34~تَجَاذُبَاتْ وَأَحَادِيثْ


قراءة ممتعة🤎

﴿لَا دَاعِي لِلْإِنْتِقَامْ، يَكْفِي أَنْ تُعِيدَهُمْ كَمَا كَانُوا...غُرَبَاءْ﴾

- نيل جايمان.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

إنتهى الإجتماع وقد عُقدت الصفقة بنجاج.

طلب تايهيونغ من ايرين أنْ تسبقه ريثما ينهي حديثه مع بعض المستثمرين، فجمعت أوراقها وخرجت بالفعل، ولكنها وجدت جيبوم يقف أمام قاعة الإجتماعات ينتظرها ربما.

مثّلت بأنها لم تره، وقد كانت على صدد الفرار، إلا انه إستوقفها بإمساك رسغها.

- كيف حالكِ ايرين؟ يبدو انكِ لم تلحظيني!

إبتلعت رمقها بتوتر بفضل كيانها المبعثر رغم بسمتها المصطنعة من الخارج.

- اوه جيبوم! آسفة لم أرك.

- لا بأس...فقط أردت سؤالكِ عن ما إذا كنتِ متفرغة أم لا هذه الليلة؟
إختتم جملته بإبتسامة لطيفة، بينما هي لم تكن مركزةً سوى على الباب خلفهما خوفاً من خروج تايهيونغ.

- لا أعتقد ذلك، لما؟
سألته بينما تُحكم الإمساك على أوراقها، فأجابها:
- كنت أرغب بتناول العشاء رفقتكِ...ولكن لا بأس، فلنؤجلها لليلةٍ أخرى.
أظهر أسنانه الناصعة بإبتسامة وسيمة تزامناً مع خروج تايهيونغ من القاعة.

كادت ايرين تهرب، ولكنه إقترب بسرعة نحوهما بحاجبين معقودين!

لم يخاطب الآخر ولو بحرف، بل إكتفى بسحب ذراع ايرين خلفه، ولكن كلمات الآخر أشعلت جحيم غضبه الذي كافح بكبته.

- لا تكن غيوراً الى هذا الحد! جميعنا أصدقاؤها ولنا الحق في التحدث معها تايهيونغ!
رمى بكلماته وعلامات الإسترخاء مرتسمة على وجهه الوسيم، فتوقف الآخر وأحكم قبضته على رسغها قائلاً:
- انت لست صديقها، لذا لا تقترب منها مجدداً وإلا فلن أرحمك!

رمى بكلماته اللاذعة ثم غادر برفقتها...لم تشأ التحدث وسط هذه المشاحنات، وإنما إلتزمت الصمت فحسب، هي مشوشة ولا تفهم ما يرمي إليه جيبوم بالضبط!

تارةً تراه لطيفاً وتارةً أخرى غامضاً وغريباً ما إن تتذكر مقت الجميع له وكلامه السام تجاه تايهيونغ في كل مرة...لا يجب عليها أن تثق به على أي حال، وهذا ما قررته أخيراً.

ولكن ما لم تعلمه هي انه تمتم لنفسه بينما يراقب طيفها وهي تغادر رفقة الآخر بهدوء:
- يبدو أنّ السحر قد قُلِبَ على الساحر! وانا أعلن حربي للحصول عليكِ!

لم تشعر ايرين بنفسها وهي تتبع تايهيونغ حتى دخلت مكتبه، وما إنتشلها من بحر أفكارها هو صوته:
- لا تتحدثي معه مجدداً! أهذا مفهوم؟!

حمل صوته مزيجاً من الحدة والهدوء المخيف، فما كان منها سوى أن عقدت حاجبيها وقالت:
- أعلم بأنه شخصٌ سيء على حسب وصفكم لهْ، ولكن ضع نفسك مكاني!
لقد حاولت التملص منه بالفعل، ولكنني وُضعت في الأمر الواقع من قِبَلِه ككل مرة، لا أستطيع معاملته بلؤم طالما لم يؤذيني او يعاملني بسوء...صحيحٌ انني لا أثق به، ولكنني لا أستطيع تجنبه حينما يأتي لمحادثتي، هذا ليس من طبعي تايهيونغ!
أخرجت ما بجعبتها ووجهها ينبض بالإنزعاج، فتأفف بعد مدةٍ من التحديق بها، ثم دلّك ما بين حاجبيه وأزفر أنفاسه بثقل.

- لا بأس...أظن انكِ لن تلتقي به إلا إن كان هناك إجتماعٌ بين الشركتين، وفي تلك الأثناء إبقي بقربي وانا سأتصرف...صدقيني نواياه سيئة ولا أريده أن يمسّك بسوء، لهذا طلبت منكِ تجاهله.
تعابير وجهه كانت هادئة، ما جعلها تفك عقدة حاجبيها وتهمهم له...على الأقل تفهّم موقفها وناقشها بهدوءٍ وحكمة.

إنتهى دوام هذا اليوم بعد مرور عدة ساعات، فذهبت هي برفقته نحو منزل الغابة بدلاً من القصر لجلب أغراضهم، ومن أقلّهم هو تايمين بالطبع.

وضّبا أغراضهما بالفعل وهاقد عادوا الى القصر.

وجدوا أنّ الجميع ينتظرهم على طاولة العشاء لذا جلسا رفقتهم على الفور حتى لا يتأخرا أكثر.

فإنتهى بهما المطاف ينهيان وجبة عشائهما وينتظران أن يخلد الجميع الى النوم حتى يتسلل أحدهما الى غرفة الآخر لينام برفقته...على كل حال تايهيونغ هو من يريد ذلك وبات يستلطف النوم بينما يحتضنها بدل الوسادة!

_______________________

عاد شهر ديسمبر ببرودة طقسه وثلوجه بعد فراقِ عامٍ كامل...واليوم هو أول أيامه.

كانت الشركة قد فتحت أبوابها منذ ثلاث ساعاتٍ بالفعل والجميع يعمل بجد.

رتبت ايرين جدول أعمال تايهيونغ وأعطته له...وهاهيذا تجلس في مكتبها بينما تنتظر إنتهاء إجتماعه، لأنها لم تذهب برفقته.

وأثناء عملها طرق جونغكوك وأطلّ برأسه من خلف الباب بإبتسامة أرنبية، فلم يكن منها إلا أن قهقهت وندهت له:
- أدخل.

دخل بالفعل وجلس بكل أريحية، بينما قد وضع كوبين من القهوة الساخنة على مكتبها...واحدٌ لها والثاني قد أمسكه بالفعل وإرتشف منه، فكانت هي أول من تحدث بعد أن شكرته بالطبع:
- هل تشاجرت مع هيري؟

- كلا...لما؟!
جعّد حاجبيه بتساؤل مع تبويزة لطيفة لشفتيه الصغيرتين، فأجابته بينما لا تزال تبتسم على شكله الظريف:
- انت لا تزورني إلا إن كنت متشاجراً معها.

- كلا، هذه المرة أتيت لرؤيتكِ...لقد كنت برفقتها قبل قليل.
همهمت له بإبتسامة لطيفة، وقد أغلقت حاسوبها الذي كانت تعمل عليه لتسأله:
- إذاً...ما أخبارك؟ يجب أن أحصل على تقريرٍ كامل بما أننا لم ندردش منذ مدة.

قهقه بخفة، ثم أسهب بنظراته للأمام حتى يستذكر آخر مستجداته.

- حسنا فلنرى...لقد عدت للعمل والوضع ممتاز بيني وبين والدي، كما وأنّ عائلتي تستلطف هيري كثيراً وقد أصبحت علاقتنا أكثر جدية من ذي قبل...لا أعلم، أظن أنّ هذا كل ما لدي.

- جيد، إنه تقدمٌ ملحوظ.
رفعت إبهامها نحوه بإبتسامة لطيفة جعلته يضحك، ولكن سرعان ما إحتست القليل من قهوتها وسألته من جديد:
- تبدو متفرغاً اليوم!

- اجل...جدولي غير ممتلئ، لذا إنتهزت الفرصة وأتيت.

همهمت له ثم عاد الصمت من جديد.

تذكرت كلام جيبوم المبهم قبل يومين وفكرت في سؤال جونغكوك عن ذلك، ولكنها ليست غبية لتخبره بأمر إلتقائهما، لذا قالت بعد مدة من الصمت والتفكير:
- جونغكوك.

همهم لها حتى تكمل بينما يحتسي قهوته بهدوء، كما وأولاها جل إهتمامه ونظر إليها.

- ما هيئة الخلافات القائمة بينك انت وتايهيونغ مع جيبوم؟!..اعني انا أدرك القليل منها ولكن أريد معرفة المزيد.

رفع جونغكوك حاجبيه، ثم أراح جذعه على الكرسي وقال:
- لكِ هذا...انتِ تعلمين قصة إلتقائي بتايهيونغ في المدرسة المتوسطة وكيف أصبحنا أصدقاء أليس كذلك؟

همهمت له بنعم، فأضاف:
- وتعلمين أيضاً اننا درسنا في مدرسةٍ ثانوية داخلية؟

فهمهمت له مرة أخرى، لذا قال بعد أن تنهد:
- كنت انا وتايهيونغ وإيونها أصدقاء طفولة ولا نفترق أبداً...حتى اننا كنا نضرب الفتيان الذين يضايقونها دائماً بحجة اننا نحمي شقيقتنا.
ولكن عند إنتقالنا الى المرحلة الثانوية، كنا مجبرين على الإنفصال...انا وتايهيونغ لوحدنا بفضل طبيعة مدرستنا وهي لوحدها، ولكنها إلتحقت بمدرسة الفتيات الداخلية القابعة قرب مدرستنا مباشرةً، حيث انها كانت تقفز من السور ليلاً ونحن كذلك حتى نلتقي، لستُ أعلم لما أحكي لكِ هذا ولكن أظن بأنها حدثت في ذات المدة التي عرفنا فيها جيبوم.
لقد كان يرتاد ذات مدرستنا هو أيضاً، وكان مشهوراً بين الطلاب لتنمره على الضعفاء ولثراء والده الفاحش...كان فتاً مدلل ويمتلك كل شيء رغم أنّ جميع طلاب مدرستنا من الطبقة المخملية بالفعل، ولكنه كان يميز نفسه دائماً ويتفاخر بما يملك.
وحينما إنتقلنا الى تلك المدرسة خطف منه تايهيونغ الأضواء لشخصيته الودودة والمحببة للجميع.
كان طالباً إجتماعياً ومشاكساً ومحبوباً بين زملاءه...حاول جيبوم مضايقته أكثر من مرة بدافع الغيرة، ولكنني كنت أدافع عنه دوماً، لذا تم إضافتي الى قائمته السوداء.
بدأ يجلب لنا المتاعب بشتى الطرق ويفتعل لنا المشاكل دون سبب، حتى انه إتهمنا في إحدى المرات بسرقة أوراق الإمتحان ونحن لم نفعل.
بدأت المشاكل تكبر بيننا شيئاً فشيئاً وبدأنا نقضي معظم وقتنا في الحجز ونحن لم نرتكب أي شيء، حتى أنّ المدير إستدعى والديْنا أكثر من مرة وقد تم توبيخنا كثيراً...ولكننا كنا نتجاهله فحسب، الى أن أتى ذاك اليوم الذي تتبعنا به ونحن نتسلق سور المدرسة للقاء إيونها، فرآها وبدأ بمضايقتها هي الأخرى، لقد أرسل فتياتٍ للتنمر عليها في مدرستها وتمادى الى تهديدنا بالوشي للمدير عن مخالفتنا للقوانين وملاقاتها مقابل أن نخدمه.
ولكننا لم نفعل...ثم دخلنا في شجارٍ حاد معه بعد أن تفاقم الوضع وسمعنا بأمر قدوم والد إيونها من أجل نقلها الى مدرسةٍ أخرى بسبب التنمر الشديد الذي أدى إلى كسر ساقها في إحدى المرات!
ولم يتوقف عند هذا الحد! بل وكان السبب في تحطيم قلب تايهيونغ.

عقد إيرين حاجبيها بتساؤل لتقول:
- ماذا تعني بهذا؟!

- في إحدى المرات كانت هناك مسابقة للأولمبيات، وتوجّب دمجنا مع مدرسة الفتيات بما اننا نرتاد ذات المدرسة مع إختلاف التوزيع.
أُعجب تايهيونغ بفتاة كانت متفوقة في دراستها وجميلة، لكنها تدرس بمنحةٍ دراسية، فكان من السهل رشوها بمبلغٍ مغري مقابل التلاعب بقلب صديقي.
أَحبها تايهيونغ وكان مستعداً لتقديم كل شيء من أجلها، لكن ذاك الوغد علِم بالأمر وتقدم بخطوة على تايهيونغ...قبلت تلك الفتاة مشاعر تايهيونغ وواعدته لمدة، ولكن في إحدى المرات سمعتُ جيبوم يتحدث معها صدفةً عن ذات الأمر، لذا علمت بكل شيء وكم وددت قتله على ذلك.
ظللت أفكر وأفكر بالطريقة التي سأخبر بها تايهيونغ، وقد كنت خائفاً من تحطمه بعد أن وثق بها، ولكنها سبقتي وطلبت منه الإنفصال.
لن أنسى صدمته ذاك اليوم وهو يسألها لما، وكل ما إكتفت بقوله هو انها لم تكن تحبه وإنما واعدته لإمضاء الوقت لا أكثر.
لقد بكى بحرقة تلك الليلة حينما أخبرته بالحقيقة وكم كان متألماً لهذه الخيانة، فلم يكن بوسعي سوى إشفاء غليلي بالذهاب الى جيبوم وإبراحه ضرباً، كدت أقتله وكاد يقتلني ليلتها، حتى اننا كدنا نُفصل من المدرسة!
ولكن كلما تذكرت تألم تايهيونغ إزددت حقداً تجاه الآخر...لقد عانينا الكثير بسببه، وكل هذا بسبب غيرته العمياء وحقده على كل من حوله دون سبب...انه لئيم! وليكن بعلمكِ فحسب...انا لم أخبركِ سوى بمقتطفاتٍ مختصرة عن ماضيه الحافل برفقتنا!

وطوال فترة حديثه كانت ايرين ترسم الدهشة والتفاجؤ على تقاسيمها...هل كان يتلاعب بها حينما كذب عليها بكلامه!

هل كان يتقرب منها طوال هذه المدة ويعاملها بلطف فقط ليحاول سرقتها من تايهيونغ ويدمره مرةً أخرى!..ألهذا الحد يمقت الآخر؟!

- جيبوم شخصٌ لا يعرف للطيبة معنى، لذا لا تمنحيه الأمان، فهو يمتلك من الدهاء ما يجعلكِ تفقدين صوابكِ!
أضاف جونغكوك بينما يسهب بنظره للفراغ، اما هي فلم تُزل الدهشة عن محياها بعد!

كانت تحاول إدراك مدى غبائها لسماحها له بالتقرب منها طوال تلك الفترة تحت مسمى الحيادية!..هي ساذجة لتصديقها تمثيله الكاذب أمامها وإنتحاله لدور المسكين، ولكنّ قلبها النقي قد فكر في السبب، لربما لديه دوافع جعلته يقترف كل هذه الأخطاء!

- تايهيونغ خائفٌ من أن يقوم جيبوم بإيذائكِ، لهذا يُبعدكِ عنه قدر المستطاع.
تحدث جونغكوك بعد أن خرست ايرين عن الحديث إثر تفكيرها، فما كان منها سوى أن رفعت بصرها نحوه وحدقت به.

- لم أكن أعلم أنه بهذه الفظاعة!
كان هذا كل ما تفوهت به، لكن القابع أمامها إكتفى برسم إبتسامة ساخرة يليها إشاحة وجهه للأمام.
- بلى هو كذلك!..حتى الشيطان يثني على دهائه صدقيني!

__________________________

جالسةٌ على الأريكة بينما تلف لحافاً على نفسها وتحتسي الشاي بالأعشاب...ولا ننسى كتابها الذي تقرأه عن عالم المجرات والفلك.

كانت جدتها تحيك شيئاً ما بقربها بينما هي تستمتع بقراءة ما يستهويها.

وسرعان ما قطعت جدتها إستجمامها بقولها:
- جيسو...متى ستجلبي الأغراض من البقالة؟
لا تنسي أنّ جين سيتناول العشاء برفقتنا الليلة!

- إنها الحاديةَ عشر جدتي!..لا يزال أمامي وقتٌ طويل حتى أنهي كل شيء.
تذمرت بعبوس، فهمهمت لها جدتها ثم قالت:
- حسنا...على كل حال لا تنسي جلب القليل من كرات الصوف في طريقكِ من أجلي.

هزت جيسو رأسها بالموافقة قبل أن تعود لقراءة كتابها بإنسجام، ولكن سرعان ما إبتسمت بخفة لتذكرها شخصية جين غريبة الأطوار والمضحكة...إنه قادرٌ على جعلها تضحك حد الإغماء!

وهي ممتنة لهذه الحياة على منحها فرصة إلتقاء أشخاصٍ مثله وبذات نقائه وطيبته.

__________________________

إنتهى الإجتماع وهاقد بدأ يتوافد الجميع خارج قاعة الإجتماعات.

إلتقى تايهيونغ بجونغكوك في طريقه الى مكتبها، حيث وجد الآخر على وشك طلب المصعد.

علِم انه كان برفقة ايرين بعد أن أخبره بذلك...وهاهو ذا في طريقه نحو مكتبها الصغير.

إبتسم بحب ما إن لمحها، فما كان منها إلا أن رسمت ذات الإبتسامة.

إقترب منها وطبع قبلةً رقيقة على وجنتها اليمنى، ثم جلس مكان جونغكوك سابقاً.

- هل أنهيتم الإجتماع؟

- اجل...كان مملاً للغاية! رأسي يؤلمني!
إنتحب بطفولية محاولاً لفت إنتباهها، وقد نجح بالفعل!فهي قد إستقامت وذهبت الى حيث يجلس، ثم جلست القرفصاء أمامه وكوّبت وجهه بلطف.

- هل أعدُّ لك القليل من القهوة؟
كانت كما لو انها تخاطب طفلاً، وهو قد أحبّ ذلك كثيراً نظراً للإهتمام الذي تُغدِقُه به دوماً.

إكتفى بهز رأسه وهو يتأمل عينيها بحب، فهمهمت له قبل أن تداعب أنفه بأناملها وتستقيم.

لكنه إستوقفها بإمساكه لرسغها.
- إنتظري!

إستدارت نحوه بملامح متسائلة، فقال بينما يبتسم:
- علِمت أنّ اليوم هو ذكرى زواج إيوجين ويونوو، كما وأنهما سيخرجان في موعد الليلة وقد عرضت عليهما مجالسة بومين ويونا...ما رأيكِ؟

إبتسمت لسعادته بمجرد إستحضار سيرة الأطفال، فقالت ببشاشة:
- بالطبع...سيكون ذلك لطيفاً.

-حسنا إذاً، بما أنّ لا عمل لي من بعد الخامسة، فسنغادر سوياً لأخذهما.
أضاف بعد أن أفلت يدها، فهمهمت له ثم غادرت برفقته...هو ليذهب الى مكتبه، وهي لتعد له القهوة.

وفي ذات الشركة ولكن في قسم التصميم تحديداً، كانت هيري وميون تدردشان سوياً بينما تعملان.

- هل حقاً ما قلتي؟!
كان هذا ما تلفظت به ميون، فأومأت هيري برأسها وأضافت:
- أجل كما أخبرتكِ...يونغي يحب الطعام المنزلي أكثر من الجاهز.

بوزت ميون شفتيها بتخمين، وقد توقفت أناملها عن النقر فوق لوحة مفاتيح حاسوبها.

- إن عُدت باكراً الليلة فسأُعدُّ له القليل من الطعام وسآخذه إليه...هو سيبيت في المستشفى أليس كذلك؟

- اجل.

- جيد.
إبتسمت برضى وحماس...على الأقل ستشعره بالإهتمام ولو بأشياء صغيرة، فهو خطيبها قبل كل شيء ومن واجبها الإعتناء به.

وبعد لحظات أصدر هاتف هيري صوت إشعارٍ ما، ولم تكن سوى رسالةً من جونغكوك، وسرعان ما إبتسمت بخفة لقراءة مضمونها...لقد أخبرها انه سيأتي ليقلها عند إنتهاء دوامها لتبيت معه الليلة في منزله.

رغم رفضها للفكرة فيما سبق، إلا انه نجح هذه المرة بحجة انها ستبيت رفقته عندما يكون لدى يونغي مناوباتٌ ليلية في المستشفى...وهي وافقت بعد إلحاحه الشديد عليها.

- هيا يا فتيات...الغذاء على حسابي اليوم.
كان هذا هوسوك صاحب المزاج المشرق منذ الصباح دون سبب...ربما لأنه رأى صورته على غلاف مجلة عالمية للأزياء بعد المهرجان!

- انا لست فتاةً يا آنستي المدللة!
حدج كاي هوسوك الواقف بقربه بإنزعاج، بينما الآخر كان يرسم إبتسامةً مبتهجة، وسرعان ما قُلِبت لأخرى فارغة!

- اجل أعلم هذا...ولذلك لم أُكلّمك أبداً!

وسع كاي مقلتيه بدهشة، ليقول بعد أن إستقام بدوره وأشار نحو الواقف قربه.
- هل...هل تقصد انني غير مدعوْ؟!

إكتفى الآخر بإغماض عينيه ومط شفتيه مع هزه لرأسه بنعم، فضيّق كاي عينيه بحقد وهسهس بإنزعاج:
- يالك من لئيم! أكلّ هذا لأنني سخرت من معطفك الشبيه بخاصة العجائز؟!

أومأ الآخر وبذات التعابير، فقلب كاي مقلتيه وقال بعدم إهتمام:
- حسناً...فلتذهب الى الجحيم انت ومعطفك الغبي، سآكل بمفردي.

جلس وكتّف ذراعيه حتى يستقطب شفقة هوسوك، ولكن الآخر غادر دون أن يلقى له أي إهتمام، فإستقام كاي مدهوشاً ومنزعجاً.

- سآتي برفقتكم وسأتناول الطعام معكم شئتم أم أبيتم!
صرخ نحوهم ثم حمل هاتفه ولحق بهم بعناد.

_______________________

خرجت جيسو منذ نصف ساعة تقريباً لشراء المقتنيات.

وطوال طريقها كانت تحشر سماعاتها الوردية في أذنيها وتسمع ألحاناً هادئة ومريحة مع بدأ تساقط الثلج الأبيض على أرض سيول الجميلة.

لم تكف عن تأمل السماء الغائمة وهي تمشي الى أن وصلت لمبتغاها.

إشترت ما ينقصها، وهاهيذا تخرج وتأخذ بخطواتها الهادئة نحو وجهتها التالية.

برودة الطقس لم تكن بمزحة، لذا إرتدت معطفاً ثقيلاً وقفازاتٍ صوفيه مع وشاح وقبعة قد حاكتهما جدتها من أجلها.

بدت لطيفة بمظهرها ذاك، خصوصاً مع إبتسامتها الدائمة.

دخلت ذاك المتجر وإشترت كرات الصوف لجدتها، ثم خرجت...فقابلت كشكاً صغيراً يبيع الكعك الساخن وقد سارعت في الذهاب إليه.

إشترت كعكةً لنفسها وجلست على أحد الكراسي بينما تأكلها بتلذذ.

- آه إنها لذيذة!
أغمضت عينيها مستشعرةً لذة المذاق، وما إن فتحتهم أحست بشيءٍ يلامس ساقيها!..ولم تكن سوى قطةٍ صغيرة.

إبتسمت تلقائياً للطافة هذه الكائنات والتي تعتبرها حيواناتها الأليفة المفضلة.

- اوه يالكِ من لطيفة!
وضعت كعكتها جانباً وحملت تلك القطة مُصدرةً أصواتاً ظريفة تنمّ عن إستلطافها لها.

داعبتها قليلاً بينما تقهقه ثم أنزلتها ما إن رأت الساعة والتي تشير الى الرابعة عصراً!

لذا حملت أغراضها وعادت الى شقة جدتها بسرعة حتى تبدأ في تجهيز العشاء.

__________________________

أشارت عقارب الساعة على الخامسة، لذا فهو موعد مغادرة تايهيونغ وايرين.

أخذهما تايمين الى منزل عائلة بارك لأخذ الطفلين، وقد وجدا الجميع بإنتظارهما.

- ايرين...هذه حقيبة بومين، ستجدين بها كل مستلزماته وكل ما يحتاج، اما عن يونا فأغراضها موضوعةٌ في حقيبة ظهرها...أعتقد أنّ هذا كل شيء، وإن طرأ أي شيء إتصلي بي حسناً؟
أوصت يونوو ايرين بينما تمسك يديها...هي مستعدةٌ للخروج برفقة زوجها بالفعل نظراً لتأنقها.

فإبتسمت ايرين وهزت رأسها مِراراً.
- حسناً.

نظرت يونوو نحو طفليها اللذان يحملهما تايهيونغ معاً بمعالم عابسة، فقهقه إيوجين وسحبها للوقوف بقربه.
- عزيزتي...سترينهما بعد عدة ساعات، لذا لا داعي للعبوس!..كما وأنهما في أيدٍ أمينة.

يونوو غير معتادة على مفارقة طفليها، لذا فهي مترددة قليلاً حيال الأمر رغم انه بسيط.

ولكن في النهاية قبّلتهما وتركتهما يغادران رفقة تايهيونغ وايرين اللذان أخذاهما للّعب في أحد نوادي الأطفال.

فكرا بأخذهما الى الحديقة في بادئ الأمر، ولكنّ الطقس باردٌ للغاية وقد يمرضا...لذا فالنادي هو الخيار الأفضل.

تقاسما المهام بينهما، فتايهيونغ يعتني ببومين ويشرف على لعبه داخل ألعاب الأطفال، اما ايرين فقد بقيت مع يونا ولعبت معها حتى لا تشعر بالملل وحدها...اما تايمين فقد جلس في أحد المقاهي الخاصة بالنادي الى حين إنتهائهم.

وبعد مدة بدأ بومين بالبكاء، فعقد تايهيونغ حاجبيه بعبوس للطافة شكل الأصغر وحمله في حضنه حتى يُهدّأه.

- ما به صغيري؟!..هل انت جائع؟
تكهن بأنه لربما يشعر بالجوع كما حدث في تلك المرة عندما بدأ يبكي، فعاد به نحو طاولتهم وفتح حقيبته الزرقاء مخرجاً منها زجاجة حليبه الفارغة.

جلس ووضعه على فخذيه بينما يهزه حتى يسكت، وباشر في إعداد زجاجة حليبه.

إنتهى من ذلك ثم أسنده بذراعه وبدأ بإرضاعه بينما يدندن بتهويداتٍ لطيفة...لقد كان تخمينه في محله.

راقب لطافة بومين وهو يتجرع حليبه ويمسك زجاجته بيديه الصغيرتين، بالإضافة الى معطفه المنفوش وقبعته الصوفيه على شكل دب...لوهلةٍ تذكر نفسه وهو صغير، فإبتسم بلطف وقبّل وجنة القابع في حضنه.

كما وتواردت له أحاسيسٌ جميلة لتجربة شعور الإعتناء بالأطفال، فإبتسم بخفة بينما يراقب الذي بات على وشك النوم وتمتم لنفسه:
- هل هذا هو الشعور الذي سيراودني عندما اصبح أب؟!

فكر في انه لمن اللطيف الحصول على طفلٍ صغير وتجربة شعور الأبوّة والمسؤلية...والألطف والأجمل من هذا أنّ التي ستشاركه ذات الأحاسيس هي ايرين.

وما كاد يزيل إبتسامته ويستفيق من شروذه إلا وهي تأتي برفقة يونا.

- هل نام بومين؟
تسائلت بينما تتقدم نحوهما، فأنزل تايهيونغ نظراته نحوه ليجد انه قد نام بالفعل، لذا إكتفى بهز رأسه.

- حسناً إذاً...الساعة تشير الى السابعة بالفعل وأعتقد انه علينا العودة الى القصر.
تحدثت من جديد بينما تُلبس يونا قبعتها الصوفية وقفازيها وكذلك حقيبة ظهرها، فهمهم هو وأبعد زجاجة الحليب عن ثغر بومين النائم بلطافة مع وجنتيه الشبيهتين بعمه جيمين.

ساعدته على إلباس الآخر لقفازيه الصغيرتين وكذلك وضع أغراضه في حقيبته، ثم خرجوا بينما هو يحمل بومين وهي تمسك حقيبته بيد، وباليد الأخرى يونا...وقد إتصلا بتايمين ليأتي.

وما إن وصلوا الى السيارة حتى جلس تايهيونغ بهدوء في الخلف ووضع بومين برفق في حضنه وهو نائم، وهي فعلت المثل مع يونا، ثم إنطلق بهم تايمين نحو القصر.

- خالتي ايرين، أين سنذهب؟
تسائلت يونا اللطيفة بعد أن إستدارت نحو الأخرى، فإبتسمت ايرين ولكن من أجابها كان تايهيونغ:
- سنذهب الى منزلٍ كبير يمكنكِ اللعب بكل أرجاءه، كما وهناك جروةٌ لطيفة ستحبين اللعب معها.

نبرته كانت لطيفة، فإكتفت الأخرى بالإيماء ورسم إبتسامةٍ متسعة.

نظر إليها تايمين عبر المرآة وإبتسم بخفة للطافتها هي وشقيقها...لا يوجد أي إنسانٍ في هذا العالم يقاوم ظرافة الأطفال وجمالهم.

___________________________

ومع حلول المساء، أتى جين الى شقة الجدة سوهي، وقد أحضر معه كرات صوفٍ من أجلها...هو لم يعلم أنّ جيسو قد أحضرت لها الكثير منهم قبل ساعاتٍ بسيطة.

اما عن جيسو، فقد جلب لها كتاباً جميلاً يروي أساطير الفضاء والنجوم، وذلك بما انها من هواة هذا المجال، وهي قد أحبته كثيراً وكانت متحمسةً لقرائته.

دخلت هي المطبخ حتى تنهي طهي العشاء، وهو بقي قرب الجدة، ولكن سرعان ما لحق بها ليجدها مشغولةٌ في لفِّ الكيمباب.

- يبدو انكِ مشغولة؟
سألها وهو يتقدم من الطاولة، فإبتسمت له بمعنى أجل.

لذا غسل يديه ورفع أكمام كنزته ووقف بقربها.
- راقبي وتعلمي كيفية لفه بإحترافية.

إبتسمت بغرابة لما يقول، فإذا به يحشو قطعةً ويلفها بإحترافية كما قال...انه مذهل في نظرها بما انه شاب وبهذه المهارات في الطبخ!

- واو انت ماهر!
إمتدحته بإندهاش وهو يلف بقية القطع بسرعة، فإبتسم بفخر وقال:
- شكراً على إطرائك رغم أني أعلم بهذا.

هو لم ولن يترك جانبه النرجسي الذي يُضحك الجميع دوماً، فإبتسمت هي بخفة وأسندت وجنتيها بيديها تتأمل ما يفعل الى أن إنتهى.

وبعد لحظات ذهبت نحو الموقد لترى الحساء، فأخذت الملعقة وتذوقته.

- قليلاً بعد.
وضعت الغطاء على القدر وباشرت في تجهيز الصحون ريثما ينضج الحساء.

وكل هذا وهو جالسٌ ويراقب ما تفعل بإنتباه...لقد تبادلا الأدوار بالفعل.

وضعت القليل من الكيمتشي الذي يُعدُّ طبقاً كورياً مهماً على المائدة، وكذلك الكيمباب ثم حملتهم بمساعدته نحو طاولة الصالون حيث تقبع جدتها.

إنتهت من تحضير كل شيء بعد لحظات، فجلس ثلاثتهم لتناوله بينما قد أطرى جين على طبخها اللذيذ.

_______________________

عادت ميون الى منزلها ما إن أنهت عملها، وصنعت بعض الطعام المنزلي ليونغي بمساعدة شقيقتها، ثم وضعته في حافظات الطعام الحرارية وأخيراً في كيسٍ ورقي متوسط الحجم.

غيرت فيما بعد ثيابها لأخرى عملية وتمدّها بالدفئ أيضاً بما أنّ الثلج يغطي المكان في الخارج بالفعل.

وبعد إنتهائها أخذت الكيس وخرجت بحثاً عن سيارة أجرة...وقد وجدت واحدة بالفعل بعد أن يئِست وكانت على وشك أن تستقل الحافلة.

طلبت من السائق أخذها الى مستشفى سيول الوطني، وطوال الطريق وهي تبتسم بخفة لفكرة إلتقائها به وتذوقه لطعامها.

وهاهي قد وصلت بالفعل...

لم تخبره بأمر مجيئها، وإنما جعلت زيارتها كمفاجئة.

سألت إحدى الممرضات عنه، فأخبرتها بأنه في الطابق الثاني وتحديداً في قسم الملاحظات.

ذهبت إليه وبحثت عنه الى أن أطلّت برأسها من أحد الأبواب فوجدته يخاطب إمرأةً مسنة ويبتسم...خمنت بأنه لربما يرفع من معنوياتها نظراً لرفعه قبضة يديه بتشجيع، فإبتسمت بخفة على لطفه الذي لا يحب إظهاره أمام أيٍّ كان.

لمحها ما إن إستدار، وقد لاحظت هي تفاجؤه في بادئ الأمر ولكنّ رسمه لإبتسامةٍ خفيفة على شفتيه أظهرت لها مدى سعادته بزيارتها التي لم يتوقعها.

خاطب الممرض قربه وأوصاه بإكمال ما يفعل، ثم أتى إليها.

وهي قد إحتضنته ما إن توقف أمامها.
- إشتقتُ إليك.

تحدثت وسط عناقها، فبادلها بينما يبتسم وقال بالقرب من أذنها:
- وأنا أيضاً.

قهقهت بخفة بينما تبتعد عنه، ثم رفعت الكيس أمام وجهه وقالت مبتسمةً بإتساع:
- لقد أعددتُ لك بعض الطعام بنفسي، هيا بنا.
سحبته من ذراعه، فإبتسم بحب بينما يطأطأ رأسه لأسفل...لطالما أراد الشعور بهذا النوع من الإهتمام، ويبدو أنّ ميون هي الفتاة الحاملةُ لكل صفات المرأة المثالية بنظره.

أخذته الى الكافيتيريا، وقد جلسا في إحدى الزوايا قرب النافذة الزجاجية المطلة على حديقة المستشفى المغطاةِ بالثلج.

أخرجت ميون تلك الحافظات ووضعتها أمامه، كما وقد فتحتها وناولته عيدان الطعام بإبتسامة متحمسة.
- تفضل...تذوقه وأخبرني برأيك.

همهم لها وأمسك بأعواد طعامه، ليبدأ بتذوق ما أعدّت من أجله، وسرعان ما رسم الدهشة على تعابيره يليها ملامحٌ قد لانت شوقاً لغائبٍ ما.

فتعجبت هي وظنت أنّ الطعام لم يعجبه، لذا عقدت حاجبيها وتسائلت بخيبة:
- ألم يعجبك الطعام؟!

نفى برأسه وإبتسم بخفة مع عينان ذابلتان، ثم قال:
- كلا انه لذيذٌ للغاية.

- إذاً لما تعابيرك لا توحي بذلك؟!

- كل ما في الأمر أنّ طعمها يشبه الذي تعده أمي...لقد إشتقت لها كثيراً.
أفصح عن السبب، والذي جعلها ترسم ذات تعابيره مع شفاهٍ عابسة.

- ولما لا تذهب إليها؟
سألته بنية تلطيف الأجواء، فأجاب بينما يأكل:
- لا أستطيع...فطبيعة عملي لا تترك لي مجالاً لرؤيتها هي وأبي، كما وأنّ المستشفى دائماً ما تستدعيني لأمورٍ طارئة في كل مرةٍ أذهب بها الى بوسان، لذا أضطر للعودة بسرعة.

- ولما لا تذهب في عطلتك؟

- انا أذهب بالفعل!..ولكنها في عيد رأس السنة، ومدتها خمسةَ عشر يوماً فقط...إنها فرصتي الوحيدة للإستجمام والراحة طوال السنة دون أي فواصل.
أوضح لها من جديد، فبوزت شفتيها بتخمين وقالت:
- إذاً فهي إقتربت بالفعل...اليوم هو أول أيام شهر ديسمبر!

همهم لها، ثم قال مجدداً:
- اجل...بالمناسبة، والداي يريدان رؤيتكِ انتِ وجونغكوك، لذا قد نذهب جميعاً لزيارتهما عمّا قريب.

إبتسمت بإتساع وشابكت أناملها بحماس، ثم أردفت:
- بالطبع...سيكون هذا لطيفاً.

إبتسم بدوره بينما يتأمل غبطتها وضمها ليديها مع ذاك الخاتم الذي يلمع وسط بنصرها ببريقٍ جميل...ثم أشاح بنظراته المبتسمة نحو النافذة وراقب تساقط الثلج الناصح كقلبها بهدوء...هو يحبها بقدرٍ قد لا تتصوره لمجرد كونه بارد...لقد باتت كل شيءٍ بالنسبة له.

__________________________

- ناديني بجدي، وليس عمي!
انتِ تنادين إبني بذات اللقب، لذا لا يجوز أن تناديني مثله، فأنا أكبر منه سناً!
خاطب السيد جينهو يونا الجالسة على فخذيْه بعبوس، فبوزت هي شفتيها بإستغراب مع حاجبين معقودين، ثم قالت:
- ولكنّي أمتلك جدّين فقط!

- اعلم...ولكنني بعمر جدّيكِ أيضاً، لذا ناديني مثلهما...وهي ناديها بجدتي.
أشار نحو زوجته الجالسة على بُعدٍ طفيفٍ منه بينما تلاعب بومين في حضنها وتقهقه.

ولكن سرعان ما توقفت وعقدت حاجبيها بعبوس، لتقول بتذمر:
- انا لستُ عجوزاً يا هذا! لا زلت إمرأةً جميلة، كما وأنني لا أمتلك أحفاداً بعد!
لم ترقها فكرة مناداتها بجدتي...شعرت كما لو انها كبيرةٌ في السن الى حد وصفها بالعجوز، وهي ليست كذلك تحديداً، فمظهرها لا يوحي بسنها مطلقاً!

وما كان من زوجها إلا أن قهقه عليها ثم إلتزم الصمت، يلي ذلك دخول تايهيونغ وايرين اللذان كانا في الأعلى يغيران ثيابهما.

- هل تريدين أحفاداً؟! يمكنني ملأ المنزل بهم وجميعهم سينادونك بذات اللقب أمي...انه واقع كل الجدّات!
تحدث تايهيونغ بمزاح بينما يجلس بقربها، فخجلت ايرين وإحمرّ وجهها على الفور لكلامه.

- حسناً حسناً...بعد التفكير بالأمر أظن انه لقبٌ لطيف.
نطقت بعد مدة وهي تبتسم وتدغدغ بومين الذي يقهقه بلطافة، فما كان من تايهيونغ سوى أن ضحك بملامح ليّنة ومستلطفة لظرافة الآخر.

اما ايرين فقد جلست وسطهم وتحديداً قرب السيد جينهو الذي يحادث يونا الشبيهة بالكبار في تفكيرها...انها فتاةٌ ذكية رغم صغر سنها!

- اوه عزيزي...انظر، إنهما لطيفين!
ألا تذكر حينما كان جين وتايهيونغ ولورا في ذات سنّهما...لقد كانوا لطفاء للغاية! ما أجمل أن يكون في المنزل أطفالٌ صغار.
تحدثت السيدة ريونغ بصوتٍ لطيف بينما تقبّل وجنتا بومين الممتلئتين كحلوى الموتشي اللذيذة.

فإبتسم السيد جينهو وقال بينما يسهب نظراته نحو الفراغ ما إن تذكر تلك الأيام الجميلة:
- اجل...لقد كانوا أطفالاً أشقياء للغاية.

ضحكت ايرين على ما قال، ثم ناظرت تايهيونغ الذي كان يتأملها بحب بينما يبتسم، فإبتسمت له أكثر مع وجنتين متوردتين بخفة.

- تاي بني...أريد أحفاداً!..متى ستتزوجان؟!
تذمرت السيدة ريونغ بعبوس بينما تناظر إبنها وايرين، فإبتسم تايهيونغ وناظر ايرين التي قد طأطأت رأسها بحياء.

- لا زلنا لم نناقش هذا الأمر بعد أمي.

عبست السيدة ريونغ لتعود لمداعبة بومين الذي أحبها بالفعل، اما السيد جينهو فقد كانت يونا تلمس ذقنه الذي قد تصبّغ بعضٌ من أجزاءه باللون الأبيض، وتسأله لما به هذا اللون، وما كان منه سوى الضحك والشرح لها حتى تفهم...فهي فضولية.

اما عن شقيقها، فهو يحاول النزول من حضن السيدة ريونغ منذ مدة لسببٍ جهله الجميع في البداية، ولكن ما إن أنزلته كما يرغب حتى سار بخطواته اللطيفة نحو هولي النائمة بسلام، فإبتسم الجميع بلطف لما يفعل، ولكن سرعان ما أمسك ذيلها وبدأ يجرّها لذا إستقام تايهيونغ بفزع وإنتشله قبل أن تنزعج الأخرى وتعضه ربما...رغم أنّ هولي جروة غير عدائية مطلقاً، ولكنها قد تصدر ردود أفعالٍ غريزية نتيجة تألمها.

- كلا بومين!..هولي ليست لعبة!
خاطبه تايهيونغ بينما يرفعه ويضعه فوق كتفيه، وما لبث يعود به فإذا بلورا تقتحم المكان بينما تصرخ بلطافة.

- بوميني ويوني!

وما إن سمعت يونا صوت الأخرى حتى صرخت بسعادة وقفزت من حضن السيد جينهو:
- زوجة عمي!

توقفت لورا مكانها بعد أن كانت على وشك سحب بومين من فوق كتفي شقيقها...هل قالت لها زوجة عمي!

- ماذا قلتي يا صغيرة؟!
تسائلت بينما تضيّق عينيها وتقترب من الأخرى بظهرٍ منحني وتعابير مندهشة.

- زوجة عمي...لقد أخبرني عمي جيمين أن أناديكِ بهذا اللقب!
أمالت يونا رأسها بملامح طفولية وشفاهٍ مبوّزة نحو الأخرى.

فبدأت الإبتسامة تأخذ طريقها شيئاً فشيئاً نحو شفاه لورا التي إبتسمت بإتساع وقالت بسعادة وهي تربت على رأس يونا:
- عمكِ هذا أفضل شخصٍ قد تلتقيه في حياتك، لذا إسمعي كلامه دائماً ونفذي أوامره وكل ما يقول...حسناً؟
إبتسمت بلطف بينما ترمش عينيها بسرعة، فأومأت يونا بتعجب من أمر المخبولة التي أمامها.

بدأت تتشاجر مع تايهيونغ على بومين، وفي نهاية المعركة حصلت عليه هو ويونا وجلبت دببتها وألعابها من غرفتها وبدأت تلعب بهم مع هاذين الطفلين...لقد أصبح عدد الأطفال هنا ثلاثة وليس إثنان!

إكتفى والدها بالضحك عليها، بينما والدتها أسرعت بجلب الكاميرا وبدأت تلتقط لها صوراً وهي تلعب مع الطفلين...لطالما كانت السيدة ريونغ هي المسؤولة عن تدوين ذكريات العائلة لحظةً بلحظة.

فيما إنتهز إثنين من المجموعة الفرصة وإنسحبا ببطء.

أمسك كفها وأخذها الى الأعلى...إرتدى معطفه وألبسها واحداً يخصه، ولكن من فرط حرصه عليها أحاطها بوشاحٍ صوفي ضخم كاد يخفي وجهها مع قفازاته الكبيرة مقارنةً بحجم يديها الصغير، ثم خرج برفقتها الى الحديقة الخلفية وجلسا على الأرجوحة ذات الوسائد مع الأضواء التي تحيط المكان بما انهما لم يتجاوزا حدود الردهة.

او بالأحرى هي من جلست، اما هو فقد إتخذ من فخذيْها وسادةً له بينما يتكأ على ظهره.

ظل يتأمل وجهها وهي تراقب تساقط الثلج وتداعب شعره بأناملها، وسرعان ما إبتسم بخفة وأمسك يديها مقبّلاً إياهما بنعومة.

- بالنسبة للعالم فأنتِ مجرد شخص، لكنكِ بالنسبةِ لشخصٍ ما قد تكونين العالم بأسره...أنتِ عالمي ايرين وأجمل ما فيه أيضاً.

لطالما كان غزله بها شيئاً آخر...شيئاً مميزاً يجعل من قلبها يخفق بجنون لمجرد النظر لعينيه الهائمتين...هو بارعٌ في إنتقاء كلماته التي يدرك من خلالها أنّ الأنثى تعشق من أذنيها لا من عينيها، وهي ميّالةٌ لأن تذوب عشقاً بين يديه في أي لحظة لكلامه المعسول.

إبتسمت بحياء وأخذت تمرر أناملها بنعومة فوق وجنتيه الباردتين، ثم قالت بهمسٍ أنثوي جعله يغمض عينيه متلذذاً بما يسمع من ثغرها الجميل:
- أحبك تاي.

لم يستطع تمالك نفسه، فسحبها من ذاك الوشاح نحو شفتيه اللتان قبّلتا شفتيها بنعومة...كانت قبلةً سلسة وهادئة عبّر كلٌّ منهما فيها عن مشاعره تجاه الآخر.

وسرعان ما فصلها وهمس ضد شفتيها بعينان مغمضتان:
- تذوقت كل أنواع النبيذ...لكن أيٌّ منها لم يجعلني أثمل كما فعلت شفتاكِ.

فرسمت هي أطياف إبتسامةٍ هادئة على شفتيها المحمرتين لبرودة الطقس، ثم قبّلته بلطف من جديد وإبتعدت عنه جاعلةً إياه يصارع نفسه بين يديها لِما فعلت تواً.

فرّق جفنيه فإتضحت لها عيناه الثملتان بحدّتهما الأخّاذة...أخذت تداعب شعره من جديد وهو منسجمٌ بما تفعل..لقد كاد ينام في حضنها دون أن يشعر، لذا إستقام بعد مدةٍ قد ناهزت النصف ساعة وقال بينما يلمس وجنتيها المُحمرّتين:
- فلندخل...الطقس باردٌ للغاية وستمرضين.

همهمت له وإستقامت هي الأخرى، فقهقه لشكلها الظريف مع ما أجبرها على إرتدائه من ثيابه الكبيرة...معطفه وقفازيه وكذلك وشاحه!

ولكنه لم يكتفي بهذا القدر!
بل وسحبها مدخلاً إياها وسط معطفه ومحيطاً خصرها من الخلف، ثم قال برضى:
- فلندخل الآن.

لم يسعها سوى الضحك على غرابته وصفع يده بخفة...تفكيره عجيبٌ للغاية في نظرها.

دخلا ويبدو أنّ لورا قد غادرت لعدم لمحهما لها في الأرجاء...من المؤكد انها تحادث جيمين عبر الهاتف، لذا فالطفلين كانا برفقة والديه من جديد.

تقدم نحو بومين الذي كان يحاول سحب ذيل هولي من جديد وحمله في حضنه بسرعة.
- هل ذيلها جذّابٌ الى هذا الحد؟!

لم يستطع منع إبتسامته اللطيفة من الظهور بفضل نظرات بومين البريئة واللامعة نحوه، فقبّل وجنتيه بينما يضحك ثم حمل يونا أيضاً والتي كانت تحاول صنع ظفائر لوالدته رغم أنّ شعرها قصير!

- إذهبا وإرتاحا قليلاً، سأهتم بهما انا وايرين.
خاطب والديه بينما يتجه نحو الدرج بالفعل، فقالت والدته:
- حسناً...العشاء سيجهز قريباً.

أومأ لها هو وايرين، ثم صعدا نحو غرفته، وسرعان ما كشّر بملامحه وكمش أنفه.
- يبدو انك بحاحة لتغيير حفاضك!

- إنتظروا هنا، سأنزل لجلب حقيبته وآتي.
تحدثت ايرين بينما تنزع الأكوام التي أجبرها على إرتدائها قبل قليل، ثم خرجت وتركتهم بمفردهم.

أنزلهم تايهيونغ من حضنه وذهب لفتح التلفاز من أجل يونا...على الأقل حتى تنشغل به، أما بومين فقد جعله يستلقي على السرير وبدأ يخلع له بنطاله.
- هيا يا لطيف...يجب أن نغير حفاضك.

وما إن خلع الحفاض حتى تبول بومين على ثيابه!

- اللعنة!
لعن بصراخٍ متقزز، ففزع بومين وبدأت شفتاه تهتز منذرةٍ ببكائه...وقد بدأ يبكي بالفعل.

- اوه يا إلهي أنا آسف...آه ماذا سأفعل؟!
لم يعرف كيف سيسكت الآخر...ثيابه متسخة ولا يستطيع حمله وكذلك صوت البكاء مزعج!

دخلت ايرين بفزع، فوجدت هذه الملحمة أمامها.
- مالذي يحدث؟!

- لقد حاولت نزع حفاضه فتبول علي، ثم لعنت دون أن أشعر وتسببت بفزعه وبكائه!
تحدث تايهيونغ بينما يدور حول نفسه غيرٍ مدركٍ لما سيفعل، فأسرعت هي وحملت بومين نحو الحمام وقالت:
- أحضر لي أغراضه وغيّر ثيابك.

إمتثل لِما قالت وفعل ذلك بسرعة...هو لايزال مفزوعاً!

وأثناء تغييرها لحفاض بومين، نزع هو كنزته المتسخة وذهب نحو خزانته حتى يأخذ واحدةً أخرى.

- واو عمي تايهيونغ! لديك الكثير من الوسائد المنتفخة!
تحدثت يونا بدهشة بينما تراقبه، فعقد حاجبيه وتسائل بينما يناظر سريره:
- وسائدي ليست منتفخة...انا لا أحب الوسائد المنتفخة!

- كلا كلا، لديك وسائد منتفخة على جسدك...إنها تشبه وسائد أبي.
أشارت نحو صدره العاري، فأنزل نظراته المتعجبة نحو جسده ثم إليها، وما كاد يستوعب مقصدها حتى إنفجر ضاحكاً على تشبيهها...هل تقصد بالوسائد عضلات الصدر والمعدة؟!

- حقاً؟!

- اجل.
هزت رأسها مؤكدةً إجابتها، فقال بينما يرتدي كنزته ويقهقه:
- يالكِ من طفلةٍ غريبة.

وتزامناً مع ذلك خرجت ايرين وهي تحمل بومين، فأسرع نحوه وحمله بدلاً عنها.
- يالك من مخادع...كيف تبولت علي دون أن تخجل؟!
دغدغ بومين الذي بدأ يضحك بلطافة، ثم فتح الباب وخرج، فلحقت به ايرين بعد أن قامت بترتيب أغراض الآخر في حقيبته الصغيرة، ثم أمسكت كف يونا ولحقت به من أجل تناول العشاء.

_________________________

لم يكن يملأ الشقة سوى صوت الضحك النابع من الأعماق...اجل انه بفضل جين ونكاته الغريبة.

فبعد أن إنتهوا من تناول العشاء، ساعد جيسو على غسل الصحون، ثم جلسا قرب الجدة وطلبا منها تعليمهما كيفية الحياكة...وهي لم تمانع بالطبع.

لقد صنع جين شيئاً غريباً من الصوف...إنه أبعد ما يكون عن قطعةٍ قابلة للإستعمال، فظلّ ينتحب ويتذمر كالمجنون لوحده جاعلاً من القابعتين قربه تضحكان عليه.

اما جيسو فهي تسبقه بنقطة...على الأقل صنعت شيئاً ذا فائدة على عكسه هو.

لقد حاكت قبّعةً صغيرةً وردية اللون، وذلك بمساعدة جدتها بالفعل.

فتذمر هو بعبوس:
- جدتي...هذا يعتبر تحيُّزاً! انتِ تساعدينها هي فقط!

وما كان عليها سوى الضحك وترك حفيدتها تكمل لوحدها حتى تساعده هو.

إذ أنها أمسكت يديه وبدأت تريه ما يفعل.
- أمسك هذه الغُرزة ولُفّها بهذا الشكل، اجل احسنت.

إبتسم برضى بعد أن تحسنت قدراته، فأخرج لسانه نحو جيسو محاولاً إستفزازها، ولكنها أبعد ما يكون عن الإنزعاج!

فهي قد أخرجت لسانها مثله وأكملت ما كانت تفعل...لقد تعلمت الحياكة بسرعة، حتى وإن لم تكن بتلك الإحترافية.

اما عنه هو، فقد بوّز شفتيه بإنزعاج لعدم قدرته على إغاظتها، وأكمل ما كان يفعل وسط ضحك الجدة عليهما.

ولكن ما فاجئه هو تقديمها لتلك القبعة ما إن أنهتها مضيفةً عليها بقولها:
- تفضل...هذه من أجل هولي، من المؤكد انها تحب اللون الوردي مثلك.
إبتسمت آخر حديثها بلطف مع عينيها الضاحكتين، فإبتسم بدوره وأخذها منها.
- شكراً لكِ...إنها جميلة.

إنتهت تلك الأُمسية اللطيفة بعودته الى القصر، وهي وجدتها بالخلود الى النوم...لقد حظوا بوقتٍ ممتع.

كما وأتاحت له هذه الزيارة اللطيفة فرصة التعرف عليها أكثر، وهي أيضاً.

______________________

- سأدخل لأستحم.
تحدث جونغكوك بعد أن كان يعبث بهاتفه، فهمهمت له هيري بعدم إكتراث.

إصطحبها الى منزله كما أخبرها، وقد إنتهيا من تناول العشاء قبل لحظات، وهاهيذا تنظف المطبخ.

جر قدميه نحو غرفته بتثاقل حيث حمامه...هو يشعر بالخمول لذا فكّر في أخذ حمامٍ منعش ينشّطه رغم برودة الطقس خارجاً.

وهاقد دخل الحمام وباشر في خلع ثيابه قطعةً تلو الأخرى، لكنه تذكر أمر ثيابه التي قد نسي جلبها، فأحاط جزئه السفلي بالمنشفة وخرج لإحضارهم...هو لا يدخلهم معه الى الحمام في العادة، ولكن بما أنّ هيري هنا فهي ستقتله لا محالة إن خرج أمامها من دون ملابس!

أخذهم وقد عاد الى الحمام من جديد بينما يدندن، ثم توقف أمام المرآة وحدق بإنعكاسه الوسيم.

إبتسم بجانبية ليمسح على شفتيه بإثارة.
- إنها محظوظة لإمتلاكها حبيباً وسيماً مثلي.
ثم رفع يديه وإعتصرهما مظهراً عضلاته المفتولة برجولية وبدأ يصنع حركاتٍ كخاصة المصارعين بينما يستعرض جمال جسده...الى أن..!

الى أن وقعت عيناه على صديقٍ لم يكن بالحسبان، فوسع عيناه وصرخ بذعر:
- هيري!

فتح باب الحمام على مصرعيه وركض خارجه بمنشفته فقط!

وقد سمعت هي صراخه فأتت مسرعة، لذا إلتقت به في منتصف الطريق وبمنظره ذاك!

إختبأ خلفها وبدأ يقفز ويصرخ بينما يشير نحو الحمام.
- هيري هيري أقتليه أرجوكِ!

أدارته نحوها فعاد للوقوف أمامها، لتسأله بحاجبين معقودين عما يحدث...هي لم تفهم أي شيء!

- توقف يا لعنة وأخبرني ما بك!

- هناك صر...آه!
وما كاد ينهي كلماته فإذا بذاك الصديق يخرج بتبختر من باب الغرفة...لقد لحق به.

ومن شدة فزعه حاول الهرب ولكنه تعثر فسقط فوقها!

صرخت هي بألم، وهو وسع عيناه بملامح متصلبة ومذعورة...لقد سقطت منشفته وهو يعتليها!

- إبتعد عني يا مغفل! هل تنوي قتلي؟!
حاولت إبعاده، ولكنه ظلّ ملتصقاً بها، وسرعان ما رسم التوتر على تعابيره وقال:
- توقفي، لقد سقطت منشفتي!

فغرت فاهها وفتحت عينيها على مصرعيهما!..هل هو فوقها الآن من دون أي ملابس!

تلقى لكمةً رياحية على وجهه جعلته يصرخ بتألم وينتحب ببكاء.
- لِما؟!

- إبتعد عني يا منحرف!

- حسناً...ولكن أغمضي عينيكِ ريثما أرتدي المنشفة.

- حسنا.
شزرته بسخط وأغمضت عينيها، فأسرع هو بالوقوف ولف منشفته حول خصره، ولكنه تذكر أمر الصرصور الذي لا يزال واقفاً عند باب غرفته كما لو انه يشاهد فلماً إباحياً مباشراً، فعاد للصراخ من جديد وإختبأ خلفها.
- أقتليه أرجوكِ!
أشار نحوه، فعقدت حاجبيها ما إن رأته، ثم شزرت الواقف خلفها بمعنى 'حقاً؟!'

- هل تخاف من الصراصير؟!
نبرتها كانت أقرب لأن تكون فارغة من أي تعبير، فتذمر بينما يركل الأرض كما لو انه لم يحكي لإيرين ذات مرة عن مغامرته رفقة تايهيونغ والتي وضعا فيها صرصوراً داخل قهوة المدير...هو لم يخبرها عن خوفه من هذه الحشرات وأنّ من فعل ذلك هو تايهيونغ تحديداً!

- أقتليه فحسب!

- وتريد الزواج وتكوين عائلة وأنت تخاف من صرصور!..إذاً ماذا ستفعل إن إقتحم منزلنا سارق؟!
هل ستهرب وتتركني معه لوحدي؟!
صرخت في وجهه بحدة حتى كاد شعره يطير، وكل ما فعله هو التراجع للخلف بملامح مذعورة وعينين مغمضتين.

- انا لست جباناً؟!
ولكنني أكره الصراصير وأخافها منذ أن كنت صغيراً!
تذمر بحنق من صراخها بينما يعدل منشفته التي كانت على وشك السقوط من جديد، فإكتفت هي بمنحه رمقةً جانبية ساخطة قبل أن تستدير بحثاً عن ذاك الصرصور.

لكنه لم يكن موجوداً!

بحثت عنه بعينيها الى أن لمحته قرب باب المنزل، فأسرعت وفتحت له الباب حتى يخرج...هي لا تريد قتله على أي حال.

أغلقت الباب ما إن خرج ثم إستدارت بغضب نحو جونغكوك حينما تذكرت أمر تجوله بهذا المنظر في المنزل دون أي خجل!

وهو ما إن لمح نظراتها الليزرية الحارقة نحوه حتى ركض مسرعاً وأغلق باب الحمام على نفسه.

إستند على بابه وأزفر بإرتياح.
- كانت على وشك تحويلي الى لحمٍ مقدد!

إستقام بعد ذلك وإبتسم بسعادة على هروبه في الوقت المناسب، ثم خلع تلك المنشفة وبدأ يستحم.

_______________________

بعد إنتهاء العشاء بمدة كان الجميع جالسٌ يشرب الشوكولاتة الساخنة في أجواءٍ عائلية دافئة، الى أن أتى إيوجين ويونوو لأخذ إبنيهما.

وقد أضطرا للنزول بفضل إلحاح السيد والسيدة كيم عليهما،

رحّبا بهما وتعرّفا عليهما، وكانا يودّان تضيِفهما إلا أنّ الآخريْن كانا على عجلةٍ من أمرهما، فإعتذرا ووعداهما بتكرار الزيارة في يومٍ آخر.

لم يرغب الجميع بمغادرة الطفلين اللذان أضافا أجواءً ممتعة ولطيفة في القصر، ولكنهما غادرا بالفعل بعد أن حصلا على قبلاتٍ كثيرة من قِبَلِ الجميع.

وهاهم ينتهون من شرب الشوكولاتة ويتجهون نحو غرفهم من أجل النوم.

_______________________

عاد الصباح من جديد، ولكن بسماءٍ ملبّدة بالغيوم المنذرةِ بأمطارٍ او ثلوج.

وبدل أن يذهب تايهيونغ الى الشركة، غيّر مساره نحو مركز الشرطة حيث بيكهيون الذي طلب رؤيته على الفور.

- صباح الخير.

- صباح الخير...تفضل بالجلوس.

إمتثل تايهيونغ لبيكهيون الجالس بدوره بينما يحتسي القهوة الساخنة ويناوله خاصته.

- أعلم انك تحبها كثيراً، لذا جهّزتها قبل مجيئك بقليل...لا تقلق، لا زالت ساخنة.
تحدث بيكهيون بينما يبحث عن شيءٍ ما وسط الأوراق والملفات الموضوعة على مكتبه، فإبتسم الآخر وشكره قائلاً:
- شكراً لك...ولكن لما طلبت مجيئي؟!

إختتم شكره بسؤالٍ رسم برفقته تعجباً على ملامحه، فرفع بيكهيون رأسه من جديد بعد أن وجد مبتغاه وقال:
- هذا ملف القضية...لقد فتحته من جديد، ولدي خطة.

- ما هي؟

- كما تعلم انا لن أستطيع فتح ملفٍ قد تم إغلاقه إلا إن كان بحوزتي دليل، لذا فلننتهز هذه الفرصة لأن إحتمالاتك انت وجونغكوك باتت صحيحة مئة بالمئة، ولا يزال أمامنا سوى الحصول على إعتراف حتى نلقي القبض على جيبوم.
تحدث بجدية بينما يناظر تايهيونغ، فعقد الآخر حاجبيه وتسائل مجدداً:
- وما هو الدليل؟!

- أتَذْكُرُ ذاك الرجل الذي قبضنا عليه برفقة هيونا، لقد بحثت عنه وأخذتُ سيرته الذاتية الكاملة، وإكتشفتُ انه كان يعمل لدى جيبوم في فترة سرقة الملف، وهذا يدلُّ على مصداقية توقعاتكم.

رفع تايهيونغ حاجبه الأيسر وهمهم بتفهم...لقد بات قريباً من فضح الآخر وإظهار حقيقته لمن حوله.

- وماذا سنفعل الآن؟!
تسائل مرةً أخرى بإهتمام، فإبتسم بيكهيون بجانبية وقال:
- لا تنسى أنّ معنا ورقةً رابحة ألا وهي هيونا!
يمكننا الحصول على إعترافها مقابل أن تتنازل عنها وتدعها تخرج من السجن...حلُّ المسألة بين يديك تايهيونغ.

أسهب تايهيونغ نظراته نحو الفراغ بتفكير، وسرعان ما قال:
- حسناً...سنذهب لزيارتها الآن.

- لك ذلك.
إستقام بيكهيون وأخذ أغراضه، ثم غادر برفقة الآخر نحو سجن النساء.

_________________________

ركن سيارته أمام السجن وترجّل منها هو ورفيقه.

داعبت نسمات الهواء البارد خصلات شعره البني، فإستشعرها بعينين مغمضتين قبل أن يقول:
- هيا بنا.

دخل هو وبيكهيون الذي لاقى إهتماماً خاصاً بما انه شرطي ومحقق ذا سيطٍ واسع.

طلب من الشرطية إجراء زيارةٍ لإحدى السجينات، وقد منحها إسمها بالفعل، فهمهمت له ودخلت لتخبرها.

ظلاّ واقفين ينتظران عودتها...بينما تايهيونغ شارذٌ ويفكر فيما سيحدث دون توقف، ستكون خطوةً جريئة منه وهو لن يتردد في الإقدام عليها.

- تفضلا من هنا.
تحدثت تلك الشرطية بعد أن عادت وأشارت لهما نحو أحد الأبواب، والذي يؤدي الى مكان الزوار في السجن.

وما إن دخل تايهيونغ حتى لمح تفاجؤها ودهشتها لزيارته...وهو لن يتعجب من ذلك طبعاً.

تركه بيكهيون وظل واقفاً على بعدٍ منهما، بينما تقدم تايهيونغ نحوها وجلس أمامها.

- سـ...سيد تايهيونغ؟!
تلعثمها في نطق إسمه كان كفيلاً بتوضيح مدى تفاجؤها، فهز رأسه وقال بجمود:
- اجل.

صمتت هي بعد ذلك بينما تحدق نحوه بعدم فهم، فإبتسم بخفة وناظر المكان من حوله، ثم قال:
- يبدو أنكِ قد تأقلمتِ على المكان بالفعل!
أعاد نظراته إليها آخر حديثه مع ذات الإبتسامة، فتشكّلت عقدةٌ طفيفة بين حاجبيها يليها سؤالها:
- مالذي جعلك تزورني؟!

- الحقيقة...أريد الحقيقة الكاملة هيونا!

لاحظ أنّ عقدة حاجبيها قد زادت، فأضاف بذات الثبات:
- جميعنا نعلم أنّ جيبوم هو الفاعل وخلف كل ما حدث...لكنكِ لا تريدين الإعتراف!
لن ألومكِ فشخصٌ حقيرٌ مثله سيفعل المستحيل حتى يظل مخفيّاً عن الصورة...أظن أنه يبتزكِ بشيءٍ مهم جعلكِ تتكتمين على الحقيقةَ مقابل بقائكِ في السجن...ربما عائلتكِ!

إرتخت معالمها، ثم عادت لرسم البرود من جديد.

- إن كان هذا ما أردت التحدث عنه فسأغادر...ليس لدي ما أقول.

- ماذا إن منحتكِ مقابلاً؟!
تُفصحين عن الحقيقة مقابل أن أتنازل عنكِ وأُعفيكِ من السجن؟..ما رأيُكِ؟
وبفضل كلماته هذه توقفت بعد أن كانت على صدد الرحيل، فإبتسم بجانبية ونظر نحو بيكهيون الذي منحه ذات الإبتسامة.

ثم أعاد بصره نحوها وقال مجدداً:
- كوني حكيمةً ولو لمرةٍ واحدة في حياتك وفكري في مستقبلكِ!..إما أن تقضي سنين شبابكِ هنا رفقة المجرمين، او تخرجي وتكملين حياتكِ بإعتيادية.

لم تستدر نحوه، بل ظلت تسهب بنظراتها الفارغة نحو اللاشيء.

وسرعان ما إستقام من مضجعه وقال قبل أن يغادر...وقد شدد على كل حرفٍ نطق به:
- كما وسأضمن سلامتكِ خارج السجن دون أن يمسّكِ أي أذى...فكري جيداً بالأمر وآمل أن تتخذي القرار الصائب، سأعود غداً لأسمع أقوالكِ، لذا كوني بالإنتظار.

غادر بعد ذلك تاركاً إياها بذات الوضع...واقفةً بينما تحدق بالفراغ.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- كلمة لتايهيونغ؟

- كلمة لإيرين؟

- كلمة لجين؟

- كلمة لجيسو؟

- كلمة لجونغكوك؟

- كلمة لهيري؟

- كلمة ليونغي؟

- كلمة لميون؟

- كلمة ليونوو؟

- كلمة لإيوجين؟

- كلمة لبيكهيون؟

- كلمة للورا؟

- كلمة لجيمين؟

- كلمة لجيبوم؟

- كلمة لهوسوك؟

- كلمة لكاي؟

- كلمة للسيد جينهو؟

- كلمة للسيدة ريونغ؟

- كلمة للجدة سوهي؟

- كلمة ليونا؟

- كلمة لبومين؟

- نسبة حماسكم؟

طبعا رجعت للدراسة😭

وعندنا وقت ضيق لنخلص فيه كل الدروس وندرس منيح عشان امتحانات الفاينل.

ولأنها آخر سنة إلي بالمدرسة فلازم أدرس منيح منشان جيب معدل منيح للجامعة، خلاصة القول مضغوطة كثير هالفترة😞

عم حاول اعدل البارتات منشان انزل في الموعد، وبإذن الله رح حاول أنزل في نفس الموعد وما أتأخر عشانكم.

طبعا الرواية قرّبت تخلص للأسف🥺
أحسني رح أبكي😭

بس من الناحية الإيجابية إني بشتغل على رواية جديدة من فترة، لكني وقفت الحين عشان الدراسة.

يعني ما رح أنشرها بعد ما تخلص سقوط الأقنعة على طول لأنها لسا بدها شغل.

اما عن بقية التفاصيل يلي بتخصها فرح احكيلكم عنها بالوقت المناسب...بصراحة متحمسة كثير لأنشرها.

بتمنى تنال إعجابكم وتحبوها مثل سقوط الأقنعة.

والحين نروح لفقرة التشويقات...

*عنوان البارت الجاي: إنتقام العاقل.

*المقتطفات التشويقية:~

- حتى حفلُ زفافنا لن يتطلب كل هذه المستلزمات!

~

- آمل أنكِ قد إخترتِ القرار الصحيح هيونا.

~

- يبدو أنّ اللعبة قد إنتهت بالفعل!

~

- بيكهيون...سأطلبُ منك معروفاً وأتمنى أن لا تخيّب ظني.

~

- أنتِ ساذجة ايرين!
كيف يمكنكِ قول هذا بعد كل ما فعلته بحق من حولك؟!..أنا شخصٌ سيء وأعترفُ بهذا!

~

- ما رأيك أن تتنازل عن القضية؟

~

- أصبحتَ أسوء من جونغكوك!

~

- لطالما نعتّني بالجبان والفاشل، ولكنني برهنتُ لك أنني دائماً ما أفوز رغمَ كلِّ شيء.

~

- إن كانت جيسو ستذهب فأنا سأذهب.

~

- حسناً إذاً، سنذهب جميعاً بواسطة بينكيباي، ولكن متى موعد المؤتمر الصحفي؟

~

- سأغادر...الوضع مخيفٌ هنا! كما لو أنّ فايروس يستهدف الدماغ ويسبب الغباء قد أصابهم...والعدوى تنتقل بشكلٍ رهيب، لذا سأنجو بنفسي!

أتحفوني بتوقعاتكم🙈

والحين تخيلوا تاي وهو يلاعب بومين ويونا:

كيووووت🥺

أشوفكم بخير البارت الجاي مارسيلينز💃

I PURPLE YOU 💜





See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top