الفصل السادس
استيقظت آنجي في اليوم التالي متأخرة جدا.كانت قد تقلبت في سريرها طوال الليل وحمدت الله على انها لن تضطر للأستيقاظ مبكرة في الصباح.كانت خلال الأسبوع قد نجحت في تعين موظفة هي طالبة اسمها جان والتي ستتولى المحل أيام الآحاد.
فكرت كم هي سعيدة بالرفاهية التي ستتمتع بها عندما تتمكن من حش النجيل في الصباح قبل ان تحتسي قهوتها في هدوء وهي تقرأ الصحيفة يوم الأحد في المطبخ الذي يسبح في ضوء الشمس.
عندما رن التيلفون قالت لابد انه سبنسر فقد سبق ان اتصلت بها اودري مرتين لتقدم لها تفصيلا عن سهرتها.
رفعت السماعة لتسمع في الحال صوت ليوك يقول لها صباح الخير على الطرف الآخر من الخط.
فقالت له:
_ليوك ياللمصادفة! لقد كنت لتوي افكر فيك وانا اقرأ صحيفة الأحد.
_كنت تقرءين عرض الأحداث الرياضية؟
_لا بل بريد القلب.
_لاتقولي هذا!ليس لدي ماأزيده على ملقلته في حديثنا بالأمس.انني اتصل لأخبرك بأني نسيت فردة حذائي.هل وقعت عيناك عليها ربما تكون فوق النجيل او تحت وسائد الأريكة..؟
_أه نعم لقد وجدت فردة الحذاء في الصباح او بالأحرى جيزابيل هي من عثر عليها.
كانت كلبتها قد احضرت فردة الحذاء بعد نزهتهها الصباحية ووضعتها عند قدمي سيدتها.
_سأمر بعد قليل لأستعيدها.
لفت آنجي سلك التيلفون بعصبية حول رسغها وهي تحاول ان تجد مبررا للرفض أو اي بديل .انها لاتريد ان تجد نفسها بمفردها معه مرة اخرى.
_سأخرج بعد قليل سأذهب لأمتطاء الخيل مع سبنسر وسأمر عليك لأترك حاجياتك.
_موافق سأقوم ببعض الأصلاحات في البيت وسأترك لك الباب مفتوحافأذا لم تشاهديني أدخلي.
اجابت وهي تأمل ان تترك كل شيء على عتبة باب بيته دون ان تضطر للحديث معه:
_حسنا جدا.
رتبت آنجي المطبخ ثم اتصلت بسبنسر لتحدد معه موعد اللقاء.
ووضعت حذاء ليوك في حقيبة ورقيه وارتدت ملابسها للخروج.
ارتدت جينز حائل اللون وبلوزة ثقيلة بحرية وحذاء بوت لركوب الخيل من الجلد الأسود.
عندما ركنت سيارتها امام بيت ليوك ادركت في الحال انها لن تستطيع ان تضع الحقيبة الورقية امام العتبة وتتسلل هاربة.
كان يقوم بصقل الباب الخشبي الضخم بفارة.
بدا كأنه يستخدمها بصعوبة بالغة.
وضع عدته جانبا ونظر الى زائرته وهي تعبر الممر المؤدي الى الدرجات الأمامية للفيلا.
كان مرتديا سويت شيرت عليه شارة فريق بيسبول مشهور وجينز قديم مغطى ببقع الدهان ملتصقا بساقيه وكان مفتول العضلات.
فكرت آنجي انه لسوء الحظ انه اكثر جاذبية في هذا الزي عنه بالأمس في السهرة.
اعلنت وهي تناوله الحقيبة:
_هاهي اشياؤك.
_شكرا.
فتح الحقيبة واخرج فردة الحذاء ورفعها عاليا الى مستوى عينيه ليفحصها ثم قال:
_شيء لايصدق!لايوجد أثر لأنياب الكلبه اخشى ان كلبة الصيد الخاصة بك لم تترك علامتها الكلبية على الجلد الرقيق لهذا الحذاء الفاخر.
تجاهلت سخريته وأخذت تتأمل الباب ثم ازالت بقعة الدهان بظفرها.
اجابت:
_ان جيزابيل كلبة صيد فلاتنسى هذا وقد تدربت على الأمساك بالعصافير دون ان تعضها فهي تعرف كيف تمسك بها برقة.
_مثل سيدتها.
قالت بلهجة تهديد:
_ليوك ..!
_كنت سأقول أكثر عندما تذكرت بأني وعدتك امس بألا أثير غضبك ياسيدة"تورتة".انني اعرض عليك هدنة محددة المدة..مارأيك؟
_موافقة،شكرا.
التقط ليوك احدى ادواته وقد بدا عليه التلهف على استئناف عمله وهو يقول:
_اشكرك على احضار حاجاتي..اتمنى الا اكون قد عطلتك عن موعدك مع ذلك ال..آوه.سبنسر؟
اجابت وهي تراقبه يبحث عن احدى معداته:
_لا..لست متأخرة..اذا كنت تبحث عن المكشطة فهي في جيب بنطلونك الخلفي.
_ىه نعم..هاهي..تمتعي بنزهتك.
اشعل طرف وابور التسخين واستأنف عمله وكأن آنجي قد اختفت فجأة من امامه.وبدأيصفر في سعادة.
كانت رائحة الدهان قد ملأت الجو صاحت آنجي حتى يعلو صوتها على صوت وابور التسخين:
_شكرا!
لم يسمع كلامها او تظاهر بعدم سماعه.
هبطت آنجي الدرج وهي في منتهى الغيظ واتجهت الى نهاية الفناء.
وصلت الى منتصف الطريق حيث سيارتها ثم عادت مقلوبة الوجه الى مكان ليوك.
ولما تظاهر بعدم رؤيتها ربتت كتفه بقوة.استدار ببطء وقال:
_ايه!هل نسيت شيئا؟
_اعتقد بأني اخدمك لو اخبرتك انك بهذه الطريقة ستذبح الباب.
_ماذا تريدين ان تقولي؟انني اكشط الدهان بهذه الماكينة وكل شيء يسير سيرا حسنا.
عاد الى مهمته مرة اخرى.
قالت بلهجة آمرة وهي تنزع منه الشعلة والمقشطة:
_اعطني هذا دقيقة.يجب ان توجه الشعلة مع تحريكها باستمرار حتى لاتحرق الخشب..هل فهمت؟
قال وهو ينحني ليفحص عن قرب بقعة الدهان الملتصقة والتي اشارت اليها آنجي:
_آه..نعم..هل الأمر سيء الى هذه الدرجة؟
_لوكان لديك نية اعادة دهان الباب فأنك ستحتاج الى مجهود كبير حتى يمكنك معجنته وسد ثقوبه.
اشارت الى بقع آخرى فوق الخشب كان قد عمل عليها بشراسه:
_ولاتضغط بشدة عندما تكشط فان ذلك يؤدي الى وجود خطوط محفورة رهيبة.
_يبدو انني استسلمت لحماسي بعض الشيء عندما رأيت الدهان يكشط بسهولة.لاتقولي ان علي ان امعجن كل الباب!
اخشى ن يحدث هذا .انتظر وسأريك.
امسكت بالشعلة والمكشطة واخذت تدير الشعلة في حلقات دائرية متساوية.
_عليك ان تستخدم الشعلة هكذا وبأنتظام دون ان تضغط هكذا..
صاح وهو معجب بالخشب العاري والناعم في المنطقة التي عملت عليها:
_اعتقد ان علي التدرب قليلا على الباب الخلفي في البدايه.
اجابت آنجي وهي تبتسم وترد له ادواته:
_ربما..فالعلم لم يخلق في يوم واحد.
قال ليوك وهو شارد:
_هذا صحيح وربما يد خفيفة تؤدي العمل افضل.
كان ظهر آنجي نحو الباب وكان ليوك قريبا منها.كانت تعرف ان عليها ان ترحل ولكنها وجدت نفسها مسمرة في مكانها بطريقة ما.
_حسنا..اعتقد انه من الأفضل انا ارحل.
_نعم..لاأريد ان اجعلك تتأخرين .شكرا من أجل درس الترميم.أوه اعتقد ان هناك بعض الدهان على شعرك.
مد يده ليزيل الدهان بينما اغلقت عينيها خشية ان يقبلها ولكنه قال بلهجة راضيه:
_هأنا قد ازلته.
ابتعد عنها ففتحت عينيها في الحال وهي تترنح وحمدت الله انه لم يلحظ رغبتها الكامنه.
هبطت درجات السلم دون ان تنظر اليه وعبرت الفناء وابتعدت.
_الى اللقاء!
_الى اللقاء قريبا"سيدة تورتة"
كان سبنسر في الأصطبل من فترة عندما وصلت آنجي .كان قد وضع سرجين على الجوادين وبدأ عليه انه حائر من تأخرها اكثر من أنه غاضب.
سألته:
_هل انتظرتني طويلا؟
رد عليها بلهجة من ينتظر تفسيرا:
_بضع دقائق.
داعبت آنجي انف الجواد الذي امتطته:
_أنا آسفة قمت ببعض الأعمال المنزلية ولم ألاحظ الوقت.
اتخذا طريقهما المعتاد عبر حقل خلف الأصطبلات والحظائر.
كان اليوم يوم ربيع وجميل وكانت شمس مابعد الظهر تداعب وجهها والهواء معبأ بعبير الأوراق الجافة والأرض المروية.
كانت آنجي قد أرخت لجام جوادها حتى تسمح له بالتقافز وأحست انها منسجمة مع عناصر الطبيعة وكأنها تحس بها لاول مرة لقد كانت سعيدة .
كانت السماء تذكرها بعيني ليوك .
كانت نهاية الحقل مسدودة بجدار منخفض من الحجارة شبه مهدم فقررت آنجي ان تقفز بالجواد فوقه بدلا من ان تدور حوله.
غمزت جوادها بعنف حتى يرمح ويقفز وكانت تسمع من بين ضربات قلبها الشديدة صيحات سبنسر ينادي عليها.
بعد لحظات قفزت قفزت بجوادها فوق الجدار المنخفض لتهبط به على الجانب الآخر دون عناء.
_لم أكن اعرف انك تعرفين القفز بالجواد ياآنجي؟
_انني لم اجرب ذلك منذ سنين طويلة واعتقد بأنني لن استطيع ذلك وانني نسيت والله وحده يعلم مدى خوفي.
_وكيف تشعرين الآن؟
كان سبنسر ينظر اليها بفضول وكأنه يراها للمرة الأ ولى.
_شعور رائع في الحقيقة بل لدي الرغبة ان اعيد الكرة.
ابتسمت له ابتسامة واسعة ورد عليها سبنسر بدوره ولكنها لاحظت مدى شروده.
أدركت فجأة المسافة التي تفصلهما والتي بدأت تتزايد ولكن ببطء وانتظام.
عندما امتطيا جوادهما ليتوغلا في الغابة احست فجأة برغبه في ان تقترب منه وتضغط يده لتطمئنه وتطمئن نفسها بأن شيئا لم يتغير بينهما.
ومع ذلك كان قلبها يدعوها بألا تفعل.لأن الحقيقة موجودة هناك:سواء كان الأمر حسنا او سيئا فأن لقاءها مع ليوك هز توازن حياتها الضعيف.
لقد ايقظ اتصالها بليوك عاطفتها التي نامت داخلها ولم تنطفيء ابدا وهي جزء من حياتها سلنسر ابدا ان يشبعه عندها ولا أن يفهمه.
كانا يسيران وسط الطريق الضيق في الغابه،هي في المقدمة يتبعها سبنسر مماجعل الحديث يزداد صعوبه.
لوكان ليوك معها لتحداها ان تقفز فوق كل السدود التي في المنطقة.اابتسمت وهي تفكر في ذلك.
وتساءلت:هل يتنزه هو الآخر على هذا الطريق؟تصورت نزهة على الجياد برفقته ولكنها سرعان ماحاولت ان تتعقل.
لن يصبح الأمر سهلا بعد الآن بينهما كما كان في الماضي.ثم انه من الظلم لسبنسر ان تحلم برجل آخر في وجوده.
عندما عادا الى الأسطبل وحلا سرجي جوادهما.دعت آنجي سبنسر للعشاء في بيتها ودهشت اشد دهشة عندما رفض ذلك بأدب بحجة انه سيعيد ترتيب اوراقه قائلا:
_أود ان انظم كل شيء قبل رحيلي الى فيرمونت مساء غد.بعدها لابد ان ابقى في ألباني فترة اطول مماتوقعت..اسبوع دون شك.
_ماذا ستفعل في ألباني؟
_سأشترك في المؤتمر السنوي لجمعية البيطرين الا تذكرين اذن؟
_آه ..نعم..صحيح!
كانت فتره مابعد الظهر اوشكت على الأنتهاء ومع ذلك كانت الشمس قد اختفت خلف الجبال.ارتجفت آنجي ودلكت ذراعيها حتى تشعر بالدفء ثم عطست.
قال لها سبنسر وهو يناولها منديلا ورقيا:
_ارجو الا تصابي بنكسة ياآنجي!
_لا انها مجرد عطسة.
كان حلقها يؤلمها قليلا لكنها احست انها بخير امام الهواء الطلق الذي لم تكن تحس به سابقا.
انها ترفض في عناد ان تسقط مريضة والأعياد على الأبواب.
قال لها سبنسر:
_لا اريدك ان تمرضي.
_لاتقلق فأنا في تمام الصحة .والنزهة كانت مثيرة.
_حسنا..اعتقد ان عليك العودة للبيت للراحة.
_كماتحب.
احست آنجي للمرة الثانية بأن لمسافة تزداد اتساعا بينهما لقد كان ذلك محزنا ولكن لامفر منه.
فتح لها باب شاحنتها وجلست آنجي وراء عجلة القيادة.انحنى عليها ليقبلها وقال:
_سأمر عليك صباح غد لأودعك.اعتني بالأتفلونزا هذا المساء واشربي ليمونا وشايا ساخنا.
_حسنا.
داعبت ذقن سبنسر وهي شاردة .انه ظريف ولطيف ومهتم وهي تحبه كثيرا ولكنها لاتعشقه
قالت:
_سأخذ قرصين اسبرين واتصل بك صباحا.
اكتفى سبنسر بالأبتسام في ضعف للرد عليها وعطست مرة ثانية.
ناولها علبة المناديل وهو يقول:
_خذي هذا فأنت بحاجة اليه .
اغلق باب السيارة وانطلقت آنجي في طريقها.
ابتعد سبنسر وهو يحييها وهي تبتعد ملوحا بذراعه.وفي المرآة العاكسة رأته يراقب الشاحنة وهي تختفي وسط الغسق.
خلال الأيام التالية كانت اودري والموظفة الجديدة تعملان بحماس للوفاء بكل الطلبات الخاصة بعيد الشكر.
كانت ذراعا آنجي تؤلمانها في المساء من كثرة العمل.ولم يكن عملها الخانق يترك لها وقتا للتفكير بليوك والتساؤل هو:لماذا كف عن الحضور الى المحل؟هل كان يخشى ان تفسر زياراته كنوع من التحدي؟ام ربما ترك الفطائر والحلوى بالكريمة والشوكولاته ولم يعد يرغب بها؟انه ليس من النوع الذي يركز انتباهه على امرأة واحدة مدة طويلة.
قررت آنجي ان تنسى حتى وجوده.قالت اودري صباح الأربعاء وآنجي تستعد لفتح المحل:
_لقد بقي ليوك في منزلنا امس لتناول العشاء.
ردت عليها بلهجة حاولت ان تجعلها حيادية قدر الأمكان:
_آه..حسنا.
كان ليوك يقضي وقتا اكثر من اللازم من حين لآخر في حظائر برايان الذي بدا ان صداقته اصبحت متينة معه.
اضافت اودري:
_انه لطيف مع الأطفال ثم انهم يعشقونه،سيصبح ابا رائعا.
حدجت آنجي صديقتها بنظرة طويلة فقالت اودري:
_نعم..انا اؤكد ذلك.
_اذن سنضيف هذا الى قائمة المزايا التي لاتنتهي للسيد ليوك وايلدر.
ردت عليها اودري متهكمة بدورها:
_هذا هو الأمر.اعرف انه ليس لديك نيه لتكوني علاقة مع ليوك ولكني لا افهم لماذا تسارعين بالهجوم عليه عند اقل اشارة اليه؟
_اقل اشارة؟ ان وايلدر يحسن صنعا لوعينك مراسلته الصحفيه او مديرة حملته الدعائية لو اراد ان ينتخب نفسه عمدة لشاذام فولز؟
_كفى!..ربما كنت على حق لكني متأكدة انه سينتخب من اول جولة بنسبة ثمانين في المائة.
عندما خرجت آنجي من خلف المحل حدجت صديقتها بنظرة صاعقة.
Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top