16~مَشَاعِرْ مُبَعْثَرَةْ!

قراءة ممتعة🤎

﴿إنَّ فِي كُلِّ إِمْرَأَةٍ شَيْئاً خَاصًّا شَائِقاً لَا يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ فِي إِمْرَأَةٍ أُخْرَى...وَإِنَّمَا الْمُهِمْ أَنْ يَسْتَطِيعَ الْمَرْءُ إِكْتِشَافَهْ﴾

- دوستويفسكي.


●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

خرجتْ ايرين من مكتب السيد كيم وأغلفت الباب خلفها، ثم وقفت لوهلة تفكر فيما قاله، لتبتسم بخفة على جملة 'يمكنكِ إعتباري بمثابة أبٍ لكِ إن أردتِ'، وكذلك جملة ' انتِ جزءٌ لا يتجزء في هذه العائلة منذ الآن'.

شعرت بالأمان لكلماته التي جعلت قلبها يستكين ويطمأن...هي وأخيراً ستجرب شعور أن يكون لها أب وعائلة كاملة تحبها، وانها ليست وحيدة بعد الآن.

رغم انها ستجد صعوبةً في التأقلم بالبداية، لكنها ستعتاد الأمر فيما بعد، خصوصاَ وأنهم لطفاء جميعاً.

تذكرت تايهيونغ أيضاً، لكنها شعرت بالتوتر فوراً!

هي لم تنسى تهديده من تلك الليلة ،وكذلك أول لقاءٍ لهما!..لذا الإدعاء بالغباء ونسيان الأمر سيكون الحل الأمثل عندما تقابله، على الأقل الى أن يعتاد عليها وعلى وجودها حولهم.

- ايرين...مالذي تفعلينه هنا؟ ظننتكِ نائمة؟!
أفاقها سؤال لورا من شروذها، وما كادت تجيبها حتى قاطعتها الأخرى بنبرةٍ حماسية مفاجئة:
- اوه ايريناه...مارأيكِ بالنوم في غرفتي؟ سنقضي وقتاً ممتعاً!
إقترحت عليها الامر، لتهز الأخرى رأسها بالموافقة ضاحكةً على حماسها المفرط، وفور أن وافقت ايرين على عرضها جرتها من يدها وذهبت بها لغرفتها.

- تادا...هذه هي غرفتي.

نقلت ايرين نظراتها في أرجاء الغرفة بإعجاب، لتقهقه على التي إتخذت من سريرها مهبطاً لطيرانها.

- إنها جميلة.

إستقامت لورا بعد أن كانت مستلقية بعشوائية، وإتجهت صوب خزانتها لتخرج لنفسها ثياب النوم بينما تتحدث بسعادة:
- فلنغير ثيابنا أولاً...خذي إرتدي هذه ريثما أجد منامتي.

رمت بتلك القطعة نحو ايرين، والتي إعتراها التعجب!

كانت منامةً وردية اللون وعلى شكل قطعةٍ واحدة متصلة، بها قبعة يزينها أذني أرنب لطيفة.

علت شفتيها إبتسامة طفيفة لطفولية الأخرى...أعني من يمتلك مناماتٍ كهذه في مثل عمرها!

- شكرا لكِ، لا يوجد داعٍ، فأنا قد جلبت ملابسي بالفعل!
وأخيرا ظهر صوتها الذي لم تسمعه الأخرى، او لنقل انها لم تلقي له بالاً بفضل صراخها السعيد عندما وجدت مبتغاها:
- وجدتها!

كانت منامة أخرى وبنفس الشكل، غير أنّ لونها أبيض ولها أذني قطة!

أغلقت خزانتها، ودفعت ايرين نحو الحمام بينما تثرثر:
- إرتديها وإفعلي ما تريدينه، ثم تعالي لندردش سوياً...انا أحب إرتداء هذه المنامة عندما يبيت أي أحدٌ برفقتي، كما وأعطيه واحدةً مثلها، يمكنكِ القول انها طقوسي الخاصة.

وإجابة ايرين لها تلخصت في ضحكة خفيفة أظهرت مدى جمالها .

خرجت بعد مدة وهي ترتدي تلك المنامة التي جعلت منها كتلة لطافة بأذني الارنب تلك، وبذاك اللون الزهري الذي عكس أطيافه الهادئة على بشرتها الحليبية ليجعلها تبدو كطفلةٍ في العاشرة!

حدقت بالمتربعة فوق السرير وبنفسها في المرآة، لتضحك على شكليهما.

- نبدو كطفلتين لطيفتين!

أبرزت لورا أسنانها بإبتسامتها المعهودة رافعةً إبهامها كنوعٍ من إعطاء الرأي.
- أجل...تبدو جميلةً عليكِ.

ومن ثم إعتدلت بجلوسها مفسحةً للواقفة مكاناً بقربها.
- تعالي وإجلسي.

إقتربت ايرين وجلست، ولكن كالعادة، لورا هي أول من يبادر بالحديث:
- انها تليق بكِ أكثر من مينا، انها صديقتي بالمناسبة، ولكن جين يبدو أجمل منكما عندما يرتديها!

إنفجرت ضاحكةً لتذكرها تلك الايام المليئة بالمناظر المزرية!

عقدت ايرين حاجبيها بينما إعتلتها نظرة إستفهام ممزوجة بشبح إبتسامة لتخمينها مقصد الأخرى.
- هل...هل تعنين أنّ جين قد إرتداها أيضاً؟!

هزّت لورا رأسها مِراراً ودموعها تنهمر من شدة الضحك، فأطلقت ايرين العنان لنفسها وبدأت تضحك بشدة، تخيلت شكله وكم سيكون لطيفاً بها.

وفي هذه الأثناء خرج تايهيونغ من غرفته ليشرب بعض الماء، وقد سمع صوت ضحكٍ صاخب ما إن مرّ من أمام غرفة شقيقته، فجعد حاجبيه وتمتم بتعجب:
- ما بها هذه؟!..هل جُنّ جنونها أم ماذا؟!

دنى نحو الباب ليسترق السمع، فصوت الضحك ليس بمزحة!

وإن كانت شقيقته هي من تضحك بهذا الشكل ولوحدها أيضاً، فهو سيتأكد من انها مختلةٌ وبإمتياز!

وما إن دقق في الصوت أكثر حتى وجد انه لا يخص لورا بمفردها...بل ايرين كذلك!

إذ زاد من عقدة حاجبيه، وخاطب نفسه بتساؤل:
- هل هي معها يا ترى؟!..ولكن لما تضحكان بهذا الشكل؟!

هز كتفيه بلامبالاة ليتحرك نحو الدرج، وما لبث حتى توقف وجحظ عينيه بصدمة!

- هما فتاتان...ومعاً في ذات الغرفة...وتتحدثانِ أيضاً!
وشقيقتي ثرثارة!..هل ستخبرها تلك الغبية عن الأمر يا ترى؟! أنا لا أثق بها! آه اللعنة عليكِ لورا سأقتلكِ!

وبالعودة لهما، وبعد جولةٍ لا بأس بها من الضحك كالمجانين، وضعت ايرين يدها على صدرها لتدخل الهواء لرأتيها، وباليد الاخرى مسحت دموع ضحكها، لتسأل التي كادت تفقد وعيها وهي مرتميةٌ بعشوائية:
- ولكن كيف حدث هذا؟!..أعني لما إرتداها؟

أخذت لورا نفساً عميقاً قبل أن تنهض وتتربع من جديد، لتجيب بكل بساطة، وقد أقسمت بأنها ستنفجر في أي لحظةٍ من الضحك:
- حينما تأتي عواصف رعدية قوية أخاف بشدة!
ولا أستطيع النوم وفي بعض الأحيان أبكي...أمي وأبي يقولان لي بأنني مدللة وطفولية، ولكنني أخاف حقاً! على كلٍ...كان جين ملاذي الوحيد آنذاك،
كنت ألجأ إليه لأحتمي، وقد كان ينام معي حتى لا أرتعب، ويظل يربت علي ويدندن لي بتهويداتٍ حتى أنام، انا لا أحب النوم في غرفته، لهذا أجبره على النوم في غرفتي، وكما أخبرتكِ سابقاً أنّ طقوسي تقتضي عليه إرتداء هذه المنامة، لذا أجبرته على إرتدائها، وفوق كل هذا منظره!...آه يا إلهي منظره كان مزرياً! لقد كانت قصيرة على ذراعيه وساقيه الطويلتين...لكن على الرغم من كل هذا هو إرتداها من أجلي، آه كم كان لطيفاً حينها!

قهقهت ايرين على شكل لورا وهي تضم يديها وتتحدث بنبرةٍ حالمة آخر حديثها.

- علاقتكما لطيفةٌ حقاً.

- أجل...جين حنونٌ للغاية.

وسرعان ما حدقتا ببعضهما فجأة بعد أن تم فتح الباب على مصرعيه، ليتضح انه تايهيونغ لا غير، وذلك تزامناً مع إنهاء لورا لكلماتها...كان شكله مبعثراً ويحدق بفزع!

تبادلتا النظرات لوهلة، ثم أعادتا النظر إليه بتعجب، لتنطق لورا بإستغراب:
- ما بك؟! مالذي تريده؟!

أما ايرين فقد إلتزمت الصمت وإبعدت حدقتيها عنه تدريجياً تفادياً للإحراج.

لكنه لم يجبها بل أشار لها بعينيه نحو ايرين التي كانت تصرف بصرها عنهما!

نظرته كانت محذرة، فرفعت لورا يدها بمعنى لا تقلق كل شيءٍ على ما يرام.

شعرت ايرين بالغرابة من صمته؛ فإختلست النظر إليه
لتجده يحدق بهما بإبتسامة خفيفة...ولم يكن إلا لمظهرهما اللطيف.

- حسنا حسنا، نعلم بأننا نبدو لطيفتين!
قطعت لورا الصمت الغريب عندما رأت إبتسامته متحدثةً بنبرةٍ متفاخرة.

وما إن سمع كلماتها حتى تدارك نفسه، ليتلبس البرود ملامحه مدعياً عدم الإهتمام، وتحدث بجمود:
- لا يهم...فقط أخفضا صوتكما لأني أريد النوم.
ولم تكن كلماته تلك سوى حجةً ليظهر بها انه غير مهتم أبداً، ولكن على من يكذب؟! هو لا يفكر بالنوم حتى!

- حقاً!..غرفتك بعيدةٌ كفاية حتى لا تسمع صوت ضحكنا! ثم هل نسيت أنّ غداً عطلةٌ أيضاً، يمكنك النوم حتى الظهيرة إن أردت!
تحاذقت عليه شقيقته بنظرةٍ جانبية، ليرفع حاجبه الأيسر برفقة نظرةٍ ثاقبة قبل أن يرد على تحاذقها بما يردعه:
- صوتكما مرتفعٌ جداً، وإلا لما كنت لآتي!
ثم انت تعلمين انني لا أحب النوم لوقتٍ متأخر حتى وإن كان يوم عطلة!
وهاهو ذا يكذب من جديد ولكن فيما يخص العبارة الأولى فقط.

قلبت شقيقته مقلتيها بملل لتلوح بيدها دلالةً على عدم إهتمامها.
- حسنا حسنا، فقط إذهب!

ناظرها بتفاجؤ لتمردها الغير معتاد، فشعرت بنظراته وإبتسمت كالبلهاء متجهةً نحوه:
- لا تنزعج، كنت أمزح فقط! يمكنك البقاء إن أردت وكذلك النوم معنا...لا تقلق، لدي منامةٌ أخرى تشبههم.
مدّت شفتيها بغية تقبيله بينما تتشبث برقبته وعيناها مغمضتان، ليشزرها بنظرةٍ منزعجة قبل أن يضع كف يده على وجهها مبعداً إياها عنه، ثم غادر بعد ذلك.

أطلقت ايرين ضحكتها التي أمسكتها بوجوده على طريقة شجارهما وغرابة تصرفاتهما، وما لبث أن سألت:
- هل غداً عطلةٌ حقاً؟! نحن نداوم به في العادة!

- اجل إنها عطلةٌ حكومية بمناسبة اليوم العالمي للموظفين.

همهمت بينما تبوز شفتيها لتتذكر منظرهما قبل قليل، فعادت الى الضحك من جديد.

- لِما تضحكين؟
سألتها لورا مع نظراتٍ متعجبة، لتجيبها الأخرى وسط ضحكاتها:
- منظركما كان مضحكاً وأنتما تتشاجران، خصوصاً عندما أبعدكِ عنه بتلك للطريقة!

إبتسمت لورا بدورها وعلّقت:
- أجل...صحيحٌ انه لا يشبه جين كثيراً، لكنه لطيفٌ أيضاً، الفرق الوحيد بينهما هو أنّ تايهيونغ مزاجيٌ بعض الشيء وأكثر هدوءً من ذاك المخبول.

رفعت ايرين حاجبيها بتعجب من كلام الأخرى، فقالت بنبرة تشوبها الدهشة:
- حقاً!..كنت أظنه بارد ومخيف! آسفة لقول هذا، ولكن هذا هو ما تجسده شخصيته للجميع!

وما كان من لورا سوى أن همهمت بخفة ثم نفت مبتسمة.
- كلا لا تعتذري، فكلامكِ صحيح، هو ليس بارداً ومخيفاً كما يبدو، ولكن الجميع يظنه كذلك رغم انه لطيفٌ في الواقع وهشٌ للغاية...صدقيني، لا تحكمِ عليه من أول نظرة، لأنه عكس ما تتخيلين تماماً، وسترين هذا مع مرور الوقت!

إستمعت ايرين بإمعان، وذلك لم يمنعها من إظهار تفاجؤها بهذه الحقيقة.

ربما هو يتصرف بهذا الهدوء خارج نطاق المنزل حتى يكسب إحترام الجميع رغم انه مهذبٌ للغاية في جميع الحالات وهي بنفسها تشهد لهذا.


_______________________

في صباح اليوم التالي، وفي منزل عائلة السيد كيم...البعض نائم والبعض الآخر مستيقظ.

وبالطبع ايرين و لورا ضمن فريق النوم!

دخلت السيدة شين الغرفة، وفتحت الستائر والنافذة، لتوقظ اللتان تغطان في نومٍ عميق.
- آنسة لورا...آنسة ايرين، إستيقظا لتناول الإفطار رفقة الجميع، فهم بإنتظاركم.

إستفاقت ايرين فوراً لتلقي تحية الصباح عليها وتهم بالدخول الى الحمام، فهي لا تريد التأخر عليهم او أن ينتظروها حد الانزعاج.

لكنها تركت السيدة شين وهي تحاول إيقاظ تلك الميتة!

إنتهت بعد مدة وخرجت من الحمام لتجدها على ذات الحال، ولكن لورا قد بدأت تصغي لما حولها وتميزه، وهذا أمرٌ جيد لأن وضعها كان ميؤوسٌ منه.

وقبل أن تغادر الغرفة سألت السيدة شين بلطف:
- المعذرة سيدتي...لقد نسيت مكان غرفتي، هل يمكنكِ أن تدليني عليها؟

- آه بالطبع...ستجدينها في آخر الرواق على يمينك.

شكرتها وخرجت للبحث عنها...معها حق، فالقصر كبير وغرفه كثيرة ومتشابهة أيضاً!

وفي طريقها إلتقت بجين، بدى وسيماً ونمط ثيابه مختلفٌ كلياً!

حيث كان يرتدي ثياباً مريحة تليق بأجواء العطلة، ومتمثلةٌ في قميص قطني لونه أزرق فاتح وبنطال أسود مريح.

- صباح الخير ايريناه.
إبتسم ما إن رآها وحياها ببشاشة، فردت له الابتسامة ولوحت له بخفة.

- صباح الخير جين.

وسرعان ما وضع يده على ثغره مقهقها على ما ترتديه.
- منامة المبيت عند لورا! هل أجبرتكِ على إرتدائها انتِ أيضاً؟!

قهقهت على تعليقه بخفة، لتهز رأسها بنعم.

- تبدين لطيفةً بها، كأرنوبةٍ صغيرة ربما..!
شد وجنتيها بلطف بينما يرسم إبتسامة متسعة...معه حق، هي تبدو كذلك بأذني الأرنب تلك وحجمها الصغير.

فتوردت وجنتاها لمديحه وأنزلت رأسها بخجل.
- شكراً لك.

- العفو...أسرعي وإنزلي لأسفل، فنحن بإنتظارك.
خاطبها بينما ينزل الدرج ملوحاً لها بنشاط، فهمهمت له مبتسمة.

___________________________

- صباح الخير جميعاً.
كان ذلك جين الذي نزل للتو الى الحديقة.

اجل...إنهم يتناول الإفطار يوم العطلة في الحديقة، خصوصاً وأنّ الطقس جميل مع منظر الحديقة الخلاب.

وبالطبع المتواجدون حول الطاولة هم والديه وتايهيونغ، والذي من عاداته الإستيقاظ باكراً، لذا كان أول الحاضرين رغم عدم نومه جيداً ليلة البارحة من فرط التفكير!

جلس جين بجانب شقيقه، ليسأله والده:
- أين ايرين ولورا؟

- ستأتيان بعد قليل.
أجابه بينما يأخذ قطعةً من الخبز المحمص.

- تايهيونغ...هل تأكدت من إستلام حاوية الأحذية والإكسسوارات عبر الميناء؟
سأله والده، ليرفع عيناه نحوه بعد أن كان منغمساً في تناول طعامه بهدوء.

-أجل، لقد بعثت لهم بالبريد الإلكتروني، وقد أكدوا لي الأمر، وللضمان إتصلت بصاحب الميناء وأعطيته إسم الحاوية ليتأكد من وصولها ولازلت أنتظر رده.

هز والده رأسه مهمهماً وأضاف:
- جيد...عندما يصلك الرد أخبر جين ليذهب ويستلمها.

همهم له وعاد لتناول إفطاره بتأني.

- لما هذه الأحذية والإكسسوارات؟!
تسائلت السيدة ريونغ بحيرة فأجابها زوجها:
- إنها من أجل المهرجان، فكما تعلمين موعده قد إقترب.

وما إن أنهى حديثه حتى شعر بيدين تلتف حوله في عناقٍ خلفي.

كانت لورا هي الفاعلة، حيث قبّلت وجنته وقالت:
- صباح الخير يا وسيم.

قهقهوا عليها بما في ذلك والدها، لتتجه بعد ذلك وتقبل كل الجالسين كالطفلة، وما لبث أن سمعوا صوتاً آخر من خلفها.

- صباح الخير.
ولم تكن سوى ايرين بنبرتها الخجولة بينما تمشي خلف لورا، إلا أنّ الأخيرة كانت تركض عكس وتيرة مشيها هي الهادئة.

حوّل الجميع أعينهم نحوها بإبتسامة طفيفة بينما تلقي التحية عليهم بخجل.

- عزيزتي...تعالي وإجلسي.
ربتت السيدة ريونغ على الكرسي بجانبها، لتأتي إليه بخطواتها الهادئة وتجلس.

ومنذ مجيئها والمكان من حولها لم يخلو من الضحك والحديث عن أمورٍ عدة.

وبينما الجميع منسجم في الحديث، مدّت ايرين يدها لإلتقاط آخر حبة فراولة في الصحن، ثم أكلتها على الفور، فحدجها تايهيونغ بإنزعاج لأنه كان ينوي أخذها قبلها...لكنها سبقته!

لاحظت نظرته تلك لتشعر بالتوتر منه، لكنها تجاهلته كما خططت مسبقاً وإدعت الغباء...ثم ما ذنبهما إن كان كليهما يحب الفراولة وبشدة!

- حسناً، هناك شيءٌ هام أودّ قوله الآن، لذا أصغوا إليّ جميعاً.
تحدث السيد كيم ليقطع تفكير ايرين حول جدتها والتي تذكرتها ما إن إستشعرت طعم الفراولة داخل ثغرها لينتابها بعض الحزن حولها.

حدق الجميع نحوه بإنتباه والفضول يغلّف نظراتهم لمعرفة ما سيقول، اما هي فشعرت بالتوتر والإرتباك خوفاً من رد فعلهم خصوصاً هو!

أخذ السيد كيم منديله ومسح ثغره برقيٍّ تام قبل أن يستطرد قائلاً بجدية:
- لقد إتخذتُ قراراً، وذاك بعد أن ناقشته مع ايرين بالطبع بما أنه يخصها في النهاية.

صمت لهنيهات ثم أكمل حديثه:
من الآن فصاعداً هي جزءٌ من هذه العائلة، وستنتقل للعيش معنا إبتداءً من اليوم.

ناظرت ايرين الجميع بخوف، لكنه تلاشى ما إن لاحظت تعابيرهم الفرحة بالإضافة الى إبتساماتهم التي تكاد تشق وجوههم بإستثناء ذاك الذي بصق العصير من فمه!

حدقت نحوه بغرابة مع إمالة خفيفة برأسها، بينما هو يوسع عيناه المصوبة نحو أبيه بصدمة.

- هذا رائع!
صرخت لورا بحماس وسعادتها لا تكاد تسع المكان، فإبتسمت ايرين فرحة على حماسها، لتمسك السيدة ريونغ بكفها وتنطق بإبتسامة لطيفة:

- وأخيراً ستصبح لي إبنةٌ أخرى.

- اجل اجل وشقيقةٌ تكبرني وتشاركني كل شيء.
أضافت لورا على كلام والدتها بينما تكاد تطير فرحاً،
لتشق الإبتسامة وجه ايرين اكثر فأكثر.
- شكرا لكم...شكرا جزيلاً على كل شيء.

- العفو ايرين...سيكون من الرائع أن نتشارك يومياتنا وأن نتقابل كل يومٍ بعد العمل.
وكان ذلك جين الذي عبّر عن مدى إعجابه بالقرار، ليبقى تايهيونغ الشخص الوحيد الذي يكاد فكه يلامس الأرض!

Taehyung pov:~

مهلاً لحظة!..كيف...كيف حدث هذا؟!

أعني لما إتخذ والدي قراراً كهذا فجأة؟!

هو لم يخبرنا بذلك ليلة البارحة، ولم يصرّح عن أي شيء حتى! كيف إتخذه بهذه السرعة والبساطة؟!

ولكن...هل يعني هذا انها ستعيش معنا من الآن فصاعداً؟! وسألتقي بها في جميع الأوقات ربما!

انا لست مستعداً لهذا بعد!

أعني...انا لا زلت مشوشاً ولست أدرك ما يجري معي، كما...كما ولديّ العديد من الأشياء التي لا أود أن تكتشفها عني!

آه اللعنة لما يحدث كل هذا معي الآن؟!

ولكن لما يراودني شعورٌ يناقض ما أقوله الآن؟!
لما يوجد جزءٌ مني قد أحب الفكرة وكثيراً؟!

رغم كل هذا لم أستطع إبداء أي تعبيرٍ منطقي بفضل صدمتي.

أعلم بأن الجميع قد تعجب مني وخصوصاً والدي، ولكن مالذي يريد مني فعله او قوله مثلاً!

انا...انا مشوشٌ للغاية وغير قاردٍ على فهم نفسي!

أشعر بالإنزعاج والسعادة لهذا القرار وفي آنٍ واحدٍ أيضاً!

اللعنة علي وعلى تناقضي وغبائي اللعين...سأفقد عقلي لا محالة!

شكرا لك أبي!
شكراً جزيلاً لك على جعلي أبدو غبياً أمامها وانا أبصق العصير كالأبله!

اللعنة لقد لوثت قميصي كالطفل!

ولكن لما ألعن كثيرا اليوم؟! هذه ليست من طباعي!

End taehyung pov.

Irene pov:~

بعد إنتهائنا من وجبة الافطار أردت الخروج والإلتقاء بهيري، فأنا لم أرها منذ يومين!..لقد إشتقت لها بحق.

كما ولدي الكثير من الاشياء التي أود محادثتها بها...كالذي حدث معي اليوم وليلة البارحة مثلاً!

لا أعلم لما ولكني شعرت بعدم الارتياح!
انا أعني تايهيونغ بكلامي...فحينما أخبرهم السيد كيم بالأمر لاحظت ردود أفعاله الغير راضية!

ولن أستثنيَ نظراته المصدومة أيضاً!

على كل حال لن ينفع الرفض الآن، رغم اني متوترة وغير مرتاحة للأمر، فأنا لازلت أجهل أسبابه التي جعلته يطلب مني هكذا طلب، رغم أنّ نواياه تبدو حسنةً وبوضح، لكن هذا لا يمنع وجود نقطةٍ مبهمة محاطة بالكثير من علامات الإستفهام!

أما بالنسبة لتايهيونغ، فأتمنى أن يتقبل الأمر، فأنا لا أحب أن أكون مصدر إزعاجٍ لأي أحد.

سأحاول أن أجعله يعتاد على وجودي...على الأقل لأشعر بالراحة، لأني سأقابله كثيراً منذ الآن.

وأظن أنّ ذلك لن يكون مستحيلاً على حسب ما علمته من لورا ليلة البارحة حول شخصيته...حسنا، سأفعل ما بوسعي لأثبت له انني لست كما يظن.

على كل حال لقد تجهزت بالفعل وكنت سأخرج، إلا أنّ جين قد علم بالأمر وطلب من السائق الخاص توصيلي، وكم كان هذا لطيفاً منه.

ذهبت برفقة لورا، إلا أنّ وجهتها كانت المكتبة.

لست أعلم بالضبط، لكنها أخبرتني انها ستلتقي بصديقها للعمل على مشروعٍ دراسي بالمكتبة ربما.

على كل حال هانذا أجلس في ذات المقهى من المرة الماضية أنتظر هيري، وكل ما أفعله هو التحديق من النافذة.

إرتديت قميصاً باللون النبيذي ذو أكمامٍ طويلة مع بنطالٍ اسود، فالجو بدأ يبرد و مناعتي ضعيفة.

أخذت أحتسي من قهوتي الى حين قدومها.

- مرحبا ايريناه.
إحتضنتني لتجلس مقابلةً لي.

- مرحبا هيري...مابكِ تلهثين؟!

سألتها حينما لمحت تنفسها الغير متزن، لتبتسم وتنفي بيدها.
- لا يوجد شيء، فقط كنت أركض لأني تأخرت.

همهمت بخفة لأحتسي القليل بعد من قهوتي...أخبرتني بما جرى معها تلك الليلة، وقد ضحكت عليها كثيراً.

لم أتخيل قدوم اليوم الذي ستساعد فيه جونغكوك أبداً!

انه أمرٌ مضحك وغريب في ذات الوقت!

تذكرت بعد ذلك ما حدث معي، لأبادر بالتحدث، وقد جحظت عيناها ما إن أخبرتها عن تركي للشقة.

- حقاً! ولكن الى اين ذهبتِ؟..لما لم تأتِ لمنزل يونغي؟!

أنزلت بصري نحو قدماي اللتان تتأرجحان ذهاباً وإياباً، ثم أجبت بنبرةٍ هادئة:
- لقد كان جين برفقتي عندما أتى صاحب الشقة، وقد أصر على فكرة ذهابي معه والمبيت عندهم.

وما إن أوضحت لها الأمر حتى أزفرت بإرتياح.

أخبرتها أيضاً بقرار السيد كيم وبطلبه للإنتقال للعيش عندهم أيضاً، فصرخت بدهشة:
- ماذا؟!

يالكِ من رائعة هيري!
جميع من في المقهى الآن يحدقون بنا بفضل عويلك!

إنحنيت سريعاً للأمام وإقتربت منها لأهمس بإنتحاب:
- أخفضي صوتكِ!

رمشتْ عدة مرات محاولةً فهم كلامي، ثم إستعادت عقلها لتمطرني بأسئلتها اللامتناهية:
- لما؟ أعني كيف حدث هذا؟! أنتِ...

أسكتّها بوضع يدي على ثغرها لأجيبها:
- أجل كما سمعتي، هذا كل ما في الأمر...لا أعلم السبب وراء طلبه هذا، لكن كلامه حول الأمر قد أراحني كثيرا، ومن الواضح أنّ نيته طيبة تجاهي وتجاه طلبه كذلك، كما ولم أستطع الرفض لأنه قد ألحّ علي كثيرا وأخبرني أنّ له أسبابه الخاصة في ذلك، لذا وافقت ولم أشأ الرفض حتى لا أشعره بالخيبة خجلاً من تمسكه بالأمر.

- آه هكذا إذا...لم أكن أعلم أنّ هناك عائلاتٍ غنية بهذا اللطف!

أمالت هيري رأسها وعلامات الإستغراب باديةٌ على محياها، فإبتسمت لا شعورياً على كلمة 'عائلة غنية بهذا اللطف' وأنبست:
- أجل...أنهم لطفاءُ للغاية.

End irene pov.

وفي مثل هذه الأثناء كان تايهيونغ يجلس في غرفته محاولاً التركيز على مراجعة المستندات التي أمامه.

- اين ذهبت يا ترى؟
وبفضل هذا السؤال الذي لم ينفك عن ترك تفكيره مراراً لم يستطع الإكمال، لذا أبعد تلك المستندات عنه ثم إستقام مغادراً غرفته.

أغلق الباب خلفه بهدوء، ليحدق نحو باب غرفتها الموصد والتي لا تبعد عن خاصته كثيراً، ولكن ما لبث أن صفع وجنتيه بخفة ليأخذ بخطواته نحو الأسفل.

وما إن لمحته هولي حتى قفزت من حضن جين الجالس وأتت مسرعةً نحوه، وهو لم يتردد في حملها بينما يقهقه لظرلفتها.

- ماذا؟! هل إشتقتِ لي؟
خاطبها كما لو انها ستفهمه ليداعب فروها وإبتسامته لا تفارق شفتيه على لطافتها.

- كلا...كل ما في الأمر انها تحب الرجال الوسيمين وتنجذب إليهم على خلاف البقية!
أوضح له جين بينما يضحك، ليتخذ تايهيونغ لنفسه ماكناً بقربه، وسرعان ما خاطب هولي بتساؤل:
- حقاً! يالكِ من لعوبة!

نبحت بلطافة كما لو انها تجيبه او تغازله بالمعنى الأصح.

- أجل هي كذلك...أخبرتني لورا انها لم تبتعد ولو للحظة عن كلب صديقها، والذي وصفته بأنه جميلٌ للغاية...إنها تُحسن الإختيار بالفعل!
أضاف جين بينما يقهقه على جروته الظريفة، والتي قفزت من حضن تايهيونغ ما إن جلبت لها السيدة شين طعامها، فإبتسم تايهيونغ بينما يحدق بها ليستقيم بعدها بغية المغادرة.

- الى أين؟
إستوقفه جين، ليجيبه:
- ليس لدي ما أفعل؛ لذا سأذهب لصالة الرياضة قليلاً.

همهم له جين، فغادر الآخر من بعدها متجهاً نحو صالة الرياضة، والتي كانت متوفرة في منزلهم بالفعل.

دخلها وقد ربط عصابةً على جبينه حتى يرفع شعره، ثم قام بالإحماء قليلاً ليبدأ بعدها بالتمرين.

وبعد مدة شعر بالحرارة تتدفق داخل جسده، فنزع قميصه وبقي عاريَ الصدر وأكمل تمرينه بذاك الوضع.

توقف بعد نصف ساعةٍ تقريباً، ليأخذ أنفاسه بينما قطرات العرق تتسابق فوق بشرته السمراء الجذابة مانحةً إياه مظهراً فتاكاً، مع خصلات شعره البنية الملتصقة بجبينه، وتنفسه المضطرب والذي كان سبباً في إرتفاع وهبوط صدره المنافس للكون شسوعاً.

مظهره هذا كان كفيلاً بجعل كافة النساء تفتن به وبسهولة!

أمسك قارورة الماء وتجرع قدراً وافياً منها بينما عقله لا يزال يردد ذات السؤال، وهذا قد أزعجه كثيراً.

وضعها جانباً، ليعود الى تمرينه وهذه المرة بقوةٍ أكبر علّه يشغل نفسه قليلاً من تلك التساؤلات التي باتت لا تروقه مؤخراً.

____________________________

تجلس بهدوء وتسند وجنتيها بكفيها الصغيرتين، بينما تناظر الذي أسر قلبها بهيام هو يقلّب الكتب بين الرفوف بحثاً عن مبتغاه.

شعره المرفوع بعناية وعينيه الحادتين المرتكزتين على الكتب بين أنامله...كان منظرا أسطورياً بالنسبةِ لها.

وسرعان ما إبتسم محبوبها بجانبية ما إن لاحظ شرودها به، ليقول:
- هل أبدو وسيماً لهذا الحد؟!

كلماته كانت كفيلة بجعلها توسع عينيها وتنزل رأسها بسرعة.

إرتسمت أطيافٌ زهرية لطيفة على وجنتيها، فقهقه بخفة ليستدير نحوها، ومع كل خطوةٍ يخطوها تزداد دقات قلبها تسارعاً.

جلس ووضع كومةً من الكتب بينهما على الطاولة وهو لا يزال محتفظاً بذات الإبتسامة.
- لو تمنحين هذه الكتب القليل من تركيزك علي فسننتهي بسرعة.

رفع حاجبيه تزامناً مع إنهاء حديثه الذي زاد من إحمرار وجنتيها حتى كادتا تحترقان بالفعل.

ليقهقه بخفة على ظرافتها، وهي فضلت الصمت على الإجابة، فلا يوجد لديها ما تقوله!

ولهذا السبب إنتشلت أول كتابٍ وقعت عيناها عليه، لتفتحه وتباشر بقرائته، او لنقل مدعيةً ذلك حتى تتجنب التواصل البصري معه

اما هو فقد قلب مقلتيه بينما يكتم ضحكته، ثم أمسك أحد الكتب وباشر عمله.

إنسجما في ما يفعلانه الى أن تأوهت لورا بألم!

فرفع عينيه ليجدها ممسكةً بإصبعها الذي تسيل منه بعض الدماء، فما كان منه سوى أن هرع نحوها بسرعة.

جلس القرفصاء أمامها، وأمسك بأصبعها المجروح قبل أن يتسائل بقلقٍ ظاهر:
- كيف جرحته؟!

-جرحته إحدى صفحات الكتاب!

نطقت بهذه الكلمات متناسيةً أمر إصبعها مقابل الشعور الذي يرفرف له قلبها الآن أمام إهتمامه.

اما هو فقد أخرج منديلاً من جيبه ولفّه حول إصبعها، من ثم إستقام وقال:
- إنتظري...لدي علبة إسعافاتٍ صغيرة في حقيبتي.

أخذ يفتش حقيبته بينما الأخرى تتمعن في الفراغ بشروذ.

شعرت بفراشات بطنها تحلق عالياً لتمنحها شعوراً رائعاً لا مثيل له!

كل هذا لأنه أبدى إهتمامه بها...فما بالكم إن أصبح حبيبها يوماً ما!

وسرعان ما إستفاقت من أحلامها الوردية على إمساكه ليدها.

نزع المنديل الملتف حول إصبعها، من ثم قام بتعقيمه ولفه بشريطٍ لاصق عليه بعض الرسومات اللطيفة.

فإبتسمت بلطف على تلك الرسومات ورفعت عينيها نحو خاصته قبل أن تنبس بقهقهة:
- إنها لطيفة.

حك مؤخرة رأسه وإبتسم بدوره بينما يستقيم.
- أجل إنها كذلك، أحب إستعمالهم أكثر من اللاصقات العادية؛ فعندما كنت صغيراً كانت أمي تضعها لي كلما خُدِشت وتقول لي أنّ الجرح سيتعافى بسرعة بفضل هذه اللاصقات، ومن وقتها وانا أحب إستعمالهم، يمكنكِ القول انني أصدق كلام والدتي!

إبتسمت على تفكيره اللطيف متحسسةً ذاك اللاصق حول إصبعها بهدوء، بينما هو قد عاد لمكانه بالفعل وتحدث من جديد بملامح مبتسمة كالعادة:

- إذاً...هيا فلنكمل.

همهمت له، لتكمل بحثها في ذات الكتاب وهو فعل المثل، ولكن هذه المرة وهي تشعر بالرضى لما جرى.

________________________

بدأت عروس السماء في الإضمحلال شيئاً فشيئاً تاركةً خلفها ألواناً بديعة تزين السماء بإتقان.

كانت الساعة تشير الى السادسة مساءً، إلا أنّ الظلام لم يخيم بالكامل بعد!

وخلال هذه الأثناء كانت ايرين قد عادت للتو الى القصر.

وفي طريقها وتحديداً عند ركوبها للدرج إلتقت به.

شعره مبللٌ قليلاً، بينما ثيابه لا تشابه التي كان يرتديها صباحاً!..خمنت انه قد أخذ حماماً ربما، فمنحته إبتسامةً خفيفة وحيّته بصوتٍ خافت:

- مرحباً.

تعجب من تصرفها، ولكن ذلك لم يمنعه من رد الإبتسامة والتحية أيضاً:
- مرحباً.

حدقا بأعين بعضهما لوهلة قبل أن يُقطع ذاك التواصل من قِبله بإكماله لطريقه نحو الأسفل، لكنها أوقفته بقولها:

- مهلاً لحظة!

إستدار نحوها بملامح متسائلة، لتكمل كلماتها بنبرةٍ خجلة نوعاً ما وعينان تأبهان التحديق نحوه:
- في الواقع...انا...انا لازلت لا أعرف مكان غرفتي بالتحديد، فمنزلكم كبيرٌ للغاية وأروقته متشابهة، وأخاف أن أتوه بينها! لذا...هل يمكنك أن تدلني على مكانها؟

ناظرها بهدوء لطلبها هذا، وداخله يبتسم لخجلها الذي راقه كثيراً، لكنه همهم لها بخفة في النهاية.
- حسنا.

لحقت به وخجلها لا يزال يلازمها على طلبها هذا...هي لطالما كانت خجولةً للغاية، ولا تزال كذلك.

- من الرائع أنكما منسجمانِ وتتسكعانِ معاً في القصر.
تحدث السيد كيم والذي صادفهم في طريقه، لينطق كلاهما في آنٍ واحد وبذات التعابير وهي التساؤل:

- عفواً!

- المعذرة!

قهقه عليهما بخفة ليخاطب ايرين هذه المرة:
- كل ما في الأمر أنّ تايهيونغ لا يتأقلم بسرعة مع التغيرات، خصوصاً وإن كان شخصاً جديداً في حياته...ولكن هذه المرة أرى بأنه على عكس ذلك تماماً! وانتِ أيضاً ايرين...أظن أنّ لكِ نفس هدوئه، لذا يُعتبر هذا تقدماً ملحوظاً لتكونا صديقين مقربين في المستقبل.

كانا يحدقان ببعضهما ثم به، وكلاهما يلعن نفسه على هذا الموقف المحرج، الى أن نطق بكلمة صديقين مقربين!

تحمحم تايهيونغ قبل أن يتحدث داعكاً عنقه بتوتر:
- إذاً سأغادر الآن، غرفتكِ تلك التي في آخر الرواق على اليمين.

- شكراً لك.
شكرته على مساعدتها، فردَّ بهدوء:

- العفو.
ثم إنصرف تاركاً إياه مع والده الواقف في ذات المكان.

- بعد إنهائكِ لِما ستفعلين، تعالي وإجلسي معنا...نحن بإنتظاركِ في الأسفل.

إبتسمت بخفة وهزت رأسها مراراً.
- حسناً سيدي.

كشرتْ ملامحه فجأة، لتشعر ايرين بالغرابة، لكنه تحدث أخيراً:
- ناديني عمي، أهذا مفهوم؟

قهقهت على نبرته الآمرة وأجابته بخجل:
- حسناً.

توجهت نحو غرفتها بعد ذلك بينما تتمتم بإبتسامة خفيفة:
- السيد كيم يشبه جين كثيراً! لهما ذات الطباع وطرق الكلام أيضاً، حتى طريقة عبوسهم وتوبيخهم متشابهة!

غيرت ثيابها وإرتدت فستاناً بنصف أكمام يصل لأسفل ركبتيها بلون المشمش، به نقاط صغيرة باللون الابيض مع ياقةٍ لطيفة.

هي لن تشعر بالبرد على أي حال، لأن المكان دافئٌ بالداخل والطقس ليس بمتجمد بعد!

كما وتركت شعرها الفحمي منسدلاً كعادته لتنزل الى الأسفل حيث الجميع.

وجدت السيد كيم او كما طلب منها مناداته بعمي جالساً وبجانبه لورا، والتي يبدو انها تمزح معه نظراً لضحكهما سويةً بالإضافة الى بقية العائلة.

إتخذت لنفسها مكاناً قرب السيدة ريونغ بينما كلا الأخوين يقابلانها من الجهة الأخرى.

كانت هادئة كعادتها بينما تنصت لحديثهم، الى أن نطق السيد كيم لافتاً إنتباههم:
- أجل تذكرت...لقد تلقيت دعوة حفلٍ من عائلة السيد كانغ بمناسبة حصول إبنهم على وكالة شركة جيفينشي في كوريا، ونحن سنذهب بكل تأكيد، هم سيقيمونها غداً مساءً في منزلهم، لذا تجهزوا قبلها بمدة، فلا نريد التأخر بالذهاب كثيراً.
كلماته الأخيرة كانت تشمل الجميع والذي تحدث أحدهم قائلاً بتهكم:
- انا لن أذهب!
وقد كان تايهيونغ بالطبع...معالمه كانت منزعجة بوضوح!

- تايهيونغ...لا تخلط بين عملك وحياتك الشخصية رجاءً!
خاطبه جين، ليأكد والده على ذلك بقوله:
- أجل...يجب أن نذهب جميعاً، فالدعوة لم تستثني أي أحدٍ منا! كما ولا نريد من الصحافة أن تنقب عن أمورٍ لا يوجد داعٍ لها ونشر أخبارٍ وهمية مبنيةٌ على توقعاتٍ نحن السبب بها...يجب أن نذهب وهذا لصالح سمعة الشركة وعلامتنا التجارية أيضاً؛ فلا تنسى أنّ شركته تنافسنا وبقوة في السوق! ويجب أن نكون ودودين في التعامل تجنباً للمشاكل.

كلام والده كان منطقياً، ولكنه يمقت الآخر وبشدة!

هو لم يتقبل فكرة أخذه للوكالة بعد ليُطلب منه الذهاب وتهنئته عليها!

كما وأنّ لا مشكلةَ لديه في تهنئة أي شخصٍ آخر كان ليحصل عليها...ولكن جيبوم لا!

صمت لفترة قبل أن يتنهد بقلة حيلة وإنزعاج.
- حسناً أبي.

لم يسعه الرفض، فمصلحة الشركة أهم من خلافاته الشخصية مع الآخر، وكذلك من أهم أولوياته.

الجميع كان يفهم هذا الكلام عداها هي!
فهي لا تعلم ما يرمي إليه حديثهم او حتى عن من تكون تلك العائلة التي سيزورونها في الغد وما مشكلة تايهيونغ في ذلك!

- ايرين...انتِ أيضا سترافقيننا.
أضاف السيد كيم على كلامه السابق، لتهمهم ايرين بخفة.

وللتو قد لاحظ تايهيونغ مظهرها اللطيف، أعجبه كونها تشبه الأطفال من ناحية لباسها وحجمها وكذلك ملامحها وبعضٌ من تصرفاتها بالطبع، ليبتسم لا شعورياً بينما ينظر إليها.

وما إن أشاح بعينيه عنها حتى تقابلت نظراته مع شقيقته والتي كانت تبتسم بخبث بينما تُراقص حاجبيها بمكر، فشزرها بنظرةٍ حادة قبل أن يشيح بعينيه عنها هي الأخرى.

- كيف تجري أمور دراستكِ لورا؟
تسائل والدها بعد أن صمت الجميع، لتجيبه بإبتسامة مرحة دون سبب...ربما لأن شخصيتها هكذا دائماً:
- إنها جيدة.

- علمت بأنك تعملين على مشروعٍ دراسي برفقة أحد زملائكِ اليوم.
أضاف على حديثه، لتومئ له كالأطفال تماماً، وسرعان ما إبتسمت والدتها بخفة قبل أن تقول:

- جيد...انتِ تبدين أكثر جدية فيما يخص دراستك هذه المرة، أتمنى أن يكون محصّلكِ مرتفعاً هذا العام.

رسم جين إبتسامةً جانبية، ليعقب على كلام والدته بمزاح حتى يغيظ شقيقته:
- لما لا! الدراسة مع شابٍ وسيم وذكي كجيمين ستجلب ثمارها صدقوني...أليس كذلك لورا؟

وما كان منها سوى أن عبست بخجل ونفت بسرعة.
- كلا، هذا غير صحيح!

قهقه عليها والديها وجين، اما تايهيونغ فقد كان يناظرها بإبتسامةٍ مستفزة ومنتصرة على ما فعلته له قبل قليل.

لتبقى ايرين هي الشخص الوحيد الذي عقد حاجبيه بتعجب!

Irene pov:~

هل يعقل انه جيمين ذاته؟!

كلا لا أظن هذا، فهناك العديد من الأشخاص الذين يحملون ذات الإسم!

رغم أنّ جيمين الذي أعرفه وسيمٌ وذكي أيضاً كالذي تحدثوا عنه الآن!

لست أعلم!..قد تكون مجرد صدفة.

End irene pov.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- كلام ايرين الغريب عن المدعو بجيمين...وهل بيكون نفس الشخص يلي بتعرفه هي؟

- مشاعر تايهيونغ المبعثرة؟

- لطافة عائلة كيم؟

- شو رأيكم بمومنتات تاي وايرين يلي بلّشت تبدأ؟

- رأيكم بشخصية جيمين؟..أعطوني لمحة سريعة عنها من تعبيركم.

- توقعاتكم للبارت الجاي وللأحداث؟

جاوبوني بصدق...
قدرتوا تتخايلوا شكل تايهيونغ لما كان بيتمرن؟
انا عن نفسي متت ورجعت حية من جديد😫

دلعتكم بهالبارت لأنه كله برعاية التايرين.

وكمان مين إشتاق لجونغكوك ومومنتاته مع هيري المجنونة...بصراحة حاسة انو البارت ناقص بدونهم وبدون هواشهم.

على كل حال بتمنى يكون عجبكم البارت💕





مع السلامة يا حلوين💜

See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top