لفصل الثالث عشر
الفصل الثالث عشر
رحلة الجد
في اليوم التالي افاقت ويندي باكرا وشعرت سييرنا بارتياح لكونها ستنصرف الى القيام بمهمات غير اعتيادية فكان عقلها وذهنها منصبين على الطفلة لذلك لم تفكر بشيء اخر وبعدما غسلت شقيقتها واطعمتها نزلت الى بهو الفندق ثم خرجت بها الى نزهة في الحديقة المحيطة بالفندق الازهار المرطبة بالندى تملأ المكان ويفوح اريجها حتى القلوب ، لم يكن هناك وجود لاحد وراحت سيرينا تفكر بهدوء في احداث مساء امس .
عفواً لايمكن عرض الرابط إلا بعد التسجيل
لكنها كانت تشعر بانزعاج يحتلها كلما فكرت بأنها ستلتقي بعد قليل بخوان الاكتفاء الذي ستراه على وجهه سيملأها خجلا...
قبل ان تفيق ويندي اخذت سيرينا دوشا بادرا علها تطفي النار المشتعلة بداخلها وكلما فكرت بالدفء والنشاط والاضطرام التي احست بها عندما استسلمت لمداعبته الشغوفه يراودها ندم كبير كانت ترغب في الهرب بعيدا ورمي نفسها في المحيط لتغتسل من كل هذه الاهانات...
لكن هناك ويندي ...من اجلها على سيرينا ان تواجه الحقيقة اين خوان في هذا الوقت ربما كان خوان في صالون جناحهما ينتظرها كي يتناول فطور الصباح بدأت تسمع الاصوات من مطابخ الفندق وبخطى بطيئة دخلت الى بهو الفندق وصعدت الى جناحهما وما ان كادت تدفع باب الصالون حتى انفتح الباب بعنف وظهر من ورائه خوان بعصبية حرك يده في شعره وقال بلهجة قاطعه :
- اين كنت اذن؟
- كنت.. اخذت الطفلة في نزهة قصيرة .. في حديقة الفندق
لم تجرؤ على التحديق بوجهه لئلا يشتبك نظرها بنظره ولم تجرؤ حتى على التحديق بازرار قميصة
- سنعود الى المزرعه حالا بعد الفطور من فضلك كوني جاهزة باسرع ما يمكن
قالت وهي تدخل الصالون :
- اتفقنا
كانت تريد التوجه الى غرفتها لولا ويندي التي راحت تزقزق كالعصفور وتضرب بيديها تطلب الذهاب عند خوان ابتسم لها خوان واقترب منها وقال :
- صباح الخير ياطفلتي الجميلة! يسرني ان ارى في العائلة من لا يعاملني باحتقار الايمكنك ان تقنعي امك ان تتصرف مثلك...
لم تقدر سيرينا ان تمتنع عن الارتجاف داخليا لقد شدد خوان على كلمة "امك" من المستحيل ان يكون قد عرف الحقيقة!
تناولا الفطور في جو متوتر وفي نهايته دفع خوان صحنه جانبا وراح يشرح لسيرينا مايتوقعه منها :
- متى نعود الى المزرعه ستحاولين جهدك ان تخفي الكراهية العميقة التي تشعرين بها تجاهي في المساء تكلمت مع جدي في اللاسلكي واكد لي سفرة الى اسبانيا كما كان هذا متوقعا حصوله بعد عودتنا وبعد ان يغادر المزرعه بامكانك ان تتصرفي بتحفظ وبرود كما تشائين .. لكن قبل ذلك عليك ان تبدي بشوشه لقد افهمني بوضوح انه ينوي ان يراني ادير المزرعه وحاليا رجال القانون يضعون صيغه قانونيه كي يصبح الوارث رسميا وحالما تصبح المزرعه بتصرفي وحسب الصفقه التي عقدناها لن يعود هناك سبب لوجودك...
توقف لحظه ثم تابع يقول :
- وبطبيعه الحال لايمكنك ان تستعيدي حريتك في الحال لا يجب ان نخيب ظن جدي في الايام الاخيرة من حياته ولا يجب ان ندعه يعرف اننا خدعناه
همست سيرينا بصوت مخنوق بعد ان سمعت مايقوله محنيه الرأس :
- هل هذا أمر ياسنيور؟
ثم استجمعت شجاعتها وقالت :
- لست انت من يعطيني الاوامر... ان تحقيق مخططتك لايتم الا بإرادتي!
وافق خوان على ماقالته بنظرة جليدية واجاب :
- صحيح لكن لن ترتكبي جنونا في الوقوف ضدي ومقاومتي
لم تكن سيرينا تجهل انه بامكان خوان ان يكون عدوا لا يضاهى. الم يجبرها على الركوع له جسديا؟ لكن هل بامكانه معاكسة قلبها وروحها... انتهت سيرينا بالقول بمرارة :
- سأفعل ما تريد ليس امامي أي اختيار مادمت حذقا اكثر مني
- انت حقا عديمة المهارة ان كل العاملين بالفندق عرفوا انك استلمت اخبارا مهمة وخرجت حاملة حقيبتك لقد اعلموني في الحال بغيابك وكان من الصعب علي ان اعرف مكان وجودك في كل حال كل هذا كان بسبب خطأي ... كان يجب ان اعرف انك ستستعملين المال لتنفيذ مخططتك لكن لم اعرف انك تبحثين عن الهرب وتضليلي
رفعت سيرينا عينيها ورأت الاكتفاء مرتسما على وجه خوان لكن لم تكتشف القناع الذي لا تعبير فيه
واعتذرت وغادرت الطاولة وكادت تدخل الغرفة عندما سمعت صوت خوان وراء ظهرها يقول :
- قولي قبل ان تذهبي .. اليس هناك ما اجهله وتعرفينه انت وحدك؟
التفتت سيرينا فجأة باندهاش وظهرت على وجهها ملامح قلق فاجابت :
- كلا ...لماذا تسأل هذا؟
راح خوان يفصلها بنظراته فشعرت بالذنب ولم تقدر ان تخفي اضطرابها فاحمرت وجنتاها فقال :
- انت تحمرين ...هل لأني اشك فيك خطأ ام لانك تشعرين بالخجل ؟ هذا ما اتساءله ، ثم ادار ظهرة واختفى .
خلال الرحلة ظلا صامتين ولما هبطا من الطائرة كان دون البيرتو في المدرج يستقبلهما.
- آه سيرينا ! لقد ارسلت ويندي مجبرا لكن آمل الا يكون هذا سبب اختصار اقامتك؟
- كنا قد قررنا قبل وصولها موعد عودتنا في الواقع لسنا بحاجة الى عطلة فالحياة هنا في المزرعه مريحة ومفرحه..
انار وجه دون البيرتو الذي قال :
- كم انا سعيد ان اسمع منك ذلك ياعزيزتي لكن هل كانت اقامتك في فينا ديل مار ممتعه؟
التفت الى خوان الذي قال :
- صحيح ان الاقامة كانت قصيرة لكنها كانت حقا رحلة شهر عسل موفقه
احمرت وجنتا سيرينا فضحك دون البيرتو وقال :
- حسنا! والان بامكاننا ان نتكلم في امورالعمل !
ثم وجه كلامه الى سيرينا قائلا :
- ارجوك ان تعذرينا لكن علينا ان نختلي لبعض الوقت كاتب العدل هنا وبانتظار تواقيعنا لن يأخذ ذلك وقتا طويلا لكني سأبقى مع خوان بعض الوقت فهناك امور عديده اريد ان اناقشها معه قبل رحيلي لقد حددت سفري غدا بعد "الروديو" هذه الرحلة تعز على قلبي وليس هناك مجال لتأخيرها بعد الان!
اكتشفت سيرينا بعد ذلك مايعني الروديو اذ كان الموضوع الاساسي المتداول حاليا في المزرعه كارمين وبيللا اعلمتاها ان الروديو كناية عن مظاهرة ذات اهمية كبرى فيها يقوم الرعاة بالتمارين الخطرة على ظهور خيل لم تدرب بعد واكدت لها بيللا قائلة :
- يجب ان يكون المرء شجاعا وقويا وماهرا اني احب الروديو الناس يأكلون ويشربون ويغنون ويعم المكان الصياح كذلك هناك العازفون وقيثاراتهم والاكورديون و..
تنفست الصعداء ثم اضافت :
- لكن ما احبه اكثر شيء آخر هو عندما يدخل الثور في الحلبة!
غير ان سيرينا لم تكن تصغي الى تعليقات الخادمة الا باذنين شاردتين كانت تفكر في المستقبل ان غياب دون البيرتو الطويل سيكون له الاثر على حساتها لاشك ان خوان سيعود الى تشرده الليلي فهي تشعر بذلك في صميم قلبها وترى ان وجود كابرييلا يعم الجو ويحيط بالمنزل بطريقة سرية.
- لتحفظه وانا اباركها ، لاحظت سيرينا فجأة انها تضغط بشدة على معصميها وان فكها يتقلص فوجئت بعنف ردة فعلها وقالت بصوت مخنوق :
- لكن باسم السماء انسي هذا الرجلّ
انتفضت ويندي وراحت شفتاها ترتجفان اسرعت سيرينا لمؤاساتها وراحت تقول لها :
- لاتبكي ياحبيبتي انا غاضبة حقا.. لكن.....لا افهم ماذا الذي ترينه في هذا الرجل وتنظرين اليه بعينين ملتهبتين
غصت ويندي فراحت سيرينا تقهقهة ضاحكة
في المكتب الواقع تحت غرفة سيرينا كان دون البيرتو رافع الرأس يسمع ضحكتها وفي حركه انيقة وقع على المستند امام كاتب العدل ثم التفت الى خوان وابتسم له قائلا :
- يبدو ان زوجتك سعيدة هذه القهقهات تؤكد قناعتي الان يابني عليك ان تعترف انني لم اخطئ في جلب هذه الفتاه الى هنا انتما تشكلان زوجين مناسبين..
فضل خوان الموافقه على كلام جده برغم معرفته ان ضحكات سيرينا سيتبعها البكاء والنواح
- انا اخضع لمهارتك لا يوجد انسان غيرك قادر على اختيار الزوجة المناسبة للرجل المناسب هذا واقع اكيد امل ان احقق الثقة التي وضعتها بي وان اكون وريثك الكفؤ
- في المساء سنحتفل بسفري واصر ان يكون هذا العشاء محفورا في ذاكرتي ...هذا سيعزيني خلال غيابي
هز خوان رأسه موافقا وقال :
- طلبت من سيرينا ان ترتدي اجمل فستان لديها
اطاعت سيرينا تعليماته حرفيا وفي المساء كانت ترتدي فستان من الموسلين الازرق الناعم فبدت كأنها عائمة على غيمة .
قال لها خوان :
- دعينا نتصرف بلياقة نقنع جدي بأننا اخيرا وقعنا في غرام بعضنا البعض سيذهب مرتاح البال وسعيدا لاتستغربي اذا تصرفت معك بطريقة حميميه وعائلية... واذا رأيت ان هذا التصرف في غير مكانه رددي لنفسك انها المرة الاخيرة التي سأتصرف بها هكذا وهكذا يكون بامكانك تحملها اكثر .
وتذكرت هذا الكلام وهي تدخل الصالون حيث كان دون البيرتو يتناول المقبلات مع خوان ولما رأى سيرينا قام خوان بوضع كأسه جانبا وراح للقائها قبلها وامسكها بالخاصرة فراحت ترتجف منفعلة وهمس في اذنها قائلا :
- انت رائعه يازوجتي الحبيبة
كان يلفظ هذا الاطراء بصوت عال كي يسمعه جده ثم انحنى وعانقها ببطء وشغف وفكرت سيرينا :"اذا كان هذاالعناق مقدمة لما سيحل هذا المساء فماذا تبقى لاخر السهرة؟"
ضمها اليه وتقدم من دون البيرتو مبتسما بفخر واعتزاز وقف الجد بدوره وقبل سيرينا وقال :
- الان يابني انا اسعد رجل في العالم
ابتسمت له وردت على قبلته بقبلة وقالت :
- انت الرجل المتفهم والقادر لم اتعرف على مثلك من قبل
- لم تندمي لأنك تزوجت من حفيدي اليس كذلك؟ لكن هذا السؤال في غير محلة يكفي النظر اليكما كأنكما عاشقان فتيان!
قاطع خوان الحديث قائلا :
- ماذا تحبين ان تشربي ياحبيبتي ؟ شراب الورود المنعش مشروبك المفضل اليس كذلك؟
- اتذكر ياحبيبي اخر مرة شربنا منه؟ كنت قد ربحت مبلغا من المال في الكازينو وذهبنا بعد ذلك للرقص كان عاطفيا .. ولما عدنا للفندق كنت كأني اعيش حلما..
- وتلك الليلة التي قضيناها معا لا يمكنني ان انساها اطلاقا انها في ذاكرتي الى الابد مثل حواء كنت ساحرة ورائعة .. وسرية
ابتسما لبعضهما البعض ببرود بينما كان دون البيرتو يقهقه ضاحكا اضاء وجهه ثم قال :
- الم اعدك بذلك يا ابنتي؟ عندما يواجه حفيدي لغزا يريد معرفته في الحال وهذا الحب في الالغاز يعود الى طفولته النضرة ومازال محتفظا به حتى الان والان لنتناول العشاء ان اشعر بسعادة كبيرة تفتح القابلية على الطعام انوي الافادة قدر الامكان من هذه الوجبه العائلية الاخيرة .
خلال العشاء بذلت سيرينا كل جهدها ان ترد على كلمات خوان المبطنه ولم يشك دون البيرتو بصحة هذه الكلمات لكن شيئا فشيئا اصبح الجو متوترا واعصاب المحاربين بدأت بالانهيار الا ان دون البيرتو المتعب نام في مقعده واغتنمت سيرينا نوم دون البيرتو فراحت تعبر عن غضبها قائلة لخوان :
- لم اعد احتمل كل هذا الكذب سأعود الى غرفتي!
- يكون ذلك اصدق مافعلته في هذه السهرة
ادارت له ظهرها وكادت ان تنسحب عندما امسك بها خوان من خصرها وكاد ان يغمس عينيه السوداوين المشرقتين في عينيها الزرقاوين فارتعشت فقال :
- لقد لعبت دورك باتقان انت ماهرة عندما تريدين خداع الغير الان ارجوك ان ترحلي!
كادت تعثر وهي مارة قرب دون البيرتو الذي كان يغط في نوم عميق .
بعد ساعات قليلة أي في حوالي منتصف الليل سمعت بوضوح اصوات خطوات على الشرفة مباشرة تحت نافذة غرفتها طقطقة مهاميز وصوت احذية كان الرجل يتوجه نحو الاسطبل . انتصبت سيرينا وراحت تصغي بعد قليل سمعت اقدام جواد يخرج لتوه من اسطبله امتطاه الرجل وولى به بعيدا
اسندت سيرينا رأسها على الوسائد فريسه انزعاج عميق ليفسر غثيان له علاقة بكون خوان ربما سمع نداء وراح يلبي النداء
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top