(26)

#سيظل_عشقك_مرادي

الفصل السادس والعشرون

بقلم نهال عبد الواحد

حملق الرجل بياسر بنظراتٍ مخيفة أفزعته وأسرت رجفة بسائر جسده، كان الرجل مشددًا في قبضته للعصا بشدة، كأنما ينتوي في أي لحظة رفع هذه العصا وضرب من أمامه بلا هوادة!

أسرع الطفلان عبدالله ومراد نحو أبيهما وقالا في صوتٍ واحد: مين ده يا بابا؟

فرمقهما الرجل بحدة زادت من فزعة ياسر احتضن ابنيه نحوه ثم نحّاهما خلف ظهره يخبئهما من ذلك الغريب.

كانت زهرة وعشق تتابعان الموقف من الداخل دون رؤية ذلك الواقف أمام ياسر، نظرت كل واحدة للأخرى بدهشة، فهمست زهرة: شو في؟

فنهضت عشق واقفة متجهة نحو الباب وصاحت: في إيه يا ياسر؟ مين عايزني؟

قالتها والتفتت نحو ذلك الأشعث المغبّر وجمدت مكانها محملقة فيه بكل كيانها، لا تطرف عينيها، فرجت بين شفتيها قليلًا؛ ليسعفها التنفس من فمها مع أنفها، أو ربما تحاول التحدث لكن تجمدت أصوات الحروف بحلقها.

أما هو فلا زال رامقًا من أمامه بعينين قاذفتين حممًا ومشددًا بعصاه بل ويضرب بها على الأرض بقوة ضربة بعد ضربة وما بين الطرقتين تشعر بالترقب ربما تطيش الضربة، لا يرن في أذنيه منذ سنوات إلا...

«بس أنا نسيت أهم حاجة، نسيت أقولك أنا كنت متفق مع مين؟!

سكت قليلًا ثم أكمل بشيطنة: الاتفاق كان مع ياسر زكريا، طبعًا عارفه، ومعاه بنت عمته اللي هي مراتك سابقًا، أو لحد دلوقتي عل أقل، لأن بعد ما كتبتلها كل حاجة ما بأتش تلزمها، ولما واحد يغيب عن مراته بدون سبب واضح فمن حقها تاخد حكم من المحكمة وتبقى حرة، والله بت جنية ولا يبان عليها!  وانت وقعت في شباكها بمنتهى الغباء.

فأهدر مراد وسط أنفاسه المتقطعة: كل ده كدب.

وكان مستندًا أرضًا على إحدى جانبي وجهه، فرفع علاء قدمه داهسًا وجه مراد أرضًا بقوة فصرخ بشدة، بينما أكمل علاء دون اكتراث: عندك الأربع حيطان بتوع السجن تقدر تاخد وتدي معاهم، وقتها هتتأكد أد إيه كنت مغفل...»

لكن فجأة شعر بارتعاشة تصيب كل جسده منعته ألا يبطش بعصاه من أمامه كما أراد، ولا زال متناوبًا نظراته بين ياسر، عشق والطفلين، ثم أغمض عينيه بقهر متمتمًا بصوت غير مسموع: أد إيه كنت مغفل!

وهنا تحركت زهرة واقفة جوارهم متسائلة: شو في؟ مالكم جمدتم بأرضكم؟!

فأجاب عبدالله: مش عارف يا ماما!

فاتسعت حدقتا ذلك الأشعث بفجأة ثم ثبت ناظريه نحو عشق، والتي قد فقدت السيطرة على نفسها وصرخت فجأة: مراد! مراد! والله ده مراد!

وترنحت فجأة! فقد صارت ساقيها هلاميتين دون مقدمات فأسرعت زهرة بالإمساك بها وساعدتها لتجلس على أقرب مقعد مربتة على وجنتيها بهدوء ثم أمسكت بكوبٍ من الماء ثم نثرت على وجهها بعضٍ منه، فهمست عشق بإنهاك: والله ده يا مراد يا زهرة! والله هو مراد!

ثم التفتت متسائلة: هو فين؟

فالتفتت زهرة هي الأخرى لتجد الآخرين على وضعهم فصاحت: اشبيكم! ما تدخلوا يا جماعة، شُصارلك ياسر احكي له يدخل.

كان ياسر لا يزال واجمًا يبتلع ريقه بصعوبة، بل يكاد يشعر أن هذا الحلق قد توقف فجأة عن القدرة على الابتلاع، كان فقط يزيد من ضمته لابنيه وبعد فترة بدأ يُسمع له صوت خافت قائلًا: اتفضل يا دكتور، حمد الله على سلامتك!

وأفسح له سامحًا بالدخول، خلع نعله القذر خارج الشقة وإن كانت قدماه ليست بنظيفتين، دخل متكئًا على عصاه بسيرة متعرجة تتبعه عشق بعينيها حتى جلس على مقعدٍ أمامها، وما أن جلس حتى شعرت بتنهيدة راحة خرجت منه، ظنتها راحة التقاءه بها، لم تعلم أنها راحة شخص منهك لم يجلس على مقعد مريح منذ سنوات، فظل يلتقط أنفاسه عقب جلوسته.

كانت عشق تتفقد كل إنشٍ فيه وتزرف دمعها، فكل ملامحه يمكنها أن تحكي مجلدًا من قصص المعاناة  وإن كانت لا تعرف ماذا حدث له، بل لم تتوقع من  الأساس ما حدث له.

أما ياسر فكانت عيناه زائغتين بتوترٍ شديد ويتصبب عرقًا في شهر طوبة شديد البرودة، ولسان حاله يقول: «جالك الموت يا تارك الصلاة!»

في حين أن مراد كان ناظرًا في اللاشيء، تبدو ملامحه شاردة على الأغلب، تلفتت زهرة بعينيها بينهم في تعجبٍ شديد، ثم انحنت هامسة في أذني عشق: فيني أحكي معك بالداخل!

أجابت عشق بتيه: إيه!

-لا لا، مو وقته هلا، يلا تعي معي في السريع!

قالتها زهرة وجذبتها من يديها، فنهضت معها عشق وتحركت وهي تتلفت للخلف ناظرة نحو مراد حتى دخلتا إلى حجرة عشق فأغلقت زهرة الباب عليهما.

ربتت على عشق وأجلستها على حافة الفراش بهدوء ثم تنهدت قائلة: بعرف منيح حجم المفاجأة ياللي حصلت هلا، أديشك ضليتِ ناضرة طول ها السنين وفي الأخير إحساسك هو ياللي فاز، لكن ما بيصير ها البكا!

-مش قادرة يا زهرة، من ساعة ما شوفته وأنا مش قادرة أتمالك نفسي، وعمري ما تصورت إن حاله يكون بالشكل ده، يا ترى كان فين طول السنين دي كلها وإيه اللي حصله؟!

- مو محتاجة سؤال يا أذكى اخواتك!  واضح جدًا إنه كان بسجن سياسي.

-سجن سياسي! مراد عمره ما كان له علاقة بالسياسة!

-لا إله إلا الله! كأنك عايشة ببلد تانية وبعالم تاني، وكأن تجاوزات الداخلية اللي عم نسمع فيها ما عدت على أذنيكِ!

-قصدك إيه!

-قضية ملفقة طبعًا.

-ليه وازاي؟ ده طول عمره راجل محترم ومستقيم، عمره ما أذى حد وطول الوقت كان بيساعد الناس، ده حتى كان ضد الجماعات التكفيرية يعني يعتبر في صف الحكومة، يبقى إزاي يحبسوه؟!

- أكيد في سر، حدا إلو مصلحة...
المهم، كل هاد مو وقته بالمرة.

- إزاي؟ يعني بلاش أعرف كان فين وحصله إيه!

- مو وقته! هاد ياللي قاعد برة ما داق غير المرار من سنوات، ما بعتقد إن عنده طاقة للحكي فلا تضغطي عليه، فيكِ تكوني زوجته وبس، هو متله متل أي رجّال غايب عن بيته وراجع مشتاق لهالبيت الدافي ولمرته، لحضن يرمي عليه همومه وأحزانه مو مزيد من الحكي والتحقيقات.

سكتت عشق قليلًا ثم قالت بتوتر: يظهر إنك نسيتِ يا زهرة.

- نسيت شو!

- نسيتِ إنهم خدوه يوم فرحنا، يعني إحنا...

بترت جملتها واحمرت وجنتيها خجلًا، فابتسمت زهرة وقالت: يا حبيبتي إنتِ مو مطلوب منك إلا إنك تبدلي تيابك وتتزيني بطريقة مرتبة وبس، واتركي الأمور تتحرك لحالها.

ثم أكملت: المهم الأوضة التانية...

فقاطعتها عشق: سبحان الله! إنهاردة تحديدًا كنت زهقانة وهويتها ونضفتها وغيرت فرشها.

- بدي أشوفها.

فخرجتا من هذه الحجرة واتجهت إلى الحجرة الأخرى، دخلت وكان داخلها حجرة النوم الخاصة بعرس عشق وقد قامت بنقلها، تفقدت زهرة الحجرة برضا ثم فتحت خزانة الملابس والتي داخلها ملابس عرسها هي وزوجها مع المزيد من الملابس الجديدة.

تشممت زهرة الملابس وأهدرت بإعجاب: يا عيني على الروائح!

- ماما الله يرحمها كانت دايمًا تحط وسط الهدوم قوالب صابون بريحة ومسك، فتخلي الهدوم ريحتها حلوة على طول، وكمان تحفظها من الحشرات، حتى البطاطين والفرش كده برضو.

- فكرة منيحة وحلوة كتير، ورح أنفذها...
المهم هالحين بدلي تيابك بأي إشي جديد و...  و...
عندك عشا؟

- كنت عاملة على الغدا مكرونة بالبشاميل وتعتبر زي ماهي.

- منيح، سخنيها وتكون عشا مناسب، ومن بكرة لا تعكلي هم الأكل، رح أطبخ أنا وأجيب الأكل لحدك، تمام يا عروسة!

- عروسة إيه بس!

ابتسمت زهرة بمكر وقالت: إي عروسة ونص وتلات اربع!
على فكرة باعتباري الأقدم منك فيكِ تسأليني عن أي إشي ورح أفيدك من خبرة ست سنوات زواج.

- اسكتي بأه!

-شو عل الحلو لما يخجل!

قالتها زهرة تشاكسها، فتابعت عشق على استحياء: بس بأه!
وبعدين إحنا سايبينهم كتير لوحدهم!

- لكن ياسر وضعه غريب كتير! ما فتح تمه بكلمة مع الرجّال غير حمد الله على سلامتك!

- ياسر ما يعرفهوش أصلًا، أيام الخطوبة ياسر كان مشغول بشغله، ده حتى جه يوم خطوبتي في آخرها ومش فاكرة إني شوفته بعد كده غير عل فرح.

فتنهدت زهرة قائلة: عل عموم رح ننسحب أنا وزوجي وأولادي ونترك العروسين يستمتعوا بوقتهم على أقل من مهلهم، بس أرجوكِ لا تنسي وتفتحي معه أي حكي ما إله لزوم!

أومأت عشق ثم خرجتا لهم، وكانوا لا يزالون على نفس وضعيتهم حتى قالت زهرة: طبعًا يا دكتور الأيام جاية كتير، والباب في وجه الباب، طولنا عليكم لا تؤاخذونا، تصبحوا على خير...

ثم التفتت إلى زوجها الذي لا زال جالسًا مكانه وقالت: يلا ياسر إنت والأولاد ما بيصير!

فنهض ياسر قائلًا: حمد الله على سلامتك يا دكتور!  تصبحوا على خير.

انصرف الجميع وأغلقت عشق خلفهم الباب، وكانت في قمة توترها، تحركت بتباطؤ فاركة يديها ببعضهما البعض على استحياء، لكنها استجمعت نفسها واقتربت منه حتى جثت أمامه فهمست: مراد! مراد!

فلم يعقب، فقط التفت إليها برماديتيه التي تحفظهما عن ظهر قلب حتى وإن تعكرتا بالهم والقهر فلم تخطئ فيهما، فأكملت بسعادة: حمد الله على سلامتك! مهما قلت وحكيت مش هقدر أوصف إحساسي دلوقتي، وحشتني أوي أوي أوي!
أنا الوحيدة اللي كنت مصدقة إنك حي وراجع، ما حدش فيهم كان مصدقني...

صحيح إنت ما فارقتنيش أبدًا، دايمًا كنت معايا بكلامك، نصايحك، محاضراتك، دروسك، صورك اللي في كل مكان في الشقة، أي موقف يا مراد، أي موقف كان بينا من أول يوم اتقابلنا لحد يوم...

فأسرعت وبترتها، ابتلعت ريقها بهدوء وأكملت: بس رغم كده برضو وحشتني، زي ما بيقولوا وحشني وانت قصاد عيني!

المهم دلوقتي، طبعًا إنت أكيد تعبان وجعان، هتدخل تاخد حمام سخن وتطلع تتعشى وتنام وترتاح براحتك...

أنا بعد ما ماما اتوفت والشقة هنا كان فيها أوضة فاضية، فجبت أوضة نومنا وكل هدومنا وحاجتنا وحطيتها فيها، وكنت كل مااروح حتة وألاقي حاجة لي أو ليك كنت أجيبها وأشيلها، ما أنا عمري ما فقدت الأمل إنك راجع!

طب ده سبحان الله! مرة روحت مع زهرة تشتري لياسر هدوم فعجبني حاجات ليك وجبتهالك، وبعد ما جبتها اكتشفت إني غلطت في المقاس وجبتها صغيرة، وانشغلت ونسيت أرجعها، دي تيجي على مقاسك مظبوط لحد ما ترد صحتك كده، هقوم أجهزلك غيار...

وقفت ثم جثت مجددًا على ركبتيها وقالت: على فكرة لو مش حابب نكمل سُكنة هنا ونرجع شقتنا زي ما تحب! أنا كنت قاعدة هنا عشان قريب من المدرسة اللي بشتغل فيها وكمان من المجمع، بعد ما تستريح إن شاء الله هقولك على آخر أخبار المجمع وكل شيء خلال السنين دي كلها...

على فكرة أنا حلاقة درجة أولى، كنت بحلق لبابا الله يرحمه على طول وممكن أحلقلك، وكمان فيه ماكنة حلاقة شوفتها من كام شهر وجبتها ممكن أحلقلك بيها، جربت بيها مرة لعبدالله ومراد، ولاد ياسر.

فنظر إليها فأكملت: أيوة سمناه مراد على اسمك...

المهم يلا قوم معايا عشان...

فقاطعها بصرامة: أستأذنك بس تجبيلي الهدوم وماكنة الحلاقة وأنا هتصرف.

- ليه بس؟! ده أنا...

- من فضلك!

قالها بصرامة أشبه بالصياح فنهضت واقفة باهتزاز، فقد آلمتها حدته، لكنها قررت تجاهل الأمر والتماس العذر له، انحنت تساعده على النهوض والحركة فأبعد نفسه قائلًا بحدة: من فضلك!

ثم قال: شاوريلي بس على مكان الحمام.

فأشارت بيدٍ مرتعشة، ثم تحركت أحضرت ملابسه ووضعتها بداخل الحمام، ولما وصل تحدث قائلًا: لو تسمحي عايز كيس زبالة كبير.

- خد حمامك إنت ومالكش دعوة بأي حاجة، أنا هـ....

فقاطعها بحدة: من فضلك أنا أقدر أعتمد على نفسي!

أومأت برأسها تنفذ بتثاقل مترغرغرة عينيها بالدمع، وبعد أن دخل الحمام وأغلق عليه بابه اتجهت هي نحو حجرتهما، تفقدت ملابسها محاولة اختيار إحداها، لكنها تراجعت وفضلت أن تظل بمنامتها القطيفية.

اقتربت من لوحة التزيين وأمسكت بالكحل لتكتحل، لكن حالة عينيها المتقرحتين من البكاء السابق والحالي حالت دون ذلك، فتركت الكحل واكتفت بتصفيف شعرها على هيئة ذيل حصان ونثر بعض العطر ثم اتجهت نحو المطبخ.

أما مراد فقد أغلق باب الحمام عليه وأحكم غلقه، نظر إلى نفسه في المرآة فلم يعرف صورة من التي ظهرت أمامه، فبكى بحرقة كاتمًا شهقاته، فبداخله ألم لا يقوى على تحمله أحد، وبعد فترة من البكاء نحّى البسط المفروشة على الأرض جانبًا ثم خلع ملابسه الرثة، والتي أشبه ما يكون بالخرق البالية من قذارتها، ثم أمسك بماكينة الحلاقة تفقدها قليلًا ثم أدارها وبدأ بحلق شعر رأسه المبعثر ولحيته الشعثاء.

وبعد أن انتهى انحنى بصعوبة جامعًا كل هذه الفوضى داخل كيس القمامة ثم تحرّك ببطء نحو مغطس الاستحمام، فأمامه عملية لجلي المزيد من الطبقات المتسخة؛ فلا يتذكر آخر مرة قد تحمم أو حتى غير هذه الثياب النتنة!

أخذ يفرك جسده مرات ومرات حتى بدأ لون صابون الاستحمام أخيرًا يميل للون الأبيض وكان قد أُنهك من كثرة الجلي والفرك وصارت المياه الساخنة المتدفقة من مرش الماء تؤلمه للغاية!

أنهى حمامه وتفقد جسده ولونه الأصلي الذي قد نساه، ليس فقط بفعل الاتساخ بل بفعل الظلام الذي عاش فيه لسنوات حتى ظن أنه قد أُصيب بالعمى، فلم يصدق نفسه أنه استطاع رؤية الأشخاص والأشياء المختلفة، بل استطاع رؤية النور.

جفف جسده برفق؛ فهو يؤلمه بشدة لدرجة جعلت دموعه تنهمر، ارتدى ملابسه التي بدا مقاسها ملائمًا إلى حدٍ ما، ثم نظف ما تبقى وأعاد الحمام كما كان.

أما عشق فقد أعدت العشاء وجلست تنتظره شاردة الكثير من الوقت حتى انتهى من حمامه وخرج فنهضت مسرعة فجاهد نفسه مخفيًا ألمه، ابتسمت إليه متأملة ملامحه التي ظهرت بوضوح بعد الحلق والاغتسال، وإن احتلها الشحوب والتجاعيد، والتي تحدّث نفسها قائلة أن كل هذا سيذهب مع الراحة والغذاء البيتي، أما عن هذا الشعر الأبيض الذي يحتل شعر رأسه القصير ولحيته الخفيفة فلا بأس به.

همست بلطف: نعيمًا!

أجابها: شكرًا.

فهمّت أن تتأبّطه ليذهبا معًا نحو المطبخ لتناول الطعام فابتعد بنفسه عنها منكمشًا، فتنفست بهدوء وسبقته نحو المطبخ تعيد تسخين الطعام الذي برد.

تحرك مراد ببطء ومعاناة مستندًا على الحائط متقعصة ملامحه بتألم شديد، كانت تلاحظ ملامحه بتأثر تود لو تسأله عن ما يعاني لكنها تراجعت.

ما أن جلس ولمح زجاجة الماء حتى أخذ يصب ويشرب عدة أكواب كأنما انتبه لمدى ظمأه الآن فقط! 
ثم أكل القليل بشرود، حاولت عشق التحدث معه في أي شيء كنوع من تلطيف الأجواء، لكنها لم تعرف فيم تتحدث! تعجبت بشدة من حالهما؛ فلم يكونا هكذا يومًا حتى قبل ارتباطهما بأي رابط، كانا دائمي الحديث والحوار، فماذا جرى إذن؟!

ابتلعت ريقها بهدوء قبل أن تدمع عيناها مجددًا فعليها أن تقدر الوضع والظروف المستجدة، لكنها تفاجأت به نهض واقفًا يكاد لم ينقص طعامه، فوقفت هي الأخرى قائلة: إده! فين الأكل اللي كلته؟!

- الحمد لله!

قالها بنفس صرامته وتحرك خارجًا قبل أن تنطق بحرف، فقط تتبع بعينيها طريقة سيره المتعرجة بمعاناة متسنّدًا على الجدار...

Noonazad  💕💖💕

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top