18~وَهَلْ يَنَامُ الْقَمَرْ؟!..

قراءة ممتعة🤍

﴿أَلَا أَيُّهَا الْعُشَّاقُ بِاللهِ خَبِّرُوا...إِذَا إِشْتَدَّ عِشْقٌ بِالْفَتَى كَيْفَ يَصْنَعُ﴾

- راقتني💫


●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

- أخبروني بأنك تريدُ رؤيتي...ماذا هناك؟!
تسائلت ايرين بعد ان دخلت مكتب تايهيونغ لتجده بإنتظارها.

- تفضلي بالجلوس أولاً.
أشار لها نحو الكرسي الذي يقابله، فإمتثلت لطلبه بمعالم لم يفارقها الإستفهام.

همهمت له ما إن جلست حاثةً إياه على التحدث، وما لبث الصمت رفيقه حتى باح بما في جعبته قائلاً:
- في الحقيقة أود معرفة رأيكِ حول ما قلته ليلة البارحة.

عقدت حاجبيها بعدم فهم، فوضّح لها أكثر
- أعني...عندما قلت لجيبوم انكِ سكرتيرتي.

أطلقت 'آه' متفهمة ثم رفعت حاجبيها قبل أن تدلي برأيها كما طلب منها:
- لست أعلم لِما فعلت ذلك، ولكن مع هذا لم يكن عليك قول مثل هذا الكلام، لأنه لا يمتُّ للواقع بصلة، وكلانا يعرف ذلك جيداً!

- وما رأيكِ بأن نجعله واقعياً؟
أجابها بنبرةٍ ثابتة وعينان لم تنطقا سوى بالجدية.

لكنها صمتت لبرهة تفكر، وسرعان ما أجابت والتردد بادٍ على محياها:
- لا أعرف...انت تعلم بأنني أعمل في قسم التصميم بالفعل، وأحب عملي هناك كثيرا، لذا لا أظن بأنها ستكون فكرةً سديدة، فأنا قد إعتدت على المكان هناك ولست أرغب بتغييره مطلقاً.

أزفر تنهيدةً يليها إغماضه لعينيه، ثم تحدثه بنبرته التي لم تخلع رداء الجدية بعد:
- أعلم بأن سيرة اللواتي من قبلك هي ما تجعلك مترددة نظراً لطردي لهنّ جميعاً قبل أن يتممن الأسبوعين معي!
لكنني فعلت ذلك لأسبابٍ وجيهة، وأولها أنهن جميعاً غير شريفاتٍ ونواياهن سيئة! أما انتِ فتختلفين عنهنّ كلياً...كما وتمتلكين كافة المؤهلات التي جعلتني أفكر في الموضوع بشكلٍ جدي، على كل حال انا لن أضغط عليكِ كثيراً، لكنني سأترككِ لتفكري بالموضوع أكثر، ثم أخبريني بقراركِ عند الغد...حسناً؟

- حسناً.
كلامه هذا قد وجد لنفسه مكاناً في عقلها، تملكها التردد ولكن مع هذا هي ستفكر بالأمر أكثر ومن ثم ستتخذ القرار الحاسم.

وعند حلول المساء كانت تجلس قرب لورا بذهنٍ شارذ بينما الأخرى تشاهد التلفاز.

وسرعان ما شعرت لورا بصمتها الغريب فسألتها:
- لِما انت شارذة الذهن هكذا؟!

- في الحقيقة هناك أمرٌ يحيرني!
أجابتها وهي تلعب بفرو هولي القابعة في حضنها.

- يمكنكِ إخباري إن أردتِ وسأحاول مساعدتكِ.
عرضت عليها الفكرة بينما تتناول الفوشار، فتنهدت ايرين بخفة، ثم أفصحت لها عن طلب شقيقها الذي لم تعرف هل ترفضه أم توافق عليه.

- اليوم صباحاً عندما كنت في الشركة طلب تايهيونغ رؤيتي، وقد عرض عليّ أن أصبح سكرتيرته بما انه قد ذكر ذلك أمام جيبوم ليلة أمس.

إبتسمت لورا بإتساع على ما سمِعت لتقول:
- ولما لا توافقين؟!

فتنهدت الكبرى بثقل وأكملت حديثها وسط حيرتها:
- كل ما في الأمر انني أعتدت العمل في قسم التصميم، وكذلك إعتدت على زملائي به، ولست أرغب بتغييره أبداً، وفي نفس الوقت فكرت لو أنني رفضت ذلك سيبدو تايهيونغ كاذباً أمام جيبوم، خصوصاً وأنّ العلاقة بينهما تبدو متوترة حسب ما رأيته في الحفل...لذا أنا محتارة!

همهمت لورا بتفهم، فموقف الأخرى صعبٌ قليلا خاصةً وانها هي أيضا تنزعج من تغير بعض التفاصيل البسيطة في حياتها، فمابلكم بتغيير مكان العمل فجأة!

- أُقدِّر هذا...ولكن فكري من الجانب المنطقي أكثر، إن عملتي كسكرتيرةٍ له سيكون عملكِ أسهل، خصوصاً وانكِ تعيشين معه في ذات المكان.
هو سيُقدّر تغيُّبكِ او تأخركِ لأي سببٍ كان، كما ويمكنكِ مناقشة جدول أعماله هنا بدل الشركة، وإن كنتِ ترغبين بمساعدة زملائكِ في قسم التصميم فأظن بأن تايهيونغ لن يمانع في ذلك أبداً...صدقيني هذا أفضل لكِ، لكن إن كنت لا ترغبين بهذا فلن أجبركِ، أنا أدليْت برأيّ وانتِ من ستقررين بالنهاية.

بوزت شفتيها بحيرة...كلام الأخرى قد جعل الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة لها، لكنها ستفكر بالجانب المنطقي كما قالت، فإنتقالها للعمل عنده لن يمنعها من رؤية أصدقائها والإلتقاء بهم إن أرادت ذلك.

- حسنا...سأفكر بالأمر أكثر، كلامكِ مقنع، شكرا لكِ لورا.
إحتضنتها بخفة كتعبيرٍ عن شكرها، فبادلتها الأخرى بينما تبتسم.

وسرعان ما فصلتا ذاك الحضن لتتسائل ايرين بينما تأخذ حفنةً من الفوشار:
- ما أخبار مشروعك؟

- لازلنا نعمل عليه، نحن نكثف جهودنا لننهيه في أسرع وقتٍ ممكن.

- وهل تذهبان للعمل عليه كل يومٍ الى المكتبة؟!
تسائلت من جديد، لتجيب الأخرى:
- كلا...أحياناً نذهب الى المكتبة، وذلك إن كنا بحاجة الكتب، وأحياناً أخرى الى منزله او منزلي...لا يوجد مكانٌ محدد.

عقدت ايرين حاجبيها بإستغراب، ثم سألت مرة أخرى:
- لكنني لم أره في منزلكم من قبل!

أطلقت لورا قهقهة خفيفة عندما تم ذكره هو على وجه الخصوص.

- أجل...لم يصادف وأن أتى الى هنا منذ إنتقالكِ للعيش معنا، لكن أظن بأنه سيأتي غداً عند العصر.

همهمت ايرين لتبتسم بعدها عندما وجدت أنّ هولي قد غطّت في النوم بعد أن إتخذت مكاناً مناسباً على الأريكة لفعل ذلك.

وعلى حين غرة، دخل جين بينما يضع يديه في جيوب بنطاله القطني الأسود بأريحية، وسرعان ما تسائل:
- ماذا تفعلان؟

- كنا نشاهد التلفاز.
أجابت لورا بينما تأكل آخر حبات الفوشار في صحنها بسرعة، فهو ما إن لمحها تأكلها حتى إنتحب بتذمر، هي كانت تعرف انه سيأكلها بدلاً عنها إن رآها...لذا قضت عليها بسرعة حتى لا يسبقها في فعل ذلك!

- لِما لم تتركِ لي بعضاً منه؟!

- ولِما لا تطلب من الخادمة أن تعد لك صحناً لتأكله بمفردك؟!
تذمرت وهي تزيح البطانية الوردية عن قدميها قبل أن تقف.

- لن أستطيع الآن، لأن أمي قد صرفت جميع الخدم الى غرفهم وليس هناك أي أحد!
كان كلامه صحيحاً، فالساعة الآن تشير الى الحادية عشر مساءً، والخدم ينصرفون الى جناحهم عند العاشرة.

وفي وسط جدالهما هذا أخذت ايرين هولي بين يديها وإتجهت بها نحو غرفتها الخاصة...جين يعاملها كإبنته تماماً!

حيث وضعتها في مكان نومها، ثم لغرفة المعيشة المطلة على وسط المنزل بشكلٍ أنيق وعصري، وقد وجدت انهما لا يزالان يتشاجران حول الفوشار!

قهقهت على طفوليتهما الظريفة، ثم نطقت بنيّة إيقاف شجارهما:
- لِما لا تعده بنفسك جين؟!

- انا لا أعرف!
تمتم بحرج، وقد توقع سخرية شقيقته التي قالت:
- رائع! انت تطهو جميع الأطباق الكورية والغير كورية تقريباً وتعجز عن إعداد القليل من الفوشار!

- أجل انا لا أعرف كيف أعده!
عبس في وجه شقيقته التي تحدق نحوه بحاجبين مرفوعين من شدة الدهشة.

ولكن سرعان ما نطقت ايرين بإبتسامة خفيفة بينما تسحب ذراعه وتجرّه خلفها نحو المطبخ:
- لا تقلق...سأعده لك.

إبتسم على لطفها وشكرها قائلاً:
- شكرا لكِ.

- كلا لا تشكرني، فهو مجرد فوشار على أي حال!

قهقها سوياً، لتباشر هي في البحث عن قِدرٍ ما من أجل إعداد الفوشار...لكنها لا تعرف مكان أي شيء بالمطبخ!

لذا ساعدها جين وأخرجه لها، وضعتها وأخيراً على الموقد...وبعد مرور لحظات شعر جين انه ما من فرقعة!

لذا قرر رفع الغطاء ورؤية السبب بحاجبين معقودين.

ولكن!..

- كلا جين لا تفعل!
كانت تلك ايرين وهي تنبهه من رفع الغطاء، وتزامناً مع صراخها فرقعت حبات الفوشار والتي جعلت منه يُرجع الغطاء على الفور.

إكتسى الفزع ملامحه وهي كذلك، وقد حدقا ببعضهما لوهلةٍ ثم إنفجرا ضحكاً على معالمهما المرتعبة.

وفي تلك الأثناء، دخل تايهيونغ الى المطبخ، لتستقبله تلك الضحكات منها ومن شقيقه، وقد بدا عليهما الإستمتاع سوياً، فحدق بهما ثم أخذ بخطواته نحو الثلاجة دون نطق أي حرف.

- مرحباً تاي.

حيّته ايرين بينما تلتقط أنفاسها بعد جولة الضحك تلك، ليجيبها بهدوء:
- مرحباً.

شعر كليهما بهدوئه الغريب...رغم انه هادئ بطبعه، ولكن هذه المرة هدوئه مريبٌ جداً!

لكنهما فضّلا الصمت على سؤاله، فقد بدى مزاجه سيئاً نوعاً ما، وذلك بفضل ملامح وجهه المقطبة.

أخذ قنينة ماءٍ من الثلاجة ليتجرع منها قليلاً قبل أن يعيد إغلاقها ويغادر بهدوء كما أتى.

تبادلت ايرين نظرات الحيرة رفقة وجين، ليرفع هو كتفيه بمعنى لست أعلم ما به.

اما هو، فقد صعد الى غرفته بينما يعتصر تلك القنينة بين أنامله.

أغلق باب غرفته بالمفتاح، وإتجه نحو أريكته ذات اللون الرمادي الباهت.

حيث إرتمى عليها بثقل واضعاً ذراعه اليمنى فوق عينيه...ظل على تلك الحالة لعدة دقائق قبل أن يزيح ذراعه مرفقاً إياها بتنهيدةٍ مثقلة...هو لا يشعر بالراحة بتاتا!

كثرة التفكير وعدم توقف عقله عن نسج الأحداث يسبب له أرقاً وتعباً شديدين.

يحاول تقبل الوضع كما هو، لكنه يجد نفسه في كل مرة عكس ذلك...يجد نفسه يبحث عن مبررات وحججٍ حتى يراها او يحادثها على الأقل!

رغم علمه بأن كل ما يفكر به لن يحدث، لكنه يغوص في بحر أحلامه، فعسى ان يتحقق الحلم يوماً...

كما ويعلم جيداً أنّ خوض مثل هذه التجارب او حتى المحاولة بها قد تسبب له جرحاً عميقاً لا يزول مدى الحياة، خاصةً وانها ستلاقيه دوماً وفي كل مكان.

إنه مشتت!..

اما الآن، فهو يلوم نفسه على تصرفه بذاك الشكل أمامهما!

كان يجب عليه التعامل ببرود او على الأقل إظهار عدم الإكتراث لتواجدهما سوياً...لكن ظاهره لم يستطع التغلب على ما بداخله او منعه من التجسد في تعابيره على الأقل!

أمال بجذعه للأمام، وأسند ذراعيه على فخذيه ليعقد أنامله ببعضها وملامحه شارذة...أجل انه يفكر.

هو لن يستطيع منع نفسه من التفكير وبشكلٍ مفرط، فهذه الصفة هي أحد مكونات شخصيته المتقلبة!

وسرعان ما شعر بالضيق من ذلك، فإستقام آخذاً بخطواته المتثاقلة نحو الشرفة.

أبعد الستائر المخملية عنها، وسحب بابها الزجاجي ليتضح له البدر المكتمل.

القمر مكتملٌ هذه الليلة، وهو يحب تأمله في هذا الوقت من الشهر.

إذ أنه قد إتكأ على حافة الشرفة وبعينان معلقتان على حلكة السماء الصافية المرصعة بالنجوم، بينما القمر هو من يتوسطها بهالته الآسرة.

كان واضحاَ للغاية...وقريباً جداً.

شعر بالراحة ما إن تأمل جماله، ولكن على ذكر الجمال!..تذكرها هي...

رأى وجهها في القمر، وأقسم بإنه سيسلمها مكانه وإسمه بكل بساطة ما إن يراها، فهي تنافسه...لا بل تفوز عليه!

ألا يخجل القمر من نفسه على أخذ لقبٍ لا يخصه!
كان هذا كل ما خطر في باله لحظتئذٍ.

لكنه إبتسم بينما يتأمله...فقط لأنه تذكرها!

جال بعينيه أرجاء السماء، لتتسع إبتسامته أكثر فأكثر...فيكفي انه يرى جمالها في القمر، وعمق عينيها وبريقهما الآسر في النجوم، وخصلات شعرها الحريرية في ظلمة السماء وسوادها الحالك...وأخيراً حبه لتأمل كل هذا كما يحب تأملها هي.

تذكر شيئا ما، فأدخل يده في عنق قميصه مخرجاً قلادةً فضية، يزينها نقشٌ للشمس والقمر وهما مندمجان معاً.

فقام بنزعها ورفعها عالياً قرب البدر المكتمل...ناظرهما سوياً لفترةٍ وجيزة، وهاهو ذا يشعر بالأمان الآن...هي القمر بجمالها والقمر في قلادته.

وهي الشمس في سطوعها وهي في قلادته أيضاً...ولو أمكنه لمنحها هذه القلادة رغم تعلقه الشديد بها، وكل هذا لأنها تحمل هالتها وهي من تستحقها...هالة الشمس والقمر!

لكنه أعادها لمكانها حتى تكون قريبةً من قلبه وتشهد على دقاته التي تنطق بإسمها.

هو قد تأكد الآن انه واقعٌ لها...لكنه لم يتصور أن يحدث الأمر بهذه السرعة!

ويكفيه الآن انه قد فهم هيأة مشاعره المبعثرة تجاهها...

أما بالحديث عنها، فهي قد عادت الى غرفتها منذ دقائق، وهاهي تتكأ على فراشها بينما تحدق بالسقف وأضواء الغرفة لا تزال مُنارة من حولها.

وسرعان ما أزفرت تنهيدةً محتارة يليها تبويزةٌ خفيفة لشفتيها.

فكرت في كلام لورا الذي أقنعها نوعاً ما، لكنها لا تعرف كيف ستخبر أصدقائها بالأمر.

لقد حصلت على الإجابة التي ستقولها له غداً بالفعل، لكنها ما تزال محتارةً فيما يخص الرفاق، وعلى وجه الخصوص هيري!

وما لبثت تنجرف بأفكارها حتى صارت تحادث نفسها، او لنقل انها تخاطب والدتها...هي تمتلك هذه العادة منذ أن كانت طفلة، ربما لتشعر بأن والدتها لم تفارقها، وانه بإمكانها التواصل معها لإتخاذ القرارات على الأقل.

- أمي...انا محتارة! لا أعرف من سأرضي!..لكنني على يقينٍ تام بأن ما إخترته هو الصواب.
إبتسمت بهدوء قبل أن تتلاشى تلك الأطياف من على ثغرها لتضيف بصوتٍ مهزوز:
-أمي...كم كنت أرغب بتواجدكِ الآن بقربي انتي وجدتي، انا أفتقدكما كثيراً وأشعر بنوعٍ من الوحدة رغم محاولة هذه العائلة لسدِّ كافة الثغرات التي ملأت حياتي، انا شاكرةٌ لهم على ما يفعلونه من أجلي...لكنني أشعر بالغربة!
لقد تغيرت حياتي كثيراً...تركت بوسان وتركت منزلنا وتركت كافة ذكرياتي وأحلامي هناك، أتمنى فقط أن أعيش حياةً أفضل هنا وأن أُكوّن نفسي وأكمل طريقي نحو المستقبل بسلام.

ظلت تتمتم بكلماتٍ عدّة الى أن غفت في أحضان فراشها.

وبالعودة للعاشق الولهان، فالنوم لم يزره أبداً، وقد فضّل الخروج من غرفته قليلاً.

وجد أنّ نور غرفتها لا يزال مضاءً، لذا إقترب من بابها بهدوء.

لم يسمع اي صوتٍ صادرٍ منها، لذا فكر في انها قد نامت ونسيت إغلاقه ربما...وقد كان تخمينه في محله.

فهو قد دخل ووجدها مستلقية على فراشها من دون غطاء والإنارة ما تزال مضاءة.

تقدم نحوها بخطواتٍ خفيفة حتى لا تستيقظ، وقام بتغطيتها وتعديل وسادتها.

كان على وشك الذهاب إلا أنّ عيناه قد ثُبِّتت على ملامحها الرقيقة وهي نائمة.

فرسم شبح إبتسامةٍ على شفتيه لمنظرها المسالم والبريء، ولم يشعر بنفسه إلا وبيده تمتد لتزيح خصلات شعرها المتمردة على وجهها حتى يتسنى له رؤيتها بشكلٍ أفضل.

- وهل ينام القمر؟!
تسائل بهمسٍ خافت بينما يتأملها.

ثوانٍ مضت وقد غادر بعدها وأغلق النور والباب خلفه
تاركاً قلبه معها.

__________________________

أشرقت الشمس وقد حلّ يومٌ جديد...

يومٌ ككتابٍ يحمل بين أوراقه العديد من الأسرار التي تقودك الى سبب تسمية العنوان.

هذه هي حياة البشر على أي حال...

غادرت ايرين منزل عائلة كيم، وذهبت الى الشركة والتوتر ينهش عقلها منذ إستيقاظها الى لحظة وقوفها أمام مكتب تايهيونغ الآن!

أغمضت عينيها وزفرت الهواء من رئتيها حتى تشجع نفسها وتطرد التوتر فهي قد قررت وإنتهى الأمر.

- صباح الخير سيد تايهيونغ.

- صباح الخير...لا داعي للرسميات، فنحن نعيش في ذات المكان بالفعل!
نطق حروفه ما إن حيّته وذلك فور دخولها مكتبه،
وبالطبع لم تمنعه زيارتها من إمالة شفتيه بإبتسامة خفيفة ترحيباً بقدومها رغم انه متوتر ومتشوق لمعرفة ردها الذي إنتظره بفارغ الصبر.

اما هي، فقد إكتستها الحيرة وأجزمت أنّ كلام لورا عنه كان صحيحاً، فهو شخصٌ لطيفٌ نوعاً ما وقد أخطأت حينما ظنته مخيفاً في البداية!..شخصيته الغريبة والمتقلبة كانت السبب في ذلك على كل حال.

كانت قد جلست بالفعل، لكنه هو من بادر بالسؤال أولاً:
- إذاً...ماهو قراركِ؟

نظراته كانت مترقبة ومتلهفة لجوابها، وهي بالطبع قد أجابته بما يرضيه:
- أنا موافقة.

- حقاً!..هذا خبرٌ سار، صدقيني لن تندمي على قراركِ هذا أبداً، فالعمل سيتماشى معكِ كثيراً وستتأقلمين بسرعة.
لم يمنعه كبريائه اللعين من إظهار سعادته هذه المرة،
وذلك ما جعلها تبتسم بخفة لتقول بصوتٍ هادئ:

- أتمنى ذلك.

- حسنا إذاً...فلتنقلي أغراضكِ الى مكتبكِ الجديد اليوم، أما بالنسبة الى العقد وما إلى ذلك فسأهتم أنا بأمره، لا تقلقِ...حسناً؟ وإن إحتجتي لأي مساعدة فأنا موجود.

- حسناً...شكرا لك.
منحته إحدى إبتساماتها المميزة على غير المعتاد، والتي قتلته مئات المرات حتى انه شرذ بها دون أن يشعر!

وما أفاقه من شروذهِ هو صوت إغلاق الباب بعد خروجها.

أمال رأسه وإبتسم بجانبية، لينتشل هاتفه وسرعان ما خاطب الطرف الآخر:

- تايمين...أحضر لي أوراق العقد التي أخبرتك عنها بالأمس.

- حسنا سيدي.

أغلق الخط والإبتسامةُ ذاتها لم تفارق شفتيه ولن تفارقها مادامت ستمنحه واحدةً أخرى...ربما.

________________________

- ايري...هل ستتركيننا حقاً؟!
سألها هوسوك بحزن وملامح مستاءة بينما تقوم هي بتوظيب أغراضها في الصندوق.

- لا تحزن هوسوكي، انا لن أترك الشركة!..كل ما في الأمر اني سأغير مكان مكتبي لا أكثر!
أحاطت وجنتيه بكفي يديها بينما تبوز شفتيها بعبوس على إستياءه وحزنه.

لكن سرعان ما أضافت هيري بنبرةٍ منزعجة:
- وستغيرين وظيفتك بأكملها!

وما كان أمامها سوى أن ترضي الجميع وتواسيهم، وبالطبع قد توجهت نحو هيري الآن.

- عزيزتي لا تقلقِ...الأمر الوحيد الذي سيتغير هو اني سأنتقل لطابقٍ آخر، وهذا لن يمنعنا من الإلتقاء أبداً!

- ومن أخبركِ بأننا سنلتقي ما دامتِ ستعملين كسكرتيرة لكيم تايهيونغ! أراهن بأنك ستختفين كلياً ولن نراكِ مجدداً!
تذمرت هيري من جديد بحنق، ونبرتها لم تخلو من الإمتعاض، فإبتسمت ايرين وأمسكت بوجنتيها هي الأخرى كما فعلت بهوسوك.

- كلا...تايهيونغ لطيفٌ للغاية، انه ليس كما نراه!..وهو لن يمانع إن إلتقينا في مكتبي او إن أتيت هنا الى القسم وقدمت بعض المساعدة.

همهمت هيري بملامح قد غُلفت بالتعجب لتغير نظرة صديقتها في ما يخص تايهيونغ!..لا بل أنّ نظرتها تجاهه قد إنقلبت جذرياً!

كانت ايرين قد أنتهت من جمع أغراضها بالفعل، وهاهي ذا على وشك المغادرة.

لذا تقدمت ميون نحوها وربتت على كتفها بإبتسامتها المعهودة مع الجميع.
- أتمنى أن يناسبكِ العمل هناك، وإن إحتجتِ لأي مساعدة فيما يخص عملك الجديد فلا تترددي في إخباري بما انكِ ستعملين به لأول مرة...حسناً؟

- حسنا...شكرا ميون.
إحتضنتها آخر حديثها، لتبتعد بعدها وتتقدم نحو هوسوك الذي يتحاشى النظر نحوها لأنه لايزال منزعجاً!

قهقهت عليه ووقفت أمامه بنية إرضائه، لكنه أشاح بوجهه للجانب الآخر مدعياً البرود.

- هيا هوسوكي لا تغضب، تعلم بأنني أحبك كثيراً ولا أريد ان أراك حزيناً...هيا!
دغدغته كآخر حل بينما تضحك، وقد نجحت في جعله يبتسم او لنقل يقهقه مثلها بفضل دغدغتها له.

- حسنا حسنا...لكنكِ ستأتين كل يوم الى القسم حتى تريني وتلقي علي تحية الصباح، آه اجل اجل وستجلبين معكِ كوب قهوةٍ لي...حسناً؟

- وهل تظنها خادمة؟!
خاطبته هيري بسخرية بينما تحدجه بنظرة جانبية، فإكتفى بدحرجة مقلتيه متجنباً الرد عليها.

قهقهت ايرين على تفكيره، ثم هزّت رأسها مراراً.
- حسنا...هل هذا أفضل؟

- أجل أفضل.
إبتسم بإتساع ليحتضنها كما لو انها ستسافر ولن تعود أبدا!

غادرت بعد ذلك القسم، وأول ما وجدته أمامها هو شابٌ وسيم بشعرٍ كستنائي، متوسط الطول، ويبدو هادئاً ورزيناً.

ملابسه عبارة عن بذلةٍ رسمية سوداء وقميص أبيض بينما يرتدي سماعةً في إحدا أذنيه.

وعلى الفور ميزت انه قد يكون إما حارس أمن، او حارساَ شخصياً...لكن ذلك لم يمنع تعجبها عندما نطق بإحترام وهو يأخذ الصندوق من يديها:
- هاتهِ عنكِ آنستي...رجاءً إلحقي بي.

- حـ...حسناً.
لحقت به والتعجب والتساؤل لم يفارقاها عن من يكون، لتجد نفسها بعد دقائق داخل مكتبٍ ما.

وقد ميزته على الفور بما انها سبق وزارته من قبل.

- هذا هو مكتبكِ الجدبد آنستي...هل تحتاجين شيئاً آخر؟
تحدث برسمية بعد أن وضع الصندوق على المكتب، فنفت سريعاً وقالت:
- كلا...شكرا لك.

- العفو.
إنحنى بخفة ليغادر المكان تاركاً إياها تحدق بطيفه.

- ترى من يكون؟!
خاطبت نفسها بتساؤل، فهو قد لفت إنتباهها بهدوئه الغريب والمشابه للروبوتات!

لكنها هزت كتفيها بلامبالاة لتبدأ في إخراج أغراضها من الصندوق وتباشر في ترتيبها، وكل ما كانت تقوله آنذاك هو أنّ المكتب به ألوانها المفضلة، وهذا قد أعجبها كثيراً.

وأثناء إنشغالها في ترتيبه، رنّ هاتف المكتب فجأة، ليتسبب ذلك في إفزاعها! وما كان أمامها سوى أن تجيب.

- ألو...

- تعالي الى مكتبي حالاً.

- حسناً.

ميزته على الفور بفضل نبرة صوته العميقة والمميزة.

تركت ما بيدها سريعاً، وذهبت الى مكتبه والذي يقبع مقابل مكتبها تماماً...وقد صادفت في طريقها ذلك الموظف الذي صرخت في وجهه من المرة الماضية، لتبتسم له بتوتر بعد أن حدجها بسخط!

دخلت مكتبه سريعاً، لتجده يوقع أوراقاً ما، وما إن شعر بها حتى رفع رأسه وإبتسم بخفة.
- إذاً...هل أعجبكِ مكتبكِ الجديد؟

- أجل...ألوانه لطيفة.
ردت له الإبتسامة ثم جلست...لقد إعتادت عليه نوعاً ما، لذا تجاوزت بعضاً من حاجز الرسمية الذي كان مبنياً بينهما.

اما هو، فقد وضع تلك الأوراق التي كان يوقعها أمامها مرفقاً إياها بقلم حبر.
- هذا عقد عملكِ الجديد...وقعي هنا رجاءً.
أشار بإصبعه على أسفل الورقة لتهمهم وتهمّ بفعلِ ما طلب.

وما إن وضعت القلم فوق الأوراق حتى تسائلت لافتةً إنتباهه:
- المعذرة...ولكن هل يمكنني العمل في قسم التصميم أيضا إن سمحت لي الفرصة؟

- بالطبع.
أومأ لها بينما يرتب تلك الأوراق، فشعرت بالسعادة لتعيد سؤاله من جديد، ولكن هذه المرة كان قد رفع عينيه إليها وصوب جلّ إهتمامه لما تقوله بشكلٍ أكبر:

- هل تم إلغاء عقدي الأول؟

- كلا...لم أشأ فعل اي شيء قبل معرفة رغبتكِ في ما إن كنتِ ترغبين بإستمراره أم لا.

- آه هكذا إذاً، حسنا...لا تقم بإلغائه، وشكرا لك على فعل ذلك.
شكرته بينما تدلك كفيها ببعضهما مع إبتسامة خفيفة وعيناها مرتكزة على قدميها ببعضٍ من الحياء، فأمال شفتيه هو أيضا بإبتسامة رجولية ساحرة.

- العفو...كما تريدين.

ساد صمتٌ غريبٌ بينهما للحظات، وسرعان ما بتره هو بسؤاله:
- هل إنتهيتِ من ترتيب مكتبك؟

رفعت عينيها ما إن سألها لتجيب على الفور:
- نوعاً ما...بقيت أشياءٌ بسيطة.

همهم بخفة، ثم عاد لسؤالها من جديد...كل هذا حتى يخلق حواراً بينهما بدل الصمت الغريب!
- وهل ساعدكِ تايمين في نقل أغراضك؟

رفعت حاجبيها بتعجب للإسم الذي قام بذكره، فأجابت على سؤاله بسؤال:
- وهل ذاك الشاب إسمه تايمين؟ ولكن من يكون؟
انا لم أره من قبل!

- انه مساعدي الخاص، هو هادئٌ نوعاً ما ولا تتم ملاحظته بفضل صمته الدائم...كما ولم تسنح لكِ الفرصة برؤيته ربما لأنكِ لا تخرجين كثيرا من قسم التصميم، وكذلك لا تأتين الى هذا الطابق إلا قليلاً، وذلك فيما سبق طبعاً...ستعتادين عليه قريباً، لأنه سيكون الشخص الذي سيعيدنا الى المنزل بعد إنتهاء الدوام كل يوم، وكذلك هو من سيقلكِ الى الشركة صباحاً.
أوضح لها كل شيءٍ تقريباً، لكنها أعادت السؤال من جديد لجملته الأخيرة:
- لما؟!

- لأن السائق السابق لديه بعض الظروف التي أجبرته على تقديم إستقالته...لا توجد مشكلة، فهو مساعدي الخاص ومن واجبه فعل ذلك في مثل هذه الظروف.

- هكذا إذاً، على كل حال هل تحتاج شيئاً ما؟
إستقامت بينما تحشر كفيها في جيوب بنطالها الأسود الخلفية متسائلةً عن سبب طلبه لقدومها، لكنه إبتسم بخفة ونفى برأسه.
- كلا شكرا لكِ...كل ما في الأمر اني وددت معرفة رأيكِ في مكتبكِ الجديد، وكذلك لتوقعي العقد.

- آه...اجل، حسناً إذاً، سأغادر الآن، أراك لاحقاً.
لوحت له بينما تهم بالمغادرة، ليبتسم لها حتى إختفت عيناه.
- وداعاً.

عادت الى مكتبها بينما تبتسم بسعادة، تايهيونغ يعاملها بلطف ويظهر جوانب كهذه من شخصيته لها!

لم تكن تتوقع أبداً أن يأتي يومٌ كهذا او أن يعاملها هي بالذات على هذا النحو!..انه تقدمٌ ملحوظ، وهذا ما كانت تريده.

كما وانها لم تحبذ فكرة العيش عندهم في البداية بسببه، فقد ظنت انه فظ ومتعجرف، وانها قد تواجه بعض المصاعب بسببه خصوصاً بعد ما حدث في لقاءاتهما الأولى، إلا انه قد أثبت العكس تماماً خلال هذه الفترة.

شعرت بالراحة لأنها ستعيش بكل سلاسة من الآن فصاعداً بعد تخطي هذه العقبة...وكل ما تأمله الآن هو أن يظل الوضع كما هو.

_____________________________

Jimin pov :~

الطقس لطيفٌ اليوم رغم أنّ الشتاء قد بات على الأبواب.

لم يتغير أي شيءٍ في روتيني اليومي...فهانذا أعمل مع لورا على المشروع في منزلها ككل يوم.

نحن نحاول إنهائه في أقرب فرصة ممكنة، لأن الوقت يداهمنا.

بجدية...لن أنكر أنّ لورا زميلٌ لطيف ونشيط فيما يخص الدراسة والمشاريع.

حتى اني لا أشعر بمرور الوقت برفقتها ولا أملُّ أبداً.

كما ولها الفضل الأكبر في جعلي أتشجع اكثر وأكثر حتى يكون مشروع تخرجنا الأفضل في شعبتنا لهذا العام.

لم أكن اعلم بأنها جدية فيما يخص الدراسة من قبل، ولكنها الآن تثبت لي العكس تماماً.

أعلم بأني طالبٌ متفوق، ولكنني أشعر بالملل أحياناً من كثرة الدراسة...أما الآن، فأعترف بأنها قد جعلتها اكثر متعة.

اليوم قد بدأنا بالعمل باكراً، لذا قد ننتهي بسرعة، وبينما نجلس على آرائك المنزل المتواجدة في الطابق السفلي، دخل شابٌ لا اعرفه أبداً!..او لنقل انني لم أره من قبل!

ولكن قفزة لورا السريعة من مكانها وإبتسامتها التي كادت تشق وجهها مع صراخها المفزع كان كفيلاً بتوضيح انه شخصٌ عزيزٌ عليها، وقد يكون من المقربين للعائلة او شيءٌ من هذا القبيل.

كان شاباً طويل القامة وبجسدٍ رياضي ممشوق، وسيم الوجه، شعره بني يميل الى السواد ومرفوعٌ للأعلى بإحترافية.

يبدو عليه الثراء من ثيابه المتلخصة في بنطال جينز ازرق بلونٍ غامق، وكنزة بخطوطٍ عريضة ألوانها تتراوح بين الأخضر والأزرق.

واخيراً حذاء كلاسيكي من ماركة ديور لونه أزرق هو الآخر...يبدو انه يحب الأزرق الغامق كثيراً.

ورغم أنّ ثيابه قد تبدو عملية ولا تدل على طبقته الإجتماعية، إلا انني ميزت كونه ثري من العلامات التجارية التي تعود إليها هذه الثياب...فجميعها علامات تجارية عالمية وثيابها باهظة الثمن!

لا تتعجبوا من معرفتي لذلك وبهذه السرعة أيضاً، لأنني أحب الموضة وأتابع آخر صيحاتها، بالإضافة الى انني أحب الأناقة، ونوع ثيابه هو المفضل عندي.

على كل حال...يبدو أنّ محبته للورا لا تقل عنها، فهو بدوره قام بمعانقتها وأبتسم بإتساع.

ظللت احدق فيما يجري بصمت الى أن تقدما نحوي.

- جونغكوك...هذا هو صديقي جيمين.

هكذا اذاً...إسمه جونغكوك.

يبدو ودوداً، فهو قد مد يده لي بغية مصافحتي وانا لم أتردد في فعل ذلك، لكنه فاجئني بسحبه لي في عناقٍ ودي بينما يبتسم بلطف.

- انت هو جيمين إذاً...لطالما سمعتُ عنك من لورا ووددتُ لو أتعرف عليك!

مالذي يقوله هذا؟!..وقبل كل شيء من يكون بالنسبة لعائلة كيم؟

لا اظن بأنه شقيقها، لأنه وعلى حد علمي أنّ لها شقيقين وانا اعرفهما بالفعل!

اما هو...لم أره من قبل!

ولست اعلم أيضا لما لكمته لورا على كتفه بعد أن تحدث!

تداركت نفسي سريعاً، وبادلته العناق والإبتسامة أيضاً لأنطق وأخيراً:

- تشرفتُ بمعرفتك.

فصل العناق، لكنه لم يبعد يديه عن كتفاي، وكذلك لم يزح إبتسامته الشبيهة بالأرانب تلك عن شفتيه.

- انت لطيفٌ حقاً!

آه ياللروعة!..لا أعلم لما ينعتني الجميع باللطيف، هل أبدو لهم كطفلٍ أم ماذا؟!

- شكرا لك.

إبتسمتُ وشكرته...أعني مالذي تنتظرون مني فعله؟!

وسرعان ما ترك كتفاي وإتجه نحو مكان جلوسنا السابق، حيث إرتمى عليه بعشوائية!

لكنه إعتدل فور أن لمح طيف السيدة كيم وهي تمر من أمامنا، ثم إستقام بسرعة.

آه يالي من أحمق...ظننته قد خجل، لكن كل ما في الأمر هو انه ركض نحوها سريعاً.

والمضحك في الأمر أنّ السيدة كيم قد إبتسمت بإتساع هي الأخرى وفتحت ذراعيها بغية إحتضانه...وهو لم يرفض ذلك بالطبع!

- آه جونغكوك، لقد إشتقت لك كثيرا...لما لم تزرني في الآونة الأخيرة؟! ألا تخجل من نفسك يا ولد!
وبخته، فدلك عنقه بإحراج وتمتم:
- كلا عمتي...كل ما في الأمر اني كنت مشغولاً للغاية، ولم تسنح لي الفرصة بالمجيء.

هل هي عمته حقاً ام انه يقولها من باب الإحترام؟!

لم أستطع منع فضولي من وكز كتف لورا الواقفةِ بقربي وسؤالها عن من يكون بصوتٍ خافت:
- هاي لورا...هل هو إبن خالك ام ماذا؟

- كلا...هو ليس من أقاربنا، إنه صديق تايهيويغ المقرب منذ الطفولة، لكننا نعتبره فرداً من عائلتنا.

آه هكذا إذاً...

غادرت السيدة كيم بعد أن حادثته قليلاً، ليعود للجلوس كما كان...يبدو مرحاً، لقد أحببته.

حدق بما حوله ليرى أوراقنا وكتبنا تملأ المكان، فأمسك إحداها وناظرها بتقزز:
- صدقاني...الدراسة ليست مهمة، المهم في الحياة هو أن تستمتع بكل لحظةٍ تعيشها، لذا أتركاها قليلاً حتى ندردش.

إختتم كلامه برمي الكتاب على الطاولة بينما يبتسم بحماقة.

جدياً!..هل يمزح معي أم ماذا؟!

فعلنا كما طلب منا رغم رغبتي في إنهاء عملنا لليوم كما خططنا، إلا انه قد سحبني من جديد ولكن هذه المرة للجلوس بقربه.

كما وقام بلف إحدى ذراعيه حول عنقي، والأخرى أراحها على مسند الأريكة العلوي، أما قدميه فقد كان يضع إحداهما على الأخرى.

لا أنكر بأنني تعجبت في البداية من تصرفاته الغير مفسرة، إلا اني إعتدت عليها سريعاً فيما بعد بما أنّ جميع تصرفاته غريبة على كل حال!

لكنه لطيفٌ وذو شخصية محببة للغير...لقد أعجبني بحق!

End jimin pov.

___________________________

Irene pov:~

لم يكن لدي ما أفعله...وهذا ما جعلني أشعر بالملل!

من الجيد أنّ موعد المغادرة قد إقترب، لكنني ومع هذا سأذهب لقسم التصميم قليلا لرؤية الرفاق...لقد اشتقت لهم منذ الآن!

وعند وصولي، وجدتهم منهمكين في العمل.

- مرحبا يا رفاق...مالذي تفعلونه؟
تسائلت بينما أفحص تلك الأوراق على مكتب هوسوك.

- نحن نجري آخر التعديلات على التصاميم، يجب أن ننهيها الآن لأننا سنعرضها على أعضاء الإدارة غداً.

أجابني وهو يرتب تلك الأوراق ويبدو بأنه قد إنتهى بالفعل.

جيد...لقد أتممنا أكبر وأهم جزءٍ حتى الآن، ولم يتبقى سوى التحضير للمهرجان...أنا متحمسة، فالتصاميم تفوق الخيال وهذا بفضل هوسوك طبعاً.

إستدرت للخلف، وإذا بهيري وميون توظبان أمتعتهما من أجل المغادرة، وكحركةٍ بديهيةٍ مني أن حدقت بساعة معصمي لأجد بأنّ دوامهم قد إنتهى بالفعل.

- هيا يا فتيات.
أشار هوسوك لهيري وميون بينما يضع ذاك الملف في درج مكتبه، لأتعجب قائلة:
- هل ستذهبون الى مكانٍ ما معاً؟!

- كلا...هوسوك سيوصلنا في طريقه لا أكثر.
أجابتني ميون وهي تعدل ثيابها بعد إرتدائها لمعطفها...وما كان أمامي سوى أن أهمهم بتفهّم.

لوهلةٍ شعرتُ ببعض الحزن لعدم قدرتي على مشاركتهم هذه الأجواء اللطيفة بعد الآن، لذا تنهدت بعبوس، فقرصت هيري وجنتاي وإبتسمت بلطف.

- عزيزتي ايريناه...أعلم بأنكِ تفتقديننا كثيراً وتودين الذهاب معنا، لكنكِ إنتقلت اليوم فقط!
لا تقلقِ...سنخصص وقتاً لنقضيه برفقة بعضنا البعض...حسناً؟

آه هيري...كم أحبك!

انتِ الشخص الوحيد الذي يفهمني حتى وإن لم أتحدث.

همهمت بخفة ثم إحتضنتها، وما إن فصلت العناق حتى غادرت، وبالطبع لم تنسى إملاء تلك التوصيات علي كما لو انني طفلة.

- تناولي عشائكِ ونامي باكراً حتى ترتاحي، وإن إحتجتِ لأي شيء إتصلي بي حسنا؟

- حسنا...وداعاً.
لوحت لهم وإبتسامتي تزين شفتاي بهدوء، وما إن إختفى طيفهم حتى أطلقت تنهيدةً ضجر.ة

تذكرت تايهيونغ وانه لربما ينتظرني من أجل العودة، لذا عدت الى مكتبي بسرعة تاركةً قسم التصميم والذي كنت آخر المتواجدين به مع موظفتين تقريباً...فالجميع قد غادر بالفعل.

أخذت حقيبتي وإرتديت معطفي وأغلقته جيداً حتى لا أمرض بفضل الطقس القارس في الخارج، ثم خرجت واخيراً من مكتبي الجديد وأغلقت الأنوار والباب خلفي.

حدقت بباب مكتبه الموصد...يبدو انه قد غادر هو الآخر، ولهذا أسرعت بالنزول حتى لا أتأخر.

وفي طريقي مررت من أمام قسم التصميم مجدداً، توقفت لوهلةٍ عند سماعي لصوتٍ ما بداخله!

انا متأكدة من أنّ الجميع قد غادر المكان، وكذلك الموظفتيْن...فقد خرجتا خلفي مباشرةً!

ساقني فضولي نحوه لأسترق النظر، وقد وجدت شخصاً ما بالفعل!

الإنارة خافتة والمكان شبه مظلم لهذا لم أستطع تمييز هويته في البداية.

لكنني هززت كتفاي بعدم إكتراث وغادرت المكان بهدوء.

وجدت سيارة السائق مركونةً أمام البوابة فور خروجي، لذا توجهت نحوها سريعاً، وما إن صعدت حتى سألني تايهيونغ ذاك السؤال الذي توقعته:
- لما تأخرتِ؟

- لم أنتبه الى الساعة، هذا كل ما في الأمر.

لقد كذبت عليه...يمكنكم القول بأنها أشبه بالكذبة البيضاء، لأنه لا رغبة لي في شرح كل شيءٍ بالتفصيل.

همهم وكم أحب انه ليس من النوع الذي يتدخل في ما لا يخصه او يلح لمعرفة كل شيء.

لاحظت أيضاً أنّ السائق هذه المرة هو ذاك الشاب من الصباح...أظن بأن إسمه تايمين...اجل اجل انه كذلك.

تنهدت وأسندت وجنتي بيدي وحدقت بالسماء المظلمة من النافذة بكل هدوء.

وعلى ذكر الظلام والقيادة...لما لا يقود تايهيونغ؟!

هو يمتلك رخصةً بالفعل وذلك واضحٌ بما انه يأتي بسيارته الخاصة كل صباح.

وكذلك ليلة تلك الحفلة...لم يقد هو، بل صعدنا رفقة السائق الخاص رغم أنّ جين ذهب بسيارته الخاصة وهو من يقودها!

لست أعلم لما ولكن هل هذا بسبب خوفه من الظلام كما إعتقدت انا!

هذا ما توصلت إليه من تلك المرة، ولكن فضولي لم يمنعني من سؤاله الآن بما انه أصبح لطيفاً في التعامل معي نوعاً ما:

- المعذرة تايهيونغ...هناك سؤالٌ أود طرحه عليك.

- بالطبع تفضلي.

- لما...لما لا تقود في الليل؟ لاحظت هذا الأمر مؤخراً وإنتابني الفضول حوله!
لن أنكر انني شعرت ببعض التردد وخفت قليلاً من ردة فعله، والتي كانت صادمة بالنسبة لي!

- هذا أمرٌ لا يخصكِ ايرين...أتمنى أن لا تتدخلِ في حياتي الشخصية مرةً أخرى، ولتهتمي بشؤنكِ الخاصة.
ملامحه كانت باردة ومخيفة عكس البداية!

لقد بُدِّلت في لمح البصر، وهذا ما أخافني...انه غريب!

إبتلعت ريقي بخوفٍ وهمهمت بهدوء، ولم أتجرأ على نطق ولو حرفٍ واحد بعد الذي حدث، بل عدت الى وضعيتي السابقة وكل ما فكرت به هو إنفصامه المخيف وشخصيته المتقلبة.

يبدو أنّ سؤالي قد أزعجه كثيراً  لأنه إلتزم الصمت بعدها وأُجزم بأن ملامحه الآن يكسوها البرود!

وحتى عند وصولنا، ترجل من السيارة وإتجه نحو المنزل فوراً دون أن يتحدث.

اللعنة علي!

تنهدت بقلة حيلة ولحقت به...الجو باردٌ للغاية وللتو لاحظت انه لا يرتدي معطفاً!

يبدو انه لا يحب إرتداء الملابس الثقيلة، لأن ثيابه تعتبر خفيفة في المنزل أيضاً...ألم أقل من قبل انه غريب!

لحقت به وما إن خطت قدماي عتبة الباب حتى سمعت ضجةً قريبة.

رفعت عيناي وإذا بهما تنفرجان على وسعهما من فرط الصدمة!

جيمين...اجل اجل هذا جيمين!

فغرت فاهي وأرخيت كتفاي بصدمةٍ عارمة...هل يعقل انه هو صديق لورا الذي حدثتني عنه ليلة البارحة!

يبدو أنّ صدمته لا تقل عني في شيء، لأنه وسع عينيه وفغر فاهه هو أيضاً!

- ايرين!
نطق بصدمة، والفرق الوحيد بيننا هو انه قد أسرع نحوي وإحتضنني على الفور.

كانت نظرات الجميع من حولنا متعجبة...لن ألومهم.

تداركت نفسي بعد صدمتي وبادلته الحضن، وأقسم بأن إبتسامتي قد شقت وجهي من فرط السعادة!

- جيميني، لقد إشتقت لك كثيراً!

- وانا أيضاً...ولكن مالذي تفعلينه هنا؟!
إبتعد عني بنظراتٍ متفحصة ومتسائلة، لكنني تنهدت بثقلٍ وقلة حيلة، ولم يكن أمامي سوى أن أقول:
- آه...لقد حدثت في حياتي أمورٌ كثيرة غيرت من مسارها، وقلبتها رأساً على عقب!

نبرتي كانت مستائة، ويبدو انه إلتمس ذلك بها ليعيد سؤالي من جديد:

- مالذي حدث؟ لقد أقلقتني!

قد يتسائل البعض عن هيئة علاقتي به او من يكون بالنسبة لي، لكنني أعرفه منذ زمن...يمكنكم القول انه صديقٌ قديم.

في الواقع تعرفتُ عليه صدفةً، ورغم انه يعيش هو وعائلته في سيول إلا انهم كانوا يأتون الى بوسان كل عام لقضاء عطلة الصيف رفقة جدّيه القاطنيْن هناك.

كان لقاؤنا الأول غريباً ومضحكاً بعض الشيء، فأنا قد أنقذته من كلبٍ مسعور كاد يفترسه عندما كان في العاشرة من عمر، ومن بعد هذا الموقف أصبحنا أصدقاء.

لكنه لم يعد يأتي الى بوسان هو وعائلته بسبب إنتقال جديْه الى مدينةٍ أخرى...وهذا قد حدث منذ سنتين تقريباً، ومنذ ذلك الحين لم ألتقي به.

ولكن هاهو ذا القدر يجمعنا مجدداً في مكانٍ لم أكن أتوقعه أبداً!

لن أنكر بأنني شعرت بالراحة والسعادةِ الغامرة فقط للقائه، فلطالما كان هو ملاكي الحارس وشقيقي الأصغر الذي أحببته من كل قلبي.

إبتسمت بخفة، وربتت على كتفه مجيبةً على سؤاله وأخيراً:
- لا تقلق...سأخبرك فيما بعد، لأنها قصةٌ طويلة وتحتاج الى شرحٍ مفصل.

- حسنا كما تريدين...في الواقع كنت على وشك المغادرة، ولكن ما رأيكِ أن نخرج ونتمشى قليلاً، ربما سيكون الوقت الأفضل للتحدث، فأنا قد إشتقت لكِ كثيراً وأتوق لمعرفة أخبارك.

عاد لإحتضاني من جديد فإبتسمت لا شعورياً على طيبة قلبه وحنانه.

جيمين شخصٌ لطيف وودودٌ للغاية، وسأحاول التمسك به أكثر هذه المرة، فأنا بحاجةٍ ماسة له.

لمحت تايهيونغ الواقف على بعد أمتارٍ منا ونظراته يملؤها ذات البرود الذي ظننت بأنني لن أراه مجدداً هذه الليلة.

كان كما لو أنّ بركاناً سينفجر من رأسه في أي لحظة...لست أعلم لما، ولكن أظن انه بسبب ذاك السؤال...ربما يشعر بالغضب مني!

ولم يكد يزيح نظراته الباردة عني حتى إستدار نحو السلالم وصعد نحو غرفته بخطواتٍ تكاد تحفر الأرض أسفله!

وللتو أدركت بأن جونغكوك هنا، وذلك بعد أن نادى على تايهيونغ الذي لم يلقي له أي إهتمام ولم يجبه...يبدو أنّ مزاجه سيءٌ للغاية!

وما كان أمام الآخر سوى أن لحق به بعد أن لوح لي بإبتسامته الأرنبية المعهودة.

لم يبقى غيري انا وجيمين، وكذلك لورا التي أسرعت نحونا والتعجب يزين تفاصيل وجهها، لتسأل دون تردد:
- هل تعرفان بعضكما حقاً؟!

- أجل...نحن أصدقاءٌ منذ زمن.
أجبتها لتبتسم بدهشة قبل أن تبدأ في التصفيق بحماس.
- رائع!..انه لأمرٌ جميل أن أرى أظرف كائنيْن على وجه الأرض برفقة بعضهما البعض...آه هذا لطيفٌ حقاً!

تحدثت بنبرةٍ حالمة بينما تميل رأسها وتبوز شفتيها بلطافة.

قهقهت بخفة عندما لاحظت بريق عيني جيمين وإبتسامته الهادئة وهو يحدق بها...يبدو أنّ هناك شيءٌ ما!

إستأذنتهم وصعدت الى غرفتي وبدلت ثيابي سريعاً، وعندما خرجت سمعت صوت تايهيونغ من غرفته ويليه صوت جونغكوك، وكم شكرت الإله انه لحق به حتى يهدءه او يغير مزاجه على الأقل، لأني لا أريد العودة الى نقطة الصفر بعد كل ما قطعته!

End irene pov.

___________________________


- لما مزاجك سيء تاي؟

- ارجوك دعني وشأني.
أجابه بنفاذ صبر، فجونغكوك مثيرٌ للأعصاب حقاً!

كل ما حدث هو انه قد لحق به وبدأ يسأله ذات السؤال، وبالطبع تايهيونغ لم يكن في مزاجٍ يسمح له بمجارات طفولية الآخر المزعجة.

لذا...بدأ يستفزه بقول انه يعلم سبب تعكر مزاجه، والحجة هي انه شعر بالغيرة من جيمين لأنه احتضن ايرين.

كلامه صحيحٌ نوعا ما...لكنه ليس السبب كاملاً!

عناقها له كان القطرة التي أفاضت الكأس لا أكثر...فمزاجه سيء منذ أن طرحت عليه ذاك السؤال في السيارة.

لنقل انه لا يحبذ فكرة معرفتها لخصوصياته.

ورغم انه يحبها بالفعل، إلا أنّ هذا الأمر بالذات بات يشكل له هاجساً يمنعه من المضيِّ قُدُماً!

وكختامٍ لهذه الملحمة الدرامية المفتعلة بفضل جونغكوك، قرر تايهيونغ دخول الحمام وتركه يثرثر لوحده.

غسل وجهه ويديه بالماء البارد بعد أن شعر بأنهما تحترقان، ثم غير ثيابه الى أخرى مريحة.

خرج بعدها ليجد أنّ الآخر لا يزال أمامه...هو لن يتركه بسهولة لأنه كالعلكةِ تماماً!

أغمض عينيه وأزفر أنفاسه بنفاذ صبر ليحذره قائلاً:
- إياك والتحدث عن ذات الموضوع وإلا قتلتك!

لكن المعني بالكلام دحرج عينيه بملل وناظر الساعة قبل أن يهم بالنهوض.

- حسنا حسنا لست أهتم، هناك عشاء عملٍ علي حضوره الآن وإلا سيتم محو إسمي من كتيب العائلة...وداعاً.

- مهلا لحظة...هل أصلحت الأمور بينك وبين والدك؟!
تسائل تايهيونغ بإهتمام، لكن الآخر أجابه بعدم إكتراث
- ليس تماماً، تعلم...أفعل هذا من أجل أمي لا أكثر.

هز تايهيونغ رأسه بخيبة على عناد صديقه الذي لم يرى له مثيل، وإكتفى بالهمهمة لأنه يعلم بأن الحديث معه لن يجدي اي نفع.

_______________________


Hirey pov:~

انا الآن برفقة يونغي...

نحن ذاهبان لتناول العشاء في مطعمٍ ما...لقد أجبرته على أخذي لأنني لم أنسى وعده لي في تلك المرة.

وبما انني قد عدت الى المنزل ووجدته أمامي، ومن ثم علمت بأن لا عمل له هذه الليلة وانه سينام في المنزل، قررت ضرب عصفورين بحجرٍ واحد!

كان ليقتلني لو أنّ مزاجه سيء!
لكن ولحسن الحظ أنّ مزاجه كان جيدا، والسبب في ذلك هو أنّ مدير المستشفى منحه علاوةً على عمله الجاد وخبرته في مجاله، وهذا يعني مالاً أكثر!

على كل حال قام هو بإختيار المطعم بما انه يعيش هنا منذ زمن ويعرف جميع الأماكن، وانا لن أرفض اي مكان مادام به طعاماً، وشرط أن يكون طعاماً فاخراً كما إتفقنا، لأني أكاد أموت جوعاً!

وما إن دخلنا حتى فتحت فمي من شدة الدهشة، فالمكان يبدو راقياً وفخماً للغاية، لكنه أغلق فمي برفع فكي السفلي وحدجني بإحدى نظراته الباردة!

أقسم لكم إن كنا في المنزل لما فوتُّ ذلك، فأنا اعلم بأنه يستهزء بي، لكننا في مكانٍ عام الآن لذا هذا سيكون في صالحه لأني سأصمت وأنسى الأمر فحسب.

أخذنا طاولة لشخصين...لم أكن أعلم بأن شقيقي كريمٌ الى هذا الحد! لكنه أخبرني بأن أطلب ما أريد!

أعني...في الماضي كان يطلب لنفسه أولاً ثم يطلب لي نفس طبقه دون أن يأخذ رأيّ حتى، اما الآن!..إن كان قد جُنّ فأتمنى أن يتأزم وضعه أكثر!

أخذ النادل طلباتنا وغادر...وبما أنّ أخي كريمٌ هذه الليلة كما قلت، لم أقصر في حق كرمه أبداً.

جلسنا ننتظر النادل حتى يأتي بصمت، يونغي يعبث بهاتفه وانا أسند وجنتي على كف يدي بملل بينما أبوز شفتاي.

حدقت به وهو يعبث بهاتفه وتمعنت بتفاصيله لأجد شيئا قد أثار إنزعاجي...وها أنا ذا أتلفظ به:
- يونغي...لما بشرتك بيضاء شاحبة وانا لا؟!

وما إن سمع كلماتي التافهة حتى رفع عينيه عن هاتفه وصوبها نحوي ببرود.
- حقاً!..هل تمزحين معي؟!

ولكن يبدو اني قد جعت كثيراٌ!
- كلا انا لا أمزح، أعني انت شابٌ وانا فتاة، وفي نهاية المطاف نحن إخوة...هذا يعني اني أحق منك في إمتلاك بشرةٍ بيضاء شاحبة!

- وما شأني بهذا؟!

- شأنك انك تبدو كمصاصي الدماء، وانا من يجب أن تكون هكذا لا انت!
لست أعلم لما أتفوه بهذه التراهات، ولكن يبدو انني جائعة وبشدة!

- حقاً...إذاً فلتموتِ بحسرتكِ، لأنكِ لن تكونِ مثلي مهما فعلتِ أيتها الشمطاء!

اوه يا إلهي كم أكره هذه الإبتسامة التي يفتعلها عندما يريد إزعاجي...انها مستفزة بحق!

وفوق كل هذا ينعتني بالشمطاء!..لا توجد مشكلة أخي العزيز، انت من بدأت الحرب أولاً!

- أُفضّل أن أكون فتاةً شمطاء على أن أكون شاب شاحب البشرة يمتلك ساقين نحيلتيْن كالفتيات!

لن أصف لكم مظهره، لأنه وبالمختصر يوسع كل شيء في وجهه...حتى أنفه!

- سأتجاهل ما قلتيه الآن لأننا في مكانٍ أرقى من أن أجيبك فيه على حديثك الغبي هذا!
ولكن أقسم لكِ بأني لن أكون لطيفاً معكِ كما فعلت اليوم أبداً، ولن أنظف حمام الضيوف بعد الآن!

- اوه حقا...حسنا، لا تكن لطيفاً، ولكن لا تقل بأنك لن تنظف حمام الضيوف بعد الآن!
المنزل يخصك وانت من سينظفه شأت ام أبيت، إلا إن كنت تود جعله قذراً بدون تنظيف!

يجب أن أصمت وإلا سأخسر عشاء الليلة...على الأقل سأصمت الى أن ننتهي من تناوله وبعدها فلتقم الحرب.

- وبما انكِ شقيقتي وتمكثين معي في منزلي دون أن تشاركيني في دفع فواتير الماء والكهرباء، فأنتِ مجبرة على التنظيف وإلا فسنتقاسم تكلفة جميع الفواتير دون إستثناء!

آه ياله من وغد...لا أذكر اني هزمته في اي نقاشٍ من قبل!

دحرجت مقلتاي بملل وأغلقت فمي الى أن أحضر النادل طلبنا.

أقسم اني كدت أحتضنه عندما جلب الأطباق، لأني كنت على وشك إلتهام نفسي إن تأخر قليلا بعد!

End hirey pov.

___________________________

يمشيان على حافة الطريق بوتيرةٍ هادئة...كهدوء الليل المخيّم من حولهما.

لا يُسمع سوى صوت خطواتهما على الرصيف، ودوْي صرصار الليل بعد صمتهما لفترةٍ وجيزة.

هو يحاول إستيعاب ما تفوهت به تواً، وهي تنتظر اي رد فعلٍ قد يصدر منه...لكن الصدمة قد تملكته بالكامل!

كان لِما سمعه وقعٌ قوي على نفسه، وقبل كل شيءٍ قلبه...قلبه قد تحطم لأشلاء!

لم يصدق فكرة أنّ الجدةَ سويونغ قد رحلت!

إغرورقت عيناه بالدموع، ولم يجد ما يمنعه من البكاء.

عادت له ذكريات الماضي عندما كان طفلاً...كان يحبها أكثر من جدته حتى!

تذكر عندما كان يلعب مع ايرين قبل زمن في رمال الحديقة، ويقومون ببناء قلاعٍ وأكواخ بواسطتها...كانت الجدة تسأله دائما عن سبب حبه لهذه اللعبة تحديداً، وهو كان يخبرها بأنه يريد أن يصبح مهندسا معمارياً عندما يكبر، وقد وعدها ببناء قصرٍ جميل من أجلها أيضاً، به باحةٌ خلفيةٌ ضخمة حتى تنقل به بستان الفراولة خاصتها وتستمتع بقطفها كما تفعل دائماً.

كان قد عزم على تحقيق حلمه وهاهو ذا يكافح من أجله.

ظن انه سيتخرج ويذهب ليخبرها بأنه قد حقق حلمه وكم هو مدينٌ لها على تشجيعها المستمر له، لكنّ القدر كانت له كلمةٌ أخرى!

كفكف دموعه المتسابقة على وجنتيه ليتوقف مكانه فجأة.

شعرت ايرين بتوقفه، لتستدير نحوه فترتسم تلك الأطياف الحزينة على شفتيها في إبتسامةٍ ذابلة.

لذا أسرعت في إحتضانه متمتمةً ببعض الكلمات:
- لا عليك...جميعنا نفتقدها، ولكن لا تبكِ أرجوك،
هي ستحزن كثيراً إن رأتك بهذا الحال!

تحشرج صوتها إثر كبحها لدموعها هي الأخرى، وما كان أمامه سوى أن يلبّي رغبتها، فبكاؤه لن يعيدها على أي حال.

وسرعان ما إبتعد عن حضنها وإبتسم بذبول على حالها.

- لا تقلقِ ايرين...انا بجانبكِ دائما، ولن أترككِ مهما حدث، تذكري هذا جيداً.

- شكرا لك جيمين...لست أعلم لما ولكنني سعيدةٌ لظهورك في حياتي من جديد، فأنا بحاجةٍ ماسة لوقوفك بجانبي هذه الفترة.

- انا بجانبكِ دوما، وكذلك عائلة كيم...انهم لطفاءُ للغاية وسيلملمون جراحكِ ولن يتركوكِ أبداً...صدقيني.

إبتسمت بصدق لكلماته الملامسة للقلب، يليها لفها ليديها حول يده متشبثةً بها.

جرّته خلفها بسعادة وسط قهقهاته الخفيفة على طفوليتها، ورغم انها تكبره بسنة، إلا انها تبدو كالطفلة عندما تكون معه...وهو لطالما جعلها تكون بمثابة شقيقته الكبرى التي تساعده في كل شيء.

علاقتهما لطيفة...كما قالت لورا.

______________________________

منذ جلوسه وهو يوزع إبتساماته المجاملة لأولئك الضيوف بينما ينظر الى الوقت في ساعة يده بين الفينة والأخرى.

تملكه الملل والضجر من أحاديثهم المتمحورة عن العمل والمستثمرين فقط، فمنذ مجيئهم وهم يتحدثون عن ذات الأمر!

بصدق...ألا يمل والده وشقيقه من هذه المواضيع!
هذا كل ما دار في عقله حينها.

تنحنح قليلاً ليضع شوكته وسكينه ويلتقط كأس الماء متجرعاً منه القليل، فقد جف حلقه بدلاً عنهم من كثرة حديثهم، كما وقد شعر بالشبع سريعاً على غير العادة.

أخذ المنديل ومسح ثغره، ثم جال بناظريه أرجاء المكان...علّه يمضي الوقت بشكلٍ أسرع.

وفجأة...توسعت عيناه بدهشة، لكنه ضيقهما سريعاً حتى يتسنى له الرؤية بشكلٍ أفضل...او لنقل حتى يستوعب عقله ما تراه عيناه للتو!

وسرعان ما إستأذنهم بحجة الذهاب الى الحمام ليغادر المكان وبركانه يغلي حِمماً ونيراناً!

توقف أمام تلك الطاولة بينما يقبض كفيه بغضب.
- هيري...من هو هذا الشاب؟!

اما هي فقد بصقت العصير من فمها بعد سماعها لصوته، وفتحت عيناها على مصرعيهما، لتتأتأ بذعر:
- جو...جونغكوك! مالذي تفعله هنا؟!

- قلت لكِ من يكون هذا؟!
نطق بنفاذ صبر بينما يشير نحو يونغي بسبابته والذي كان يناظره ويناظر شقيقته بعدم فهم.

- انه...

- وما شأنك؟! أخبرني من تكون انت أولاً!
قاطعها شقيقها وقد بدى عليه الإستنكار من عقدة حاجبيه، فإبتسم جونغكوك بسخرية وأجاب:
- لم أسألك انت...ألا ترى بأني أخاطبها هي!

هل إسمك هيري مثلاً؟!

- إسمع يا هذا، لا تُثِر أعصابي وأغرب عن وجهي حالاً!

إرتعدت أوصالها من ما تفوه به شقيقها تواً، هي تعلم بأنه عصبي وقد يفعل شيئاً لن يعجب الآخر بتاتاً!

كان عليها التدخل بسرعة، إلا أنّ القط قد أكل لسانها بالفعل وقد نسيت كيفية إخراج الحروف بشكلٍ سليم!

- ما رأيك أن تغرب انت عن وجهي وإلا قتلتك!
ويبدو أنّ جونغكوك قد فقد أعصابه هو الآخر، فهو قد أمسك يونغي من ياقته وسحبه للوقوف وعيناه لا تنذر بشيءٍ سوى الدمار!

وكرد فعلٍ سريعٍ منها أن وقفت محاولةً حل النزاع، إلا أنّ يونغي قد لكمه ليرديه طريح الأرض، وتزامناً مع وقوعه خرجت شهقةٌ مصدومة من فاهها مصحوبةً بوضعها ليدها عليه...الأمر بدأ يخرج عن السيطرة وهي لا تعرف ما ستفعل!

بدت من نظرات جونغكوك الصدمة وهو يمسك طرف شفته الذي تشكل عليه جرحٌ صغير ببعض الدماء...وكل ذلك تحت تحديقات الناس المتعجبة من حولهم.

اما يونغي فأنفاسه الغاضبة والمسموعة كانت كفيلة بشرح كمية الأدرينالين المتدفقة داخل عروقه!

ولكن الآخر لن يسكت عن حقه، فقد إستقام ولكم شقيقها بثوران، وكاد يعتليه ليكمل ضربه إلا انها قد دفعته ووقفت في وجهه لتصرخ عليه بغضب:
- أبتعد عن شقيقي أيها الوغد!

- مـ...ماذا؟! شقـ...شقيقكِ!
أطلق حروفه بصدمةٍ عارمة.

وقفت هي من جديد ودفعته من صدره بعيداً عن طريقها وعيناها تطلق شرراً ونيراناً.
- انت تدمر حياتي!
فقط إبتعد عني ولا تقحم نفسك فيما لا يعنيك مجددا، لأنك وببساطة تفسد كل شيء!

إختتمت كلماتها التي إرتدّت في أرجاء المطعم بمساعدة شقيقها على الوقوف يليها مغادرتهما المكان، تاركةً إياه يحدق في الفراغ بشروذ دون أي تعبيرٍ يذكر...فقط الصدمة!

وما أفاقه هو سحب شقيقه له ليرفع بصره فتقابله نظرات والده المنذرة بالوعيد!

فقد إفتعل شغباً في مكانٍ كهذا وأمام ضيوفه أيضاً.

لم يعرف ما سيفعله الآن سوى انه قد طأطأ رأسه دون أي تبريرٍ قد ينقذه من الكارثة التي حلت على رأسه تواً.

وقد كان آخر ما رآه قبل أن تصوب عيناه نحو الأرض هو نظرات شقيقه المعاتبة والمستائة، وسرعان ما تركوا المكان وسط تحديقات الناس المستفهمة.

عقله لا يفكر إلا في والدته المسكينة، والتي ظنت انه سيصلح كل شيء الليلة وسيعود الى القصر بعد طول غياب.

_______________________

- دعيني وشأني الآن ولتخبريني من يكون ذاك الوغد!
صرخ يونغي بحدة حتى كادت أوداجه تتقطّع، فإرتعدت أوصال شقيقته من هيجانه المخيف...مالذي ستقوله له!

هل ستخبره بأنه زير نساءٍ ويلاحقها منذ شهرٍ ونصف ويدّعي بأنه يحبها!

- لا أعرفه.
تحدثت بهدوءٍ عكس الثوران الذي بداخلها مدعيةً عدم الإهتمام، ليبتسم شقيقها بسخرية معاوداً زجرها بحدة:
- هل تمزحين معي؟! ام انكِ ترينني غبياً لتنطليَ علي كذبتكِ هذه! إن كنتِ لا تعرفينه كما تدّعين، فمن أين سيعرف إسمك ولما سيتدخل في ما لا يعنيه بهذا الشكل!

أغمضت عينيها بنفاذ صبر محاولةً تهدئة نفسها، لتقول من جديد:
- انه صديق أحد أبناء مدير الشركة التي أعمل بها، وكل ما في الأمر اني إلتقيت به أكثر من مرةٍ عن محض الصدفة لا أكثر...ومن بعدها بدأ يلاحقني.
صدقني لا يوجد بيننا اي شيء عدى علاقةٍ سطحيةٍ جداً، كما ولا اعرف عنه اي شيءٍ عدى إسمه...لذا لا تقلق.

- إذاً لما كان يسألك عن من أكون؟

- لأنه لا يعلم بأنك شقيقي.
أجابت ببساطة حتى يصمت، وقد فعل ذلك بعد أن رمقها بنظرةٍ قاتلة وإنطلق بالسيارة متبعداً عن المكان الذي بدأت الصحافة تملؤه...فقد وجدوا شيئاً ساخناً ليتحدثوا عنه وأخيراً.

_____________________________

عقارب الساعة تشير الى العاشرةِ مساءً، وهي لم تعد بعد!

تملكه القلق عليها...

فقد كان يعلم انها خرجت رفقة جيمين بفضل مراقبته لها عند مغادرتها.

وهاهو ذا يجلس في شرفته منتظراً اي إتصالٍ من تايمين يخبره فيه انها قد عادت بسلام، فقد أقسم على إنتظارها حتى لو سهر الليل بطوله!

اما بالنسبة لها، فهي الآن عائدةٌ الى المنزل...تمشي بخطواتٍ هادئة وتدندن بألحانٍ عشوائية، الى أن رنّ هاتفها فجأة!

عقدت حاجبيها بإستنكار للرقم المتصل...انه رقمٌ غريب!

لكنها أجابت على الرغم من ذلك، فلربما يكون تايهيونغ لأنها لم تأخذ رقمه بعد، وإن كان هو فسيقتلها إن لم تجب، لذا فتحت الخط بسرعة.

- مرحباً.

- مرحباً أيتها الآنسة.

لم يكن صوت تايهيونغ...بل كان صوتاً آخر، صوتاً مؤلوفاً الى حدٍ ما!

قلّصت المسافة بين حاجبيها ونطقت بتساؤل:
- المعذرة...من معي؟!

- هوّني عليكِ!..ألا يجب أن تعرِّفي عن نفسكِ أولاً؟! ثم سأخبركِ من أكون.

نبرته كانت لا توحي بشيءٍ عدى انه شخصٌ لا يجب أن تثق به أبداً!
- يبدو انك قد أخطأت الرقم يا سيد.

- كلا...انتِ هي ايرين، وانا أعرفكِ جيداً...أكثر من نفسكِ حتى، لذا لا تراوغي!

شعرت بالخوف ينهش جسدها بالكامل، لتبدأ بالإلتفات في جميع الإتجاهات بملامح مذعورة!

كما وحاولت جعل نبرتها متزنةً رغم إرتعابها من ما يحصل، وقد نجحت في ذلك.
- من تكون؟

أطلق ضحكةً خفيفة، ليليها الجواب الذي كاد يفقدها صوابها:
- انا هو أسوأ كوابيسكِ يا جميلة.

- ولكن...
وقبل أن تنهي كلامها أغلق الخط في وجهها.

أبعدت الهاتف عن أذنها وحدقت به متعجبةً من كلام هذا المجهول!

لن تنكر أنّ هالة الرعب والتوتر قد أحاطت بها من كل جانب، لذا سرّعت من وتيرة مشيها والتي سرعان ما تحوّلت الى هرولة.

وما زاد الأمر سوءً هو إمتلاء هذا الحي بالأزقة والشوارع الفرعية...الميزة الوحيدة به هو انه منارٌ بالكامل عكس بقية الأحياء بما انه للعائلات الثرية.

وطوال الطريق وهي تحدق حولها الى أن خرج أحدهم من العدم!

- ايرين!

شهقت برعبٍ ووضعت يداً على قلبها والأخرى على ثغرها مانعةً صرختها من الخروج...ولم يكن سوى جين!

تنفست الصعداء، وأغمضت عينيها بينما ساقاها لا تقويان على حملها.
- آه لقد أخفتني!

- حقا! لم أجدكِ في المنزل، وعندما سألت لورا أخبرتني بأنك قد خرجتي مع جيمين...لست أعلم، أظنها قالت أنّ جيمين صديقٌ قديمٌ لكِ وإلتقيت به صدفةً في منزلنا، على اي حال...شعرت بتأخركِ في العودة لذا قررت الخروج للبحث عنكِ انا وهولي.

بصدق..هي لم تلحظ وجود هولي أبداً بفضل ما عاشته من خوفٍ قبل لحظات!

إبتسمت له بخفة محاولةً إخفاء ذعرها من ذاك الإتصال الغريب، فهي لا تريد إقحام أي شخصٍ في مثل هذه الأمور.

- شكرا لك.

شكرت الإله على ظهور جين في هذا الوقت، على الأقل لن تشعر بالوحدة وسيؤنسها وجوده بقربها.


________________________

إنها العاشرة والنصف!...وهي لم تعد بعد!

حمل هاتفه والقلق ينهشه حتى يتصل بتايمين.

- ألم تعد بعد؟!

- كلا سيدي.

أغلق الخط وأطلق تنهيدةً قلقة، ثم دعك ذقنه بينما يفكر، وأخيراً توصل لما سيفعل.

حيث إستقام وأخذ معطفه وهاتفه ليخرج بسرعة على أمل أن يبحث عنها هو وتايمين.

لكنه وما إن وصل الى الحديقة حتى رآها تدخل برفقة شقيقه، فكانت تلك لحظة تحطم كيانه إلى أشلاء!

راودته أحاسيسٌ مبعثرة، وممتزجة بين الخيبة والغضب والإنكسار.

إرتخى كتفاه وتوقف مكانه محدقاً بهما وهما يقهقهان ويبدو عليهما الإنسجام التام، وسرعان ما عاد أدراجه دون أن يلحظه أيٌّ منهما.

دخل غرفته ورمي معطفه بعشوائية ليرده إتصالٌ ما...ولم يكن سوى تايمين.

- سيدي، لقد عادت.

- حسناً شكرا لك...يمكنك الذهاب الى غرفتك إن أردت، عِمت مساءً.

- ولك أيضاً سيدي، شكراً.

أغلق الهاتف ورماه على فراشه، ليرمي بنفسه أيضاً عليه.

أغمض عينيه يهدأ من هيجان قلبه مع كل هذه المشاعر المبعثرة...الى أن غلبه النوم.

__________________________


Eunha pov :~

كنت أجلس بسلام قرب والدي الذي يشاهد قنوات الأخبار بينما أتناول الفوشار وأعبث بهاتفي، الى أن غادر هو الى النوم لأبقى بمفردي.

تركت هاتفي بعد أن شعرت بالملل منه، ونقلت عيناي الى التلفاز.

شدّني خبرٌ ما، لأضيق عيناي حتى أستوعب ما تم قوله للتو...هل يتحدثون عن جونغكوك؟!

اجل اجل، مكتوبٌ جيون جونغكوك ابن صاحب سلسلة جيون للعقارات واكبر الفنادق السياحية في كوريا يتهجم على شابٍ ما ويفتعل شغباً!

اللعنة على هذا المعتوه!..مالذي فعله بحق الجحيم؟!

حملت هاتفي الذي رميته قبل قليل حتى كاد يطير من يدي، لأتصل به فوراً.

أجب أجب أجب أيها الأحمق!

آه، لقد فتح الخط أخيراً.

- مالذي فعلته ايها الأحمق؟!

- أرجوكِ إيونها انا لست في مزاج يسمح لي بسماع شتمك!

يا إلهي، يبدو عليه التعب والهم من صوته...ترى مالذي حدث؟!

- حسنا حسنا...إهدأ وأخبرني بكل ما جرى، لأن إسمك يملأ قنوات الأخبار!

- اللعنة عليهم...وجدوا وأخيرا شيئاً ليلتهوا به ويضخموه!

- هل ستتحدث ام سآتي إليك وأقتلك!
نفذ صبري!..انا أكاد أفقد صوابي وهو يتلاعب بأعصابي!

- لقد حدث سوء فهمٍ بيني وبين شابٍ ما، وكل ما حدث هو انه لكمني لكمةً واحدة وانا رددتها له...لست أعلم لِما يضخّم الصحفيون الأمر بهذا الشكل!

- ولما تشاجرت معه؟

- إسمعي إيونها...لن أستطيع شرح كل ما حدث بالتفصيل عبر الهاتف، ما رأيكِ أن نلتقي غداً مساءً لنتحدث؟

- حسناً...عمت مساءً.

- وانتِ أيضاً.

لا يبدو انه بخير...انا اعرفه جيداً، أتمنى أن لا يكون أمراً معقداً.

End eunha pov.

__________________________

في صباح اليوم التالي...

إقتحم هوسوك غرفة الإجتماعات وهو يلهث، ولا يبدو بأن خيراً قد حصل، ليفزع من ذلك كل الحاضرين!

- ماذا هناك هوسوك؟!
تسائل السيد كيم بقلق، فأجابه الآخر وهو يجابه لإلتقاط أنفاسه:
- التصاميم...سيدي التصاميم قد سرقت!

- ماذا!
نطق بها جميع الحاضرين بما في ذلك السيد كيم وأبنيْه اللذان كادا يفقدان صوابهما!

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- فهم تايهيونغ لمشاعره تجاه ايرين؟

- جيمين يلي فشلتكم وطلع هو نفسه يلي بتعرفه😂؟

- الشخص المجهول؟

- جونغكوك والبلبلة يلي سواها؟

- تايهيونغ المسكين وقلبه المكسور؟ (أعطوه كلمات مشجعة)

- قبول ايرين للعمل مع تايهيونغ؟ وهل رح يكون لهاد الشي تأثير؟

- جيمين وشخصيته الحلوة والحنونة مثله؟

- المومنت الأخير ويلي رح يخليكم تتشوطوا على نار هادية😂؟

- توقعاتكم للجاي؟

بالمناسبة هاد أطول بارت بنزله لحد الآن، أكثر من 8000 كلمة.

بتمنى يكون عجبكم ونال إستحسانكم🖤

سو حابة أشكركم كتير على 2K مشاهدة😍

وهلاّ أعتقد أنّ هاد كل شي...أتحفوني وحرروا المحقق كونان يلي جواتكم😎😂

أشوفكم بخير...


See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top