الفصل الرابع

-طائر النورس
.......................
اشار لوك براسه نحو مركب شراعي محزن الشكل فقالت :
-هذا الشيء التافه ؟لابد انك تمزح !.
حدق فيها بغموض واجاب :
_لقد قدت الغابيانو من قبل.
-غايبانو؟.

-اي طائر النورس انه مركب قيم لقد بذل فابيو قصارى جهده,يبدو ان كافة المراكب محجوزة مقدما منذ اشهر فاما هذا واما لاشيء.
بدا فمه متوترا لعل مفعول الدواء المسكن للالم قد زال,وهو بحاجة للمزيد وتملكها شعور بالذنب لانها تجعله يقف هناك ومن دون مساعدة ,ولعل الاسوا هو ان الهليكوبتررحلت.

-انت بحاجة للراحة ,هيا بنا سنصعد الى المركب بانتظار وصول جيوفاني .
بدا ان لوك لايحتاج الى مزيد من التشجيع مايعني ان الالم اشد مما تظن.
حملت حقيبتهما ثم سارا معا على الرصيف وعندما وصلا الى المركب,وضعتهما على الارض وطلبت منه ان يتكئ على كتفها ليحافظ على توزنه ارسل احتكاكهما هذا الحراة في كيانها .
نزلا الى المركب الذي بدا بحاجة الى دهان وصيانة وبعض الاصلاحات حتى بالنسبة الى عيني غير الخبيرة.

رات معدات الصيد ومجذافين لكنها لم ترى اي اثر لمعدات التزلج على الماء او كراسي لحمامات الشمس كما في مركب بكسيوني.
صعدت خلف لوك تاكة تاركة حقيبتي الملابس على الرصيف,وتمسك هو بها فيما هما ينزلان الدرجات الى اسفل المركب حيث المطبخ والحمام كان المكان ضيقا اشبه بعلبة سردين.

فتح لوك باب القمرة الى اليمين كان فيها نافذة صغيرة فوق الخزانة وصندوق وسريران مثبتان في الجدار احدهما فوق الاخر .

اعترفت اوليفيا بان المكان يبدو نظيفا ومع ذلك فهو بعيد كل البعد عن ذلك المركب المترف الذي استاجرته هي وشقيقتاها حين قصدن المكان للمرة الاولى.

لكنها حققت هدفها الاول ,فلوك سيصبح لها طيلة الايام العشرة التالي .
اذا اضطرت للمكوث على متن هذا المركب بدلا من البكسيوني فلن تتذمر اذ ستستمتع خفية برفقته.
لم تظن بايبر وغرير انها ستصل الى هذا الحد لكنهما قللتا من شان حبها للوك وتصميمها على الفوز بقلبه.

تخلت عن افكارها هذه ثم ساعدته على رفع ساقه المصابة بينما استلقى هو الى الخلف وهو يتاوه بعمق ثم اغمض عينيه.
تركت القمرة بسرعة ودخلت الى المطبخ حيث تملكتها الدهشة وهي ترى الثلاجة مليئة الى حد لاباس به ,اخرجت زجاجة ماء معدنية ثم اندفعت عائدة اليه.
كان الطبيب قد زوده ببعض الحبوب المسكنة للالم فاخرجت الزجاجة من حقيبة يدها .
-لوك ؟لدي مسكن للالم ؟

فتح عينيه كان لونهما في النور اشبه بلون الرصاص.
ورفع نفسه وابتلع الحبتين ثم شرب زجاجة الماء المعدني كلها ,كان اكثر ظما مما تصورت.
شكرها ثم سقط مرة اخرى على فراشه واغمض عينيه .
-متى تظن ان جيوفاني سياتي ؟
-ليس لدي فكرة .
-ايمكننا ان نتصل به بواسطة هاتفك الخلوي؟
-طبعا.

-انه ,لقد اعطيتك اياه مع الدواء .
-لم الاحظ وجوده في حقيبة يدي.
وسارت نحو المنضدة حيث وضعت حقيبتها فافرغت محتوياتها ثم التفت اليه:
_ليس هنا .
-افترض اذن انه بقي في المستشفى خطا.
اه ,لا,لايمكنها حتى ان تتصل باختها بايبر.
-حسنا ,اذا لم يات جيوفاني قريبا ,فساسير الى اي دكان على الشاطئ واستخدم هاتفهم للاتصال به .
-هذه فكرة حسنة,سانام لفترة اذا لم يكن لديك مانع.

-لاباس ,علي ان افرغ الحقيبتين .
عادت ادراجها الى سطح المركب,لم تسرق الحقيبتان لله الحمد,سترتب محتوياتهما في امكنتها في دقائق.
عندما رتبت حاجياتهما ,اخذت تتعرف الى المطبخ ,رات خزانة صغيرة تحوي شيئا من البهارات وزيت الزيتون وطاولة ومقاعد من دون ظهر تحتها .

وجدت في الثلاجة خبزا وبيضا وجبنا وشرائح لحمة وفاكهة وعصيرا وصودا ولبنا
ستقدم للوك بعض اللبن فهي تشك في ان يرغب في تناول اي شيء دسم قبل الغد.

وشعرت بانها جائعة فحضرت لنفسها شطيرة اكلتها مع كاس من عصير البرتقال .
بع ان انتهت من تنظيف المطبخ ,ذهبت لتطمئن على لوك فوجدته لايزال نائما وانحنت لتنظر اليه.
بدا رجلا جذابا للغاية بملامحه القوية ,وشعره الاسود وبشرته السمراء.

حدقت فيه طويلا قبل ان تتجه الى سطح المركب لتنتظر جيوفاني.
كانت معظم المراكب قد ابحرت فجلست على مقعد خشبي تمتع بمنظر فرنازا هذا المنظر نفسه راته من نافذة المقصورة في المركب بكسيوني منذ اكثر من ستة اسابيع.

لقد ملاتها الدهشة والافتتان عند رؤية البيوت المشابهة للابراج والقصور ,حينذاك لم تكن تعلم ان شخصا يدعى لوك دي فالكون سيدخل فكرة انه ينام في الاسفل ,ارسلت رعشة في جسمها ,لم ترغب في ان تكون في  اي مكان غير هذا ,والمها ان تفكر في ان هذا المكان هو على على الارجح اخر مكان يرغب هو في ان يتواجد فيه وانها اخر امراة يرغب في صحبتها ,سيزار هو السبب الوحيد الذي جعل لوك  يفضل قضاء نقاهته هنا بدلا من بيته.

لكن هذا اول يوم في رحلتهما فقط ومازال امامهما تسعة ايام .
ستجعل مريضها ينسى الاخ الذي يشعر بانه مرغم على ان يحميه منها هي التي يعتبرها مجرد انثى وصولية.
عندما يعود المركب الى فرنازا ,سيكون لوك قد وقع في غرامها وستفعل مافي وسعها لتحقق ذلك.

امضت بضع دقائق تحت اشعة الشمس الحارة فاذا بجسدها   ينضح عرقا,وتلهفت الى تغير ملابسها لتسبح لبعض الوقت لكنها الان تريد ان تنتظر جيوفاني ليغادروا الميناء.
لم يتجه احد نحو المركب ,وقررت ان تذهب لرؤية لوك,اذا كان مستيقظا فستاخذ رقم الهاتف منه ثم تذهب الى الشاطئ لتجري اتصالاتها.
وفيما هي تتجه نحو السلم سمعت من
ينادي :
_سنوريتا ,سنوريتا.
التفتت لترى صبيا يلوح لها من الرصيف فاقتربت منه :
-ما الامر؟.
-ما الامر؟.
-لن يحضر.
-وماادراك؟.
-انا اعرف كل شيء.
-اين جيوفاني؟.
-في سان ريمو.
-لكننا نريده ان يقود المركب !
-لقد ولدت زوجته طفلا.
ياللسموات !لقد تبخرت خطتها في الابحار مع لوك.
عليها ان تفكر في خطة جديدة قبل ان يكتشف لوك الامر ويجعلها تتصل بالهليكوبتر  لتقلهما,وسرعان ما ستجد نفسها في نيس وحيدة .

وتصورت لوك يقول لها:
_نظرا للظروف الراهنة ,ارى ان تعودي الى نيويورك وتخططي مع فابيو لرحلة اخرى في الصيف القادم ,ربما عندئذ,ستكون حرارة مشاعر سيزار قد بردت.
لن تسمح له بان يرسلها وكانها مجرد متاع ,يمكنها ان تتجه الى الشاطئ وتسال عن شخص يحسن قيادة المراكب ويريد عملا,انها ستدفع له الاجر من جيبها اذا اقتضى الامر ,لكن ليس لديها ما يكفي من الوفقد يستيقظ لوك في اي لحظة.
ماذا تفعل؟

حسنا ,ستقود المركب بنفسها فالبحر الابيض المتوسط هادئ حاليا ,لقد قادت مركب ابيها مرات عديدة كما قادت مركب فريد عشرات المرات فلم سيكون هذا صعبا عليها؟.

من الافضل ان تسرع في نفيذ خطتها والابتعاد عن الشاطئ قبل ان يعلم لوك ماحدث فيرسلها الى بلدها .
ومن دون ان تضيع مزيدا من الوقت حلت الحبال ,ثم عادت واتجهت الى الطرف الاخر..

تفصحت المحرك الخلفي وناقل الحركة ,بدا الامر سهلا وغير معقد.
بعد ان جلست على المقعد ,ادارت المفتاح ثم ضغطت على الزر فهدر المحرك.
ولحسن الحظ ,لم تكن ثمة مراكب قريبة لكي تصطدم بها.

ابتعد المركب ببطء عن الرصيف ثم ضغطت على صمام التحكم بالوقود فاندفع المركب مسرعا,وخرج الى عرض البحر متجاوزا الاشارات الطافية على وجه الماء.
وكانت افكارها تسبقها.
كانت جزيرة "ايشيا"بعد "نابوليس"جنوب شرق "فرنازا",وكل ماعليها ان  تقوم به هو ان تتجه شرقا حتى تصل الى "ليريسي"حيث اصطحبهن لوك وابنا خالتيه وحيث القين هي وشقيقتاها بانفسهن في المياه,هربا من بحارة المركب.

عندما لمحت المراكب الاخرى ,تجنبتها وقادت على المياه الهادئة,مازال لوك نائما,وهذا امر حسن لانه بحاجة الى الراحة.

استرخت مستمتعة بجمال القرى المبعثرة على امتداد الساحل .
رات اوليفيا ان وضعها هنا افضل بكثير مما لو كانت على متن المركب "بكسيوني "فلوك لها وحدها اخيرا.
ابتسمت وهي تتذكر اول مرة راته فيها ,تخاصما بشدة حينذاك,لكنهاشعرت في اعماقها ببهجة لم تعرفها في حياتها ,والان ها هما يتخاصمان مرة اخرى.

الان معركة حتى الموت ,وكل المكاسب ستكون لها هي.
*****
ايقظ الجوع لوك رغم الحبوب المسكنة للالم ,فتح عينيه فادهشته الظلمة السائدة في المكان ,نظر الى ساعته فوجدها تشير الى الثامنة والربع,لقد نام ست ساعات ,اين اوليفيا ؟كيف تركته ينام هذا الوقت كله؟
انزل ساقه عن السرير ببطء,ثم وقف لكنه اضطر لان يمسك بالسرير العلوي للحظة ,اما انه يعاني من اعراض جانبية خطرة واما ان الرياح تعصف فتجعل المركب يتمايل في مرساه.

هل ادركت اوليفيا ان جيوفاني لن ياتي؟
اذا ادركت ان لوك احتال عليها ,فلعلها اتصلت بسيزار ليساعدها ,لم يساور لوك الشك في انهما رحلا معا وتركاه وحده يواجه الوضع الذي اوجده بنفسه.

تلمس عصاه المسندة الى الخزانة ,ثم نظر من النافذة الى الخارج متوقعا ان يرى انوار "فرنازا"لكنه ذهل وهو يرى المياه تحيط بالمركب .كان المركب في البحر!
من الذي يقوده؟
اولا ,اي بحار خبير سينير مصابيح المركب ,وثانيا لم يسمع اي صوت محرك .
ترك المقصورة وكان في طريقه الى السلم ليصطدم بجسم انثوي ناعم يهبط السلم بسرعة فاوقع الاصطدام العصا من يده.
-لوك .....

لاحظ قلقا وراء دهشتها فاخذها بين ذراعيه ليثبت نفسه ويثبتها معه,كان قلبها يخفق بسرعة  لم يستطع معها ان يعد الخفقات ,راح قلبه يخفق ايضا انما ليس للسبب نفسه.

اثناء احتكاكهما القصير هذا ,شعر جسده بمفاتن جسدها كلها ,كانت لاتزال تحتبس حرارة شمس البحر الابيض المتوسط التي
غابت منذ فترة ,ودفن وجهه بعجز في خصلات شعرها الذهبية فوجد نفسه منتشيا برائحة عطرها.

ازعجه الاحاسيس التي تملكته اذ انتبه الجانب البدائي من طبيعة الذكر فيه,الجانب الذي ادرك ان هذه الانثى خلقت من اجله.
لو لم تكن كاذبة مخادعة ,غير قادرة على ان تخلص لاي رجل....
تركها فجاة ثم اخذ يتحسس لوحة مفاتيح النور ليضئ المكان وقالت نائحة:
_مفاتيح النور هنا اذن؟بحثت في كل مكان ماعدا هنا .
وتناولت عصاه تعطيه اياها وكان تلك اللحظة بين ذراعيه لم تحدث ابدا .
ياالهي ....وخطر له انها كانت تقود المركب بنفسها ,هاهو يقلل من شانها مرة اخرى ,وستكون هذه اخر مرة...
-اذا لم يكن هناك خزان احتياطي فسنصبح من دون وقود لهذا جئت لاخبرك.
كان صوتها ثابتا  الان لكنه لم يجدها عصبية منذ ثوان ,لن ينسى ابدا كيف تعلقت به في تلك اللحظة الخاطفة.

ووجد نفسه منجذبا الى فمها المغري الذي يذكره بوردة نصف متفتحة ,لكن صوتا حدثه بانه اذا مابلغت به الحماقة حد تذوقه ,فمعنى هذا انه لم يتعلم من الحياة اهم دروسها .
-متى قررت ان تتسلمي زمام الامور ؟
-بعد ظهر هذا اليوم اخبرني صبي ان جيوفاني لن يحضر.

كان على لوك ان يشهد لها بانها لم تتظاهر بانها لم تفهم ما يتحدث عنه.
-لم لم يستطع الحضور؟
شبكت ذراعيها على صدرها :
_اليس من المفترض ان تخبرني انت ؟اظنك قررت ان تعيدني الى نيويورك ناسيا اجازتي في "الريفييرا"انت تريدني ان ارحل ,اعترف بذلك .

-اعترف بان هذا سيكون افضل لاخي سيزار الذي اعماه التعرف اليك ونجاحه الجديد فلم يعرف حقيقة الانسة داتشس.
ضاقت عيناها :
-حقيقتي انا ؟.
-هذا صحيح ,انت من دون قلب مادية ,طموحة ,مشاكسة ,تفعل مايخطر لها من دون اي شعور بالذنب ,يمكنني ان اخبرك المزيد عن نفسك  لكنني اريد اولا ان افتح خزان الوقود,يمكنك في هذه الاثناء ان تحضري لي عشاء ساخنا وسابحث انا عن خليج صغير نمضي الليل فيه.

****

امراة مشاكسة !
اخذت اوليفيا تلقي الاغراض من حولها محدثة ضجة وصخبا في ذلك المطبخ الصغير ,مادية ؟من دون قلب ؟طموحة ؟
لم تكن اوليفيا بحاجة الى الكثير من الذكاء لتدرك نوعية النساء اللاتي سعين  خلفه طوال السنوات التي مضت ,وافترضت انه وسيزار هدف طبيعي للنسوة الجشعات ماحول لوك الى رجل بخيل ومؤذ وعديم الثقة بالجنس الاخر الى حد انه دفن مشاعره الطبيعية.

هذا هو السبب الذي دفع اختيها لبذل جهدهما كي تقنعاها بعدم السعي خلفه ,انها تفهم الان ,انه في الثالثة والثلاثين من العمر ,وهو اكثر قسوة وصلابة من ماكس قبل ان تدخل غرير حياته.
ولكن النسوة لسن انتهازيات كلهن ,ومعظمهن يبحثن عن الحب الحقيقي الدائم ويبقين مخلصات لرجل واحد.

ستثبت للوك انها مختلفة ,وبدلا من الرد على الاذى بالاذى,ستتجاهل  تعليقاته اللاذعة التي تهدف لتدميرها ,عندما يدرك ان بامكانها ان تتقبل كل مايقول او يفعل ,وان هذا لن يدفعها للرحيل ,سيلمس نقاء قلبها سوف تنهكه بحبها بحيث لايجد خيارا اخر الا مبادلتها الحب.

انه يريدها وجبة ساخنة للعشاء وهي ستقدم له الذ وجبة يمكن تجهيزها ستحضر له عجة من ابتكارها ,"و"بروشيتا"بزيت الزيتون.
اذا استطاع هو ان يلعب دور طاه فرنسي ,فيمكنها هي ايضا ان تفعل ذلك ,وراهنت على انه يظنها غير قادرة على الطهي خصوصا في هذه الظروف ,حسنا ستثبت له العكس.

وفي ماهي تعد الطعام سمعت المحرك يهدر وسرعان ماشعرت بالمركب يشق الماء
من حسن الحظ انه سبق له الابحار على متن هذا المركب فهو يعرف كيف واين يبحر في الظلمة ,ومالبثت ان انهت اعداد الطعام فحملته الى السطح.

كان هواء البحر يعبث بشعره الاسود وذابت هي من الجاذبية التي تشع من مظهره .

وضعت الصينية بجانبه حيث يجلس فنظر الى ماحضرته ولم يصدق عينيه ,وعندما لرفع اخيرا بصره اليها ابتعدت عنه قائلة انها ستعود حالا,من دون ان تجرؤ على النظراليه فتقضح عيناها مدى فتنتها به.
عادت اليه بعد دقية حاملة طعامها فسرها ان ترى لوك قد التهم نصف طعامه ومعظم قهوته ايضا.

-اتريد مزيدا من "البروشيتا"؟.
القى عليها نظرة ثاقبة :
_كيف تعلمت تحضير هذا ؟.

-عرفت غرير ان ماكس يحب هذا الكعك ,فتعلمت تحضيره في البيت وكنا انا وبايبر نساعدها .
وتوقعت ان ترى بعض اللين على ملامحه بعد مااعدته لسموه لكن وبدلا من ذلك ازدادت حدة نظراته وهو ينظر اليها :
_هل لديك فكرة عن مكاننا الان؟.

-نوعا ما ,كنت متوجهة الى "ايشا"
-تعنين انك انطلقت بالمركب فقط راجية التوفيق!

-حسنا ...نعم اعني انني توجهت ناحية الشرق موازاة الشاطئ.
فرك عينيه براحتيه ,كان ابحارها بالمركب من دون علمه عملا جنونيا ,لابل خطرا  وهي تعرف ذلك لكنها كانت يائسة للغاية.

-استرخي يالوك فنحن احياء امنون وقد اكلنا جيدا .
اذا لم يشا ان يمدحها لمهارتها في الطهي فستمدح نفسها بنفسها.
رفع راسه عابسا:
__لقد انتهزت فرصة هدوء البحر فانطلقت بسرعة بحيث افرغت اول خزان وقود ,والخزان الثاني هو خزان احتياطي فقط ,ولايدوم مثله,سنكون محظوظين اذا استنا ان نصل حتى "مونت كريستو".
اتسعت عيناها :
_انت تمزح ,لطالما تمنيت الذهاب الى هناك,لم ادرك انني قدت المركب هذه المسافة كلها .

وابتسمت مسرورة
فقال :
_سبق وقلت ان الحياة مجرد لعبة كبيرة بالنسبة اليك ...لكن تهورك كان يمكن ان يكلف حياة ركاب مركب اخر يرونا في الظلام.
-نزلت لاناديك حالما ادركت ان تحديد مكاننا قد يصبح صعبا ,لاتقلق ,ماكنت لادع شيئا يحصل لك في حالتك هذه .
-كان عليك ان تفكري قبل ان تخاطري بحياتنا .

هذه هي ! وتذكرت رحلتها المتهورة الى "مونزا"مع سيزار .
لكنها قاطعت لوك قائلة :
_لقد ابحرت لانك جعلتني اعتقد ان هذا المركب هو مركب قوي وقيم ,هذه هي كلماتك  بالضبط,لو كنت تعرف وضعه منذ البداية ,فهذا يعني انك لم تخطط للقيام بهذه الرحلة ,وهكذا فالذنب ذنبك لو علقنا هنا .

لم يعبا بانكاراتهامها له,وشعرت بالضيق وهو ينظر اليها وكانها طفلة سريعة الانفعال.
-لعلك ستضطرين للتجذيف كي نصل الى بر الامان ,في الواقع ربما ينتهي بك الامر للقفز من  على متن المركب لتجرينا الى الشاطئ هذا اذا حالفنا الحظ ووصلنا الى الجزيرة قبل ان يتصاعد الدخان من المركب.

تحديقه فيها ارسل في كيانها مشاعر تحبس الانفاس وسمعته يردف :
_اظن ان عليك ان ترتدي ثيابا عملية اكثر لمواجهة المعاناة التي تنتظرنا .

اول ماخطر في بال اوليفيا هو الدخول معه في نقاش لكن هذا مايريده هو لكي يجننها فتبتعد عنه نهائيا.
وقفت واخذت تجمع الاطباق وهي تساله :
_هل تشعر بالالم ؟هل احضر لك حبة دواء اخرى؟.

-انا بخير حاليا.
-هل ترغب في المزيد من الكابوتشينو؟
-ربما بعد....
-ربما هذا افضل اذ ساتمكن من تدليك ساقك في الوقت نفسه.
وتوارت وهي تضحك في سرها.
بعد ان نظفت المطبخ وارتدت ثوبا للسباحة اخضر اللون فتحت الدرج حيث وضعت ملابس لوك ثم اخرجت قميصا مقفلا وارتدته فوصل الى فخذيها بعدئذ ,خلعت حذاءها ولبست حذاء خفيف.
كانت "مونت كريستو "جزيرة صخرية غير مسكونة ,اذا اضطرت لان تقفز من المركب فستحتاج الى حذاء يحمي قدميها.

سمعت صوت المحرك وهي تصعد السلم ,كان اشبه بالفرقعة ,ثم فرقع مرة اخرى قبل ان يصمت نهائيا,وغصت بريقها فقد نفذ الوقود.
لم تعجبها فكرة التجذيف لكن مامن خيار اخر امامها ,سارت  الى احد المقاعد ورفعت اعلاه فسالها عابسا:
_ماذا تفعلين؟.
-كنت ارجو ان اجد قفازا ,اعتدت التجذيف مع ابي في النهر ,وانا اشعر مسبقا بالفقاقيع تتكون.
-لابد انك ولدت تحت نجم محظوظ لان الجزيرة تبعد حوالي اربعين ياردة من هنا .
والقى اليها بسترة نجاة مردفا:
_البسيها .ثم حلي الحبل من الناحية الامامية للمركب واقفزي في الماء ,لن يكون من الصعب ان تسحبي المركب خلفك ثم تثبتين فيه الحبل.

فكرت في انها تستحق اوامره هذه,كما انه يعلم انها سباحة ماهرة اذ راها وهي تلقي بنفسها من المركب "بكسيوني "وتسبح مسافة اطول بكثير من هذه المسافة لتصل الى ميناء "ليريسي".
وسالته :
_ماذا عن سمك القرش ؟.

هز راسه :
_لااتذكر انك قلقت لهذا من قبل ".
-اخبرتني انها تتواجد بكثرة بين "مارش "وا"ابروزو" عندما كنا على المركب "بكسيوني ".

_يسرني انك تذكرت حديثنا القصير ذاك ,احرصي على الانزلاق الى الماء بهدوء ,واذا رايت احداها فساخبرك بان تلقي الحبل من يدك ثم تسبحي بسرعة الى الشاطئ.

_هذا مطمئن جدا.
كانت ليلة دافئة  رغم النسيم ولو طلع القمر ,لما استطاعت ان تميز بين الماء والارض الاشبه بظهر سلحفاة.
_اعلميني عندما تصبحين جاهزة لاشعل لك نارا قوية تساعدك على الرؤية.
امسكت بطرف الحبل ثم سارت الى حافة المركب .
_انا جاهزة.
سمعت صوتا كالفحيح قبل ان يضيء اللهب ملامحه الوسيمة والمياه التي  تحيط بالمركب ,كان منظرا ساحرا.

سارت على جانب المركب ثم قفزت ,واذا بها تكتشف بسرور  ان الماء لم يكن باردا كما خشيت,وماان طفت على الماء ,حتى توجهت نحو الجزيرة ,وجدت صعوبة في البداية لكنها مالبثت ان احرزت تقدما .

وماان وطات قدماها اليابسة حتى شعرت بالسرور لانها لم تصادف اي سمكة مفترسة تبحث عن فريسة ,وسرعان ما وجدت صخرة كبيرة ربطت بها الحبل ثم نادت لوك طالبة منه ان يلقي بالحبل الاخر في الماء .
ومالبث ان سحبت المركب وربطته باحكام املة الا يفلت ويطفو على الماء بعيدا عن الشاطئ اثناء الليل.
عندما وصلت الى المركب انزل لوك السلم فتشبثت به ورفعت نفسها الى اعلى.

صرخت بصوت مرتجف وقد ارسل امساكه بها تيارا كهربائيا قويا في كيانها :
_ماكان لك ان تفعل هذا بسبب ساقك!.

عندما ابعد يديه عنها ببطء ,مررهما على وركيها قبل ان يتركها قائلا:
_مامن مشكلة ,وضعت ثقلي كله على ساقي السليمة.

_ومع ذلك ماكان لك ان تقوم بكل هذا الجهد فور خروجك من المستشفى ,عليك ان تخلد للنوم لتريح قدميك.
تبعته الى الاسفل ,فاشار الى الحمام :
_استحمي اولا.

كانت لهجته امرة بحيث لم تجادله.
عندما مرت بجانبه في الممر الضيق احتكك جسمها بجسمه الصلب فحبست انفاسها لدى شعورها بحرارته ولم تطلقها الا بعد ان وصلت الى المقصورة وبحثت في الدرج عن سروال قصير لتلبسهما اثناء النوم.
عند عودتها وجدت لوك قد افسح لها الطريق تاركا مسافة بينهما ,تاوهت في داخلها,متمنية لو انه مازال في طريقها لتشعر باحتكاك جسديهما مرة اخرى ,وان لفترة قصيرة.

وصلت الى الحمام استحمت وغسلت شعرها من ماء البحر.
اخذت منشفة من على الرف ولفتها حول شعرها المبلل ثم غسلت ثوب السباحة وقميص لوك قبل ان تنشرهما ليجفا.

بعدئذ ,نظفت اسنانها قبل ان تذهب الى المطبخ لكي تحضر للوك القهوة مرة اخرى,وعندما دخلت الى غرفة النوم وجدت لوك غير ملابسه واستلقى على المقعد المستطيل,قدمت له فنجان القهوة فتناوله من يدها وهو يسالها :
_الن تشربي انت؟.

_الافراط في شرب القهوة في هذا الليل يصيبني بالتوتر.
جلست القرفصاء فاصبحت اعينهما على المستوى نفسه,وكانت عيناه تلمعان كالفضة فسالته:
_كيف ابدا  بتدليك ساقك ؟لا اريد ان اسبب لك الالم .
وقبل ان يجيبها شرب قهوته ثم وضع الفنجان على الارض ,وقال :
_اظنني ساتناسى ذلك الليلة.

نظرت اليه بقلق :
_لماذا ؟هل لانك تتالم كثيرا؟.
_لانك تعبت كثيرا هذه الليلة .
حبست انفاسها :
_هل ماتعنيه هو انني عرضت حياتنا للخطر اليوم وانت تتمنى لو كنت بعيدة عن هنا الاف الاميال ؟.

وضع راسه على الوسادة لكن عينيه بقيتا عليها:
_ما اتمناه ليس مهما.
كان يخفي شعوره بالاحباط ...فالحت عليه قائلة :
_انت تتالم اليس كذلك؟.
_لا, انه مجرد انزعاج بسيط.

بدا وكانه يعني ذلك فعلا ,لكنها لن تتاكد من صحة كلامه ابدا .
تابع:
_سحب الاطباء سائلا من اماكن مختلفة من ركبتي ما خفف الضغط ,وليرحمني الله.
تفحصت اثار لعملية التي اجريت له منذ اشهر ثم عادت فرفعت عينيها الهيه:
_قال سيزار انك كدت تفقد ساقك ,اشكر الله على ان هذا لم يحدث.

وضع ذراعه خلف راسه:
_كنت محظوظا للغاية ,تمكن الاطباء من وصل الاعصاب المقطوعة واعادة الدورة الدموية ,والتدريب والتدليك قاما بالبقية.

_هل انت واثق من انك لاترغب في ان ادلك ساقك؟.
_ان غدا قريب بما يكفي .
هزت راسها :
_يالها من محنة قاسية عشتها .
_كانت اسوا بالنسبة الى نيك.
فارتجفت :
_اخبرني سيزار عن خطيبته ,لايمكن ان اتخيل خسارة شخص احبه,فكيف اذا كان ذلك بحادث مروع كهذا.؟
منتديات
لم يجب لوك ,لكنها شعرت به ينطوي على نفسه وهو
يقول :
_من الافضل الا نتحدث في هذا الموضوع.
_طبعا لا,اسف , هل ثمة مايمكنني ان افعله من اجلك قبل ان اخلد الى النوم؟
_اطفئي النور.

...............نهاية الفصل الرابع............

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top