(29)
#سيظل_عشقك_مرادي
الفصل التاسع والعشرون
بقلم نهال عبد الواحد
مرت بضعة أيام وقد تحسنت حالة جروح مراد نوعًا ما، داوم هشام على زياراته اليومية وعنايته الطبية وإعطاءه أدويته المختلفة حسب حاجته، أما عشق فدورها اقتصر على صنع الطعام وتقديمه حسب تعليماته فلم تتطور علاقتهما أو تتحسن وصار وجود الطفلين مراد وعبدالله معها جزء لا يتجزأ من حياتها؛ تلتهي معهما هاربة من واقعها الغير مفهوم من وجهة نظرها.
وذات يوم بينما كانت جالسة تلهو مع الطفلين أمام الجهاز المرئي المعروض عليه فيلمًا كارتونيًا ثم تركتهما تصنع لهما بعض الفشار...
وبينما هما جالسان على حالهما وجدا مراد قادمًا إليهما بطريقة سيره المتعرّجة، اعتدلا في جلستهما وتبعاه بعينيهما حتى جلس بتباطؤ مع بعض التألم الظاهر على تقلص ملامح وجهه.
نظر الطفلان بعضهما إلى بعض ثم اقتربا بهدوء، نظر إليهما وابتسم ابتسامة لم تصل إلى عينيه وتحدث: إزيكم يا ولاد؟
أجابا معًا بصوتٍ واحد: الحمد لله!
سأله عبدالله: هو حضرتك لسه تعبان يا عمو؟
أومأ مراد برأسه إيجابًا وهمس: الحمد لله!
-هو حضرتك عايز تغيّر القناة؟
قالها عبد الله بترقب، فتابع مراد أخيه: لو حضرتك مش عايز الكرتون ممكن نجيب قناة الحيوانات بس بلاش الأخبار عشان زهقنا منها وعمتو ما عندهاش تلفزيون تاني نتفرج عليه.
أومأ مراد: خلوه مش مشكلة.
فتمتم الطفلان براحة: الحمد لله!
فابتسم مراد منهما والتفت نحو شاشة الجهاز المرئي، فتحدث مراد الطفل: حضرتك بأه الشاطر مراد!
عقد مراد حاجبيه بعدم فهم قائلًا: يعني إيه؟
فقال عبد الله: أصل عمتو كانت دايمًا تحكي لنا عن الشاطر مراد، وإنه كان راجل طيب وبيساعد الناس، وكل الناس بتحبه وعمتو كمان بتحبه، بس هو كان مسافر من زمان، وحضرتك كنت مسافر من زمان ولسه راجع، يبقى أكيد حضرتك الشاطر مراد.
أومأ مراد برأسه دون أن يعقب، فأكمل عبدالله: بس حضرتك هتخف إمتى؟ أصل عمتو زعلانة أوي عليك وكل ما عمو هشام يجي تفضل تسأله كتير على صحتك، ولما بتنام جنبنا بنسمعها بليل بتعيط بس مش بنقولها إننا سمعناها.
سكت مراد ولم يعقب مجددًا، فتحدث مراد الطفل: حضرتك عارف إني اسمي مراد زيك!
فأومأ مراد برأسه إيجابًا، فأكمل مراد الطفل: وعبدالله اسمه على اسم خالو عبدالله أخو ماما، بس هو مات، وخالو ياسر برضو مات وجدو برضو، كلهم شهدا قتلوهم جنود الاحتلال الأن.جاس...
فالتفت إليه مراد فجأة قائلًا: الـ إيه؟
فاستطرد عبدالله: هقولك، أصل اليهود دول عبارة عن شوية حرامية جم وسرقوا بلدنا، هي بلد ماما بس تبقى بلدنا برضو، وهدوا البيوت وموتوا الناس، ماما حكت إن خالو عبدالله كان بطل فدائي وبيواجههم وحكت كتير عن البلدة القديمة عند ستو الكبيرة...
قاطع حوارهم مجئ عشق حاملة أطباق الفشار، نظرت بينهم ثم سألت مراد: إيه أزعجوك!
أومأ مراد برأسه نافيًا وربت على الطفلين مبتسمًا، نظرت إليه عشق وابتسمت ثم أومأت له بإحدى الأطباق فأومأ لها موافقًا، أعطت للطفلين طبق وأعطت مراد الآخر وجلست جواره.
سكت الجميع ولم يُسمع إلا صوت الفيلم الكارتوني وأكل الفشار، قاطعهم صوت الباب، نهضت عشق ممسكة بحجابها تضعه على رأسها وهي متجهة نحو الباب، فتحته وكانت زهرة فدخلت منادية على ابنيها فرأت مراد جالسًا معهما، تنحنحت على استحياء قائلة: السلام عليكم ورحمة الله، كيفك دكتور مراد؟ وكِيفها صحتك الآن؟
أومأ مراد: نحمد الله!
- بعتذر كتير منك، يعني وجود الولدين سبب إزعاج لإلك.
- لا إطلاقًا ربنا يحميهم ويبارك فيهم!
التفتت زهرة نحو ابنيها منادية: يلا يا ولاد بيكفي.
أجاب الطفلان معًا: يا ماما...
فقاطعتهما بصرامة: قلت بيكفي، وبعدين ستو الكبيرة سألت عنكن من البلدة وما بيصير كل ما تسأل أحكي إنكن مو موجدين.
سألها مراد: أهلك لسه داخل القدس فعلًا؟
أومأت إيجابًا قائلة: يب، ستي وبقية أهلي لسه بيسكنو البلدة القديمة، قرِيبين كتير من باب العمود بحرم المسجد، كنا نروحو مشي على إجرينا...
قالت الأخيرة بتنهيدة، فقال لها مراد: ربنا يجمعكم على خير إن شاء الله!
- رغم إنو حلم بعيد، لكن آمين، كلنا ثقة بالله إن رح يجي اليوم ونسترد أرضنا وديارنا شبر شبر، ورح يصير زيارة الأهل من أسهل ما يكون...
التفتت لابنيها وقالت بصرامة يخالطها غصة واضحة محاولة إخفاءها: لو ما إجيتو معي الآن رح تتعاقبوا وما رح تيجو لهون لأجل غير مسمى.
فنظر الطفلان نحو عشق باستنجاد، فرفعت كتفيها أن ليس لها من الأمر شيء، وقالت: اسمعوا كلام ماما أحسن!
نهض الطفلان بتثاقل، أعطتهما عشق سُترتيهما فارتداها واتجها نحو شقتهما بعد أن ألقيا السلام وبعدها استأذنت زهرة وانصرفت.
جلست عشق جوار زوجها مرة أخرى أمام الشاشة المرئية، وبعد فترة من الصمت قطعه مراد: ممكن أطلب منك طلب!
فالتفتت إليه بحماس متلألئة عينيها قائلة: أطلب براحتك طبعًا.
- ياريت لما هشام يجي هنا تفتحي الباب وبعدها تختفي في أي أوضة.
- ما أنا بعمل كده على طول، يادوب بسأله عن حالتك بس، والحمد لله طمني إن صحتك في تحسن، وطمني بخصوص علاج وظائف الكلى، مش باقي غير موضوع رجلك لما تتحسن صحتك أكتر إن شاء الله هيحجز عند دكتور العظام.
-وأنا مش عايزك حتى تسأليه.
- أمال اطمن عليك إزاي؟ إنت عمرك ما هتقولي ولا هترد عليّ!
قالت الأخيرة بقهر، ابتلعت ريقها وأكملت: بص يا مراد، أنا طول السنين دي وأنا حابسة نفسي جوة جدران البيت ده وقاطعة علاقتي بكل الناس، يادوب كنت بروح الشغل والكل عندي مجرد زملاء عمل وبس، وهشام ابن عمك يادوب بيمر علي في المجمع بخصوص الشغل، هو بصراحة محترم جدًا وراعى المسافة اللي حطيتها مع كل الناس، كسرت القاعدة بس لما زهرة دخلت حياتي، وخصوصًا بعد جوازها من ياسر، حتى ياسر ابن خالي كانت علاقتنا مقطوعة تمامًا لحد ما اتجوز، بس العلاقات بيني وبين زهرة والولاد، ياسر طول اليوم برة البيت، يمكن من ساعة الثورة وحظر التجول بأه يقعد معانا شوية، لكن معظم الوقت كان مع شباب اللجان الشعبية في الشارع...
فأومأ برأسه ملتفتًا نحو شاشة الجهاز المرئي بينما ظلت عشق محملقة فيه بعشقٍ كبير، لمح نظراتها تلك بطرف عينيه، لكنه ظلّ على وضعه مشاهدًا لأى شيء متنقلًا بجهاز التحكم بين القنوات.
أمسكت بيده تحتضنها بين كفيها هامسة بنبرة أسرت القشعريرة بجسده: مراد.
همهم مجيبًا لها دون أن يلتفت إليها محاولًا الاستمرار في تجاهلها، فتساءلت بنبرة يخالطها اليأس: لسه بتحبني؟
فانتفض فجأة بفعل سؤالها جاذبًا يده من بين يديها وظلّ ناظرًا أمامه دون إجابة، فكررت سؤالها مرارًا: لسه بتحبني؟
فلم يزده سؤالها إلا جمودًا، فعاودت تكرر سؤالها محاولة الصمود والثبات وقد نال القهر النصيب الأكبر من نبرة صوتها، فأجاب ولا زال ناظرًا أمامه: إنتِ أكتر إنسانة اتعلقت بيها وأثرت في بعد أمي الله يرحمها.
- يعني لسه بتحبني؟
- مش عارف.
- مش عارف!
قالتها عشق بقهرٍ شديد وصوتٍ مختنق، فتابع مراد: صدقيني لا بأيت عارف ولا فاهم نفسي، بأيت شخص مشوه، من جوة ومن برة، ما بآش عندي أي حاجة أديها لأي حد.
- مش مهم تديني، مراد، أنا بعتبر نفسي محظوظة إني حبيتك، أنا بسببك قلبي دق وجربت شعور الحب اللي كان بالنسبة لي مجرد كلام بسمعه في الأغاني أو بقراه في قصائد الشعر، عارفة كويس إنك مريت بتجربة صعبة وعانيت كتير، بس أنا نفسي ترجع للحياة، ترجع تتمسك بيها تعيشها وتحسها، وقت ما حسيت إن قربي بيوجعك وبيضعفك بدل ما يقويك اختارت إني أبعد، لكن ده مؤقتًا لحد ما تستعيد نفسك، وترجع للحياة، ترجع تنورلي حياتي زي الشمس بوضوحها وقوتها ودفئها، مش عايزاك تكون مجرد نجم مطفي مش قادر حتى ينور لنفسه...
عارف الضلمة دي تقدر تخلق جواك أمل كبير، وده أكتر شيء تقدمه لنفسك...
ولأنك تعبت كل التعب ده لحد ما دبلت روحك بالأوي، لدرجة مش قادرة حتى تحسسك بالحياة، سيبني أحبك بالنيابة عني أنا وأنت، اسمحلي أضمك وأخفف عنك أد ضمتي وضمتك لي، هه هتسيبني أحبك!
أطال النظر إليها ثم أشاح بناظريه عنها بانسحاب ملتفتًا لوجهة أخرى، أغمضت عينيها قاضمة شفتيها المرتعشتين سامحة لدموعها التساقط بغزارة بصمت، بعدها نهضت تجر قدميها متجهة إلى حجرة نومهما تكمل بكاءها الشديد.
وقف على باب الحجرة مستمعًا لشهقاتها دون أن يفعل أي شيء، لسان حاله يصرخ داخله: «أعلم كم تعانين، وأشد ما يؤرقني كوني سببًا لقهرك بدلًا أن أكون سببًا لسعادتك، وعدتك أن أتوجك سلطانة لحياتي كلها، لكني بدون قصد أراني أدهسك أسفل قدميّ، تحتاجين لمن يحتويك ويطبب لك جراح السنين، لكني لم أعد أملك أي شيء حتى لأنفع نفسي به، لا أجد ما أقدمه لكِ، لم أعد أعرف كيف أستعيد عمل قلبي، فقد صار بالكاد يقوم بوظيفة ضخ الدم، كنت أكره نفسي لأني تسببت في كل جراحك ثم صرت أكره نفسي لأني صدقت ظن السوء بكِ بالرغم من ذلك لم أستطع استعادة أي شيء!»
ظلّ مكانه لم يبرحه حتى هدأت شهقاتها فتسلل بهدوء متحاملًا على نفسه؛ فقد أُنهك بشدة ولم يعد يتحمل الوقوف لفترة أطول، لكنه أهمل تعبه وجلس بهدوءٍ جوارها، تأمل ملامحها المرهقة بشدة، عينيها المنتفختين، أهدابها الملتصقة، مع بعض الدمعات المتسللة خلسة، فارّة على جانب وجنتها، أنفاسها منتظمة إلا من بعض الشهقات، مد يده ينوي أن يربت عليها، بل تمنى لو ضمها بين ذراعيه، فهي حلاله، لكن قبل أن تصل يده إليها قبضها وأعادها؛ لا زال هناك حاجزًا يمنعه، فنهض واقفًا، سار بضع خطوات حتى استلقى مكانه على حافة الفراش الأخرى مواليًا لها ظهره شاردًا بنظره لنقطة في الفراغ.
مرت عدة أيام أُخر دون أي جديد، تنحت عشق بعيدًا عنه؛ فقد شعرت بعدم قدرتها على المزيد من التحمل، لكنها داومت الاطمئنان على صحته، ترى حماقة الحب؛ مهما سبّب لها من متاعب لم تغلق كل الأبواب، بل تركت بابًا لعله يصبح حلًا.
وجاء اليوم المتفق عليه مع هشام للذهاب إلى طبيب العظام لفحص ساقه، وقد تفاجأت عشق برفض مراد التام لمصاحبته عند الطبيب...
وبعد انصراف مراد جلست عشق كعادتها تبكي بحرقة وكأنها تبكي بأثرٍ رجعي، وبينما هي على حالتها إذ قاطعها صوت طرقات الباب، كفكفت دمعها وهي متجهة نحو الباب، وبالطبع لم تكن إلا زهرة.
فتحت عشق الباب ثم تركته وعادت لمجلسها فدخلت زهرة متنهدة وأغلقت الباب خلفها، جلست جوارها مربتة عليها وتحدثت: ظنيت إنك روحتِ معهن للفحص عند الطبيب، لكن كنت بجمع التياب من البلكون وما شفتك، ليش ما روحتِ مع زوجك يا ناصحة؟!
أجابتها عشق وسط شهقاتها: ما رضيش! ما رضيش يا زهرة! خلاص مش كفاية هاملني! لا، بيبعدني عنه بكل قوته، يا زهرة إحنا بطلنا نتكلم حتى كلام الدنيا العادي! حتى حقي إني أكون جنبه في مشوار زي ده حرمني منه، زي ما حرمني إني أمرضه ولا حتى أكون جنبه أحتويه، أنا تعبت بجد ومش قادرة يا زهرة، وفي نفس الوقت خايفة أول ما يخف يسيبني، إيه يسيبني!
ده أموت فيها!
يعني أنا عمري راح هدر!
فصاحت فيها زهرة: يوه يا عشق! بيكفي!
فالتفتت إليها عشق واجمة متفاجئة من لهجتها الحادة، فسألتها: مالك يا زهرة؟ في حاجة حصلت؟
زفرت زهرة مجيبة: بعتذر منك، ما قصدت، لكن عن جاد مو طايقة حالي وجيت لأفضفض معك فلاقيتك معباية.
ربتت عليها عشق بلطف مكفكفة دمعها قائلة: ما تعتذريش، أنا اللي بأيت شكّاية زيادة عن اللزوم.
- شوفي عشق يا روحي، الزوجين ببداية حياتهن بيكونوا غير متوافقين، بيكون في حاجز بينهم لحد ما يتطبعو بطباع بعضهن، وهاد الشي قلته من قبل.
- واحنا برضو ببداية حياتنا!
- إي، لا تحسبي كل العمر ياللي عدا، كل هاد ما بينحسب، احسبي بس من يوم ما صرتوا لحالكم تحت سقف بيت واحد، وكل شي رح ياخد وقته وينتهي، وبعدين إن شاء الله تطمني لما يرجع من عند الطبيب.
- سيبك مني وقولي لي مالك! ياسر مزعلك؟
- عن جد ما بعرف، بتذكر من زمان من الوقت ياللي اتزوجنا فيه، كنت كتير بحس فيه إنو مجرد شخص بعيد عني، صحيح هو زوجي وبنام في فراش واحد، لكن كنت دائمًا مهما اتبسم في وجّي بحس فيه عنده سر كبير، كأن في شي مخبيه عني، شي بيأرقه، لكن ما بعرف شو بيكون...
مرت الأيام وبطّل وجود حواجز بينا، وانزاحت كل الأشياء وعشنا مع بعضنا أحلى الأيام، لكن من فترة بلّشت أحس فيه إنو هالحاجز رجع من جديد، وهاد الإشي اللي بيؤرقه رجع، صار بعيد عني ما عدت أحس فيه، كأنه دائمًا شارد بشي، كأنه بيعاني، خايف، ما بعرف شو في بالضبط.
- يمكن الظروف الحالية هي اللي قلقاه، الشغل يكاد يكون واقف.
- رح تحكي متل أمي، لما حكيت قالت نفس الحكي.
- لأنها الحقيقة.
- لكن إحساسي بيحكي إن في شي تاني.
- لا يا زهرة ما لكيش حق، ياسر بيحبك جدًا وطول عمره دغري ومالوش في السكك إياها.
- أكيد ما بقصد هيك، بعرف منيح إن ياسر عمره ما يعمل هيك أشياء، أنا بحبه وبوثق فيه كتير، لكن عن جد أنا متأكدة إن في إشي سر خطير.
- ما تهوليش الأمور، ياسر طول عمره ساقية شغل، حتى من زمان، كانت ماما الله يرحمها دائمًا تعاتبه إنه مش بيزورها وتفضل تقوله أنا أمك، أنا اللي شيلتك وربيتك.
- كانت بتحبه كتير.
- جدًا.
- فيني أسألك سؤال؟
- وده من امتى؟
- لما الماما تبعك الله يرحمها كانت تحب ياسر كتير، وخالك ومرته كانو يحبوكِ كتير، ليش ما زوجوكم؟
جحظت عينا عشق بفجأة فارغة فاهها، فأكملت زهرة: بتذكر زمان، في الوقت ياللي إجى فيه قصي ليخطبني، سمعت ستي وعمي عم يقولوا إنها كانت رغبتهن، حتى إنها كانت رغبة بابا قبل ما يستشهد.
- أيوة، بس انت عرفتِ بعد ما اتخطبتم، يعني الموضوع ما كانش مجرد رغبة الأهل، لكن بأه رغبة الطرفين إلا إذا أجبروكم!
- لا لا، ما حدا أجبرنا على الزواج.
- يبقى حتى لو الفكرة دي كانت عند أهلنا زمان ما جبوش سيرة طول ما كانش فيه رغبة من الطرفين، وأنا عمري ما شوفت ياسر غير أخويا، غير إحساسي بمراد تمامًا.
سكتتا قليلًا ثم سألتها عشق بدعابة: ويا ترى لسه فاكرة قصي؟
رفعت زهرة حاجبيها متصنعة استخفافها بها ثم أجابت بمكر: أديشك خبيثة!
- عادي سؤال برئ، حب استطلاع يعني.
- الأمر مو متل ما إنتِ فاهمة، قصي خطبني بعد ما فقدت أبوي، وأنا كنت ابنة مدللة كتير، يعني افتقاد البابا شي ما كان سهل أبدًا، فلما إجه قصي كان يعاملني كأني بنته، كان حنون وأب حقيقي، بتعرفي عشق إحساس الرجّال لما يكون أب بيكون قلبه وعقله كبير كتير، بيعرف يحتوي ومهما سويتِ ما بتخافي من المواجهة لأنه ما رح يعنفك، رح يحكي بكل هدوء وقلبه كبير ليسامح ولو شو ما صار، طبعًا ما بعرف كيف كانت الأمور رح تصير بينا بعد الزواج إن كان بيضل هيك ولا.
- طب ياسر!
- ياسر بحس حبه شامل، يعني بيحبني ويخاف علي وممكن يعصب أديش لو أهملت في حالي، هو كمان بيقدر يحتويني لكن كتير عصبيته بتغلبه بالبداية بس بيعرف منيح يجمع الخيوط معه من جديد، والأهم من كل شي إنه دائمًا يتعامل معي على إني ملكة، سلطانة، أجمل ست بالكون وكأن هاد العالم ما في ولا ست غيري، بيخليني أحس بأنوثتي وجمالي وإنه ما بيقدر يتلفت لأي واحدة مهما كانت ولو شو ما صار رح ضل وحدي الساكنة قلبه.
- أمال إيه اللي قلتيه من شوية على الراجل ده؟!
- أنا ما قصدت اتهامه بشي مو منيح لا سمح الله، أنا بس حاسة بشي شاغله وبعده عني، لكن ما بشك بحبنا أبدًا، والله أنا عشت معه أجمل سنين عمري، ما حسيت بهالسعادة من يوم ما فقدت أبي، بيعمل كل ما في وسعه مشان أضل سعيدة، عن جاد بقدر أحكي بكل ثقة إننا أنا وولادنا أهم إشي عنده، لكن كنت كتير بسمع ستي عم تحكي إن الدنيا غدارة، على أد ما بتدي بتاخد، وعمرها ما تعطي بسخاء إلا وبعدها تفاجئنا بأمر كارثي لا يحتمل.
- تبقي اللي بينطبق عليه المثل، بتدوري عل النكد بشمعة.
- يا عشق افهميني أرجوكِ، هي مو مجرد هواجس، هي إحساس حقيقي جوايا، في إحساس بالترقب، كأنه الهدوء ياللي بيسبق العاصفة...
Noonazad 💕💗💕
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top