15~نُقْطَةْ تَحَوُّلْ


قراءة ممتعة💙

﴿لَنْ تَحْصُلَ عَلَى غَدٍ أَفْضَلْ مَا دُمْتَ تُفَكِّرُ بِالْأَمْسِ..!﴾

- مورغان فيرمان.


●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

- شكراً لك.
شكرت هيري سائق الأجرة وسلمته ماله، من ثم حدقت بالمكان حولها في ريبةٍ من أمرها!

يبدو مكاناً قذراً...او بالأحرى مليئاً بالنوادي الليلية والحانات على طول الشارع!

بعد أن وردها ذاك الإتصال منذ قليل، والذي أخبرها فيه أحد العاملين بالحانة أنّ صاحب الهاتف قد ثمل بشدة، وطلب منها المجيء لأخذه لأن حالته سيئة وجميع مؤشراته لا توحي بأنه على قيد الحياة، أتت بسرعة لظنها انه قد أُصيب بمكروه!

إنتابها شعورٌ غير مريح لتواجدها بمكانٍ كهذا لأول مرة! خصوصاً مع تحديقات أولئك السكيرين نحوها بنظراتٍ شهوانية!

بحثت عن العنوان، لتجد أنها حانةٌ متوسطة الحجم تقع، في زاوية منزوية عن بقية الحانات.

دخلت وهي تدعي في قرارة نفسها بأن يمر كل هذا على خير، ومن دون التسبب بالمشاكل.

جالت بعينيها في المكان، فلمحته حانياً بجذعه نحو الطاولة أمامه بينما بغطّ في نومٍ عميقٍ ربما...يبدو انه قد شرِب حد الإغماء!

إتجهت إليه بينما تلعنه تحت أنفاسها على جلبها لمثل هذه الأماكن، وسرعان ما هزت كتفه وهمست بخفوت:

- جونغكوك...إستيقظ يجب أن نغادر، هيا.

ولكن لا حياة لمن تنادي!
فهو غارقٌ في عالمٍ آخر، وربما لن يستفيق إلا بحدوث معجزة!

- إلهي...يا أحمق قلت لك إستيقظ!
تمتمت بحنق وهي تجزم انها تكاد تذهب وتتركه لوحده هنا.

وبعد أن بائت كافة محاولاتها لإيقاضه بالفشل، قررت إسناده بمساعة النادل...على الأقل الى أن تحصل على سيارة أجرة!

- اللعنة عليك يا شبيه الخنازير! مالذي تأكله؟!
لعنته بصوتٍ مختنق ما إن سندته بمساعدة النادل، وبالطبع كان ليطحنها لو أنها فكرت بحمله لوحدها!

وقفوا بإنتظار سيارة أجرة، وفجأة رن هاتف جونغكوك.

سحبته من جيبه بجهدٍ جهيد لترى المتصل، والذي كان بإسم ' نامجون'.

لم ترقها فكرة الرد بدلاً عنه في البداية، لكن بعد ان لاحظت إصرار المتصل قررت الإجابة.

- مرحباً.

عقد نامجون حاجبيه لسماعه صوتاً أنثوياً من الطرف الاخر!

فأبعد الهاتف عن أذنه ليتأكد إن كان الرقم صحيحاً، وقد كان كذلك بالفعل، من ثم أعاده ليتحدث بنبرةٍ مستفهمة:

- عفواً...هذا رقم جيون جونغكوك، أليس كذلك؟!

- أجل، انه هو.

- المعذرة...من انتِ؟ وأين أخي؟!

'رائع! لم أكد أتخلص من هذا اللعنة ليأتي إليّ شقيقه من العدم!..لا وفوق كل هذا يسألني عن شقيقه الذي من المفترض ان لا يتم الإعتراف به على هذا الكوكب كإنسان!'.

هذا ما قالته هيري في نفسها قبل أن تتنهد بتعب وتجيبه بهدوء:
- لا تشغل بالك بمن أكون، بل إشغله على شقيقك الذي شرِب حد الثمالة، وهانذا أقف به أمام الحانة ولا أعرف عنوان منزلكم حتى!
لا تقلق...انا مجرد فتاةٍ عادية تحاول مساعدته، لذا ساعدني أرجوك بإعطائي عنوان المنزل وسأتكفل بإيصاله.

صُدم نامجون من كلامها...والمشكلة تكمن في أنّ والدته قد سمعت ما قالته الأخرى بفضل إقترابها من هاتف إبنها ووضعها لأذنها عليه بترقب!..هذا لن يكون جيداً لأنه سيزيد من قلقها عليه أكثر وأكثر!

إذ أنها سحبت الهاتف من يده فور سماعها لما قالت الأخرى، وتسائلت بنبرةٍ آملة:
- هل أنتِ هيري؟

تعجبت هيري من تغير الصوت فجأة وتحوله لصوت إمرأة! وفوق كل هذا تسألها إن كان إسمها هيري ام لا!

- نـ...نعم، انا هي.

سمعت تنهيدةً مرتاحة من الطرف الآخر، ولم تعلم سببها الى أن عاد شقيقه لمحادثتها من جديد:
- لا تجلبيه الى القصر، سأعطيكِ عنوان منزله الخاص، جونغكوك يحتاج للإبتعاد قليلاً بسبب بعض الظروف...أتمنى أن تتفهمي الأمر يا آنسة.
طلب منها بإحترامٍ ولباقة كما هو معهودٌ منه، فلم يسعها الرفض، لأنها ستوصله على أي حال، وهما بالفعل قد دخلا تواً الى سيارة الأجرة.

- حسناً سأفعل، فقط أرسل لي العنوان بسرعة.

وما كاد يجيبها حتى سحبت والدته الهاتف من جديد.
- أرجوكِ...إبقي معه الليلة، جونغكوك يصاب بحمى شديدة حينما يشرب كثيراً، لذا أنا أرجوكِ لا تتركيه لوحده!
لو كان بمقدوري المجيئ لأتيت!..صدقيني، لكنني لا أستطيع! أنا أثق بكِ هيري، جونغكوك يحتاجكِ وخصوصاً في مثلِ هذا الظرف.
توسلتها بصوتٍ مهزوز كان على وشك التحول لبكاء!

تغيرت معالم وجه هيري للحيرة والصدمة فجأة!
وأول أسبابها هو هذا الطلب الغريب، وثانيها هو حديث هذه المرأة والتي أجزمت انها تكون والدته...ولكن من أين تعرفها لتثق بها وتتوسلها بالبقاء مع ابنها؟!

وفوق كل هذا تخبرها انه يحتاجها بشدة خاصةً في مثل هذا الوقت! وانها لن تستطيع المجيئ لأجله!

مالذي يحدث معه بحق الجحيم؟!
جالت في عقلها العديد من الاسئلة والتي ستكون إجابتها لدى النائم بقربها وتحديداً على كتفها.

إستجمعت شُتات نفسها بعد تردّدٍ طويل وصراعٍ حاد مع عقلها لتقول وأخيراً:
- حـ...حسناً...حسناً سأبقى معه، ولكن أرسلوا لي العنوان بسرعة.
خجلت من ان ترفض طلبها بعد ان توسلتها لفعل ذلك
رغم رفضها للفكرة في نفسها وبشدة

- حسناً..سأرسله لكِ في رسالة، شكرا لكِ مجدداً آنسة هيري على إسداء هذه الخدمة إلينا..شكراً جزيلاً
شكرها نامجون مراراً وتكراراً على موافقتها لترد بقول:
- العفو.

أغلقت الخط بعد ذلك، وناظرت النائم قربها بحيرة، ظلت تحدق به الى أن وردتها رسالةٌ كان مضمونها ما تريد.

- سيدي...هذا هو العنوان.
أعطت العنوان للسائق، ثم عادت لمكانها محدقةً أمامها بشرود.

آخر ما كانت تتصور حدوثه هو إعتنائها بهذا المغفل!

تأففت بإنزعاج حينما أمسكت هاتفها ووجدت أنّ بطاريته على وشك النفاذ!

اي انها ستُقطع عن الجميع، وهي تعني ذلك الى حين أشعارٍ آخر...إنها ليلةٌ حافلة من جميع النواحي!

وبعد ربع ساعةٍ تقريباً، وصلوا الى منزله الواقع في حيٍّ راقي.

- شكراً لك سيدي.
شكرت هيري سائق الأجرة لمساعدتها على حمل جونغكوك، والذي بدأت حرارته في الإرتفاع كما أخبرتها والدته بالفعل.

أدخلت الرمز السري على قفل الباب، والذي أرسله نامجون بالطبع لتبدأ في جرّ الآخر خلفها كالجثة.

رمت به قرب الباب بعد أن دخلت وأشعلت الأنوار، وسرعان ما وضعت يديها على ظهرها وتنهدت بإعياء.
- آه، لقد كُسِر ظهري!

أما هو فلا حياة لمن تنادي!

منظره يبدو كالجثة الهامدة وهو مُلقى بتلك الطريقة بينما لا يتحرك.

أصبح جلده ساخناً ووجنتاه قد إحمرّتا بشدة...علِمت هيري أنّ عليها خفض حرارته وبسرعه.

- يا إلهي حرارته مرتفعة!..ماذا أفعل ماذا أفعل؟!
تمتمت بقلق بعد أن جرّته نحو غرفته ووضعته على السرير.

وبعد هنيهات من التفكير، فرقعت أصابعها وقالت بسرعة:
- أجل، أول خطوةٍ هي نزع أكبر قدرٍ من ملابسه...ولكن!
تغيرت ملامحها لأخرى مترددة ومحرجة بعد فهمها لما تفوهت به تواً.

إلتفتت نحوه وناظرته بحيرة، ثم تمتمت بخفوتٍ وإحراج:
- هل يجب عليّ فعل ذلك؟!

عضت شفتها السفلية بتوتر، وبعد صراعٍ طويل مع عقلها الذي يرفض الأمر وبشدة باشرت في التخفيف من ثيابه بالفعل.

نزعت حذائه ومعطف بذلته أولاً، ثم حزام بنطاله والذي كانت تشيح بوجهها للجانب الآخر عندما نزعته مع نظراتٍ منتحبة.

وأخيراً دنت نحوه لتفتح بعضاً من أزرار قميصه، لم تكن تنوي نزعه بالكامل ولكنها ستفتح أول ثلاثة أزرارٍ منه على الأقل.

وما إن دنت نحوه حتى بدأ يتمتم بكلامٍ غير مفهوم!

- مالذي يهذي به هذا؟!..يبدو أنّ حرارته قد إرتفعت كثيراً!

لم تُلقي له بالاً وأكملت عملها، لكنه أمسك شعرها فجأة وبدأ يشده كالقردة تماماً!

علا صراخها وهي تحاول إبعاده عن شعرها، لكنه يبدو مصراً على نتفه!

- أفلت شعري يا مغفل!

وعلى الرغم من صراخها لم يستفق أبداً!

لقد تحولت حراراته لحمى جعلته يهذي و لا يعيِي ما يفعل ولا يميز من حوله أيضاً!

من يدري...ربما يظن نفسه الآن مراهقة تتشاجر مع واحدة أخرى من أجل شاب!

و في لحظةٍ أفلت شعرها من قبضته ليعود للنوم مجدداً، فرفعت نفسها و نظرت إليه بسخط مع شعرها المنكوش.

- اللعنة عليك! حتى وانت بهذه الحالة لا تكف عن مضايقتي!

أخذت بخطواتها خارج الغرفة بينما ترتب شعرها بتتعابير منزعجة بحثاً عن المطبخ.

جالت بناظريها أرجاء المنزل، لتتحدث بإعجاب:
- منزله فخمٌ للغاية!

تصميمه عصري وحديث، بالاضافة لألوانه الممتزجة بين الازرق والابيض اللذان منحاه طابعاً مريحاً وهادئاً.

دخلت المطبخ لتجلب كمادات ماء باردة...إنها الطريقة الوحيدة التي تعرفها لخفض الحرارةِ على أي حال!

وسرعان ما عادت الى الغرفة بعد ان وجدت مبتغاها، لكنها صرخت ما إن لامست يدها جلده الذي يكاد يحترق.

- إنه يشتعل!

ولم تنتظر ولو للحظةٍ أخرى حتى بدأت بوضع الكمادات على جبينه آملةً بأن تنخفض حرارته ولو قليلاً.

________________________

في صباح اليوم التالي، العاشرة صباحاً...

إستيقظ كل من في القصر بما في ذلك تايهيونغ، وبالطبع تناول إفطاره برفقة العائلة، ثم إتجه الى غرفته الخاصة بالرسم لقضاء بعض الوقت هناك بما أنّ اليوم هو عطلة نهاية الأسبوع.


هو لم يدخل هذه الحجرة منذ تلك الليلة...

وما إن دخلها حتى قابلته تلك اللوحة التي تجسد ملامحها الرقيقة بإحترافية.

وقف مكانه للحظات يحدق بها وهي لا تزال متموضعة على اللوحة...هو لم يقم بتعليقها بعد!

تقدم إليها لينتشلها متجهاً بها نحو سلة المهملات...أجل، لقد كان على صدد رميها.

لكنه توقف فجأة!

حدق باللوحة من جديد بملامح هادئة قبل أن يبتسم بخفة.

ثم تراجع للخلف وإتجه نحو تلك البقعة الخالية والشاسعة من الحائط، ليقوم بتعليقها عليه وبذلك أصبحت جزءً من عائلة لوحاته الفنية.

بدت مميزةً عن البقية بفضل توسطها لتلك البقعة وبقية اللوحات تحيط بها من بعيد...كنجمة القطب التي تتوسط آلاف النجوم غير انها مميزةٌ عنهم جميعاً لجمالها وموقعها المتفرد.

إبتعد قليلاً ووضع يديه على خاصرته متأملاً إياها بإبتسامةٍ فخورة، ولكن ما لبث أن إرتخت ملامحه ليعتريها الإنزعاج فجأة!


حيث صفع رأسه بخفة وتمتم بحنق لنفسه:
- كلا تايهيونغ هذا خاطئ!..إنها مجرد لوحةٍ لا أكثر!

تنهد طارداً تلك الأفكار المشؤومة من عقله، ثم جلس على كرسيه بهدوء وإنتشل فرشاته التي سيخطُّ بها أجمل الألوان ويُخلّف من ورائها تحفةً فنية معبرة كسابقاتها.

____________________________

فتح غرابي الشعر عينيه ببطئ بسبب أشعة الشمس القوية التي تسللت من النافذة.

حيث كشر بملامحه منزعجاً منها ليغير من وضعيته للجهة الأخرى علّه يكمل نومه بسلام، فهو أكسل من أن يقوم ليغلق الستائر!

وسرعان ما شعر بصداعٍ حاد يفتك برأسه، لذا فتح عينيه ببطئ، وإبتسم للنائمة التي تجلس على الارض بينما تضع رأسها على حافة السرير كما لو انه حلمٌ سعيد.

ولكن ما لبث أن تلاشت إبتسامته تلك، ليستقيم بفزع محتضناً وسادته وهو يصرخ:
- اللعنة مالذي تفعلينه هنا؟!

أصدرت الأخرى أصواتاً تدل على إنزعاجها من عويله، لترفع رأسها وعيناها شبه مفتوحة.

شعرها منكوش وعيناها منتفختان وحولهما هالاتٌ سوداء...بالمختصر شكلها هذا كان كفيلاً بإفزاعه أكثر!

- اللعنة عليك لما تصرخ! أغلق فمك وإلا قتلتك، لم أنم ليلة البارحة بفضلك يا روث الفيلة!
صرخت في وجهه بصوتٍ متعب وعيناها شبه مفتوحة، ثم عادت للنوم مجدداً.

حدق بها كالأبله...هو لم يفهم أي كلمةٍ مما قالت، لكنه حاول التذكر وجمع بعضٍ من الأحداث.

عادت إليه مقتطفاتٌ من الليلة الماضية، وتحديداً عندما كان بالحانة وشرِب كثيراً، لكنه لا يذكر أيّاً مما يليها!

والأغرب من كل هذا أنها معه! وهذا ما لم يستوعبه بعد!

قفز على سريره من جديد ووسادته لا تزال في حضنه، ليهز كتفها بقدمه.
- هاي هيري...إستيقظي.

ولكن لا إستجابة!

أعاد الكرّة من جديد ليقول:
- إستيقظي...هناك أمورٌ كثيرة عليكِ تفسيرها إبتداءً من شكلكِ المفزع!

ويالحظه الرائع!..كاد يفقد ساقه لولا انه قد سحبها في الوقت المناسب!

- أيها الغبي!..هل أبدو لك كحيوانٍ لتوقظني بقدمك!
صرخت بحدة وما أكمل المشهد هو شكلها المتماشي مع صوتها المبحوح، فإحتضن وسادته وإنكمش على نفسه متمتماً بذعر:

- كلا، بل تبدين كالمشعوذات!

ومن حسن حظه انها لم تسمعه، وإلا كان ليكون في خبر كان!

وسرعان ما إستقامت ببطئ وهي تتذمر:
- آه قدماي...آه رقبتي...آه ظهري...آه جسدي يؤلمني بالكامل! كله بسببك يا كومة البراغيث!

جلست على الكرسي خلفها بينما تدلك رقبتها بألم.

- مالذي يحدث هنا؟!..أنا لا أفهم أي شيء!
تحدث بنفاذ صبر لعدم قدرته على تحليل أيٍّ مما يجري، فرفعت هيري عينيها بإتجاهه بينما تبتسم بسخرية.

- حقاً! ألا تذكر مالذي فعلته؟! لقد ثملت الى أن فقدت وعيك يا أحمق!
صرخت عليه في آخر حديثها، ليقلب عيناه بعدم إكتراث.
- أجل...أعرف هذا، لكنني لا أذكر أي شيء منذ أن فقدت الوعي الى حين إستيقاظي!

سردت له أحداث ما جرى، ولِما هي موجودةٌ هنا، وبالطبع ذلك لم يخلو من شتمها له وصدمته هو لما حدث.

ولكنه هز رأسه بخفة وإبتسم مبعثراً شعرها.
- شكراً على إعتنائكِ بي، ستكونين زوجةً صالحة.

تجاهلت آخر ثلاث كلماتٍ من جملته لأنها تشعر بالتعب ولا تريد قتله الآن، لذلك إكتفت بهز رأسها وحسب.

أزال إبتسامته عندما وقعت عيناه على ثيابه، والتي كانت عبارة عن قميصٍ قطني وبنطال بذات القماش، ليتسائل مجعداً حاجبيه بإستغراب:
- لا أذكر أني قد خرجت بهذه الثياب! كنت أرتدي بذلتي...ولكن هل يعقل أنكِ؟!
شهق بدرامية لتخمينه ما جرى بينما يضع يديه على ثغره ويوسع عيناه بدهشة!

لكنها أجابته بإختصار بينما تنهض متجهةً نحو المطبخ الذي كان بالطابع الأميريكي البسيط:
- أجل...لقد غيرت لك ثيابك.

حدق بالفراغ لوهلةٍ قبل أن يبتسم بخبث ويركض خلفها.
- هاي ما رأيكِ في عضلات معدتي السداسية؟ اوه اوه وكذلك فخذاي المثيران و...

تلقى ملعقةً طائرة تموضعت في وسط جبينه لتسكته.

إنتحب بألم بينما هي لم تلقي لصراخه اي إهتمام، إنما تبحث عن أي شيءٍ صالحٍ للأكل داخل الثلاجة.

- أُفضّل الموت على أن أنظر لجسدك أيها المنحرف!
لا تقلق، لقد أغمضت عيناي ولم أرى شيئاً...تفقد ثيابك على أي حال، فقد يكون قميصك مقلوباً او بنطالك أيضاً!

رمقها بسخط قبل أن ينزل عينيه الى ثيابه، ليجد أنّ البنطال مقلوبٌ بالفعل!

والمضحك في الامر هو انه قد وضع يديه في جيوبه كما لو انه يتأكد!

كانت تنظر إليه وتضحك بسخرية بينما تشير نحو بنطاله بعينيها وتتكأ على رخام المطبخ المفتوح.
- رأيت...ألم أقل لك!

أعاد حدقتيه إليها بنظراتٍ حارقة، ثم ذهب الى غرفته.

فأطلقت تشه ساخرة قبل أن تقلب عينيها وتستدير للمطبخ من جديد.

عاد إليها بعد مدة وهو يبتسم ببرائة كما لو أنه منفصم!
- انا جائع.

ولم يتحدث ويدّعي هذه البراءة إلا لأنه قد رآها تعدُّ بعض الفطائر المحلاة ورائحتها الشهية تملأ المكان.

لكنها لم تكلف نفسها عناء الإستدارة إليه حتى، لتجيبه:
- تناول نفسك إن أردت!

جلس على الكرسي، وإرتمى بجزئه العلوي على الطاولة منتحباً بتذمر:
- بربكِ هيري! انتِ تعدين الطعام على أي حال، لما لا تعدين لي أيضاً؟!..أرجوكِ!
ناظرها بعيونٍ لامعة زاماً شفتيه بلطف بعد أن إستدارت لتأخذ الصحن من على الطاولة.

- كفاك نحيباً!..أصمت قبل أن أغير رأيِي!

إعتدل في جلسته وهز رأسه كالطفل المطيع، لكنه لم يستطع الصمت لمدةٍ طويلة، فقال:
- لما غيرتِ لي ثيابي؟

- لما أنت مصرٌ على التحدث في ذات الموضوع؟
أجابته بسؤال بينما جلّ تركيزها مصبوب على تقليب الفطائر أمامها.

فوضع يديه بين فخذيه، وأجابها بكل بساطة مع حاجبين مرفوعين وشفاهٍ مبوزة:
- لا يوجد سببٌ وجيه...مجرد فضول.

إستدارت نحوه ووضعت الصحنين على الطاولة، لتباشر في سكب شراب القيقب فوق الفطائر مع القليل من توت العلّيق حولها، وأجابت:
- لأن ملابسك كانت مبللة.

لكنه شخر بسخرية!
- لا أذكر أننا قد سبحنا في البحر ليلة أمس!
أخبرتِني أنني ثملت، ومن ثم أحضرتِني الى المنزل على الفور!

لكنها بدورها قد شخرت بسخرية أكبر كما لو انها نكتةٌ غير مضحكة.
- كلا!..لقد سبحت في حوض الإستحمام يا لطيف! وفي الماء البارد أيضاً!

- لما فعلت هذا؟! انا لا أحب الماء البارد في حوض الإستحمام!

خاطبها بنوعٍ من التذمر لما فعلت، لكنها تجاهلت تذمره كالسابق، وباشرت في تناول فطائرها مجيبةً:
- لأنه وبكل بساطة حرارتك لم تنخفض إلا عندما وضعتك في الماء البارد!
صِدقاً! لو كنت أعلم أنك تكره حوض الإستحمام لوضعتك في حوض المطبخ، على الأقل كان ليكون هناك مشهدٌ يستحق!
ضحكت بإستهزاء لتخيلها المنظر، لكنه لن يرضى أن تسخر منه دون أن يردها لها.

- وكان ليكون مشهداً رائعاً وأنتِ تحاولين رفعي لحوض المطبخ! أراهن أنكِ ستُسحقين!

- من الجيد انك تعلم بوزن الفيلة الذي تعاني منه!

إبتسم بجانبية ليضيف مصححاً جملتها:
- كلا عزيزتي...إنها العضلات.

قلبت مقلتيها لحديثه عديم النفع وركزت على إفطارها.

- أريد سِلكاً لشحن الهاتف.
نطقت بنبرة تميل للأمر اكثر من الطلب، فهز رأسه موافقاً.

وأخيراً قد قرر تذوق ما أعدته، وسرعان ما أصدر صوتاً ينُمُّ عن إعجابه بالطعم ليقول مبتسماً:
- لذيذ، أنه كالذي تعده أمي، ولكن خاصتها ألذ قليلاً...لا بأس، ستكونين زوجةً وأماً رائعة للمرة الثانية عزيزتي.

هذه المرة حدجته بنظرةٍ قاتلة كانت كفيلة بجعله يحدق في طبقه بكل أدب ويخرس.

_____________________________

خرجت ايرين منذ الصباح الى السوق، ذهبت الى متجر البقالة أولاً وإشترت منه بعض الأغراض التي تنقصها، ثم أخذت جولةً قرب نهر الهان، وقد أعجبها المكان كثيراً.


وبينما كانت تجلس أمامه، أخذت تستنشق الهواء المعطّر برائحة الأزهار من حولها بينما تغمض عينيها بإنسجام لنسمات الهواء العليل.

ظلت على هذا الحال لفترة قبل أن تعيد فتح عينيها من جديد، فقابلها منظر النهر مرة أخرى.

إبتسمت بهدوء كحالها الذي هي عليه الآن...هذا المنظر البسيط كان كفيلاً بجعلها تتحسن.

شعرت كما لو أنّ كل الطاقة السلبية قد خرجت مع الهواء الذي زفرته تواً.

نهضت بعد دقائق أخرى من تأملها، لتغادر المكان رغم رغبتها في البقاء قليلاً بعد؛ لكنها مشغولة ويجب عليها العودة قبل وقت الظهيرة.

وبعد مدةٍ لا بأس بها كانت داخل شقتها بالفعل...باشرت في تنظيفها، وكذلك طهو الطعام من أجل غذائها، فعلى اي حال لديها زائرٌ اليوم.

________________________

بعد فترةٍ وجيزةٍ من جلوسه في حجرة رسمه تم إقتحام المكان، وقد كانت لورا بالطبع، ومن غيرها سيدخل من دون طرق الباب!

- مالذي تفعله؟
تسائلت بينما تحدق بالمكان حولها، فدحرج مقلتيه بضجر من عدم إستيعابها لجملة أطرقي الباب قبل أن تدخلي.

لا يعلم لما تتشارك هذه النقطة مع جونغكوك، كما لو أنهما يفعلانها فقط لإزعاجه...ربما لأنهما يمتلكان عقليْ طفلين مدلليْن!

- ومالذي ترينه برأيك؟
تغابى كما فعلت، لتجيبه مدّعيةً عدم المعرفة وذلك فقط لتغيظه:
- لست أعلم، ربما تلعب البيسبول!
أمالت شفتيها مدعيةً التخمين والبراءة.

إستدار نحوها وناظرها بمعنى 'حقاً!'، فقهقهت بخفة قبل أن تعيد نظراتها الى ذاك الحائط المليئ باللوحات محدقةً بها.

- أتيت لأخبرك بأن أمي تريدنا جميعاً،تعلم...اليوم هو إجازة الخدم، وقد غادروا قبل قليل وكذلك السيدة شين، وربما سيأتي الطقم الآخر عند حلول المساء وهي كذلك، لذا أمي تريد منا مساعدتها في إعداد الغذاء.

إبتسم بخفة بينما يراقب ملامحها الطفولية والبريئة وهي تراقب لوحاته، فإستقام من كرسيه وإتجه نحوها مبعثراً شعرها، من ثم شد وجنتيها.
- إذاً هيا بنا...أيتها الطفلة!

وما إن نطق بها حتى حدجته بسخط، لتبدأ بالركض خلفه.

ظلت تركض ورائه الى حين وصولهما الى المطبخ حيث جين ووالدتهم.

صرخ هو بضحك بينما يختبأ خلف والدته مستنجداً بها.
- آسف لم أقصد!

توقفت عن ملاحقته بعد شعورها بالرضى طبعاً، فضحك كلٌ من جين والسيدة ريونغ على طفوليتهما بينما هو يلهث من الركض وهي تبتسم بإتساع.


كان جين يطبخ بمهارةٍ كما لو انه طباخ محترف، ووالدتهم كذلك، فرغم ثرائهم الفاحش إلا أنّ ذلك لم يمنعهم من أن يكونوا بسطاء في معظم الأحيان.

اما لورا، فوظيفتها تكمن في أنها المتذوق الخاص والذي يبدي برأيه بما انها لا تعرف الطبخ جيداً...لطالما سخروا منها لأن جين يطبخ أفضل منها!

وأخيراً تايهيونغ، والذي كان مسؤولاً عن تجهيز الطاولة ووضع اللمسات فوق الصحون بما انه يشارك لورا ذات الأمر وهو عدم معرفتهما للطبخ.

وسرعان ما دخل السيد كيم المطبخ ليجد تلك الأجواء اللطيفة، فإبتسم بخفة قبل أن يتجه نحو زوجته المنغمسة في الطهو محيطاً خصرها من الخلف برومانسية.
- مالذي تعده زوجتي الجميلة؟

إبتسمت مستحيةً من تصرفاته أمام أبنائها واللذين قد صرخوا جميعاً وفي آنٍ واحد ليزيد ذلك من خجلها أكثر فأكثر.

قهقه زوجها بخفة على أبنائه ليتجه نحوهم، حيث ساعد تايهيونغ في نقل الصحون الجاهزة الى الطاولة، ثم جين الذي يعد السلطة كآخر شيء.

إجتمعوا وأخيراً حول المائدة، ليباشروا الأكل وحديثهم لم يخلوا من روح الدعابة كالعادة.

________________________

- جونغكوك...سنلتقي عند السابعة في نادي القولف انا وانت وإيونها، وإن تأخرت فسأقتلك!
كان هذا تايهيونغ الذي يحادث جونغكوك عبر الهاتف.

- حسنا حسنا.

أُغلق الخط هذه المرة من طرف جونغكوك على غير العادة...ربما أراد تجربة شعور تايهيونغ الذي يغلقه دائما في وجهه من دون سماع إجابته.

أخبر تايهيونغ جونغكوك بذلك بعد أن إتفق هو وإيونها، والتي قد وجدت مساحةً شاغرة في جدولها اليوم.

كان متحمساً لقضاء الوقت برفقتهما، خصوصاً وأنهم سيذهبون الى نادي القولف وسيتنافسون على الفوز.

الساعة الآن تشير الى السادسة...لذا غيّر ثيابه ونزل الى الأسفل حيث يجلس الجميع.

جلس برفقتهم، ومالبث أن إستقام جين الذي قد حدق في ساعة معصمه قائلاً:
- المعذرة...سأغادر الآن.

- الى اين؟!
أوقفه سؤال تايهيونغ، ليجيبه:
- سأذهب لتعزية ايرين في منزلها، لقد أخبرتك عنها بالأمس، هل تذكر؟

وما إن سمع إسمها حتى تبدلت ملامحه لأخرى ممتزجة بين الشفقة والهدوء.
- أجل تذكرتها.

- ومن تكون ايرين هذه؟!
تسائلت والدتهم بتعجب، ليجيب تايهيونغ هذه المرة:
- إنها موظفة في شركتنا.
إكتفى بتلك الكلمات، ليوضح لها جين أكثر:
- هي تعمل في شركتنا وتكون صديقتي أيضاً، إنها لطيفةٌ للغاية، لقد توفيت جدتها منذ ثلاثة أيام تقريباً، وذهبت لمسقط رأسها في بوسان، ولم تسنح لي الفرصة بتعزيتها هناك، لذا قررت زيارتها وتقديم الواجب إليها كصديق، كما وأنّ جدتها هي آخر فردٍ من عائلتها، لهذا الوضع يختلف كلياً بالنسبةِ لها.

إعترت الجميع ملامح متأسفة لما سمعوه، ولكن والدته إبتسمت بخفة بعد ذلك لتقول:
- جيد بني...انها فكرةٌ حسنة، إذهب إليها وخفف عنها قليلاً، فهي بالطبع ستكون بحاجةٍ الى المواساة الآن.

- أريد ان أتعرف عليها أرجوك!
توسلته لورا بطفولية ليبتسم بخفة، وقد كان على وشك الإجابة إلا أنّ والده قد تحدث هذه المرة مقترحاً:
- ما رأيك أن تعرض عليها المجيئ لتناول العشاء برفقتنا الليلة...ستكون فكرةً رائعة.

- أجل أجل أرجوك!
توسلته لورا من جديد بينما تمسك يده بترجي وتبوز شفتيها، فخاطبها تايهيونغ بحنقٍ مفاجئ:
- كفي عن قول أرجوك تلك!
إن كانت تريد المجيئ فستأتي لوحدها، هو لن يجبرها على اي حال!

تعجبت من تقلّب مزاجه المفاجئ، والذي يليه نهوضه ومغادرته للمكان تحت تحديقات الجميع المتعجبة.

ورغم ذلك، همهم لها جين قبل أن يلحق بأخيه مردفاً:
- حسناً، سأقترح الفكرة عليها وأحاول إحضارها، حسناً؟

- حسناً.

________________________

كانت ايرين منشغلةً في ترتيب مكان جلوسها حينما كانت تشاهد التلفاز مع بعض الوجبات الخفيفة للتسلية، لكنها قُوطعت فجأة لسمعها صوت طرقٍ على الباب.


تركت ما بيدها سريعاً قبل أن تهم بفتحه ظناً منها انه جين...لكنه لم يكن كذلك!

- سيد يانغ؟!
تحدثت بتفاجؤ بعد ان وجدت انه صاحب هذه الشقة،
وكل ما جال بفكرها هو مالذي يريده؟!

- أهلاً بكِ...هناك موضوعٌ أودُّ محادثتكِ به، وهو عن الشقةِ بالطبع.

إنتابها القلق لتعابيره الجادة، وخصوصاً عند ذكره لأمر الشقة.

- إن كنت تقصد الإيجار فقد دفعته لك مسبقاً عند إستلامي الشقة...ألا تذكر؟!

- كلا انا لا أقصد الإيجار، أتيت لأخبركِ بأن تقومي بإخلائها الليلة وتغادري.

وسعت عينيها لما تفوه به تواً، فنطقت بصدمة:
- لِما؟!
لم يسعها النطق سوى بتلك الكلمة لشدة صدمتها.

- لا تقلقِ، انتِ دفعتي الإيجار وأتممتِ مدة شهرٍ كامل بها، وهذا يعني انه لم تعد بيننا اي حسابات لنصفيها!
في الحقيقة لدي بعض الظروف العائلية التي تقتضي علي فعل ذلك...انا بحاجةٍ ماسّة إليها الآن لذا رجاءً إحزمي أمتعتكِ وغادريها الليلة، انا لن أنتظر أكثر من هذا يا آنسة.

لم تستطع قول اي كلمة! ولم تستطع الإعتراض أبداً!
كلامه منطقي...هي قد أتمت الشهر بالفعل، وقد دفعت القسط الأول لبقائها بها، ولم يعد بينهما أي دَيْنٍ الآن، لذا من حقه طلب ذلك.

لوهلةٍ شعرت بأن العالم يصغر من حولها ويخنقها مانعاً عليها أي سبيلٍ للتنفس!

ولم تستطع النبس ببنت شفةٍ أيضاً!

أين ستذهب الآن!...ظنت انها ستجد الراحة وأخيراً، لكن يبدو أنّ الشقاء قد كُتب على حياتها!

أغمضت عينيها وأسندت جذعها على حافة الباب بضعف
مانعةً دموعها من الإنزلاق على وجنتيها بصعوبة.

- مالذي يحدث هنا؟!
تسائل جين بملامح مستنكرة، والذي حضر تواً ووجد هذا المشهد الغريب يستقبله!

- يجب على الآنسة إخلاء المكان الليلة.
أجابه الرجل برسمية، ليجعد جين ما بين حاجبيه.
- لما؟..لما الليلة تحديداً؟!

- آسف، لدي بعض الظروف التي تجبرني.

- ولكن...
كان على وشك مناقشته علّه يتوصل لحلٍ معه، لكن ايرين أمسكت كتفه مانعةً إياه.
- يكفي جين، حسناً سأغادر الليلة كما طلبت.

نظر إليها جين بتفاجؤ، بينما هي قد حاولت المحافظة على ثباتها أمام صاحب الشقة الذي إستأذنهم وغادر بالفعل.

- لما وافقتِ؟!..لما لم تطلبي منه البقاء حتى الغدِ على الأقل؟! الظلام قد خيّم بالفعل!
وبّخها بإنفعالٍ طفيف، فتنهدت قبل أن تجرّ قدميها بتثاقل نحو الداخل وتحديداً الى غرفتها.

- ليس لديّ أي حقٍ بالرفض، فأنا قد أتممت مدتي وقد سلّمته المال بالفعل، قال أنّ لديه بعض الظروف العائلية المستعجلة، لذا لا أستطيع الإعتراض أو الرفض.
تحدثت بهدوء كما لو انها قد إعتادت على مثل هذه الصدمات في حياتها.

تفاجئ من هدوئها الغريب هذا، لينطق من جديد:
- كان بإمكانك طلب البقاء الليلة على الأقل!

- لقد كان مُصِرّاً للغاية، ويبدو انه يريدها الليلة.
أجابته بذات النبرة بينما تخرج ثيابها من الخزانة وتضعها داخل حقيبتها التي وضعتها تواً على السرير.

فزفر أنفاسه بنفاذ صبر بينما يدلك ما بين حاجبيه بيدٍ والأخر يريحها على خاصرته.
- ايرين...يمكنني إقناعه وإيجاد حل إذا أردتِ!
خاطبها بجدية بعد أن أراح يديه للأسفل.

- كلا جين...شكراً لك، يمكنني تدبر أمري الليلة والذهاب الى هيري.

تنهد من جديد ليمسك بكتفيها مردفاً:
- حسناً كما تريدين، لكنكِ ستذهبين معي أولاً لتناول العشاء في منزل عائلتي.

كانت على وشك الإجابة، وقد علِم أنها ستعتذر منه وسترفض الأمر، لهذا سبقها قائلاً:
- لا يمكنكِ الرفض الآن، فوالدي هو من طلب ذلك.

حدقت به قليلاً، ثم تنهدت بقلة حيلة وهمهمت بخفة.
- حسنا.

- لا تقلقِ، سنجد حلاً لهذا، لا تفكري كثيراً بالأمر ودعي كل ما يقلقكِ خلفكِ الآن ولتستمتعي بوقتكِ الليلة، فالجميع متشوقٌ لرؤيتك، خصوصاً شقيقتي الصغرى...حسناً؟
كان لا يزال ممسكاً بكتفيها بينما يناظرها بلطف، فإبتسمت على الفور وهمهمت مِراراً قبل أن تحتضنه بشكر.

دفنت نفسها بين أحضانه علّه يخفف عنها، فهي كانت تحبس دموعها بمشقةٍ أمامه، وهو قد تفاجئ في بادئ الأمر لكنه إبتسم بخفة وبادلها حضنها العفوي.


فصلا العناق بعد مدة، لتهم بجمع أغراضها من جديد، وذلك بمساعدته طبعاً.

- انتِ ستبيتين معنا الليلة.
نطق بعد مدة من الصمت، فنظرت إليه بدهشة، وسرعان ما لمح ذلك ليقلب مقلتيه ويتذمر:

-بربكِ ايرين! لما ترفضين كل ما أطلبه منكِ؟! هذا الأمر يزعجني كثيراً!

- كلا انا لا أرفض طلبك، ولكنني أخبرتك مسبقاً انني سأذهب الى منزل هيري!

- أولست صديقكِ مثلها؟!
أرجوكِ لا تكونِ عنيدةً ووافقي ولو لمرة على طلبي ولا تنظري للأمر برسمية، فأنا صديقك بالنهاية!
وواجب الأصدقاء هو مساعدة بعضهم البعض..أرجوكِ لا تكوني عنيدةً ولو لمرةٍ واحدة ووافقي!

- ولكن!
كانت على وشك الإعتراض من جديد، لكنه ناظرها بإنزعاج، فقالت:
- آه حسنا حسنا، ولكن ليكن في علمك فقط انك انت العنيد الوحيد هنا!
قهقها سوياً بعد جملتها هذه ليكملا ما كانا يفعلانه.

_______________________

كانوا قد أمضوا وقتاً لا بأس به في اللعب والفوز كان حليف جونغكوك بالطبع، والذي لم يكف عن السخرية منهما لخسارتهما أمامه.

أما الآن، فثلاثتهم يجلسون ويتبادلون أطراف الحديث بينما يشربون الكولا الباردة.

- تايهيونغ...لما تبدو شارذاً؟
تسائلت إيونها بعد ملاحظتها لحالته، لكنه إبتسم نافياً.
- لا يوجد شيءٌ مهم.

همهمت هي وجونغكوك الذي ما لبث أن أطلق تنهيدة متعبة جعلت من رفيقيْه يحدقان نحوه بتساؤل!

- ما بك انت الآخر؟
سألته هو الآخر، ليحدق بالفراغ أمامه قبل أن يردف:
- لقد تشاجرت مع والدي بالأمس وتركت المنزل.

- لما؟ مالذي حدث؟
تسائل تايهيونغ بقلق، ليبتسم الآخر بإنكسار موجهاً نظراته نحوهما.
- لا تقلقا...لقد إعتدت على هذا، فهو ليس بالأمر الجديد.

- ولكن كيف لا نقلق عليك؟!
جونغكوك أخبرنا بما جرى، فلربما نجد حلاً للأمر او على الأقل لا تكتم ألمك لنفسك وأخرجه لنا...نحن أصدقاؤك!
حادثته إيونها بنبرةٍ قلقة وموبخة بينما تمسك بيده وهو منكسٌ برأسه لأسفل.

وسرعان ما تنهد قبل أن يسرد لهما ما جرى إبتداءً من ذلك الحادث الى حين خروجه من المنزل وهو غاضب.

- هذا كل ما حدث.
تحدث بعد أن أنهى سرد ما جرى، لتربت إيونها على كتفه بخفة.
- جونغكوك...أنت تعرف والدك جيداً، لذا لا تكن كما لو انك تخوض مثل هذه التجربة لأول مرة!
أُقدّر حزنك، وأُقدّر مقتك لتصرفاته مع والدتك، لكنك بهذا تقلقها عليك! صدقني...هي لن تكون سعيدةً بقرارك هذا! يجب ان تعود وتصلح الأمر على الأقل من أجلها!

رفع عينيه ليجدها تبتسم له بدفئ هي وتايهيونغ، فتنهد بقلة حيلة.

- لكنني لم أجتز كلماته المبهمة تلك بعد!
لقد خاطبني كما لو كنت نكرة!..أعني مالذي يقصده بقوله انها عليها أن تكون شاكرة لإبقائها على قيد الحياة حينما كانت حاملاً بي!مالذي يقصده؟!..أشعر بالضياع حقاً!

- لِما لا تسأل والدتك؟..فهي بالتأكيد تملك الإجابة!
إقترح تايهيونغ، ليتنهد جونغكوك بيأس.
- لست أعلم! ولكن كل ما أعلمه الآن هو انني بحاجة الى ان أبتعد عنهم جميعاً حتى أرتب أفكاري وأرتاح قليلاً.

ربتا كليهما على ظهره بمواساة، لتقول إيونها بلطف
- حسنا، كما تريد.

إبتسم لهما قبل أن يفتح ذراعيه نادهاً لهما بالإقتراب،
وهما لم يترددا في تلبية رغبته، ليحتضنوا بعضهم البعض بدفئ.

__________________________

أنهيا جين وايرين توظيب الأغراض بالفعل، وقاما بوضعها داخل سيارته، ثم غادرا المكان بهدوء.

كان قلبها ينزف دماً لما حدث، لكنها إعتادت على مثل هذه الأمور وحاولت ضبط نفسها ونسيان الأمر من أجله.

وبعد فترةٍ بسيطة، لاحظت دخول الآخر الى حيٍّ فخم!

جميع المنازل من حولها تبدو كالقصور لشدة ضخامتها وفخامتها.

إذا أنها قد أسندت وجنتها اليمنى بيدها متأملةً جمال المكان من حولها.

شوارعه هادئة وتشعُّ نوراً بفضل الإضائة على عكس الأحياء الأخرى، كما وتزيّنه العديد من الأشجار المقلمة بعناية فائقة وبأشكالها المختلفة أيضاً.

- هاقد وصلنا.
أفاقها جين من جولة تحديقها لتناظر المكان من حولها بإعجاب، خصوصاً بعد ركنه للسيارة في ساحة القصر ذات المنظر الخلاب...وبالطبع لا ننسى واجهة القصر الجميلة والشاهقة.


- إنه جميل.
أبدت إعجابها للآخر بينما تحدق بكل ما حولها.

أطفأ جين سيارته، ليترجل منها وهي كذلك، أحكمت الإمساك على معطفها كنوعٍ من التوتر الذي زارها فجأة ومن دون مقدمات!

ربما لأنها قد تذكرت انها مدعوةٌ للعشاء برفقتهم، ولم تسنح لها الفرصة بجلب هديةٍ بسيطة معها...كان نوعاً من الخجل ربما.


بينما جين قد تكفل بإنزال حقيبتها الأساسية كغرضٍ أولي وترك البقية في السيارة بما أنها ستبيت معهم الليلة فقط.

وما لبِث أن سارع إليهم شاب بدى من لباسه انه خادم في هذا القصر، إنحنى لهما بإحترام ليقول:
- هاتها عنك سيدي.
وقد قصد بحديثه الحقيبة، لكن جين ناوله مفتاح السيارة وإبتسم بلطف.

- لا عليك...فقط ضع السيارة في المرآب وإذهب لترتاح.

قام ذاك الخادم بشكره، ثم غادر بهدوء، أما ايرين فقد حدقت بكل ما جرى، وأقسمت في قرارة نفسها أنّ جين هو أطيب وألطف شابٍ إلتقته حتى هذه الساعة!


فأغلب من هم بوضعه لا يعاملون من هم أقل منهم بهذا التواضع والإحترام!..بدى مختلفاً كلياً في نظرها، وهذا ما زاد من ثقتها به.

دخلا القصر سوياً، ولم تكف ايرين عن النظر بذهول لجماله و فخامته من الداخل.

إستقبلتهما سيدة بدت لإيرين انها في عقدها السادس ربما...تقف بإعتدال، وترسم إبتسامةً هادئة على ثغرها الصغير.

- أهلا بك سيد جين.

بادلها جين ذات الإبتسامة المرحبة ليقول:
- مرحباً سيدة شين، هذه صديقتي ايرين...هي ستبيت معنا الليلة، لذا من فضلكم حضّروا لها غرفة الضيوف.

- حسناً.

- ملامحها هادئة ومريحة للغاية...تبدو طيبة القلب.
كان هذا رأي ايرين بها متمتمتاً لنفسها بإبتسامة خفيفة، لكنّ الواقف بقربها قد سمع همساتها، فأيّد رأيها.

- أجل إنها كذلك، السيدة شين ألطف شخصٍ هنا...أعتبرها كوالدتي تماماً، فمنذ أن فتحت عيناي وأدركت الحياة وهي برفقتنا.

هزّت ايرين رأسها كإجابة، ومن ثم حدقت به بحيرة عندما جرّها خلفه نحو غرفة جلوسٍ عملاقة بطابع كلاسيكي هادئ، بدت كمكان يجتمع فيه أفراد الأسرة للتحدث مع بعضهم والإستمتاع بأجواء عائلية دافئة.

لمحت وجود إمرأةٍ جميلة وبجانبها فتاةٌ ذات ملامح طفولية ولطيفة، وكذلك السيد كيم الذي ميزته بالطبع بالرغم من انه لا يعرفها جيداً!

إبتسموا جميعاً عندما دخلت برفقته لمعرفتهم هويتها بالطبع...خصوصاً لورا!

- أمي، أبي، لورا...هذه هي صديقتي ايرين التي حدّثتكم عنها، ايرين...هذانِ والداي، وتلك هي شقيقتي الصغرى لورا.

قهقهت ايرين بخفة عندما لوّحت لها لورا بسعادة بعد نطق شقيقها لأسمها، فحيّتهم جميعاً بأدب ولباقة.

Irene pov:~

كنت خجلةً بعض الشيء، وبعد ان قدمني جين إليهم إستقام والده وإبتسامته تكاد تشق وجهه، ورحب بي قائلاً:
- أهلاً بكِ يا إبنتي، تعالي وأجلسي...لا تخجلي أبداً، فالبيت بيتك.

لم أكن أعلم أنّ السيد كيم بهذه اللطافة حقاً!

و ما إن أنهى كلماته حتى أتت لورا وأمسكت بيدي لتتخذ لي مكاناً بقربها.

- أهلا بكِ...رغم انه قد أخبركِ بإسمي ومن أكون أيضاً، إلا أنني احب تقديم نفسي بنفسي، انا لورا شقيقة هذه اللامة...تشرفت بمعرفتكِ.
أبتسمت لي حتى كادت عيناها تختفي...يالها من ظريفة، اللقب يليق به كثيراً!

ضحك الجميع عليها بما في ذلك جين نفسه.

- تشرفت بكِ أيضاً.

وقعت عيناي فيما بعد على جروةٍ لطيفة تجلس على وسادةٍ خاصة بالكلاب، لأبتسم لا شعورياً على مظهرها اللطيف، وما لبث حتى ندهت عليها لورا بإسم هولي، لتأتي مسرعةً إليها.

لقد قفزت في حضنها على الفور ل،تبدأ لورا في تمسيد فروها الأبيض الناعم بينما هي مسترخيةٌ للغاية.


إتخذ جين مكاناً لنفسه هو الآخر بعد ان كان واقفاً طوال هذه المدة، وقد جذبت إنتباهي والدته بعد سؤالها والذي طرحته بإبتسامةٍ ودودة:

- إذاً ايرين...حدثينا قليلاً عن نفسك.

إبتسمت بإرتباك وخجلٍ واضح، لكنني تكلمت بالنهاية:
- أنتم تعرفون إسمي بالفعل، أما عن عملي؛ فأنا أعمل في شركتكم كموظفة في قسم التصميم التابع للسيد هوسوك بالطبع، أبلغ من العمر ثلاثةً وعشرين ربيعاً، كما أنني إنتقلت للعيش هنا بسيول مؤخراً من أجل العمل...أعتقد أنّ هذا كل شيء.
دعكت رقبتي بخجل...آه أتمنى أن لا يضايقهم بقائي هنا!

- اوه بالمناسبة...ايرين ستبيت هنا الليلة.
كان ذلك جين الذي قد أعلمهم للتو بأمر بقائي، والذي قد تسبب في إحمرار وجنتاي كحركةٍ تلقائية.

ولكنّ لورا قفزت بحماس وهتفت:
- حقاً!..هذا رائع!

- أجل...لقد أضطررتُ لترك مسكني اليوم بسبب بعض الظروف، وسأبحث عن غيره غداً، شكرا لكم على إستضافتي.
فسرت سريعاً رغم أنّ السعادة كانت مرتسمةً على وجوههم عكس توقعاتي، أي انهم فرحون بفكرة بقائي، وهذا ما أراحني.

- حقاً! نحن آسفون على ما حدث.
إعتذرت والدته رغم أنّ لا علاقة لهم بأي شيء، لذا نفيت سريعاً.
- كلاّ سيدتي، إنه ليس خطأكم!

تبادلنا أطراف الحديث لمدةٍ لا بأس بها، كما وقد قدموا تعازيهم لي على وفاة جدتي.

بقينا على هذا الحال الى أن أتت تلك السيدة المدعوة بشين لتعلمنا بأن العشاء جاهز.

فتوجهنا جميعاً نحو الطاولة، وقد كانت ضخمة وتحمل العديد من أصناف الطعام اللذيذة والمختلفة.

وما إن جلسنا تسائل السيد كيم بتعجب:
- ألم يعد تايهيونغ بعد؟!

وقد تذكرت للتو انه فردٌ من هذه العائلة أيضاً...وهذا ما زاد من نسبة توتري!


End irene pov.


- ألم يعد تايهيونغ بعد؟!
تسائل السيد كيم بتعجب لتأخر إبنه في العودة.

- هاقد أتيت.
أجابه بنفسه بينما يدخل المكان بإبتسامة تزين ملامحه الجذابة، ولكن سرعان ما تلاشت عندما وقعت عيناه على هيأتها تجلس بينهم...وهي كذلك لم تكن أفضل حالاً منه!


تشكل بينهما تواصلٌ بصري لفترة، الى أن قطعه هو بإبتسامةٍ مرتبكة يليها تقدمه نحوها كما لو أنّ الذي حدث سابقاً لم يكن له أي وجود.

- أهلا بكِ، وتعازيَ الحارة على فقدان جدتك.
صافحها برسميةٍ وإحترام، فالأدب أهم خصاله بإستثناء الشخص الذي يخاطبه.

- شكراً لك.
شكرته بينما تحاول عدم النظر في وجهه لتقليل التوتر الذي ساد بينهما.

إتخذ لنفسه مكاناً وهو الذي يقابلها بالطبع، حيث انها كانت تجلس بين السيدة ريونغ وجين بينما يقابلها هو وبجانبه لورا، اما السيد كيم فقد كان يترأس الطاولة.

مضت نصف ساعةٍ تقريباً منذ جلوسهم وايرين لم تنطق بأي حرفٍ عدا توزيع الإبتسامات على أحاديثهم اللطيفة عن يومياتهم، وكل ذلك لتتجنب النظر إليه رغم شعورها بتحديقاته التي تكاد تخترقها بين الفينة والأخرى!

- ايرين...لست أعلم ولكنكِ تبدين مألوفة!
أظن بأني قد سبق ورأيتكِ من قبل!..أين؟ أين؟..أين ياترى؟!..آه اجل تذكرت! انتِ تشبهين تلك الفتاة المرسومة في إحدى...
تحدثت لورا التي أمضت ثوانٍ طويلة وهي تحدق بالأخرى قبل أن تكشف عن المكان بعد تذكرها، لكنها لم تنهي حديثها بفضل يد تايهيونغ التي أخرستها، وذلك بوضعها على ثغرها الثرثار كما يسميه هو!

تعجب الجميع من تصرفه، إبتداءً من فزعه الى إبتسامته المرتبكة فيما بعد

- آه، انها تقصد بأنك تشبهين إحدى صديقاتها...أجل انتِ كذلك!
تحدث بتوتر، لتقطب لورا حاجبيها بإستنكار مبعدةً كفه عن ثغرها.

- كلا انا لم أقصـ...آه!
أخرسها من جديد، ولكن هذه المرة بقرص ذراعها من أسفل الطاولة قبل أن يرمقها بسخط!

فهمت انه لا يود التحدث عن الأمر، لكنها لن تمرره له بسهولة دون أن تعرف السبب!

أنهوا وجبة عشائهم، لينسحب الجميع نحو غرفهم بالتدريج، وايرين كذلك بعد أن دلّتها السيدة شين على مكان غرفتها.

- هاي إنتظر!
إستوقفت لورا تايهيونغ، وسحبت ذراعه نحو غرفته مغلقةً الباب خلفها دون أي مقدمات!

- ماذا؟!
تسائل بضجر، لتتخصر أمامه بتحاذق بينما تضيق عيناها بشك!
- لما منعتني من التحدث قبل قليل؟!

- عن أي أمرٍ تتحدثين؟
إدعى عدم الفهم ليتملص من الإجابة، لكن شقيقته تعلم جيداً أنّ هناك أمراً يخفيه، وهي لن يغمض لها جفنٌ حتى تكتشفه!

- لا تدّعي الغباء زرافتي! كِلانا يعلم أنك تخفي شيئاً ما، وانا لن أغادر حتى أعرف ما هو!

قلب مقلتيه بضجر قبل أن يشير نحوها بسببابته محذراً إياها:
- لا تنسي انني شقيقكِ الأكبر! ولست مضطراً لإخباركِ أيضاً!

- حقاً!..إذا لا مانع لدي في إخبارها!
رفعت حاجبيها، ثم إستدارت من أجل الذهاب، لكنه أوقفها بإنزعاج.
- مهلاً...توقفي حالاً! لما تتصرفين كالأطفال فجأة؟!

- هذه الطفلة قادرة على فضح أمرك، أخي العزيز...لما لا تخبر شقيقتك اللطيفة وحسب!
تحدثت بلطافةٍ مصطنعة، وهذا ما جعله ينزعج أكثر لينفي بثبات:
- كلا...لا يوجد أي شيءٍ لأخبرك به!

- حسنا إذاً...فلتجهز عذراً لإنقاذ هيبتك التي ستدمر أمامها ما إن تعلم.
إستدارت من جديد بينما يقف هو خلفها ويركل الأرض بحنق قبل أن يشد على قبضتيه لاكماً الهواء ويسرع إليها حتى يوقفها.
- حسناً حسناً توقفي!

إبتسمت بجانبية لنجاح خطتها، ثم إستدارت نحوه بملامح جامدة دون النطق بأي حرف.

تنهد بيأس، ومن ثم بلل شفتاه وقال:
- في الواقع...لست أعلم السبب تحديداً، ولكن لا تخبريها أرجوكِ!

- إذاً لما قمت برسمها؟!
تسائلت بشك بينما ترفع إحدى حاجبيها بعدم إقتناع، فتحرك من مكانه ليجلس على حافة السرير بينما يرفع يديه بمعنى لا أعرف.

- لا أعرف!
لا أعرف لما رسمتها، ولكن...أنت تعلمين...انا أرسم كل ما يجول بمخيلتي دون تخصيص شيءٍ معين و...

- إسمع تايهيونغ! جوابك هذا ليس مقنعاً، لكنني أعلم أنّ الإجابة الحقيقية لا تزال مشوشة بالنسبةِ لك!
لن أضغط عليك أكثر، وسأدعك حتى تتضح رؤيتك تجاه الموضوع، أما الآن...فأريد تعويضاً مقابل كتمي لسرك الصغير!
تحولت نبرتها من الجادة الى أخرى خبيثة مع إبتسامة مستفزة آخر حديثها، ليتأفف بضجر.
- اللعنة...حسنا حسنا، مالذي تريدينه؟

كان منزعجاً وبشدة، لكن هذا لم يمنعها من الضحك في وجهه.

- أظن بأن أخذ بطاقتك الإئتمانية وشراء كل ما أرغب به بواسطتها سيكون أمرا جميلاً...ألا توافقني الرأي؟!

حدجها بسخط وتوعد قبل أن يسحبها من محفظته ويسلّمها إياها وعيناه تطلق شرراً من اللهب.
- يالكِ من لئيمة!

- كلا عزيزي، انه ما يسمى بالذكاء الإجتماعي!
أجابته بأبتسامةٍ شريرة بينما تلوح ببطاقته أمام وجهه، ليلكم الهواء حوله بحنق.

وقبل أن تخرج، قبلت وجنته وقالت بلطف:
- طابت ليلتك زرافتي.
ومن ثم خرجت وهي تقفز بسعادة كالأطفال، بينما هو قد أخذ ينتف شعره بعصبية!

___________________________

تخلل صوت طرقٍ على باب غرفتها لتأذن للطارق بالدخول، ولم تكن سوى إحدى الخادمات، والتي تحدثت برسمية:

- يا آنسة...السيد كيم يريدكِ بمكتبه حالاً.

- حسناً.
تعجبت من هذا الطلب، وخصوصاً في مثل هذا الوقت، لكنها لحقت بتلك الخادمة على كل حال.

ولجت مكتبه، لتجده بإنتظارها وملامحه تحمل الجدية.

توترت قليلاً، لكنها أخفتها بالطبع وحافظت على ملامحها الطبيعية، وسرعان ما أشار لها بالجلوس لتمتثل لطلبه.

- لقد أخبرتني الخادمة أنك تريد رؤيتي.
قطعت حبل الصمت لتزيح بعضاً من توترها على الأقل!

- أجل...في الواقع هناك أمر مهمٌ يجب أن نتحدث بشأنه، وأتمنى أن تتفهمي قراري الذي أتخذته.
تحدث بجدية، ولم تزدها جديته وحديثه سوى تساؤلا لتقول:
- بالطبع...ماذا هناك؟!

- أريد منكِ الإنتقال للعيش معنا هنا بهذا القصر، وأرجو أن تتفهمي طلبي.

تعجبت من طلبه المريب هذا، لتتسائل بملامح مستنكرة:
- عفواً! ولكن سيدي هذا أمرٌ مستحيل!
أعني لِما تطلب مني طلباً كهذا وانت لم تعرفني إلا منذ ساعاتٍ معدودة؟!

عدّل نظاراته الطبية، وشابك أنامله ببعضها، ثم أجابها مشبعاً فضولها:
- في الواقع لدي أسبابي الخاصة، أرجو منكِ تفهم الأمر، نيتي ليست بالسيئة، ولكنني أفعل هذا لأسبابٍ تهمني وتهم جميع من حولكِ...لا تقلقي حيال الأمر فأنتِ ستكونين جزءً لا يتجزء من هذه العائلة إبتداءً من الآن.

إبتسامته التي رسمها آخر حديثه قد أراحتها قليلاً ولكن ما قاله لا يعتبر مبرراً كافي!

- ولكن سيدي انا...

- أرجوكِ ثقي بي...صدقيني، لن تخسري شيئاً، انا لا أريد لكِ سوى أن تعيشي براحةٍ هنا...ثقي بكلامي أرجوكِ ولن تندمي!
قاطعها بكلماته هذه والتي أثارت تعجبها أكثر!

- سيدي، انا أثق بكلامك حقاً، لكنني لا أريد أن أكون عبئاً على أي أحد! أعرف انك تعرض علي هذا الأمر بدافع الشفقة!
تحدثت بثبات، ليبتسم لها بهدوء قبل أن يمسك يدها قائلاً بنبرةٍ متوسلة ونظراتٍ راجية:
- كلا...انا لا أفعل هذا بدافع الشفقة!
انا أطلب منكِ هذا الطلب بنيةٍ طيبة، ولا أريد سوى مصلحتكِ...صدقيني.
ثم كيف لفردٍ من العائلة أن يكون عبئاً على بقية عائلته؟!
إبتسم بخفة، لتشعر هي ببعض الراحة لكلامه.

لوهلةٍ إلتمست الصدق في كلامه، ولكن هذا لم يمنعها من التردد في الموافقة.

ولكن كلماته هذه قد جعلتها تقرر وأخيراً:
- ثقي بكلامي أرجوكِ ولن تندمي، يمكنك إعتباري أباً لكِ وكذلك هذه العائلة كعائلتك.ِ..أرجوكِ لا ترفضي طلبي!

- حـ...حسناً.
نطقت وأخيراً بعد أن شعرت بالحرج من فكرة الرفض بعد كل هذا التوسل والإلحاح من طرفه ،خصوصاً بعد أن شعرت بالإرتياح لكلامه ووثقت به.

فإبتسم بإتساع وربت على كتفها قائلاً بفرحة غامرة:
- رائع...سنخبر الجميع غداً، خذي راحتكِ في المنزل، فأنتِ جزءٌ منه الآن، ولا تخجلي من طلب أي شيء...حسناً؟

بادلته الإبتسامة قبل أن تجيب:
- حسناً...شكرا لك سيد كيم.
كانت على وشك الإنحناء بإحترام عند شكره، لكنه رفع جذعها مانعاً إياها.
- كلا، لا تشكريني يا إبنتي، فهذا واجبي!

إبتسمت له بإمتنان، ليتحدث هو من جديد:
- يمكنكِ الذهاب للنوم الآن، عمتِ مساءً.

- عمتَ مساءً سيد كيم.
نطقت بتلك الكلمات معبرةً عن شكرها وإمتنانها، ثم غادرت مكتبه بهدوء.

●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●

#يتبع...

- رأيكم بالبارت؟

- تايهيونغ وأفكاره المشوشة والمتناقضة؟

- ايرين وكل يلي صار معها؟

- جونغكوك وضياعه في دوامة أفكاره من كلام أبوه وشو تتوقعوا يكون ؟

- علاقة تايهيونغ وجونغكوك وإيونها...وشو بتتوقعوا رح يكون دور إيونها وتأثيرها على الاحداث؟

- السيد كيم وقراره والسبب يلي خلاه يتخذه؟

- شو بتتوقعوا ردة فعل العيلة على خبر عيشها معاهم؟
وشو رح يغير هاد من حياتها وحياتهم؟

- تصرفات تاي اللبقة معها رغم إنزعاجه منها بدون سبب في بعض الأحيان؟

أتحفوني بأجوبتكم وتوقعاتكم😉

-توزع بوساتها عليكم نفر نفر- شكرا على تفاعلكم بالبارت الماضي وشكرا كمان على إجابة معظمكم على الأسئلة مثل ما طلبت💋


وكمان حابة أشكركم كتير كتير على 1K من المشاهدات، وبنتمنى أوصل معاكم لأكتر من هيك.

إن شاء الله يكون البارت عجبكم وحبيتوا الأحداث يلي بلشت تصير أحلى.

وكمان عم فكر انزل بارت لتسألوا فيه الشخصيات كما لو انكم في قابلة شخصية معهم، بس خايفة تسحبوا عليه.

اذا عجبتكم الفكرة خبروني لأنزله بكرا بإذن الله.

وحبيت أخبركم انو بإمكانكم تتواصلوا معي هون بنهاية كل بارت اذا كنتو حابين تتعرفوا علي او تعرفوا بعض المعلومات عني وانا رح أجاوب عليها كلها...هيك لحتى أتعرف عليكم اكتر💕




أشوفكم على خير حبيباتي🙈

See you next part...

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top