05: Le souffle de vie
----؛ ☆ ؛----
الثاني مِن فبراير، عام 1993:
ذات يوم
.
كانت الطبيعة -ككُل يوم بِمثلِ هذا الوقت- تُلملمُ شتاتها التي تناثرت عِند خطى الورى، تدفعُ الشجن عَن جنباتِ الأرض وَتواسي الأشجار لِفقدانِ أقاربها. تقوم بِطلوعِ قرص الشمس قيامةً متواضعةً لا تأخذ حقها فيه، تقومُ مَع الفجر بعد ظلامٍ دامسِ كأنما تشقُ الأسى بِالأملِ. تدعو في هَينمةِ الريح إلى التجلدِ، فيحولُ حلفاؤها الهَينمة أنشودةَ يرددونها كُلما ضاقت بِهم السُبل.
وَقد كانت أيريس مُستجدةً بِحلفِ الطبيعة، إلا أنها كانت-الطبيعة- تميلُ إليها بِشكلٍ عجيبِ؛ فقد استقبلتها كأنما كانت طفلًا حديث الولادة، وَلاقت أعينها بِجمالٍ أخاذٍ ينبتُ في رعايتِها.. إذ إنبثقت الحياة في النباتاتِ التي احتضرت في حُضرة تايهيونج: إناء الصبار، إناء زهرة الزنبق وَإناء زهرة الأوركيد المُتفتحة.
بِهذه الساعة الباكرة، كانت تسقي النباتات الثلاث وَتداعبُ أوراقها بِرقةٍ، وَلربما كانت تقصُ عليهم أحداث أيامها الماضية..
كانت اخبرتها النباتات عَن تايهيونج، إحضاره لهن في أملٍ مُتزعزع الكيان.. وَتِلك الزعزعة مَنعت عنهم الحياة. اخبرتها بِنقصِ الحُب مِن تجاهِه، فقد امتثل لِمطلبهم بِالمياه لِبضع أيام، وَلكنهم لَم يلتمسوا مِنه حُبًا فبدأت أوراقهم تصفرُ مُنذرةً إياه، لكنه تركهم عِندما رأى فيهم موتًا يخشاه. اخبرتها كذلك، بأن فيه شرخًا يتسربُ مِنه الحُب.
أيريس لَم تكُن لِتحكم عليه، فهي بِدورِها جاهلةً لِماهيةِ الحُب، تستنكرُ أهميته البالغة لدى الورى وَخاصةً أنه يستوطن جانبًا مُقدسًا مِن كوابيسهم. لَكنها شردت لِبرهةِ تدركُ أن النباتات كذلك أحتاجت مقدارًا مِن الحُبِ حتى تنمو.. مقدارًا بسيطًا لِلغايةِ عجز تايهيونج عَن إعطاءه..
كانت مُشتتةً بعض الشيء وَما اخرجها مِن شرودِها سِوى الضباب الذي اكتسح رؤيتها على حين غرة، ظنت في بادئِ الأمر أنه اثر جانبي لِلشرود فرمشت عدة مرات حتى أدركت أن هنالك خطبًا وَأن الضبابَ بِحدقتيها يتكاثفُ لِيملأ الصورة كاملةً.
مدت نفسها في شهيقٍ عميقٍ وَتسمرت مكانها تنتظرُ زوال الغمامة.. وَلكنها أبت الرحيل!
لِبرهةٍ خُيل لها الصمم مُرافقًا لِلعمى، إلا أن صوتًا خافتًا شق الهدوء.. كأنه ينادي مِن بعيدِ وَيتردد صداه بِالمكانِ دون مصدرِ. بِكُل كلمةٍ اتضح الصوت وَغلظته، كلامه غير المفهوم بات واضحًا..
كان يُهين أحدهم، يرفقُ تعابير قاسية بِكُل كلمةٍ.. صوته بات صُراخًا مُخيفًا على أثره ارتعدت أيريس وَتحركت دون دراسة لِمُحيطِها فإذ بِصوتِ ارتطام شيء بِالأرضِ يصدرُ..
وَبعدها انقشعت الغمامة مُسرعةً.
شهقت بِفزعٍ وَغطت فمها بِيديها لِمظهرِ زهرة الزنبق وَما كان إناءًا منذ قليل. لكن جسدها هرول مُسرعًا عِند وقع ارتطام شيء آخر مِن غُرفةِ تايهيونج..
اقتحمت الغُرفة وَاقتربت مِن سريرِه دون تفكير مُتجاهلةً الوخزات البسيطة بِباطنِ قدمها، وَحين اتضحت صورته بِحدقتيها سيطر عليها الوَجِل لِحالتِه.. كان يتصببُ عرقًا في وضعيةِ جلوس غير مُريحة، غير واعٍ لِشيء رُغم وسع عينيه، يقطعُ الهواء تقطيعًا بليغًا كأنما كان مُختنقًا،.. يجاهدُ داخل عقله الخاص ويحاربُ صوتًا لازال يترددُ صداه.
فغرت فاهها وَترددت حركتها غير مُتأكدةً مِما عليها فعله بِنوبتِه تِلك، لَكنها ارادت أن يهدئ.. أن يسكنُ اضطرابه، وَلربما كان احتواء ذلك الاضطراب بين ذراعيها حلًا.. فاخذته في حضنٍها.
" تنفس تايهيونج.. "
قالت مُشددةً عليه، ثُم ربتت على ظهره وَ أعادت قائلةً:"تنفس، كُل شيء على ما يرام.."
وَلِذلك أغلق عينيه مُتمتمًا دفاعًا عَن ذاته:
"ا.. ارحل.."
" لقد رحل تايهيونج، فقط تنفس "
أجابته مُطمئنةً إياه، وَ استردت مؤكدة:
"كُل شيء على ما يرامُ.. تنفس"
تمسكت يديه بِكُمِ قميصها في أسى، يرددُ رجاءه بِرحيلِ المعني حتى وَإن كانت حروفه مُختنقة.. كان يريد مِنه الرحيل بِشدةٍ، رحيل لا يعرف عودةَ..
رغبته في حمايةِ نفسه ألحت عليه أن يتكورَ حول نفسه، فامتثل لها إلا أنه دفن رأسه عِند عظمة ترقوة أيريس، كأن بإخفائه لِوجهه فهو يخفي ذاته عَن الوجود.
" كُل شيء على ما يرام، استمر بِالتنفسِ.. "
همست بِخفوتِ ما إن لمست إختفاء الرجفة في جسده, وَاسندت ذقنها على رأسه بِخفةٍ تمسدُ خصلات شعره الفوضوية، وَكررت دون ملل:
"استمر بِالتنفسِ تايهيونج.. "
شعرت بِنفسِه الثقيل ينتظمُ ضد بشرتها، يختفي التشنج مِن جسدِه كاملًا فيريحُ رأسه مُنهكًا؛ فتنفست بِارتياحِ.
نظرت لِمُحيطها لِتلتقط حدقتيها شظايا الزجاج المُتناثرة أرضًا، ثُم علبة المُهدئ الملقاة بإهمالِ جوار السريرِ وَشريط الحبوب الفارغ على المكتب. كان استغراق النوم صعبًا لِلغاية عليه حتى اضطر أن يرغمَ النوم أن يأتيه.. لكنه جاء مُحملًا بِعبئ الماضي، جاء مُحمًلا بِرائحةِ الطين الرطبة وَالحديد الصدئ.
رغُم ذلك، أبهرها عبوره بوابة اللا وعي جارًا إياها معه، أن تسيرَ دون إدراك على خيوط اللاقطة مُتمسكةً بِحلمِه. كان ذلك مُثيرًا لِتسؤلاتها عَن ماهية الحُلم الذي استدعاها دون أن تدرك ذلك. وَكيف سقوطها تلاه سقوطه عَن الخيوط.
وَكيف أنه رُغم سكونه الحالي.. إلا أن النومَ لازال مُخاصمًا له. وَالعبرات تنساب بِهدوءِ مِن حدقتيه مُبللةً قميصها.
وَحينها تمنت لِأول مرة..
لو لِلِحظةٍ، أن تستقيم الحياة، وَأن يحصل كُل شخص على ما يستحق.
لربما يمنحها ذلك بعض الثقة بِالكونِ.
----؛ ☆ ؛----
// يتبع //
.
ترا الفصل برعاية صوت دويونج وهو يقول: just keep breathin & breathin
يخي ايش ذا الجمال بس.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top