No.06
َ
تغمُرُنا مرارة ذلك الشعور ، أن تكون في مكانٍ غير الذي تُريده ، أو عالمًا لم تبنِيه أنتَ بل بناه غيرُك! .. لتكون أداةٍ يستخدمها أخرون! .. أو ورقةٌ بالية يدهسُها المارُّون .. أنْ تشعُر بكونِك نكِرة، أو شخصًا قرر النزول على الأرضِ بكل تِلك الرؤية المنعدمة لذاتِه! .. نحن نشعر بالقسوة، بالتعطُش لأن نعيش! .. لكننا ينتهي بنا الحال فاقدين لكل شئ! .. لكُل شعور دلف إلى داخلنا و قيَّدنا! .. لنكتشف في النهاية أننا لا شئ!
الدفء ، العناق الغير مرئي! .. و الآمان! .. مع ارتفاع حدقتيه، كان يشعر و كأنهُ في مكانٍ مختلف يحمل معانٍ من الدفء الذي نكَرَهُ في حياتِه بالسابق! .. رُغم ذلك، حدقتاه تمردتا بكل انسيابية لتتجول في الحجرة ذات الأساس الرتيب ، المتناسق ، لون الجدران العنَّابية المُمتزجة مع البيچ .. الستائر الحريرية التي تتناسق بنفسِ الألوان .. ثم نافذة مغلقة بإحكامٍ تمنع البرد بتجاوز حدودِه و نشر لسعاتِه في الغرفة التي تعمل بالتكييف الذي يُعدل درجات حرارة الغرفة .. مكتب بمقعد جلدي جيد الصُنع ، و خلفَهُ تلتصق بالحائط مكتبة على شكل وردة عملاقة ، مليئة بالكتب!
استند و أخيرًا على ذراعيه يعتدل جالسًا فيجفُل لسقوطِ تلك القطعة المُبللة بالمياه على فخذيه! .. حدق بها لوهلة ثم لمسها يشعُر بالحيرة، فأين هو؟ .. لما لا يتذكر ليلة البارحة؟ .. ثم هل كان مصاب بالحمى لأجل عمل له الكمادات؟! .. عيناه تلقائيًا حدقت بانزعاج في المحلول المتصل بذراعِه، كان قد تبقى منه القليل ..فقط ما منعه عن تفكيره بكونِه ميت الآن هو عُبوة المغذى المُتصلة بوريد ذراعِه!
تنفس بعمق، لازال يشعر بإرهاق حاد يستولي على جسده، بينما صداع طفيف يُصيب جانبي رأسِه! .. تحرك عن السرير يُبعد الأغطية العنابية لينزلق بجسدِه و تلمس قدماه العارية البلاط البارد فتقَشعَر جسده، ثوانٍ حتى رفع جسده بنِيَّةِ الذهاب للمرحاض لكنه شهق و جسده يخذله ليرتطم أرضًا بقسوة!!
حدق بوجوم و نظرة مشوشة لباقي السائل الذي يتقاطر على الأرض أمام حدقتاه، ليلمح ذراعِه! .. سقطته تلك نزعت عنه تلك الابرة البلاستيكية التي كانت متصلة بوريده، و محلَّها سال دمه بغزارة!
يدٌ ما انتشلته عن الأرض ترفعه نحو السرير قبل أن يلمح جسده و هو يجذب قطن و لاصق طبي من الحقيبة الاسعافية التي بجوار السرير و قد أوقف النزيف بهما بطريقة لم يراها الأصغر الذي بالفعل كان يُحدق في ملامح الأكبر بشئٍ من عدم التركيز قبل أن تبدأ ذاكرته بإعادة يوم أمس و ما حدث فيه!
" كان عليك الضغط على الزر بجوار سريرك أيها الأبلة، لقد أذيت نفسك! " تكلم آرين بشئٍ من الغيظ جعل من ملامح الأصغر تعبس و هو يهمس بحيرة:
" فقط عرفني بمن تكون و أين أنا ثم تحدث! "
وقح ببساطة! .. و بعد أن رمقه بتلك النظرة تنهد بضجر بينما يُساعده على الجلوس بصمت لكن الصمت قطعه آش باستياء و تشوُّش:
" لم تُجِب عن أسئلتي؟! .. هل قرر سامويل تغيير غرفتي و إرسالك لي لتطمن عليْ؟! ..أعلم أنه لن يحدث ذلك ببساطة لكن من تكون؟"
" ألم تتعرَّف علي؟! "
نبس يبتسم بخفة، فعبس آش يُناظره باستياء طفولي ردًا بتذمرٍ:
" تبًا! .. أنتَ ذلك الرجُل صحيح؟ .. أقصد ذلك الذي كان يأتيني بالليل! أستطيع تمييز صوتَك!"
هنا قهقه آرين بخفة عابثًا بخُصلاتِ الفتى العابس ردًا:
" أجل إنهُ أنا .. اسمي آرين، صاحب هذا المنزل .. و لا تقلق لستُ هنا لغرضِ إجبارك على شئ .. هذا منزلُك صغيري."
" كيف هنا منزلي؟ لا أفهم."
بحيرة و عُبوس سأل ، فرفع آرين حاجبه بشئٍ من الضيق قائلًا:
" توقف عن الأسئلة ، أيُمكن؟! "
عبس المعني أكثر بينما ينهض آرين جاذبًا إياه معه مُخاطبًا إياه بلُطف:
" و الآن دعنا من كل شئ و لنذهب لتناول الطعام."
و بالذهاب إلى الاسفل، هناك وجد نفسه يتوسط أريكة ذات لون رمادي ، و جوارِه آرين بينما أمامه سيدة لطيفة تنظر له بابتسامة رقيقة قبل أن تُخاطبه:
" أعرِف أنَّك تشعُر بالغرابة هنا يا بني، لكن هذا منزلك."
فتمتم بغيظ:
" الجميع يُخبرني أنه منزلي لكن لا أحد يُخبرني التفاصيل!"
" سمعتُك."
انتفض يستدر نحو آرين الذي خاطبه بكلمته السابقة بينما هناك ابتسامة تُرافق ملامحه الهادئة، يده عبثت بخصلاتِه رادفًا:
" تحتاج لقص شعرك، تُشبه الفتيات بطولِه."
قبل أن يتذمر أتت إحدى الخادمات لتقاطعهُم بلُطف:
" الطعام جاهز سيدتي، هيا."
ابتسمت لها داڤيينا و نهضت بينما تُخاطب الاثنان:
"هيا بنا ، أم ستنتظر المُشاغبان يا آرين؟"
نهض آرين بدوره يجذب معصم آش العابس معه ، لينطق بقِلة حيلة :
" سيأكلان مع عمهما كما العادة لكن هذا القصير يجب أن يأكل جيدًا. "
****
و بعيدُا عن هنا، حيث ذلك القصر ....
الهدوء لم يكن طاغيًا أبدًا .. أن يُختطف وريث العائلة من منتصف منزله لهو أمر جعل شياطين سامويل تتحرر! .. بعثر كل شئ و كسرَهُ نوبةً لغضبِه ! .. ربما لوهلةٍ هو أدرك أنه اختفى بسبب آرين لكنه كذلك ليس بمُتيقنٍ من ذلك الأمر.
لقد أبلغ الشرطة بالفعل ، هل هذا سينفع كي يجدُه ؟! .. لكن لو كان اختطف بالفعل ، لما لم يتصل الخاطفون لطلب أموالاً عليه؟! .. جذب خُصلاته بانفعال .. رأسه بالفعل سينفجر!
تقدمت منه بخطواتٍ هادئة لتمسك بمعصمِه قائلة بهدوء:
" سامويل توقف عن ثورانك، ربما هو انزعج من تصرفاتَك ضده و هرب فقط."
التفت لها بغضب دافعًا يدها عنه:
" هو لم يهرب! .. لو كان هرب لكان أحدهم رآه أو حتى هناك دليل على هروبه ! .. هناك شئٌ ما لا أعلمَهُ سيلينا!"
رمتهُ بنظرة صامته مُتكدرة لكنها تجاهلت فِعلته و ظلَّت تُفكر حتى توسعت حدقتاه شاهقًا بفزع و كأنَّ روحُه غادرت جسده لبِضع ثوان، و المعنية رغم خوفها على طفلها لكنها كانت هادئة و هي ترى شحوبِه قبل أن يحتل الغضب ملامحه و هو يُزمجر بغضب:
" تبًا! لابد أنه هو!"
ثم نظر لها صائحًا بغضبه:
" أقسم لو كان هو سأرسله للجحيم! .. لا أحد يأخذ دُميتي و ينجو بحياته! "
عقدت جبينها باستياء! دمية؟!! .. هل يتخذ إبنها دمية؟!
و دون أن تتحدث هو تركها و غادر لتُغمض عينيها برفض! .. تعلم جيدًا أنها هي من وضعته هنا لأجل أن تصل لما تُريد، لكنها لم تكُن تعلم بهوس زوجها بابنها!
جلست بانهاك ، فقط ماذا تفعل لتمنع كل ذلك؟!!
هي نوعًا ما لديها فِكرة عن مكان طِفلها ، فلو فكرت قليلًا وحسب ، ستجد أن آرين لن يترك ابنه إن تأكد أنهُ هو ابنهما ...
جفلت لتِلك الذكرى قبل يومين ! .. تعتدل جاذبة خُصلاتها بصدمة من تحليلها لموقف آش ذلك اليوم حين طردها بعد أن رأتهُ مُنفعلًا يُخاطب أحدهم بعُلوّ صوته! .. لكن كيف استطاع آرين التأكد؟! .. هل تسبب ذلك الأحمق زوجها بالتأكيد عليه أنَ آش هو إبنه؟!! .. ثم هل كان آرين مَن آتى لآش تِلك الليلة؟!!
و كل تلك الأفكار تيقنتها مع تذكُرُها لما نطق به سامويل قبل أن يخرُج!!
*****
عابسًا يُحدق في هاتفه الجديد ، لم يُدرك حتى الآن غرض آرين من مُساعدته ، ثم بذلك العبوس حدق بوجه الأكبر الذي ابتسم بخفة رادفًا:
" كانت وسيلة لأصِل إليك ، لكنَّك كالأبله لم تفتح الهاتف الا بوقتٍ متأخر! "
همهم المعني بتفهم ، لازال جالسًا مع آرين و زوجته داڤيينا التي تعرَّف عليها، هي لطيفة جدًا و تعرفه جيدًا، لكنهٌ لا يعرف كيف ذلك؟ هل كانوا يُراقبوه فحسب؟! .. لكن لماذا كل هذا؟!
" آش؟ .."
رفع زرقاويه نحوه ، في اللحظة التي أردف فيها بجدية:
" علمت من سامويل أنك مَن درست ذلك الملف ، لكن أخبرني هل حقًا أخبرتَهُ بمحتواه؟ "
عقد جبينه و بترددٍ أجاب:
" حسنًا لقد تعمدت عدم إخباره بالشروط الأساسية ، أخبرته بكل شئ عداهما كي يوافق على الصفقة."
" لما فعلت ذلك؟ "
حِدة نبرتِه جعلته يتوتر ، بينما يبرر فعلتِه بحِنق:
" فقط أردت الانتقام منه .. لذا فعلت ما فعلت! "
حل صمتٌ هادئ عليهُم الا مِن تنهيدة أطلقها آرين باستياءٍ و تعبٍ مِن أفكارِ الصبي المجنونة! .. كان يُدرك أن آش فعل شيئًا تسبب في ذلك ردًا على تصرُفات سامويل الذي يعرف حقيقة كونَهُ ليس والده الحقيقي بل زوج والدته، لكنهُ يبقى جاهلًا الرابطة التي تجمعهما ببعضهما بعضًا! .. لذلك هو قلق مِن ردِّة فِعله حين يعلَم ذلك .. هل فقط سيتقبل الوضع أم سيثور غاضبًا و رافضًا للأمر؟
عقد جبينهُ بتردد يُبعد خُصلاته خلف أُذنِه بخفة سائلًا إياه:
" لم أعلم بعد سبب وجودي هنا و مَن تكون؟ .. أقصد لماذا تُساعدني؟"
التفت نحوه ينظر إليهِ في هدوء ثم تنهد مُجددًا مُجييًا إياه:
" حسنًا لو تذكرت جيدًا .. أنا صاحب ذلك العقد ، آرين آليكساندر. "
و دون أن يترك له الفُرصة ليشهق مصدومًا ، نهض مِن مكانِه مُخاطبًا داڤيينا:
" لقد تأخَّر أخي و الصغيران."
" لا تقلق عليهم ، هاتفتُ آكيرا منذ قليل و هم معًا في المُنتزه."
همهم بخفة ، ليس و كأنه لا يعرف آكيرا ، فهو يُحب أخذ الطفلان دائمًا لذلك المكان ، انها عادة لديه.
دلف إحدى الحراس فجأة يتوقف أمامهم بينما يُخاطب آرين بقلق :
" سيدي ؟ .. السيد سامويل هنا ، يُريد رؤيتك."
انتفض الأصغر من مجلسِه واقفًا برُعب بينما هناك ابتسامة لاحت على أكبرهم ، كان يُدرك مجيئه و لقد حدث ما خمَّنَه .
" دعه يدلُف أرثر. "
عقَّب بهدوء فأومأ الحارس قبل أن يخرج بينما التفت له آش باستنكارٍ لفِعلتِه! .. ليس وكأنه لا يعلم جيدًا ردة فعل سامويل إن رآه هنا! سينعته بالهارب و هذا ما سيجعل عقابًا ما ينتظره حين يذهب من هنا!
حرَّك قدميه للخلف يَرغب بالهرب ليجفُل على يدِ داڤيينا و هي تُمسِك بيده برِفق نابسة بخفة:
" آش لنُغادر إلى غرفتك، موافق؟ "
حرَّك بصره نحو صاحبة العيون الليلية التي تُناظره بنظرةٍ مُطمئنَّة بينما أناملها تلتف حول معصمه برفق، و دون أن يُجادل هو سار معها نحو الداخل، لعلَّ بفعلتِه تلك يتغاضى عن رؤية ذلك المسخ له!
ما كاد يتوارى خلف تِلك الدرجات حتى توسعت عينيه مع سماعه لصوته الغاضب الذي ارتجف القصر له ! .. و داڤيينا لم تتركه يتجمد مكانِه بل أخذته برفق هامسة له:
" لا تقلق لن يمسَّك أي أذى ، ثِق بي. "
راح يُحدق بعينيه نحو سامويل الذي أمسك بتلابيب قميص آرين الذي ناظره بهدوء ، ثم عاد ليُحدق في حدقتاها الدافئة ، يسير معها نحو تِلك الغرفة بخوف قبل أن يلمحه سامويل و يحدُث ما لا يرغب به أن يحدُث!
_" أين الفتى ، آرين؟ "
صرخ به يجذب ياقته بعُنف ، فيبتسِم الأخر بمكرٍ رادفًا:
" عن أي فتى تتحدث؟ لا يوجد ما تبحث عنه هنا ، يمكنك الذهاب و البحث كما تشاء. "
" لابد و أنَّك أخفيته! "
صاح به بعصبية، فابتسم آرين مُتابعًا بنفسِ نبرته الهادئة:
" لما أُخفي ابنك؟ .. ليس و كأنَّ شيئًا ما يربُطني به .. ثم هل تتهمني لضعفك عن إيجادِه؟"
دفعه عنه غاضبًا ، و بدأ يُشكك في أنَّ آرين مَن فعلها، لكنه نطق بغضب:
" لا تظُن أني سأثق بك يا آرين! .. لابد و أنك مَن أخذته! "
" بصفتي مَن كي يُعطيني الحق بأخذ إبنك؟ "
رد بنفس ابتسامته الباردة ، فانفعل سامويل غاضبًا:
" بصفتِه إبنك! .. لا تدَّعي الجهل! .. أنتَ تُدرك أنه إبنك!"
ضيق عينيه باستنكار و ضحكةٍ ما زيَّفها بسُخرية دافعًا يده عنه:
" إبني؟! .. هل لو كان ابني كنت سأتركه لك؟! .. عزيزي إبني والدته أجهضته قبل مولدِه حتى! .. حتى لو كان ، لو ابني هنا ما كنت جعلتك تقف هكذا لتتحدث عنه بكل تلك الوقاحة! "
_" أجل هو ابنُك أنت ، سيلينا لم تتخلص منه و لكني سأفعل حين أجده فحسب. "
أظلمت عين أرين من تهديده بينما استدار سامويل
بـ نيِّة الرحيل لكنه توقف و أمامه يقف آكيرا باسمًا في سخرية فذة ، قائلًا باستفزاز:
" لم نشرب شيئًا يا عزيزي ، لكن شرَّفت. "
يطرده بطريقةٍ لبقة ، فأخذ ما تبقى من غضبه و غادر يرمُق التوأم بنظراتٍ حادة جعلتهما يُبادلاه بعبوس بينما يلتصقان في قدميّ آكيرا ، ليس و كأنَّ ذلك سوف يُخيفهما! .. مَقلبًا ما سيُعيد هذا الأحمق لطفلٍ بكَّاء فحسب!
ابتسما بانتصار ينظران نحو بعضهما ثم نظرا نحو والدهما يُحرران قدميْ عمهما المُمتعض لرؤية ذلك الوغد فحسب!
حرك قدميه و كامل جسده نحو شقيقه الذي أمسك الصغيران حين قفزا عليه بحماس!
" هل أحضرته هنا حقًا أخي؟! "
مُكتفًا ذراعيه إلى صدره، ينطق باستنكار رافعًا حاجبه، و الأكبر ابتسم ينظر نحوه بعدما أنزل الصغيران أرضًا، يرد بهدوء:
" و ماذا في الأمر؟ .. تعلم جيدًا أنِّي ما كنت سأتركه عند ذلك الوغد بعد كل ما عرفتَهُ عن تعامله و أسلوبه مع آش! "
زفر آكيرا بغضب ينفعل:
" أخي آرين تعلم جيدًا أنَّ الأمر يُدعَى اختطاف! .. حتى لو كنت والده فإسمه يُرافقه اسم سامويل بالفِعل ! .. لا شئ يدل على كونِه ابنك سوى أن تُجري اختبارًا معمليًا للتأكد!.. و ربما ليس ابنك أصلًا و أنتَ تتوهم!"
هنا صاح آرين بضيق:
" آكيرا! .. أعلم جيدًا أنه ابني .. ثم إنَّ سامويل إعترف بالأمر و أنتَ سمعته بالفِعل!! .. فما الذي يجعلُك تنطق بالتُرهات؟! "
_" أنتَ يا أخي! .. أسف لكن هذه أفعال صِبيانية تافهة .. لو ثبتت التُهمة عليك بأنَّك اختطفته ستكون أول من يدلُف للسجن يا أخي .. لقد استمعت إليك بالفعل و انتبهت على رفقته بالمدرسة كونه طالبًا عندي لكني لن أسمح لك بإضاعة نفسك!"
قدماه تحرَّكتا رغبةً في سماعهما أكثر بعد غادر سامويل، مُتجاهلًا مُحاولات داڤيينا لمنعهِ عن ذلك! .. أُذناه تلتقط الحديث و عيناه تتسع بصدمة! .. ما لبث أن شعر بأنَّهُ يشتعِل غضبًا! أجل هو غاضب بشدة! .. مُتألم للحال الذي وصل إليه! .. فقط ليُخبره أحد ماذا يحدُث الآن؟! .. هل ما سمعهُ صحيح! .. هل هذا والده؟ .. و لكن بعد كل تلك السنوات يظهرُ و بتلك الطريقة المُثيرة للشفقة؟!
توقف خلف آرين فتبادل مع أُستاذهِ النظرات ، يُدرك للتو أنهُ أخاه لآرين الذي تذكر للتو أنهُ الشخص صاحب تلك الحفلة التي أعلن فيها نفسه كوريث! .. و هنا أغلق فاهُه مُنصدمًا! .. يتراجع خُطوة للخلف برفض بعدما اتضحت لهُ الصورة! .. لقد جعل آكيرا يتدخل في شئونِه و كأنَّهُ مُجرد طفل! .. لكن ما الذي حدث بالماضي كي يبتعد عنه ما دامَ يهتم بأمرِهِ الآن لفِعل كل ذلك؟! ..
تذكر كلمات والده حين أخبرته أن والده تركهُ و تبرأ من وجوده! .. هل عاد لصوابهِ الآن؟! .. هل عاد ليتذكر أنَّ لهُ ابنًا؟!! .. ثم ماذا بعد؟ .. بعدما حرمَهُ منه و تركهُ مع الشخصِ الذي عنَّفهُ بقسوة كُلما أخطأ؟! .. هل يُدرك كم مرة كان يُسجن في قبوّ المنزل دون طعامٍ و شراب لأيام في وسط الظلام!! .. كم مرة تلقى ضربات سامويل القاسية؟! .. كم مرة أهانهُ؟ ! .. لقد دمر شخصيته! .. و الآن ماذا!؟ ..
استدار للخلف يُراقب ملامحه بصمت قبل أن تتلاقى عيناهما معًا، فأشاح الأصغر خاصته برفضٍ دون رغبة بالحديث أو لِقائهِ حتى! .. و تحرَّك يبتعد لكن يد آكيرا طالتهُ ليجفل حين دفعه الأصغر عنه صارخًا بحِدة:
" لا تلمسني! .. ليس و أنتَ شخصٌ منافق! .."
ارتد خطوة أخرى للخلف يتابع بانفعالٍ غاضب و عيناه تُحدق في آرين الصامت:
" أنا سوف أغادر فحسب .. لن أنضم لا لك و لا حتى لسامويل، سأجد طريقي لنفسي ."
و استدار يرحل لكن صوت آرين الهادئ يتسلل إلى مسامعه يُوقفه:
" إلى أين تظن نفسك ذاهبًا؟"
التفت نحوه منفعلًا:
" لأي مكان لا شأن لك! "
أغمض عينيه بضيق و تعب و حين فتحهما رمق الأصغر بينهم بجفاء رادفًا دون مبالاة لما نُطق به سابقًا:
" عُد نحو غرفتك يا آش."
عقد جبينه بسخرية :
" و ماذا تظن نفسك لتأمرني؟ ."
ابتسامة هادئة رُسمت على شفتيه لينظر نحو آكيرا قائلًا:
" آكي، خُذ التوأم و داڤيينا و غادروا. "
تحرك آكيرا ليفعل بقِلكة حيلة بينما نطقت داڤيينا بشئٍ من التهديد و الحذر:
" آرين لا تفعل ما أُفكر به! "
غمز لها رادفًا بابتسامة عابثة:
" لا تقلقِي. "
زفرت بيأس تأخُذ التوأم اللذان اكتفيا بنظراتِ استفهام ، لكنهما لن يتجرئا على التحدث في ظل هذا الغموض و الفوضى! .. هذا إن لم يتلقيا غضب والدهما اللطيف فحسب لتدخلهما!
ما إن إختفى الجميع حتى نظر آرين نحو آش تختفي ابتسامته يتقدم منه ، فتراجع الصبي بدورِه على بُعد خطوة من الأكبر ، و قد تقلصت أنفاسِه بخوف من المعني، و عينيه إختفت فورًا أسفل كفيه حين رأى يد آرين تمتد نحوه! .. لكن لا شئ حدث .. لا صفع، و لا أذى أصابه!
و بدلًا من ذلك وجد ذراعين يُحيطان بجسده، ففتح عينيهِ يجِد نفسُه في أحضان الأكبر ! .. دفء رهيب! أمان، لا خوف و لا رهبة! .. مشاعرٌ غريبة اجتاحتَهُ لدرجة أنه يكاد يُوقف تنفسُه لفرط مشاعره المُسيطرة عليه! لا بأس هذه المرة أيضًا! .. رغم أنهُ عانقهُ مِن قبل لكن شعوره بشخصية والده الحقيقي مَن يفعل يجعلُ شعورِه بالآمان و الدفء أضعافًا ممَّ يشعُر!
" ربما لا أعلم سبب كرهك لي و رفضي ، لكني سوف أؤكد لك كم أنني أهتم بك .. عدة أيام فقط ستكون كفيلة بأن تنعم بحياتك الهادئة و اختفاء سامويل ذلك من حياتك، ثق بي."
همس بكلماته ثم ابتعد يفصلُ العناق عن الذي عاد لواقعه المُذري على كلماتِه، عيناه ارتفعت صوب أبيه ليجده قد أعطاه ظهره و غادر .. غادر يتركه في فوضي! .. فوضى عارمة! .. يكاد يفقد صوابِه!
جلس أرضًا يكتفي بالصمت ، تاركًا ظهره يستند إلى ظهر الأريكة ، وجوم حاد التف حوله حتى أغمض عينيه سامحًا لأفكارِه السلبية بالتغلب عليه!
*
*
;
يُتبع..
ها قد عدلتهُ، ما رأيكم بالبارت؟
المشهد؟
توقعاتكم للبارتات القادمة؟
تقييم؟
السرد؟
إلى اللقاء ❤️🦋✨
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top