٤
دخلت تالا الجامعة بتردد، و تجاهلت حديث الجميع عن الأستاذ الجديد، و عن مظهره الرياضي، شخصيته القوية، و سلاسة شرحه للدرس، و حاولت أن تثبت لأنير بأن ما يقوله لا أساس له من الصحة. جلست في مقعدها المعتاد إلى جانب ريم، تجاهلت أنير الجالس خلفها. دخل الأستاذ الجديد و قد كان فعلا زميلها في التداريب على الملاكمة، و من أقدم زملائها : " فارس "، تشابكت نظراتهما للحظات، لكنه تظاهر بعدم معرفتها، و حول بصره عنها سريعا، مما رسم ابتسامة نصر واسعة على ثغرها، فهي في نظر زملائها الطالبة الظريفة، أو الساذجة و الضعيفة، و قد كان تظاهرها بالسذاجة يعفيها عن الكثير من النقاشات العقيمة.
#منظور تالا :
لقد كنت وحيدة طيلة حياتي، لكنني لم أشعر بمثل تلك الوحدة من قبل، أن تكون بمفردك تماما، أن ينال الأرق منك، أن تكبر اللقمة في فمك و تعجز عن بلعها بسبب تناولك الطعام بمفردك، لم أعتقد بأن الحياة ستكون بتلك القسوة، و بأنني لن أجد من أخبره حتى بكوني قضيت يوما طويلا و شاقا.
كنت قد قررت بعد تفكير طويل بأنني سأبدأ البحث عن ما يخفيه والداي انطلاقا من المحيط الذي عاشا فيه، أي بالتعرف على عائلتهما، إذ لم تتح لي فرصة بمعرفتهم من قبل، كان علي القيام بذلك بسرية تامة دون إثارة انتباه يور، تعرفت على ابنة خالي لتكون هي الطعم لدخولي إلى ذلك المنزل، لكن المفاجأة كانت وجود يور هناك، ليتضح أنه ابن خالي !. لكن صدمته كانت أكبر بكثير، و بدا كعميل استخبارات على وشك الفشل في مهمته.
#منظور الراوية :
العائلة .. لم تعرف تالا معنى ذلك، فلم تنل يوما فرصة حضور مناسبة عائلية، أو تناول العشاء مع العائلة، أو المشاركة في أي اجتماع عائلي، و اليوم هي في منزل العائلة، و على مائدة الطعام معهم، لكن بهوية أخرى، كان شعورها مختلفا تماما عما تخيلت، إنه كالبقاء في مكان لا تنتمي إليه. يترأس العائلة الجد الذي بدا صارما بنظراته الحادة، و إلى جانبه والد يور و صديقة تالا الجديدة " منار "، لم يكن خالها يشبه والدتها أبدا، بدا مختلفا، و أمامه تجلس زوجته، التي كانت شاردة طوال الوقت، و غير عابئة بما يحدث حولها، كان هنالك المزيد من الكراسي لكن آخر فرد انضم إليهم هو " مجد "، الأخ الأكبر ليور، بدا كأن شخصيته لا تعجب الكثيرين على تلك الطاولة، خاصة الجد الذي بالكاد كتم غضبه، و ما زاد من التوتر في تلك القاعة، هو قول مجد بخبث :
-" اعتقدت بأن قانون عائلتنا كان يقتضي بعدم انضمام الغرباء إلى هذه الطاولة ".
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top