أكثر ما يمكن أن يسيء للثورة حالياً، ليس الثورة المضادة، بل التشبيح المضاد.

غالبية الناس يلي طالعة تعطي شهادات حسن سلوك وانتساب للثورة، هي إمّا ناس صرلها سنين برا سوريا ونسيانة سوريا كلها ع بعضها، أو ناس جوا سوريا وهي ذاتها كانت تشبّح للنظام ولدكاترة الجامعة وللهيئة الطلابية وللبعثيين وللمخابرات.
نفس الناس يلي عم تقول "ليش ما طلع صوتكم وقت كان النظام؟" - هي نفسها بالضبط ما كان يطلع صوتها، لا بل غالبيتها العظمى كانت تشبّح للنظام وتبوس إجرين جماعته لمصالحها الشخصية.

صدقاً غالبية رفقاتي من المعتقلين السابقين والمهجّرين والممنوعين من دخول سوريا بسبب موقفهم من الثورة، ما زايدوا على حدا بحرف، ولا حاربوا حقوق التظاهر، ولا عطوا شهادات حسن سلوك وانتساب للثورة لأي أحد. لأنهم من البدايات حريصين على الثورة وعلى الحرية والكرامة، وليس على ثقافة التملّك والبطولة، مع إنهم أبطال حقيقيين. 

تعميم إنو كل شخص كان في الداخل السوري تحت حكم النظام هو فلول نظام وشبّيح، هو شي لا يمتّ لأي ثائر بالصلّة. الكثير من العايشين في الداخل السوري هنن ناس قضوا عقد كامل بأسوأ ظروف بشرية بسبب النظام، كثير منهم عندهم معتقلين وشهداء، كثير منهم عندهم مفقودين لهي اللحظة ما بيعرفوا عنهم شيء، 80% منهم تحت خطر الفقر، كثير منهم معتقلين سابقين.

الثورة نزلت لأجل الحرية والكرامة، حرية التعبير والتظاهر والعيش الكريم بدون إقصاء وتشبيح. الناس ماتت بالمظاهرات والمعتقلات لأن نظام الأسد اعتبرهم "مندسين - عم يثيروا التخريب والفتنة - فلول - إرها-بيين - مرتزقة…"، تماماً مثل يلي عم يصير حالياً.

استخدامكم لنفس عقلية النظام وتشبيحه، هو استمرار لاستبداد نظام الأسد وتدمير للثورة. وإذا بدنا نحكي عن الفتنة، هي أكبر فتنة.

كلنا مع المحاسبة، ومع إقرار آلية واضحة جداً للمحاسبة لكل مين قتل وسرق وابتز وخطف، ولكل مين دعم وحرّض على هي الأشياء من أكبر جلّاد لأصغر شبّيح. في الوقت نفسه، التشبيح والتهديد والوعيد يلي عم ينتشر، هو تكرار لنفس منظومة كتّيبة التقارير والمخابرات بالضبط.

سوريا ليست سوريا الأسد، رح تضل سوريا ليست سوريا أحد. سوريا مانها صك ملكية لكل واحد قرّر إنو يتملّكها.
المزايدة في الثورة لا تختلف بشيء عن مزايدة الشبّيحة في الوطنية وتصنيف الناس بين هاد وطني وهاد خائن.
كفى ركوب وتشويه للثورة.

الكاتبة: ماريبيل حداد.

الصورة من دمشق أو حلب.