25~صِرَاعُ الْأَفْكَارْ!


قراءة ممتعة🤎

﴿مَا يُؤلِمُ قَلْبِي حَقّاً، هُوَ أَنّي تَأَلّمْتُ عَلَى يَدِ أُنَاسْ تَمَنْيْتُ أَنْ لَا أَرَاهُمْ يَتَاَلَّمُونْ﴾

- وودي آلن.


●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

إرتعب وتملكه الخوف كلياً، فإستدار وخاطب ايرين المنشغلة في مطالعة الكتب:
- ايرين...يجب أن أغادر، فقد تذكرت شيئاً هاماً علي القيام به، حسنا؟

- حسنا، كما تريد.
لم تعطي إنتباهها عدا للكتب أمامها، فإنتهز جين هذه الفرصة وحشر ذاك الظرف في جيب بنطاله، ثم غادر مسرعاً نحو الأعلى بحثاً عن والده.

دخل غرفة والديه بالفعل، فوجد والدته جالسة أمام المرآة تسرح شعرها.

- امي...أين ابي؟
إستفسرها بعد لمحه لعدم وجود والده رفقتها.

- انه في مكتبه، هل من خطبٍ ما؟!

لم يشأ إخبارها بما حدث وإكتفى بالنفي.
- كلا لا يوجد شيء، فقط أريد التحدث إليه.

- حسناً...ستجده في مكتبه كما أخبرتك.

- شكراً لكِ امي، عمتِ مساءً.

- وانتَ أيضاً بني.

خرج مسرعاً نحو مكتب أبيه، فطرق الباب ودخل دون إنتظار.

- ماذا هناك جين؟!
تسائل السيد جينهو متعجباً من طريقة دخول إبنه الغير معتادة، وكذلك ملامحه المتجهمة!

فإكتفى الآخر بالتقدم، ووضع الظرف على مكتب والده في صمت، ثم تراجع للخلف قليلاً تاركاً أباه في حيرةٍ من أمره.

إنتشل السيد جينهو ذاك الظرف وفتحه بفضول، فوجد انها رسالة!

باشر في قرائتها، ومع كل سطرٍ ينهيه تزداد عيناه إنفراجاً وتفاجؤاً، الى أن إنتهى من قرائتها بالكامل!

عاد لرفع حدقتيه نحو إبنه الواقف بتوهان وناظره بعينان زائغتان.

- اين...اين وجدتها؟!
بالكاد إستطاع إخراج حروفه، فأجابه جين ونظراته تتّشحُ بالضياع التام...إنه عالقٌ في دوامة من علامات الإستفهام اللامتناهية!
- في المكتبة، ولكنك ستفسر لي ما يعنيه مضمونها ابي...والآن!

إزدرد والده ريقه، ورمش متحاشياً النظر نحوه...هو أيضاً غير مصدقٍ لما يحدث!

_______________________


قابلتها ساعة الحائط أمامها بالصدفة...إنها العاشرة!جلست لساعةٍ كاملة في المكتبة دون أن تشعر!

إستقامت وأغلقت الكتاب الذي كانت تقرأه عن الميثيولوجيا الإغريقية، إلا انها قد قررت أخذه معها الى غرفتها وإبقاءه هناك الى حين إنتهائها من قراءته.

وما إن بلغت غرفتها حتى إنتابتها رغبةٌ في رؤية تايهيونغ...او كما تسميه هي تاي.

لذا وضعت الكتاب على المنضدة، وأخذت بخطواتها الهادئة نحو غرفته دون تردد، وما إن إقتربت من بابها حتى سمعت صوت موسيقى هادئة بدت كسمفونية ألحانها عذبة!

شدّها هذا اللحن الحزين، وشجّعها على طرق الباب حتى تستمع إليها بشكلٍ افضل، ففعلت ذلك لكنها لم تتلقى أي رد!

طرقته مرة أخرى ولكن ما من مُجيب!

لذا دخلت دون أن تنتظر رده، فلربما لم يسمعها.

وجدته متكأً على سريره بينما يستمع الى هذه الألحان بعينان مغمضتان، لكنهما فرقتا جفنيهما ما إن أحس بوجودِ دخيل!

إبتسم داخلياً ما إن رآها ولكن ظاهره كان هادئاً للغاية.

تقدمت نحوه وجلست على حافة سريره حيث قدماه، وإكتفت بإلتزام الصمت حتى تستمع للحن هذه السمفونية بوضوح...فهم تايهيونغ رغبتها دون أن تفصح عنها حتى، وإلتزم الصمت بدوره الى أن إنتهت هذه المعزوفة.

- ما إسم هذه المعزوفةِ الجميلة؟
هذا أول ما قالته بعد أن صمتت الموسيقى عن الغناء، فأجابها بصوتٍ مبحوح إثر صمته لمدة، بينما يحافظ على ذات هدوئه وعلى نظراته الثابتة نحوها:
- إسمها ضوء القمر...إنها أحد أهم معزوفات عبقري الموسيقى بيتهوفن.

هي تعلم من يكون بيتهوفن بالفعل، لكنها لا تعرف معزوفاته او لنقل انها لم تستمع لها من قبل.

همهمت بهدوء، ثم نطقت مُناظرةً ساقيها العاريتين:
- انها مريحةٌ للأعصاب ومهدِّئة.

- لهذا أحب سماعها قبل النوم أحياناً...وكذلك عندما يؤلمني قلبي!

عقدت حاجبيها إثر كلامه المبهم، لكنها توصّلت لأمرٍ واحدٍ فقط، ألا وهو انه يُحب!..ربما.

لم تعلم سبب شعورها بالإستياء لفكرة إرتباطه!..ولم تعلم أيضاً بأن إرتباطه هذا كان من المفترض أن يكون بها، إلا انه لم يجرؤ على الإفصاح عن مشاعره، ولكنه إكتفى بذكرها دون أن تفهم.

- هل إنفصلت عن حبيبتك او شيءٌ من هذا القبيل؟!
ودّت بسؤالها معرفة ما إن كان مرتبطاً بحق ام انه يحب فتاةً ما...يجب أن تعرف من تكون وبأي ثمن!

رسم شبح إبتسامةٍ على شفتيه، ثم عاد لإغماض عينيه الذابلتيْن.
- كيف سأنفصل عنها وانا لم أرتبط بها بعد!

تملكها شعورٌ غريبٌ حياله هذه المرة...شعورٌ يوحي بأن الذي أمامها يعاني من شيءٍ ما!

فصمته الغريب والمفاجئ هذا لن يكون من فراغ!..وأول ما توارد لذهنها هو انه قد يكون مريضاً.

لذا إستقامت وجلست على مقربةٍ منه ولمست جبينه حتى تتحسس حرارته...فوجدت انه بخير.

سألته بحيرة بعد فقدانها كافة الإحتمالات لتفسير هدوءه الغريب هذا، فقالت بقلق ظاهر:
- ما بك تاي...هل انت مريض؟! هل يؤلمك شيءٌ ما؟

إكتفى برفع يدها ووضعها على قلبه الذي يكاد يخرج من بين ضلوعه رغم هدوء هيأته من الخارج!

ثم إبتسم بهدوء وقال بهمس:
- هذا ما يؤلمني...

- هل...هل تعني انك ضحية حبٍ من طرفٍ واحد؟!
نطقت بنبرةٍ شبه هامسة مع نظراتها المتسائلة ضد خاصته العاشقة، فأومأ لها وعيناه لم تبرح خاصتها أبداً.

إكتفت بالرمش فقط، فهي لا تزال بحاجةٍ لأن يخبرها بالمزيد عن حالته هذه، بينما يدها ما تزال بين كفه وفوق قلبه المتيم بها وهي لا تعلم.

- من تكون؟..قد...قد أستطيع مساعدتك.
بدى التلعثم جلياً في صوتها لإدعائها ما قالت فقط كي تعرف هوية تلك الفتاة!

فناظرها بهدوءٍ قبل أن يهمس قائلاً:
- إنها أمامي.
وما إن تلفّظ بهاتينِ الكلمتين حتى سحبها من ذراعها ملحماً شفتيهما في قبلة.

لم تستوعب ما قاله قط! لكنّ فعلته هذه قد شرحت الكثير والكثير...

أغمض عيناه بهدوء وشعر بنفسه يُحلِّقُ فوق السحاب، فخاطب ذاته في صمت ليقول لنفسه أنه شعور النعيم بأم عينه!

اما هي، فإكتفت بتوسيع حدقتيها ضد خاصته المغلقة بأريحية والصدمة تتملكها كلياً!

جزءٌ منها يطالبها بالإبتعاد وفصل هذه القبلة، وجزءٌ يخبرها بالإستمرار!

وبيد أن الأنثى مخلوقٌ عاطفي، فقد إستسلمت لشفتيه وأطبقت جفنيها بهدوء...أيقنت أنّ قلبها قد وقع في شباك غرامه وحدث ما حدث.

شعر بإسترخائها وكذلك سكونها، فتمرد أكثر، إذ أنّ الوضع قد قُلب بينهما في رمشة عين!

إعتلاها وتعمّق في قبلته أكثر، كما وأمسى هو المسيطر وهي من تفترش مكانه بضعف.

تنبأت هي بخطورة الوضع وإنجرافه الى ما هو أسوء، فعاد عقلها الى التحكم وأبعدته عنها فاصلةً عناق شفتيهما الجامح.

أشاحت ببصرها للجانب الآخر وتمتمت:
- كلا تايهيونغ هذا لا يجوز!

إرتعشت أوصالها حتى شعر هو بذلك، كما وتداركت حجم ما يفعلانه وهما مجرد شابٍ وفتاة لا تجمعهما أي علاقة حب!

ورغم إعترافه بحبه لها وبوحه بذلك علناً، إلا انها إعتبرت ما حدث مجرد نزوةٍ ربما قام بها لينسى همومه...حتى انها قد صنفت إعترافه للتو على انه مجرد أقوالٍ لا صحة لها نظراً لوضعه الغريب.

تبادلا ذات الأكسجين وتنفساه سوياً، بيد أنه لم يكن يفصلهما عن بعضهما البعض سوى بضعةُ إنشات لا أكثر!

لمحت صدره الذي يعلو ويهبط بهيجان رفقة نظراته المعلقة على وجهها بفراغ.

بقي على ذات الحال لدقيقةٍ كاملة، وهي باتت تشعر بأن قلبها سيتوقف إن لم يبتعد...لكنه إبتعد وأخيراً.

تنفست الصعداء وسارعت في إنزال فستانها الواسع بعد أن إرتفع وأظهر ساقيها الناصعتين بالكامل.

كما ورفعت رأسها بشكلٍ طفيف، فقابلها وهو يجلس على حافة السرير مع إحنائةٍ بسيطة لظهره، بينما يدٌ تستقر على فخذه والأخرى يرفع بها شعره البني عن جبينه.

لم تعرف ما ستفعل او ما ستقول، فالخجل يكاد يقتلها، لذا نهضت وأسرعت بالخروج تاركةً إياه لوحده يصارع ألم قلبه المكسور في ساعات الليل الطويل دون رحمة!

هو محطم لظنه أنها رفضته ورفضت مشاعره للتو...وهي مشتتة لا تعلم ما تفعل ظناً منها بأنه يستغلها رغم فهمها لمشاعرها وتأكدها من ذلك في هذه اللحظة بفضله...

كلاهما قد فهم الآخر بشكلٍ خاطئ! وكلاهما يتألم...

وفي صباح اليوم التالي كان صمته الغريب علامةً تدل حزنه، فحتى عند تناوله للإفطار مع أفراد أسرته كان صامتاً بمزاجٍ سيء...لاحظ الجميع ذلك، لكنهم فضلوا تركه لوحده فلربما لا يريد التحدث.

كما ولم يغادر غرفته إلا عند الحاجة القصوى لذلك، فالجميع معتادٌ على روتينه عند المجيئ الى هنا، والذي يبدأه عادة بالذهاب نحو الإسطبل وقضاء وقتٍ طويلٍ به...لكنه لم يفعل هذا اليوم.

وما زاد الطين بلةً هو تجنبها له وتحاشي النظر إليه...كل هذا كان من فرط خجلها وتوترها لا أكثر.

حتى جين كان غريباً!
هو لم يتحدث كثيراً ولم يمدح نفسه ككل يوم وكذلك لم يضحك...صمته كان يتخذ الحصة الأكبر من شخصيته اليوم.

كما وبدى عليه التعب والإرهاق بفضل عدم نومه ليلة البارحة...ولما سينام طالما عقله لم يفارق التفكير مطلقاً!

اما ايرين فقد كان محيطها مشحوناً بما فيه الكفاية لجعلها تهرب خارج المنزل وتتجه نحو الإسطبل...كما لو كان ملاذها الآمن.

ذهبت برفقة لورا التي ستطير حماساً وفرحاً بعد أن علمت بقدوم جيمين رفقة جونغكوك وهيري عصر هذا اليوم.

رأت ايرين فرس لورا البنية الجميلة، ثم ذهبت لفكتوريا وقضت معها الكثير من الوقت.

إعتنت بها ونظفت شعرها وباقي جسمها بالفرشاة، ثم أطعمتها، وأخيراً خرجت بعد وقتٍ لا بأس به من الجلوس قرب تلك الفرس.

أخذت تتسكع في أرجاء الحديقة الخضراء متمتعةً بجمال الطقس الغائم كالأمس تماماً.

كانت ترتدي قميصاً رمادي اللون به عقدة صغير عند أسفل الخاصرة، فوقه كنزة مفتوحة باللون الحني مع بنطال جينز ممزق قليلاً وحذاء رياضي أبيض...اما شعرها فتركته مسدولاً.

حشرت يديها في جياب بنطالها الخلفية وأكملت سيرها، الى أن وجدت نفسها أمام ذاك الجدار صدفةً!

إبتسمت بهدوء ما إن تذكرت قطفه للوردة من أجلها بالأمس وقطفه لأخرى مثلها حتى يزين بها شعرها مع إبتسامته الآسرة وهو يفعل ذلك.

فتقدمت وقطفت واحدةً أخرى وإشتمت عبقها بنفسٍ طويل...لم تعلم انه في هذه الأثناء كان يقف في شرفة غرفته المطلة على هذا الجانب من الحديقة ويناظرها بهدوءٍ حزين.

قلبه مكسور...ويزداد تفتتاً كلما رآها!

كان مستاءً للغاية لظنه أنها لا تبادله حبه، كما ولام نفسه وعاتبها كثيراً لتسرعه بالإعتراف لها.

اما هي فلا زالت تقف عند ذات المكان، إلا أنّ إبتسامتها قد إختفت تدريجياً وأصبحت تناظر الفراغ أمامها بشروذ!

لما على قلبها أن يحب شخصاً قد لا يكون لها!
لما على عقلها حصر تفكيره بشخصٍ واحد قد حُكم عليها بتجربة الحب المؤلم رفقته!

لما وألف لما تواردت لذهنها ما إن تذكرته!

وعلى الرغم من وضوح كلامه ليلة البارحة، إلا أنّ الشك مازال يترأس أحاسيسها تجاهه.

قد يكون مجرد كلامٍ لا صلة له بالواقع! وقد يكون مجرد وسيلة لتبرير فعلته تلك!

عقلها لا يريد تصديق انه قد إعترف بحبه لها وانه قد يبادلها ذات شعورها...هي مشتتة لأبعد الحدود!

أطلقت تنهيدةً مثقلة قبل أن تسير بخطواتها نحو الداخل...وتحديداً لغرفتها.

دخلت وأول مكانٍ قد ذهبت إليه هو مرآتها...وقفت أمامها وبدأت تنظر لوجهها، شيئاً فشيئاً حتى هبط بصرها فوق شفتيها.

لامستهما بأناملها وإبتسمت...إنهما شاهدتان على قبلتها الأولى منه، والتي جعلت من فراشات بطنها تحلق عالياً لتشعرها بدغدغةٍ لطيفة.

وفجأة!..نظرت لعنقها الفارغ دون قلادتها!

- أين...أين قلادتي؟!
تمتمت بتأتأة وصدمة...كل شيءٍ عدا هذه القلادة، فهي ذكراها الوحيدة من والدتها الراحلة ولن تتقبل فكرة فقدانها مطلقاً!

بدأت تلمس عنقها كالمجنونة، ثم سارعت في البحث عنها داخل غرفتها.

فتشتها شبراً شبراً لكن لا أثر لها!

كادت تفقد عقلها وتصاب بالجنون، حتى أنّ عيناها قد أدمعت بالفعل!

جلست على سريرها وخللت أناملها في شعرها محاولةً تمالك نفسها وإسترجاع ما سبق حدوثه لعلها تتذكر اين أضاعتها.

وأول مكانٍ خطر في بالها هو الإسطبل...عادت إليه راكضةً بسرعة، وراحت تبحث عنها في كل مكان، لكن لا أثر لها هنا أيضاً!

يجب أن تجدها وبأي ثمنٍ كان...

جرجرت أذيال الخيبةِ خلفها عائدةً الى المنزل...صحيحٌ انها قد طلبت من السيد يونغجاي إخبارها في حال وجد قلادتها بالصدفة، ولكن مع هذا هي تستبعد فكرة وقوعها منها خارج المنزل.

بحثت قرب طاولة الطعام وكذلك المطبخ ولكن لا أثر لها...حتى انها قد بحثت في المكتبة رغم تأكدها من انها ليست هناك.

لا يزال أمامها سوى مكانٍ واحد...غرفة تايهيونغ!

ترددت في بادئ الأمر لكنها ستذهب بالنهاية...ستفعل أي شيءٍ فقط لتجد قلادتها الثمينة.

__________________________

Taehyung pov:~

كنت قد أخرجت ثياباً أكثر عملية للتو، فما أرتديه الآن يعتبر منامة.

غيرت بنطالي الواسع لآخر أكثر ضيقاً لونه أسود، كما وكنت على وشك إرتداء كنزتي البيضاء ذات العنق الطويل لولا طرقٌ مفاجئ على الباب يليه دخول ايرين دون اي مقدمات!

تفاجئت من قدومها الغير متوقعٍ أبداً!

ويبدو انها متفاجئةٌ أيضاً...بالطبع ستكون كذلك لأنها رأتني من دون قميص، ناهيك عن كونها خجولةٌ للغاية.

لكن توسيعها لعيناها وتقدمها السريع نحوي جعلني أتعجب وأرتبك قليلاً...ما بها هذه الفتاة؟!

لم أكد أستوعب أفعالها الغريبة حتى أشارت نحو عنقي بصدمة وهي تقول:
- قلادتي!

- ماذا؟!
إكتفيت بقول هذه الكلمة رداً على غرابتها...ولكن هل تقصد القلادة التي في عنقي؟!

- هذه القلادة...إنها لي!

كانت تشهر بسبابتها نحو عنقي، فأنزلت بصري متفقداً قلادتي، ثم أعدته إليها ونفيتُ متسائلاً بإستفهام:
- كلا إنها قلادتي!

- كلا إنها لي!

لِما تبدو مصرةً على كلامها! هل هي ذاك النوع من الفتيات اللواتي يقعن في حب المجوهرات أياً كان شكلها من أول نظرة؟

وفوق كل هذا تدّعي بأنها ملكها، رغم انها قلادة قد لا تبدو ثمينة او باهظة الثمن حتى!

- لِما تصرّين على أنها لكِ؟! إنها قلادتي بالفعل.
لا أعلم ما يدور في عقل هذه الفتاة حقاً! القلادة لي وهذا أمرٌ يعلمه الجميع هنا!

لكنها عادت للنطق بلكنةِ تأكيد:
- إنها قلادتي وانا متأكدةٌ من هذا!

- ومالذي يجعلك متأكدة؟!
رفعت حاجبي الأيسر بتحدي ظناً مني بأنها ستعجز عن الإجابة، لكنها قالت رغم كل هذا ويبدو عليها الصدق:
- لأنها تخص والدتي...لقد إحتفظت بها بعد وفاتها، وهي قلادةٌ مميزة قد صنعها جدي خصيصاً من أجلها ولا يوجد لها مثيلٌ أبداً، بل هي قطعةٌ واحدة فقط!

ألهذا تبدو واثقةً من كلامها وجادة للغاية؟!

لكنها قلادتي وانا أعني هذا حقاً!

- ومالذي يثبت لكِ بأنها نسخةٌ واحدة فقط؟!
هانذا أمتلك مثلها منذ أن كنت صغيراً، كما وأنّ أمي هي من منحتني إياها أيضاً!

إستشعرت التوهان والإستنكار في تعابيرها الضائعة، وسرعان ما عقدت حاجبيها وقالت بخفوت:
- لدي ما يثبت صحة كلامي وأنّ هذه القلادة مُلكٌ لي!

إن كانت تحب العناد فأنا أعشقه!

- وما هو؟!
نبرتي كانت واثقة بشكلٍ كبير...كما وتناسيت انني أقف أمامها من دون قميص وأجادلها على شيءٍ لا أعلم سببه حتى!

رائع تايهيونغ...لقد أصبحت مختلاً كالبقية تماماً!

رفعت حاجبها ومدت يدها نحوي حتى أعطيها القلادة، ففعلت رغم اني متيقنٌ من انها ملكي.

- قلادتي تحوي صورةً لوالدتي بداخلها.

مالذي تقوله؟! قلادتي لا تُفتح!

لكنني تفاجأتُ أمام إبتسامتها المنتصرة...هل...هل قلادتي تُفتح؟!

لم أكن أعلم بهذا!..كما وبها صورةٌ لإمرأةٍ لا أعرفها بالفعل!

- رأيت، إنها صورة والدتي.

نظرتُ إلى القلادة ثم إليها بصدمة! مالذي يحدث بحق الجحيم السابع؟! أكاد أُجن!

متأكدٌ من أنني لم أنزعها عن عنقي أبداً! كما ولم أكن أعلم بأنها تُفتح! ثم كيف أتت صورة والدتها الى قلادتي؟!

- ولكنها قلادتي وانا متأكدٌ من هذا! انا لم أنزعها قط، ولا أعلم أنها قابلة للفتح أيضاً! كما ولا فكرة لي عن كيفية وصول صورة والدتكِ إليها!
كنت مصدوماً ومتعجباً مما يحدث، لكنها عادت للتحدث بلكنةٍ جادة:
- لا يوجد شيءٌ يفسر وجود صورة والدتي داخل قلادتك غير انها ملكي...لربما نزعت خاصتك في مكانٍ ما وإرتديت خاصتي عن طريق الخطأ! ثم إني متأكدة من أنّ لهذه القلادة نسخةٌ واحدة فقط.

- إفهميني ايرين...هذه القلادةُ لي، وانا أعني كل كلمةٍ أقولها! أنا لم أنزعها ولم أرى قلادتكِ في أيِّ مكان، كما ولا يوجد شيءٌ يُثبتُ أنّ لقلادتكِ نسخةٌ واحدة!

نظرت نحوي مطوّلاً، ثم غادرت الغرفة بسيماء يكسوها الغضب.

مالذي يحدث؟! انا لا أفهم أي شيء!

كيف لصورة والدتها أن تتواجد داخل قلادتي التي أكتشفت للتو بأنها قابلةٌ للفتح...أشعر بالضياع حقاً!

إرتديت كنزتي وجلست على سريري أتأمل هذه الصورة بوضوح...يبدو انها قديمة قليلاً.

كانت صورة إمرأةٍ حسناء تشبه ايرين الى حدٍ قريب مع شامةٍ صغيرة على خدها.

هي حقاً والدتها نظرا للشبه الكبير بينهما، ولكن مالذي أتى بصورتها لقلادتي!

وقبل أن أغلقها لمحت حرفاً إنجليزياً منحوتاً داخلها وتحديداً على الجانب الآخر للصورة وقد كان حرف I.

وما زاد الطين بلة هو تذكري لكلام أمي...لقد أخبرتني أنّ هذه القلادة هي أحد الآثار التي عثرت عليها في بداية حملها بي، قالت أنها أعجبتها كثيراً وأخذت عهداً على نفسها بأن تحتفظ بها من أجل مولودها القادم ألا وهو انا!

وإن كانت قلادةً أثرية بالفعل، فمن أين لإيرين أن تحصل على واحدٍة مثلها؟!

لربما كانت قلادتي هي النسخة الأصلية وقلادتها هي النسخة المقلدة!

ومع هذا لم أجد أيّ تفسيرٍ منطقي لصورة والدتها!

أغلقتها ووضعتها في جيب بنطالي ثم إرتديت معطفي الجلدي وخرجت باحثاً عن أمي.

يجب أن أسألها عن تاريخ هذه القلادة، فالحيرة تتملكني حقاً!

وجدتها تجلس في الحديقة الخلفية بينما تقرأ مجلةً ما لأجلس قربها.

- تايهيونغ!
يبدو انها قد تعجبت من قدومي، فأنا لم أغادر غرفتي إلا عند وقت الإفطار.

همهمت لها بخفة قبل أن أسألها:
- أمي...هل تذكرين القلادة التي منحتيني إياها في صِغَري؟

- وكيف لي أن أنساها، بالطبع أذكرها.
إبتسمت لي في البداية ثم ناظرتني بتساؤل كما لو انها تحثني على التحدث وإيضاح السبب خلف سؤالي، فأكملت:
- من أين حصلتي عليها؟

- ألم أخبرك من قبل بأنها قطعةٌ أثرية حصلت عليها في أحد رحلات بحثي قبل أن أنجبك!

صمتُّ لوهلة، ثم همهمت بهدوء وقبّلت وجنتها، لأغادر بعدها.

إجابتها هذه غير مقنعة بشكلٍ كبير مقارنةً بما يدور في رأسي...ولهذا أومأت لها وغادرت حتى أبحث في صمت!

عدت لغرفتي وجلست محاولاً فهم ما يحدث.

إن كانت قلادة أثرية كما قالت أمي، فكيف لها أن تحوي صورة!..فالآثار أقدم من الكاميرا والتصوير، ومن المستحيل أن يحدث هذا.

إلا في حالةٍ واحدة!..وهي أن تكون قلادةً أثرية بالفعل، ولكن في العصر الحديث.

إلا أنّ سر وجود صورة والدة ايرين لا يزال محيّراً.

شعرت بأن عقلي على وشك الإنفجار، فرميت بنفسي على سريري بعد أن تنهدت بثقل...كل شيء بات محيراً في حياتي!

العديد من الإستفهامات تحيط بي وانا لا أفقه جوابها!

أغمضت عيناي لأرتب أفكاري بمهل، ثم حشرت يدي في جيبي مخرجاً قلادتي.

فتحتها وتأملت تلك الصورة وذاك النقش...هل يعقل أنّ حرف I يشير الى إسم ايرين والصورة لوالدتها!
ولكن مالذي سيجلبهما لقلادتي!

وأثناء تأملي، دخلت هولي فجأة وبدأت بالنباح، فزعت منها...حتى أنّ القلادة قد وقعت مني أسفل السرير!

اللعنة!

- ماذا هناك هولي؟!
رائع! لقد بدأت أخاطب الحيوانات...أقسم بأن نهايتي ستكون الجنون ولا شيء سواه!

تنهدت بعد إدراكي لمدى غبائي ودلكت جبيني بأطراف أصابعي.

وما إن فتحت عيناي حتى قابلتني بعيناها اللمعتان ونظراتها البريئة...إنها لطيفة.

جلست القرفصاء وندهت لها فأسرعت نحوي...انا أعلم ما تريد بحق!

إنها جروةٌ مدللة، تحب الإهتمام ولفت الإنتباه، لذا كل ما فعلته هو مداعبتها قليلاً والتمسيد على فروها الناعم.

وبالطبع غادرت مسرعةً بعد أن حصلت على مبتغاها، انها غريبة الأطوار كجين تماماً!

ذهبت ورائها وأغلقت الباب حتى لا تدخل مجدداً، ثم تذكرت قلادتي التي وقعت أسفل السرير لأنحني وأبدأ بتحسس الأرض بحثاً عنها، الى أن شعرت بها فسحبتها.

عدت للإستلقاء على سريري وفتحتها، بدأت أتأملها كما كنت أفعل منذ دقائق، ولكن...مهلاً لحظة!

هل أعيش في منزلٍ مسكون؟ أم أنّ عيناي قد أصيبتا بالعمى!

سأفقد صوابي حتماً إن كان ما أراه صحيحاً!

انها...انها تحوي حرفاً آخر!

منقوشٌ عليها حرف S بدلاً من I!

قربتها أكثر حتى يتسنى لي رؤيتها بوضوح ولكنه حرف S بالفعل!

إلهي الرحمة مالذي يحدث!
الحرفان مختلفان ولكن الصورة متطابقة تماماً!

يبدو انني جننت حتماً!

أخذتُ نفساً عميقاً ثم أزفرته أُهدِّءُ من روعي، بيد أني على شفى حفرةٍ من الجنون!

فتحت عيناي مجدداً ورحت أدقق النظر فيها، فلمحتُ إختفاء الشامة من وجنة المرأة!

وهذا يعني انه...

هرعت بالوقوف سريعاً وعدت للبحث أسفل السرير، بدأت ألمس كل شبرٍ بيدي الى أن وسّعتُ عيناي حتى كادتا تخرجان من محجرهما!


End taehyung pov.

___________________________

حان وقت وجبة الغذاء وايرين لاتزال في غرفتها بالفعل!

هي منزعجة من تصرف تايهيونغ وإنكاره للأمر ببساطة، وخروجها في ذاك الحين وتركها للقلادة بحوزته لا يعني انها ستتنازل عنها!

قطعاً! بل ستنتظر حتى حلول المساء، فعلى الأقل ستهدأ قليلا الى ذاك الحين وستعرف ما تقول وما تفعل.

حتى ماحدث بينهما ليلة البارحة لن يقف عائقاً في طريقها أبداً!

أتت لورا لتخبرها بأنهم في إنتظارها، فنزلت بالفعل إلا انها لم تجده مع البقية، بل أتى بعدها بقليل.

تجنبت التواصل معه بكافة الأشكال حتى تظهر له إنزعاجها...إلا انها لا تعلم مقدار الصدمة التي تعتريه الآن!

ورغم كل هذا حافظ على هدوءه وثباته كما لو لم يحدث أيُّ شيء.

وعلى عكس الأيام السابقة كان المكان هادئاً...لا يُسمع فيه سوى صوت الملاعق، وفي بعض الأحيان لورا من تتحدث وتجيب عليها والدتها...اليوم غريبٌ منذ بدايته!

وما إن أنهى الجميع طعامهم حتى عادوا أدراجهم كما أتوا، بإستثناء لورا التي خرجت منتظرةً وصول جيمين والبقية في أي لحظة...وقد وصلوا بعدها بنصف ساعةٍ تقريباً.

عانقت هيري وكذلك جونغكوك، كما ولم تستثني جيمين أيضاً وتعلقت برقبته كالقردة!

- جيميني إشتقت إليك.
بوزت شفتيها بلطف، ليقهقه عليها حتى إختفت عيناه من فرط السعادة.
- وانا أيضاً.

إلتقطت أذناها صوت نباح!
ولكنه لا يخص هولي! يبدو نباحاً لكلبٍ أكبر حجماً، وقد إتضح انه سبايك فيما بعد، والذي ركض نحوها ما إن تذكرها بينما يرفع ذيله ويهزه بشكلٍ ودود.

جلست القرفصاء وسط ضحكاتها وبدأت تداعبه.
- أهلاً بك يا وسيم.

لم تخطأ في وصفه بالوسيم، فهو من الكلاب المهجنة مع الذئاب الجميلة بلونه الأبيض والرمادي الغامق.

لم يتوقف عن النباح بوديةٍ نحوها الى أن ملأ الجوار صوت نباحٍ آخر، ولكن أرق وألطف...انه يخص هولي بالطبع.

يبدو انها سمعت صوت سبايك وميزته، لذا أتت مسرعة وبسعادةٍ غامرة أيضاً، كما وأنّ سعادته لم تكن أقلّ منها حينما رآها هو الآخر.

بدآ بالركض في الحديقة وإبتعدا عن الواقف والجالسة.

إستقامت هي بإبتسامة تلاحق الكلبين وهما يركضان ويلعبان وهو يفعل المثل.

- رائع...لقد وَجَدَتْ رفيقاً للعب.
هذا ما قالته قاصدةً هولي المبتهجة، فإبتسم جيمين بجانبية بينما يكتف ذراعيه وقد حوّل بصره نحوها.
- تعمّدتُ جلبه حتى يلعب معها...وجدت أنّهما منسجمين من المرة الماضية.

همهمت بخفة، ثم سحبته دون سابق إنذار، فرسم التفاجؤ على محياه.

أخذته نحو مفرشٍ كانت قد وضعته أسفل الشجرة الواقعة قرب البحيرة، مع بعض الوسائد كعادتها دوماً.

أعجبه المكان وبشدة، فتذكر أمراً جعله يرفع إصبعه متنبّهاً ويستقيم.
- تذكرت!..لقد جلبت قيثارتي، إنها في سيارة جونغكوك، سأذهب لأجلبها إنتظري قليلاً.

أومأت بحماس، فهي تحب غنائه وعزفه الجميل عليها...وذلك عن تجربةٍ بالفعل.

عاد بعد لحظاتٍ إليها، ليجلس بقربها ويباشر بالعزفِ والغناء.

إنسجمت أحاسيسها وتناغمت مع صوته الهادئ وعزفه المتقن.

ومن دون أن تشعر، أراحت رأسها على كتفه بينما تتأمل البحيرة.

لن ينكر تفاجؤه من فعلتها، لكنه أكمل ما يفعل دون توقف، فما يحدث يروقه وكثيراً أيضاً، كما وإبتسم بخفة على هذا الشعور اللطيف.

_________________________

- إذاً...هل تقولين أنه قد أخذ قلادتكِ!
طرحت هيري سؤالها بتعجب بعد أن روت لها الأخرى كل ما جرى...فقالت ايرين:
- ليس تماماً، لن أتنازل عنها لأنها ملكي، وانا متأكدةٌ من هذا...ولكن غريبٌ أمره حقاً! كان جاداً في كلامهِ وواثقاً للغاية!
إختتمت جملتها بالتعجب من أفعاله، فقالت هيري بحيرة:
- لا أعلم...أشعر أنّ هناك حلقةً مفقودة في القصة!

- لا أدري...على كلِّ حال سأعود لمحادثته بعد أن تغادروا.

همهمت هيري بالموافقة بينما تمد ساقيها بعد أن كانت تضمهما الى صدرها...حتى انها شرذت قليلاً لكلام صديقتها المحير.

- أخبريني، كيف تسير علاقتكِ بجونغكوك؟ هل كل شيءٍ بخير؟
سؤال ايرين هذا كان كل ما أفاق الشارذة، ليعيدها الى أرض الواقع، فأجابت بينما تتبسّم بخفة لتذكرها محبوبها المختل:
- كل شيءٍ على ما يرام، لا تقلقِ.

طلبت منها ايرين بعد هذا إخبارها عن مغامراتهما سوياً بما انها تعرف شخصية جونغكوك المرحة كثيراً، فلم تتردد الأخرى في قول كل ما بجعبتها.

حتى انها قد خجلت عندما أخبرتها بتلك اللحظات الرومنسية بينهما وذلك وسط ضحكات ايرين بالطبع.

وفي نفس المنزل ولكن في غرفةٍ أخرى، كان تايهيونغ برفقة جونغكوك.

ومحور الحديث القائم بينهما هو ذات الأمر في غرفة ايرين، ولكن بمعلوماتٍ أكبر!

كما وإكتفى جونغكوك بالإنصات إليه والحيرة تتملكه كحال الذي أمامه بالضبط.

- تايهيونغ...يجب أن تخبرها بما حدث!
أبدى جونغكوك برأيه أخيراً رفقة نظراتٍ جادة تجاه رفيقه الحائر.

علّق الآخر نظراته المترددة على وجه صديقه، ولم يكن أمامه سوى الهمهمة بالموافقة في غنى عن التحدث.

- يجب أن تحادثها على إنفراد وتخبرها بكل شيء...لعلها تمتلك تفسيراً منطقياً لما يحدث!
أضاف جونغكوك بعينان تتأرجحان بين ملامح صديقه الغارق في دوامةٍ من الأسئلة...غارقٍ حتى الأعماق!

خرجا فيما بعد الى الحديقة، فوجد تايهيونغ شقيقته ووالدته رفقة جيمين.

- يالك من شابٍ لطيف.
قرصت السيدة ريونغ وجنتا جيمين بلطافة بعد أن إمتدحها، فقال بخجل:
- شكرا لكِ يا خالة.

- كلا إنها خالتي انا فحسب!
تخصر جونغكوك بإنزعاج كالطفل تماماً، وقد وجّه كلامه لجيمين بمزاح.

فضحكت المعنية بالكلام بخفة وقالت:
- حسنا حسنا...انا لست خالتكم، بل انا والدتكم جميعاً، أهذا أفضل؟

نظر جيمين لجونغكوك، وفي ثوانٍ عادا للنظر نحوها وهمهما بإبتسامةٍ متسعة.

حدّق تايهيونغ بما جرى، ولكن عقله كان في مكانٍ آخر بالفعل.

وعلى حين غرة، أتت ايرين وهيري فوجدتا الجميع بالأسفل صدفة!

- خالتي ريونغ...أقصد أمي، هذه الفتاة هي كِنّتُكِ المستقبلية.
هذا ما قاله جونغكوك عن هيري التي أسرعت في إلقاء التحية نحوها...إنه لقاؤهما الأول بالفعل.

إبتسمت السيدة ريونغ وظلت ممسكةً بيد هيري، لتخاطبها ببشاشة:
- جونغكوك يحسن الإختيار بالفعل.

- شكراً لكِ.
شكرتها بخجل قبل أن يسحبها جونغكوك للوقوف بقربه مع إحاطته لخصرها أمام الجميع.

خجلت من فعلته هذه لتضرب كفه بخفة، إلا انه قد أحكم الإمساك عليها أكثر بمعنى 'لا تتحركِ'.

وغير كل هذا كان هناك حوارٌ بلغة الأعين...

حوارٌ قد دار بين تائهٍ وتائهة، وكلاهما قلبه مفقودٌ عند الآخر...إلا أنّ ما يحدث لا يمنحهما أي خيارٍ عدا الصمت وعدم الإفصاح عن الشعور!

منذ نزولها وهو يحدق بها...نظراته كانت مزيجاً بين العشق والإشتياق والغالب عليهما هو الحيرة!

اما هي، فقد شعرت بنظراته تخترقها، وحاولت تحاشيها حتى تظهر له إنزعاجها...لكنها لم تتمكن.

بيد أنها ظلت تسترق النظر إليه بين الفينة والأخرى حتى تملأ عيناها المشتاقة بهيأته المحببة الى قلبها.

- حسنا يا رفاق...نحن سنغادر الآن، الوقت قد تأخر بالفعل والطريق طويلٌ قليلاً.
نطق بها جونغكوك لترسم لورا ملامح باكية على الفور بينما قد تشبثت بذراع جيمين الذي ربت على شعرها بإبتسامة لطيفة.

- لا تحزني! سأحاول المجيئ في وقتٍ لاحق إن سنحت لي الفرصة، وإن لم أتمكن فسنتواصل عبر الهاتف...حسناً؟

بوزت شفتيها بعبوس وهزت رأسها بقلة حيلة قبل أن تتركه حتى يأخذ قيثارته وينادي على كلبه.

ودعت هيري ايرين، وأمسكت كتفيها هامسةً لها:
- تشجعي...حسناً؟

أومأت لها ايرين، ثم إحتضنتها بحب.

اما عن تايهيونغ فهو قد إستفاق من شروذه بفضل لكمة جونغكوك الخفيفة لكتفه مع رفعه لحاجبه بمعنى 'إفعل كما إتفقنا'.

فحرك رأسه مهمهماً بخفة، ثم ودعه هو الآخر.

وقبل أن يصعد جونغكوك السيارة صرخ محادثاً إياهم كما لو انهم يبعدون عنه أميالاً:
- لم أرى جين مطلقاً...بلِّغوه سلامي حسنا؟

- حسنا.
أجابوه جميعاً قبل أن يصعد بالفعل هو وهيري وجيمين ويهموا بالرحيل.

جين لم يكن موجوداً بالفعل، بل كان خارجاً لمكانٍ ما، ولم يعد حتى الآن.

دخلوا الى المنزل وكلٌ إتجه نحو غرفته حتى يرتاح قبل موعد العشاء.

إلا أنّ تايهيونغ وايرين قد وقفا أمام بعضهما بنية التحدث...وكلاهما لا يعلم ما يفكر به الآخر، الى أن نطق هو أولاً:
- هل يمكننا التحدث على إنفراد؟
نبرة صوته كانت هادئة بشكلٍ مريب.

حدقت به وتمعنت في تفاصيله الساكنة بشكلٍ غريب والحيرة تملأ كيانها...ولكن كبريائها لعين، فقد إكتفت بالهمهمة دون أن تجيبه حتى!

إتجه نحو غرفته، فلحقت به بسكونٍ وترقب، الى أن توقف وإستدار نحوها مطلقاً تنهيدةً مثقلة، يليها سؤاله الذي قد أثار تعجبها قليلاً...خاصةً وانه قد كان من دون أي مقدمات!

- هل لديكِ خالة؟

عقدت حاجبيها في حيرةٍ من سؤاله الذي لم تجد لمعناه تفسيراً!

فلم يكن منها سوى أن أجابت على سؤاله بسؤال:
- كلا، لما تسأل؟!

رفع حاجبه بغرابة مع نظرةٍ سريعة حول المكان متحاشياً إلتقاء عينيهما كما لو انه يفكر، ثم أعاد بصره نحوها وتسائل من جديد وبذات الهدوء:

- هل لدى والدتكِ توأم؟

- لا تدّعي الغباء تاي! قلت لك أني لا أمتلك خالةً أصلاً!
بدى عليها الضيق ونفاذ الصبر لأسئلته الغريبة ورغبتها في معرفة مغزاها.

لكنه لم يكترث لنبرتها الحانقة! بل وعاد للسؤال من جديد كما لو انها لم تتذمر منذ لحظات...كل ما يشغله الآن هو إشباع فضوله الذي يكاد يقتله.

- إذاً هل كانت والدتكِ ممثلة أم تعمل في الإستخبارات مثلاً؟

- كلا...ولكن لما كل هذه الأسئلة؟!
فقدت صبرها بالفعل! ولم تستطع منع غضبها من الخروج حتى وإن كان بشكلٍ طفيف.

وأمام إهتياجها هذا تراجع للوراء بصمت، وإتجه نحو مكتبه الصغير فاتحاً أحد أدراجه بخفة.

رفعت حاجبيها بتعجب من تصرفاته الغير مفسرة والتي تكاد تقودها للجنون بعد لحظات!

ووسط تحديقاتها المستفهمة تقدم من جديد ووقف أمامها بثبات، وما هي سوى لحظاتٍ حتى فتح كفيه كاشفاً عن قلادتين!

قلادتين لهما نفس الشكل كما لو انهما نسخةٌ واحدة!

زادت عقدة حاجبيها أضعافاً، فكل ما يحدث الآن هو مجرد متاهةٍ لا تعرف مخرجها.

- ما...ما هذا؟!
لم يسعها سوى التفوه بهذه الكلمات نظراً لجهلها ما يحدث!

- ما تفسيركِ لهذا؟ أظن بأن إحداهما تخصكِ والأخرى لي...على الأقل صدقت حينما قلت بأن التي معي هي ملكي.
أوضح لها بأنه لم يكذب حينما قال أنّ التي في عنقه تخصة.

لم تتمكن ايرين من فهم ما يحدث، ولكن نظراتها المصدومة تشرح إجابتها بالتفصيل.

إنتظر جوابها، لكنها لم تتفوه بحرف، فحدق بها مباشرةً قبل أن يهم بفتح القلادتين سوياً.
- وما تفسيركِ لما بداخلهما؟

- إن...انهما متطابقتينِ تماماً! كيف لصورة أمي أن تكون داخل قلادتك انت أيضاً؟!..انا لا أفهم أي شيء!
كادت تفقد عقلها لغموض ما يجري، فعاد للتحدث وهو يناظرها بترقب:
- كلا...ليستا متطابقتين تماماً، ركزي قليلاً هناك إختلافين.

جملته هذه حثتها على أخذهما من يديه وإمعان النظر بهما أكثر...الى أن نطقت حروفها بهمس:
- الشامة!

إبتسم بجانبية بها بعض السخرية ليضيف مدققاً النظر في وجهها:
- وكذلك الحروف المنقوشة على الجانب الآخر.

أسرعت في رؤية الجانب الآخر بالفعل لتجد أنّ كلامه صحيح!

قلادةٌ بها حرف S اما الأخرى فمنقوشٌ عليها حرف I.

ووسط حيرتها وصدمتها قال مجدداً:
- بما انني كنت أجهل أنّ القلادة تُفتح، يمكنكِ تمييز خاصتكِ بالفعل.

- اجل...قلادتي المنقوش عليها حرف S، ولكن من أين لك بها...هذه المرأة تشبه أمي كثيراً!
سؤالها هذا كان يحيره أيضاً، ولكن الإحتمال الوحيد الذي قد توصل له كان كالآتي:
- بما انكِ قد قلتي بأنكِ لا تمتلكين خالةً أبداً، فمعنى هذا أنّ والدتكِ كانت إما ممثلة او عميلة سرية في الإستخبارات ام انها مريضة إنفصام! لا يوجد تفسيرٌ آخر!

- كلا! كل ما أعلمه هو أن والدتي لا تعمل في أيٍّ من هذه المجالات...إلا إن كان هناك أمرٌ أجهله بالفعل!
شرذت آخر حديثها وهي تفكر...هل يعقل أنّ والدتها كانت مريضة إنفصام مثلاً وهي لا تعلم!

أم انها عميلةٌ في الإستخبارات بالفعل!..هناك شيءٌ لا تعرفه عن ماضي والدتها، وهو المفتاح الوحيد لحل هذا اللغز.

ولكن يبقى سرٌ وحيد لم تجد لتفسيره معنى!
وهو: 'لما النسخة الثانية مع تايهيونغ؟ وكيف حصل عليها؟'.

خاصةً لعلمها المسبق بأنّ القلادة نسخةٌ واحدة فقط، ومن صنعها هو جدها والد أمها!

- هل قلت لي صباح هذا اليوم أنّ والدتك هي من منحتك إياها؟
طرحت سؤالها عليه، ليهمهم قبل أن يجيب:
- اجل..انتِ تعلمين بأن امي عالمة آثارٍ بالفعل، وقد قالت لي أنها في أحد رحلاتها الميدانية في كوريا وجدت هذه القلادة، وبالصدفةِ كان هذا قبل أن تنجبني، أعجبتها هذه القلادة وإحتفظت بها من أجل مولودها القادم ألا وهو انا! ولكن لما صورة والدتك بداخلها؟!

- لا اعلم...لا اعلم حقاً، هناك شيءٌ مفقود ويجب أن أكتشفه.
بدت الحيرةُ جليةً على محياها وكذلك التوهان، ولكن سرعان ما عادت للتحدث من جديد:
- أخبرتني جدتي أنّ جدي هو من صاغ هذه القلادة لأمي...وكل ما أعلمه هو انها كانت نسخةً واحدة، ولكن هذه! لا أعلم من أين أتت!
أشارت نحو القلادة الثانية والتي كانت بين يدي تايهيونغ، فحدق هو بالقلادة متعجباً.

- متى توفيت والدتكِ؟
طرح سؤاله بعد أن لاحظ جهلها لبعض الأمور عن والدتها، فطأطأت رأسها بحزنٍ طفيف وأجابت:
- توفيت عندما كنت رضيعةً لم تتم السنة!

هزّ رأسه بتفهم وقد إستاء لأجلها، فحرمان الأم أصعب شعورٍ في هذا العالم البائس!

- آسفٌ على هذا.

- كلا لا تعتذر...هذا ما حدث وهو ليس خطأك.
تنهدت بعد جملتها هذه بثقل...انها تائهة!

حتى غضبها تلاشى بعيداً لمجرد إثباته لصدقه...هي لم تعد منزعجةً منه، بل أصبحت محتارة!

وهو لا يقل عنها ضياعاً...رغم أنّ سر والدتها قد لا يعنيه ولكن فضوله يحتاج لإكتشافه.

ووسط صمتهما هذا كان هناك طرفٌ ثالث يحدق بصدمةٍ وتفاجؤ!

صدمةٌ قد جعلته ينسج أفكاراً لا نهاية لها ولا بداية!

الجميع محاطٌ بإستفهاماتٍ لا حل لها حتى الآن...

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- كلمة لتايهيونغ؟

- كلمة لإيرين؟

- كلمة لجين؟

- كلمة لجونغكوك؟

- كلمة لهيري؟

- كلمة للورا؟

- كلمة لجيمين؟

- كلمة للسيدة ريونغ؟

- كلمة للسيد جينهو؟

- توقعاتكم لهوية الشخصية يلي بآخر البارت؟

- رأيكم بالمومنت يلي صار بين تايهيونغ وايرين؟

- توقعاتكم للبارت الجاي؟

- نسبة حماسكم؟

طبعاً لو كنتوا فاكرين مقدمة الرواية والحوار يلي عملته في نهايتها، رح تلاقون أنه نفس الحوار يلي دار بين ايرين وتاي في ذاك المومنت...يعني حطيته كنوع من التشويق لا أكثر.

وهلا أوصفولي شعوركم بعد كل هاللف والدوران والخربطة يلي صارت😂

ما علينا...بدي ياكم تخبروني بإستنتاجاتكم هون👇

أتحفوني😂😁

الأحداث صارت حريقة والبارتات الجاية صدمات ورا صدمات.

طبعاً هاي هي معزوفة بيتهوفن يلي كان بيسمعها تاي:

كنت أسمعها وانا أعدل البارت.

وهاي صورة للقلادة:


ونجي لفقرة التشويق:

*إسم البارت القادم:~ نصف الحقيقة..!

*المقتطفات التشويقية:~

- فكتوريا...ألم تنامي بعد؟ أنا أيضاً لم أستطع النوم، أنا...أنا تائهة! ماذا أفعل؟ ماذا أفعل حتى أعيش بسلام؟!

~

- أمي...لما لم تمنحيني قلادةً أيضاً؟! هذا غيرُ عادل!

~

- هيا ايرين لقد تأخرنا، الطريقُ طويل.

~

- جيد...إنه بيتك على كل حال ولن ترتاح في سواه، لذا أهلاً بعودتك.

~

- إحذري في المرة القادمة!

~

- ايرين...هناك صندوق!

~

- الخامس والعشرون من تشرين الثاني!

~

- يُهمني أنك تحبها بصدق بني، ناهيك عن أنّ إختيارك كان موفّقاً وسيتضح ذلك أكثر الليلة.

~

- لا تخبر أيّ أحدٍ بما جرى، ودع الأمر يسيرُ على نحوٍ صامت، حسناً؟

إكتبولي إستنتاجاتكم من المقتطفات هون، وهاد لو فهمتوا شي من كثر الخربطة😂

يلا ولعوا البارت بالكومنتات والفوتز وأظهروا قوتكم...ترا حابة أعطيكم إسم من كثر ما تعلقت بيكم، إسم يكون خاص بيكم انتو متابعين رواتي💜

وإذا عندكم أي إقتراح خبروني.

I purple you💜

باي باي...أشوفكم على خير في البارت الجاي🤗🏃


See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top