تحليل من متفائل. وديع طعمة
الرؤية الأقرب للواقع السوري!
قلتها كثيراً على الخاص لمن يبحث عن فهم لهذه الفوضى العارمة في سوريا؛
سوريا لن تكون افغانستان جديدة ولن تكون حتى ليبيا والعراق!
هذا رأيي الشخصي بنيته من خلال التالي:
ليس من صالح أوروبا أي حرب جديدة في المنطقة وخاصة في سوريا؛ فهي تعاني من اللاجئين بشدة، وليس لهذا السبب وحده، بالإضافة للتكلفة الهائلة للاجئين، تضطر أوروبا للرضوخ لابتزازات اردوغان بخصوص فتح الحدود وقالها لهم علانية مراراً وتكراراً، فقد فرض بعض شروطه بخصوص فيز الأتراك لأوروبا، وأخذ منهم المليارات لكي يبقي على الحدود مغلقة بدلاً من فتحها والسماح بتدفق الملايين من الناس إلى أوروبا؛
ولهذا يقولون في أوروبا، الأفضل والأسهل لنا، دعم سوريا نحو التعافي والاستقرار وبناء الدولة واعادة إعمارها، والتكلفة عليهم ستكون أخف بكثير! وبذات الوقت ينتهون من الابتزاز التركي لهم!
أمريكا ترمب تريد الاستقرار في سوريا لأسباب عدة، منها التفرغ للأهم، (الصين وروسيا وكوريا الشمالية، بالإضافة لترحيل المهاجرين الذين يعدون المشروع الأهم بالنسبة لترمب) وبذات الوقت لكي تتمكن من السيطرة على موارد سوريا كي لا تقع في أيدي الروس وغيرهم، فيتحكمون بالأسعار (واهم من يظن أن أمريكا بحاجة للنفط وتريد سرقته، وهي لديها فائض منه وتعتبر الأكثر توريداً له، تابعوا البيانات الاقتصادية لأمريكا كل اسبوع وسترون صحة الكلام).
بنفس الوقت تريد الهدوء على حدود إسرائيل التي تخلصت من كل التهديدات التي كانت قريبة كحزب الله وبشار وميليشياته الإيرانية، كي تتفرغ هي الأخرى للمصدر الرئيسي لهم، وهي إيران!
من مصالح الدول الخليجية إبعاد إيران وتركيا عن حدودهم (واهم أن حرب إسرائيل على حماس وحزب الله والأسد لم تكن بدعم مباشر من العرب!). واستلام المتشددين الحكم في سوريا يعني سقوط الأردن المليئة في الإخوان المسلمين، عندها سيكون بظهرهم سوريا الإخوانية الطالبانية وتركيا الإخوانية الداعمة الأكبر! وهذا تهديد مباشر للخليج وبقية الدول العربية، لهذا ترون الإعلام المصري متفرغ لمهاجمة حكومة الجولاني!
عندما أمرت أمريكا الجولاني بالتحرك لدمشق مع بقية الفصائل (التي كانت تتقاتل فيما بينها قبل هروب الأسد بأيام قليلة) تم الاتفاق بين الجولاني وبقية الفصائل على تقسيم "الغنائم" فيما بينهم! ومن هنا بدأت حكايا التغيير البرغماتي للجولاني وتحوله لأحمد الشرع!
(وكل هذا فاجأ حتى تركيا التي كانت تصرّح بأن هذا الهجوم على حلب ومن بعده حماه سيؤثر على مسار أستانا المتفق عليه بين تركيا وايران وروسيا! وبقيت في هذه التصريحات حتى دخلوا دمشق)!
فهو ( الجولاني) يُدرك تماماً أن رأسه بيد أمريكا وإسرائيل وفي أي لحظة يمكن لهم أن يفصلوه عن الخدمة في الحياة! تماماً كما فعلوا مع سليماني ونصرالله وحتى زعماء داعش وطالبان!
ولأن الجولاني لا يستطيع التحكم ببقية الفصائل، سايرهم في تقسيم الغنائم "مؤقتاً" مع إصراره على حل الفصائل ودمجهم في مؤسسة واحدة تخوله وضع زعيم واحد يحكمهم، كي يستطيع الانقلاب عليهم ببساطة كما تريد أمريكا! فإن فعلها الآن، يسهل على بقية الفصائل الانقلاب عليه وإزاحته من المشهد السوري!
لذلك أعتقد أنه ينتظر الفرصة المناسبة التي تحددها أمريكا لفعل ذلك، وهذا ليس لأنه الملاك الحارس لمصلحة سوريا، بل هو المخرج الوحيد له من قائمة الإرهاب وتحديد موعد نهائي لقطف رأسه، وبذات الوقت يكون بطل المرحلة التي ستنتهي قريباً بعد إتمام المهمة التي أوكلوه بها!
حتى بقية الفصائل تدرك هذه الحقيقة، لذلك تسارع في إنشاء بيئة خصبة لهم، علّهم يجدون ملاذاً آمناً لهم عندما تأتي ساعة الصفر الأمريكية لإتمام المشهد السوري، وطبعاً لن يكون لهم ما خططوا، فالبيئة السورية مهما كانت متشددة، لن تكون ملاذاً لهم! وحروب الفصائل على مدى عشر سنوات في إدلب، أكبر دليل!
هل تعتقدون أن أمريكا التي أخرجت روسيا من المشهد السوري، ستتركه لأردوغان المتعجرف ليتحكم في موارد سوريا ويكون شوكة في خاصرة أوروبا وأمريكا؟!
بالطبع لا!
ولهذا تجدون تركيز تركيا على ضرب الأكراد بكل قوة وبشكل سريع تركز الفصائل الخاصة بها على تلك الحرب، لأنه إن لم تقضي على الأكراد، ستخرج هي الأخرى من المشهد السوري، فتسارع بذلك حتى تحصل على الأقل نسبة منه، أي الجهة الشمالية، وتسارع أيضاً لعقد اتفاق ترسيم الحدود قبل أن يأتي المشهد الأخير في سوريا، فتكون تركيا خارجه!
هروب بشار الآمن تم بالاتفاق ولهذا تسلمت الفصائل المحافظات تسليم اليد بدون أي مقاومة، بالرغم من أنهم بضع آلاف، أي ربما حوالي خمسون ألف مقاتل، والتي بإمكان الفرقة الرابعة التابعة للمجرم ماهر الأسد وحدها القضاء عليهم بدون فصائل إيرانية حتى! ومن هنا كانت الصدمة الكبيرة لإيران بعدم المقاومة نهائياً، بل حتى مُنعوا من المقاومة لفصائل الشمال، وتم أمرهم بالانسحاب الفوري!
بيان العقبة مؤخراً مع تأكيد أوروبا وأمريكا أنه لا رفع للجولاني من قائمة الإرهاب ولا رفع كامل للعقوبات إلا بحكومة ديمقراطية تتشارك كل الفئات السورية فيها، كلها تؤكد هذه الرؤية!
أما الرفع البسيط لبعض العقوبات مؤقتاً، هي محاولة لتجنب التهرب من إتمام المشهد بحجة العقوبات وعدم الحصول على التكلفة اللازمة لهذا المشروع!
الأسابيع المقبلة سنرى العجب، وتؤكد أننا نرى المشهد بشكل جيد.
إلى ذلك الوقت، دعوا الصبيان "الفتح المبين" في نشوتهم، صدمتهم قريبة جداً!
والأيام بيننا!
الكاتب: وديع طعمة.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top