06: La maladie et le médicament

----؛ ☆ ؛----

الأول مِن فبراير، عام 1993:
قبل ذلك اليوم

.

كان يتفقدُ هُزلة بنيته في المراة.
الظلال أسفل عينيه نمت بِشكلٍ مُبالغِ، وَالظل فوق كتفيه أنمى براثن.

" بإمكاني أن أزيلهم.. "
همس بِصوتٍ شبيهٍ بِفحيح الأفعى مُشيرًا على الهالات، ثُم أسترد:" تشققُ شفاهك، أيضًأ، صُفرة أسنانك.. بإمكاني جعلك غايةً في الجمالِ حد كسر قلوب العابرين بِمُجردِ رؤيتك.."

كان عليه أن يعلم أنه أثر جانبي لِتجنبِ الدواء، وَرغم تدهور قواه الحالية.. إلا أنه ما كان سيطلب مِن شياطينه جمالًا أخاذًا، أو نفوذًا واسعةً، أو جاهًا.. رُغم أن بِلحظةٍ بدت تِلك الأشياء مُثيرةً له.. لكن لا، ستلقي فوق رأسه المزيد مِن الحجارةِ.

- لا، شُكرًأ.. أظن، أظن أنني بخير..
أجابه مُرشدًا الكلمات خارج فاهه في إرهاقِ.
وَرأي ذلك الظل يتكورُ خلف ظهره في استياءِ مُتمتمًا:" كاذب"

استمر يمضي في روتين يومِه، مِن تجرعُ الكفايين لإبقاءِ عينيه يقظتين وَإلى الجلوس لِحراسةِ مكب ذكريات الورى.

بضع ساعات تلتهم شبابه في نهمِ، حاول إطعامها الماضي إلا أنها بصقته في وجهه.. وَهكذا كان ذليلًا في عملٍ ذو راتب قليل، يأتي الناس لِمُقايضة أشياء، بيعها، وفي الأغلب.. مُجرد التخلص مِنها. هكذا هي سياسةُ دكان البضائع المُستعملة: سأحمل ماضيكم المؤلم عنكم، فألم واحد لا يكفيني.
وَ في يومٍ وجد نفسه بِذكرياتٍ لا تمط لحياته- بل حيواته السابقة بِصلةٍ. لا يدري، أكان لطيمًا؟ لِما لا يُنسب لِأحد؟ لِما لا يأتي أحدهم ركضًا مِن آخر العالم لِيدعوه منزلي؟ لِما لا يحملُ سِوى الذكريات غير المرغوب فيها..؟

" بإمكاني تغيير ذلك.. "
عاد مُجددًا يهمسُ مُبجلًا قُدرته الإلهية في تغيير المألوف المكروه لِمرغوبِ.

تايهيونج لَم يكُن مُقتنعًا بِكلامِه؛ لِأنه مُتيقن بِأن لا شيطان سيسلب الامه، وَأنها أُحيكت خصيصًا له، لا بل وُلِد مِن رحمِها وَأصبح مُجسمًا لها فلو بِيومٍ سُلبت مِنه ستسلُب معها هويته، وَهكذا سيكون ضحية سهلة لِلمنيةِ

-لا أريد.
حتى وَلو كانت رغبته مُقيدة بِوجلِ قلبه مِن التغيير، فهو لا يزال يمقتُ الاستعانة بِوهمٍ.
وَلذلك لَم يكُن ينظر إليه، في كل لحظات تجلده مِن أجل عقلانيته الفانية- لم يحدث تواصلًا بصريًا واحدًا خوفًا مِن قدرةِ عينيه في تغيير رأيه، رُغم أنه لَم يكُن بِالضرورةِ يخشاه! فذلك الظل يوسوسُ طيلة الوقت، لَكن هسهسته تنتقصُ فعلًا مُهيبًا.

"كاذب!"
أنبأ بِأمتعاضِ يُعيدُ التكور فوق ظهره يُحمله عبئًا عله يسئمُ مِن طيلةِ الخمس وَعشرين عامًا.

فماضٍ ذلك الظل يرجعُ لِولادته، حين قُدر لِتايهيونج انقسام عقله مولدًا إياه. كانت خطاه بِالأرجاءِ تتشوشُ حتى ألتقت أبصاره بِخاصةِ تايهيونج لِأولِ مرة.. وَأدرك فقط إنذاك قُدرة الطفل على رؤيته وَمِن هُنا أصبح مُلازمًا له وَمصاحبًا لِظلِه الفعلي. لكنه لَم يملك صوتًا موسوسًا بل لَم يملك واحدًا مِن الأساسِ اعتمادًا على الذاكرة، فتايهيونج لا يتذكر بأنه سمعه مرة يتحدث، خلال عقده الأول الكامل كان مُجرد ظلًا يطوفُ بِالأرجاءِ وَيشوشُ تفكيره. كان يسحب معه ذيول حالكة في وهنِ، كما أنه كان دائمًا في حالةِ إعياء.

"1980"
همس في أذنه بِنشوى، يلفُ ذيوله المُتمددة حول الغرفة بِغيةِ ابتلاعها في ذكرى سوداء.

يبدو بِأنه يقدس الوقت الذي قضاه مَع تايهيونج إلى حدٍ كبير، حد أنه لا يسمح بِذكراه الخاصة أن تمر مرور الكرام.
لربما تملكته العاطفة لِتلك الذكرى خصيصًا فأمال بِرأسه يستردُ بِذات النشوى:" كما اليوم، قدمت لي طعامك: فُتات الخبز.."

كان خطئًا، لِأن تايهيونج حينها وزن له اعتبارًا منحه صوتًا كفحيحِ الأفعى؛ لِذلك أغلق جفنيه نادمًا يحاولُ تجنبه مُجددًا.
إلا أنه-الظل- أمسك بِذقنِه يوجه رأس تايهيونج إليه، يُريد منه أن ينظر مِن خلالِه كأول تواصل أقاموه في صباه.

"ألم تحزن طوال تِلك الفترة التي أبعدتني قصرًا فيها؟"
لازال تايهيونج مُحتفظًا بِبقايا عقلانيته مانعًا رغبته في فتح عينيه وَالنظر إلى صاحب الصوت المُستاء. فقال بِسعادةٍ:"بِالطبعِ فعلت، لِهذا أمتنعت عَن أدويتك.. لِأنك أشتقت لي"

ختم جُملته بِثقةٍ غريبةٍ جعلت تايهيونج يُجعد ما بين حاجبيه مُستنكرًا، مِن أين له تِلك القوى رُغم سجنه السحيق عَن حدقتيه؟
استنتاجًا مِن ما كان، فهو يستمدُ قوته تِلك مِن المُلاحظةِ وَالمُخالطةِ.. التي تجنبها تايهيونج طوال الأربع سنوات الماضية..

- ألا يدفعك ذلك لِلتفكيرِ بِأني سئمتِ الدواء..
همس دفاعًا عَن ذاته وَحصاره الذهني.

فعاد معدوم الهوية لِلوراءِ مُتظاهرًا بِالتفكيرِ وَمانحًا شعورًا كاذبًا بِالأمان لِتايهيونج قبل أن يُجيب بِغبطةٍ:"إطلاقًأ. فأنت لَم تسئم الداء! "

"انظر لي، أصبحت لي قدرة مهيبة بِفضلك!
لولا تفكيرك المُستمر بي رُغم اختيارك لإبعادي- لما كُنت بِهذه الحالة.."
أنبأ يدور حول نفسه بِسعادةٍ مُريبةٍ، جعلت تايهيونج يفتحُ عينًا بِحذرِ وَيطالعه. حينها توقف وَالتفت إليه بِوسعِ ابتسامةِ مُصفرة، وَاسترد:"كان مؤلمًا فقداني لِلطريقِ إليك، لَكني دومًا اهتديت بِصوتِك"

أراد أن ينظر إليه تايهيونج، أن يلاحظه وَيخالطه.. وَأن يتركه يستحوذ عليه..
لِذلك دنى مِنه مُسرعًا لكنه أعاد غلق عينيه بِقوةٍ ليزفر بِامتعاضِ:" انظر إلي!"

- كله ليس حقيقي، ذلك الظل هو ليس حقيقي، تِلك الأيام..
همس يُعيد تحصين نفسه، يرفعُ يديه ليسد اذنيه وَيُردد مُطمئنًا ذاته: -تِلك الذكريات.. ليست حقيقية..

حينها لملم معدوم الهوية ذيوله بِخيبةٍ، ثُم رمق رفيقه بِامتعاضٍ يصيغُ له وعيدًا قبل أن يعيدَ التكور خلف ظهره.

كان يرددُ دفاعًا عَن نفسه، بِأن كُل تِلك الأيام حقيقية..
يوم رأى الغيب يلفظه إلى الحياةِ وَ لحق بِه
يوم نظر مِن خلالِه رُغم ابتلاع الظلام له
يوم أهداه صوتًا رُغم صخب صياح والديه
وَذات يوم مشئوم، حينما لعنه إلى اللا وعي.

يتذكرُ كُل حدث وَما اشتمل مِن أيامِ أعادت نفسها دون كلل أو ملل..
كما تذكر اهتياجه حينها وَصراخه ملئ حنجرته حتى يُلبى نداء عودته.
وَتذكر الفوضى التي تسبب بها وصولًا لِضالته.

----؛ ☆ ؛----

// يتبع //

.

كانت قصة سوفت لغاية ما قررت ادمرها

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top