39~جُولْيَانَتِي...لَا تَبْكِي

قراءة ممتعة💛

﴿سَكَتْنَا وَلَكِنَّ الْعُيُونَ نَوَاطِقْ، أَرَقُّ حَدِيثٍ مَا الْعُيُونُ بِهِ تَشْدُوا﴾

- إيليا أبوماضي.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

في رواقٍ أنواره خافتة، تفوح منه رائحة المعقمات، ولا يشوب بياضه عدا كراسي الإنتظار.

تجلس عائلة، أصدقاء، وكل من هم مقربون.

ملامحهم يكسوها القلق، وقد بدى جلياً الأرق على محياهم من كثرة الإنتظار.

يعدّون الثواني في صمت، وينتظرون خروج الأطباء بلهفةٍ جامحة.

حدّقت ايرين في مَن حولها وأخيراً بعد أن كانت تغلق جفنيها مخفيةً عيناها الذابلتان والقلقتان على محبوبها.

رأت السيد جينهو يربت على كف زوجته الواهنة، أما إبنه الأكبر فهو لم يكف عن الذهاب والإياب أمام غرفة العمليات، وإبنته الصغرى قد غفت وسط دموع خوفها على مصير شقيقها الأوسط.

والبقية...حالهم لم يكن أفضل.

شعرت كما لو أنّ الهواء خاصم رئتيها لرؤيتهم بهذا الشكل، فإستقامت حتى تختلي بنفسها قليلاً.

جرّت خطواتها المثقلة وصولاً لحديقة المستشفى، جلست على أحد المقاعد متجاهلةً الصقيع القاتل وظلام الليل الحالك.

مخائلها إتشحت بالذبول، فتمسى كمن فقدت روحها وصارت جثةً هامدة.

وعلى حين غرة، طالعت السماء، فلمحت نجمةً لامعة جميلة.

إبتسمت بحزن وخاطبتها برجاء:
- إن كنتِ يا خالتي تراقبينني من السماء، فأتوسلكِ أن ترددي دعواتكِ من أجله...إنه بحاجتك.

وحالما أشاحت نظراتها عن السماء، رأت فتاةً شابة من خلف الجدار الزجاجي للمستشفى...لقد كانت كفيفة!

تهتدي بعصاها لمعرفة طريقها، بينما يعشوا الظلامُ على مرآها.

لوهلةٍ تخيلتها تايهيونغ! فإنسابت دمعةٌ يتيمة من محجريها.

وما هي سوى لحظاتٍ من الصمت، حتى آنس دموعها صوت البكاء...لقد بكت، ولم تستطع كبح نفسها.

ضعفها جعلها تمقت نفسها، لأنها لم تفي بوعدها له.

وعدته أن تثق به، وعدته أن تكون قوية، وعدته ووعدته ولكن ما من شيءٍ وفت به!

تذكرت توسل نظراته المليئة بالحب تجاهها، وبسمته الأخيرة قبل أن يفصلهما باب غرفة العمليات.

تذكرت وتذكرت...فزاد إنهمار دموعها.

Flash back:~

يغطي جسده رداء المستشفى، بينما يجلس القرفصاء أمامها ويربت على كفها.

نظراته ملأها الحب، وبلكنةٍ حانية أوصاها:
- سأتغلّب على المرض من أجلك، فقط ثقي بي.

رفعت عيناها المنذرتان بفيضٍ من الدموع نحوه، وتأملت بندقيتيْه لهنيهات قبل أن تخسر النزال أمام رغبتها في البكاء.

ذرفت دموعاً مبتأسة ولم تنطق ببنت شفة...فقط تحدق بعينيه.

إبتسم مخفياً شجونه، وكفكف لآلئها نافياً برأسه.
- لا تبكي أرجوكِ!

لم تكن في وضعٍ يسمح لها بمواجهته، فدسّت وجهها الباكي في عنقه وإحتضنته معبرةً عن قلقها.

أحاطها بزنديه مشدداً على عناقها، بيد أنه جابه ليحبس عبراته.

ثم وبعد دقائق، أبعدها وكوّب وجهها بكفيه الكبيرين، مسح دموعها بإبهاميْه للمرةِ الثانية، وأراح جبينه ضد جبينها قبل أن ينبس بخفوتٍ أجش:
- عِديني بأن لا تبكي ايرين.

أغمضت عيناها بوهن، ثم أومأت.
- أعدك.

وختاماً لما نطقت، لثم شفتيهما في قبلةٍ هادئة حالما شعر بمقلتيه تذرفان الدموع...لم يرد أن تراه ضعيفاً بينما يطلب منها التحلي بالقوة!

وما إن فصلها حتى دخل يونغي الغرفة وأعلمه قائلاً:
- هيا بنا تايهيونغ.

همهم له، فغادر الآخر تاركاً مساحةً خاصة لهما قبل بدأ الجراحة.

أغمض تايهيونغ عيناه وإستلّ نفساً عميقاً مستنشقاً فيه عطرها قبل مغادرته.
- إن تعرض شابٌ آخر لذات موقفي، لفضّل عدم الرمش حتى يُشبع عيناه بوجه حبيبته، لأنه قد لا يراه مجدداً! لكنني لن أفعل، فأنا سأتأمّلكِ في ظروفٍ أفضل من هذه، ومن دون مرضي أيضاً...سأحارب من أجل تلك اللحظة، أقسم لكِ جوليانتي.

رست شفتاه على جبينها مقبّلاً إياه، ثم إبتعد راسماً بإبهاميْه بسمةً مرغمة على شفتيها.
- إبتسمي...فهذا الوجه الجميل لا يليق به العبوس!
أريد أن أرى ضحكتكِ كأول شيء بعد أن أُعاود فتح عيناي...حسنا؟

إرتعشت شفتاها وكبحت دموعها وشهقاتها مومأةً له، فإبتسم بدفئ وربت على كتفها.
- سأنتظركِ.

غادر من بعدها وتركها تتأمل طيفه الذي توارى شيئاً فشيئاً رفقة وجع قلبها.

End flash back.

لم تكف عن ذرف الدموع، فإذا بها تشعر بيدٍ ترسوا على كتفها مربتةً عليه.

رفعت مقلتيها المحمرّتين نحوه، فوجدت أنه جونغكوك.

إفتر إبتسامة هادئة، ثم إتخذ لنفسه مكاناً بجوارها.
- لم أعهدكِ ضعيفةً من قبل!

- حاولت كبح دموعي، لكنني لم أقدر! فكلما تذكرت كلامه وتوقعت الأسوء أشعر بألمٍ فظيع في أقصى صدري.

أكمل جونغكوك تربيته على كتفها، وأضاف محاولاً تشجيعها رغم أنّ ما يمر به ليس بأفضل منها:
- كوني إيجابية وتحلي بالعزم، فتايهيونغ لن يُسعده ما تفعلين.

زارهما الصمت بعدها الى حين طرحها لسؤالها محاولةً تغيير مجرى الحديث:
- أين هيري.

- لقد غفت، كانت ستلحق بكِ لكنني منعتها لمعرفتي رغبتكِ في مجالسة نفسك، ولكن بعد أن رأيتُ برودة الطقس وتأخركِ، قررت اللحاق بكِ...هل تشعرين ببعض التحسن الآن؟

إبتسمت بإمتنان وأومأت.
- اجل...شكراً لك جونغكوك.

- العفو، هذا واجبي.

وسرعان ما مدّ كفه للأمام، فحطت عليه حبة ثلج.
- الطقس بارد والثلج بدأ يهطل، هيا بنا فلندخل.

ساعدها على الوقوف ودخلا سوياً حيث البقية ينتظرون.

________________________

مرّت ساعتين إضافيّتين، يليهما خروج الأطبّاء من بينهم يونغي وإيوجين اللذان شاركا في إجراء الجراحة بما أنهما أخصائيان في جراحة الأعصاب.

هرع الجميع إليهما وأمطروهما بالأسئلة.
- هل هو بخير؟

- هل نجحت عمليته؟
وغيرها الكثير من الأسئلة، خلعا كمامتيهما، وأجابهم إيوجين:
- العملية سارت على نحوٍ جيد، نأملُ أن نحصل على النتائج المرجوّة بعد يومين.

ربت يونغي على كتف جين، ثم غادر رفقة إيوجين.

- إبتهجوا...حدسي يخبرني أنّ الجراحة ناجحة وتايهيونغ سيعود ليشزرنا بنظراته المخيفة كلما أخطأنا!
نطقت جيسو ببسمةٍ جميلة باثةً السكينة في ترائبهم، فإبتسموا بدورهم وهمهموا آملين إصابة حدسها.

- أمي...أبي، عودا الى المنزل وخذا قسطاً من الراحة، سأبقى مكانكما وسأتصل بكما إن حدث أي شيء...حسناً؟
خاطب جين والداه، واللذان همهما رغم محاولة والدته للإعتراض في بادئ الأمر.

ظلّت فئة الشباب بإنتظار إستفاقة صديقهم، فمنهم من أهلكه النعاس، ومنهم من لم يتناول أي شيء منذ ساعات، لذا إقترح بيكهيون ساحباً جيمين برفقته:
- رفاق، سنذهب أنا وجيمين لجلب بعض القهوة والطعام.

إكتفوا بالهمهمة بينما جلست هيري قرب ايرين الشارذة ومسدت على شعرها بلطف.
- ما بها صغيرتي؟

تكلفت ايرين ابتسامة هادئة حاولت من خلالها طمأنة الأخرى.
- لا شيء، أشعر ببعض التعب فقط.

أراحت هيري رأس ايرين على كتفها وربتت عليه.
- نامي قليلاً.

لم تناقش، فهي قد أسدلت جفناها وسافرت الى عالم الأحلام علّها تهربُ من الواقعِ قليلاً.

___________________

في صباح اليوم التالي...

Taehyung pov:~

زال تأثير المخدر وإستيقظت.

شعرت بوخزٍ طفيفٍ في عيناي، غير أني لم أرى شيئاً عدا الظلام بفضل الشاش الطبي.

أحسست بلمساتٍ ناعمة تداعب وجنتي اليسرى، فرفعت كفي وتحسست يد الفاعل.

يدٌ صغيرة وناعمة بأظافر متوسطة الطول، تهلهلت أساريري وإبتسمت بإنشراح...إنها جوليانتي.

- تاي، هل إستيقظت؟!
لبّت رغبتي وكانت أول من يجاورني من بعد إستيقاظي، ما يزال أن أُزيل الشاش وأراها إن كُتب لي النجاةُ من العمى!

أومأتُ وشابكتُ أناملنا بحب.
- أجل.

- هل تشعر بالألم؟
طغى القلق على صوتها، فنفيت برأسي مطمئناً إياها ومشدداً إمساكي لكفها.
- كلا، مجردُ وخزٍ طفيف.

ساعدتني على الإتكاء، ثم قالت:
- إنتظر قليلاً، سأنادي يونغي وإيوجين والطبيب ميونغ.

لكنني إستوقفتها وحاوطت كفها من جديد.
- إنتظري، دعينا نبقى بمفردنا قليلاً.

سمعت تنهّدها وإنصياعها لطلبي، إلا أنها وقبل أن تجلس، إخترق مسامعي صوت فتح الباب، وبما أنّ الفاعل لم يطرق فهما إثنان لا ثالث لهما...إما جونغكوك أو لورا!

- زرافتي هل إستيقظت؟ هل تشعر بالتحسن؟
كانت لورا، ويليها أصوات البقية الذين ميزتهم على الفور.

قاطعوا خلوتنا، فعبست.

شعرت بالجانب الأيمن لسريري ينخفض دلالةً على جلوس أحدهم، ولم تكن سوى أختي.

تلمّست وجنتاي ولم تكف عن طرح أسئلتها...تصبح ظريفة حينما تقلق على أحدٍ ما.
- أخي، هل تشعر بالبرد؟ هل أزيد من درجة حرارة الغرفة؟ هل تحتاج بعضاً من الماء؟

ربّتُ على كفها ونفيت مبتسماً بلطف.
- كل شيءٍ على ما يرام، شكراً لكِ لورا.

- أيها اللعين! تبدو بأفضل حال، لقد أقلقتنا عليك وخفنا من مضاعفات الجراحة!
دغدغ جونغكوك باطن قدمي، فقهقهت مزيحاً إياها.

- أنا بخير يا مغفل.

- معه حق، أنت تستحق ركلة!
إنها إيونها بصوتها المنذر على بكائها...تأثرتْ بسرعة كما لو أنها تمثل مشهداً درامياً في أحد مسلسلاتها!

قهقهت عليها هي الأخرى، وحذرتها بمزاح:
- سأقتلكِ إن بكيتِ.

صفعتني على قدمي فتأوهت وسط قهقهاتي المستمرة.
- هل تصفعينني وأنا مريض يا بربرية!

ضحك الجميع عليها ما إن بدأت تبكي، ثم حلّ الهدوء.

صمتُّ لبرهة بعد أن إفتقدتُ جين! فالجميع هنا قد تمنى لي الشفاء العاجل...عداه هو ووالداي.

تعجبت، إلا أنّ تعجبي لم يدم طويلاً بعد أن سمِعتُ صوت فتح الباب.

شعرت بكفين دافئين يحاوطان وجنتاي، يليهما شفتان قد قبّلتا كل إنشٍ في وجهي...إنها أمي.

- بني حمداً لله على سلامتك، هل تشعر بالتحسن؟

بصوتها الحاني خاطبتني، وبلمساتها الناعمة حاوطتني في عناقٍ دافئ.

إبتسمتُ بإمتنان، وتلمَّستُ وجهها حتى وصلت جبينها، فقبّلته قبلةً مطوّلة، ثم نطقت:
- قبلاتكِ وحدها تشفي جروحي وتعيد إليَّ الحياة.

عاودت إحتضاني مجهشةً بالبكاء، فسمعتُ صوت جين بالقرب مني.

- لما تبكين أمي؟! إنه بخير.
ربّت على كتفي، ثم أضاف بلهجةٍ بشوشة:
- بما أنك شقيق أوسم رجلٍ على وجه هذا الكوكب، فيجب أن تتعافى بسرعة وتعود إلينا تايهيونغاه.

مسدت على يده القابعة فوق كتفي وأومأت مقهقهاً على نرجسيته.

وسرعان ما نطق صوتٌ أجش جعلني أبتسم وأبحث عن صاحبه رغم أني لا أرى:
- تايهيونغ بني، حمداً لله على سلامتك...نحن نثق بك وبإنتظار تعافيك.

لم أكف عن الإبتسام لكلامهم المشجع.

وفي حين يمازحني الجميع محاولين تلطيف مزاجي، دخل الطبيب ميونغ، والذي ميزته ما إن تحدث:
- حمداً لله على سلامتك سيد تايهيونغ، أرى أنك بصحةٍ جيدة.

إبتسمت له وأجبت:
- هذا بفضلك طبيب ميونغ...ولكن متى سأنزع الشاش؟

- غداً، يجب أن لا ترى عيناك الضوء الآن خوفاً من تحسس خلاياك البصرية وتلفها، سننتظر الى الغد لنرى النتائج، إما أننا نجحنا، أو فشلنا...وفي جميع الأحوال أتمنى لك الشفاء العاجل.
كلماته أعادت القلق لمساورتي، بيد أني أخفيتُ ذلك وشكرته:
- شكراً لك طبيب ميونغ.

أجرى لي فحوصاتي السريرية، ثم غادر...وكذلك معظم الرفاق حتى أرتاح.

بقيت معي أمي وايرين بطلبٍ مني.

ايرين ترتب لي سريري بين الفينة والأخرى، بينما أمي تطعمني.

لقد صنعت لي أطباقي المفضلة بنفسها، وهاهيذا تطعمني إياها.

- لم أكن أعلم أنك تحب حساء الفاصولياء الحار!
أبدت ايرين تعجبها، فقهقهت والدتي وأجابت نيابةً عني:
- إنه يحبه بالفعل، وكثيراً أيضاً، ولكن بما أنه لا يفضل المذاق الحار، فأنا أعده بطريقتي الخاصة حتى يستطيع تناوله.

- ولهذا تعجبت، فبحسب علمي انه لا يحب المأكولات الحارة! على كل حال...أود أن تعلميني طريقة صنعه خالتي ريونغ.

هذا لطيف، طلبت تعلمه من أمي حتى تعدّه لي.

- بالطبع عزيزتي.

أحب الكيمياء التي بينهما، أمي ريونغ لطيفة وطيبة القلب، وايرين لا تختلف عنها في شيء.

أعترف أني رجلٌ يحب الإهتمام المفرط ممن حوله، لأني وبالمقابل أُغدقهم بمثله دون حساب.

وسرعان ما إبتسمت لا شعورياً لحوارهما اللطيف، ثم حاوطت قلادتي مستشعراً وجود أمي في قلبي...تمنيت لو كانت معنا وتشاطرهم ذات الحديث.

End taehyung pov.

________________________

مرّ ذلك اليوم ليأتي بعده نهارٌ آخر حمل لهفةً وقلقاً كبيريْن في قلوب الحاضرين والشاهدين على هذه اللحظة الحاسمة.

لحظة إزالة الشاش عن عيني تايهيونغ الخائف من ألم الخذلان.

يترقبون بأعين مرتعشة، ومنهم من كتم دموعه الواجفة حتى لا يربكوه.

يونغي وإيوجين يقفان قرب الطبيب ميونغ بسيماء قلقة، بينما الثالث قد دنى من تايهيونغ يزيل الشاش عن عينيه.

- تايهيونغ، هل تستطيعُ رؤيتنا؟
سأله الطبيب بلهفة، فرمش الآخر مِراراً، ثم إنهمرت الدموع من عيناه رفقة بعض الدماء دون أن يجيب.

أصابهم الهلع لِما حدث، فأخذ يونغي يمسح الدماء عن وجهه، بينما سأله إيوجين بذعر:
- ما بك تايهيونغ؟! ألا ترانا؟!

وبفضل سؤاله أطلقت ايرين العنان لبكائها، فإحتضنها بيكهيون سريعاً، إلا أنها إبتعدت فوراً بملامح مندهشة.

- بلى أنا أراكم.

إبتسم إيوجين بملئ أشداقه بينما أزفر يونغي بإرتياح، توافد الرفاق إليه يعانقونه، بيد أنّ هوسوك أنّبه بينما يمسح دموعه:
- إذاً لما بكيت؟! لقد أخفتنا!

- إنها دموع الفرح.
أجابهم مقهقهاً بإجتذال، فبعثر له كاي شعره وقال بمزاح:
- يا رفاق، حدس جيسو أقوى من المنجمين!

ضحكوا جميعاً بما في ذلك المعنية بالكلام، والتي تقدمت من تايهيونغ وناولته باقة أزهارٍ كبيرة رفقة نامجون الذي يحمل مثلها بألوانٍ مختلفة.
- تفضل...إنها هدية جماعية منا بمناسبة تغلبك على المرض، هنيئاً لك تايهيونغ.

- شكراً لكم...شكراً جميعاً على كل هذا الحب.
شكرهم، إلا أنّ حدقتاه قد وقعتا على طيف محبوبته المتواري خلف أجسادهم، تكتم شهقاتها وتناظره في صمت.

إبتسم لها بحب، وفتح ذراعيه مانحاً إياها الموافقة على الإرتماء في حضنه، وهي لم تتوانى ولو لثانية عن فعل ذلك.

دسّت مخائلها في صدره مجهشةً بالبكاء...كما قال هو، إنها دموع الفرح.

ربت على شعرها بحنان، وضمها الى صدره أكثر.
- يالكِ من مخادعة، وعدتني بأن لا تبكي، لكنكِ خلفتي بوعدك وعليكِ تقبل العقاب.

قهقه الجميع على لطافة المشهد، بينما منهم من مسح دموع الفرح كحال يونوو وميون مثلاً...وكذلك هوسوك والسيدة ريونغ.

لورا إحتضنت أباها مبتسمة، بينما جين حاوط كتف جيسو المبتهجة.

أما البقية...فإنبسطت أساريرهم وإكتفوا بالإبتسام.

____________________

مرّ شهران بالفعل...

طرأت فيه تغيراتٌ عدة وتطوراتٌ ملحوظة.

فهاهما يونغي وميون يُحضّرانِ لزفافهما طوال الشهر الماضي، والذي سيقامُ عند الغد.

الجميع مغتبطٌ لهذه المناسبة ويستعد لها.

وعلى سيرة الإستعداد...

فقد إتفقنَ الفتيات على الذهاب الى منتجعٍ تجميلي برفقة هوسوك للحصول على العناية اللازمة قبل حفل الزفاف.

بينما جهّز الشباب حفلة توديع العزوبية ليونغي كمفاجئة.

ولم تخلوا سهرتهم من الكلام البذيء وتوصياتهم المفتقرة للأخلاق!

- صدقني يا رجل، النساء يحببن الرجل السلس والرومنسي، كن كذلك وسترى ما سيحدث...ستحصل على كل ما تريد!
تحدث جونغكوك مستعرضاً رأيه على يونغي، فعارضه كاي وقال:
- كلا، إنهن يحببن الرجل المسيطر.

- إخرسوا جميعكم! أنا المتزوج هنا، وأنا من له خبرةٌ واسعة في هذا المجال!
أخرسهم إيوجين بنظراتٍ واثقة، فضحك تايهيونغ بخبث ونكز ذراعه.
- أرِنا ما بجعبتك إذاً.

تحمحم الواثق للحظة، ثم إستطرد قائلاً:
- النساء يحببن التنوع، فمنهنّ من يُفضّلن الرجل السلس والرومنسي كما قال جونغكوك، ومنهن من يفضلن الرجل المسيطر كما قال كاي...ولكن أغلبهن يتفقن في حبهن للرجل الماكر عند مطارحة الغرام، القليل من الأفعال الرجولية، مع رشة رومنسية عابثة...صدقوني ستكونون المسيطرين على كل شيء.

هزّوا رؤوسهم مبدين إعجابهم بما قال، رفقة ضحكاتهم اللعوبة...ما عدا يونغي، فهو لم يزل البرود عن وجهه وتمتم لنفسه:
- إنهم مجموعة منحرفين لا أعلمُ لما أُبتليتُ بهم!

- أخي، أنت مذهلٌ بحق!
صفّق جيمين بحماس، ثم ضرب كفه بكف شقيقه...أبناء بارك يمتازان بتعدد الأوجه وإتقان تقمصها!

يصبحان لطيفان تارة، وتارةً أخرى لعوبان من المستوى الرفيع!

وفي حين يقضي الشباب سهرتهم في حديقة منزل يونغي، كنّا الفتيات وهوسوك ينعمن بتدليكٍ مريح.

- اللعنة على الزواج إن كنتُ سأحصل على تدليكٍ كهذا كلما آتي هنا.
أدلت هيري برأيها وهي على وشك النوم من فرط الإسترخاء، فوافقتها إيونها الرأي:
- أجل...إنه النعيم.

- ميون...لما أنتِ صامتة؟ هل من خطبٍ ما؟!
تسائلت جيسو ما إن شعرت بصمت الأخرى.

- لا تقلقن، أشعر ببعض التوتر لا أكثر.

- إسترخي فحسب، وإرمي بتوتركِ هذا خلف ظهرك ما دمتِ تحبين يونغي وتثقين به.
شجعتها ايرين.

وسرعان ما أضافت يونوو على كلام الأخرى:
- لا تفكري في الأمر كثيراً، فقط إسترخي كما قالت لكِ ايرين، وإستمتعي بوقتكِ رفقتنا بما أنها آخر ليلةٍ لكِ قبل زفافك.

همهمت الأخرى مشجعةً نفسها، بيد أنّ هوسوك نطق وأخيراً:
- دللي نفسكِ...ضعي الأقنعة التجميلية، وأحصلي على تدليك وحمامٍ بخاري مريح، وكذلك خذي حماماً بالزيوت المعطرة، ثم تعالي وأشكريني على هذه النصائح الذهبية والتي لا أُفصح عنها لأيٍّ كان.

- حقاً! أتدري أننا لم نكن لنعلم بكل هذا لولاك آنسة هوسوك؟!
شخرت هيري بسخرية، فجزرها الآخر بإمتعاض:
- كفي عن كونكِ نسخة جونغكوك المزعجة...إن غاب هو أتيتِ أنتِ! يالحياتي البائسة!

دحرجت مقلتاها بعدم إكتراث، أما بقية الفتيات فقد إنفجرن ضحكاً.

_____________________

تسابقت خيوط الضوء الذهبية للسماء، فتعلن عن عودة الشمس بصباحٍ جميل في يومٍ ربيعي.

وفي غرفةٍ بيضاء واسعة، تجلس عروسٌ شابة رفقة صديقاتها.

تلك تضع لها طرحة فستانها، وتلك تعدل لها مكياجها، وأخرى ترش لها العطر، وكلُّ واحدةٍ لها ما يشغلها.

- هيا بنا لقد تأخرنا!
صرخت جيسو ما إن رأت الساعة.

إستقامت ميون وظهر التوتر على وجهها سريعاً، لذا ربتت ايرين بلطف على كفها محاولةً تهدأتها.
- لا تقلقِ، أنتِ عروسٌ جميلة اليوم ويجب أن يرى الحضور إبتسامتكِ وكذلك يونغي...صدقيني سيُبهره جمالكِ كثيراً.

أزفرت ميون ثقل أنفاسها على إثر كلام ايرين المحفز، يلي ذلك رفعها لقبضتها مشجعةً نفسها.

- هيا ميون، والدكِ ينتظركِ.
ندهت عليها إيونها، فأسرعت الأخرى بحمل أطراف فستانها بمساعدة البقية.

حاوطت العروس ذراع والدها وإبتسمت، بينما أشبينتاها جيسو ولورا قد لحقتا بها.

أعطت يونوو إبنتها سلةً مليئة ببتلات الزهور الملونة، وجعلتها تسير أمام العروس حتى تلقيها في طريقها وصولاً للمذبح.

اما بومين الصغير فهو في حضن أبيه بينما يرتدي بذلة جعلته يبدو لطيفاً، كلاهما يقفان قرب العريس في الحديقة الجميلة وسط الحضور.

- إسمعني يونغي، ما إن يناولك والدها يدها إبتسم له وقل له أنك ستحفظ ابنته في عهدتك وستحميها، ثم إهمس لها بأنها جميلة حتى تظهر بصورة الزوج الرومنسي، واخيراً...لا تزل الإبتسامة عن وجهك لأنه يوم زفافك، أهذا مفهوم؟

نبرة إيوجين كانت محذرة وهامسة، إلا أنّ الآخر شفنه ببروده المعتاد وقال:
- دائماً ما تذكرني بأختي، كلاكما تحبان تكرار الكلام وتظنّانني غبياً لا أفهم!

صفع رفيقه جبينه بقلة حيلة...كل تعليماته التي كان يلقيها منذ الصباح ذهبت سداً، او هذا ما يظنه.

وبعيداً عن أجواء الحديقة بالخارج، كانت ايرين وهيري وإيونها على وشك الخروج من غرفة العروس، فإذا بهن يلتقين بكاي وبيكهيون وتايهيونغ.

- أهلاً بالجميلات.
غمز لهن كاي، فتلقى صفعة على عنقه من تايهيونغ وركلتين من بيكهيون.

- لما ركلتني مرتين؟!
تحسس مؤخرته متذمراً، فإبتسم الآخر وقال:
- الركلة الاولى لأنك تغزلت بحبيبتي وانا موجود، اما الثانية فهي من اجل هيري بما أنّ جونغكوك في الأسفل ولم يسمعك.

ضحكن الفتيات على وجهة نظره اللئيمة، إلا أنّ كاي دحرج مقلتاه بملل ونزل قبلهم.

تقدم بيكهيون من إيونها وقبّل كفها برومانسية مبتذلة جعلتها تقهقه بتغنج.
- هيا بنا فلننزل قبل أن ترمي ميون باقة أزهارها، لربما تمسكينها وأصبح أسعد رجلٍ في الكون.

لحقت بهما هيري بعد أن سخرت من بيكهيون.

فيظلا حفيدا إفروديت واقفين يحدقان ببعضهما.

هو يميل زاوية شفتيه بإعجاب بينما يتأملها، وهي تبتسم بحياء مشيحةً وجهها عنه.

قتل الخطوات الفاصلة بينهما بخطواته الهادئة، ودنى منها مقبّلاً عنقها بحب.

وبعد ثوانٍ من تلاعبه بمشاعرها إبتعد قليلاً، مرر أناملها الرفيعة على وجنتها، وهمس:
- إني لأنظرُ في الوجود بأسره لأرى الوجوه، فلا أرى إلاكِ...قالوا ويخلقُ أربعين مشابهاً، فمن أربعينكِ لا أريدُ سواكِ...تبدين ساحرة اليوم.

إختمرت وجنتاها بما يعشق، فتضيف لوناً جميلاً على بياض فستانها البسيط بأسلوبه الناعم.

إبتسم مظهراً إعجابه بما جرى قبل أن يقف بمحاذاتها ويثني ذراعه.
- سنتأخر، يجب أن نلحق بهم بسرعة.

حاوطت ذراعه وذهبت برفقته.

كلاهما يرتدي الأبيض، كأنهما ملاكيْن وديعيْن أو رمزاً علنياً للسلام.

وجدوا ميون تمشي برفقة أبيها على بلاط الحديقة المحاط بالعشب والورود البيضاء كبياض فستانها، بينما يونا ترمي بتلات الزهور أمامها، ولورا وجيسو تسيران خلفها وتمسكان باقتي أزهارٍ بيضاء من أجل العروسين، وأخيراً يونغي الذي يقف عند المذبح ويبتسم.

وقف تايهيونغ وايرين قرب البقية يبتسمون للطافة المشهد، حيث أنّ والدها ترك يدها وناولها لعريسها الذي إبتسم بإتساع ونطق بكلماتٍ لم يتمكنوا من سماعها...يبدو أنه قد قرر تنفيذ ما أملاه عليه إيوجين.

أمسك يونغي بكف ميون، وساعدها على ركوب المنصة ليقفا أمام القس.

تراجعتا لورا وجيسو نحو البقية، حيث أن جيمين إحتضن لورا اللطيفة بفستانها السكري وقرص وجنتها.

وجين حاوط خصر جيسو من الخلف وأسند ذقنه على كتفها مبتسماً.

بدأ ذاك القس يتلوا صلواته ومباركاته للعريسين لما يقارب النصف ساعة، تمالك خلالها يونغي نفسه الى أن ذاق ذراعاً، فدنى من ذاك القس هامساً وإبتسم بإصفرار:
- عضلات وجهي تشنجت من كثرة الإبتسام، وساقاي على وشك إعلان إستقالتهما، كما أنها ترتدي حذاءً ذو كعبٍ عالٍ وستسقط بعد قليل...لذا إختصر أرجوك فأنا سأتزوجها في النهاية!

شزره القس بحنق لمقاطعته وحاول إختصار كلامه.

كتم كاي ضحكته بمشقة، وأشار نحو يونغي.
- أنظروا الى وجه القس ووجه ميون، يبدو أن يونغي قد فقد أعصابه وقال شيئاً ما!

ضحك البقية رغم محاولتهم إلتزام الصمت.

- أنظروا، حتى هيري ستفقد أعصابها كشقيقها وسترسل روحه المتدينة الى السماء محققةً رغبته في الوصول الى الجنة!
أشار جونغكوك نحو حبيبته التي تقبض كفيها في محاولةٍ فاشلة لإخفاء ضجرها قرب إيوجين...سيكونان الشاهديْن على الزواج.

ضحكت ايرين على تعابير صديقتها، بيد أنّ هوسوك قد سخر قائلاً:
- حبيبتك وشقيقها كالسايكو بمزاجهما الحاد هذا!
وجّه كلامه لجونغكوك الذي شخر بسخرية تفوق الآخر أضعافاً وعلّق:
- وعقلك ومؤخرتك لا يختلفان في شيء عدا عن تبادلهما أمكنتهما الصحيحة!

هاقد بدأ شجارهما المعتاد!

إلا أنّ نامجون قد دهس قدم شقيقه ليخرس، وكاي حشر بعض المعجنات في فم هوسوك الثرثار، في حين أنّ يونوو هتفت لهم بينما تناول إبنها لتايهيونغ الذي يصدر أصواتاً لطيفة على مظهر بومين:
- رفاق...ستبدأ المراسم الفعلية.

أولى الجميع إنتباههم للقس.

- سيد مين يونغي...هل تقبل بالآنسة لي ميون زوجةً لك في السراء والضراء وفي الصحة والمرض وفي...

-اجل أقبل.
قاطع القس ما إن رأى إسترساله المطوّل في الحديث، بيد أنّ الآخر لم يكف عن شزره بإمتعاض.

تحمحم القس مجدداً محاولاً تمالك نفسه، ثم أشاح بنظراته الى ميون وتكلف الإبتسام.
- آنسة لي ميون...هل تقبلين بالسيد مين يونغي زوجاً لكِ في السراء الضراء وفي الصحة والمرض وفي...

- اجل أقبل.
قاطعته هي الأخرى بفضل قرص يونغي لذراعها حتى تختصر بيد أنها جابهت لكتم ضحكتها.

أزفر القس أنفاسه بإنزعاجٍ ظاهر، ليرفع يداه وينطق بما سيخلصه من هذا الزفاف اللعين:
- أُعلنكما زوجاً وزوجة.

وما إن صمت حتى صرخ كاي من الخلف:
- عزيزي يونغي، يمكنك تقبيل العروس، هيا.

إنفجر الحضور ضحكاً وكذلك الرفاق.

ميون تصبغت بالحمرة ويونغي إبتسم بجانبية.

إستدارت نحوه، رفع طرحتها عن وجهها فتظهر له بجمالها الناعم الذي خطف أنفاسه.

ظل مشدوهاً بها حتى قهقهت عليه، هز رأسه وعقد حاجباه، ثم إقترب منها فجأة ما جعلها تفزع.

- تبدين في غاية الجمال عزيزتي.
همس قرب أذنها، وقبل أن تصدر أي رد فعل أطبق شفتيهما في قبلة لطيفة لم تدم سوى خمس ثوانٍ.

صفق الحضور وعلا تصفير كاي المتحمس وتصفيق نامجون الحار، لورا غطت عينا يونا، وجيمين فعل المثل معها، وكذلك إيوجين الذي لا يستوعب أنّ شقيقه لم يعد طفلاً، فقد غطى عينا الآخر بالفعل بينما يبتسم رفقة زوجته التي تحتضن ذراعه...عائلة بارك شيءٌ ما بحق!

وبعيداً عن كل هذا، جونغكوك المتحمس والذي نكز كتف هيري بينما يغمض عيناه ويبوز شفتاه مطالباً بقبلة.

لكنها وضعت يدها على وجهه وأبعدته بإمتعاض، كانت تبتسم لشقيقها لكن هذا الأحمق أفسد مزاجها.

- هيا أرجوكِ!
توسلها منتحباً كالأطفال، فهزت رأسها بإنزعاج بينما تراقب العروسيْن.
- حسناً لاحقاً.

عبس وتكتف شازراً إياها بإنزعاج طفولي، إلا انه إنفجر ضحكاً ما إن رأى هوسوك وهو يمسح دموعه الدرامية بمنديله الحريري ويهذي بنفسه:
- عزيزتي ميون أصبحت عروساً جميلة...أوه يا إلهي هذا مؤثر.

أما عن ايرين، فقد إتخذت من كتف تايهيونغ مرسى لرأسها، تراقب العروسين برفقته، مع بسمةٍ لم تفارق محياهما الوديع.

بيكهيون دفع إيونها قرب المذبح حتى تستعد لإلتقاط الباقة، فلحقت بها جيسو التي تركت جين يرسل قبلاتٍ طائرة بملامح وسيمة للقس على عقده للقران، بينما الآخر رمقه بتعجب وغادر...أدرك أن الزفاف بمن فيه مجرد ضربٍ من الجنون!

ميون تضحك بخجل ويونغي لم تفارق البسمة شفتيه بينما يتلقيان تهاني الحضور.

وحينما وقفت ميون حتى ترمي باقتها للوراء، أسرعن بقية الفتيات لإلتقاطها، إلا أنّ أيٌّ منهن لم تمسكها...لأنها وقعت بين يدي هوسوك!

كان في طريقه الى الحمام حتى يغسل وجهه بعد جولة البكاء تلك، ولكنه أمسكها عن محض صدفة.

فغر الجميع أفواههم، ولن ننسى صراخ جونغكوك الساخر كالعادة:
- يا رفاق، لدينا عروسٌ جديدة هنا!
راقص حاجباه لهوسوك المنزعج، فرمى الآخر الباقة نحوه وغادر تاركاً إياه يضحك بصخب.

حلّت لحظة صمت، حدقن الفتيات فيها ببعضهن وكذلك بالحضور، وما هي سوى هنيهات حتى شارك الجميع جونغكوك في ضحكه.

حتى صاحبا الزفاف لم يتوقفا عن الضحك.

إنقضت فترة الظهيرة بتلقي يونغي وميون التهاني والهدايا من الحضور والأصدقاء، تناولوا كعكة الزفاف، وأخيراً ودعوا الضيوف.

أقاموا حفلاً عائلياً في ذات الحديقة حتى المساء، رقصوا ولعبوا وأمضوا وقتاً رائعاً الى أن حان وقت مغادرة العروسين.

إصطفوا جميعاً بقرب بعضهم يلوِّحون لهما بإبتساماتٍ مبتهجة، فبكت ميون تودعهم ولوحت لهم بدورها قبل أن ينطلق يونغي.

راقبت يونوو طيف السيارة وتخصرت مزفرةً أنفاسها المجتذلة.
- وأخيراً تزوج يونغي...أتمنى لهما حياةً سعيدة.
وختاماً لجملتها باغتها زوجها بعناقٍ خلفي مؤيداً رأيها:
- أجل.

وقف نامجون وكاي قرب بعضهما يحدقان بالثنائيات المحيطة بهما...بينما هما لا يزالانِ أعزبيْن!

تنهد نامجون بضجر وقال:
- كم أسخر من نفسي حينما أرى أنّ أخي الأصغر لديه فتاته بينما أنا أعزب الى الآن...أين أنتي يا فتاتي؟!
صرخ بيأس، فنبحت هولي كما لو أنها تجيبه.

إرتخت تعابير نامجون وأمست فارغة من بعد ضحك كاي عليه وسخريته منه.

- آسف...ولكن الأمر مضحك، يبدو أنها تراك جذاباً، ولهذا لم تتوانى عن تلبية النداء!
أحكم كاي إغلاق شفتيه من بعد سخريته حتى لا يعود للضحك أمام تعابير نامجون الخاوية.

وسرعان ما ربت اليائس على كتف الساخر وقال:
- أنت أيضاً أعزب يا عزيزي.

قُلِبت ضحكات كاي الى بكاء متذمر في ثوانٍ، ليبدأ بضرب جبينه على كتف نامجون.
- لا تذكرني أرجوك!

وعلى بُعدٍ ليس بكثير، يختبأ جيمين وجين رفقة لورا وجيسو وهولي وسبايك خلف أشجار الحديقة.

وسرعان ما أطلّت جيسو برأسها ورفعت إبهامها.

- هيا عزيزتي هولي، إذهبي الى تلك الفتاةِ هناك.
خاطب جين جروته الصغيرة، كما وفعل جيمين مثله:
- وانتَ سبايك، إذهب الى تلك الفتاة.

أطلقوا سراح الكلبيْن بينما يقهقهون بمرح ويراقبون من خلف الأشجار.

_______________________

- هيري، ألم تري بيكهيون؟
تسائلت ايرين بحيرة.

- كلا، حتى ذاك المدلل مختفي، وأيضاً إيونها!
عكفت هيري شفتاها باحثةً عنهم، فإذا بهما تلاحظان أنّ الجميع مختفي!

- أين ذهب تايهيونغ أيضاً؟! لقد كان بجواري قبل لحظات!
شعرت ايرين ببعض الريبة، وما كادت تنهي بحثها إلا وبهولي تنبح قرب ساقيْها.

إبتسمت بلطف وجلست القرفصاء تداعبها.
- ما بكِ هولي؟

سمِعت صوت نباح سبايك بالقرب منها أيضاً، إلا أنه ذهب لهيري.

لاحظت الفتاتان وجود رسالتين معلقتين عند طوقي الكلبان، فتملكهما الفضول حولهما.

أخذت هيري الورقة من طوق سبايك وفتحتها.
- إتبعي الأشرطة الملونة.

- إتبعي الأشرطة الملونة.
نطقت ايرين ذات الجملة من ورقتها، ثم بادلت هيري نظرات التعجب.

تبعتا الأشرطة الملونة المزينة للأشجار في تلك الحديقة العامة لما يقارب العشر دقائق من التلهف لإكتشاف السبب.

- أعتقد أنّ الأمر له علاقة بإختفاء الجميع.
تحدثت هيري بعد لحظات من الصمت، فهمهمت ايرين بينما تكمل تتبعها للأشرطة الملونة.

إنتهى بهما الأمر تقفان في الجانب الغربي للحديقة العامة والمطل على الشارع الرئيسي حيث المتاجر والأكشاك بأضوائها الكثيرة.

الكثير من الأزهار الجميلة أسفل أسوار الحديقة، ناهيك عن شسوع المساحة بأعشابها الخضراء المقلّمة، وكل هذا تنيره شموع في كرات وأوعية زجاجية متدلية من أغصان الأشجار رفقة القمر المكتمل.

فغرت الفتاتين ثغرهما بدهشة وإنبهار لجمال المشهد.
- المكان رائع!
أدلت هيري برأيها بينما تتلمس تلك الكرات وتتقدم في سيرها بخطواتٍ متريثة، أما ايرين فإستدارت تتأمل ما حولها بعينان تبرقانِ إعجاباً.

وسرعان ما تشكلت عقدة طفيفة بين حاجبيهما حينما أتت يونا وهي تمسك بيد بومين.

وقفا أمام الفتاتين واللتان تسائلتا بقلق:
- مالذي تفعلانه وحدكما هنا؟!

إبتسمت يونا ونظرت لشقيقها، ثم أعطيا الفتاتين وردتين جوريّتين وركضا بعيداً بينما يقهقهان بظرافة.

كانتا وردتين حمراوتين، تتدلى من ساقيهما ورقتين جديدتين.

- هل سنلعب لعبة إختبئ وإبحث؟!
سخرت هيري بينما تقهقه بتعجب، ثم فتحت الورقة.

- أنظري الى السماء وستعرفين الجواب...ثم أجيبيني على سؤالي.

إحتوت ورقة ايرين على ذات الجملة، لذا رفعتا رأسيهما في آنٍ واحد بالتزامن مع إنطلاق الألعاب النارية في السماء مشكّلةً جملة جعلت من مخائلهما تبتهج في إبتسامة مندهشة.


تبادلتا نظرات الدهشة وسط قهقهاتهما المتفاجئة.

- هااي...هل توافقان؟
صرخ جونغكوك الذي ترائ لهما برفقة تايهيونغ على بُعد مترين تقريباً.

يبتسمان ويحاوطان عنقيْ بعضهما.

حدقت الفتاتان بهما، ثم ببعضهما...هل عرضا عليهما الزواج للتو؟!

قهقه تايهيونغ على تعابيرهما المندهشة، وعلّق قائلاً:
- يبدو أنّ المفاجئة لم تكن متوقعة!

- أجل.

ضرب كفه بكف جونغكوك وأطلقا العنان لضحكاتهما التي جعلت ايرين وهيري تشاطرانهما إياها.

- كل ما في الأمر أننا متفاجئتيْن...لم نكن نظن أننا سنحصل على طلب زواج في ذات اليوم واللحظة!
تحدثت ايرين مراقبةً وجه هيري الضاحك.

رفع جونغكوك كتفاه وقال مقهقهاً:
- إنه عهد قطعته انا وتايهيونغ منذ ستِّ سنوات...إتفقنا أن نطلب الزواج من فتاتيْنا معاً ونتزوج معاً أيضاً.

- أجل...نحن صديقان حميمان وأردنا أن نفرح معاً، ولكن هل من مشكلة معكما في ذلك؟
تسائل تايهيونغ مبتسماً، فنفت ايرين وعانقت هيري بإجتذال.
- كلا...إنه أجمل شيء أشاركه مع توأمة روحي هيري.

بادلتها هيري الحضن وقهقهت بدورها مضيفةً على جوابها:
- ونحن شاكرتان لكما على هذا العهد اللطيف.

- إذاً هل يعني هذا أنكما موافقتان؟
تسائل جونغكوك بدهشة وفرح، فأومأت هيري وقالت:
- ولما سنرفض؟!

فتح جونغكوك ذراعيه وكذلك تايهيونغ مستقبلانِ رفيقتا دربيْهما في حضنٍ دافئ.

علا صوت ضحكاتهم الرنانة أرجاء الحديقة، ثم ألبسوهما الخاتميْن.

أمسك جونغكوك كفي هيري وطبع قبلةً على جبينها، بينما حاوط تايهيونغ خصر ايرين من الخلف مقبلاً وجنتها.

وعلى حين غرّة خرج بقية الرفاق من مخابئهم بضحكاتٍ مبتهجة، هنّؤا ذاك الرباعي وأخذوا يعلّقون على ما فعلوا.

جيسو وجين ولورا وجيمين إهتموا بالخطوة الأولى ألا وهي تجهيز هولي وسبايك والرسالتين.

إيونها وبيكهيون تكفّلا بتعليق الأشرطة الملونة.

يونوو وإيوجين إهتما بأمر طفليهما وأروهما ما يفعلان، وأخيراً كاي وهوسوك ونامجون الذين زينوا الحديقة.

أما الألعاب النارية فصاحبها كان...

- تايمين؟!
نطقت ايرين بإسمه ما إن تقدم نحوهم مبتسماً بفرحٍ لها هي وتايهيونغ على وجه الخصوص.

- مباركٌ لكم، أتمنى لكم حياةً سعيدة.
هنّأهم بخجله المعتاد.

تقدم تايهيونغ وايرين نحوه، ثم عانقاه بشكر.

لن ينكر تفاجأه من حضنهما، إلا أنه إبتسم في النهاية.

إبتعد بعد لحظات وحك مؤخرة عنقه.
- سيد تايهيونغ...أعتقد أنك ما عُدت بحاجتي بعد الآن، تغلبت على مرضك وأصبح بإمكانك الإعتماد على نفسك...لقد حان وقتُ رحيلي.

نفى تايهيونغ برأسه مبتسماً، ثم تقدم من الآخر وحاوط كتفيْه.
- تغلبي على مرضي لا يعني النهاية...تايمين أنت صديقي قبل أن تكون مساعدي، ووقت رحيلك لم يحن بعد، لأنك ستصبح سكرتيري بدل ايرين...فهل توافق؟

نظرات تايمين حملت مزيجاً من المشاعر...بين كلمة صديقي، وبين ترقية العمل التي حصل عليها، وأخيراً تشبث تايهيونغ به.

ظل يحدق بالآخر للحظات، ثم طأطأ رأسه مجيباً بخفوت:
- لا أدري...قد لا أكون كفؤاً لذلك!

- كلا أنت الأفضل بالفعل، لو لم تكن بهذا المستوى لما طلبت ذلك...ما قرارك؟

إكتفى الآخر بهز رأسه مع إبتسامة ممتنة، فكانت إشارة لتايهيونغ حتى يأخذه في عناقٍ ودي.

صفق الرفاق من حولهما، بيد أنّ جونغكوك تقدم نحوهما وربّت على كتف تايمين.
- لقد صرتَ جزءً منا من الآن فصاعداً.

ظهرت أثار فرحته على شفتيه المبتسمتين، ثم ناظر البقية بإمتنان.

لم يحظى بصديقٍ مقرب من قبل...أما الآن، فلديه الكثير من الأصدقاء الأوفياء.

علِم أنه لن يندم على قراره هذا أبداً.

_________________________

ولأول مرة...

لأول مرة يصطحب تايهيونغ ايرين للعودة الى المنزل بسيارته الخاصة في الليل ولوحده.

غبطتها لتغير حياته وإجتيازه لهذه العقبة قد بدت جليةً على محياها المبتهج.

- أتطلعُ لإخبار والدي عن ما حدث اليوم.
إبتسمت خلال حديثها، فقهقه تايهيونغ وقال:
- هو يعلم بالفعل.

رفعت حاجباها في دهشة وطالعته مستفهمة، لذا أكمل ضحكه وأضاف:

- الجميع يعلم ما عداكِ انتِ وهيري...حتى يونغي وميون يعلمون بذلك، أنظري، لقد تركوا لنا رسالة تهنئة قبل مغادرتهما.

هزت رأسها مبدية دهشتها من نجاحهم في إخفاء الأمر طيلة اليوم.

وما كاد الصمت يحل، فإذا بها تتسائل:
- هل نذهب غداً لزيارة مزرعة الفراولة؟

ظهر جوابه في سيماء مبتسمة وإيماءة طفيفة.
- حسناً.

صمت لوهلة، ثم قال:
- أرغب بزيارة قبر جدتي وخالتي...فلنفعل ذلك بما أننا ذاهبان الى بوسان.

- حسناً...يجب أن أخبرهما عن التغير الجذري الذي سيطرأ على حياتي بفضلك، ستكونان فخورتان للغاية.
راقب بسمتها الحزينة، ثم رسم مثلها.

يجب عليه فعل ذلك أيضاً...لذا سيزور قبر والدته عما قريب.

________________________

في صباح اليوم التالي...

- حقاً!..حسنا حسنا عزيزتي، لن أطيل عليكِ، أرسلي سلامي لذاك الناعس...رحلة ممتعة، رافقتكما السلامة.

كانت هيري تتحدث عبر الهاتف بينما يجلس جونغكوك شارذ الذهن على بُعدٍ طفيفٍ منها...إنتقلت للعيش رفقته بالفعل بما أنّ شقيقها بات متزوجاً الآن ويجب أن تترك منزله.

أغلقت الخط وتقدمت جالسةً أمامه.
- جونغكوك...فيما أنت شارذ؟!
تسائلت هيري بينما تبحث عن جهاز التحكم، هز الآخر رأسه وضيق عيناه نحوها، ثم إستفسر قائلاً:
- أين سيقضيان شهر عسلهما؟

- في سويسرا.

- هل تحبينها؟

- لا أعلم...لكنني أحب فرنسا أكثر، آه برج ايفل ومدينة باريس الجميلة، إنها حتماً بلدي الأوروبي المفضل.
نبرتها كانت حالمة.

وقد همهم جونغكوك وزاد من تضييق عينيه متحسساً ذقنه بأنامله، وما هي سوى هنيهات حتى عاد للشروذِ مجدداً.

إستفاق بعد مدة على صوت هيري وهي تحمل هاتفها وتقول:
- أشعر بالملل...سأتصل بالفتيات علّنا نخرج قليلاً.

- لا يمكنكِ...ايرين ذهبت الى بوسان برفقة تايهيونغ، إيونها جدولها مزدحم، لورا ويونوو سيأخذان الطفليْن الى النادي برفقة جيمين وإيوجين، وأخيراً جيسو التي ستذهب في نزهة مع جدتها وجين...لا أعلم، ولكن أشعر كما لو أننا الوحيديْن اللذان لا يمتلكان خططاً لإمضاء اليوم، نحن مملان حقاً!
رمى بثقله على الأريكة مبوزاً شفتيه بملل، أما هي فظلت واقفة تحدق باللاشيء، تفكر بإيجاد حل لقتل الممل.

- جونغكوك.

همهم لها بخمول حتى تكمل، فقالت:
- ما رأيك بركوب درجاتٍ هوائية والتنزه في المدينة؟

إنتفض سريعاً بإبتسامة تشق وجهه، أومأ مراراً وصرخ بحماس:
- أنتِ الأفضل.

قهقهت على طفوليته، ودخلت الغرفة لتغير ثيابها.

إرتديا ثياباً مشابهة، تتلخص في بنطال جينز وقميص أبيض فضفاض بأكمام قصيرة بما أن الطقس ربيعي ودافئ.

خرجا نحو المتنزه وإستأجرا دراجتين هوائيتين، وأخذا يتسابقان بهما كالمراهقيْن في شوارع سيول.

يضحكان تارة، ويصرخان بحماس تارةً أخرى الى أن توقف جونغكوك فجأة.

عقدت هيري حاجبيها وعادت إليه، فإذا بها تجده واقفاً عند متجرٍ للأطفال.

يطالع ما بداخله من خلف الزجاج، وعيناه تشع بريقاً ولمعاناً بريئاً.

تلاشت عقدت حاجبيها سريعاً وقهقهت عليه.

بدى جلياً أنّ الأشياء جذبت إهتمامه كأبٍ مستقبلي، وقبل أن يتفوه بأي حرف سحبها ودخلا الى المتجر.

ظلت واقفة تراقبه بينما إتجه نحو حذاء صغير يكاد يشبه الألعاب، مظهره لطيف، إلا أنه يخص الفتيان.

إشتراه جونغكوك دون تفكير، فتكتفت رافعةً حاجبيها مع إبتسامة خفيفة...ستحتسب فعلته هذه كنوعٍ من العنصرية بما أنّ للحذاء نسخةٌ أنثوية أيضاً!

لما لم يشتري حذاء الفتيات؟! هل هو متأكد من أنه سيرزق بفتى؟!

وكردٍ فعلٍ منها أن أخذت حذاء الفتيات وإشترته أمام تحديقاته المتعجبة.

- مالذي تفعلينه؟!
لم يمنع نفسه من الإستفسار.

تجاهلته في البداية الى حين خروجهم من المتجر، ثم إبتسمت بتحدي وأجابت:
- إشتريتُ حذاءً.

- أرى هذا جيداً...ولكن لما أخذتِه؟ إنه يشبه الذي إشتريته عدا عن إختلاف اللون!

- ولما أخذت اللون الأزرق؟ هل تجزم بأن طفلنا الأول سيكون فتى!
أجابت على سؤاله بسؤال، فقهقه وأجاب بثقة:
- أجل، حدسي الأبوي يقول هذا.

- ومنذ متى ولديك حدسٌ أبوي؟! نحن لم نتزوج حتى!..ثم لما كل هذه العنصرية؟! ماذا إن أنجبتُ فتاةً!
تخصرت بدورها وناظرته بثقة.

دنى نحوها ونقر جبينها مبتسماً بخفة، ثم رفع الحذاء أمام ناظريها ليثير إستفزازها.
- هذه ليست عنصرية، ولكنني أرغب بأن يكون طفلي الأول فتى.

دحرجت مقلتيها بضجر وأنزلت يده.
- لا يهم...على كلٍّ، كما أخبرك حدسك الأبوي أنه فتى، فحدسي كأم يخبرني أنها فتاة يا إبن جيون العنصري.

إستدارت بتغنج، وركبت دراجتها أمام إبتسامته المندهشة.

- هااي إنتظري.
ركب دراجته ولحق بها بعد أن ذهبت وتركته يضحك.

أما هي، فإبتسمت بجانبية وأكملت طريقها تاركةً نسمات الهواء تداعب خصلاتها البنية بإنسيابية.

_______________________

داخلَ صوباتٍ ضخم أصفر اللون، تملؤه شتلات الفراولة الخضراء في تنسيقٍ زراعي منتظم، تقف ايرين برفقة تايهيونغ والمشرف على المحصول.

يشرحان لتايهيونغ كيفية زراعة الفراولة والإعتناء بها منذ ساعة تقريباً، وهو يوليهما جلَّ إهتمامه وتركيزه.

- هذا النوع يسمى المحايد، حيث أنه ينتج الثمار ثلاث مرات في الموسم الواحد، لذا فإنه يُعد ذو إنتاجية عالية فضلاً عن مذاق ثماره اللذيذ، وتتوزع هذه المحاصيل الثلاثة على مدار العام، إلا أنّ المحصول الذي يتم قطفه في فصل الصيف يُعدُّ الأقل كمية بين الثلاثة وذلك بسبب تأثير درجات الحرارة المرتفعة عليه.
شرح له المشرف ذو العقد السادس عن نوع المحصول، فهمهم الآخر وشكره مبتسماً:
- شكراً على هذه المعلومات الجميلة سيد جون.

إبتسم السيد جون بدوره وصافح تايهيونغ بحفاوة:
- لا شكر على واجب...والآن أستأذنكما، يمكنكما قطف الفراولة، فإيرين تعرف ذلك جيداً.

إبتسمت ايرين بخفة لهذا السيد الأشيب، والذي غادر الصوبة تاركاً إياهما بمفردهما.

إرتدت مأزر جلدي وأعطته واحداً، ثم حملت سلَّتيْن وذهبت نحو المحصول.

حمل تايهيونغ سلته ولحق بها في إجتذال...لطالما أراد تجربة قطف هذه الثمار وزيارة محاصيلها.

أخذ يفعل ما تقوله ايرين عن ضرورة التأكد من نضجها بمواصفات معينة، وقد كان يومئ ويفعل ما تمليه عليه.

- يجب أن يكون لونها أحمر بالكامل حتى تستطيع قطفها، مع التأكد من أنها ليست رطبة، فهذا النوع أكثر عرضة للتعفن والتلف سريعاً.
نطقت بينما تجلس القرفصاء برفقته وتحمل حبة فراولة كانت قد قطفتها للتو وتريه مواصفاتها.

ثم إستذكرت قائلة ما إن رأت حبةً أخرى:
- أوه تذكرت...كانت جدتي تقول دائماً أنّ الفراولة ذات الساق العقوفة ألذ بكثير من العادية.

قهقه على هذه المعلومة الغريبة، إلا أنّ هذا لن يشكل فارقاً بالنسبة له، فهو يحب الفراولة بجميع أنواعها.

مر الوقت وهما يقطفان الفراولة، وإشتد الحر في الصوبة، فترك تايهيونغ السلة وبدأ يبرِّد وجهه بكفيْه.

وسرعان ما نظر نحو ايرين البعيدة عنه قليلاً، كانت تحاول قطف الفراولة بتركيز، ولكن شعرها وقف عائقاً في طريقها نظراً لحرارة الطقس...لقد أزعجها وهو شعر بذلك.

إذ أنه أمالَ زاوية شفتيه بخفة، وذهب إليها متمتماً لنفسه:
- يبدو أنها قد نسيت جلب ربطة شعرها...لكنني لم أنسى.

شعرت هي بشعرها يرتفع عن وجهها بلطف، فإستدارت لتجد تايهيونغ يربطه لها.

إستضحكت بخفة، ولمست أنامله المنشغلة في ربط شعرها.
- شكراً عزيزي...لقد أشعرني بالحر كثيراً!

- العفو.

لمح خاتمها اللامع في بنصرها الأيمن، ليبتسم بهدوء.

أمسك بكفها، وقبَّل ظهره برقّة.
- طلبتُ صنع هذا الخاتم خصيصاً من أجلك، وهو يليق بكِ كثيراً.

رسمت الدهشة على سيمائها، وإستفهمت بتعجب:
- حقاً! ظننتك إخترته من متجر للخواتم!

زاد من إمالة شفتيْه، وقبّل ظهر كفها من جديد.
- كلا...أحب أن أكون مميزاً في كل شيء، كما أنّ جوليانتي تستحق التميز أيضاً.

كان يتوقع ظهور إحمرارٍ طفيف على وجنتيها، وقد صحّ تخمينه.

قهقه بملئ أشداقه وراح يمرر إبهاميه على وجنتيها معلّقاً بحب:
- لا تدركين كم أعشق هذه الأطياف من وجنتيكِ...لا تدركين كم أعشق خجلكِ اللطيف ايرين.

- ألهذا تحب العبث معي دوماً؟! أتفعل هذا حتى أخجل؟!
تذمرت منزعجة بمزاح يينما تضحك، فدنى مقبلاً وجنتيها وأضاف:
- لن أنكر...فهو أكثر صفاتكِ المحببة الى قلبي.

ضمها الى صدره ولم تبرح الإبتسامة شفتيْهما، الى أن عاد المشرف جون.

أكملا جمع الفراولة معه، ثم ودّعاه وإتجها صوب مقبرة بوسان قبل وقت الأصيل.

هبّت نسماتٌ عليلة على الأرجاء بفضل قرب البحر، كان من شأنها تلطيف الحر الذي ساورهما منذ ساعات في الصوبة.

أخذت ايرين بخطواتها نحو القبريْن المصطفّيْن قرب بعضهما البعض، وإكتفى تايهيونغ بإتِّباعها.

كانت تحمل باقةً من أزهار التوليب، والتي إنتشرت أمثالها بشكلٍ كبير على ثرى أحد القبور...إنه قبر والدتها.

إستذكر تايهيهونغ أنّ خالته كانت تحب هذه الأزهار، وأنّ ايرين كانت تزرعها على ثراها.

ثم أشاح بناظريه الى القبر الآخر، والذي كُتب عليه إسم جدته الراحلة.

تشكلت دموعه، وأمست تبرق في عينيه حزناً.
- جدتي...تمنيتُ لو قابلتكِ يوماً، تمنيت لو عرفتكِ من قبل.

ناظرته ايرين بحزن، لتربت على كفه علّها تخفف من شجونه.

تساقطت دمعتيْن من مقلتيها، وإبتسمت بخفة مضيفةً على ما قال:
- أمي...جدتي...أنا وتايهيونغ سنتزوج بعد ثلاثة أشهر، تمنيتُ لو كنتما معي وشاركتماني فرحتي، ولكن لا بأس، على الأقل وجدتُ رجلاً يحبني ويسعدني مدى الدهر، هذا وحده كفيلٍ بترميم جراحي ومنحي شعور تواجدكم بقربي جميعاً.
أحتضنت ذراع تايهيونغ بقربها، والذي إبتسم بدوره مربِّتاً على شعرها.

- أعدكِ خالتي...سأحميها وأغدقها بحبي ما دامت أنفاسي تخرج.
قبّل فروة رأس ايرين مطولاً، ثم إحتضنها.

زرعا أزهار التوليب كختام لهذه الزيارة، ثم غادرا المقبرة عائديْنِ الى سيول.

ورغم أنّ الوقت قد تأخر إلا أنهما سيعودان الليلة لأن والدها سيتناول العشاء برفقة عائلة كيم في جوٍّ أسري لطيف من بعد إتخاذهما لقرار الزواج.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- كلمة لتايهيونغ؟

- كلمة لإيرين؟

- كلمة لجونغكوك؟

- كلمة لهيري؟

- كلمة لجين؟

- كلمة لجيسو؟

- كلمة لتايمين؟

- كلمة ليونغي؟

- كلمة لميون؟

- كلمة للورا؟

- كلمة لبيكهيون؟

- كلمة لإيونها؟

- كلمة لجيمين؟

- كلمة لكاي؟

- كلمة لنامجون؟

- كلمة لإيوجين؟

- كلمة ليونوو؟

- كلمة لهوسوك؟

- كلمة للسيد جينهو؟

- كلمة للسيدة ريونغ؟

- نسبة حماسكم؟

طبعا هاد البارت ما قبل الأخير🙁

وبما أنه ما قبل الأخير فما رح حط مقتطفات تشويقية منشان ما أخرب البارت النهائي بأي شكل من الأشكال.

على كل حال هاد شكل يونغي وميون بعرسهم:


بالنسبة لميون حطيت بس صورة فستانها.

وهلا خبروني...شو أكثر شي عجبكم بالبارت؟

طبعا هو كان خليط، شوي حزن بالبداية، وشوي خبال بالوسط، وبعدين دراما ورومانسية.

بس بعيدا عن أجواء سقوط الأقنعة، حابة أحاكيكم بشي.

طبعا يلي عجبتهم روايتي وحابين يتابعوا معي ويستمروا بقراءة أعمالي، فحابة أخبركم أني عم بشتغل على رواية جديدة.

الرواية بطولة جونغكوك هالمرة، غير أنّ فكرتها جديدة وغريبة عن المألوف.

ونوعها رح يكون كالآتي:

رومانسية، دراما، كوميديا، خيال.

حطوا خط ثاني تحت كلمة خيال لأنه التصنيف الرئيسي للرواية.

سو لازم تعرفوا أنها قصتين في قصة، يعني الرواية عم تحكي أحداث لقصتين في نفس الوقت.

ولأني ما بحب يكون محور الرواية كله عن البطل والبطلة، فالشق الثاني من القصة رح يكون لشخصيات رئيسية وبعتبرها جزء من البطولة...يعني مثل سقوط الأقنعة بس مع إختلاف في لون القصة والأحداث.

طبعا لساتني عم بكتبها، وما رح أنشر هلا، بس أول ما رح أنشرها رح نزل أعلان هون ورح خبركم بهاد الشي، لهيك ما تحذفوا سقوط الأقنعة من مكتباتكم.

إكتبولي تعليقاتكم هون بخصوص هاد الموضوع وفرجوني نسبة حماسكم، لأني حابة أقرأة آرائكم.

والحين...رح أودعكم ليوم السبت الجاي مع بارت الفاينل.

مع السلامة مارسيلينز💜





See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top