أن شخص مذهل مثلي يمكنه التنظيف و الطهي ؟! أما أنا فموجود هنا دائماً لإخبارك بأن كل شيء بخير ! و أن لا أحد سيؤذيك مادمت هنا "
ظهرت إبتسامة راضية على شفتي ليوناردو ذو الثامنة عشرة من العمر , فبعد ذلك اليوم إكتشفوا أن إيف لم تعالج جراح كريس و حسب بل أعطته طاقة لإيقاف و تحمل جسد ليو إن خرجت طاقته عن السيطرة , تماماً كما لو كان شقيقه أو والده ! هو أصبح حارسه رسمياً و ليو تم إعادة تعيينه كأمير أول و وريث للعرش فوجود مسيطر على طاقته حل مشكلته السابقة وأعاد له حقه بالحُكم .
إلا أنه لم يتمكن من نسيان خوفه منهم وألمه الشديد بما حدث لذا قرر كريس أن يعيده لخارج المملكة و يجعله يقابل البشر و يخالطهم حتى يستعيد ثقته بنفسه أولاً , و بالآخرين ثانياً بينما يتولى آكيرا مسؤولية تدريبه ليصبح أميراً جيداً و بالعادة يأتي لزيارتهم يومياً إما للعمل أو لإزعاج كريس و الإطمئنان على ليوناردو .
إبتعد ليوناردو عنه عندما شعر بآكيرا بالمنزل ليرحب به بينما ظهر العبوس على وجه كريس وهو ينطق :" هل علي رؤية وجهك كل يوم آكيرا ؟"
حرك يديه بلا إهتمام وهو يجيبه :" ليس وكأنني أرغب برؤيتك أيها الداكن ! لكنني هنا لرؤية إبن عمي الصغير "
هو شدد على جملة إبن عمي وكأنه يغيظ كريس بأن بينهما دماء مشتركة وهو لا كطفل حصل على حلواه المفضلة دوناً عن عدوه ! حدق به كريس به بسخرية وإبتسامة واثقة :" أجل إبن عمه الذي لم يستطع حتى أن يصبح حارسه ؟! ومن تمكن من فعلها ؟"
هو صمت بينما يحدق بالأرجاء بتفكير قبل أن يضيف بسخرية أكبر :" أوه إنه أنا ! "
تمنى آكيرا بتلك اللحظة أن يحطم رأسه وهو يهمس بغيظ :" ما كان علي إسقاط تهمة قتلك للمستشار ! "
حرك يده وكأنه يبعد ذبابة ما من طريقه بينما ينطق بنبرة مُشبعة بالترفع :" ما كان ليو ليسمح لك بالتخلي عني أولاً , وثانياً تذكر أنك إكتشفت أنه كان يخطط لقتل والدك و الإستيلاء على عرشه أي أنك حققت عدالة لوالدك لا لي "
وهُنا هو حقاً شعر بالإنزعاج المُطلق و تمنى لو أن إيف تركته ليموت فقط و ندم على الدموع التي تجمعت بعيناه عندما ظنه مات و تمنى لو أنه ضحك بسخرية بدلاً من ذلك .
ظهر ليوناردو ليحدق بهما بدهشة فهما لا يتوقفان عن الشجار ولو لدقيقة واحدة وبالنهاية يصبحان ثنائي مذهل ومتفاهم إن أزعج شخص ما أحده ! وثنائي قاتل إن حاول أحدهم إزعاجه هو !
تحدث بإنزعاج مصطنع :" رأسي يؤلمني بالفعل منذ الصباح فتوقفا عن الشجار "
حدق كلاهما به قبل أن يقطب آكيرا حاجباه وهو ينطق بإتهام :" أنت يفترض بك العناية به فكيف يُصاب بصداع ؟ لابد أنها ثرثرتك ايها الداكن "
أجابه بإستهزاء تام :" لابد أن هذا كان بسبب رؤيتك أيها الساطع لقد آذيته ! "
ضحك ليوناردو بخفة فهو أحياناً و عند وجود آكيرا يدعي المرض ليعتني كلاهما به بل ببعض الأحيان يُقيمان منافسة لذلك !
بالطبع لم يقبل ليو أن يقطع كريس علاقته بأسرته وقد إعتذرت منه والدته بالفعل و أصبحت تتقبل وجود ليو وترحب به بحرارة بمنزلها , أسرة إيفريا وبعد أن فقدت القبعة لم تعد تمتلك أي رمز للأسر النبيلة إلا أنه وبفضل قوة كريس الفريدة بأن يُصبح قادراً على تحمل طاقة الأمير بالرغم من أنه لا يتصل معه بالدم عادت لتصبح كذلك .
لم يكن بقائهما بعيداً عن لوثير ليطول أكثر فبعد شهر واحد سيتنازل عمه له بالحكم بما أنه بلغ الثامنة عشرة بالفعل و سيساعده كُل من كريس و آكيرا ويبقيان معه دائماً , حيث أن الأول أخبره بأنه لن يتزوج حتى يبقى لرعايته و أبنائه بالمستقبل للأبد !
*****
يستحيل للحياة أن تمنح الإنسان كل ما تمناه ورغب به , هي ستتموج دائماً ما بين الألم والسعادة , ستذيقنا مرارة الفُقدان و الخيانة وستعطينا أناس لن نرى جمال الدُنيا إلا بهم !
لا أحد سيُخلد حتى نهاية التاريخ وإن حدث ذلك فهو سيسعى بنفسه للموت , جمال هذه الحياة منطلق من معرفتنا أننا وبيوم ما لن نكون هنا على وجهها , سنسعى لإثبات أننا الأفضل و نترك بصماتنا بكل مكان لنصبح ذكرى جميلة بتاريخ كل من عرفونا يوماً , والسعادة الزائفة التي تُعطيها كلمة الخلود ما هي إلا بداية للندم و وكوابيس يقظة لن يصحوا منها من يقع بها .
~ النهاية ~
كالعادة قراءة ممتعة لكم .. وشكراً لكل من مر وصوت ووضع تعليق أو تهديد ما ..
أتمنى أن تكون الرسالة السابقة قد وصلتكم من هذه القصة القصيرة ! .. وأنها حازت على إعجابكم ورضاكم حقاً
و الآن أستودعكم باللذي لا تتضيع ودائعه بحفظ الله أعزائي ..
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top