لفصل الثاني عشر

الفصل الثاني عشر

الهرب نحو العودة

في صباح اليوم التالي تناولا فطور الصباح معا وشعرت سيرينا بارتياح لأن خوان لم ينوه بالحوار الذي جرى بينهما امس غير انه كان متحفظا ومختصرا وما ان انهيا الطعام حتى قال خوان بلهجة باردة :
- انا خارج وسأعود في المساء وانني اكيد بأنك ستملأين وقتك لهوا واستراحه اليس كذلك؟

هزت رأسها فتوجه نحو الباب وفجأة شعرت بالخجل الم تشجعه على المغامرة ؟ غير ان هدفها مازال هو نفسه وهو ان تعود الى انكلترا.

ارتدت سيرينا ملابسها بسرعه ثم توجهت الى مكتب الاستقبال وطلبت من الموظف هناك عنوان وكالة سفريات واسرعت الى العنوان يبدوا ان خوان نسي كليا المبلغ الذي بحوزتها ربما لم يدرك انها بهذا المبلغ يمكن ان تتخلص من سلطته.

بقي حاجز اساسي وهو وجود ويندي في المزرعه لكنها فضلت عدم التفكير بهذا الامر ووضعته جانبا لأنها تريد التاكيد بأنها تملك المال الكافي ثمن بطاقتي طائرة باتجاه انجلترا 

خرجت من وكالة السفريات مبتهجة الوجه وتحمل البطاقتين وبقي معها حسب تعليمات الموظف مايعادل 1500 جنيه استرليني.

ثم راحت تمشي في الطريق بحثا عن مكان هاديء فذهنها متوتر وهي تريد الهدوء لتنظيم الافكار داخل رأسها اخيرا وجدت مكانا يطل على المحيط.

راحت تستعرض موضوع ويندي ولم تجد الحل المنشود فكرت ان تبرق لدون البيرتو وتقدم له حجة ما كي يرسل اليها ويندي الى فينا ديل مار ماديا هذا معقول جدا فآل فالديفيا لديهم طيارتان تحت تصرفهم 
قالت لنفسها بصوت مرتفع :
- ولنفرض اني اقنعت دون البيرتو بارسال ويندي لكن هل سأوقظ بالوقت نفسه الشكوك عند خوان؟

ولما حان وقت الغداء تعبت سيرينا من التحليل وقررت العودة الى الفندق وبينما كانت تمر بقرب مكتب الاستقبال نادها الموظف قائلا :
- لحظة ياسنيورا! برقية لك وللسينيور...

لم تعير انتباها لاهمية البرقية بل تناولتها منه بلا مبالاة وبينما كانت في المصعد القت نظره سريعه الى محتواها وفكرت انها مرسلة اليه من المزرعه فتحت البرقية بسرعه وشعرت بصدمه: امنيتها العزيزة ستتحقق .اعادت قراءة بعض الجمل التي كانت تقول :
- ويندي لم تتوقف عن البكاء بغيابكما سنرسلها اليكما ستصل الطائرة الى فالباريز في تمام الساعه الثانية بعد الظهر 

نظرت الى ساعه يدها الموعد يقترب وبلا تردد أوقفت المصعد ثم هبطت فيه بعد ان كبست على زر الطابق الارضي وخرجت الى الطريق باحثة عن سيارة تاكسي لكن لسوء حظها كانت سيارات التاكسي كلها مليئة بالركاب استعادت سيينا تعقلها وراحت تحلل الوضع انها بحاجة الى ربع ساعه كي تصل الي المطار لذا لديها الوقت الكافي لتحضير حقيبتها وهكذا لن تكون بحاجة للعودة الى الفندق بعد لقاء ويندي وحتى تصل ويندي تستقل تاكسي الى مطار سانتياغو الدولي وهناك تنتظر موعد طائرتها الى انكلترا..

عادت الى الفندق وفي اقل من 20 دقيقة جمعت ماتحتاج اليه وحملت حقيبتها بيدها ودخلت المصعد من جديد وبهدوء كبير اجتازت الممر وخرجت ..هذه المرة الحظ كان معها ووجدت سيارة تاكسي من دون أي انتظار قالت للسائق :
- الى المطار اسرع من فضلك

وبعد ربع ساعه وصلت الى المطار دفعت للسائق وتوجهت الى الشرفة المطلة على المدرج حيث بامكانها ان ترى طائرة فالديفيا وبدأ الانتظار الذي بدا لها بلا نهاية بعصبية كانت تسترق النظر الى ساعه يدها بشكل متقطع.

فكرت بخوان الذي لن يعرف اين تكون غير ان القلق بدأ يحتلها اذ كانت تخشى ان يظهر هذا الرجل الشيطان في أي لحظة ، من بعيد هبطت طائرة فالديفيا فاسرعت الى المدرج نزلت بيللا من الطائرة حاملة ويندي بين ذراعيها شكرتها سيرينا لاهتمامها بويندي فأكدت لها بيللا قائلة :
- لاشيء ياسنيورا! الطفلة بكت كثيرا في غيابك ولا احد تمكن من مؤانستها حتى الكونت نفسه وهو الذي قرر نهائيا ان يرسلها اليك
حملت سيرينا ويندي بين ذراعيها وقالت متعبة :
- حبيبتي الصغيرة المسكينه!

فجأة لمعت عينا الطفلة المبللتيان وارتسمت ابتسامه على وجهها كأن شعاع شمس يخترق الغيوم ضمتها سيرينا الى صدرها وراحت تداعب خصلات شعرها الشقراء ثم همست تقول :
- لن اتركك ابدا بعد الان اعدك بذلك من الان صاعدا سنبقى معا دائما!

لوح الطيار بيدرو باشارة من يده الى سيرينا فردت عليه بالابتسام ثم لاحظت انه لم يغادر الطائرة فسألت :
- ماهي التعليمات يابيللا؟
-انا تحت تصرفك سينيورا اذا كنت بحاجة الي سأبقى والا سأعود الى المزرعه
- اشكرك لكن بامكانك العودة
 

غياب خوان اقلق الخادمة ظاهريا لكنها لن تجروء على طرح السؤال فصعدت الى الطائرة وادار بيدرو المحرك وبعد قليل راحت الطائرة تسرسع وانتظرت سيرينا اقلاعها قبل ان تعود الى المطار
فجأة شعرت بقدميها تخوران عليها ان تحمل ويندي والحقيبة وتتوجه الى محطة سيارات التاكسي

جاء السائق ليساعدها فتلعثمت وهي تقول :
- الى مطار سانتياغو

وبينما كان يضع الحقيبة في الصندوق جلست سيرينا في المقعد الخلفي وضمت ويندي الى صدرها بشدة كانت فارغة الصبر لكن السائق لم يكن مسرعا في الاقلاع لسؤ حظها وقعت على سائق بطيء ! 

واقلع اخيرا استرخت سيرينا واختفت التجاعيد من جبينها وقالت وهي تضم اختها :
- بعد قليل ياويندي نصبح بعيدين عن آل فالديفيا وليس بوسع احدهم ان يطالنا

بعد ان غادر الساحل دخل السائق الى قلب الاراضي شعرت سيرينا باستقرار داخلي واطلقت العنان لمخيلتها بعد قليل ستتمتع بالحرية المنشودة ... حتى ولو اضطرت للبقاء حتى نهار غد قبل ان تستقل طائرتها لكنها ستصل انكلترا بعد اقل من 24 ساعه ! ومتى وصلت بلدها ستعمل جاهدة لابطال زواجها دليل عدم اتمامه وهكذا تكون قد دمرت السلسلة وبامكانها ان تحلم كما تشاء بالرجل المثالي الذي تأمل ان تلقاه يوما من الايام..

ومرة اخرى راحت تتخيل رجل احلامها لم تتمكن من تخيل مظهرة الخارجي فملامح وجهه غامضة كأنها غارقة في ضباب كثيف ذا طابع قاسي وارادة لاتتزعزع وبلحظة البرق راحت صورة خوان تتراقص امام عينيها لكنه كان مختلفا كليا عن رجل احلامها عند خوان السخرية والعجرفة والانانية تتغلب على مزايا القلب ومثل آل فالديفيا فالحنان عديم الوجود .

بعد ساعتين وجدت نفسها في بهو مطار سانتياغو سجلت حقائبها والبطاقات بيدها فلم يبقى لها الا الانتظار حسب تعليمات موظف مكتب الاستعلامات الرحلة المقبلة الى لندن ستعلن عما قريب
وبما ان ويندي بدأت تشعر منذ برهة بانزعاج راح يقوى مع مرور الوقت تنبهت سيرينا في خجل ان شقيقتها جائعه اما هي فلم تكن تشعر بالجوع بتاتا...

قالت لها وهي تلامس خصلات شعر ويندي الشقراء :
- لو تعرفين كم احسدك بالنسبة اليك الحياة سهلة تعالي سآخذك الى المطعم .

ولا تلفت الانتباه اختارت سيرينا مكانا في زاوية المطعم وبعدما طلبت احضار البيض المقلي راحت تنتظر عودة الخادم بفارغ الصبر ومن حسن حظها كان بامكانها الاختباء وراء ستار من اشجار النخيل المزروعه في انية فخارية اخيرا وصل الطعام لكن سيرينا لم تتذوقة بسبب شدة توترها كانت يداها ترتجفان واهتمت باطعام ويندي فوجئت سيرينا عندما اعلن المذيع داعيا ركاب لندن للتوجه الى قاعه الاقلاع
- يالهي !حان الوقت للذهاب

اخذت ويندي بين ذراعيها وخرجت بسرعه من المطعم واخذت طريق الركاب الذين شكلوا صفا طويلا بعد ساعات وتصل الى انكلترا الهادئة التي ماكان يجب ان تغادرها ، قدمت البطاقتين للمضيفة المبتسمة وكانت على وشك اختراق الحاجز عندما شعرت بيد قوية تمسك بكتفها وسمعت صوت خوان وراءها يقول للموظفة :
- زوجتي غيرت رأيها لن تأخذ هذه الطائرة

ذعرت سيرينا وشاهدت رحيل المسافرين المفاجأة اخرستها فقال خوان بعد قليل في وجه متهجم :
- لم اكن اعتبرك امرأة ذات شأن كبير لم اكن اعرف انك ستحاولين خداعي بهذه الطريقة لقد تصرفت تصرفا شنيعا!
التفتت سيرينا اليه وقالت :
- لماذا لم تدعني ارحل؟
- هذا لايغير الامر لو لم الحق بك في الوقت المناسب لقلبت الدنيا حتى اجدك في انكلترا نفسها!

كانت مضطربة لدرجة انها لم تلاحظ شحوب وجهه والنار في عينيه ... وعادوا الى فالباريزو ولما وصلوا الى الفندق في فينا ديل مار كانت ويندي نائمه في احضان سيرينا فطلب خوان من مكتب الاستقبال ان يضعوا سريرا صغيرا في غرفة سيرينا ووضعا الطفلة فيه .

ثم امسك خوان بمعصم سيرينا بشدة مرغما اياها ان تنظر اليه ثم قال :
- إذن ! اعتقد ان عليك ان تشرحي لي سبب تصرفك القبيح هذا..
دفعها الى الصالون واجلسها بقوة على المقعد وقال :
- تستحقين العقاب ! كيف تجرأت انت زوجتي انت تقومي بهذا العمل؟ ماذا سأشرح لاصدقائي في المزرعه ؟هل اقول لهما انك هجرتني من السأم ؟
- لست بزوجتك !
بحركة من رأسها ابعدت شعرها الى الوراء واضافت :
- وانا اسخر بما يفكر به اصدقاؤك ياسنيور!
امسكها بكتفيها ورفعها عن المقعد من جديد وقال بلهجة تهديد :
- لقد كفح بي الكيل يازوجتي الجميلة ارى اني كنت متسامحا معك.. اعطيتك الوقت الكافي كي تنسي والد ويندي لكنك لم تقدري موقفي..
لما تركها انتصبت واقفة وقالت وهي ترتجف كليا :
- ماذا يعني ذلك؟ أي عذاب ستكبدني؟
- لاشيء سنتناول العشاء هنا في الصالون انت وانا ثم نقضي السهرة معا كي نتعرف على بعضنا البعض بالتفصيل ! لذا اطلب منك ان تذهبي الى غرفتك وتغتسلي وتغيري ملابسك بامكانك ان مثلا ان ترتدي الفستان القمحي وتضعي عقد الياقوت حتى اتذكر ان مالآخذه سبق ودفعت ثمنه!

ادار خوان ظهرة وانسحب الى غرفته وظلت سيرينا مكانها مدة طويلة من دون حراك بعد الان لاشي يمنع زوجها من التأر منها قاتمه الوجه توجهت الى الحمام وراحت تحضر نفسها كما طلب منها وبعد قليل لما وافاها الى غرفتها لاحظت سيرينا ان مزاجه لم يتغير .وللمناسبة كان يرتدي ستره بيضاء ذات اناقة رفيعه تظهر كتفيه العريضتين ، قال في قسوة :
- هل انت حاضرة؟
اجابت كأنها ذاهبه الى حبل المشنقه :
- نعم

الطعام بدا لها اليآ وراحت ترغم نفسها للتحدث عن اشياء سخيفة مع خوان وبعدما تناولا القهوة راحت سيرينا ترتجف في كل انحاء جسمها مثل عصفور سجين سألها خوان وهو يلمس كتفيها العاري :
- هل تشعرين بالبرد؟
- كلا
- اذن هذا سيسهل علي مهمتي 

جذبها نحوه وراح يعانقها بقوة رهيبة كأنه يريد اهانتها لم تستسلم سيرينا له لكن خوان تصرف بحنان فجأة مما غير ردة فعلها وراحت تعانقة وتهمس الكلمات الحنونه في اذنه ، نهض وحملها بين ذراعيه حتى غرفته ثم اغلق الباب برجلة ومن دون تردد وضعت يديها حول عنقه وهو راح يضمها بشغف اليه وكما وعدها فتح لها ابواب الجنه.

بعد ساعات استيقظت سيرينا وبهدوء توجهت الى سريرها حيث ظلت ممددة تحدق بسقف الغرفة حتى الفجر

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top