Chapter ::18::الاخير
بمجرد أن تخطئ سینسى الجمیع أنك كنت رائعا یوما ما.
****
ذلك الامل الذي صعد به لأخر سُلَّمَة هو نفسه الذي قسمه لنصفين .. أصبح وحيداً فجأة تجرفه الرياح بكلا الاتجاهات دون أن يستطيع مقاومتها و إعادة روحه لبر الامان .. لكن ، ماذا عساه أن يفعل بعدما إنغلقت أمامه كل سبل الهرب ؟ .. أيستسلم ؟ .. أم يقاوم ؟
" لا لا ، لا ، لا يمكن ! "
همس بهستيريا و جنون بينما يحيط رأسه بكفيّ يده بعد أن واجهت عيناه رؤيته لسفح جبلي بعد أن ظن أنه الطريق الذي سيجعله يخرج من هذه الغابة للمدينة !
انكمشت ملامحه لحزن و يأس ، فهو متعب لدرجة بالكاد يستطيع الوقوف ، يحتاج لأن يشعر بالامان ، يحتاج لأن يراه ليشعر بنبضه يعود طبيعياً مرة أخرى ! .. مازال المطر يبلله و مازال قلبه آملاً بمجيئه !
إلتفت بسرعة ليغادر هذا المكان لكنه تجمد بصدمة و شعر بقلبه قد انتزع منه من الذعر ليأخذ خطوتين للخلف في حين ابتسم كيد بشيطانية و نطق بخبث :
" لقد وجدت الفأر الصغير الذي يحتاج للعقاب ."
لم يتحمل لتنزلق دموعه خوفاً و هو يتراجع مجدداً بينما يتحدث باستياء و حذر :
" ماذا تريد مني ؟ .. ماذا فعلت لك لتحاول قتلي ؟ .. "
انزلقت دموعه أكثر ليصرخ ألماً :
" قتلت والداي و تسببت بجعلي أعيش بدونهما ! .. و ها انا أقف أمامك رغم أني لم أفكر بالانتقام منك! لكنك تفعل ، اللعنة عليك !"
صمت يحتضن ذراعيه ببرد يتخلل عظامه و قد هدأ قليلاً بعد أن شعر باليأس ، فقط بقى ينتظر ردة فعل الماثل أمامه ، يتمني أن يشعر بحاله لكنه كان أحمق ، فهل ذو القلوب السوداء تشعر ؟
تعالت قهقهاته الشريرة و بدأ يتقدم منه بينما يمسك سكيناً حاداً بيده اليسري .. تراجع آلين و شعر فجأة بالتعب ينتشر بجسده بالكامل ، دقات قلبه إنخفضت و تبعثرت بفوضى بينما الوحش أمامه لم يهمه سوى إخافته و التخلص منه .
انتشر فجأة صوت رصاص قوي جعل الطيور تهرب وسط الامطار الغزيرة خوفاً بعد أن كانت محتمية من المطر، رفع آلين نظراته سريعاً بلهفة فوجد مايكل يقف خلف كيد بمسافة و هو من أطلق لكن لسوء الحظ إبتعد كيد عن هدفه و لم يصاب !
" عـ عمي مايكل !! "
اتخذ خطواته ناحيته بعد أن شعر بالامل يتجدد حتي لو كان يخاف منه لكنه كان كالمأمن بالنسبة إليه ، لكن لم يكمل خطواته بسبب كيد الذي أحاطته سريعاً من معدته و حمله ليكون بحوزته فصرخ بفزع :
" عمااه !"
" إخرس ! "
صاح كيد غاضباً بينما يشهر سكينته برقبة آلين الذي شهق حين شعر بملمسها البارد لتزيد من وتيرة أنفاسه بينما يحدق بعمه بخوف .
" أتركه يا كيد .. واجهني أنا ، لا تتحامَى بطفل ."
نطق بعيون أشبه بالقارة المتجمدة بينما يشهر سلاحه نحو كيد الذي تراجع بالفتي للحافه ليختلس النظرات للنهر الجاري بالاسفل و الصخور التي تملأ المكان ، السقوط من هنا يعني الموت !
ضحك كيد بسخرية ليرد علي مايكل :
" عزيزي مايكل جيد إنك أتيت لأجعلك ترى طفل أخيك الراحل و هو يلتحق بوالده .. "
مع نهاية جملته صرخ آلين بألم حاد حين شعر به يمرر السكين علي رقبته لتنزلق الدماء و تغطي تيشرته الرمادي لكنه لم يقتله فقط جرحه جرح سطحي ، في حين صرخ مايكل بحدة :
" لا تكمل و الا قتلتك ! "
زادت قهقهات كيد و نشوته أكثر بتعذيب الطفل الذي رفعه أكثر ليكون بطوله ، كان آلين يمسك بيد كيد محاولاً نزعها رغم شعوره بالدوار و التعب الشديد .
" لن تستطيع إيقافـ..."
قهقه يتحدث لكنه بتر كلماته صارخاً بألم حين إخترقت قدميه رصاصتين تراجع علي إثرهما بعجز عن الوقوف أكثر بينما يتطلع علي المسبب بذلك لتليها مرة أخرى طلقتين بصدره .
" د... ديفيد .. أخي .."
همس بضعف و تقطع و خلال ثواني سمع صرخات بإسمه و حينها علم أنه يهبط للوادي العميق بعد أن جذبه كيد معه بعدما تلقى الطلقات تلك من ديفيد .
يد أمسكت به لتعيده للحافة ، لا ليس للحافة ! .. فتح عيناه ليجد نفسه معلقاً بيد مايكل بينما كان يتمسك بغصن شجرة منغرز بالصخور .. هل أسقط نفسه لينقذه ؟!
" مايكل تمسك !"
هتف ديفيد بقلق شديد بينما ينحني يحاول الامساك بيد عمه ، كان قلق للغاية من سقوط أحدهما أو كلاهما !
رفع مايكل نظراته الهادئة الغير مبالية لديفيد بينما يتحدث :
" لا تبالي بي ، إلتقط يد أخيك ."
" و أنت ؟ "
سأله مباشرةً بخوف و قلق ليجيبه مايكل بحدة بينما يرفع آلين من يده :
" نفذ فقط!!."
تمسك آلين برقبة عمه بخوف و تعب فابتسم مايكل بينما يحتضن ظهره قائلاً بابتسامة دافئة :
" لا تخف ، لقد مات و أنتم بأمان ."
توجهت عين آلين تلقائياً للوادي العميق الذي يغطي منتصفه بالضباب الكثيف ليخرجه صوت مايكل الذي شجعه :
" تمسك بي و إرفع نفسك قليلاً ليأخذك أخيك ."
" حاضر ."
همس بشرود ليساعده مايكل بالصعود ، فمد آلين يده بحذر لشقيقه حتي تقابلت يده بيد شقيقه الذي إبتسم و جذبه للأعلي ثم أحاطه من ظهره ليسقطا سوياً يحتضنان بعضهما براحة لكن ذلك قبل أن يسمعا صوت مايكل الذي تحدث بحنان لأول مرة بعد فترة طويلة ربما :
" حافظا علي بعضكما ، أنتما أخوة .. حياتي إنتهت لكنكما أخذتما فرصة للعيش مجدداً بعيداً عن كل شئ ..هذا إختياري لأكفر عن ذنبي ، عيشا بسلام."
" مايكل تمسك بيدي ."
لم يهتم ديفيد بكلامه بقدر إهتمامه بحياة عمه مهما فعل ، لذلك هتف بقلق شديد بينما يحاول الوصول ليد مايكل الذي ابتسم و رفع يده لتلتقي بيد ديفيد الذي إرتاح لفعلة مايكل لكن إبتسامته إختفت حين خدعه مايكل ليفلت يده الممسكة به و يده الممسكة بالغصن فصرخ ديفيد بصدمة :
" عمى مايكل ! "
..
« قادم أخي »
همس مايكل بينما يغمض عيناه براحة ضمير بينما يهبط جسده بذلك الوادي ، كان قد تمرد لأجلهما ، شعر أنه تخطى حدوده بما فعله ، كان السبب باليتم الذي أصبحا عليه لهذا قرر التمرد و حمايتهما ، و كان أول شئ فعله هو إختطاف آلين لإبتعاده عن كل شئ ليستطيع الانتقام من كيد و كيلاريا الذين خدعا الجميع بالماضي .. قتل كيلاريا أولاً و حين أراد قتل كيد كان قد إختفى فأصبح يبحث عنه بعدما تفقد ديفيد و علم أنه بمنزل برايدن ، و لم ينسى الذهاب لبرايدن و إلتقائه ليجعله يسامحه بالاضافة لوالده لكنهما لم يخبرا ديفيد حتي لا يشك بشئ ، حين عاد لمنزله لأجل آلين وجد الفوضي تعم المكان لهذا أخذ سلاحه و لمعرفته بكل شبر بالغابة إستطاع إيجادهما بسبب صوت كيد الذي سمعه يصرخ بكلامه ذاك ، ذهب سريعاً لإبن أخيه بعدما تأكد أن ديفيد سيأتي لهذا أراد إنهاء الامر قبل أن يأتي ديفيد ، لهذا حين أتته الفرصة للموت رحب بها بصدر رحب لعل ذلك القرار يجعل حياة أبناء أخيه مسالمة بعد رحيله ، لعلهما يسامحانه علي كل ما فعله !
لأول مرة يبكي ديفيد لأجل عمه ، تذكر ماضيهما و كيف كان يحبه عمه و يحميه ، لقد كان يعلِّمه ! .. لقد رحل الان .. رحل كما رحل عنه والداه !
مسح دموعه و تراجع لآلين الذي كان يجلس أرضاً بشرود يحدق بالوادي حيث سقط عمه ليشعر بيدي شقيقه تلتف حوله يحضنه بحزن عميق ، فتمسك ببطء بقميص أخيه و أبعد عيناه يغمضها و يدفن وجهه بصدره يختبئ ، تحيطه دائرة من الامان ، تبعد حزنه و تعيد روحه ، تواسيه لموت والداه ، ضياعه ، تواسيه لموت عمه ، تواسيه بألمه ، هذا ما كان يحتاجه ليستطيع إغماض عينيه براحة فقد أتاه الامان أخيراً ، أتاه السند .
.
.
.
بعد ٣ شهور ...
جذب يد ليام ليسرعا معاً نحو قصر عائلته ، هناك حفلة يقيمها عمه برايدن بين الاسرة و الاصدقاء المقربين فقط .
" تمهل آلين ! لن يقيموها بدوننا .. يعلمون إننا بالمدرسة ."
هتف ليام بتعب بعد أن توقف يستند علي ركبتيه و يلتقط أنفاسه فنظر له آلين بعبوس و قال بتذمر :
" قد يفعلوها ! .. ألا ترى إننا تسكعنا للسادسة ؟ و السماء أظلمت بالفعل ."
إعتدل ليام بغيظ و رد بينما يسير أمامه بهدوء :
" و ماذا يهمك بالحفلة و أنت تكره الحفلات سيد لينكولن الموقر ؟ "
تنهد آلين بغضب و جذب يد ليام معه يغادران بينما يجيبه بعبوس و خبث :
" ليست الحفلة لكن ما سيحدث بالحفلة يا أحمق ."
عقد ليام جبينه بقلق و توجس ليسأله بقلق و حذر :
" ماذا فعلت يا آلين و ما الذي سيحدث ؟ "
" ستعرف لكن هيا لنسرع ."
لم يمهل صديقه لمعرفة شئ بل سحبه خلفه مسرعاً للقصر و قلبه يمتلئ بالحماس الشديد ، هذا المتوقع من آلين لينكولن ! يتحمس للمصائب ! .
بعد عشرة دقائق إستندا علي ركبتيهما أمام بوابة القصر يتنفسان بإرهاق ، دخلا بعد ذلك حيث قابلهما إيان غاضباً :
" يا حمقى ، لما تأخرتما ؟ "
" كنا نتسكع إيان ."
أجابه آلين بصراحة تامة ليتنهد إيان بخيبة أمل من تصرفات أمير قصرهم المدلل ..
" دعهما إيان هما مخبولان ."
كان هذا صوت لؤي الذي نطق ساخراً ضاحكاً ليغيظ آلين الذي عبس بتذمر و نطق :
" أنت المخبول الاحمق ."
لم يهتم لؤي بما قاله بل تجاهله كلياً ، لقد تصالحا سوياً بالفعل و أصبحت علاقتهما جيدة نوعاً ما .
" توقف ألين عن شتم إبني و إذهب لتغيير ملابس المدرسة قبل أن يراك ديفيد و يقتلك ."
عبس أكثر فقد كانت لانا والدة لؤي التي تحدثه فقد تصالح معها أيضاً لكن أفعاله و مقالبه بها لم تنتهي بعد .. تنهد ليام بانزعاج و يأس و جذب يد آلين ليصعدا .
ضحك التوأم كاي و كايا فقد رآيا ما حدث ليغادرا بعدها و ينضما للجميع .
*
" عليك فعل ذلك يا ديفيد ، أرجوك ."
هتف زاك متوسلاً لديفيد الذي تراجع متفاجئاً منه ليعقد جبينه برفض تام و توتر :
" لا ، لا يمكن ذلك يا زاك ، هذا مستحيل ! "
_" المستحيل هو عدم المحاولة يا ديفيد ، فقط إستمع لحديثي و نفذه هذه المرة فقط و الا لن أسامحك ما حييت ."
تركه و غادر غاضباً ليغمض ديفيد عيناه يفكر بقلق من فكرة زاك لكنه حسم الامر .. الان سيجرب .
غادر الشرفة التي كانا بها يتناقشون لينزل للأسفل .
بالاسفل جلس آلين يلتهم جزء الكعكة الذي سرقها من لؤي الذي كاد يتشاجر معه بسبب فعلته لكن ويل حل الامر بينهما تحت ضحكات و يأس الجميع من آلين و أفعاله .
" هيه ميمي تعالي و شاركيني ."
حدقت فيه فتاة بوجه عابس بعمر السبع سنوات و تحركت نحوه ليسحبها لتجلس بجانبه ثم أعطاها قطعته و قطعة أخري جذبها من كاي الذي ضرب وجهه لما فعله بينما هو لم يبالي بل نطق بغزل :
" هيا كلي حلوتي حتي أتزوجك حينما أكبر ."
بالكاد تدارك الجميع الصدمة و خاصةً حين ابتسمت الفتاة بسعادة تنظر له متجاهلة نظرات أمها العابسة :
" و أنا أوافق أخي آلين ."
ضحك آلين بإحراج لينظر لطعامه بتوتر من ضحكاتهم و سخريتهم من تفكيره !
" تحتاج لأن تتعقل أولاً لتفكر بالزواج أيها الطفل الشقي ."
قاطعهم ديفيد الذي أتي نحوهم ببروده المعتاد لينظر له ألين بعبوس و زاد عبوسه حين تقدم ليام تاركاً أخته الصامتة ينطق بسخرية :
" زواج ماذا يا ديفيد ؟ .. هذه الدجاجة لا تستطيع التوقف عن الثرثرة و الثرثرة في المدرسة ."
نظر آلين لليام بعبوس شديد ليلكمه بخفة علي معدته جعلت من ليام يتأوه بتصنع :
" يدك آلمتني يا متوحش ."
" أنتم مقززون !"
هتف غاضباً متذمراً بينما يتعارك مع ليام ، ليبتسم ديفيد و يبتعد يجلس بمكانه .. بتلك اللحظة علا صوت الموسيقى الكلاسيكية لتنهض إيڤا نحو زاك و تحدثت بإبتسامة ساحرة :
" نرقص؟ "
" بالطبع حلوتي ! "
أجابها متفاجئاً منها و أمسك بيديها ليعبرا سوياً أمام الجميع الي أن توقفا بالمنتصف ، وضعت يدها علي كتف و الاخري أمسكت بيده بينما يده تشبثت برقة بخصرها ، نظرت له بإبتسامة و أخذا يرقصان علي النغمة الهادئة .
نهض برايدن ليسحب كاميليا و ينضما بجانبهما ، بعد لحظات انضما ميكا بخطيبته و جاك بزوجته و لا ننسي أيضاً جين بريما التي أخذت تضحك علي فعلته فقد أخذها رغماً عنها لترقص معه .
" هيه ما رأيك لنرقص ميمي ؟ "
نظرت له الطفلة بحماس لتمسك يده و تنطق بأمر :
" حسناً و لكن ستعلمني الرقص ."
توقف يحدق بها بعبوس و ينطق بتذمر :
" تمزحين ! ظننتك تعرفين الرقص ! "
" لا أعرف "
تنهد لينظر لكايا و ينطق بصوت سمعه الجميع :
" كايا انضمي للرقص و علمينا ."
ابتسمت كايا و نهضت لتسير ناحية أخيها تعطيه إبتسامة غامضة ثم توقفت أمام ديفيد الذي رفع نظره لها :
" ماذا ؟ "
" لترقص معي ."
" لا أحب الرقص "
" سوف أعلمك ، لا ترفض أرجوك"
تنهد " إذهبي و إجعلي أخيكي يرقص معك ، أليس توأمك ؟ "
" انا أريدك أنت ، انت أخي الاكبر يا ديفيد ."
تأفف ديفيد و أرغم نفسه علي النهوض لتمسك بيده بسعادة و يسيرا سوياً نحو الذين يرقصون .
" ألن ترقص ؟ "
سألت ميمي بإستغراب حين وجدت آلين يعود أدراجه ليجلس بمقعده مجدداً بدون أن يذهب للرقص ، فأجابها بحماس مكبوت :
" بل سأشاهد فقط ."
تنهدت و جلست جانب والدتها التي ابتسمت بهدوء لتدير نظرها نحو من يتمايلون و يرقصون بتناغم .
أثناء الرقص ، أخفضت إيفا عيناها المحتقنة بعد أن اختلست النظرات بغيرة واضحة لديفيد الذي يبتسم لكايا التي بدورها تضحك معه بينما يرقصان سوياً .
" هل هناك ما يزعجك ؟ "
سألها زاك لتنظر له بصمت لمدة من الوقت قبل أن تخفي عيناها الحزينة و تنفصل عنه :
" أسفة لا أستطيع الاكمال ."
كان صوتها حزيناً متألماً جعل زاك يحدق بها و هي تبتعد و تسير بعيداً عنه حزينة ..
لاحظ الجميع ما يحصل بينما لم تهتم إيڤا بالامر بينما تعبر قرب ديفيد الذي توقف بدوره يفكر بكلام زاك ثم و بدون شعور إلتقط معصمها و جذبها بحركة سريعة لتصبح بأحضانه .. توسعت عيناها دهشة في حين حدق بها باشتياق .
" إشتقت لكِ."
رفعت عيناه بسرعة تلتقي بعيناه الحزينة ، كانت متفاجئة مصدومة و هو كان مشتاق ، مشتاق لعيناها ، لضحكاتها ، لكلامها ، لكل شئ فيها !
توقفت الموسيقي لكنهما لم يهتما بل كان كلاً منهما يتحدثان لبعضهما بالاعين ! ..
فجأة ارتفع صوت التصفيق و تقدم زاك ينطق امام الجميع :
" أود أن أقول أنني و... الجميع بالفعل يعلم بحكايتكما ! "
ابتسما بخجل و نظرا لبعضهما و الجميع حولهما ...
( لا أحب الرومانسية الفذة 😂 لهذا سأقطعها )
تغيرت نظراته المتحمسة لأخري حزينة ، قبض قلبه بخوف فتراجع خطوة للخلف ليبتعد ، يبعد صورة شقيقه و إيفا -الذان يتناقشان مع الجميع- بعيداً ليخرج من الحفلة بقلبه الذي إرتعد لفكرة تخلي شقيقه عنه مجدداً بعد أن يتزوج !
ما إن تنفس هواء الخارج حتي خطت الدموع تحتضن خداه ، أفكاره الوسواسية تكاثرت عن أن سنده الوحيد لن يعود إليه هو ، سيكون لشخص ثاني تماماً ، سينجب غيره و سينساه ! .. سيكون أسرة لنفسه و قد يضطر لأن يبعده عن حياته .. سيعود وحيداً مجدداً .
" أمي ، أبي أنا أرتجف ! "
همس يحيط جسده بذراعيه و ينظر للسماء ، يعد النجوم فيها بجانب القمر !
يده إلتفت حوله آخذه إياه بعناق و اليد الاخرى أمسكت برأسه يدفنه بصدره تحت توسع عيناه حيث حاول مسح دموعها لكن بالنهاية لقد رآها الاكبر بالفعل !
خرج صوته الهادئ يسأله بنبرة مستنكرة :
" تظن أني سأتزوج و أتركك بعد ذلك متناسياً إياك صغيري كوني كونت أسرة ؟! "
أغمض عيناه بحزن و إنكمش بصدر أخاه أكثر ينطق بألم :
" ألن تنساني إذاً ؟ ... ألن أعود وحدي مجدداً ؟! .. لن تتركني صحيح ؟! .."
" أخيك سيكون لك وحدك ، ألين .. "
نظرا الاثنان للصوت الانثوي ليجداها إيفا و بجانبها زاك مبتسماً بهدوء ، تقدمت لتجلس جانب ألين من الناحية الاخرى و مدت يدها تمسح بها علي خصلاته تمد نظراته المستفسرة بالاجابة :
" .. لقد أخذنا القرار ، قلب ديفيد لأخاه فقط ، حتي لو إمتلكته أنا لن أستطع العيش لأن بيني و بينه عدم تفاهم .. ليس هناك حب دون تفاهم ، لهذا لم أنفصل أنا و زاك .. لقد كان مجرد قرار فكر فيه زاك لأجلي و لكني تكلمت مع ديفيد و تفاهمت معه .. قررنا سوياً أن ندع زاك يفعل ذلك و نصدمه بقرارنا .. "
أبعد زاك عيناه بخجل من غباءه لتقهقه إيفا علي مظهره و تكمل :
" لهذا أنا و ديفيد لن نتزوج ، بل زواجي سيتم من زاك فقط و لا أحد غيره .. و سيكون قلب ديفيد يمتلكه آلين فقط .. شقيقه الوحيد ."
سالت دموعه أكثر غير مصدقاً و فرحاً بأن شقيقه لن يتركه أبداً ، لا بأس بأنانية بإمتلاكه لكنه إن تركه مجدداً سيعود لما كان عليه ، سيؤلمه قلبه .. لقد كان مأواه و سيكون دائماً .. كم توقف قلبه من الالم حين غاب عنه ؟! .. كم تألم لفقدانه ؟! .. هو لا يستطيع الابتعاد مجدداً ، شقيقه هو هواءه و أكسجينه الذي يتنفسه ، هو عقله و قلبه .. حياته كلها متعلقة بشخص واحد و هو ديفيد .. و إن كانت أنانية منه فلتكن .. المهم ألا يبتعد سنده عنه مجدداً بعد أن وجده !
نظر لديفيد فرأي ابتسامته المؤكدة ليبتسم وسط دموعه و ينقض معانقاً و موقعاً ديفيد الذي تفاجأ من فعلته ليلف ذراعيه حوله يستمع لنحيبه و يربت علي رأسه ليهتف آلين وسط دموعه أمام كل الموجودين من عائلتهما :
" أحبك ديفيد .. أحبك أخي .. أحبك سندي الوحيد ."
و لقد عدت أخيراً يا سندي .. من غيرك ملك قلبي ؟ .. كنت مأواي و كنت موطنك .. كنت سندي و كنت قلبك .. تركنا والدانا لنكون سنداً لبعضنا .. فكيف لنا ترك بعضنا و نحن خلقنا لنكون كلاً منا سنداً للأخر ! .. فلا تنسي السند هو أنت و أنا قلبك النابض !
رواية عبرت عن كيف للآنسان أن يحيي بسند ، لكل منا أمنية ، أن يجد سنده الذي سيعانقه و يحتويه .. ربما يكون السند هو شخص قد أحببناه ، ربما والدٍ أو أمً ، أو .. أخاً يكون لنا كل ما نملك .. يحتوينا بقلبه قبل ذراعيه .. يشعرنا بالحب يغمرنا فلا نتمني قلباً أخر يحتوينا .. إن وجد كل شخص سند له يشعر معه بالاحتواء ، يشعر معه بالحب و الامل بأسرته لم يكن بمقدورنا البحث عن سند أخر يحتوينا خارجها ، لم نكن لنيأس أو نصدم بأوناس وضعنا مفهوم السند فيهم ليرهقوا قلوبنا ، هؤلاء من ظنناهم كل ما لنا ليكونوا غائبين عنا .. و إن جاء ذلك اليوم و لم تجد لك سنداً فكن لنفسك سنداً ، إحتوي نفسك ، عاند ، إستعمل عقلك ، تجنب قلبك ، حاول ، لا تترك أحد لا يحبك يسندك ، لا تتوهم بذلك حتي حين يتركك لا تبالي ، لا ينكسر قلبك ، كل إنسان منا داخله سند ، يستطيع به إكمال الطريق الخاص به .. يستطيع الحياه بحرية دون قيادية .. نحن لنفسنا و لحياتنا سند ، نحن لأهلنا لأحبائنا سند .. نحن لقلبنا سند .
*
🥀النهــــاية The end 🥀
هذه الرواية عبرت عن قصة الشقيقان الذي تركهما والداهما أحدهما طفل و الاخر شاب تحمل مسؤولية شقيقه الوحيد ، فمروا بتجارب بينهما ، شجارات ، خوف أمل و بكاء .. كل ذلك كان لأجل بعضهما ، كلاً منهما حاول توصيل فكرة للأخر ، أصغرهما أراد الاحتواء غير مدرك لإحتواء أخيه الاكبر بطريقته .. تشاجروا ، تألموا معاً ، عانقا بعضهما ، أسرار خُبئت لأجل حماية الاخر .. مروا بالكثير من المشاعر ، تفرقا ليكون أحدهما هائماً ليعودا مجدداً بعد أن وجدا أن لا أحد غيرهما يشكل سنداً للأخر سواهما معاً .. هكذا هو الحب ، الحب الاخوي الخالص الذي يتمناه الجميع و أنا أحدهم ، ثم شكلته علي هيئة شقيقان مختلفا الاعمار ، تولدت كل مشاعرهما و أرائهما مع نبذة كوميدية أشعلت الرواية .
أتمني أن تكون قد عبرت روايتي عن معني السند ..
أخبروني كل واحد قرأها ، ما مفهوم السند لديه ؟
أخبرني رأيكم بالرواية بشكل عام بالجزئين ؟!
رأيكم بالسرد ؟
هل وصل مفهوم القصة لديكم ؟
هل وصلتكم أي نصيحة ستعملون عليها ؟
بمن لم يرد إيفا ، للنهاية كنت أفضل أن لا يتزوجا ليس لأني لا افضل الرومانسية لكن عامةً هي ليست مهمة بالنسبة للرواية ، كما و أن المعني الحقيقي للقصة هي بقاء الاخوين معاً .. غير ذلك بنيت الامر علي أن الاهتمام و التفاهم هو محور أي علاقة و ان لم يوجدا فلن يكون هناك حب مكتمل ، زاك و إيفا مناسبين فهنا يفهمان بعضهما عكس إيفا و ديفيد فعقليتهم مختلفة رغم حبهم لبعضهم .. و الان أخبرني هل هذا الامر صواباً أم لكم وجهة نظر أخرى ؟
سعيدة لأنها نالت إعجابكم و وجدت فيها كلمات و تعليقات أضحكتني و شجعتني لإكمالها
أود شكركم جميعاً فلولاكم ما أكملت بكل هذا الحماس 🦋❤️شكرا من كل قلبي ❤️
كل عام و أنتم بخير ❤️
أراكم برواية أخري فمازال قلمي نابض بحبري ، و مازال عقلي يعمل و نحمد الله علي ذلك ❤️
انتهت بحمدالله✨
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top