35~إِنْتِقَامُ الْعَاقِلْ


قراءة ممتعة🖤

﴿قِمَّةُ الْأَخْلَاقْ أَنْ تَعْفُو وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْإِنْتِقَامْ﴾

- باولو كويلو.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

لم يعد تايهيونغ بعد الى الشركة...

عدّلت ايرين جدوله بما يناسب خروجه لسببٍ تجهله، ثم جلست تنجز أعمالها بهدوء ريثما يعود.

ولكنه تأخر!..فهي قد أنهت ما لديها وهاهي تجلس بملل لوحدها.

فكرت بالذهاب الى الرفاق في الأسفل ولكنها تراجعت عن هذا الخَيَار، فلربما تجدهم مشغولون بالعمل وتكون سبباً في إلهائهم.

ولكنها إستقامت بعد كل شيء فور أن تذكرت أمراً جعلها تبتسم.

هي ستزور شخصاً آخر...ستزور والدها الذي بات يمتلك مكتباً هنا بالفعل.

كان عليها الصعود الى الطابق الثالث بما انه طابق الإدارة المالية والمحاسبة، فإستقلّت المصعد وسارت نحو مكتب أبيها.

طرقت بابه بخفة، فسمعت إذنه من خلفه، لذا دخلت ببسمةٍ بشوشة وإحتضنته.

- أهلاً عزيزتي.
بادلها حضنها بدوره بينما يميل شفتيه بإبتسامة فرحة لزيارتها.

وسرعان ما إبتعدت عنه قليلاً وقالت بمزاح:
- أبي، تبدو وسيماً بالبذلات الرسمية!

فما كان منه سوى أن قهقه بخفة وعاد للجلوس.
- حقاً!

- اجل...تبدو أصغر سنّاً وأكثر رجولة مع طولك الفارع هذا، أتسائل لما لم أرث منك هذه الصفة؟!
فأنا أُعتبر قصيرة القامة!
أضافت من جديد بينما تجلس، فإبتسم بخفة وقال:
- لقد ورثتِ هذه الصفة عن والدتك...انتِ تشبهينها الى حدٍّ كبير، وانا شاكرٌ لها على ترك نسخةٍ منها في حياتي حتى بعد رحيلها.

كان واضحاً مدى إشتياقه لزوجته الراحلة من نبرة صوته الذابلة، ولكن ما لبث أن إبتسم من جديد وقال:
- لطالما تسائلتُ في نفسي عن كيف سيكون شكل إبنتي ومظهرها حينما كنت في السجن...كنت دائماً ما أفكر بهذا الأمر، ومن الرائع أن أجدكِ حاملةً لأغلب مواصفات والدتكِ.

إختتم كلماته بإبتسامة خفيفة، ثم إستبدلها بأخرى باهتة وأضاف:
- شوقي لها كبيرٌ جداً!..انا نادمٌ على كل ما إقترفته في حقها، الندم يقتلني يا إبنتي!

رسمت إبنته الحزن على ملامحها لكلامه، وسرعان ما أدمعت عيناها، فإبتسمت ونفت برأسها بينما تربت على يده.

- كلا ابي...ما حدث بات من الماضي، من المؤكد انها سعيدةٌ الآن بعد تبرئتك من دمائها وبعد لمِّ شملنا انا وانت...صدقني، ستكون سعيدةً بهذا لذا لا تحزن!
حتى لا تحزن هي أيضاً.

إبتسم بخفة لإبنته التي رأى فيها لوهلةٍ زوجته الراحلة...ملامحها وصوتها وطريقة حديثها...إنها تشبهها بشكلٍ لا يوصف!

ثم ربّت بدوره على كفها وهمهم، وقد شكر الحياة على وجودها بجانبه في الوقت الذي كان فيه بأمسِّ الحاجة الى دفئ العائلة.

_________________________

إنتهى ذاك اليوم كسابقته من الأيام، وقد حان وقت عودة الجميع الى منازلهم.

كانت ايرين قد وضّبت أغراضها ورتبت مكتبها، ثم ذهبت حيث محبوبها في مكتبه.

دخلت، فإستقبلها ببسمته البشوشة والمحببة الى قلبها.

- تاي...سأذهب للمبيت عند أبي الليلة، لذا لا تنتظرني لأني سأغادر الآن، ألا تحتاج شيئاً قبل رحيلي؟
سألته، فنفى برأسه وقال بينما يستقيم بدوره:
- كلا عزيزتي، شكراً لكِ.

فإبتسمت له بإتساع وقبلت وجنته، ثم غادرت تاركةً إياه وحده...لن ينكر أنّ فكرة إبتعادها عنه هذه الليلة تزعجه كثيراً، لقد بات معتاداً على إحتضانها وهي نائمة بدل وسادته.

حتى حينما كانت تعترض على ذلك وتنام بغرفتها، يأتي خفيةً بعد نومها وينام بقربها...فقط ليحتضنها!

لم يستطع الإعتراض على رغبتها، فهي بحاجةٍ لقضاء بعض الوقت رفقة والدها.

لذا إكتفى بإطلاق تنهيدة عابسة يليها حمله لهاتفه ومغادرة مكتبه...سيعود الى البيت على كل حال.

______________________

يجلسان منذ ما يقارب الساعة في أحد مقاهي الإنترنت للإستمتاع وإمضاء الوقت سوياً.

- جيميني...
نطقت لورا بإسمه بينما تدير القشة في كأس عصيرها، فهمهم لها وعيناه مصوبتان نحو هاتفه.

- يجب أن نكتب قائمة بمستلزمات حفل تخرجنا...لا تنسى انه الأسبوع القادم!

- فكرةٌ جيدة.
كان قد رفع عيناه عن هاتفه وأغلقه، ثم سحب حقيبة ظهره مخرجاً منها دفتراً وقلماً.

- حسناً دوِّن عندك...
باشرت بعد ذلك بقول ما سيحتاجانه وهو أيضاً يبدي برأيه حول ما تقول، فإنتهى بهما الأمر يملآن قائمةً لا بأس بها من الطلبات.

حدقا بها، ثم بنفسيهما قبل أن ينفجرا ضحكاً على نفسيهما.

- حتى حفل زفافنا لن يتطلب كل هذه المستلزمات!
نطق هو وسط قهقهاته، فهزت رأسها مؤيدةً ما قال، ثم ضربا كفيْهما وأكملا ضحكهما كالمجانين رغم أنّ السبب لا يستحقُّ فعلاً!

________________________

إرتدت السماء حُلّتها السوداء اللامعة، وودعت الشمس مكانها الى حين يومٍ جديد.

وفي هذه الأثناء، يتكأ تايهيونغ على ظهره ويسند رأسه بذراعه اليمنى ويتأمل السقف...كان يحاول طلب النوم منذ ساعتين، ولكنه لم يُفلح في ذلك.

عقله لم ينفك عن التفكير بيوم الغد، فنقطة الحسم تكمن به، إما أن ينجح، او يفشل في إثبات إتهامه.

هو متأكدٌ من كل كلمةٍ قالها في حق الآخر لبيكهيون، ولكنه خائفٌ من فكرة رفض هيونا للبوح بالحقيقة، ففي هذه الحالة لن يتمكن أي أحدٍ من الوصول إلى جيبوم.

فكَّر أيضاً في السبب الذي يجعل الآخر مستميتاً فقط لتخريب حياته...هل يكرهه الى هذا الحد!

هو لا يذكر انه كان شخصاً مؤذياً او سيئاً في سنين مراهقته، وكذلك الآن!

إذاً لما يتلقى كل هذا المقت منه؟!

أغمض عيناه وتنهد بثقل...فكرة سجن جيبوم وانه هو من سعى لها تجعله محتاراً ومتردداً.

ليس لأنه يشفق على الآخر، وإنما يفكر في والده...يفكر في السيد كانغ وردِّ فعله حينما يعلم بالأمر.

بدأ يرى أنّ هذه الخطوة جريئة، ولكنّ التراجع ليس من صفاته أيضاً!..لذا سيكمل ما بدأه وليحدث ما سيحدث.

كان قد أخبر إيونها وجونغكوك بالأمر عبر الهاتف، ولكنه لم ينطق بحرف لإيرين.

ليس لأنه لا يريد إخبارها، ولكنه لم يجد الوقت المناسب لفعل ذلك...سيخبرها غداً، فهو لم يشأ إزعاجها بعد أن رأى بهجة مزاجها طيلة اليوم وتحمسها للذهاب رفقة والدها.

وبالحديث عنها، فهي قد تركتْ فجوةً كبيرة حوله بغيابها عنه.

لقد بات معتاداً على رؤيتها طيلة النهار، اما الليلة فهي ليست بقربه.

فما كان منه سوى أن إستقام بجذعه وسار بخطواته الهادئة وسط ظلام القصر قاصداً مرسمه.

فتح بابه ذا اللون البني الغامق، ودخله مغلقاً إياه خلفه، وقد وجد نفسه يسير نحو تلك اللوحة دون أن يشعر.

وقف أمامها يتأمل شكلها، ثم إبتسم بخفة وجلس على كرسيه الخشبي...اجل، سيرسم قليلاً طالما أنّ النوم ليس على وفاقٍ معه الآن.

وهذه المرة سيجرب رسم لوحةٍ لهما سوياً كنوعٍ من التغيير.

_________________________

في صباح اليوم التالي عند تمام العاشرة...

خرج تايهيونغ وبيكهيون معاً من أجل الزيارة الثانية والحاسمة.

وقد وصلا بعد مدة الى المكان المنشود.

طلبا أخذ هيونا للتحقيق بأمرٍ من بيكهيون داخل السجن، وهاهما يجلسان رفقتها حول طاولةٍ من حديد وغرفةٍ موصدة لا أحد بها عدى ثلاثتهم وحرسٍ أمام الباب من الخارج.

- آمل انكِ قد إخترتِ القرار الصحيح هيونا.
خاطبها تايهيونغ بهدوء، فرفعت عيناها مع وجهها الذابل والمصفر، ثم قالت:
- وآمل أن لا تكون كاذباً بشأن تنازلك ووعدك!

- كلا...انا لستُ خائناً مثله، وقد جلبتُ أوراق التنازل معي، وسأوقعها هنا أمامكِ وأمام بيكهيون، فلا تنسي انه شرطي وسيشهد على ذلك إن حاولتُ المراوغة.
أخرج تلك الأوراق ووضعها بينه وبينها، فحدقت هي به ثم بتلك الأوراق مع لحظاتٍ من الصمت، وسرعان ما تحدثت بما أطفأ نار غليله وأخمدها.

_________________________

Irene pov:~

نمت ليلة البارحة في منزل أبي، وكم كان لطيفاً قضاء بعضٍ من وقتي برفقته.

أعددت له العشاء بنفسي، ثم سهرت الليل بطوله وانا أُدردش رفقته عن أمورٍ عدة...ابي ومن دون شك رجلٌ طيب للغاية.

سنحت لي هذه الليلة فرصة معرفة شخصيته أكثر، وقد تبيّن لي كم انه حسن الخصال ومختلفٌ عمّا كنت أتصور طيلة سنين حياتي من دونه.

صحيحٌ انه أدمن على الشرب يوماً ما وهدم سقف أسرته بيديه، ولكنه وكما أقول دوماً لكل فعلٍ سبب أدى لحدوثه.

ما مرَّ به في تلك الفترة هو ما أجبره على سلك هذا الطريق، ولكنه تراجع وأصلح من نفسه بعد كل شيء.

تمنيت لو كانت أمي معنا، ولكن لا بأس...يكفيني ما قدمته الحياة لي حتى ولو كانت ضريبته الحزن.

سأتمسك بأبي ولن أتركه مهما حدث، كما وسأبني حياتي بسكينة وهدوء رفقة تايهيونغ دون أي مشاكل بعد الآن.

وبالحديث عنه...

لقد أخبرني هذا الصباح بأمر القضية التي تم فتحها من جديد بفضل بيكهيون!

وهو الآن برفقته في السجن لينهيا التحقيق...لن أنكر شعوري ببعض الأسف على جيبوم، فهو من صنع هذا بنفسه وسيتحمل عواقبه بنفسه.

لست أعلم لما، ولكنني أرغب في معرفة أسبابه!..أسبابه التي صنعته وجعلته على ما هو عليه الآن.

أشعر ببعض الحزن حيال هذا...حيال ما يحدث وما سيحدث، فبالنهاية جميعنا بشر ولنا مشاعر ولنا الحق في البوح بكل ما يؤلمنا دون خوف، ولكن يبدو أنّ جيبوم يهاب هذه النقطة!

End irene pov.

_________________________

بدأت شمس الشتاء المختبئة خلف الغيوم الداكنة تغرب شيئاً فشيئاً، وتترك خلفها بقايا النور في غروبٍ جميل، ثم يحل ظلام الليل البارد بثلوجه.

عاد صاحب الخصلات السوداء الطويلة الى قصر والده بعد يومٍ كامل من العمل...وهاهو ذا يدخل غرفته ذات الأنوار الخافتة.

علِم وبطريقةٍ ما أنّ قضية سرقة ملف التصاميم قد فُتحت من جديد، ولهذا السبب لم ينفك يفكر في حلٍّ لهذه المهزلة في نظره.

دخل الحمام بثياب عمله وأسند يديه على الحوض يفكر، وسرعان ما رفع عيناه الحادتين نحو المرآة وحدق بإنعكاسه في صمت!

ما لا يعلمه الجميع هو انه يخفي جحيماً لا يخمد وسط قلبه المدمور...أقصى أحلامه هو النوم بسلام، دون كوابيس او أرق!

ظل قرابة العشر دقائق وهو على ذات الحال، يناظر إنعكاسه الشاحب بملامح فارغة.

لقد سئم من كل شيء!..لما؟ لما لا يحصل على ما يريد بطريقةٍ سلسلة؟!..لما على الحياة جعله يحصل على ما يريد بطرقٍ عرجاء وغير نزيهة؟!

قلبه يؤلمه...ليس تعباً من مشاكل الحياة، بل من مشاعر خاطئة لم يكن من المفترض حدوثها...كل شيءٍ بات ضده!

غسل وجهه أخيراً، ثم جففه وخرج من الحمام، وما كاد يخلع معطفه الأسود الطويل حتى طُرِق باب غرفته.

لذا تأفف بحنق وقال:
- ادخل.

ولم تكن سوى إحدى الخادمات.

- سـ...سيدي...هناك رجال شرطة بالأسفل، وهم يريدون رؤيتك!
تلعثمها وخوفها مما يحدث كان واضحاً على ملامحها ونبرة صوتها، فعقد حاجبيه بإستنكار وقلبه بدأ يخفق بشدة.

ظل يناظرها لثوانٍ، ثم أجابها ببرود بينما يعدل معطفه كما لو أنّ شيئاً لم يكن:
- حسناً...أخبريهم بأني آتٍ.

إنحنت له تلك الخادمة بأدب، ثم غادرت تاركةً إياه يحدق بالفراغ لوحده.

وسرعان ما إبتسم بجانبية وسخرية، يليها نطقه بصوتٍ خافت:
- يبدو أنّ اللعبة قد إنتهت بالفعل!

أخذ هاتفه ووضعه في جيب معطفه، ثم لحق بتلك الخادمة الى الطابق السفلي.

وكما توقع، وجد أربعة شرطيين من بينهم واحد قد ميّزه على الفور بفضل تتبعه لكل من هم حول تايهيونغ.

- سيد كانغ جيبوم...انت رهن الإعتقال، تفضل معنا بهدوء وإحتفظ بأقوالك لنفسك، كل ما ستقوله الآن قد يُستعمل ضدك.
تحدث بيكهيون بثبات بينما يرفع شارته أمام الآخر، فتسائل جيبوم مدّعياً عدم الفهم ومصحوباً بعقدةٍ طفيفة لحاجبيه:
- ولكن المعذرة يا سيد! عن ماذا تتحدث؟!

- معنا مذكرة إعتقال وتوقيف بحقك، انت متهم بسرقة ملفاتٍ تجارية مهمة لشركة منافسة ومحاولة إتلافها، لك الحق في توكيل محامي الى حين موعد المحاكمة، اما الآن فتفضل معنا بهدوء رجاءً.

جدية بيكهيون لم تترك للآخر أي مجال للمراوغة، لذا إستدار نحو رئيسة الخدم المسنة وخاطبها بهدوء:
- لا تخبري أبي عما حدث حتى يعود من إنتشون.

فهمهمت له بملامح قلقة، اما هو فقد إستدار ومدّ يديه نحو الشرطي قرب بيكهيون ليقوم الآخر بتكبيلهما، ثم سحبه معه الى السيارة وغادروا المكان وسط تحديقات الخدم المرتابة لما حدث تواًّ.

_______________________

إجتمع الرفاق في منزل جونغكوك بإستثناء بيكهيون الذي كان ولا يزال في مركز الشرطة...هو لن يتمكن من القدوم بفضل ما حدث.

الجميع يعلم انه تم القبض على جيبوم...حتى يونوو وإيوجين وجيسو ويونغي الذين لا يعلمون ما حدث بالضبط قد تم الشرح لهم.

قضوا بعض الوقت وهم يتناقشون حول هذا الأمر، الى أن غادروا جميعاً الى منازلهم.

وفي حين كان جين يقود عائداً الى المنزل برفقة شقيقيْه وايرين، كان الصمت سيد المكان بشكلٍ غريب.

جين وتايهيونغ يفكران فيما سيحدث، وكذلك لورا، اما ايرين فهي متأسفةٌ لما حدث وكثيراً!

يراودها شعورٌ غريب حيال الآخر...ربما شفقةٌ او حزن رغم كل ما حدث، فهذه طبيعة شخصيتها على كل حال.

وحتى بعد وصولهم وتناولهم للعشاء، لم تتوقف عن التفكير.

لذا حاولت إشغال نفسها ببعض الأحاديث رفقة لورا الى أن دخلت غرفتها.

وقد إستسلمت للنوم في النهاية بعدٍ صراعٍ طويل مع نفسها.

ولكن هناك من لم يتمكن من النوم دونها، فبعد فترةٍ وجيزة دخل ذو الشعر البني الى غرفتها وتقدم ببطئ وحشر نفسه بجانبها تحت أغطية فراشها...وكالعادة إحتضنها وقبّل فروة رأسها الى أن غادر نحو عالم الأحلام هو الآخر.

وفي نفس المدينة ولكن بظروفٍ مختلفة، يجلس جيبوم على أرضية الزنزانة في مركز الشرطة بينما يسند ظهره على الحائط ويرفع إحدى ركبتيه مسهباً النظر نحو اللاشيء.

تعابيره فارغة...ولم ينطق بأي حرف منذ قدومه عدى عن طلبه للإتصال بمحاميه، وهذا ما أدى الى تعجب بيكهيون، كان كما لو انه مصدوم!

إنقضت تلك الليلة كسابقتها من الليالي، وحل صباح الشتاء البارد من جديد بثلوجه البيضاء الناصعة.

وقفت ايرين امام مرآتها تعدل شعرها إستعداداً للذهاب الى العمل، وقبل أن تنتهي توقفت وشرذت كالعادة...هي تفكر بفعل أمرٍ ما منذ أن إستيقظت، ولكنها ما تزال مترددة.

ظلت شارذة لبعض الوقت الى أن رفعت عيناها وناظرت نفسها في المرآة.
- سأذهب.

أحاطت عنقها بوشاحٍ صوفي بلون الكريمة، ثم حملت حقيبتها وخرجت، وقد وجدت تايهيونغ ينتظرها بالأسفل.

- لما تأخرتي عزيزتي؟ هيا بنا.

إبتسمت له ونفت برأسها قبل أن تقول:
- إذهب انت، لدي شيءٌ مهم عليّ فعله الآن، خذ...هذا جدولك لليوم، لن أتأخر كثيراً.

ناولته لوح الأوراق، ثم غادرت غير تاركةٍ له أي مجالٍ للسؤال.

طلبت من تايمين أن يأخذها الى مركز الشرطة، وهو قد أدرك ما تود فعله، ولكنه سيلتزم الصمت طالما انها طلبت منه إبقاء هذا الأمر كسِرْ.

وصلت الى مبتغاها وقد طلبت من أحد رجال الشرطة أخذها الى مكتب بيكهيون، والذي تفاجئ من زيارتها الغير متوقعة.

- مالذي تفعلينه هنا؟!
هذا كل ما كان بوسعه نطقه رفقة تعابيره المتعجبة، لكنها إبتسمت بخفة وقالت:
- هل أعتبرها تحية الصباح؟!

- اجل.
قهقه عليها، بينما قد همّت هي بالجلوس فعلاً، وسرعان ما أعاد سؤاله من جديد:
- ماذا هناك ايرين؟

- بيكهيون...سأطلب منك معروفاً وأتمنى أن لا تخيّب ظني!
جدّيتها في الحديث جعلته يعقد حاجبيه بإستنكار، فإيرين لا تتحدث بهذه الجدية معه إلا إذا كان هناك أمرٌ مهم.

- أطلبي...انتِ تعلمين انني لن أرفض أي طلبٍ لكِ.
هو لن يرفض أي طلبٍ لها بالفعل، فلطالما فعل المستحيل من أجلها هي وهيري...إنها الصداقة، او بالمعنى الأصح الأخوّة.

- أريد ان أرى جيبوم حالاً.

رمش القابع أمامها بعدم تصديق، ثم تدارك ما تفوهت به وقال بدهشة:
- هل فقدتِ عقلكِ ايريناه؟!

- كلا بيكهيون...انا جادة، وأريد رؤيته حالاً إن أمكن ذلك.
شدّدت على كل حرفٍ نطقته بأعين مترقبة، فما كان منه سوى تدليك ما بين حاجبيه والنطق بوتيرةٍ هادئة:
- وماذا إن علِم تايهيونغ بالأمر؟!..لن أكون مسؤولاً عن أي شيءٍ حينها!

- لا تقلق...تايهيونغ لن يعلم، انا وتايمين لن نخبره وكذلك انت!
حدقت بعينيه مباشرةً آخر حديثها، فقهقه بذعر وإبتعد قليلاً عنها إثر تقريب وجهها منه.
- يا إلهي تبدين مخيفة عندما تصبحين جادة!

- كفى بيكهيون انا لا أمزح! أرجوك ساعدني...انت لن ترفض طلبي أليس كذلك؟
ناظرته بأعين الجراء اللطيفة، فرسم ملامح باكية وغطى وجهه بيديه قبل أن ينتحب:
- الرحمة!..حسنا حسنا، ولكن إن علِم تايهيونغ فسيقتلنا! لذا انا لا دخل لي منذ الآن!

إبتسمت برضى وأومأت كما لو أنّ شيئاً لم يكن، ثم قرصت وجنتيه وتمتمت بلطافة:
- يالك من لطيف...انا لن أنسى معروفك هذا أبداً.

- هل ستبقين عند وعدك؟!
أشار نحوها بسبابته، وقد طغى على نبرته الشك، فأومأت وأجابت:
- بالطبع...سأفعل ما تريد.

- جيد...سنتحدث فيما بعد بخصوص هذا الأمر، اما الآن فهيا بنا.
إستقام فلحقت به، وطوال الطريق الى مكان الزنزانات في الأسفل وهو يوصيها ويكرر ذات الجملة عن عدم إخبارها لتايهيونغ وتوخي الحذر.

جيبوم لايزال وسيبقى في مركز الشرطة الى حين إنتهاء التحقيق وتحويله الى المحكمة.

هو لم ينم طيلة الليلة الماضية، بل ظل شارذاً يفكر في حل للتستر به على نفسه...ما موقفه أمام الإعلام وأمام والده بعدما حدث؟!

ستكون فضيحةً كبرى قد تؤدي إلى إفلاس شركتهم وهدم كل شيء!

يكاد يُجن في كل لحظةٍ يتذكر فيها هذه العواقب!

اما الآن...فهو جالسٌ بذات الوضع ولا يزال شارذاً، وما كان له الفضل بإنتشاله من ظلمات أفكاره هو صوت فتح الزنزانة.

رفع عينيه فإذا به يلمح طيفها...إبتسم بخفة مع بعض السخرية، ثم أشاح بوجهه للجانب الآخر...هاقد عاد ألم قلبه من جديد.

تراجع بيكهيون بعد أن منحها نظراتٍ أخيرة، فعلى كل حال هي من طلبت بقائها بمفردها رفقة جيبوم، وبيكهيون قد إحترم قرارها وغادر تاركاً إياها في عُهدة مساعده الذي ينتظرها قرب باب طابق الزنزانات.

تقدمت خطوتين نحوه، وهمست بإسمه:
- جيبوم...

لكنه لم يستدر او يجبها!..فتقدمت خطوتين بعد الى أن وقفت أمامه.

- جيبوم أجبني!
صوتها لا يزال خافتاً، فأجابها دون أن ينظر لوجهها، وقد إستشعرت هدوءه المنذر بعواصف مدمرة من نبرة صوته:
- إن كنتِ هنا من أجل تأنيبي او شتمي على إستغلالكِ، فقولي ما لديكِ وغادري لأنني لست بمزاجٍ قد يحتمل هذه التفاهات!
كلامه كان لاذعاً بالنسبة لها، لكنها جلست القرفصاء أمامه وإبتسمت بهدوء.

- كلا...انا لم آتي لأشتمك!
أتيت لأني أُؤمن بوجود شخصٍ نقي داخلك، لكنه مسجونٌ خلف قضبان أسبابٍ أجهلها...جيبوم، انا هنا لأسمعك...انا هنا لتخبرني بكل ما جعل جيبوم النقي يتبدد.

قطب حاجبيه لكلامها...كيف لها التحدث بهذا الشكل مع شخصٍ كان يكذب عليها ويستغلها حتى يوقعها بالمتاعب ويحاول إفتعال المشاكل لها مع حبيبها...كيف تثق به بعد كل ما حدث؟!

- انتِ ساذجة ايرين!
كيف يمكنكِ قول هذا بعد كل ما فعلته بحق من حولك؟!..انا شخصٌ سيء وأعترف بهذا!
كان يبدو ساخراً ومستهتراً بما يحدث، ولكنها رأت الحزن العميق داخل عينيه.

- لا يوجد شخصٌ في هذه الحياة يولد سيئاً!
الحياة هي من تجعله هكذا، أخبرني...أخبرني لما صنعت هذه الصورة لنفسك وأظهرتها للجميع؟!
تحدثت من جديد بينما تناظر عينيه الذابلتيْن، فظل يبادلها ذات النظرات الى أن أشاح بوجهه وقال مبتسماً بإنكسار:
- لا أعتقد أنّ أمراً كهذا قد يهمكِ...إذهبي وعيشي حياتكِ رفقة من تحبين دون الإكتراث لمن آذوْكِ.

تنهدت ليأسه، ولكنها لم تيأس مثله، بل عادت وقالت من جديد وبذات الخفوت:
- انت تهمُّني جيبوم...لو انني لا أكترث لك كما تدّعي لما أتيت لأسمع تبريرك! فأنا مازلت أعتبرك صديقاً رغم كل ما حدث.
رفع بصره من جديد بنظراتٍ مهتزة...كيف لفتاةٍ مثلها حمل كل هذا القدر من العطاء!

حتى انها لا تنتظر مقابلاً لذلك!

هذا ما فكر به...وهذا سببٌ وجيهٌ آخر جعله يحسد تايهيونغ على إمتلاكه فتاةً مثلها.

وما لبث يشيح بنظراته عنها، فإذا بها تمسك يديه الباردتين وتضيف:
- كلّي آذانٌ صاغية.

هو لم يُفصح عن ما يؤلمه من قبل لأي أحد، فهو لا يمتلك أصدقاءً يثق بهم، كما وانه يعتبر هذا النوع من الحديث مجرد ضعف!

لكنه لن يكون ضعيفاً أمامها بقدر ما هو عليه الآن...مذلولاً في سجنٍ بتهمة السرقة، وكذلك خسارته لكل شيء أمام الجميع.

لذا فهو سيتحدث وسيخرج كل ما لديه.

- ايرين...هل جربتي شعور الوحدة من قبل؟
سؤاله كان مبهماً بالنسبة لها، ليس كما لو انها لم تفهم معناه، ولكنها لم تفهم مناسبة طرحه الآن.

- ماذا تقصد؟!

- شعور أن تبقيْ وحيدةً دوماً دون الوثوق بأي أحد، حتى المقربون منكِ يتركونكِ ويذهبون...شعور النقص أمام كل من حولكِ رغم محاولتكِ لإخفاء ذلك...هل جربتي هذا الشعور من قبل؟
نبرته كانت أقرب للهدوء المخيف مع إسهابه لنظراته التائهة نحو الفراغ.

فرسمت التعجب والإستنكار على محياها، ثم قالت:
- كلا...رغم انني فقدت الكثير ممن أحبهم في حياتي، لكن الجميع لم يكفّ عن إغداقي بالحب...لم يتركوني لوحدي!..ولكن لما تتحدث بهذا الشكل؟!
ظهر القلق جلياً على صوتها، فأكمل ما بدأه قبل لحظات وبذات الوضع:
- أتحدث بهذا الشكل لأنني عانيت ذات الأمر مثلكِ، لكنني وعلى خلافكِ لم أجد من يغدقني بالحب او يساندني.

صمت لوهلةٍ، ثم أكمل وسط نظراتها المهتزة:
- والدتي هربت مع عشيقها حينما كنت في سن العاشرة وتركتني ببساطة دون أن تأبه لأمري.
ووالدي عانى من إكتآبٍ حاد لما حدث...لقد كان يحبها بجنون، لكنها تركته وتركت إبنه من أجل رجلٍ آخر، كنت أرى نوبات إهتياج أبي وهو يحطم كل شيء ويصرخ بقهر...لقد منحها كل ما تريد دون أن يبخل، لكنها فضّلت آخر غيره دون أي ذرة إحساس.
لم أجد الحضن الدافئ الذي يأويني في تلك الفترة، فكبرت وسط خدم القصر دون أن أتلقى الرعاية اللازمة كأي طفل.
لم أحصل على عائلة مثالية كما يحلم جميع الأطفال، حتى أبي بات كثير السفر والإنشغال عني تلك الفترة، لربما كان يريد إلهاء نفسه بأي شيء متناسياً أمري، تشكلت لي عقدةٌ نفسية وشعورٌ بالنقص أمام بقية الأطفال في المدرسة، فقد كانوا يسخرون مني لعدم إمتلاكي أُماً مثلهم...حتى في الرحلات والحفلات التي كانت تقيمها مدرستنا لم أكن مثل بقية الطلاب.
كانوا حينما يأدُّون مسرحيةً ما أو ينجحون بمعدلٍ عالي يجدون أهاليهم أمامهم يهنؤونهم ويشجعونهم على التقدم...اما انا، فكنت أحدق بهم فحسب.
تمت معالجتي عند أطباء نفسيين لفترة، لكنني توقفت برغبةٍ مني.
كبرت بعدها بسنوات وأصبحت طالباً في الثانوية، وضعني أبي في ثانوية داخلية حتى يتخلص من مسؤوليتي ربما، وقد قررت حينها صنع شخصيةٍ لنفسي بسبب عقدة النقص التي عانيْتُ منها، ولكي لا يستهزأ بي أيُّ أحد ويهابني الجميع.
كنت أتفاخر بما لدي من مال وممتلكات، رغم أنني كنت أفتقر لأهم شيء ألا وهو السعادة، كما وبدأت أُدمّر كل من يعترض طريقي، وقد أطلقتُ سراح الوحش الذي صنعته في طفولتي للملأ.
بدأت أصبح عدوانياً وحقوداً ولئيماً على الجميع...ولكن ذلك جعلني معروفاً وسط زملائي ومشهوراً، الى أن أتى ذاك اليوم الذي إنتقل فيه تايهيونغ الى مدرستنا...كنت أرى كيف حصل على إهتمام الجميع وبدون أي تكلفة، كما وانهم يتهافتون على مصادقته، ناهيكِ عن إمتداح كافة المعلمين له.
كان الأفضل في كل شيء...كان يحصل على كل ما يريد بحب، لكنني كنت عكسه!
الجميع كان يخافني ولا يقترب مني، كما وانني أثير المتاعب دوماً مع الضعفاء، وأتلقى التوبيخ على كل شيء...كنت أرى كيف أنّ والديه يزورانه دائماً ويجلبان له ما يحب، وأحياناً يصطحبانه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع معاً كعائلة...اما انا؟! فكنت أراقب بحسرةٍ وحسب!..لم أستطع كبح غيرتي منه، وقد أخرجتها بشكلٍ عدواني، كنت أرغب دوماً بأن أصبح أفضل منه، لكنه دائماً ما يسبقني بخطوة، وهذا ما كان يثير جنوني...حتى الحب!..لقد حصل عليه قبلي وبقيت وحيداً وسط آلام قلبي الجريح.
إنسابت دمعةٌ باردة على وجنته اليمنى رفقة نظراته الفارغة.

اما هي فلم تمنع الشفقة من الإنعكاس عينيها اللامعتين بدموع الحزن...انها تشعر بقدر ألمه وتتألم مثله، لقد أساء الجميع فهمه طيلة هذه السنين!

لكنها لم تتخطى آخر جملةٍ من حديثه، فتسائلت وسط دموعها الصامتة:
- مالذي تقصده؟!

أجابها، ولكنه رفع عينيه هذه المرة نحوها بإنكسار:
- علِمت أنّ تايهيونغ كان معجباً بكِ منذ أول لقاءٍ بيننا في ذاك الحفل، وقد عزِمتُ على أخذكِ منه بشتّى الطرقِ فقط لأحطمه!..ولكن فيما بعد، قُلِب السحر على الساحر...لقد أحببتكِ بصدق ايرين.

صدمتها صاعقةٌ لإعترافه...لم تتوقع حدوث أمرٍ كهذا، لذا كان الصمت أنيسها رفقة صدمتها.

- أحببتكِ بكل ما أملك، وكنت مستعداً لتقديم الأفضل لكِ فقط مقابل إختياركِ لي رغم انني لم أُظهر ذلك يوماً!

نفت برأسها ودموعها تنهمر بهدوء، ثم قالت بصوتٍ مهزوز:
- كلا جيبوم...هذا غير صحيح!..انت تعلم انني مُلكٌ لرجلٍ آخر، انا آسفة.

ولكن كل ما لمحته هو إبتسامته الجانبية يليها طأطأته لرأسه.

- ايرين...أتعلمين عندما يعترف الرجل للمرأةِ التي يحب وتقوم برفضه...
صمت قليلاً ثم رفع نظراته الجامدة نحوها وأكمل:
- سيفضل الموت على أن يراها مجدداً!

شعرت بقلبها يتقطع...شعرت بالذنب...شعرت بالإختناق وبعيناها تُغمران بالدموع.

لم تعرف ما ستقول، لذا إحتضنته وبكت في صمت...ظنت أنها ستساعده، ولم تكن تتوقع أن تكون أحد مصادر آلامه.

لكنه دفعها بخفة وقال:
- غادري أرجوكِ...لا يمكنني رؤيتكِ بعد الآن، فأنتِ تحبينه هو ومن حقكِ العيش معه بسعادة، لذا أرجوكِ غادري لأنني غير قادرٍ على تحمل ألم رؤيتك وانتِ مُلكٌ لرجلٍ آخر غيري.

- ولكن...
نطقت وسط دموعها وغصتها، لكنه قاطعها بوضع يده كحاجزٍ بينهما مع إشاحته لوجهه نحو الجانب الآخر:
- أسدي لي هذه الخدمة وغادري أرجوكِ.


علِمت انه لا مجال لفعل المزيد، لذا إستقامت بإنكسار بينما دموعها تأبى التوقف.

تراجعت ببطئ بينما تحدق به الى أن إختفى طيفه عن ناظريها.

وهو كذلك حينما شعر برحيلها، أطلق العنان لدموعه المتألمة وبكى بحرقةٍ محاولاً كتم صوته وأنينه.

لم تذهب لبيكهيون او أي أحد، فهي قد صعدت السيارة على الفور بينما لا تزال تبكي، فما كان من تايمين سوى إبداء تعجبه وسؤالها عن سبب بكائها:
- آنستي...هل انتِ بخير؟!

- اجل...أرجوك خذني الى نهر الهان قليلاً قبل الذهاب الى الشركة.
طلبت منه بينما تجفف دموعها...هي بحاجةٍ لقضاء بعض الوقت وحدها.

ظنت انها سترمم جراحه فإذا بها تزيدها سوءً، وكم كان هذا قاسياً على قلبها الذي شعر بالشفقةِ حياله.

______________________

شعر تايهيونغ بتأخر ايرين، فتملكه التعجب لذلك...هي لم تخبره عن سبب خروجها حتى!

حدق بساعة معصمه، فوجد انها العاشرة! لقد غابت لساعتين تقريباً!

لذا حمل هاتفه وحاول الإتصال بها، لكنها لم تُجب!

شعر بالقلق يدبّ الى قلبه، فإتصل بتايمين على أملِ أن يجيبه، وقد أجابه بالفعل.

- أين أنتما تايمين؟ لما تأخرتما؟!

- لا تقلق سيدي، الآنسة طلبت الذهاب الى نهر الهان وقد أخذتها إليه...سنعود بعد قليل الى الشركة.

أزفر تايهيونغ أنفاسه براحة، ثم همهم وأغلق الخط.

خمّن انها لربما تركت حقيبتها في السيارة، لهذا لم تجب على إتصاله.

وضع هاتفه جانباً بعد أن إطمأن عليها، وأكمل توقيع المستندات في إنتظار عودتها.

اما عنها...فهاهي ذا تجلس على أحد المقاعد الخشبية وتتأمل النهر المتجمد أمامها كحال كل شيء من حولها.

أغمضت عيناها مستنشقةً أكبر قدرٍ من الهواء، مع خصلات شعرها المتطايرة بفضل نسمات الهواء الباردة.

أزفرت ذاك الهواء بعيداً عن رئتيها مشكّلاً غيمةً من الضباب أمام ثغرها.

حاولت طرد ما يؤلمها عبر هذا الشهيق والزفير، لكنها لم تنجح!

شعور الذنب سيظل يلاحقها إن لم تفعل شيء حيال هذا...يجب ألاّ تتركه هكذا!

فكرت وفكرت برويّة الى أن إستقامت وغادرت رفقة تايمين الذي إكتفى بمراقبتها عن بعد بطلبٍ منها...كانت تريد البقاء بمفردها.

عادت ولم تسلم من أسئلة تايهيونغ حول سبب مغادرتها، فما كان منها سوى الكذب وقول انها ذهبت لشراء بعض الأشياء التي تخصها كفتاة.

إنتهى دوام هذا اليوم أيضاً، وقد عادت برفقته الى القصر مع تكرار ذات الروتين حول تناول العشاء مع أفراد العائلة ثم الصعود الى غرفتها.

ولكنه قاطع خلوتها مع نفسها بدخوله...لقد شعر بإضطراب مشاعرها ومزاجها طيلة اليوم، وهاقد أتى ليرفّه عنها قليلاً رغم عدم معرفته للسبب.

إحتضنها بدفئ من الخلف بعد أن كانت تجلس على حافة سريرها، ثم قبّل وجنتها وتسائل بخفوت بينما يمرر أرنبة أنفه على بشرتها:
- ما به مزاج حبيبتي؟..همم؟!

أغمضت عيناها تفكر في الطريقة التي ستفتتح بها الموضوع أمامه، ومالبث صمتها يدوم حتى نبست بإسمه بينما تمسك يديه اللتان تحيطان خصرها:
- تاي...

همهم لها بينما لا يزال ينثر قبلاته الناعمة على وجنتها وطول فكها صعوداً ونزولاً.

- ما رأيك أن تتنازل عن القضية؟
توقف عما كان يفعله فجأة!..ثم إبتعد قليلاً وتسائل بإستنكار:
- مالذي تهذين به ايرين؟!

تنهدت بخفة وإستدارت حتى تقابله، ثم تحدثت من جديد وبجديّة بينما تمسك يديه:
- مالذي ستجنيه من سجنك لجيبوم؟!
لا تنسى انك قد إسترجعت الملف وسار المهرجان بشكلٍ جيد، كما وأنكم قد حصلتم على جائزة الموسم وهذا ما كنت تريده منذ البداية، ألا يكفيك خسارته أمامك هذه المرة؟!

أغمض عينيه، ثم فتحهما مجدداً محاولاً فهم كلامها.

- إسمعيني ايرين، السجن هو المكان الأمثل لجيبوم!
إنه يستحق كل ما يحدث معه!

- ولكنني أريد العيش بسلام!..تاي، لا أريد أن تلاحقنا المتاعب في حياتنا بسبب هذه العداوات!
أريد ان نكوّن مستقبلنا سوياً دون أي مشاكل، أطلق سراحه قبل فوات الأوان...صدقني انت لن تندم، بل ستكون الأفضل ككل مرة أمام الجميع، ويكفي انك أثبتّ صحة إتهامك!
عاتبته برجاء، فما كان منه سوى الصمت والتحديق بعينيها.

لا يريد التنازل حتى يظهر إنتقامه للآخر، وفي ذات الوقت يجد أنّ كلامها منطقياً وصحيحاً...إنه مشتت!

أنزل نظراته التائهة حيث قدميه، فكوّبت وجنتيه برقّة ورفعت رأسه.

قابلته إبتسامتها الدافئة، يليها همسها أمام وجهه:
- من أجلي تاي...من أجل حبنا وحياتنا معاً، دعنا نتخلى عن هذه العداوات من أجل مستقبلنا.

ناظرها للحظات، ثم غلّف يديها الصغيرتان المكوبتان لوجهه وقال:
- لست أدري...انا مشتت ايرين!

- كلا تاي...لا تقلق، سأكون معك دوماً، وأُؤكد لك أنّ هذه الخطوة هي الأمثل بالفعل...سيكون ذلك تصرفاً حكيماً منك.
لم تزل إبتسامتها الدافئة عن شفتيها، فأغمض عينيه وألصق جبينه بخاصتها بينما يحاول التركيز.

وسرعان ما خلّل أنامله الرفيعة في خصلاتها حالكة السواد، وتحدث بهمسٍ خفيف قرب وجهها:
- من أجل مستقبلنا...من أجلكِ وأجلي فقط.

فهِمت انه قد وافق، لذا إحتضنته ودفنت رأسها في عنقه العريض.

بسمتها الفرِحة تكاد تشق وجهها لفرط سعادتها...على الأقل لن تشعر بالذنب حيال ما حدث، وستضمن حل المشاكل بين جيبوم وتايهيونغ في ذات الوقت.

بادلها حضنها الدافئ،وقد ثم قبّل عنقها برقة يليه إبتعاده عنها لبضع إنشات.
- سأذهب غداً للتنازل، هل هذا جيد الآن؟
دغدغها بينما يبتسم بالقرب من وجهها، فباشرت الضحك بينما تحاول إبعاد يديه.
- اجل، إبتعد!

لم يكف عن دغدغتها، وقد بدأ صوت ضحكها يملأ الغرفة بينما تتدحرج على سريرها وتحاول إبعاد يديه عنها.

- كفى، كفى أرجوك!

لكنه لم يتوقف، بل أكمل دغدغته بينما يردد:
- قولي أحبك أولاً.

- حسنا حسنا احبك.

- وسأسمح لك بالنوم معي.

- وسأسمح...هااي!
حدجته بدهشة، فما كان منه سوى تركها والضحك على تعابيرها.

- كم مرة سأُخبرك أنّ هذا لا يجوز؟! نحن لسنا بمفردنا هنا!

- ولكنني أفعل هذا دوماً حتى إن لم توافقي!
بوّز شفتيه مدّعياً اللطافة، فصفعت جبينها لتذكرها انه يأتي إليها بعد أن تنام ويحشر نفسه بجانبها كل ليلة.

- أصبحت أسوء من جونغكوك!

رفع كتفيه وأمال شفتيه، ثم قال بينما يسحبها معه تحت الغطاء:
- جونغكوك يحصل دائماً على ما يريد، لذا لا ضير من إتّباع خطواته!

رفعت حاجبيها بدهشة وكانت على وشك النهوض، لكنه سحبها وأعادها لمكانها، ثم إحتضنها من الخلف وحشر رأسه بين خصلات شعرها العطِرة.
- لن تهربي.

- كلا لن أهرب!..كنت سأغلق الأنوار فحسب!
تذمرت محاولةً إبعاد يديه اللتان تحاوطانها، لكنه شدد على إمساكها وقرّبها منه أكثر وهمس قرب أذنها بخمول:
- أتركيه، يمكننا تغطية وجهيْنا باللحاف.

- لِما تعقّد الأمور تاي؟!
تذمرت بعبوس، لكنه أضاف دون أن يلقي لها بالاً:
- ويمكنني فعل ما يحلو لي أسفله.

سحب اللحاف عليهما بينما يقهقه على منظرها ومحاولتها للفرار بعد أن سافر عقلها الى المريخ، فإحتضنها أكثر حتى يمنع هروبها، وقال بخفوت:
- لا تخافي!..انا أمزح معكِ.

توقفت عن الحركة وإستسلمت لإلحاحه وطفوليته الغير مألوفيْن، كما وإستسلمت أيضاً للنوم بين أحضانه بعد مدةٍ من الضحك رفقته.

كان الوحيد القادر على جعلها تضحك من بعد يومٍ حزين...وسيبقى هكذا دوماً.

_________________________

- هل انت متأكدٌ من هذا تايهيونغ؟!
تسائل بيكهيون للمرة الألف منذ قدُوم الآخر، فإكتفى تايهيونغ بهز رأسه مُصراً على قراره.
- اجل.

- ولكن لِما؟ لقد فعلت المستحيل لتزج به في السجن والآن وبعد حصولك على ما تريد تقول انك ستتنازل!
نبرة بيكهيون كانت أقرب للدهشة والتفاجؤ، ولكن هدوء الآخر وإسترخائه مع إحتسائه للقهوة كان كافياً لشرح بساطة الأمر بالنسبةِ له.

- فكرتُ بالأمر ملياً وقررت إعفاءه، لا أريد مزيداً من المشاكل، لذا سأتنازل عن القضية وأُغلقها فحسب طالما أنّ الأمر لم يُحوّل الى المحكمةِ بعد.
رفع عينيه نحو بيكهيون آخر حديثه بعد أن كان يناظر كوب قهوته، فما كان من الآخر سوى فغر فاهه ورسم ملامح مرتخية...لقد أحبطه كثيراً!

فبعد كل هذا البحث والمجهود سيتنازل!..ليس لأنه لئيم وسيستمتع بسجن الآخر، ولكنه يرى أنّ هذه الفكرة غير سديدة، فمن خالف القانون يجب أن يُعاقب!

ولكن ما بوسعه فعل شيء طالما انها رغبة تايهيونغ والأمر يعودُ له في النهاية.

- شكرا على القهوة...اما الآن فأريد الذهاب لرؤيته.
تحدث تايهيونغ مجدداً بعد أن وضع كوبه على مكتب الآخر.

- العفو...إلحق بي.
تبِع بيكهيون نحو الأسفل، وما إن وصل حتى توقف يناظر جيبوم الذي رفع رأسه ثم إبتسم بسخرية ما إن رآه.

تراجع بيكهيون قليلاً تاركاً المجال لتايهيونغ والذي حافظ على ثباته وخاطب الآخر بصوتٍ عميق:
- لطالما نعتّني بالجبان والفاشل، ولكنني برهنت لك انني دائماً ما أفوز رغم كل شيء..

زاد إتساع إبتسامة جيبوم، ليبدأ بالتصفيق والضحك كالمختل لوحده!

- رائع...أُهنِّؤُك على هذا الفوز الساحق، ولكن لا تنسى انني كنت أحصل على ما أريد أيضاً دون أي عناء.
أُستبدلت نظراته الساخرة لأخرى مظلمة عند آخر جملة، ولكن هذا لم يمنع الواقف أمامه من الحفاظ على ثباته، حيث قال:
- لا يهمني هذا، المهم الآن هو انني سأتنازل عن القضية وسأطلق سراحك، ليس لأنني أشفق عليك!
ولكن لتعلم فقط انني أفضل منك دوماً حينما يتعلق الأمر بالتسامح...الصحافة لم تسمع بعد وكذلك عامة الناس، لذا لا تقلق حيال هذا الأمر وأكمل حياتك دون أي مشاكل...يكفي هُراءً حتى الآن!

نظرات جيبوم نحو الآخر كانت تصف الغل بأم عينه...هل يمنُّ عليه بهذا التنازل ويذله!

ووسط تحديقاته المهتاجة أخرج تايهيونغ مجموعة أوراقٍ من معطفه بالإضافة الى قلم حبر.

وقَّع على تلك الأوراق، ثم ناولها لجيبوم الذي يكاد يفقد أعصابه في أي لحظة.

- خذ...هذه أوراقٌ تثبت تنازلي عن القضية وستخرجك من السجن اليوم، فلتعتبرها عقد صلح لوقف المشاكل بيننا، وأتمنى لك حياةً قادمة سعيدة جيبوم.
إستقام بهدوء، ثم إستدار مغادراً...تنازله بحد ذاته يعتبر ضربةً موجعة في حق كرامة الآخر، ولكنه سيتغاظى عن كل شيء وسيركز على حياته وعمله بعيداً عن تفاهات الأطفال كما يسميها.

_________________________

إنتهى ذاك اليوم بإجتماع الرفاق في منزل جونغكوك كالعادة بإستثناء إيونها...جدول أعمالها لم يسمح بقدومها.

شرح لهم تايهيونغ ما فعله برفقة بيكهيون، وقد أخبره الجميع انه أفضل خَيار بالرغم من إعتراض جونغكوك في البداية!

لكنه إقتنع فيما بعد حينما سمِع آراء البقية...وهاهم يتناولون العشاء بعد أن طلبه هوسوك من أجلهم...هو لا يزال سعيداً بظهوره على تلك غلاف المجلة!

- لِما لم تأتِ إيونها؟!
تسائلت هيري بتعجب، فأجابها جونغكوك بينما يحشر كومةً من البطاطس المقلية في ثغره والذي شكّت في انه مستودع!..بينما بيكهيون قد أولى جلّ تركيزه على سؤالها.

- انها مشغولة...إنتهت من تصوير مسلسلها قبل يومين وغداً سيقيمون حفل الترويج للمسلسل وسيتحدثون عن أدوارهم أمام الصحافة.
وما إن أنهى كلامه حتى صفعت هيري مؤخرة رأسه وشزرته بحنق.

- لا تتحدث مرة أخرى وفمك ممتلئ!

تحسس مكان الصفعة بألم، وشزرها بملامح عابسة ما جعل الجميع يضحك عليهما.

ولكن سرعان ما تحدثت يونوو ببسمتها المعهودة:
- ولكن ألا يجب أن نذهب لحضور ذاك الحدث من أجلها ونشجعها؟..سيكون ذلك لطيفاً.

- أعتقد انها فكرة جيدة...ما رأيكم رفاق؟
تحدثت جيسو مؤيدةً رأي يونوو، فأومأ الجميع وقال جين:
- إن كانت جيسو ستذهب فأنا سأذهب.

رفع الجميع حواجبهم بالإضافة لها وحدقوا به بمعنى ماذا؟

- مالذي تقصده؟!
خاطبته شقيقته بينما تضيّقُ عينيها وتقترب منه، ولولا جيمين الذي سحبها لتعود وتجلس بقربه لكانت إلتصقت بوجهه!

فعقد جين حاجبيه وقال بينما يرفع كتفيه حتى يفهموا:
- لقد صنعت قبعةً صوفية من أجل هولي...كما وأنّ لونها وردي!

همهم الجميع بتفهم، فهذا السبب يعتبر مقنعاً كفاية بالنسبة لجين، ولكن جيسو...فقد إكتفت بالضحك على غرابة تفكيره.

- حسناً إذاً، سنذهب غداً جميعاً بواسطة بينكيباي، ولكن متى موعد المؤتمر الصحافي؟
تسائل كاي، فأجابه جونغكوك من جديد، ولكن بعد أن إبتلع طعامه هذه المرة خوفاً من هيري:
- عند الرابعةِ عصراً.

همهموا جميعاً، ثم حدقوا بتايهيونغ وايرين اللذان لم يسمعوا صوتهما منذُ مدة، فوجدوا انهما يداعبان بومين ويونا بإنسجام.

- يبدو انكما من عشاق الأطفال!
تحدث إيوجين بينما يقهقه، فنظر إليه جونغكوك وإبتسم بدهاء.

- تايهيونغ يعشق الأطفال كثيراً، ويبدو انه متحمس للحصول على واحدٍ في أقرب وقت، لذا فمن المحتمل أن تكون هذه الليلة شاقة على عزيزتنا لإيرين...لا تقلقِ، إنه لطيف ورومنسي، الأمر سيكون جميلاً صدقيني.
ضرب كفه بكف إيوجين وإنفجرا ضحكاً برفقة كاي وبيكهيون ونامجون، اما هوسوك فقد شزرهم بتقزز، وجين بصق العصير من ثغره، ويونغي لم يتغير شيء في تعابيره...ظل صامتاً بتبلد بينما يحدق أمامه فحسب .

وبالنسبة لجيمين فهو قد حشر أصابعه في أذني لورا حتى لا يتلوث سمعها...او هذا ما يظنه هو.

اما بقية الفتيات...جيسو هربت الى الحمام، ميون مثّلت أنها لم تسمع أي شيء ورسمت ذات تعابير يونغي، لورا ترمش بغباء بفضل ما فعله جيمين، اما هيري فهي قد رفست ساق جونغكوك حتى كادت تقتلعها، ويونوو أنزلت شعرها على وجهها بفضل إنحراف زوجها وذاك الأخرق.

اما عن المعنييْن بالكلام، فتايهيونغ إبتسم بجانبية وأكمل لعبه مع بومين دون التحدث، وايرين إختبأت كعادتها خلف ظهره من فرط الخجل.

- انظروا انظروا!..يبدو أنّ الفكرة واردة وقد أعجبته بالفعل!
أشار كاي نحو تايهيونغ بينما يضحك، فضرب كفه بكف إيوجين وجونغكوك وعادوا للضحك مجدداً.

إستقام هوسوك ومنحهم نظرةً جانبية مستصغرة، ثم تخطاهم وقال مبتعداً عن مكان جلوسهم:
- يالكم من منحرفين!..سأذهب لأرى عزيزتي جيسو، يبدو انها خجلة من كلامكم الفارغ او مصدومة.

بصق جين العصير للمرة الثانية على كلامه، فعادت لورا لتضييق عينيها ومحاولة الإقتراب منه، ولكن جيمين أحكم إمساكها هذه المرة حتى لا يتكرر ما حدث قبل قليل.

- هل بصقت العصير لأنه قال عزيزتي جيسو؟!
سألته بشك بينما يربت جيمين على رأسها بيد وباليد الأخرى يمسكها.

فأمال شقيقها الأكبر شفتيه وقال ببساطة:
- تلك القبعة بها ثقبين صغيرين من أجل أذني هولي بالإضافة الى كرة فرو عند القمة!..جيسو حقاً مبدعة!
همهموا من جديد على غرابته، ولكن شقيقته لم تفعل، حيث انها قالت وبذات التعابير:
- وما دخل هذا بما قاله هوسوك؟!

- لست ادري!
رفع كتفيه وأغمض عينيه، ثم عاد لشرب عصيره كما لو أنّ شيئاً لم يكن...والجميع لا يعلم متى سينتهي عصيره هذا!

وعلى حينِ غرة، إستقام يونغي وحمل معطفه فجأة، فتعجبت ميون وأمسكت ذراعه متسائلة:
- الى أين؟!

- سأغادر...الوضع مخيفٌ هنا! كما لو أنّ فايروس يستهدف الدماغ ويسبب الغباء قد أصابهم، والعدوى تنتقل بشكلٍ رهيب، لذا سأنجوا بنفسي!

- إنتظر، خذني معك.
همهم وإنتظرها حتى إرتدت معطفها، ثم فرّا هاربيْن من منزل جونغكوك الذي بات أشبه بمستشفاً للمجانين...فلنقل انهما مقتنعان بأمر الفايروس!

اما البقية، فقد غادروا بعد مدة وذلك ما إن إتفقوا على موعد الإلتقاء غداً من أجل مفاجأة إيونها.

وبهذا يكون يومٌ آخر قد إنقضى كبقية الأيام من قبله...ولكنه حسم أموراً عدة، من شأنها أن تغيِّر مجرى حياتهم الى الأفضل.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- كلمة لتايهيونغ؟

- كلمة لإيرين؟

- كلمة لجيبوم؟

- كلمة لبيكهيون؟

- كلمة لإيونها؟

- كلمة لهيري؟

- كلمة لجونغكوك؟

- كلمة لجيسو؟

- كلمة لجين؟

- كلمة للورا؟

- كلمة لجيمين؟

- كلمة لإيوجين؟

- كلمة ليونوو؟

- كلمة لشوقا؟

- كلمة لميون؟

- كلمة لنامجون؟

- كلمة لكاي؟

- كلمة لهوسوك؟

- كلمة لتايمين؟

- نسبة حماسكم؟

طبعا بعد كل شي صار، إذا رح تضلوا تحكوا عن جيبوم حقير وهيك، فحابة اقلكم انوا يلي بيقول هيك هاد عديم احساس😑

يعني شيلوا فكرة انه كان شرير بنظركم شوي، وفكروا بالسبب يلي خلاه هيك وكمان يلي عاناه طول حياته، اظن انو يلي صار معه كافي ليصير هيك بعد ما كبر.

المهم هلا حلينا مشكلة الملف وسكرنا القضية وطلع تاي عاقل بالتصرف والقرار يلي اتخذه هو وايرين.

اذا عندكم اي تعليق بخصوص الموضوع فياريت تكتبوه هون👇

والحين فقرة المقتطفات التشويقية...

*عنوان البارت الجاي: وداع لطيف.

*المقتطفات التشويقية:~

- صباح الخير...هل لي أن أعرف متى موعد إقلاع الطائرة المتجهة الى باريس؟

~

- أعتقدُ أنني أحب كعك الميلاد أيضاً، أما عن سانتا كلوز فأنا لم أؤمن به منذ طفولتي!

~

- ألا تعتقدين أنّ هناك شيئاً غريباً؟ أم انني أعاني تصحراً عاطفياً بسببِ إهمالكِ لي؟!

~

- رفاق رفاق!..يجب أن ننقذ مخبوزات جيسو هيا!

~

- ماذا إن سألتكِ الصحافة عن علاقتكِ بي؟!..مالذي ستقولينه؟!

~

- طعمُ الشوكولاتة ألذُّ بكثير وأنا أتذوقه من شفتيكِ.

~

- أنا أحب شعركِ كثيراً...أرجوكِ لا تقصيه ولا تغيري لونه، فسواده الحالك هو ما يستهويني.

~

- وماذا عني؟! هل ستتركنني مع هؤلاء الغجر!

~

- مهلاً لحظة!..ألا يُعدُّ هذا إنتهاكاً لخصوصية الفتيات؟!

~

- ذكِّرني يا رجل!..لما لم تذهب لمراقبة معشوقتك من باب الغرفة؟! أكادُ أتجمد!

~

- من منكم طلب البيتزا؟!

~

- هاي جيميني، هل تفكر فيما أفكر؟!

~

- لا ضيرَ من كسر المثالية في بعض الأحيان.

~

- يا فرحتي!..حتى هولي ستأتي بعد قليل!

~

- رائع...النساء مجانين!

~

- ما هذا يا ولد؟! هل تجيد التقبيل ولم تخبرني من قبل؟!

~

- الى أين يا عزيزي؟! سنتجرع مرارة ذات الكأس جميعاً، ودون إستثناء!

~

- حسناً، سأَعُدُّ لثلاثة ثم سنهجم، واحد إثنان ثلاثة!

~

- لا تضربيها! إنها حفيدة الجدة سوهي!

دلعتكم هالمرة بالمقتطفات.

طبعا البارت الجاي طويل وكله جنان وخبال ومتأكدة انكم رح تفطسوا ضحك.

عملته عشان تروقوا وتضحكوا وتغيروا جو.

كونوا بإنتظاره...

وبالنسبة للتفاعل، يعني عنجد صاير بيفشِّل اخر فترة.

بالفترة الماضية كنت اول ما انشر البارت بتلقى تعليقات كثيرة كثيرة وكمان التفاعل والتصويت حلو، بس هلا شكلوا فيه من عم يقرأ البارت من غير ما يكون متصل بالانترنت لهيك ما بيوصلني تصويته...مدري.

كنت بتمنى توصل الرواية للألف فوت قبل ما تخلص☹

على كل حال...أشوفكم بخير👋

See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top