No.16
الطريقة المُثلَى التي اخترت تنفيذها، هي أن أتلاشى أي كلمات تجعلني أتعامل مع أيًا منهم؟ .. و حسنًا كان ذلك ناجحًا نوعًا ما ...
منذ تلك الليلة لازمت غُرفتي بالفعل، ليس بإرادتي بل لأن ذلك المزعج أبي طبعًا أمر بعدم خروجي الا للضرورة القُصوى! .. ذلك إن أتت تلك الضرورة القصوى سأجد مجموعة من الحراس يُقيدون حركتي بالطبع!
هذا .. مُخزي!
النفس الذي استنشقته بقسوة شعرت به يُمزق رِئتاي! .. لكنني مرة أخرى عبِست ... حسنًا ليس و كأنَّ ذلك لطيفًا لكنني لم أتذمر لأني لم أرغب بمُحادثة فِعلية معه .. قطعًا لا أرغب بالتحدث إلى الشخص الذي رماني قبل ولادتي! .. و السبب الأخر أنَّ هذا نوعُا ما أمرًا جيدًا لأهتم بدروسي التي تجاهلتها بالآونة الأخيرة!
عينايّ التي كانت تخترق صفحات الكتاب أمامي ارتفعت لأُحدق أمامي راسمًا ابتسامة خبيثة .. أستطيع الشعور بباب غُرفتي يُفتح و زوج من أقدامٍ بشرية شيطانية تتسلل خلفي .. لكني ظللت كما أنا و مع تقدمهم أكثر تركت مكاني مُسرعًا و أرسلت لهم صرخة مخيفة جعلت التوأم يتجمد في مكانه و أنا ببساطة قهقهت مزيدًا عُبوسهما!
رأيت الدموع تتجمع في عيناهما التي اتخذت لون عين والدي بينما يُعانقان بعضهما ! ثم هتفا معًا بسخط:
" سوف نُخبر أبي عنك! "
ثم رحلا! ببساطة!
عدت لمِقعدي أُتابع ما كنت أفعله بينما أتجاهل ما حدث فِعليًا، عيناي اتجهت نحو الساعة قُربي، انها العاشرة صباحًا، لم أتناول فطوري بعد و هذا لم يكن يُهِم حقًا فشهيتي مُنقطعة!
تفكيري عاد لتلك الليلة و ما بعدها .. لا أعلم ما حدث بعدها فلا أحد أخبرني .. ماذا حدث لسامويل؟ .. هل هو في السجن أم طليق و استطاع النجاة بطريقةٍ ما؟
تنفست بضيق، ترتعش يدي كحال قلبي الذي اضطرب فجأة، ربما هذه نوبة اكتئاب أخرى؟ .. غددي الدمعية أفرزت دمعاتها، و عقلي تذكر ابتسامة أمي ثم موتها!!
نهضتُّ عن مكاني أتجاهل أنَّ لدي اختبار بعد الغد، لكني فقدت قُدرتي على أي شئ! .. أنا فقط أريد البُكاء؟
لكني تجمدت و باب غرفتي يُفتح مرة أخرى لأرى التوأم ، و هذا جعلني أتنفس قليلًا ، فلم يكن آرين كما ظننت!
رين تقدم نحوي بعبوسٍ طفولي يهتف بتسلُّط:
" أبي يُريدك كي يُعاقبك. "
من خلفه لامست رينا كتفه تُسانده ، بحق الله لما لدي شقيقين توأم يستمتعان بجعلي أُعاني مِن مقالبٍ ما ثم يذهبان كبريئان كي يُخبرا أبي بالأمر كي أُعاقَب أنا؟!
أنا لستُ محظوظًا! قطعًا لستُ كذلك!
تنفست الصعداء و اتجهت لكلاهما أجذبهما من كفهما ثم ألقي بهما خارجًا ثم أغلق الباب أتجاهل أنهما يصرخان عليّ .. مزعجان!
تقدمت خُطوتين لكني جفلت في الثالثة و جسدي يفقد قدرته على التوازن بشكلٍ مخيف! .. رؤيتي أصبحت غائمة فجأة و وجدت نفسي أحدق بهما نحو السقف في مُحاولةٍ لأجد القُدرة على التفكير، بل وعيي فجأة بدأ ينسحب ببطء و بشكل مخيف! ..
حين بدأت أعود لوعيي بعد وقت لا أعلمه ، شعرتُ بنفسي فوق سريري و فوقي المئات من الأغطية، أو هذا ما شعرته بسبب الدفء الذي يغمرني ، لكن الذي جعلني أنفعل هو أنه كان هناك! .. فوق رأسي! .. ببطء كان يُحرك خُصلاتي للخلف ثم يعبث بها راسمًا ابتسامة هادئة كرهتها!
انه يتعامل معي كأنه لم يكن سبب كل المشاكل التي تحدث معي! .. كفه تحسس جبيني ثم شعرت بشفتاه تطبع قُبلة جعلتني أشعر بالحرارة ترتفع لوجنتاي! .. تبًا! لما فقط تفعل ذلك و أنتَ كرهتني مِن قبل!؟
_" ستكون بخير لا داعي للقلق .. انه مجرد إغماء."
مجرد إغماء؟! .. بكل بساطة؟! .. انه يتعامل و كأنَّ شيئًا لم يحدث! بارد الأعصاب و .. و دافئ؟
عمَّ أُفكر أنا، يجب أن أكرهُه، أغضب منه! .. أمقته! .. لكني .. فقط .. أُحبه! .. بطريقةٍ ما!
أغمضت عيني أستند على راحتيّ كي أنهض لكني وجدت الغرفة تدور بقسوة جعلتني أفقد قدرتي على الرؤية و التوازن، و بدل أن أسقط وجدت نفسي في حُضنه بينما يمسح على خُصلاتي مُطلقًا تنهيدة متعَبَة؟ .. ثم همس باستياء:
" ربما كان علينا الذهاب للمشفى."
_" لن يحدث! "
أجبت باعتراض!
"لستُ هنا و بهذا الموقف لتجعلني أستمع لحديثك أيها الطفل .. لديك فقر دمٌ حاد و عدم تناولك للطعام منذ يومين جعلك تفقد وعيك فجأة! "
تكلم منهيًا اعتراضي عما يُفكر .. عيناه توجهت نحو الباب حيث فتحته داڤيينا و دلفت تحمل صينية تحمل عدد من أصناف الطعام و هذا جعل معدتي تُدغدغني! .. لو أني لازلت أُعاني من تلك القرحة الهضمية كنت سأتقيأ لكنني تعافيت، بطريقةٍ ما!
حينما وضعتُ الطعام أمامي تعطيني نظرة لطيفة جعلت عيني ترغرغ بالدموع التي كبتها فورًا، كان هناك طبق من لحم الدجاج و حساءه ثم ملعقة و شوكة جوار الطبقين و التي رافقهما طبق من سلطة الخضراوات ثم طبق أرز، رفعت عيني إليها! بجدية؟!
لكنها مرة أخرى فاقمت شعور الاكتئاب داخلي بنظرتها اللطيفة، فلقد ذكرتني بأخر نظرات والدتي لي!
لكنها مرة أخرى لم تدع الأمر يقف عند ذلك إذ بها تبدأ بإطعامي!!!! .. هذا قطعًا لن أرغب به و خاصةً منها هي! .. لازلت أتذكر ما قالته أمي عنها، هي من جعلت أبي يفعل ذلك و يمقتني قبل مولدي حتى! .. لكن كيف ذلك و يبدو أنه لم يمر على زواجهما سوى عشر سنوات؟
تنفست بقوة قبل أن أشعُر فِعليًا أن جسدي يرتخي .. ذراعيّ آرين رفعاني جيدًا لأبقى في حضنه و يده اعترضت يد داڤيينا و أعتقد أنه أعطاها ابتسامة لطيفة جعلتها تُبادله مثلها بينما تُبدل معه مسؤولية إطعامِ! .. لما يبتسم لها؟! ..
" أمي! أبي! نحن نكرهكما! "
تدخل التوأم يتذمر من المعاملة اللطيفة التي يقدماها لي لذا رأيتها تنظر نحوهما و تطلب منهما التقرب و قد فعلا بينما عبوسًا لطيفًا يُزين ملامح الصغيران .. أمسكت بأيديهما و نطقت:
" اسمعا حبيباي .. آش أخوكم الأكبر، لذا أحبوه فهو يُحبكم جدًا كما أنهُ مريض لذلك نعتني به . "
و بينما يتذمرون فيما بينهما وجدتُ نفسي قد تسللتُ إلى النوم قبل أن يتسلل إلي، و دون أن أشعر فقد غفوت لبضع ساعات ربما؟
.
.
.
حين استيقظ كانت بالفعل قد غربت الشمس قبل عدة دقائق، لمح من نافذة غرفته السماء التي صفت مُعطية منظرًا جميلًا و مُشعًا بخطوطها البرتقالية الممتزجة بالأحمر و الذهبي، قبل أن يحل الليل عليهم بسماءِه الليلية المُرصعة بالنجوم القِلَّة.
الليلة كانت مُظلمة فلا يوجد قمر يُنير ، لكن ذلك لم يمنعه من النهوض إذ شعر أنه أصبح بخير ربما .. اتجه نحو مكتبه و جلس على المقعد يفتح دُرجِه و يبتسم لرؤيته سماعة كبيرة غطى بها أذنيه و أوصلها بهاتفه الذي لا زال ذو شاشة مكسورة، ثم شغلها على نهاية الصوت .. أعاد دفتره أمامه ليبدأ بمُتابعة مُذاكرته.
بعد يومين ...
بدأ أول اختبارٍ له، ارتدى ملابس المدرسة فوقها سُترة سوداء ثقيلة، مع شالٍ وضعه حول رقبتِه ، فالسماء كانت تمطر بالخارج و الجو شديد البرودة!
تقدم نحو المكتب و أخرج سماعته مجددًا، وضعها فوق أذنيه لعلها تدفئه كما و شغل أغنيةٍ ما بلغة ايطالية، ثم أخذ دفتره الذي سيُراجع به قبل اختبارِه ثم التفت و غادر غرفته متعجلًا!
وقف بمنتصف الصالة حيث تجمَّع الجميع يتناولون الافطار بتجاهُلٍ كُلِي له ، والده يبدو أنه غادر للعمل مبكرًا كما و آكيرا غادر معه لنفس الهدف قبل أن يذهب للمدرسة .. انتبه على نظراتِ داڤيينا له قبل أن تقترب منه تنحني لطوله، و بينما تبتسم بصفاءٍ عدلت ملابسه بانتظام قائلة:
" تبدو لطيفًا و وسيمًا .. أريدك أن تُبلي حسنًا في اختبارك، و بالتوفيق."
همهم بصمت، و رغم محاولة كُرهِه لهذه المرأة الا أنَّ تأثيرها يجعله يصمُت و يتركها تفعل و تقول كل ما تريد، ربما يومًا ما قد يستمع لها إن طلبت منه الانتحار! .. تأثيرها قوي حقًا!
ربتت على كتفيه مُشجعة إياه، و مِن خلفها برز صوت كارولينا بسُخرية:
" ألا زلتي حمقاء داڤي؟ .. تجاهلي الفتى و تعالي. "
تنهدت داڤيينا بضيق ثم تجاهلتها تُعيد ابتسامتها للصبي و تشجعه أن يذهب، لكنه قبل ذلك أعطاهم نظرة باهتة، يُشاهدهم صامتين دون أن يكلف أحدهم نفسه أن يتدخل في أمره! .. و حتى جده!
التفت و غادر مسرعًا و هناك في قلبه عقدة مؤلمة تفاقمت سريعًا لأجل عدم اهتمامهم به و كرههم له رغم أنه لم يفعل أي شئ لهم!
استقل سيارة السائق و انشغل بالنظر للخارج .. للأسف لن يستطيع أن يمحو ما سمعه أو أن يتحدث عن شعوره لأحد، فحتى فريد ليس معه حاليًا!
.
.
" صمتًا، الوقت انتهى، حضروا أوراقكم؟ "
صدح صوت المعلم يُهدئ أصوات المعترضين على انتهاء الاختبار قبل وقته بعدد من الدقائق ... انتقل بين كل طالب و أخر حتى وصل إلى آش .
انتهى أول يوم ليخرج بتنهيدة مرتاحة لانتهاءه أول مادة .. في الممر أثناء مغادرته توقف لحظيًا حين توقف أمامه آكيرا الذي ابتسم يسأل:
" كيف أبليت في الإختبار، آش؟ "
و عيناه راحت تُحدق في نقطةٍ ما عبر تلك النافذة الزجاجية يرى كيف تمطر السماء بالفعل بينما يهمس بالاجابة:
" جيد .."
سار بعد كلمتِه يتجاهل وقوف آكيرا الذي عبس لفِعلته، ربما هناك حاجزٌ ما بناه لكي لا يتقرب أكثر منهم، هو غير قادر أصلًا على ذلك .. إدراكه أنهم تركوه قبل مولده لأربعة عشر عامًا عانى فيهم، ثم ظهورهم فجأة في حياته ثم حديث جارح من إخوتهم الأخرون لا أحد منهما وقف بصفه! .. حتى عندما ماتت والدتِه لم يُفكر والده بذهابه لها عندما دُفنت! هو حتى أرغمه على عدم النطق بما حدث، ثم ضربه حين فعل!
كفه اتخذ طريقِه للإستناد على الحائط بعدما ابتعد كليًا في مكانٍ خالٍ خارج مبنى المدرسة ، انزلق بجانبية نحو الأرض يتنفس بألم و تدمع عيناه .. يُدرك بجدية أنه في صدد دخوله وسط نوبة اكتئاب حاد، و بالكاد يُقاوم!
بقى هناك لدقيقتين يتذكر كل معاناته ، ثم تدريجيًا بدأ ينهض مُتخذًا قرارهه .. ليُنهي اختباراته وحسب! .. فقط ليُنهيها!
.
.
الطريق كان شِبه خاليًا في تلك الأجواء الماطرة .. تبقى له عِدة مواد دراسية إحداهم الفيزياء و التي للآن لم ينتهي منها! لكن عقله يتمرد كليًا على طلبه المساعدة من آكيرا...
تنفس بعُمق يتخذ الحائط داعمًا لوقوفه .. نظر بعدها إلى السماء بشرود، يُفكر في كل ما حدث.. و في جيب سُترته اهتز الهاتف بانزعاج .. لكنه زفر بغيظ يتجاهل مَن يفعل، فهو يُدرك جيدًا من يكون، ثم المنزل لم يتبقى عليه سوى بِضع خطوات ثم شارع واحد .. اعتدل يُدفن كفيه أكثر في كِلا جيبيهِ .. سار خطوتين و توقف يُحدق في مَن وقف أمامه ببرود، ابتلع و مع خطوة الأكبر تراجع .. توترٌ حاد و خوف قد استوليا عليه ...
ابتسامة رُسِمت على ثِغر من ينظر إليه و امتدت يده ببطء يجذب جزء من ياقته نحوه!
انصاع لرغبة الخوف داخله لمن أمامه قبل أن يشهق عندما سحبه نحو ذلك الزقاق المُظلم بين البنايتين .. دفع جسده نحو الحائط فأغمض عينيه بألم دون فتحها بسبب الخوف، جسده يرتجف دون ارادة منه و ذراعي سامويل احتجزته بينهما على ذلك الحائط لينطق أخيرًا بنبرةٍ لعوبة:
" تبدو مرعوبًا لرؤية والدك أيها الطفل؟ "
لم يستجب له ، أراد اعتراضه باخباره أنه ليس والده، لكن لسانه شُل تمامًا، فابتسم الأكبر بسُخرية تتحرر إحدى يديه نحو الفتى الذي شهق بذعر يُخفي ملامح وجهه عنه ، ليُقهقه فورًا لرؤية كم هو خائف منه!
رغم ذلك اعتدل يُمسك ذراعيّ الصبي يُبعدهما عن وجهه كي يرى ملامحه المرعوبة بوضوع، ذلك فقط يجعله يُدرك أن تربيته له أجادت بالفِعل .. لقد استطاع طبع الخوف منه داخل قلبه !
" لما لا تنطق و ترد؟ .. "
أمال رأسه لليسار قليلًا يرفع حاجبًا بحدة، ثم ردف بشِبه صراخ:
" أجب! "
شهق الفتى مذعورًا و قد تجمعت الدموع بعيناه يهمس بصعوبة و اضطراب:
" أسف .. لكن أنا .. أنا .."
قاطعه يحتجز ذراعيه بقوة في الجدار خلفه ، فعض شفته السفلية بألمٍ يُشيح بوجهه عنه ، رغم كل ما حدث لكنه للآن يقف أمامه بجُبن! .. أجل هو جبان جدًا ! .. لا يستطيع إظهار جانبًا قويًا أمامه! .. انه مثير للشفقة!
اقترب منه حتى شعر آش بأنفاسِه تلفحُ وجهه، و هناك رائحة خمر تفوح منه بقوة، و ذلك لم يُزِدهُ سوى ذعرًا!
" أنا لن أتركك أبدًا آش .. ليس بعدما علمتك أن تخطو و كبرت بين يدي أنا .. لن أتركك بعدما علمتك كل شئ!"
قال و ابتعد خطوتين عنه قبل أن يسير مبتعدًا، فأغلق آش فاهه بكِلتا يديهٍ بذعر دون حتى أن يُراقب خطوات الأكبر المبتعدة!!
شهيق، زفير .. كانت أنفاسه تضطرب لكنه يمنعُ بُكاءه فقط عن الظهور! .. انزلق أرضًا غير قادر على استيعاب ما كان يحدث قبل ثوانٍ، لكنه فجأة نهض فورًا يُسرع بالهروب من ذلك المكان خوفًا من عودة سامويل مجددًا!
بعد عدة دقائق أخرى كانت قدميه تتجهان نحو القصر، و قبل أن يخطو للداخل أكثر كان قد توقف مع رؤيته لوالده خارجًا من المنزل بهذه اللحظة لذلك عاد للهدوء يُحاول ألا يُلفت النظر .
ابتسم والده بحِيرة من رؤية اصفرار وجهه لينطق بهدوء:
" آش عُدت أخيرًا .. كنت قلِق عليك كثيرًا لتأخرك صغيري. "
همهم آش و دون أن يُكلف نفسه بالنظر إليه، هو قد سار نحو الداخل بخطواتٍ متعبة و هو يجذب ذراعيْ الحقيبة التي تعتلي ظهره، لكن يد والده اعترضته حين أمسك به من معصمه، التفت له آش و تبادل النظرات لوهلة قبل أن يجفل الأصغر على يد والده التي تحمل منديلًا .. لمح الدم الذي لوث المنديل ! .. لم يتحدث بل ظل هادئ تمامًا ..
زفر آرين بقلقٍ يقترب منه، أنامله اخترقت خصلات الفتى تفرُك فروة رأسه الذي دُفِع ضد خاصته قائلًا بضيق:
" آش، أخبرني لمرة واحدة ماذا يحدث معك؟! .. "
لم يرد ، و ظل مكتفيًا بالصمت، يستشعر ذراع والده الحر الذي أُسِر بعناقه لخِصره ... اندفعت غصَّة تنحشر في حنجرته لكنه ظل يقاومها راجيًا أن ينتهي الأمر سريعًا قبل أن يُكتشف و ...
" لأجل والدتك .. أخبرني .. أرجوك."
هنا تجمد الدم في عروقه! .. ماذا يفعل؟ .. هو حتى غير واثق به! .. كيف يثق بشخص رفض وجوده قبلما يُولد حتى؟!
يده اشتدت حول خصرِه يعطيه عناقًا هادئًا .. عين آش انغلقت بروية ، لم ينبُس بحرفًا و اكتفى بترك نفسه بين يدي والده و لو للحظات قليلة .. ربما لا زال يُحبه لأنه والده .. أجل لم يكرهه قط! .. رغم أنه تركه .. رغم اخبار أمه بحقيقته .. هو لم يكرهه قط! .. لطالما تمنى ايجاده و البقاء معه .. لكن الحياة ليست بتلك السهولة لتتحقق أحلامه !
رفع ذراعيه أخيرًا، يُبعده ، فـ انفلتت ذراعيه عنه و تراجع هو خطوتين حذرتين هامسًا دون التجرؤ للنظر نحو عيناه:
" تُصبح على خير .. أبي. "
شاهده و هو يُغادر، مكتفيًا بالصمت .. يُدرك نوعًا ما أنه غاضب منه، و رغم ذلك لا يُدرك سبب هذا الغضب و النفور من وجوده بينهم!
*
*
*
يتبع..
الرواية في النصف الثاني منها، اعتبروا هذا البارت هو الفاصل لأحداث حادة تدور حول النهاية
استعدوا للصدمات و تفاعلوا 🔪😒
سيكون هناك موعد محدد بما أنني تفرغتُ نوعًا ما، لذا لنجعله السبت، و ربما الجمعة، سأحاول تنزيل فصلين كل سبت ... لكن التفاعل التفاعلللللللل 🙂🔪
أدرك دراستكم لكني انا كذلك لدي عملي فلقد استلمتهُ أخيرًا و رغم انشغالي بأمور عدة فأنا أحاول النشر لأجلكم.
الآن أخبروني رأيكم بالرواية؟
توقعاتكم؟
السرد؟
الأحداث حتى الآن؟
ما المواضيع التي لا تزال غير مفهومة و واضحة منكم؟
التقييم؟
المشهد؟
و الي اللقاء ❤️✨
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top