الفصل السابع و العشرين

إنتصفت الشمس بكبد السماء وبالرغم من الأشعة الحارة التي ترسلها إلا أن الحركة بقصر روبنز الرئيسي كانت مستمرة ، توقفت سيارة رولند أمام البوابة لينزل منها بهدوء ، هو فقط ذهب لرؤية إيثان والإطمئنان عليه فقد كانت العملية ناجحة تماما !

وبعدها هو إتجه للشركة وعقد إجتماع شراكة مع أسرة جيفرسون ومن ثم  جلس قليلا مع ألفريد ووالده لمناقشة الأعمال وبالنهاية عاد للمنزل بما أنهم سيتجهون مساء اليوم للقصر ، سار بخطوات هادئة لجناحه الخاص ومن ثم جلس على مكتبه ووضع رأسه بين كفيه ، حاليا هنالك مئات الأفكار تدور بعقله ، هو نطق بصوت هادئ :" أندرو أيمكنك إعداد فنجان كبير من القهوة ؟ "

هو لم يتلقى أي إجابة ليرفع رأسه ويلتفت حوله ليجد أندرو يقف بزواية ما ويحدق بشرود أمامه ، قطب حاجبيه لينهض ويهزه قليلا بينما يتحدث :" هل أنت بهذا العالم ؟ "

نظر له أندرو بشرود ليبعده وهو ينطق :" أمرك سيدي "

ومن ثم سار للمطبخ التحضيري بصمت ، رولند حدق بإثره قليلا وهو ينطق بصوت خافت :" ماذا حدث له هو الآخر ؟ "

تنهد بملل وقد أعاد نظره لغرفته المرتبة إلا مكتبه بما انه منع أندرو من ترتيبه خشية ضياع الأوراق ، تنهد بملل مرة أخرى وبدأ بترتيبها فهذا أفضل من أن يجلس بلا عمل حتى موعد ذهابه للقصر !

*****

كان إيثان يتحدث بمرح وهدوء مع زواره والذين لم يتوقفوا عن القدوم منذ الصباح ، نفسيته جيدة جدا وهذا أراح ريو للغاية ، هنالك الكثير من الزوار من مختلف الطبقات والأعمار ، وحقا هو لم يتوقع أقل من هذا فهو ذو شعبية كبيرة وشخصية إجتماعية ذات تأثير كبير والكثيرين يتوقعون منه أن يكون رجل أعمال مذهل بالمستقبل عندما يتولى زمام ثروة ليبيرت بدلا من الوصي القانوني عليها حاليا !

ريو كان يحدق به بفخر شديد ، هو سعيد لإن سيده بخير ويبتسم ، بالنسبة له يكفيه حقا أن يكون إيثان بخير ليكون هو أيضا بخير فعالمه فقط يدور حول سيده !

*****

جينيفر إتجهت للخارج هي كانت تفكر بالذهاب وزيارة إيثان لكن فجأة هي لمحت سيارة سوداء أمامها وتلتقط لها بعض الصور !

آمالت رأسها بحيرة لتنطلق السيارة وتغادر ، هي رمشت عدة مرات قبل أن تقرر تجاهل الأمر حقا فالآن هي لديها الكثير لمعرفته قبل أن تبدأ بوضع خطة ما للإنتقام منهم جميعا ، فقط لو تعلم سبب قتل عمها لماكس أو سبب تأثره الشديد بما حدث ، هي تريد إكتشاف السر الثالث بفارغ الصبر  أيضا لتعلم إن كان السبب بحال عمها هو قتله لماكس أو السر الذي أخفاه والدها عنه ؟

تنفست بعمق وهي حقا ترغب بأن تحظى بمحادثة طبيعية مع رولند لتعلم منه كل شيء ، لكنها أكثر من يدرك أن هذا سيعد ضرب من الخيال !

*****
وبجناح رولند هو فقط نظر لأخيه الأصغر بهدوء محاولا كبت غضبه فهو يتفهم مشاعر آريان جيدا وإن كان هو ذو العشرين من العمر يشعر بتوتر شديد من مقابلتها كيف يمكن لطفل بالعاشرة أن يكون بحال أفضل ؟

نطق رولند بهدوء :" آريان إن رأيت أن هنالك أي سوء سيحدث سنغادر فورا ! "

هو نطق ودموعه تنساب من عينيه لوجنتيه :" لكنها والدتك المحبوبة رولند ! أنت لن تختارني أبدا إن هي أمرتك بتركي "

أغمض عيناه بينما يتحدث بصوت هادئ وعميق :" آريان روبنز أقسم لك بحياة والدي يوجين أغلى شخص لدي بأنني لن أسمح لها بإيذائك بل سأضع نفسي أمامك ، أهذا جيد ؟ "

توسعت عينا آريان بدهشة فرولند حقا لم يقبل يوما أن يقسم بحياة والده أبدا ، هو فقط شيء مقدس للغاية لديه ، وهنا ابتسم الصغير بإطمئنان فأخاه حقا لن يخون قسمه بما أنه أقسم بحياة يوجين .

أعاد رولند رأسه للخلف وهو ينطق :" أندرو أين أنت بحق الإله لقد مضت ساعة تقريبا منذ طلبت منك القهوة ؟ "

تنهد بعد جملته بقوة ، لكنه نهض بسرعة عندما سمع صوت تحطم صادر من ذلك المطبخ ، وصل لهناك ليجد أندرو يقف بين الحطام فقط ، هو لمح حرق صغير بيده لكنه لم يعثر على أي شيء يسبب الحرق !

والأغرب أنه لا توجد قهوة معدة بل طعام خفيف كالشطائر و السلطات وكوب من عصير الفواكه !

وهنا شعر رولند بالقلق لينطق بهدوء :" آريان غادر حالا من فضلك "

أومئ له الصغير بالموافقة وعيناه تنظران لأندرو الذي إنحنى أرضا وهو يلتقط الزجاج بيده بينما ينطق بهمس :" أنا آسف ، آسف حقا لم أقصد "

ما إن غادر حتى تقدم رولند لينطق أندرو بهدوء :" آسف لم أقصد "

وضع رولند يداه على كتفيه وساعده على الوقوف بعد أن أخذ الزجاج من يديه ومن ثم أخرجه ليجلسه على إحدى الأرائك ويعطيه كأس من الماء لشربه !

أندرو فقط إحتضن الكأس بيداه وخصلات شعره السوداء تحجب عيناه الفضيتين وملامح وجهه عن رولند ، نطق الأخير بصوت هادئ :" هل أنت بخير ؟ أتشعر بالتعب ؟ "

أشاح أندرو بوجهه وهو يحاول النهوض إلا أن يدا رولند أحاطته لمنعه ، لذا هو نطق بعصبية :" أنت تريد مني تركك وشأنك صحيح ؟ إذا عليك إقامة إحتفال لإنني سأفعل ذلك وأغادر الليلة ولن تعلم عني أي شيء "

توسعت عينا رولند بصدمة قبل أن يتحرك أندرو ليغادر لكن ومرة أخرى وضع رولند يده أمامه وهذه المرة هو وضع المصابة لينطق بهدوء :" لا مانع لدي من رحيلك لكن ليس بطريقتك أندرو ! إن كنت سترحل فأنا سأعلم إلى أين فلا تنسى أن كاميليا لن تسعد بإختفائك فقط "

ابتسم ببرود وهو ينطق :" ليس وكأنها إهتمت فهي ومنذ ثلاث سنوات أكملت التمثيلية معك بأنها ميتة وكأنه لا يوجد شقيق مغفل لها كاد أن يموت من الحزن ! "

أومئ رولند سلبا وهو ينطق :" غير صحيح بل أنا من منعها من أي محاولة للإقتراب منك حتى لا يكتشف أمرها "

هو أجاب بنفاذ صبر :" إذا يمكنك العناية بها والآن إبتعد من فضلك علي تنظيف المكان والرحيل "

وهنا صرخ رولند بقلق :" وهل تظن أنني مغفل ؟ طريقة حديثك هذه تشير إلى أنك تحاول إخفاء مصيبة ما وأنت دائما ما تقوم بتحضير السلطة وعصير الفواكه عندما تشعر بالتوتر صحيح ؟ " وبشبه سخرية أردف :" أعني أنت تحب تحضيرها لإنك تفرغ غضبك على الخضار والفواكه المسكينة بقطعها بكل وحشية "

رولند عض على شفتيه قبل أن يردف بقلق شديد :" أرجوك ما بك يا أخي ؟ "

نظر له أندرو بدهشة فهو الآن وأخيراً شاهد شبح صديقه القديم ، لكنه عاجز عن النطق وعن إخباره بالحقيقة ، نطق بابتسامة هادئة :" سنرى أولا ما سيحدث بزيارة القصر ثم نتحدث موافق ؟ "

رولند لم تختفي نظرته القلقة من عيناه لكنه نطق بهدوء :" هل تعدني بأنك لن تذهب لمكان ما حتى ذلك الوقت ؟ "

أومئ أندرو له إيجابا بينما ينطق بهدوء :" أعدك ، فأنا سأرافقك أساسا للقصر  "

*****

وبالمساء غادر أندرو أولا لتجهيز السيارة بينما عاد القلق لآريان الذي كان يسير بجانب أخاه بصمت ، قابلهم ديريك عند مدخل المنزل ليتحدث بابتسامة ساخرة :" رولند عزيزي حقا لقد بدأت تتصرف كأخ أكبر مسؤول ! "

ابتسم رولند له أيضا بذات الابتسامة وهو يتحدث بخفة :" ماذا علي أن أفعل بعض الجينات تتفوق على رغبتنا الشخصية ! "

ضحك بإستمتاع وهو يتجاوزه بينما ينطق :" لابد أن يوجين فخور بك للغاية ، والآن آريان إستمتع جيدا اليوم بالنزهة فالنتائج غدا وإن تفوق ابن أسرة رالف عليك سأرسلك للجحيم "

تنهد رولند بإنزعاج وكأن تبادل القليل من السخرية الآن يفيد أعصابه التالفة ، فجأة تحدث ديريك وهو يطل برأسه من الباب :" هل سيذهب أندرو معكم ؟"

رمش رولند عدة مرات وهو ينظر له بريبة قبل أن ينطق بحذر :" أجل ، أهنالك مشكلة ؟ "

هو ابتسم بشر بينما ينطق :" تحسنت علاقتك به أيضا ؟ لا يهم فقط أخبره أننا لانزال على إتفاقنا ! "

وهنا شعر رولند بالخطر حقا ، بينما عاد ديريك للداخل ، غرق رولند بأفكاره المظلمة حتى إستيقظ على صوت أندرو الذي كان قد أوقف السيارة أمامه منذ مدة :" رولند هل أنت بخير ؟ "

نظر رولند له بنظرات مظلمة للغاية ليبعده قليلا عنه ويسير بإتجاه السيارة فقط بصمت قاتل ، صعد أندرو  بجواره بمقعد السائق ، وأنطلق فقط بهدوء وهو يرمق صديقه بين الفنية والأخرى بقلق ، هذه قطعا ليست بأجواء ملائمة للذهاب للقصر أبدا الآن ! 

آريان من جهة أخرى كان يحدق من النافذة بشرود شديد وهو فقط يفكر بأي الإحتمالين سيحدث ؟
هل ترغب والدته به الآن أم تريد قتله ؟

****

وعلى عكس الأجواء المتوترة لدى رولند ومن معه كانت إينوري سعيدة للغاية ، هي تدرك تماما أن سعادتها هذه قد تتحطم إن رفضها طفليها ولكن هي ليست من الأشخاص الذين يستسلمون بسهولة أبدا ، ستبقى خلفهما حتى تحصل على العفو منهما ومن ثم ستحضر إبنتها وابن أختها الصغرى لتعتذر أيضا على عدم كفائتها بالعناية بهم .

وبقاعة الإستقبال وقف كريستيان وهو يحدق للخارج بشرود شديد ، أخته الآن بأوج سعادتها ورفض إبنيها لها سيؤدي لتحطيم تلك السعادة بالكامل ، وهو أكثر من مدرك أن رولند وآريان معهما كامل الحق بكرهها ورفضها تماما .

إستيقظ من أفكاره عندما فتح أحد الحرس البوابة ليدخل منه كل رولند وآريان ومعهما خادم ما ، هو قلق من معرفة هذا الخادم أن إينوري قد تحسنت ولكنه وبالوقت ذاته فكر بأن رولند لن يحضر معه من لن يثق به أبدا !

رسم كريس ابتسامة حنونة على وجهه وهو يتقدم منهم ، رولند لم يخرج من حالة الصمت ولم يبتسم حتى ، عانق خاله بخفة ثم أبتعد عنه بينما آريان كان فقط ملتصق برولند من الخلف .

نظر كريستيان لرولند بقلق ومن ثم أشاح بوجهه للصغير ليبتسم بلطف أكبر وهو ينخفض لمستواه بينما ينطق :" لا داعي للقلق يا صغيري ، أهلا بك هنا "

أبتسم له آريان بخفة وهو يحتضنه بهدوء قبل أن يبتعد كريس وينظر لرولند بينما يتحدث بحنان  :" ما الأمر يا بني ؟ هل أنت بخير ؟ "

أومئ رولند له إيجابا بينما ينطق بشبه سخرية :" إذا لماذا نحن هنا ؟ هل إشتقتم لنا أم ماذا ؟ "

إنزعج كريستيان من سخريته لكنه فقط ذكر نفسه بأنه لا يبدوا طبيعيا ، وربما خائف أيضا .

أندرو نظر لرفيقه بقلق فهو كان أفضل حالا قبل مغادرتهم فماذا حدث له الآن ؟

تنهد رولند بملل عندما لم يجد إجابة على سؤاله لكن فجأة شد آريان بقبضته عليه من الخلف وسمع صوتها بينما تنطق بحنان وألم ربما :" أجل فعلت ، إشتقت لكما بالرغم من أنني ربما أكون قد فقدت الحق بذلك بالفعل ! "

صمتت قليلا وهي تنظر لإبنيها بحنان وإشتياق قبل أن تردف ودموعها بدأت بالإنهمار :" لن يكفي الإعتذار صحيح ؟ أنا آسفة رولند ، آسفة آريان حقا أنا كذلك ، مستعدة لأدفع عمري او ما تبقى منه فقط لأحظى بعفوكما "

أغمض رولند عيناه وقبض على يده بقوة ، دقات قلبه تزايدت بشدة ، هو ولو لثانية واحدة لم يضع بباله إحتمال أن يرى والدته الحنونة مرة أخرى أبدا وكأنه كان فاقد للأمل من عودتها والآن هي فقط هنا أمامه ، بخير تماما .

آريان كان يبكي بالفعل بسبب بكائها ولإنها الآن تعتذر منه ، بالرغم من هذا هو دفن وجهه بظهر أخاه مخفيا بذلك شهقات بكائه .

تحدث كريستيان بهدوء :" لقد أنهى الطبيب النفسي علاجها وهي فقط صممت على إستدعائكم للإعتذار "

نطقت إينوري بألم :" آريان صغيري والدتك حقا آسفة ، لم أكن فقط واعية لما أفعله بذلك الوقت ، إن أردت يمكنك قتلي الآن لإنني حاولت قتلك لكن فقط أرجوك سامحني ! "

خرج آريان من مخبأه أخيرا ليتقدم بخطوات سريعة لوالدته ويتشبث بها بينما ينطق ببكاء :" هل أنتي حقا الآن ترغبين بي ؟ "

هي إنخفضت لمستواه وضمته بكل قوة ممكنة بينما تبكي بشدة وآريان بادلها العناق بعد فترة قصيرة من التردد ليبكي هو الآخر بصوت مسموع .

رولند فقط حدق بهم بذات الصمت ، أندرو إقترب منه ليهمس :" رولند هل أنت بخير يا صديقي ؟ "

نظر رولند له لينطق بصوت مسموع :" آريان أنا سأعود بعد ساعة أو إثنتين لإصطحابك ، خالي كريس يمكنك العناية به صحيح ؟ "

إبتعد آريان قليلا عن والدته والتي نهضت وهي تنظر لرولند بحزن شديد إلا أن الأخير لم يلتفت لها حتى بل سار مغادرا المكان لتنهار هي باكية ، هو بصمته هذا حطمها للغاية ، تمنت لو أنه صرخ فقط بوجهها أو عاتبها حتى !

****

كان يقود بإتجاه قصر روبنز بسرعة جنونية وأندرو فقط ينظر له بقلق ، هو بالكاد تمكن من اللحاق به وركوب السيارة بجواره قبل أن تنطلق ، نطق بهدوء قلق :" هل أنت حزين ؟ ما بك بحق الإله رولند ؟ هي تحسنت وأصبحت بخير ألا يفترض أن تكون سعيدا ؟"

شهق أندرو عندما كاد أن يصطدم بقوة بزجاج الأمامي بعد أن توقف رولند مرة واحدة وبلا أي سابق إنذار !

وجه أندرو نظره له بسخط لكنه دهش عندما وجد أنهم وصلوا للمنزل ورولند بالفعل لم يعد بالسيارة ، هو نزل منها ليركض خلف صديقه وبطريقه سمع صوت ديريك وهو ينطق :" أين آريان ؟ "

وصوت رولند وهو ينطق بسخط شديد :" لا تتدخل بما لا يعنيك "

هو وصل لجناحه الخاص ولكنه توجه فقط للملحق الذي كان ملك لوالده عندما كان يعيش هنا ، فجناح رولند هو جناح عمه جين ذاته .

دخل رولند وهو يغلق الباب بهدوء ويجلس على الأرض بجواره بينما يتنفس بعمق ، نظر بأنحاء الغرفة والتي لم يتغير بها أي شيء منذ خمسة عشرة عاما ، رولند لم يكن ليسمح بتغيير أي شيء بها وحتى أنه هو من يقوم بتنظيفها ومسح الغرفة من الغبار بإستمرار .

نهض وهو يخرج بعض من ثياب والده القديمة ليضمها بقوة قبل أن يبدأ بالبكاء بصمت ، هو ليس بحاجة لأي إعتذار من والدته وهو يتفهم موقفها جيدا ، ويتمنى حقا لو أنه فقط رمى بجسده بين يديها ، لكن جسده فقط رفض ذلك ، وجهه رفض إظهار أي مشاعر !

هو نطق بصعوبة :" لست قادرا على نسيان ذلك يا أبي ، لا يمكنني تجاهل أنها ولثماني سنوات تقريبا عاملتني وكأنني كيس قمامة أو أسوء ! "

شد على الثياب بين يديه وهو يبكي :" لم أكن سوى طفل بالتاسعة والنصف تقريبا ، كيف يمكنني فهم ما كان يحدث بهذا المنزل وأنا كنت قبل ذلك اليوم اللعين أعيش مع عمي وبالميتم ! "

~ ذكريات ~  

بعد رحيل جين بثلاثة أشهر تقريبا كان كل من جيني و إيثان قد تم تبنيهم بعد أن كان رولند يقنع الأسر بهم حتى لا يعثر عليهم أحد ، لكن وقبل أن يتمكن من إيجاد أسرة لنفسه عثر ديريك عليه وأعاده للمنزل .

جين لم يخبره بأي حرف عن ديريك من قبل لذا هو لم يكن يعرف أي شيء بخصوص زوج والدته ولكن هذا لم يمنع رولند من كرهه ، فهو لم ينسى نظرات ديريك الساخرة والتي كان ينظر بها لوالده قبل رحيله !

عند وصول رولند للقصر هو إرتمى أخيرا بأحضان والدته والتي كانت سعيدة برؤية صغيرها مرة ثانية ، لكن هذه السعادة لم تدم طويلا حقا فقد نطق ديريك بخبث :" والآن إينوري طفلك هنا بجانبك وأنا من أعاده لك بعد أن ألقى بهم ذلك القاتل اللعين بميتم ليفر من الموت لذا أستحق حقا أن أصبح زوجا حقيقيا لك صحيح ؟ "

هي نظرت له بعدائية شديدة وتهكم قبل أن يقترب بعض الحرس ليأخذو رولند منها ، نظر الصغير بخوف لوالدته وللحرس قبل أن ينطق ديريك بذات نبرته السابقة :" إذا لا بأس أن يضرب طفلك عزيزتي ؟"

هي عضت على شفتيها بقوة قبل أن تغمض عيناها بسبب صوت صراخ رولند المتألم بعد أن ركله أحد الحرس ، فتح رولند عيناه الدامعتين بألم وهو حقا لا يفهم ما يحدث بهذا المكان ، أحضر أحد الحرس سكين مشتعلة ليشحب وجه الطفل وهو يحاول الهرب بينما صرخ برعب :" أمي ، أرجوكي لا تسمحي له بإيذائي "

وإينوري لم تتمكن من تجاهل ذلك لتنطق بصوت ضعيف :" حسنا فهمت ، فقط إتركه وشأنه ! "

مضى بعد ذلك اليوم شهر كامل بدأت إينوري خلاله بتجاهل رولند قليلا ، ولكن مع نهايته هي دخلت لجناح طفلها الذي كان يدرس فقط بهدوء لتبدأ بضربه وهي تردد كلمة " أكرهك " بين كل ضربة وأخرى .

رولند كان يحتضن جسده ويبكي بصمت بينما يتمنى لو أنه فقط يموت على أن لا يستمع لهذه الكلمة منها .

إبتعدت عنه وهي تنطق بسخط :" رولند روبنز أقسم أنني أكرهك ، لن أعترف بك أو بهذا اللعين كأبناء لي أبدا ! إن لم تقم أنت بحماية جيني وإيثان فمن الأفضل لك الموت أتفهم ؟! "

إرتجف جسد الصغير بقوة ودموعه تسيل على وجنتيه أكثر ، ومنذ ذلك اليوم إنشغلت إينوري فقط بمحاولاتها لقتل نفسها والطفل الذي بدأ يكبر بأحشائها .

~ نهاية الذكريات ~

فتح رولند عيناه وهو يبتسم بوسط دموعه :" أكره الضعفاء من يستسلم ويحاول قتل نفسه بسببها ، عشت برعب طيلة فترة حملها بآريان ، ماذا لو أنها نجحت وقتلت نفسها ؟ سأكون أنا السبب بما حدث ! "
ضم جسده وهو يتحدث :" بل أنا السبب بكل ما حدث لها ولآريان خلال هذه العشر سنوات ، لو لم يمسك بي من قبل ديريك ، او لو لم أستنجد بها بذلك الوقت لما حدث ذلك ، كان علي تحمل الألم بصمت فقط ! "

هو نهض ليعيد ثياب والده التي تبللت بدموعه الحارقة ، لينطق بصوت محطم بالكامل :"  أبي أتذكر ماذا أخبرتني بآخر يوم لك هنا ؟ "

تتفس بعمق شديد وهو يردف بألم :"  طفلي رولند هل تعلم أن والدك آسف ؟ على كل شيء فعله بحياته ، هو كان عليه البقاء وحيدا تماما ، ما كان عليه الإقتراب من شقيقه بل كان عليه أن يعمل بقصر الحاكم حتى نهاية حياته البائسة ! كان يجدر به أن لا يقع بالحب مطلقا ، لم يكن يجدر به أن يحظى بأبناء حتى لا يتسبب لهم بالألم ، آسف يا صغيري لكن والدك فقط ليس بخير ، هو كسر تماما يا رولند وليس لديه سواك ليخبرك بذلك "

دموعه كانت أكثر غزارة وهو يضرب الحائط بقبضتيه بقوة شديدة :" لماذا أخبرتني بذلك أبي ؟ الوحدة ليست جميلة أبدا ! هي مؤلمة بل تنزع روحك ببطئ شديد ، لكن أنا أعلم أنك لم تقصد نفسك بذلك ، أنت كنت حزينا لأجلنا نحن أنا وعمي وأمي وجيني ، ظننت أنك لو لم تقترب من عمي لكان أمضى حياته بطريقة طبيعية بما أنك تدرك أنه سيبحث السر الثالث ، أمي لم تكن لتحبك وبهذا هي لن تهتم بزواجها من ديريك ، وانا و جيني ما كنا لنولد ولم نكن لنعاني هكذا "

أكمل ببكاء :" أنا أيضا شعرت لو أنني لم أوجد بحياة أمي لما عانت هي وربما لم يكن آريان ليولد حتى ليعاني ولما تفرق أندرو عن شقيقته الصغرى ، آسف حقا بالرغم من أنني أعمل على  تصحيح هذه الأخطاء ولذا سأحتمل الوحدة وكل شيء حتى تتمكن أنت وأمي والبقية من العيش بسلام ، فقط سامحني أرجوك "

هو ألقى بجسده على فراش والده متجاهلا تماما أندرو الذي كان يجلس على السرير وخصلات شعره تغطي ملامحه وحقيقة صمته لم يكن بالشيء الإيجابي مطلقا .

~ نهاية الفصل ~

ربما أوضح هذا الفصل القليل مما جعل شخصية رولند على ما هي عليه الآن ..

توقعكم لصمت أندرو بنهاية الفصل ؟

رولند ومشاعره المبعثرة إتجاه والدته ؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top