11~سُوءْ فَهِمْ!
قراءة ممتعة🧡
﴿أَحْسَنْتَ ظَنَّكَ بِالأَيَامِ إِذْ حَسُنَتْ...وَلَمْ تَخَفْ سُوءَ مَا يَأْتِي بِهِ الْقَدَرُ...وَسَالَمَتْكَ اللَّيَالِي فَأغْتَرَرْتَ بِهَا...وَعِنْدَ صَفْوِ اللَّيَالِي يَحْدُثُ الْكَدَرُ...يَا مَعْشَرَ النَّاسِ مَنْ كَانَ الزَّمَانُ لهُ... مُسَاعِداً فَلْيَكُنْ مَنْ رَأْيِهِ الْحَذَرَ﴾
- راقتني💫
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
بعد مرور أسبوعين...
مر شهرٌ كامل منذ مجيئ ايرين وهيري الى مدينة سيول، وهو أيضاً شهرٌ كامل منذ عملهما بالشركة،
اليوم ستتقاضيانِ أجرهما الذي طال إنتظاره بالنسبة لإيرين على وجه الخصوص، وأخيراً ستستطيع شراء الدواء لجدتها.
- فتيات...لا يزال أمامنا سوى شهرٌ واحد على موعد المهرجان، لذا يجب أن نكثف جهودنا ونعمل بجهدٍ أكبر.
خاطبهم هوسوك بصوته الرقيق مع حركاته التي حاول أن يجعلها جادّة قدر الإمكان، لكنها لم تكن كذلك مع الأسف...
تحمحمت ايرين بخفة، قبل أن تطرح سؤالاً كان يدور في ذهنها:
- عفواً هوسوك، لدي سؤال.
إبتسم هوسوك لا شعورياً حينما تحدثت لأدبها ورقتها.
- تفضلي عزيزتي ايري.
ضحكت عليه ميون، لتسألها هيري بصوتٍ خافت بينما ترمقه بريبة:
- هاي...ما بال ايري تلك هاه!
- هوسوك في العادة يطلق لقباً لطيفاً على كل من يستلطفه او يشعر بالألفة تجاهه.
أجابتها ميون بذات همسها، لتهمهم هيري بتفهم عائدةً لمكانها.
- كم بقي لنا لننهي كل شيء...أعني ما هي الأشياء التي لم تُنجز بعد؟
كان هذا سؤال ايرين والذي أعجب هوسوك بالفعل، فهو قد فهِم من كلامها انها مهتمة بالعمل.
- بقي لنا أن نخيط بعض الأزياء ونطرزها، كما وعلينا إختيار الأحذية والمجوهرات المناسبة لها، وبعد إنهائها سترتديها العارضات من أجل جلسة التصوير الخاصة بمجلة الشركة، والتي سنطلقها يوم المهرجان بالطبع وسنستخدمها في التسويق أيضاً.
فغرت هيري فهاها من الصدمة، لتقول بتعابير مندهشة:
- هاه!..مالذي تفوهت به للتو؟!..هل يعني هذا أننا لم ننجز اي شيءٍ حتى الآن؟!
تحولت نظراته من النشيطة الى اخرى فارغة:
- حقاً! ستسببين لي جفافاً بالبشرة يوما ما يا فتاة!
لما كل هذا الإحباط؟! نحن إجتزنا أصعب مرحلة وهي مرحلة التصميم، كما انني قد قمت بخياطة معظم الأزياء، لذا فالمتبقي بسيطٌ وسهل.
كان يوبخها بصوت أنثوي متذمر كعادة حديثه دوماً بينما يكمش كلتا يديه الى صدره مع ملامح مكشرة.
اما هي، فنظراتها كانت كفيلة بشرح مدى إستيائها من وضعه الذي بات أكثر أنوثةً منها وأكثر تأزماً من ذي قبل!
ومن بعد توبيخهِ هذا، حدق بالجميع من أعلى لأسفل ليردف بتعالي:
- ايري...هيا بنا، يبدو اننا الوحيدان اللذان يعملان بضميرٍ هنا ويريدان من المهرجان أن يكون مثالياً، هيا هيا.
دفعها للأمام آخر حديثه مع إحتفاظه بنفس النظرة نحو الجميع، بينما إكتفت هيري بإمساك ميون خوفاً على سلامة ذاك المغفل الذي نكر كل مجهوداتها في لمحة بصر!
إصطحب ايرين معه بعد ذلك الى الاجتماع بدلاً من ميون، وعلى الرغم من رفضها في البداية، إلا انه أقنعها، او لنقل انها لا تستطيع رفض اي طلب لأي شخص...هذه طبيعتها وشخصيتها.
وفي حين غادرا القسم، شعرتا هيري وميون بالملل، فقررتا الذهاب الى الكفيتيريا وإمضاء الوقت هناك.
فعلى اي حال سينتظر الجميع إنتهاء الإجتماع حتى تتضح الرؤية، وبالتالي ينهون ما تبقى من العمل بناءً على ذلك.
جلستا في إحدى الزوايا، وبدأتا الحديث بعشوائية عن عدة أشياء، الى أن خطر سؤالٌ ما ببال ميون لتطرحه على هيري:
- هيري...ألم تخبريني انتِ وايرين انكما من بوسان،
إذاً لِما أتيتما الى سيول؟!
أطلقت هيري تنهيدة طويلة، وما لبث أن أجابت بنبرة مهمومة بينما تغمض عيناها الذابلتان:
- أتينا من أجل العمل.
- لكن لما ترهقان نفسكما هكذا؟!
أعني انكما ستضطران لدفع تكاليف السكن وما الى ذلك عكس بقائكما ببوسان والعمل هناك، فعلى الأقل ستبقيان بقرب عائلاتكما!
فرّقت هيري بين جفنيها من جديد قبل أن تنزل نظراتها نحو قدميها بحزن وتجيب على سؤال الأخرى بنبرةٍ ملأها الأسى:
- انت لا تعلمين شيئاً ميون...لن ألومكِ، فنحن لم نخبركِ عن السبب الأساسي لكل هذه المعاناة.
ايرين بالذات بحاجة الى هكذا عمل من أجل أجرٍ ممتاز، فهي تعيل جدتها وهي المسؤولة عن علاجها، كنا نعمل في مقهى بسيط قبل قدومنا الى هنا، ولكنه لا يكفي لسد حاجياتها اليومية بالإضافة الى دواء جدتها، وكما تعلمين؛ فرص العمل هنا بالعاصمة أفضل بكثير، فهي وبمجرد رؤيتها للإعلان ذاك اليوم ورؤيتها للراتب أيضا قد عزِمت على فعل المستحيل للوصول إليه، اما من ناحية السكن، فشقيقي الاكبر يعيش هنا وإنتقلنا للعيش برفقته، لكن ايرين قد إنتقلت منذ مدة للعيش بمفردها، فهي لم تقبل أن تكون عبئاً على أي أحد رغم انها لم ولن تكن كذلك مطلقاً!
تفاجأت ميون من ما أطرق مسامعها للتو، فقالت مستفسرةً بحيرة:
- حقاً!..هذا مؤسف، ولكن لما هي من تُعيلها؟ ماذا عن والديها؟!
إبتسمت هيري بإنكسار على حال رفيقتها المسكينة، وسرعان ما نطقت بنبرةٍ يشوبها الحزن والوهن:
- آه...لا أعلم لِما يعاقبها القدر بهذا الشكل الفظيع!
والدتها توفيت وهي في عمر يناهز الشهر، اما والدها فهو لا يستحق أن يُطلق عليه لقبُ أبٍ حتى! كان سكيراً ونذلاً، يعنف والدتها ويضربها، وفوق كل هذا هو من تسبب في وفاتها، وهاهو الآن يتعفن في السجن ويحصد ما عملت يداه القذرتان!
ولهذا السبب هي متمسكة بآخر بصيص أملٍ لديها ألا وهو حياة جدتها...هي لا تريد تجرع ذات الألم مجدداً بفقدانها لها هي الأخرى، يكفي انها تذوقت مرارة الألم في سنٍ صغيرة وحُرِمت من حنان العائلة.
كانت ميون تصغي لكل حرفٍ يخرج من ثغر الاخرى وقطرات دموعها تتسابق على وجنتيها بأسى، لقد ظنت انها فتاةٌ سعيدة وتمتلكُ كل شيء!
لم يخطر ببالها قط انها تعاني بهذا الشكل...حتى انها تبتسم رغم كل ما تمر به!
لم تتوقف هيري عند هذا الحد، إنما إسترسلت من جديد وبذات النبرة الواهنة:
- جدتها تعاني بعضاً من المشاكل المزمنة في القلب، وفي آخر زيارةٍ لها عند الطبيب أخبرها أنّ وضعها سيسوء أكثر إن لم تلتزم بأخذ دواءٍ معين.
- إذاً لما لا تأخذ جدتها الدواء وينتهي الأمر؟!
تسائلت ميون من جديد بوجنتان مبتلّتان، فأعادت هيري تلك الابتسامة اليائسة على ثغرها بينما تدير ملعقتها في كوبها بشروذ:
- ألم أخبركِ مسبقاً؟!
هذا الدواء غالٍ للغاية ولن تتحمل تكاليفه بمالها القليل، لهذا إنتقلت للعمل هنا علّها توفره لجدتها، أما بالنسبة لي، يمكنكِ القول أني صديقة طفولة لم تشأ ترك صديقتها في ظروفٍ صعبةٍ كهذه، وقررت أن تكون بمثابة الجدار الذي سيسندها عندما تنهار...لا أستطيع تركها لوحدها.
رسمت ميون إبتسامة حانية على شفتيها بينما تكفكف دموعها من على وجنتيها بخفة، وسرعان ما وضعت يدها على يد الشارذة أمامها بنيّةِ مواساتها.
- هيري...ايرين محظوظةٌ لإمتلاكها صديقةً مثلك، انتِ رائعة حقاً، أتمنى أن تبقي معها للأبد وأن تلملمي جراحها إن آذتها الأيام مستقبلاً...أتعدينني؟
حوّلت هيري عيناها اللتان غُلّفتا بطبقةٍ لامعة من الدموع وإبتسمت بصدق بينما تومئ.
- أعدكِ...أعدكِ اني لن أتركها يوماً.
زاد إتساع إبتسامة ميون وكذلك بريق عينيها، لتشد بإمساكها على يد الاخرى مضيفةً:
- وكوني متأكدة أيضاً من أني سأكون بمثابة العائلة لكما إن إحتجتما حضناً دافئاً...أعدكما بهذا.
_____________________________
في الاجتماع...
بدأ توافد المدراء والمستثمرين وكذلك الموظفين المهمين الى قاعة الاجتماع، حيث جلس كلٌّ منهم في مكانه، بينما يترأس الطاولة السيد كيم وعلى يمينه إبنه الأكبر جين، ويساره الأصغر وهو تايهيونغ.
إتّخذ هوسوك لنفسه مكاناً ولم يكن بعيداً عن هؤلاء الثلاثة، أما ايرين فقد وقفت خلفه بينما تحمل أوراقا ما.
لم يلحظها أحد لأن مساعدات هوسوك كثيرات، لكن جين ميزها بالطبع وأرسل لها إبتسامة لطيفة، أما شقيقه والذي كان يقابلها، وقعت عيناه عليها فميزها بالطبع هو الآخر.
وبالصدفة، تشكل تواصلٌ بصري بينهما، فإرتعشت أوصالها من دون سبب، لذا أبعدت عينيها عنه وهو فعل المِثل أيضاً، ولكن ببرودٍ مخيف.
- هذا ما كان ينقصني...ياله من متبلد!
تمتمت بخفوت لنفسها بينما تسترق النظر نحوه وترمقه بإنزعاج بين الفينة والأخرى.
وبعد لحظات، بدأ الاجتماع بالفعل...
كانوا يتناقشون حول المهرجان والتجهيزات، وكذلك أسهم الشركة التي إزدادت بشكلٍ ملحوظ في الآونة الأخيرة وذلك بفضل مجهودات تايهيونغ المكثفة.
أما عنه، هو فلم يكلف نفسه عناء تغيير ملامحه حتى ولو للمجاملة...بل على العكس تماماً، حافظ على جمودها، ليس لأنه هكذا في الواقع، بل لأنها متواجدة هنا، وهذا كفيلٌ بجعل مزاجه في أسوء حالاته...لا يعلم سبب مقته لوجودها حوله الى هذا الحد!
- ياله من بغيض، يمدحونه على مجهوداته، وهو لم يكلف نفسه حتى بإبتسامةِ مجاملة!
تمتمت لنفسها من جديد بينما تختلس النظر وتراقبه،
لكنه حطم كلامها بنطقه:
- شكرا لكم.
رفعت حاجبيها بتعجب وإرتياب، فكان كما لو انه قد سمع ما قالته عنه...لكنه لم يفعل بالطبع.
كلٌّ يبدي رأيه الخاص في أمورٍ عدة، الى أن جاء دور هوسوك.
- لقد أنهيتُ عملي على التصاميم كافةً، كما قد أجريت التعديلات والإضافات التي نوقشت في الإجتماع الماضي، هاهي...أتمنى أن تنال إعجابكم.
مد يده لإيرين التي كانت شاردة باللذي امامها وهي تفكر متناسيةً أمر هوسوك.
ظل رافعاً يده لمدةٍ ولم تناوله إياها، لذا همس لها بلطف:
- ايري...اين عقلكِ؟ ناوليني الأوراق يا فتاة!
إستفاقت من شرودها وأخيراً، لتهز رأسها بالإيجاب كالغبية مناولةً إياه ذاك الملف.
تايهيونغ كان يتحسس ذقنه بأنامله الرفيعة بينما يريح ساقاً على الاخرى وهو يحدق بها وبشروذها، وفور أن إستفاقت بشكلها المضحك رسم إبتسامة ساخرة على ثغره، غير انها كانت لطيفة خلف قناع بروده تجاهها.
أخذوا يقلّبون الاوراق بين أيديهم، وسرعان ما أبدوا إعجابهم بها، وهذا بالطبع كان فخراً لهوسوك النرجسي.
فعلى الفور إعتلت وجهه ابتسامة واثقة مصحوبة بنظراتٍ حادة، جاعلةً من ايرين تكتم ضحكتها بصعوبة.
مضت نصف ساعةٍ أخرى ولم ينتهي الاجتماع بعد!
لم تعد المسكينة قادرةً على الوقوف أكثر، خصوصا بإرتدائها لحذاءٍ بكعبٍ عالي...فما عادت تحس بقدميها بتاتاً!
أنزلت مستواها قليلا لأذن هوسوك، وهمست له بنبرةٍ باكية:
- هوسوكاه...هل سيطول الإجتماع أكثر؟ هيا، لم أعد أشعر بقدماي المسكينتان!
إنتحبت بتذمر على حال قدميها اللتان باتتا تشبهانِ البطاطس الحلوة، ومن حُسن حظها انهم إنتهوا بعدها بدقائقٍ قليلة، ليعود كل شخصٍ الى عمله.
- آه قدماي...لا أستطيع المشي عليهما!
مشيتها كانت عرجاء نوعاً ما، لم يكن ألمها بمزحة فالإجتماع إستغرق ساعة كاملة وهي لم تجلس طوال تلك المدة أبداً!
لذا أسندها هوسوك ليساعدها على المشي.
- إخلعيه فور أن نصل الى القسم...حسناً؟
إبتسمت له بتكلف وأمسكت بذراعه.
- حسنا.
وبينما كِلا الأخوان يقفان قرب باب قاعة الإجتماعات ويحدقان بما يجري، تحرك جين على الفور مغادراً المكان بعد رؤيته لطريقة مشيها وتألُّمها، بينما تايهيونغ ظل يناظر ما يحدث في صمت، ثم أمال جانب ثغره بسخرية ما إن أدرك سبب تصرف أخيه ومغادرته الشركة بسرعة.
- ياللسخرية...الجميع يهتم بها كما لو أنها طفلةٌ لا تفقه شيئاً!..هم لا يعلمون أنها قد تُخفي وجهاً قبيحاً خلف هذه الملامح البريئة، قد تكون شيطاناً بهيئة ملاك، انا أكثر من يفهم هذه الأصناف جيداً!
نطق بتلك الكلمات مقنعا نفسه بتلك النظرة حول كل فتاةٍ لطيفة مثلها، ثم أخذ بخطواته نحو مكتبه رغم صراع عقله اللامتناهي في نفي كل الإدعاءات.
ولج لمكتبه ليجد زائرا ما...
حيث وقفت تلك الزائرة بإبتسامةٍ مشرقة قبل أن تفتح ذراعيها وتُميل برأسها قليلاً.
إبتسم هو بدوره إبتسامة نابعة من أعماق قلبه، لتتشكل معالم السعادة على ملامحه الحادة.
سارع في إحتضانها، لتختفي بين منكبيه العريضين.
حيث ربت على ظهرها وقال بسعادةٍ غامرة:
- إيونها، أين كنتِ طيلة هذه المدة يافتاة؟ لقد إشتقت إليكِ كثيراً!
إبتعدت عنه وسعادتها لا تقل عنه في شيء، لتجيبه:
- كنت مشغولة للغاية طيلة الفترة الماضية، ولم تسنح لي الفرصة للقاء أي أحد.
- أتمزحين؟! انا لم أركِ منذ ثمانية أشهر تقريباً، وتقولين الفترة الماضية!
نطق ممازحاً إياها بينما يتجه صوب كرسيّهِ خلف مكتبه ،ومشيراً لها هي الأخرى بالجلوس.
- أتظن أنّ مهنة التمثيل سهلة؟!
لقد تنقلت بين سبعةِ دولٍ مختلفة خلال هذه الأشهر الثمانية فقط! ولم أستطع خلالها الإلتقاء بعائلتي أيضاً.
- كنت أمزح...ولكن الأهم الآن هو أنكِ عدتي وتمكنا من رؤيتك.
كانت ملامحه بشوشة على غير العادة، والتي على الأغلب تكون هادئة وساكنة.
إسترسلت المسماة بإيونها حديثها مكملةً ما جرى معها وما زال يجري:
- بالطبع، عدت الى كوريا منذ ثلاثة أيام بالفعل،
لكنني لم أجد الوقت الكافي للمجيء سوى اليوم...تعلم، لقد تلقيت عروضاً كثيرة للتمثيل ولازلت لم أقرر إن كنت سأمثل بإحداها أم سأرفضها جميعاً لأخذ قسطٍ من الراحة.
أصغى إليها تايهيونغ بإهتمام، ليربت على كفها المتموضع فوق مكتبه برفق عندما لمح حيرتها، وبنبرةٍ متزنة وإبتسامة دافئة قال:
- إفعلي ما ترينه مناسباً لكِ ولصحتكِ، ولا تجبري نفسكِ على ما لا تريدين...خذي وقتاً جيداً للتفكير بالأمر وإختاري ما يريحكِ، أرجوكِ لا تتعبي نفسكِ كثيراً.
إبتسمت له بإمتنان وهمهمت.
- شكرا لك تايهيونغ، لطالما كنت أكثر شخص يساعدني في إتخاذ قراراتي...شكرا لك بحق.
- لا داعي للشكر إيونها، فهذا واجب الأصدقاء.
صمتت لوهلة قبل أن تتسائل مجعدةً حاجبيها بإستفسار:
- ولكن أين ذاك المجنون؟! لم أره هو الآخر، لقد إشتقت إليه والي تصرفاته الصبيانية كثيرا!
قهقه تايهيونغ على وصفها لجونغكوك، والذي ميزه من اللقب الذي نعتته به، فأجابها بينما لايزال يقهقه:
- انه بأفضل حال، هو دائماً ما يزورني بما انه متفرغ،
لكنه لم يأتي إلي اليوم! وحتى إن أتى...
صمت فجأة ليتمتم بعدها بيأس:
-
سيكون في قسم التصميم، انا متأكدٌ من هذا.
سمعت ايونها تمتمته تلك فقهقهت بخفة طارحةً عليه سؤالاً جديداً جعله يعود للضحك مرة أخرى:
- هل لا يزال زير نساء؟
- أجل، وأسوء من ذي قبلٍ بكثير!
ضحكا سوياً وتبادلات أطراف أحدايثٍ مختلفة، الى أن قالت ايونها:
- تاي...فلتخبر جونغكوك بعودتي من السفر، ويجب أن نخصص يوماً لنحتسي فيه الشراب ونتناول العشاء، ونتسكع معاً كما في الماضي...حسنا؟
نطقت بحماس وكلها أمل أن يوافق، وهو ايضا لم يخيب أملها بإجابته:
- بالطبع، سيكون رائعاً أن نسترجع تلك الأيام الجميلة، رتبي جدول أعمالك وأخبريني لأتمكن من إلغاء بعض المواعيد الغير مهمة من جدولي انا الأخر، اما جونغكوك فلا تقلقي بشأنه لانه لا يملك جدول أعمالٍ أساساً!
همهمت قبل أن تستقيم مرتبةً هندامها الأنيق.
- اذاً...سأغادر الأن، فلدي بعض الأمور لأنجزها، نلتقي في وقتٍ لاحق.
إستقام هو الأخر ليحتضنها بخفة مودعاً إياها، ثم إبتعد عنها ليمسك بكتفيها ويتحدث بجدية:
- إفعلي كما أخبرتكِ...لا تضغطي على نفسكِ كثيراً وإفعلي ما ترينه مناسباً، وإن إحتجتِ لأي مساعدة فلا تترددي بالإتصال بي، حسنا؟
هزت رأسها بالموافقة مع إبتسامة حانية وممتنة لهذا الصديق او لنقل الأخ الرائع بالنسبة لها.
ثم غادرت بعد ذلك وتركته حتى يصفي ذهنه من مشاغل العمل بكوب قهوة...كعادته دوماً.
_____________________________
- آه قدماي المسكينتان أصبحتا كالبالون!
إنتحبت ايرين بنبرةٍ باكية بينما تمطّ شفتيها بألم على تورم قدميها.
- كيف ستتمكنين من المشي عليهما لاحقاً؟!
تسائلت هيري وهي تكمد أقدام الأخرى المتورمة بالثلج وملامحها يكسوها القلق.
كانت ايرين على وشك أن تجيبها، ولكن رنين هاتفها قد قاطعها بالفعل، والمتصل كان 'جين'.
- مرحبا جين.
- مرحبا ايرين...هل يمكنكِ أن تخرجي لي أمام القسم قليلاً؟
- بالطبع.
أغلقت الخط، ووقفت برفق وذلك بمساعدة ميون.
إبتعدت هيري عندما رأت أنّ الاخرى على صدد المغادرة، وسألتها بتعجب:
- الى اين؟!
- جين طلب رؤيتي أمام القسم...دقائق وأعود.
سمِع هوسوك حديثهما هذا، ولاحظ مشيةً ايرين التي تبدو كمشية العجائز، لينده لها بسرعة:
- ايري مهلاً لحظة!
إستدارت ناحيته محدقةً به بتساؤل، فوجدته يبحث عن شيءٍ ما في أحد أدراج مكتبه، وسرعان ما أخرج خفاً طبياً و رماه إليها برفق.
- هذا من أجلكِ عزيزتي...تعلمين، انا أستعمله أحياناً عندما تؤلمني قدماي من كثرة الوقوف في العمل.
إبتسم بلطف وهو يشرح لها بيديه...منظره كان مضحكاً للغاية بالنسبة لهيري، ولطيفا بالنسبة لإيرين، اما ميون وبقية الموظفات فقد بدى أمراً عادياً وسبق وأن إعتدن عليه بالفعل.
خلعت ايرين حذائها ذو الكعب العالي وإستبدلته بذاك الخف المريح.
أحسّت براحة لا مثيل لها عندما إرتدته لذا أرسلت قبلةً طائرة نحو هوسوك والذي مثّل دور إمساكها وَوضعِها في قلبه بينما يغمض عينيه بدرامية.
كانت هيري تحدق في هذا المسلسل المقرف قبل أن تقلب عيناها بملل وتعود للجلوس.
وبالذهاب الى ايرين، فقد خرجت كما طلب منها جين، وبالفعل قد وجدته واقفاً ينتظرها.
ناولها كيساً ما، لتنظر إليه ثم الى الكيس بين يديها.
- ماهذا؟!
- إنه مرهم طبي، ضعيه ليلاً وستتحسن قدماكِ مع حلول الغد، كما وأنصحكِ بوضعهما في ماءٍ دافئ حتى يُمْتَصَّ كل التعب منهما.
نبرة صوته كانت تحثها على الامتثال لكل ما يقول.
خجلت حينما أدركت انه خرج من أجلها وإشترى لها الدواء، فتصبغت وجنتاها باللون الوردي الزاهي ثم تمتمت بخفوت:
- اوه...انا...أعني...شكراً لك، لم يكن هناك داعٍ لهذا!
إبتسم بخفة على خجلها، ليشد وجنتيْها الورديتين قائلاً:
- العفو يا لطيفة...أعني يا طفلة.
عبست من نعته لها بالطفلة مجدداً، لتبوز شفتيها بإنزعاج كالمرة السابقة.
- لا تنعتني بالطفلة مجددا!
إبتعد عنها عند رؤيته لشخصٍ ما يقترب نحوهما، إذ لاحظت ايرين ملامح وجه جين التي إعترتها ابتسامة مرحبة بالشخص القادم.
- إيونها...إشتقت لكِ يا فتاة!
فتح ذراعيه وإستقبلها بعناقٍ ودّي كحال شقيقه، لتجيبه الاخرى بينما تبادله حضنه مع إبتسامة سعيدة:
- وانا أيضا...ما أخبارك؟
- بخير.
أجاب بينما يبتعد عنها.
ظلت ايرين تقف في مكانها وتراقب ما يحدث،
وقد شعرت بأنها سبق ورأتها من قبل، فشكلها وجمالها مألوفان جداً!
حيث تتلخص هيأتها في كونها ناصعة البياض وذات ملامح أنثوية ممتزجة ببعض الجاذبية، كما أنّ شعرها الأسود القصير أضفى عليها جمالاً مضاعفاً، ولا ننسى جسدها الممتلئ والممشوق بإتقان...وما يزيده جمالاً هو ثيابها ذات الطابع الراقي والأنيق.
وسرعان ما سألت إيونها جين بلطف قاطعةً تفكير الأخرى:
- من الجميلة؟
فهم جين انها تقصد ايرين بسؤالها، فأجاب:
- هذه ايرين، صديقتي وموظفة في الشركة...ايرين هذه إيونها صديقتي وإبنة صديق والدي أيضاً.
عرفهما على بعضهما البعض لتصافحها ايرين بأدبها المعهود.
- تشرفت بمعرفتكِ.
لتبتسم ايونها قبل أن تجيب هي الأخرى:
- وانا اكثر...ليَ الشرف بذلك.
- إذاً...هل كنتِ برفقة تايهيونغ؟
تسائل جين بينما يضع يداه في جياب بنطاله...بدى وسيما للغاية، خصوصا مع شكله بالبذلة الرسمية وكذلك مثالية وجهه التي تزداد كل يوم.
- أجل.
كان سؤال جين وإجابة الآخرى محيران بالنسبةِ لإيرين، فهي وعلى حسب علمها أنّ شقيقه الأصغر لا يمتلك أي صديقاتٍ من الإناث...فمن اين أتت هذه يا ترى؟!
قاطع تفكيرها من جديد حديث إيونها التي حدقت بجين من رأسه حتى أخمص قدميه قبل أن تطلق ضحكةً لعوبة وتنكز ذراعه بمزاح:
- ماهذا جين؟! مالذي تتناوله يا رجل؟!..لم أرك لثماني أشهر، وآتي اليوم لأجدك قد إزددت وسامةً ومثالية، هل انت مصاص دماء؟!
إبتسم بفخر وتعالي، ليرفع رأسه مدعياً الغرور.
- ماذا أفعل إن كنت ملطخاً بالوسامة؟!
أعلم جيداً أنّ تواجدي في هذا الكوكب بحد ذاته جريمة دولية خطيرة، وذلك لوسامتي الأخاذة...انا الوسيم العالمي يا عزيزتي،وجمالي ليس بمزحة!
ضحكت ايرين على هذا الجو المضحك الذي حل بالمكان...هي تريد معرفة مصدر ثقته العمياء هذه!
ضحكت إيونها أيضاً على نرجسيته، وهزت رأسها مشفقةً على حاله، ثم نطقت بعد قهقهةٍ ناعمة أطلقتها:
- لقد تأخرت، سأغادر الآن...أراكما لاحقاً.
وقبل أن تغادر، وضعت يدها على كتف جين، وإقتربت من اذنه هامسةً بخفوت:
- إختيارٌ موفق يا وسيم.
ثم غادرت وهي تضحك على تعابير وجهه.
تسمّر مكانه وبتعابيره منصدمة!
ثم تدارك نفسه سريعاً ونفي بيديه صارخاً حتى تسمعه:
- كلا إيونها الأمر ليس كذلك...آه إسمعيني!
رفس الأرض عندما تجاهلته وكذلك على تفكيرها الأخرق مثلها.
إقتربت منه ايرين لتضع يدها على كتفه متسائلةً بحيرة من صراخه:
- ما بك جين؟!
إبتعد عنها بسرعة عندما عاد عقله من حالة اللاوعي، لينفي بسرعة:
- اوه لا، لا يوجد شيء!
شعرت بتوتره، لكنها لم تشأ مضايقته، لذا فضلت الصمت.
__________________________
جامعة سيول الوطنية...
إنتهى الدوام لهذا اليوم، حيث بدأ الطلاب يعودون لبيوتهم واحداً تلو الاخر.
وبينما لورا تجمع أغراضها إستعداداً للخروج، إقترب منها جيمين الذي كان بنفس القاعة:
- هل نلتقي لاحقاً؟
إبتسمت بسعادة لعرضه المغري هذا...ولما سترفض ذلك؟!
- لما لا...لكن متى وأين؟
- عند الساعة الخامسة في منزلكِ...سأحضر سبايك أيضاً، انا لم أنسى وعدي بجلبه للعب مع جروة شقيقك.
هزت رأسها بسعادة غامرة لتقول بحماس:
- حسنا سنستمتع.
أعطاها إبتسامة جانبية ساحرة قبل أن يلتفّ للمغادرة بينما يضع يديه في جياب بنطاله بحركةٍ جذابة.
- أراكِ لاحقاً.
سرحت بحركته الفتاكة تلك، لتجيبه بدون وعي منها:
- وداعاً جيميني.
سمعها وهو يغادر المكان، ليبتسم بخفة متمتما لنفسه:
- ما أجملها من ثغركِ...
________________________
- مرحبا آنسة هوسوك.
دخل جونغكوك قسم الأزياء كما لو انه يدخل غرفة نومه باحثاً بعينيه عن ما جاء لأجله.
فحدجه هوسوك بنظرة جانبية حادة ومنزعجة، ليتجاهله ويكمل عمله في صمت.
جال جونغكوك بمقلتيه أرجاء المكان، لكن لا اثر لها!
- جميلتي...أين انتِ؟ أعلم أنكِ تختبئين مني!
نادى عليها عندما لم يجدها في الجوار، لتخرج له من تحت الطاولة بينما تتأفف بحنق!
- لما عليك أن تأتي كل يوم؟! أغرب عن وجهي، فأنت تفقدني صوابي!
شدت شعرها آخر حديثها فقد طفح بها الكيل حقاً!
ضحك عليها ثم إتجه نحوها وسحب يدها جارًّا إياها خلفه، فوسعت عيناها جراء فعلته هذه، وقد حاولت إبعاده بسحب يدها وضربه.
- هاي أتركني يا هذا!..ألا تفهم؟! قلت أتركني!
- كلا انا لا أفهم.
أجابها ببساطة، لتناظره بتفاجئ، وما لبث أن إبتسمت بسخرية وتمتمت:
- بالتأكيد لن تفهم...فهذا يفسر كونك حيوانٌ ناطق!
شهق بدرامية من شتمها المباشر له وأمام الجميع أيضاً!
- انتِ وقحة حقاً عزيزتي! أتعلمين...هيا بنا فلنذهب.
جرها من جديد وهي لا تزال تحاول الفرار.
- الى اين أيها القمامة!
- الى المكب حُلوتي.
جاراها في الحديث وهو يضحك، لتقلب عينيها بضجر وتقول:
- هذا ليس مضحكاً!
كل ذلك كان أمام مرأى جين وايرين اللذان ذهبا الى الكافيتيريا مسبقاً، وهاهما يعودان نحو القسم.
-الى اين؟ أين ستأخذها!..دوامها لم ينتهِ بعد!
إستوقفه جين معترضاً طريقه بحاجبين معقودين، ولكن جونغكوك قد أحكم إمساكه على رسغ هيري وأجابه ببساطة:
- سآخذها لمكانٍ ما...لن نتأخر، أعدك.
غادر بعدها ولم يترك مجالاً للأخر حتى يجيب، لذا صرخ جين من خلفهما محاولاً إيقافه:
- لكن...آه، حسناً لا تتأخرا.
من ثم إسترسل مكملاً حديثه بتمتمة متذمرة:
- لا يجب أن يعلم أبي بهذا...آه سأُوبّخ لا محالة!
اللعنة عليك جونغكوك!
بعثر شعره بإنزعاج، ليغادر حيث مكتبه بعد ان دخلت ايرين الى القسم بالفعل.
كان هناك زوجٌ من الأعين قد راقب كل ما حدث، ولم تكونا سوى بركانٍ يفيض بحممٍ حارقة وغيرةٍ حاقدة.
- سترين الجحيم..أعدكِ مين هيري.
__________________________
وصل لسيارته أخيراً، ولا ننسى انه كان يجر هيري خلفه كالخروف تماماً.
فتح باب السيارة وأشار لها بعينيه.
- إصعدي.
ولكنها كتفت ذراعيها وأعطته نظرة شك.
- ومالذي يضمن لي انك لن تؤذيني او تختطفني؟!
أغلق عيناه بنفاذ صبر من إحتجاجاتها اللامتناهية...لما عليها أن تعترض على كل شيء!
تنهد بحنق قبل أن يبتسم بإمتعاض.
- حقا!..هل أبدو لكِ كخاطف الآن؟! ألا تذكرين انه سبق وركبتي معي من قبل؟!..أخبريني، هل فعلت لكِ شيئاً حينها؟
لم تعرف ما عليها قوله الآن، كانت تريد التهرب منه بأي شكلٍ كان لكن...
- بربكِ هيري!...انا لن أفعل شيئاً سوى تناول وجبة الغذاء برفقتك!
وعلى ذكر الطعام، غيرت رأيها ورمت فكرة التهرب بعيداً، لتصعد على الفور وتومئ بطاعة.
- موافقة.
قلب عيناه بيأس وأغلق الباب خلفها، ثم صعد هو الاخر.
- عموماً...انا لا أحب الفتيات البدينات.
حدقت به وعلامات الإستغراب تكسوا وجهها.
- المعذرة؟!
ضحك على شكلها ليوضح لها اكثر:
- أعني انتِ تحبين الطعام كثيراً، وإن إستمررتِ في عشقكِ الأعمى له فستصبحين بدينة...وبكل بساطة انا لا أحب البدانة!
سددت له لكمة فتكت بكتفه لينتحب بألم:
- ما بالكِ؟! كدتِ تتسببين بحادث مروري لكلينا! ألا ترين أني أقود!
لكنها لم تكتفي بلكمه فحسب، بل وأطلقت عليه وابلاً من الشتائم اللامتناهية وبكل الاشكال والالوان:
- أغلق فمك القذر ايها اللعين!
ما شأنك بجسدي؟!..هل انا زوجتك لتخبرني انك لا تحب البدانة يا روث الحصان!
كان يغمض عينيه ويستمع لصراخها بكل إستمتاع، وكأنه يستمع لسمفونية من صنع أحد عباقرة الموسيقى.
- عزيزتي...لما أنت مستعجلة!
نحن لم نتطور لنصبح زوجين، لازلنا في مرحلة الحبيبين!
فغرت فاهها من ما تفوه به تواً، وهو يراقب شكلها المندهش بينما يكتم ضحكته بمشقّة.
ضيق عيناه فجأة مع ابتسامة خبيثة وسرعان ما أضاف:
- هاي...يبدو انكِ تحبين الأطفال كثيراً، لهذا انتِ متحمسة لفكرة الزواج أليس كذلك؟
على كلٍ...يمكنني جعلك أُماً في أي وقتٍ إن أردت!
انا دائماً مستعد.
جحظت عيناها من هول ما يقول، وإحمرّ وجهها من فرط الخجل.
كانت ملامحها متسعة بالكامل...عيناها وكذلك ثغؤها الذي أوشك على الوصول لركبتيها.
لم تعرف ماذا ستفعل، لذا كل ما خطر ببالها هو...الهروب.
- كلا يا مجنونة! مالذي تفعلينه؟! أتركِ الباب...كنت أمزح معكِ!
صرخ جونغكوك بفزع عندما رأى محاولتها لفتح باب السيارة...لم تجد سبيلا للهرب من هذا الموقف سوى فرارها من المكان بأكمله!
حيث كان يقود بيدٍ والأخرى تحاول إمساكها من إرتكاب فعلٍ أحمق بحق نفسها.
سحبها بقوة، وأحكم إغلاق الباب، ليشير لها بنبرةٍ مهددة :
- إياكِ وفعل هذا مجدداً...فهمتي!
حادثها بغضبٍ لم يسبق لها ان رأته من قبل، فلو فُتح الباب ووقعت بالخطأ، ستودي بحياتها لا محالة، وخصوصا انهم في الطريق العام!
كانت تلك أول مرة ترى فيها هذا الوجه من شخصيته،
وكذلك أول مرة يخيفها هذا الوجه من شاب!
إلتزمت الصمت وجلست بهدوء، لكن الخجل لم يتركها بعد.
أحسّت بحرارة وجهها ولونه الذي بات أحمراً قاتم، لذا فتحت زجاج النافذة علّها تتنفس بأريحية أكبر، وضعت يدها على وجنتها، ليداعب الهواء خصلات شعرها البنية بإنسيابية.
ولم تنبس بأي حرف بعدما حدث، بل إكتفت ببقائها على ذات الوضع.
لم يرُق جونغكوك هدوئها المريب فجأة، وشعر بأنه قد أخطأ حينما صرخ في وجهها، لكنه إلتزم الصمت كذلك، وفضّل مراقبة جمالها الهادئ مع خصلات شعرها المُداعبة من قبل نسمات الهواء الخفيفة.
فإبتسم من دون وعي ليكمل قيادته للوجهة المحددة.
_______________________
فور أن دخلت لورا الى القصر، نادت بأعلى صوتها:
- سيدة شين.
أتت السيدة شين بسرعة عندما سمعت ندائها، لتجيب:
- نعم آنستي.
سارت لورا بإتجاه الدرج، ثم إستدارت من جديد:
- سيأتي صديقي لاحقاً...جيمين أتذكرينه؟
شقت إبتسامة طفيفة ثغر السيدة شين لمعرفته مهمهمةً بالإيجاب، أما لورا فقد كانت في تلك اللحظة تنزع أغراضها واحدة تلو الاخرى، الحقيبة ثم الحذاء وكذلك سترتها.
وسرعان ما هزت رأسها وإسترسلت من جديد:
- جيد...يجب أن يُجهّز كل شيء عند الرابعة والنصف، أعدّوا جلسة لطيفة في الحديقة لأننا سنجلس بها على أي حال...اوه تذكرت، سيحضر كلبه أيضاً، لذا أعدو شيئا من أجله هو وهولي...آه على ذِكر هولي!..اين هي؟ أريد ان أحممها وأرتبها بنفسي.
- أمرك آنستي...سيُحَضَّرُ كل شيءٍ كما طلبتي، أما بالنسبة لهولي، فهي تتناول طعامها الآن.
صعدت لورا الدرج هذه المرة، ورفعت إبهامها.
- حسنا...أحضروها لي بعد أن تنتهي من طعامها.
- حسنا.
تحدثت ذات العقد السادس، لتكمل لورا صعود الدرج والأخرى تراقب طيفها المتلاشي بإبتسامة دافئة.
- أتمنى أن تجدي السعادة بقربه يا ابنتي.
- سيدة شين...أحضري لي طعامي الى الغرفة ريثما أغير ثيابي لو سمحتِ.
كان ذلك صوت تايهيونغ الذي قد ولج للتو الى القصر،
فإكتسى التعجب ملامحها من عودته في هذا الوقت!
لم ترد التدخل، فلا شأن لها بالنهاية، وإكتفت بالرد بهدوء:
- أمرك سيدي الصغير.
صعِد الأخير الى غرفته ذات الطابع الكلاسيكي الهادئ كما يحب.
خلع سترته ورماها على السرير، وباشر في فتح أزرار قميصه واحداً تلو الاخر لينزعه هو أيضاً.
وحينما كاد يرميه بقرب سترته، فُتِح الباب فجأة!
فزع في بادئ الامر من هذا التطفل الغير معتاد، ولكن ماعساه يفعل طالما أنّ المتطفل هو لورا!
هرعت نحوه، وراحت تتلمس وجهه وجبينه وملامح القلق قد إكتست محياها.
- أخي هل انت مريض؟..هل يؤلمك شيءٌ ما؟!
أبعد يدها بهدوء، ليبتسم بخفة على إهتمامها الدائم به، ثم رمى بقميصه جانباً وإتجه نحو خزانته.
- لا تقلقِ، انا بخير...شكراً على إهتمامك.
ولكنها بدلاً من أن تخرج، تخصرت وناظرته بشك.
- إذاً لما عدت الآن؟!
كان يولي جُلّ إهتمامه على ترتيب ملابسه ووضعها بالخزانة بشكلٍ مرتّب، لكنه أجابها بكل بساطة:
- لا يوجد سبب وجيه...هكذا فقط.
همهمت بتفهم وركضت إليه مجدداً وتعلقت برقبته كالقردة، ثم قبلت وجنته وشدتها بلطف.
- حسناً إذاً، وداعاً زرافتي.
خرجت راكضة بعد ذلك بسرعة مفرطة، فضحك عليها بخفة ليكمل ما بيده.
لطالما كانت لورا طفلة القصر في نظره وستظل كذلك مهما كبُرَت.
وبعد مدة، كانت لورا تركض هنا وهناك كالمجنونة!
تخاطب الخدم تارةً وتقف أمام المرآة وتعدل شعرها تارةً أخرى.
حدّقت بها والدتها التي تجلس بهدوء بينما تحتسي من فنجان قهوتها بتعجب، وسرعان ما أمالت رأسها قليلاً نحو السيدة شين التي تقف بقربها محدقةً بالوضع هي الأخرى.
- سيدة شين...ما بها لورا؟!
إمتلأ صوتها بالتعجب وهي تطرح سؤالها هذا، فإبتسمت السيدة شين فور تذكرها لأمر الزائر وأجابتها:
- آه...إنها تنتظر صديقاً ما.
●•●•●•●•●•●•●•●•●•●•●
#يتبع...
- رأيكم بالبارت؟
- شو رح يكون دور إيونها بالأحداث...إيجابي او سلبي على حسب ظنكم؟
- رد فعل تايهيونغ من إهتمام جين بإيرين؟
- تصرف وكلام ميون الحنون بعد ما عرفت قصة ايرين؟
- تعليقكم على ماضي ايرين الحزين؟
- رأيكم بهيري كصديقة؟
- توقعاتكم للوقت يلي بيقضوه هيري وجونغكوك سوا وشو رح يصير فيه؟
- لورا وجيمين وهل حيتطور شي بيناتهم؟
- شو بتتوقعوا تكون ردة فعل السيدة كيم على كلمة 'تنتظر صديقا ما'؟
التكملة رح تكون بالبارت الجاي ويلي هو جاهز عنجد.
يعني إذا عجبني التفاعل رح أنشره بأسرع وقت.
وعلى فكرة...البارت الجاي نار وشرار ورح تبدأ فيه الأحداث تولّع، لهيك تفاعلوا منيح لينزل وتقرؤه.
وبالمناسبة...يمكن انزل بكرا الظهر بارت خاص بصور بالشخصيات حتى تشوفوهم وتعرفوهم مبدئياً رغم انهم لم يظهروا بالكامل...ويمكن أخليه بارت أسئلة تسألوا فيه الشخصيات شو بتحبوا وهم رح يجاوبوكم...كأنه بارت تعارف بينكم وبين الشخصيات، مع العلم انو اذا كان فيه اي سؤال لحرق الاحداث ما رح أجاوب عليه.
سو بعتقد انو هاد كلشي لهلاّ...
أشوفكم على خير بالبارت الجاي+ أحبكم كتير💗
See you next part...
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top