(20)
بقلم :نهال عبد الواحد
صعدا السلم الداخلي للفيلا والذي بمجرد أن صعدا عدة درجات شعر بتوترها فحاول ألا يأبه ثم وصلا للطابق العلوي فوقف في منتصف المكان مشيرًا بيديه حوله قائلًا: هنا توجد الغرف، هذه غرفة زائدة من أجل الضيوف، وهذه الغرفة غرفتي وقد كانت غرفة والدي سابقًا ثم قمت بتجديدها، وهذه الغرفة التي بتِّ فيها بالأمس وقد كانت غرفتي في طفولتي، صحيح كيف كانت ليلتك؟ وهل أعجبتكِ؟
أومأت روح برضا: أجل! هي مريحة ولطيفة جدًا، لكن النوم كان متقطعًا بسبب تغيير المكان، سأعتاد عليها مع الوقت.
فقال: لكني لا أريدك أن تعتادي عليها، أقصد لدي في حمام غرفتي حمام بخار و (جاكوزي) إن أردتِ الإسترخاء سيعجبك بشدة وقتما تشائين بشرط أن تفتحي الشفاط لأن الدخان يكون كثيف جدًا.
ثم قال: وهنا كما ترِي مكان جلوس للمعيشة، وهناك أقراص مدمجة لأفلام عربية وأجنبية، قديمة وحديثة... ستجدي أذواق متعددة، كما يوجد أيضًا مجموعة من المسرحيات القديمة التي كنا نشاهدنا في صبانا مثل «العيال كبرت» و «شاهد ماشافش حاجة» وغيرها..... ومن حين لآخر أحضر مجموعة، إن أردتي شيئًا بعينه بلغيني فورًا.
فابتسمت روح وأهدرت: أشكرك .
فابتسم إليها وأطال نظره إليها متأملًا هذا الهدوء والرقة التي لا يعهدهما من قبل ثم فتح الستارة والتي أظهرت شرفة كبيرة تطل على حديقة الفيلا وقد أعجبت روح بها كثيرًا لكنها أيضًا كانت مشمسة.
ثم جلسا على الأريكة لكنها تفاجأت بمراد يجلس أرضًا ويفتح أحد أدراج المنضدة الكبيرة التي تتوسط المكان وأخرج منه ألعاب الشطرنج والطاولة ولعبة الورق و......
فكان يخرج كل لعبة وهي تضحك فيضحك على ضحكها ثم جلسا يلعبان بكل لعبة بعض الوقت.
مرت عدة أيام ومراد يتعامل معها برقة وهي أيضًا كانت تتعامل بهدوء و لطف ويمضيان وقتًا رائعًا بين التسلية واللعب أو الحديث في مختلف الأمور.
وقد تبدلت روح فاختفت روح المتشددة التي تثور وتحتد في الكلام لأتفه الأسباب وجاءت روح أخرى أكثر هدوءًا ولطفًا وفيها من خفة الظل والوجه البشوش وهءا بالنسبة لمراد إنجازًا كبيرًا.
وبدأ مراد يخرج لعمله فيفطران معاه صباحًا فقد اعتاد على الإفطار منذ أن وطأت قدميها منزله ولم لا وهي تصنع طعامه بيدها وتجلس هي معه تشاركه الأكل، كما اعتاد شكرها عقب كل وجبة تصنعها بيدها ويقبل يدها برقة شديدة وقبل أن يخرج يسلم عليها ويقبل جبهتها وكذلك عندما يعود، لكنه يود لو يضمها إليه في عناق طويل.... لكن لم يحن الوقت بعد، ويجلس معها يقص عليها يومه و يسألها كيف قضت يومها ويحكيان.
كانت روح ترى كل تلك التفاصيل البسيطة كحلم كم تمنت أن تعيشه وتتعامل بهذه الطريقة لكنها قد أجزمت أن تلك الطرق ليست إلا في الروايات والأفلام وما شابه ذلك لكنها بعيدة كل البعد عن أرض الواقع، لكنها صارت تعيشها في الحقيقة.
وذات يوم قد تأخر مراد وكان يخرج يوميًا ويعود مساءً ولا يتناول أي شيء طوال اليوم لأنه يعلم أن هناك من تنتظره وتعد له مالذ وطاب.
قلقت ذلك اليوم للغاية فقد تأخر عن موعده كثيرًا وشعرت وكأنها بدأت تنهار ولاتدري ماذا تفعل، وأخيرًا قد وصل و وحدها تنتظره فأسرعت نحوه فوجم مراد لا يصدق نفسه ثم توقفت فجأة وكأنها تراجعت عن فكرة التعلق بعنقه والعناق الشديد لكنه قرأ برماديتها القلق الرهيب.
فتسآلت بلهفة وقلق: لماذا تأخرت هكذا؟!
فأجاب بهدوء غير ملائم لقلقها: كأنك كنتِ قلقةٌ مثلاً!
فنظرت له وبدأت تستشيط غضبًا فلحقها مسرعًا: أقصد إن كنتِ قلقة عليّ فلماذا لم تتصلي بي؟ فأنتِ لم تتصلي بي قط!
فقالت بتردد: هه! ربما إذا اتصلت بك شعرت بضيق أو وصفتني بذبابة زنانة تتلزق بسخافة.... أقصد....
كان مراد يتابعها بعيونه ويفهم سر ارتباكها هذا وترددها فاقترب منها وأمسك بيديها وقبل جبهتها بعمق عاشق كاد يذهب بها مع رائحة عطره المهلكة تلك وكأنما فقدت وعيها للحظات ثم ابتعد عنها قليلًا لكنه لازال قريبًا منها وممسكًا بيديها وقال: أشعر بضيق! هل هناك عاقلًا تكون معه مثلك تحدثه وتسأل عنه ويشعر بضيق؟! رغم أنه لا توجد من هي مثلك لكن مؤكد هو غير طبيعي.
أطالت النظر إليه ثم قالت: هل أنت هكذا فعلًا؟!
فابتسم مراد بعدم فهم وتسآل: ماذا تقصدين؟
- طوال الوقت تتعامل برقة ولطف!
- لن أجيبك بل سأترك الأيام هي التي تجيبك.. ألم تريدين معرفة ماذا أحضرت لكِ؟!
فنظرت روح لتلك الحقيبة الكبيرة التي لم تنتبه إليها إلا توًا لكنها كانت حاملة للملابس ربما بداخلها بدلة أو شيئاً آخر.
فقال: غدًا أول حلقة لنا معًا في برنامج المسابقات بعد زواجنا وأردت أن نظهر بمظهرٍ خاص في أول لقاء خاصةً مع وجود الجمهور، هذا فستان لكِ أتمنى أن ينال إعجابك.
فابتسمت وهمت بفعل بشيء لكنها تراجعت في آخر وقت لكن مراد قد فهم وابتسم فمسح على شعرها برفق وقبل جبهتها وهو يقول: مباركٌ لكِ.
فأجابت بامتنان وسعادة: شكرًا، ربي لا يحرمني منك أبدًا!
- ولا منك، وفي الغد ستجئ إليكِ خبيرة التجميل لتفعل لكِ كل ما ترديه، صحيح هناك حذاء مناسب للفستان واطمئني مريحٌ للغاية فلا حاجة لصراخ ولا عويل أو لا بكاء.
وغمز لها كأنه يذكرها بلقاءهما الأول فضحكت بحرج وقالت: والله لم تحدث إلا ذلك اليوم فقط! دائمًا أرتدي الأحذية ذات الكعب العالي دون أي مشاكل.
- إذن هو حظي!
- رغم إني كنت أنوي أن أستأذن منك للذهاب إلى حامد فهو بمفرده ويحتاج من وقت لآخر لمن يذهب يرتب المنزل ويعد له عدة وجبات.
- إذن فلنجعل ذلك بعد غد، وخذي إحدى الخادمات معكِ لا أريدك تجهدين نفسك في تنظيف أو خلافه يكفيكي صنع الطعام كما تصنعيه هنا، وسوف أجئ وأتناول معكما الغداء.
روح بسعادة بالغة: فعلًا!
مراد: أجل! هل نسيتِ أنكِ الملكة المتوجة وكل ما عليكِ أن تشيري وكل شيء يُنفذ، لا أريد إرهاقك.
- أقصد، هل ترغب فعلًا بالمجئ وتناول الغداء معنا؟!
- بالطبع! أليس هذا هو المعتاد؟! ثم أن أخاكي هذا صديق لي، هل نسيتِ؟! ثم إني لم أعد أطيق الطعام إلا من يديكِ.
فابتسمت ثم ذهبت لتعد العشاء.
وفي اليوم التالي مساءً وقف مراد بالأسفل يرتدي حُلةً سوداء وقميص أسود وهيئته أنيقةٌ للغاية يشبه نجوم السينما وينطر في ساعته من حين لآخر.
وبعد قليل سمع صوت باب الغرفة ثم صوت خطوات كعب نسائية تعلن عن هبوط ملكة متوجة فاقترب من السلم وهو يعدل حاله ويميح علي شعره برقة، فهبطت روح في أبهى طلة رآها عليها تجمع شعرها لأعلى في فورمة شعر رائعة مرتدية فستانًا أبيضًا هادئًا عاريًا قليلًا من الكتفين وله أكمام مفرغة ثم يبدأ باتساع من الخصر إلى أسفل الركبتين وعلى خصرها حزام مرصع بفصوص فضية وموضوع منها حول عنق الفستان وباقي الفستان بسيط مع حذاء أبيض به بعض الفصوص الفضية أيضًا وذا كعب عالٍ .
كانت تهبط بجوارها المربية عزيزة سعيدة بها للغاية، وقف مراد يتطلع إليها في نظرة طويلة بإعجابٍ شديد بكل تفصيلة فيها بينما روح تبتسم بإحراج من نظراته تلك، تنهد مراد بعشق ثم أهدر: ترى ماذا أقول!
تابعت المربية بإعجاب: ماشاء الله تبارك الرحمن! هي بدرٌ مضئ، ربي يحفظها ويبارك لكما عزيزايّ!
فعانقتها روح بحب، فقالت المربية بمكر: هذا العناق المفترض ألا يكون لي.
فابتسمت روح بلا رد وهبطت ماتبقى من درجات السلم حتى اقتربت منه فوضع يده في جيبه وأخرج علبةً صغيرةً وفتحها وأخرج منها خاتم الزواج (دبلة) وألبسها لها ثم خاتم و ألبسه لها أيضًا وقبل يدها ثم أعطي إليها خاتم الزواج الفضي (دبلته) فألبستها له فاقترب منها وقبّل جبهتها قبلة طويلة يبث فبها حبه وأشواقه الدفينة نحوها.
ثم أمسك بيدها وتأبطها ولا يزال يشبك أصابعه بأصابعها.
وصل مراد وروح لمكان تصوير البرنامج بينما كانت روح تشعر كأنما ذاهبة لسهرة وليس لبرنامج فهي لم تعتاد على هذه الهيئة فكانت محرجة وتخشى الدخول من الكواليس وقد شعر مراد بتوترها هذا فأمسك بيدها مع نظرته لها ليطمأنها.
دخل الاثنان أمام الجمهور بأيدٍ متشابكة فوقف الجميع وصفق وعندما وصلا لمنتصف المسرح تساقطت عليهما من أعلى ورودًا حمراء وقصاصات لامعة فضية فنظرت روح حولها بسعادة كبيرة ولازال الجميع يصفق ثم التفتت إليه وقد أدركت أنها فكرته فابتسمت وقبل أن تتحرك شفتيها بحرف خففت الأضواء فجأة وأدارت أغنية لم تدركها في البداية فمد مراد يده بطريقة مسرحية يطلبها للرقص فمدت يدها إليه فجذبها نحوه برقة ولف بذراعه على خصرها وقربها أكثر ثم شبك يده بيدها و وضعها على قلبه واقترب أكثر و وضع خده على خدها متنفسًا عطرها شاعرًا بخفقان قلبها هذا، فلم يقتربا هكذا من قبل لهذه الدرجة وبدءا يتراقصان في انسجامٍ رائع كانت كالمغيبة لا تتحرك بإرادتها بل هو من يحركها لقد ذابت بين يديه وأغمضت عينيها مستنشقة عطره هي الأخرى شاعرة بكل دقة من قلبه وكأنها تناديها.
وهكذا أُعلن للجميع أن هذان الإثنان قد سقطا في عشق عميق.......
أنا مش مصدق نفسي إنك بين إيديا
من يوم ما حبك خدني مش بتنام عيني
جوايا شوق أد الحنان اللي في عينيكِ
روحي فيكِ نظرة ليكِ هي الحياة
........................................
NoonaAbdElWahed
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top