No.13


كان يجلس في غُرفته شاردًا يتجاهل التوأم بجواره حيثُ يلعبان بكُل شئ لكن بداخلُه كانت تُقام الحروب مما رآه عدة مرات في المدرسة من جهة آش! .. لكن هل يُحادث أخيه؟! .. هل ذلك سيكون مُناسبًا ؟ ..

_" عمي آكيرا! "

التفت يُبعد شروده ليبتسم برِفق لرينا التي امتلأت عينيها بالدموع قبل أن تبكي بخفة هاتفة بشكوى:
" عمي .. رين قام بضربي و أخذ ذلك الدفتر! "

رفع نظره نحو الصبي الأخر ليجده ينظر نحو دفتر للمذكرات أسود و يعبث بأوراقهِ الصفراء العتيقة ، فخفتت ابتسامته يُخاطب الصغير بشئ من الحِزم حين تذكر ما أغضبه:
" رين أُترُك ما بيدك و إذهب لتقف و وجهُك للحائط فأنتَ مُعاقب."

انتفض الصغير يُعيد الدفتر مكانه مُخفضًا رأسه بعبوس قبل أن ينظر لرين بنظراتٍ مُختلسة قبل أن يذهب دون حرف و لو كان والده كان ليعترض ألف اعتراض على العِقاب لكنه يخاف من عقوبات عمه القاسية رغم أنه ألطفُ كثيرًا مُقارنةً مع شخصيته الجادة و قرارته الحاسمة التي كانت تنتهي دومًا بازدياد عقابه حين يعترض وحسب!

تجاهل آكيرا الصغيران بعد أن عبث بخُصلات رينا القصيرة ليتحرَّك مُغادرًا الغُرفة تاركًا التوأم يُناظراه بغرابة ، فهو ليس طبيعيًا اليوم أبدًا منذ عودته من المدرسة بمُفرده دون آش.

يسير نحو الخارج قبل أن يتوقف أمام آرين الذي عاد توًا من الشركة، و قبل أن يتنفس آرين نطق آكيرا بدون مُقدمات:
" آرين لنتحدث بشأن آش قليلًا ...الأمر ضروريّ! "

-------------------

غزارة مياه المطر أضحت أعنفُ من قبل مع تبدُد الضوء بشكلٍ واضح و مع تقدم الساعات نحو الليل .. لتبرُق السماء بصدى رعدها المُخيف!

لحظاتُ القمر الدامية ما كانت الا أسطورةٍ ما تُختلَق لنقرأ عنها و يزداد حماسنا لذلك! .. لكن اليوم كنتُ أنا حاضرًا و القمر ما كان داميًا الا بفعل قُبح هذا العالم الذي لوث عيناه عن المشاهدة!

تقاطُر قطرات الدماء الغادرة على الأرض كان شيئًا يبعث على تقيؤ قلبي و عقلي و التخلص منهما، لكن هل للإنسان أن يعيش بدون قلب و عقل؟! ..
لكني هذه اللحظة هنا فقط تمنيت حقًا ذلك! .. تمنيت لو أتخلص من قلبي و عقلي لأُصبِح مُجردًا من الشعور و مِن الأفكارِ المُهلكة!

ساقي تِلقائيًا انهارت خلف ذلك الجِدار ، تضطرب دقاتُ قلبي كما أنفاسي المسلوبة! تجمدتُّ أحدِق بعينان أغرقها الدموع الفياضة .. غصةً ما في حلقي ارتفعت تنبضُ بشدة! .. ليتني لم أُقرر أن أعود .. لو لم أفعل ما كنت سأرى ذلك! ..

الصراخ العالي الذي كان بين الطرفين اختفى مع اختراق ذلك المعدن الحاد في جُزءٍ من عضلة القلب، و هذا ما وجدتني أُحدق به بينما أخرج من مخبأي و أتجه لأرفعها بين ذراعايّ .. هنا عيناها حدقت في خاصتي و تحررت أخيرًا شهقة مُتهورة مني بينما أنتحب بغير تصديق:
" لا تفعلي! .. لا تتركيني أرجوكِ! .."

شهَقَت شهقة شديدة الصعوبة تُحاول فيها التقاط نفسًا مؤلمًا ، بينما تهمس و كفَّها الدامي يحتضن وِجنتِي:
" أسفة ... ظلمتٌك معي ... سامحني آش. "

سحبت هواءًا بكمية وفيرة، ثم أدمعت عيناها بندم حقيقي ، هامسة بصوتٍ ضعيف تترجاني:
" حاولتُ بسبب .. أنانيتي أن .. أمتلك كل .. شئ! .. لكني خسرت و .. خسرتك كذلك .. أرجوك سامحني .. أنا أحبك .. أنتَ .. أنتَ كل شئ بالنسبة .. لي آش."

تعالت شهقاتي، أصيح بها بعتابٍ و يدي تتجه نحو مقبض السكين كي أُزيلُه :
" ليس وقتِه! .. أرجوكِ ليس وقته هذا الحديث! .. "

" بل وقته أش! .."
أمسكت بيدي بقوة ، و منعتني عن لمسِه، رادفة بصعوبة ممتزجة بصرامة:
" آش لا تثق بأحد ... لا تعود لسامويل! .. سأُخبرك أمرًا .. آرين ليس .. سيئًا .. أ..أنا مَن ...."

شهِقْتُ حين بدأت تفقد الوعي و طالبتها أن تسكُت لكنها لم تفعل! .. لما من بين كل الأوقات تقول ذلك! .. ثم ليس و كأنني أرغب بالعودة لسامويل و خاصةً بعد أن فعلها بدون أي رحمة! .. ثم ماذا تقصد عن أبي؟! .. أنا لا أفهم!

تابعت و كفها الذي يحتضن وجنتي بدأ ينزلق حتى وقف على قلبي النابض بألم ، هامسة بوهن بنبرةٍ خائفة مترجية و عيناها تلتقط شئ ما خلفي:
" أهرب آش! .. آش ابتـ..ـعِد! .. لا .."

سكنت بين يداي فجأة ، و هذا وحده كان قادرًا على جعلي أنتفض بعيدًا عنها لتتسع عيناي مع مرور مزهرية جوار رأسي بعدما لم تُصب هدفها ، و حينها رأيته! .. كان ذا ملامح شديدة الغضب و القسوة، يرمقني بكُره هاتفًا:
" سأتخلص منك مثلها! "

راوغته بذعر و تراجعت عدة خطوات عنه ، أجد ذلك السكين في يدي بطريقةٍ ما! .. لكني لم أبالي و أنا أوجهه نحوه صارخًا بحِقد و دموعي تنزلق بروية على وجنتاي:
" لما فعلت ذلك؟! لما قتلت أمي؟! .."

هنا وجدته يتوقف و يُلقي ما بيده على الأرض ضاحكًا بسُخرية، ثم يُشير نحوي قائلًا بدهشة مصطنعة:
" أوه! قتلتها؟! لا و تملك السلاح أيضًا!! .."

هنا حدقت بيدي الممسكة بالسكين، و هو تابع بسخرية:
" الدليل على مقتلها في يدك يا فتى .. تعرِف بعد ذلك ما قد يحدث؟ "

هنا بدأت أشعر بالخوف، تقدم نحوي فتراجعت بذعر، لكنه تابع كلماتِه بكل بساطة:
" سأتركك الآن ، لك بضع ثوانٍ تودع بها والدتك فالقصر سيحترق ."

مر من جانبي يغادر و انا اكتفيت بالانهيار على ركبتي بذعر ، نظرت نحو جثة والدتي للحظة ثم حَبَوت نحوها كطفل لأول مرة يُجرب أن يسير، جلست قربها و عقلي غير مُستوعب ما يجري!

جسدها بارد جدًا، عيناها تُحدق في نقطةٍ أمامها بكل سكون كحال جسدها .. شهقت باكيًا دافعًا نفسي باحتضانها لأخر مرة و من خلفي التهب الجو بالنيران التي التهمت الستائر و سُرعان ما انتشرت تُحرِق كل شئ أمامها!

و كبدايةٍ سيئة .. كانت هذه هي النهاية التي تستحِق!

.
.

تلك الليلة لم تكن سوى مأساة في قلبِهِ بينما يُراقب الوضع مِن بعيد مِن بين تلك السيارات الخاصة بالشُرطة، ملابسه أصابتها النيران بالفعل كما لوثتها دماء والدته ، و بالكاد استطاع أن يهرب و يترك جسد والدته يُحترق!

الوضع أمام القصر متأزم و قد قاربت سيارات الشرطة و الاسعاف بالاضافة للإطفاء تصل لأكثر من عشر سيارات و لا ننسى الصحافة المنتشرون لهذا الحدث .. جريمة قتل انتهت باشتعال النيران بالقصر!

سامويل كان قد أدى دوره باتقان مُمثلًا الانهيار ببساطة لينقلوه إلى المشفى بأحد السيارات الأخرى!

رنين هاتفه كان كفيلًا باخراج جُزء من وعيهِ للواقع، لمح اسم والده على الشاشة و رد بخفوت بالكاد يستطيع أن يفعل أصلًا:
" ماذا؟ .. "

" أين أنت؟! .."

" في طريقي للمنزل."
همس و أغلق ما بينهما، ألقى نظرة أخيرة على ذلك القصر الذي ضم جسده و روحه بيوم من الأيام مع والدتِه، لقد تذكر خلال هذه اللحظة، كل ما حدث معه في القصر .. أصوات كثيرة اندمجت في عقلِه، كان الصراخ و الألم يصُم أذنيه و يُعطي لقلبه انقباضة مؤلمة .. التفت و سار يبتعد عن المكان الذي كان يضمه، لقد انتهى كل شئ الآن، و ما عاد يملُك شئ في ذلك المنزل، و مع مُغادرته تذكر حين قرر المجيئ لرؤية والدته!

****

ابتسامة رافقت ثِغرها حين فتحت الباب لتجده أمامها و هو ترك كل شئ ليرتمي في حُضنها مُرغِمًا عقله أن يمحو ما قالته كارولينا عنها، لا شئ يُهم الَّا كونها والدته مهما بدر منها ، فهو لا زال متعلقًا بها!

" لما أتيت وحدك؟ ألم تخف؟ "

" لا .. ثم لستُ صغيرًا أمي .. و كذلك اشتقت لرؤيتك."

ابتسمت، لكن نظرتها كانت تُخفي شيئًا، لكنه لم يستطع أن يُفسد تلك اللحظات البسيطة معها مُستغلًا عدم وجود سامويل .. مر الوقت بهم لبضع ساعات أخرى، ربما فعلت أمورًا لطيفة له أثناء تواجده معها خلال ااساعات القصيرة ، كصُنع كعكة لأجله و الذهاب و الاستلقاء في الحديقة، تحدثت معه كثيرًا و هو فعل ... ثم فجأة نظرت له و قالت أثناء جلوسهما في الحديقة:
" إبقى هنا يا آش، سأفعل شيئًا ما و أعود. "

لمحها و هي تتركه و تُغادر مبتعدة .. دقائق ثم نهض راميًا بكلامها عرض الحائط و اندفع خلفها بفضول.

" لن تفعل! .. انه ابني يا سامويل! "

" و إن يكُن! .. آرين أكبر عدو لي الآن لذا عليه أن يخسر أغلى ما عِنده! "

تعالى صراخهما، و هي تابعت عليه بصياحٍ مقهور:
" كما فعلت سابقًا؟! .. ألا تُدرك أنَّك تتحدث بكل بساطة عن إيذاء ابني؟!! ...لم أشي بك بالفعل كونك مَن وضعت تلك المفجرات بالسيارة، و بسببك مات السائق الخاص بابني ثم حاولت قتله في ذلك ..."

" اخرسي! لا تنطقي بكل ذلك أمام أحد! ثم أتذكرتي الآن أنهُ يكون ابنِك؟! أنسيتي كل تلك السنوات؟!.."

جذبها من كتفيها بغضب و قسوة يصرخ بها ، لكنها دفعته و تراجعت عنه خطوة صارخة بوجهه بـ كره ساخطة :
" بل سأفعل إن مسستَه بسوء! .. و لا تنسى نفسَك يا سامويل! .. آش ابني و لن أسمح لك بإيذائه أكثر مِن هذا! "

صمتت بقهر قبل أن تُتابع بعصبية:
" ربما أهملته كثيرًا و لقد أخطأتُ كثيرًا بحقِّه حين كنت أقف عاجزة عن مُساعدته بسبب تلك الصفقة التي بيننا .. أخبرتني أنَّك ستجعلهُ وريثًا إن تركتهُ لَك لكني تأكدتُ الآن أنَّك شخصًا مريضًا .. لقد كذبت عليّ .. تركته لكي تجعلهُ شخصًا قويًا دون والده .. والده الذي تركته لأجلك رغم أنه لم يفعل لي أي شئ سوى أنهُ أحبَّ فتاه أنانية مِثلي! .. لكن الآن كل ذلك سيتوقف سامويل و لن أسمح لَك بإيذائه مجددًا و إن عنى أن آخذهُ و أرحل سأفعل! "

" تعنين افساد صفقتِك ؟ أنتِ هكذا تُلغِين ما بيننا مِن عقد! " تكلم بهدوءٍ فجأة ، فأومأت بصرامة:
" أجل! .. لستُ أرغب بالاكمال ... لأجل ابني سأفعـ..ـل ..."

لم تُكمل إذ اخترق قلبها سكين الفواكه التي سحبها من طبق الفاكهة جوارهما! .. و من خلف ذلك الجدار كتم شهقة مصدومة و هو يرى والدته تهوي أرضًا تُحاول التقاط أنفاسها التي سُلبت! .. بينما هو هَمَّ قائلًا قبل مغادرته:
" نهاية العِقد هو موتِك، لذا موتي بسلام عزيزتي."

ثم تركها و غادر .. !!!

*
*
*

عاد إلى منزل والده و مؤشر الساعة المعلقة يشير على الثامنة و خمسة و أربعون دقيقة .. يجر قدميه زحفًا نحو الوصول لوجهته، مر جوارهم في الصالة و لم يتوقف الا حينما وقف أمامه فينس يرمقه بنظراتٍ لئيمة ثم قال حين لمح الدماء الملوثة في وجهه و ملابسِه:
" ماذا فعلت تحديدًا؟! ما هذه الدماء؟! "

لم يُجب، بل تابع طريقه يجر خطواتِه لكن يد فينس اعترضته و قد تجمع الجميع حولهما ، لحظات كانت كفيلة بأن ينهار على رُكبتيه ببساطة، يمر بنوبة حادة من التشنج العصبي ثم الارتجاف .. ينتهي به يتخذ شهقاته ملجأ لإخراج ما به من كبت .. عيناه تغبشت بدموعه فما عاد يرى جيدًا، يده المُعلَّقة بكف فينس ظلت كما حالها قبل أن تُسحب بيدٍ أخرى، ثم انحنى يجلس أمامه، جذب وجنتيه و لامست جبهته خاصة الأصغر يهمس خلال لحظة بأن يهدأ، و لقد أدرك فقط أنه كان هناك! .. لم يعلم أهو الفاعل أم شخص أخر؟ .. و كيف فقط خرج من هناك بعد أنِ احترق القصر بمَن فيه؟!

لكنه يُعيد تفكيره بأنه ليس له ذنب بما حدث ، بُكائه ربما و انهياره يؤكد أنهُ ليس هو بالتأكيد!

" ماتت! .."
" تركتني! .. "

عانقه و هو اكتفى بكلمتين خرجتا بكل قهر ثم ينسحب في بكاء مرير يترُك ذاته للإنهيار فقط! .. و ذاكرته تعرض عليه كيف قُتِلت؟!!

مسح على خُصلاته و عيناه تنظر لآكيرا الذي انخفضت خصلاتِه تُغطي ملامحه و قد أدرك ما يُفكر به شقيقِه ،
الفتى و لسبب يجهلونه، كان شاهدًا رئيسيًا لجريمة مؤلمة!

" آش!! توقف! "

أمسك بذراعيه يحتضنُ إياه بعدما دخل بنوبة هيسترية ، بينما ذهب آكيرا مُسرعًا نحو الهاتف كي يطلب مِن الطبيب المجيئ!

*
*
*

المساحة الخالية أمامه عكست أشعة الشمس المُتسللة من النافذة مِن بين الستائر ... حدقتاه الذابلة حدَّقت بالفراغ دون استيعاب لمكانِه .. لسبب ما كان الصوت و الضوضاء متلاشيين تمامًا عن مستوى سمعه! .. يده تحرَّكت أخيرًا تُدلك مقدمة جبهته بسبب الصداع المفاجئ الذي استحوذ على رأسه .. تحرَّك أخيرًا يُزحزح جسده خارج أغطية السرير الكثيرة، و لامس بأطرافِ أنامله السيراميك البُنِّي ليقف، لكنه عاد للجلوس بعدم توازن .. تنفس الصعداء، لا يزال غير مستوعبًا أيّنِهِ الآن؟

أعاد كرَّتِه و هذه المرة استطاع أن يملك بعض القوى ليقف، ثم سار مترنحًا، معدته تلوَّت فذهب بقدميه نحو المطبخ كي يسُد جوعه ...

مر جوارهم ، حيث يتناولون افطارهم بصمتٍ حاد قبل أن تتجه أنظارهم نحوه ثم الكثير من الصمت! ... لكنه اكتفى بتجاهلهم يسير نحو الثلاجة البلاتينية، فتحها و أخذ منها تفاحة حمراء متجاهلًا أو بالأحرى غير مهتم بثرثرة الخدم و همهماتهن فيما بينهن .. عيناه تلقائيًا تحولت نحو السطح المرئي للثلاجة حيث رأى ملامحه، حدق بصورته المعكوسة قليلًا .. يقف بملابس نوم باللون الازرق القاتم، شعره فوضوي، و ملامحه باهتة ثم عينيه التي اتخذت لونًا داكنًا أكثر حولها هالة داكنة و ارهاقًا كأنه لم ينم لسنوات ، و أخيرًا القضمة الصغيرة من تفاحة حمراء كلون خلايا الدم الحمراء!

رمش بعصبية و قد تشنج جسده للحظات .. تعود ذاكرته للأمس، لحظة! .. ليتذكر ببطء...

الاختبار المفاجئ؟ ... لا لا ليعود إلى ما قبل يوم من الآن ....

العيد الميلاد المفاجئ! ثم تلك الأسرة المتبقية و السخيفة! ... ثم ...

نعم ليتذكر ... ثم الاستيقاظ سعيدًا و الكابوس ! ... ماذا حصل تاليًا على الاقل؟! .. لما ما عادت ذاكرتُه تُجدي نفعًا؟!

إهدأ آش و تذكر بهدوء ... بعد كل ذلك شعر بالمرض و تذكر بِضع أمور غير محببة! .. ذلك وحده كان كفيلًا باحتجازه بالمشفى لعِدة ساعات قبل العودة ثم اليوم التالي حيث الأمس ...

تذكر آش! .. تذكر!!! ..

ماذا حدث تاليًا؟! .. فكِّر فكِّر!! ... أجل! .. كان يومًا مليئًا باللطف و الفزع! ... أجل، لطيف أن يملك هدية من صديقه ثم كعكة لطيفة ذات مذاق مميز من والدته التي كان و بطريقةٍ ما لم يكن يثق فيها فيما مضى، أو أنه فعل؟!

لحظة!!

حدقت عينه بالتفاحة في يده و تخللت تلك اللحظات شرارات عصبية تُنذره بأمرٍ قد فقد ذِكرِه ربما؟ .. أو أنَّ عقله رغب بتضليله وحسب؟!

مرة أخرى .. أكان حُلم أم أنه شاهد والدته و هي تُحتضر؟!

ساقيه تخدرتا فجأة و وجد نفسه يفقد توازنه ، سيشعر بالألم، الأرض الصلبة و بعض ألم العظام و ربما كدمة بمكانٍ ما من جسده!

لكن يدٍ دافئة قوية جعلته يُدرك أنه لم يكن وحده، على الأقل قبل دقيقة من الآن! ثم التفاحة المتآلكة تدحرجت على الأرض لتستقر قرب قدم إحدى الخادمات!

هنا شعر بنفسه يطفو، يد خلف ظهره و أخرى أسفل ركبتيه، ثم شعر بعصارة معدته تضطرب و معها شبه غثيان أصابه! ..

_" أيّنَها؟ "

جاء صوته همسًا... متعبًا ... و مُهمشًا!

" في القبر، دُفِنَت. "

أجاب ببرود بعد عدة ثوان فتلقى لكمة من قبضتين أصابت صدره و هذا جعله يقبض حاجبيه معًا ، يتجاهل الضربة التالية قبل أن يسمعه يصرخ بقهر:
" لماذا؟! ...."
" لماذا لم أرها ؟! "

_" هذا صعب! "

أجاب بألم فجذب سُترته يطويها بقسوة، يتشنج فكه في نوبة بكاء تُعادل حجم مياة الكوكب بأكمله ، ثم أردف بنحيب:
" أنتَ قاسي! ... لقد كنت أحبها و هي تفعل! "

و خلال الصمت الذي تلَى كلماته أمال مستسلمًا على كتف والده يحوّل ذراعيه إلى طوق حول رقبة والده، و الهدوء التالي كان استجابة ذاتية و عاطفية لشهقات مكتومة مرهقة، لم تتطلب نحيبًا .. لقد فعل سابقًا ، ألم يفعل؟!

شعر و كأنَّ الطريق طويلًا لغرفتِه، هو نوعًا ما مكسورًا تمامًا! .. مُحطمًا و نفسيتِه أسفل الصفر بإشارة السالب! ... زرقاويه اختفيا تمامًا أسفل كتلة الجفن الشاحب ، لا يزال يُخرج أنينًا مكتومًا لشهقات مرهَقة!

وضعهُ بالفراش و زحزح الغطاء ليُلقيه فوق جسده يُطلق تنهيدة يائسة و حزينة ربما؟ .. لذا اكتفى آش في إدارة جسده عنه متكورًا حول نفسِه ، راغبًا بالموت من البكاء ربما؟

لكن انخفاض حاشية السرير جعل منه يجفل، و اكتمل شعوره حين استلقى آرين إلى جانبه جاذبًا خصره ليحتضنه .. كان يود لو أن ينفجر فيه، فأين هو مِن كل ما كان يحدث؟

_" أتعلم آش؟ .. لقد كنت أحب سيلينا كثيرًا، كانت بالنسبة لي كل شئ في حياتي ..."

كل شئ تبخر مع تحرك أنامله تعبث بخصلاته الليلية مع خروج كلماتِه بكل اتزان و دفء، جعل من عيناه تذرف دموعها أكثر .. أكمل مع تنهيدة متألمة زحزحت القليل من شعوره المكتوم داخله:
" لقد كانت لطيفة جدًا ... و جميلة ..."

طُرِق الباب، فصمت آرين عن الحديث الذي رغب أن يخوضُه ثم نهض من جوار ابنه كي يرى مَن؟ ... ما ان فتح الباب حتى وجد كارولينا في وجهه تنطق بابتسامة لا تمُد للموقف بـ صِلة:
" أوه! هل نام؟! بعدما قتلها! لا أصدق..."

" كارولينا غادري. "

نظرت نحو عينيه تحديدًا و ابتسمت أكثر، الغضب المُنبعث منه كان يجعلها تُريد اكمال حديثها لذا أردفت بسخرية و بصوتٍ عالي نسبيًا كي يسمعها آش:
" لماذا؟ .. لِعِلمك أتيت لإخبارك أنَّ الشرطة بالأسفل تنتظر مِن الفتى أن يخرج ليأخذوه بما أنَّهُ قتل والدته!"

اندفع الباب في وجهها و بصوت جهوري صرخ:
" غادري. "

سمع خطواتها المرتدة و قد غادرت، فاستند بظهره للباب يستنشق أنفاسه بثِقل يشعُر أنهُ مَن سيفقد أعصابه قبل أي أحد و عاد لينظر بهدوء نحو الفتى الذي جلس يُحدق به بعدم استيعاب مُتسائلًا داخله بـ هل ما قالتِه صحيحًا!

تحرَّكت خُطواته يقترب منه قبل أن يجلس أمامه يجذب كفَّاه ليحتضنهما بين يديه يُحدق في ملامحه بهدوء ظاهري:
" أش، أخبرني بكل ما حدث أمس؟"

و عينيه تلقائيًا حدَّقت بخاصة والده بينما قشعريرة غزت جسدِه لثوانٍ ....

*
*
*
يتبع..

لا تنسو أن تدعو لإخواننا في فلسطين 🇵🇸

لم أرغب بتنزيل أي شئ هذه الأيام حقًا، الأمر مؤلم أن ترى هؤلاء الأوغاد يقتلون و ينتهكون حرية بلدنا الحبيبة و نحن نقف دون أن نستطيع فعل أي شئ غير الدعاء، لذا لا تنسوا فلسطين من دعاءكم لعل و عسى أن تتحرر من الأوغاد الكافرون و ينتصر اخواننا في فلسطين و يتوقف الألم و الدماء و نتحرر من هذه القسوة، و نصلي بإذن الله في مسجدنا الأقصى 🇵🇸💔

و بما أننا في يوم الجمعة فأكثروا من الصلاة ع خير البشر ﷺ
و أدعوا لفلسطين و شعبها 🇵🇸🇪🇬

"اللهُمَّ سخر لفلسطين ملائكة السماء وجنود الأرض ومن عليها وأفتح لهم أبواب توفيقك، ويسر أمرهم وقوي عزيمتهم، ومد صبرهم، اللهُمَّ أكرمهم وأحفظهم واجعل لهم من كل ضيقٍ مخرجاً اللهُمَّ أنصرهم على من عاداهم وأفتح لهم فتحًا مُبينًا، اللهُمَّ إحفظ فلسطين وأهل فلسطين يامن لا تضيع عندك الودائع ..اللهُمَّ آمين."!🇵🇸❤️

هذه الأرض لا تتسع لهويتين ، إما نحن أو نحن 🇵🇸🌿❤️" مَتى نَصْرُ اللَّهِ ألا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ " 🇵🇸

و الظَلَامُ لَنْ يَطُولَ يا فَلسطينَ

"اللَّهُمَّ إِنِّي اَسْتَوْدِعُكَ غَزَّةَ وَاَهْلَهَا، سَمَائَهَا وَأَرْضَهَا، رِجَالَهَا وَنِسَائَهَا، أَطْفَالَهَا وَشَبَابَهَا، وَكُلُّ شِبْرًا فِي فِلِسْطِين."🤲

بسم الله ع فلسطين حتى يطمئن فؤادها 🇵🇸❤️

نحنُ أحفاد النبي♡

كبرووووووا 🇵🇸💚💚💚💚🥺

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top