البارت الرابع

فأجابت هيمي بينما ازداد وهج أدرعهم:

إلى مكان ستبقين فيه بأمان.. إلى عالم البشر...

صعقت شيزونا مما سمعته فحاولت استيعاب ما يجري، فجأة انطلقت أشعة سوداء من ذلك الوهج، فاختفت شيزونا من القصر، لتجد نفسها في مكان غريب يبدو كشارع كبير لكنه أحدث، و هي تقف أمام باب ضخم نوعا ما فتخرج منه امرأة في العقد الثالث من عمرها ذات عينين زرقاوتين و شعر بني براق، بينما كانت شيزونا تحدق فيها دون أن تستوعب ما يجري، فقط تعانق الكتاب في حضنها و بجوارها حقيبة صغيرة تحتوي بعض الأغراض.

في مكان آخر و تحديدا في قرية سحرة الظلام، المحاصرة في كل الجوانب من قبل مصاصي الدماء، و المستذئبين، و بعض من سحرة النور، في حين خرج جميع سحرة الظلام صغارا و كبارا خائري القوى، لأنهم قدموها إلى شيزونا و ما تبقى لديهم استخدموه لنقلها.

بعد ثوان فقط خرج حاكم سحرة الظلام إيتاشي و إلى جانبه زوجته الحاكمة هيمي، و كل منهما يحمل في يده سلاحا، فجأة تم اقتحام القرية و بدأ النهب و التخريب، حيث كان سحرة الظلام يستخدمون أسلحة عادية كالسيوف و الخناجر و ما إلى ذلك، أما المستذئبون فيتحولون إلى ذئاب متوحشة و يقتلون كل من يصادفونه، و مصاصو الدماء يشربون دماء سحرة الظلام إلى أن تزهق روحهم، بينما سحرة النور يتيحون طريقا سالكة للآخرين و يفكون التعاويذ الذي سبق و وضعها سحرة الظلام لحماية القرية.

لقد كانت حربا طاحنة و مات إثرها الكثيرون من جميع السلالات ما عدا البشر أكيد فهم لم يشاركوا في هذه الحرب، و ما هي إلا ساعات حتى سقط آخر فرد من سلالة سحرة الظلام، و هو الحاكم إيتاشي ممددا على الأرض وسط بركة من الدماء، و إلى جانبه جثة زوجته هيمي، بينما يقف ملك مصاصي الدماء بشموخ أمامه و قد تلطخت يداه و وجهه بالدماء، لتبرق عيناه الذهبيتان وسط الجو المظلم و الخانق، كانت القرية شبيهة بساحة حرب أو بالأحرى بسبب تلك المجزرة، فقد تم للتو إبادة سلالة كاملة، بعد أن كانت معرضة للإنقراض.

ما إن فارق الحاكم إيتاشي الحياة حتى تلاش الحاجز الذي يفصل بين حضارة البشر و قبائل السلالات الأخرى، و ذلك ما سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.

في هذه الأثناء كانت ما تزال شيزونا واقفة أمام باب الميتم و الدموع تنهمر من عينيها بغزارة، فجأة اقتربت تلك المرأة منها و احتضنتها، صدمت شيزونا، فبحد علمها البشر أشخاص أشرار و لن يرحموا أحدا من خارج سلالتهم، هنا لم تبالي شيزونا بتلك التراهات و بادلت احتضان المرأة الدافئ بآخر أقوى، إذ تمسكت بها بقوة و بدأت تشهق و تبكي بشدة.

إلى أن انسحبت المرأة من العناق و ابتسمت في وجه شيزونا الباكي، و بدأت تمسح دموعها برفق و هي تقول:

هل أنت ضائعة يا صغيرتي..؟ أليس لديك عائلة...

أومأت لها شيزونا بالنفي، و هي تحرك رأسها يمينا و يسارا، فأمسكتها من يدها و أدخلتها إلى الميتم، و تحديدا في غرفة واسعة تبدوا كأنها صالة المبنى، فأجلست المرأة شيزونا على الأريكة الطويلة، و غادرت لتحضر كأس ماء كي تهدأ، و قد استغلت شيزونا الفرصة لتخبأ الكتاب في الحقيبة سريعا.

عادت المرأة و في يدها صينية صغيرة تحتوي كأس ماء و آخر به جليب دافئ، وضعت الصينية على الطاولة أمامها، و اتخذت لها مكانا بجوار شيزونا ثم أردفت قائلة:

إذن ما هو اسمك يا عزيزتي...؟

لم ترد عليها شيزونا بل ظلت تتفقد المكان من الأعلى إلى الأسفل و تتفقد الصور المعلقة على الجدران، فقد لاحظت وجود الكثير من الصور لأشخاص مختلفين، و هنا أدركت شيزونا أنها في الميتم، فاستدارت باتجاه المرأة التي قالت لها بتساؤل:

ألا تستطيعين أن تتكلمي...؟

أجابت شيزونا هذه المرة بسرعة و هي تفرك عينيها:

أنا اسمي شيزونا.. و الباقي سأخبرك به غدا.. لأنني نعسة...

قالت آخر كلماتها و هي تتثاءب، و تكاد تغفوا في مكانها، ابتسمت المرأة بخفة و قالت لشيزونا بينما تقدم لها كأس الحليب:

حسنا، لكن على الصغار شرب الحليب قبل النوم لكي يكبرو بسرعة...

لم ترد شيزونا بل أخذت رشفة من الحليب و هي تتلذذه، فهذه أول مرة تتذوق فيها طعام البشر و خاصة أنه حليب معلب، على أي انتهت من شربه فرافقتها المرأة إلى إحدى الغرف، بينما شيزونا أسرعت بحمل حقيبتها و ركضت خلفها، فجأة توقفت المرأة أمام إحدى الغرف و فتحت الباب بخفة و هدوء، لتنير المصابيح، فيتضح لشيزونا وجود كثير من الأطفال على تلك الأسرة المصفوفة جنبا إلى جنب و هم نيام، فأشارت المرأة إلى شيزونا لكي تستلقي على السرير و تغطيها، ثم تقبل جبينها، لكن شيزونا كانت بالفعل قد غفت و هي تعانق حقيبتها.

فلم تشأ المرأة أن تأخذها منها كي لا تضايقها، لدى خرجت بسرعة دون أن تصدر أي ضجيج و أطفأت المصابح لتهم بالخروج، و شيزونا بالفعل غارقة في الأحلام أو بالأصح الكوابيس.


Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top