18|بلا أثر.
لاتنسى ترك تعليق لطيف ✨
...
الساعة الخامسة مساءًا.
" الى اين انت ذاهبة؟ "
تسائل ريوتا بعد ان توقف عن تأدية تمارين الضغط حال رؤيته لزوجته تحمل حقيبتها وتنوي الخروج دون ان تذكر شيئًا عن وجهتها.
" سأذهب للقاء شيو في مقهى وسط المدينة "
" اوه، حسنًا لاتتأخري"
اومأ متفهمًا مكملًا ماكان يفعله، فيما غادرت هي ما ان اخبرته بأنها لن تتأخر.
.
الساعة السادسة والنصف مساءًا.
" اخخ نفذ الحليب! "
تذمر بخفوت حين اكتشف ان الثلاجة لا تحوي على ما اراده، فأغلقها حين خطر على باله ان يطلب من ايلينا احضار بعض الحليب له حين تعود.
نقر على زر الاتصال ثم رفع الهاتف بمحاذة اذنه بينما يدندن بأغنيةٍ ما، منتظرًا ردها.
ثوانٍ واذ به يسمع صوت رنين منبعث من الردهة؛ سار بإتجاه الصوت بإستغراب حتى اكتشف ان صوت الرنين هذا يعود لهاتف ايلينا الذي نسيته هنا.
" بربك ايلينا!"
حدق بالهاتف الذي يرن منزعجًا قبل ان يغلق المكالمة فيتوقف عن الرنين مرسلًا اشعارًا لمكالمة لم يتم الرد عليها.
مسح وجهه بتعب ثم أعاد شعره الى الخلف يفكر بكيف سيصل اليها ان كانت لاتحمل هاتفها.
" سأتصل بشيو!"
تذكر بعد ثوانٍ من التفكير بأنه يستطيع الاتصال بصديقتها التي ذهبت للقائها وبهكذا سيستطيع اخبارها ان تجلب له الحليب حين عودتها!
حمل هاتفها وفتحه كي يبحث عن رقم صديقتها تلك بين جهات الاتصال.
" ماذا تريدين الان؟"
كان هذا اول مانطقت به شيو فور قبولها للمكالمة ولقد بدى صوتها مبحوحًا وكأنها استيقظت من النوم لتوها.
'ماذا تريدين؟ أليست ايلينا معها؟'
هذا ما جال في باله لحظتها ولقد انتابه القلق سريعًا فنطق ينوي طلب تفسيرٍ ما عله يفهم اي شيءٍ من الذي يجري :" مرحبًا كـ-.."
لم تدعه يكمل حين استوعبت ان هذا الصوت حتمًا لا يعود لايلينا :" من انت؟"
" انا زوجها..لقد اخبرتني انها خرجت للقائك، ألم تريها اليوم؟"
" ماذاـ..؟"
سمع همسها المستغرب ولكنها سرعان ما اكملت تحاول تدراك الامر :" اوه اجل ايلينا نحن اليوم سنلتقي، ولكنها لم تصل بعد، اظن انها اضاعت المكان تلك الغبية"
قهقهت اخر جملتها لكن كان من الواضح انها تكذب وتحاول الاتيان بأي كذبة لكي تغطي على صديقتها.
" انت تكذبين صحيح؟ "
" في الواقع اجل، حاولت ان اكون صديقة جيدة ولكنني حقًا لا اعلم الى اين ذهبت"
ردت متنهدة بعد ان فشلت في الكذب عليه فقررت اخباره بسرعة كي لا يصبح الامر اكثر تعقيدًا.
انهى ريوتا المكالمة بعد ان تأكد ان شيو لاتعرف شيئًا بشأن مكان ايلينا، وهذا جعل من قلقه يتفاقم اكثر فأكثر، هو لا يعلم مكانها وليس لديه طريقة ليصل لها وهذا يثير جنونه الان.
حمل هاتفه ليتصل بسيلين فهي اقربهم لايلينا وربما اخبرتها مالم تخبره؟
" مرحبًا ريوتا"
" مرحبًا.. أردت ان اسالك ان كانت ايلينا لديك؟ "
سأل يحمل بقلبه بصيصًا من الامل بأنها ستكون عندها وينتهي من هذا العذاب النفسي.
" ايلينا؟ كلا لم أرها اليوم '
للعنة لقد بدأ يختنق الان، هي ليست لدى سيلين ايضًا! اين عساها تكون اذًا؟
.
الساعة السابعة مساءًا.
" لا بأس هي ستعود قريبًا وسأسألها عن سبب فعلتها، كل شيء سيكون بخير لا داعي للقلق..
اللعنة على من اكذب انا قلق جدًا اين ذهبت تلك اللعينة!؟ "
كان ريوتا يحاول ان يهدأ من روعه وعدم التفكير بالامر كثيرًا ولكن كل محاولاته باءت بالفشل!
ايلينا غائبة منذ ساعتين وهي ليست مع من ادعت، ولا يمكنه الاتصال بها.
ومهما حاول التفكير بتفسير منطقي لسبب كذبها لا يستطيع التوصل الى اي شيء.
"هل هي تخونني؟ "
حدق في الفراغ لوهلة حين خطرت له تلك الفكرة، لكنه سرعان ما هز رأسه نافيًا يزيح تلك الافكار السخيفة عن عقله، فأن كانت ستفعل شيئاً كهذا ماكانت لتمضي دون تخطيط ووضع احتياطات على الاقل في حال تم كشفها.
"هي ليس من هذا النوع.. أليس كذلك..؟ "
كان يبتسم بثقة مع نفسه ولكن فجأة بهتت تلك الابتسامة حين استمرت تلك الافكار الخبيثة باللعب برأسه.
تنهد بضيق يحاول محاربة جميع محاولات عقله في غرس تلك الفكرة اللعينة برأسه.
ولكن في كل مرة ينفي تلك الفكرة يعود عقله لتذكيره بأمر كذبها عليه وادعاءها الخروج مع صديقتها، فيعجز عن أعطاءها عذرًا لفعلتها.
"كلا! قلت ايلينا لن تفعلها! "
قطع حبل تفكيره عند سماعه بعض الضجة الصادرة من الخارج فأنهض من مضجعه لتفقد الامر.
" ماللعنة انها تمطر! "
حدق بالخارج عبر الزجاج يراقب قطرات المطر تزداد شدتها كل لحظة.
حينها شعر بأن المنزل اصبح يخنقه اكثر، لذا قرر الخروج والبحث عنها بنفسه ولو عانى من خروجه في هذا الجو السيء.
ارتدى اول معطف رأه امامه وخرج بسرعة، للحظة هو توقف يحاول التفكير بأي وجهة قد تكون بها ولكن عقله غدر به وهو في امس الحاجة له.
عقل ريوتا في هذه اللحظة اكثر من فارغ.
لا يمكنه التفكير بشيء لشدة القلق، والمطر يشتد وصوت الرعد يعلو لذا قرر الاسراع قدر الامكان.
قام بقصد بعض الاماكن التي تزورها بكثرة، كالمجمع التجاري الذي في نهاية الشارع، ومتجر الفطائر الحلوة، وحتى انه ذهب الى مقهى الانترنت الذي كانت تزوره في الماضي.
ولا اثر لها في اي مكان!
لا يعلم لمَ ولكنه قرر التوجه نحو الشارع الرئيسي متمنيًا انها هناك عائدة مع احدى الحافلات او شيءٍ ما..
اخذ يحدق في كل الاتجاهات ولكن المطر والظلام صعبا الامر، فهو بالكاد يرى طريقه.
" اشعر بأنني سأتقيئ"
الشعور بالغثيان كان أول الاعراض التي لازمته منذ معرفته بأمر غيابها الغريب، وفي هذه المواقف تصبح المعدة احدى اعداءك وكأنها تريد زيادة الحصار عليك!
اتكئ على احدى الجدران مغلقًا فمه يحاول السيطرة على رغبته في التقيؤ، لكن عندها اصطدم به بعض المارة عن طريق الخطأ مسببين وقوعه.
" اسف "
هذا ماسمعه بينما لازال يخفض وجهه ناحية الارض.
نهض عن الارض تزامنًا مع هبوب رياح قوية جعلته يغلق عينيه تلقائيًا كي لاتدخل الامطار في عينيه.
"ريوتا؟ "
فتح عينيه بسرعة حين سمع ذاك الصوت المتعجب الذي علمَ صاحبه بسرعة.
كانت ايلينا..
تقف على مقربةً منه بينما تحمل مظلة ومزيجٌ من الاستغراب والصدمة يعتلي تعابيرها تحدق بهيئته المبعثرة والمبللة.
شعور بدخول الاكسجين واخيرًا الى رئتيه تزامنًا مع لفحة من النسيم البارد مرت باعضاءه من الداخل.
استند على الجدار الذي بجانبه قبل ان ينزلق عليه بعد ان فقدت قدامه القوة اللازمة لحمله.
ليست مبالغة فهو اكمل تدريباته في وقتٍ قريب ولازال جسده متعبًا كما انه لم يتناول طعامه ولم ينل قسطًا كافيًا من النوم.
لقد كانت حالة جسده الصحية سيئة لتتعامل مع هكذا موقف..
" ماذا تفعل في الخارج ريوتا! الجو بارد، يالهي انت مبلل بالكامل "
اقتربت منه تضع اغراضها ارضًا تسأله بكل براءة دون ان تعلم بأي مما جعلته يشعر به في فترة غيابها.
بعد الشعور براحة لحظية يأتي الشعور بالغضب، غاضب من كل شيء رغم سعادته بعثوره عليها.
جمع قبضته ولكم كتفها ببعض القوة مسببًا تأوهها بألم بينما تفرك كتفها :" لم فعلتَ ذلك؟ "
سألته متذمرة وهي حقًا لاتفهم اي شيء مما يجري.
" لمَ كذبتِ؟"
نظراته الجادة والغاضبة جعلتها تبلع ريقها بتوتر، وجعلها تفكر بماذا حل في غضون ثلاث ساعات فقط؟ وكيف اكتشف انها تكذب، هي لم تتأخر كثيرًا ليقلق ويبادر بالاتصال.
" كيف علمت؟ "
"لمَ كذبت! "
أعاد النطق بسؤاله بنبرة اكثر انفعالًا جعلت لسانها يُعقد، لا تعلم كيف تخبره وهو بهذه الحالة.
" اولًا تدعين الخروج مع شيو وبعدها تتركين هاتفك في المنزل دون ترك اي وسيلة للاتصال بك، لمَ لم تستخدمي اي هاتف عمومي في الطريق؟ الى اين ذهبت لتتستري على وجهتك؟!
لقد كدت اصاب بذبحة صدرية بينما انت هنا تسألين ماذا تفعل في الخارج ريوتا؟! هل ابدو انني اخذ نزهة؟
انها تمطر! بينما انت في الخارج ولا اعرف اين انت!"
كانت تنصت له بهدوء كي يستطيع افراغ غضبه كله عله يشعر بتحسن، وحسنًا تعترف انها اخطأت قليلًا بالكذب عليه ولكنها لم تعلم انه هناك فرصة لمعرفته بشأن كذبتها.
" في الواقع.. لقد ذهبت لشراء هذا"
حدق نحوها بحدة قبل ان ينقل بصره نحو الكيس الكبير الذي وجهته نحوه، قام بفتحه فأتضح ان محتواه كان حاسوبًا متنقلًا.
وحسنًا هذا صدمه.. لم يتوقع هذا ابدًا.
" اردت الاعتذر على كسر حاسوبك ذاك اليوم، رغم ان الامر حدث عن طريق الخطأ الا ان تأنيب الضمير لازمني طيلة الاسبوع.
ارجو ان تحبه فلقد عانيت للعثور عليه "
لقد بدت لطيفة بينما تصف له مقدار ندمها على مافعلت، حتى انها كانت قلقة من النظر في عينيه فلا يبدو انه سيكون سعيدًا بعد ما فعلت به اليوم ايضًا.
" لم اقصد جعلك قلقًا.. اقسم لقد نسيت هاتفي! وحين وجدت اخيرًا ما اردت كان المساء قد حل والامطار صعبت علي العثور على سيارة اجرة في وقتٍ قصير "
لقد بدأ ضميره يؤنبه بشدة على صراخه بها منذ دقيقة، لقد كانت هنا تعاني لتحضر له حاسوبًا وتعتذر له بينما هو كان يشك بها ويتخيل اشياء حقيرة في حقها وحتى انه لم يتمكن من جلب عذرٍ واحدٍ لأجلها.
" ريو دعنا نذهب ستـ.. "
لم تتمكن من انهاء كلامها بسبب عناقه المفاجئ الذي جمدها في مكانها، ألم يكن غاضبًا للتو؟ ام ان الحاسوب جعله سعيدًا جدًا؟
" اسف.."
تمتم اثناء عناقهم الذي شهدته السماء وقررت المشاركة بكونها الطرف الثالث، حتى اصبح كلاهما مبللين من رأسهما لاخمص قدميهما.
" على ماذا؟ ألا يفترض ان تكون شكرًا؟"
تعجبت من اعتذاره الغير مبرر كما تعتقد، فهو كان يعتذر على طريقته تفكيره بحقها بينما هي تعتقده يعتذر على صراخه بينما هي كانت تحاول اسعاده.
" شكرًا، لقد جعلني هذا سعيدًا حقًا "
فك العناق بينما يبتسم بإمتنان، واخيرًا وهو يشعر بالراحة تمامًا.
" ماهذا هل تبكي؟ "
"ها؟ لا، لقد دخل المطر لعيني"
اجاب يفرك عينيه يزيح القطرات التي تجمعت فوق جفنه واسفله، وهو حقًا لم يكذب!
ولكن من سيشرح هذا للتي بدأت ابتسامتها تتسع اكثر مردفةً بمكر :" اووه هل تبكي لشدة قلقك علي؟ "
" قلت انني لا ابكي! "
رغم انه صادق في حديثه ولكنه شعر بالخجل بعض الشيء، المحرج هو انه مظهره يوحي بأنه كان يبكي بالفعل، حتى انها بدأ يشك بنفسه.
" اشعر بأنني مهمة جدًا، يالهي لم يبكي احدهم لأجلي من قبل "
غلفت وجنتيها بيديها تميل بجسدها يمينًا وشمالًا بدرامية.
" يالك من تافهة، بالطبع انت مهمة.. "
انخفض صوته تلقائيًا وصوت المطر ساعد في جعل صوته غير مسموع ابدًا.
" ماذا؟ "
سألت مميلةً رأسها الى الجانب بسبب عدم سماعها لما قال؛ فشكر في سره انها لم تسمعه.
لحظتها فقط استوعب انها اصبحت مبللة مثله بسبب عناقه لها سابقًا كما انه اضطرها لترك المظلة جانبًا لكي تبادله، والان كلاهما سيمرض ان بقيا اكثر!
" ياللهي فلنعد بسرعة!"
امسك بيدها قبل ان ينهض ويجعلها تنهض معه، ثم بدآ بالركض بسرعة نحو المنزل بينما يضحكان بشدة على شكليهما الذي يشبه الكلاب حين تبتل.
توقفا في منتصف الطريق يلتقطان انفاسهما التي سلبت بسبب الركض والضحك، حتى انهما لم يلحظا كم شارعًا قطعاه بتهور لكي يصلا سريعًا.
كلٌ منهما رفع رأسه يحدق بالاخر بصمت، قبل ان ينفجرا ضاحكَين مجددًا.
توقف عن الضحك بينما لازالت ابتسامته معلقة بوجهه ولكنها اصبحت تميل لأن تصبح ابتسامة فارغة:
" ايلينا..ماذا عن الحاسوب؟."
.
.
----
احس البارت بيضض، بس تعبت عليه لكذا نزلته 🙂
قلت اغير شوي من الاستهبال طول الوقت.
انتوا وين فكرتوا ايلينا كانت؟
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top