الفصل الخامس والعشرين

بذلك المقهى الذي توجه له أندرو حيث كان يجلس على أحد المقاعد بغرفة العاملين وأثار الصدمة مازالت ظاهرة على وجهه بينما تلك الفتاة ذات التاسعة عشرة من العمر تقف أمامه وعيناها الخضراوتين تذرفان الدموع بينما تضع إحدى يداها على فمها و الأخرى تبعد بها بعض من خصال شعرها الأسود الطويل عن وجهها وقد تحدثت بصوت حزين :" لكنه لم يخبرني عن ذلك أبداً , أندرو كيف تمكنت من فعل ذلك .. أعني أن تحاول قتله وتتخلى عنه ! "

شد على قبضة يده وهو يقف ليتحدث محاولا الدفاع عن نفسه :" أنتي لم تشهدي على ما حدث في ذلك الوقت فهو من فعل هذا , أعني هو من ابتعد , كما أنني لم أحاول قتله بل هددته فقط بذلك ! "

أخفضت رأسها بحزن شديد وقد أجابته بينما كانت تسير للخارج :" لكنك صديق طفولته وكان يجدر بك أن تثق بأن رولند ليس من الأشخاص السيئين , ولن يفكر بإيذائي فهو من أنقذني وأخذني للمشفى إلا أنه تمكن من تزييف هويتي وإحضار وثائق مزيفة عن موتي حتى لا يبحثوا عني "

غادرت تلك الفتاة الغرفة لتترك أندرو الجالس بصدمة وألم شديد وهو يهمس لنفسه :" لما فعلت هذا رولند ؟ أعني أنا منذ البداية أدرك أنك لم تكن لتسبب لها القتل لكن لما أخفيت حقيقة إنقاذك لها ؟ لماذا فعلت المستحيل لإبعادي عنك رولند ؟ لماذا يا صديقي ؟ "

نهض وقد رسم الحدة على وجهه , الآن لن يكون الأمر سهلا أبدا ولكنه لن يستسلم فقط .

****

  مضت الفترة التالية بهدوء نسبي بحيث كان كل من جينيفر و إيثان وريو وإيمليا و ريكس و آريان وحتى لورانس مشغلون بتقديم إمتحناتهم .. بينما رولند يحاول الاعتذار عن تلك الزيارة للقصر أو على الأقل استثناء آريان منها .. أما أندرو فقد عاد إلى رولند وقد استمر بالاعتذار له في كل وقت يتقابلان أو بكل خدمة يقدمها له بينما الأخير يتجاهله أو يجيب برسمية شديدة فقط !

****

وأخيراُ وبعد مضي أسبوعان تقريباً كان طلاب المدرسة يقفون بالساحة أو بالصفوف بينما يلتقط بعضهم القليل من الصور التذكارية وآخرين يودعون بعضهم البعض , وهناك وقفت كل من جينيفر وإيثان برفقة ريو وريكس وإيمليا !

نطق إيثان بكل حقد وإنزعاج :" لماذا حقا هذان الإثنان يقفان هنا ؟"

عبست جينيفر بينما نطق ريكس بهدوء :" ليس وكأننا نرغب برؤية وجهك الكريه ماكس لكن علي أن ألقي التحية على جوليا ومن ثم من يعلم ربما تخفق العملية ونرتاح من وجهك للأبد ! "

أمسك ريو به من ياقة قميصه بينما ينطق بكل حقد :" أغلق فمك أيها الوغد وإلا سأرسلك للجحيم الآن ! "

وقفت جيني بالمنتصف بينما تتحدث بملل :" توقفوا جميعاً عن ذلك , وأنت ريكس لا تتحدث هكذا مع ماكس "

رفع ريكس يداه بإستسلام لينطق بابتسامة :" حسناً أعتذر , أتمنى أن تشفى وتعود بسرعة فقط لأن جوليا ترغب بهذا "

هو أنهى جملته ليتحرك للأمام بعد وقوف السيارة التي تحمل شعار أسرته لكنه أيضاً قبل أن يبتعد نطق بصوت مسموع :" صحيح أراكي لاحقاً إيمليا إعتني بنفسك أيضاً "

تنهدت إيمليا بإنزعاج شديد بينما تنطق بخفة :" مغفل دائماً ما ينسى وجودي ! "

نظرت جينيفر لها قليلاً قبل أن تبتسم إيمليا بهدوء لاسيما عندما رأت تلك السيارة التي توقفت فهي سيارة شقيقها الأكبر الخاصة ! ابتسمت بسعادة شديدة قبل أن تلوح للبقية وتغادر بسعادة كبيرة , وما إن صعدت بجانب السائق حتى تحدثت بمرح :" لم أكن أتخيل أن فارسي سيأتي لأخذي شخصياً من المدرسة لورانس ! "

نظر لها لورانس ليبتسم بسعادة بينما ينطق :" أنا أشعر بالملل إيم ! علي العودة وإنجاز العمل الذي تراكم علي بسبب فترة الإمتحانات وإلا فإن أبي لن يتوانى بتحطيم رأسي ! "

هي عبست بشدة وتمنت لو يختفي والدها الأبله من هذا العالم لتتمكن هي وشقيقها ووالدتهما من العيش بسلام فقط , بعيداً عن كل شيء ! 

نطقت بسخط :" لماذا لا نهرب نحن الثلاثة لمكان ما بعيد من هنا ! "

ضحك بخفة بينما يقود سيارته بهدوء :" تعلمين أن عمي ديريك سيعثر علينا خلال أقل من يوم وحينها من يعلم ما قد يحدث لنا "

تنهدت لتحدق من النافذة لتنطق :" أتمنى أن يموت هو الآخر إذاً "

هو رمش عدة مرات ونظر لها لعدة ثوان فقط قبل أن ينطق بصوت هادئ :" إيم هل تكرهين أبي ؟ هل تتمنين موته حقاً ؟"

هي أومأت إيجاباً بلا أي ذرة تردد واحدة بينما تقسم بداخلها أنها بيوم وفاته ستقيم إحتفال مذهل لتخلص العالم منه .

لكن لورانس فقط شعر بإستياء شديد من موقفها , هو وبالرغم من أنه أكثر من يتعرض للضرب والإهانة من والده لا يتمنى له الموت بل يرغب فقط أن يتغير ولو قليلاً أو أن يشعرهم بأنه حقاً يحبهم بالرغم من أفعاله معهم , لورانس فقط واثق أن والده لا يحب أي شخص كحبه وإحترامه لشقيقه ديريك , هو مستعد لقتل أبنائه وزوجته دون أي تردد لأجله ودون أن يسأله حتى وكأنه واثق بأن ديريك سيختار الأفضل له دائماً .

****

وبالمدرسة كان يحدق بالسماء بشرود شديد , هو خائف من هذه العملية اللعينة , ليس الموت ما يرعبه ولكنها إن أخفقت سيصبح أكثر عصبية لإنه سيصبح أكثر عجزاً عن السابق , يتمنى أنه إن كتب لهذه العملية الفشل أن تكون نهايته , شعر بجينيفر تقف أمامه بلطف بينما تنطق :" إيثان يبدوا أن ثلاثتنا سيقضي عطلته بالمشفى هذه الفترة ! "

هو عبس بقوة لينطق بحده :" لست بحاجة لهذا ! "

أجابته بنبرة حاده :" ألا ترى معي أنك وقح ؟ أتعاني من خلل نفسي ؟ بكل حال لا تظن أنني أفعل هذا لأجلك بل لإنني أريد إضاعة الوقت ومن ثم سيكون عليك إخباري عن كل ما تعرفه عن شقيقي الأحمق قبل أن أقوم بقتله ! "

هو رفع أحد حاجبيه بإستنكار بينما أمسك ريو بيده ليتحدث بابتسامة لطيفة :" أما أنا لن أتركك ولو لثانية واحدة ! "

ابتسم قليلاً وهو يشعر بأن القليل من خوفه قد بدأ بالإختفاء , توقف عن السير ليخرج هاتفه النقال , هو نظر له قليلاً ثم تنفس لإستجماع كل طاقته قبل أن يبحث عن إسم شخص ما بقائمة الإتصال ومن ثم حاول الإتصال به بينما بقي ريو يحدق به بقلق شديد , كز على أسنانه بغضب عندما لم يجب الطرف الآخر ليسير بصمت لا ينذر بخير وقد ركب بسيارة أسرة ليبيرت لتتبعه جيني و ريو بصمت , هو همس بصوت خافت :" أنا لن أذهب للمشفى ولن أقوم بهذه العملية أبداً "

شحب وجه ريو تماماً بينما شهقت جنيفير بفزع لتنطق :" هل فقدت عقلك ؟"

هو أشاح بوجهه عنها لينطق ريو بقلق شديد :" لكن سيدي أرجوك , أعلم أنك إستجمعت كل قوتك للإتصال به لكن ربما هو مشغول أو حتى قد يكون نائماً , ثم لا يمكنك إيقاف عملية ما لأجل إنسان صحيح ؟"

أعاد رأسه للخلف وكأنه لم يستمع ولو لحرف واحد وهذا جعل من رفيقه يشعر بالسوء أكثر , جينفير كان لديها الكثير بجعبتها ولكنها فضلت الوصول للمنزل أولا ثم تحطيم رأسه التي لا تعلم من أين أحضره , هي ابتسمت عندما تذكرت أن عمها إمتلك أيضاً شخصية متقلبة المزاج وعنيدة للغاية ! 

****

جلس على سريره بينما يتنهد للمرة الألف ربما لهذا اليوم , هو أنهى إستحمامه للتو لكنه لم يقم حتى بتجفيف شعره البُني , نظر حوله بشرود فهو لم يتمكن من التهرب من زيارة القصر , منذ متى لم يرى والدته ؟ وهو حرفياً خائف من مقابلتها مجدداً , ولاسيما أن آريان معه أيضاً , يتمنى أن يحدث أي أمر ليتمكن من الإعتذار لوصيفتها من الذهاب .

رفع رأسه عندما شعر بالمنشفة توضع على رأسه بينما تحدث أندرو بهدوء :" ستصاب بالحمى هكذا ! "

أبعد رولند يد خادمه وبدأ بتجفيف شعره بمفرده بينما نطق بحده :" لماذا لاتزال هنا ؟ قم بتقديم إستقالتك فوراً ! "

أومئ أندرو سلبا بصمت لينظر له رولند بعينان غاضبتين :" أنت ألا تفهم ما معنى أنني لا أرغب برؤية وجهك هنا ؟ إن لم ترد الإستقالة فلا أهتم لكن إذهب وأزعج غيري , يمكنك حتى أن تصبح الخادم الشخصي لآريان , دعني وشأني "

نظرات أندرو كانت ثابتة تماما على وجه صديق طفولته بثقة , هو لن يتخلى عنه ويلقيه لظلام الوحدة كما يتمنى , نطق بهدوء :" لقد إتصل السيد ماكس بينما كنت تستحم "

أبعد رولند ملامحه الغاضبة وتحدث بإهتمام :" وماذا أراد ؟"

نطق أندرو بكل هدوء وشيء من القلق :" أكان علي الإجابة عليه ؟"

نظر رولند له بيأس لينهض ويبحث عن هاتفه الملقي بكل عشوائية على المكتب بين كومة الأوراق حتى وجده , هو أعاد الإتصال مرة وإثنتان وثلاثة لكن بلا رد وهو هنا أيقن أن إيثان ليس بخير وأنه يتصرف ببلاهة كما هي العادة , تنفس بعمق لينظر لأندرو بينما ينطق :" سأتوجه لقصر ليبيرت الآن وأنت إذهب وأحضر آريان من المدرسة وإعتني به جيداً "

كاد أندرو أن يتحرك لتنفيذ أمر رولند لولا أنه إنتبه إلى ذراع الأخير والتي كانت الضمادات التي تلفها غير مثبتة جيداً , هو نطق بعفوية :" هل تؤلمك ؟"

نظر له رولند بشيء من الحيرة قبل أن يرفع يده لمستوى نظره , لقد مرت ثلاث أسابيع وهو أزال الجبيرة منذ الأسبوع الثاني على مسؤوليته الخاصة ووعد الأطباء بأن يضمدها جيدا ويرفعها لعنقه لكنه حرفيا يتجاهل كل هذه الأمور مما يجعل الألم يتفاقم لا يختفي , لكنه ليس بالشيء الذي لا يمكنه تحمله !

تنهد أندرو بتعب فصمته أوصل الإجابة إليه ليسير ويقوم بتعديل الضمادات بحذر شديد ومن ثم رفع يده لعنقه لينطق رولند بإستياء :" وكيف سأقود الآن ؟"

توسعت عينا أندرو ليتحدث بإنفعال :" ألم يأمرك الطبيب بالتوقف عن القيادة حتى تشفى ذراعك هل جننت ؟"

إعتلى البرود ملامح وجهه وهو يبعد أندور عنه بينما ينطق :" لا شأن لك بي أيها الخادم ! "

ومن ثم سار لمغادرة الغرفة بينما حدق أندرو بمكان وقوفه وهو يقبض على يده بقوة , ثوان فقط حتى إتصل بسائق ما وأخبره أن يلتصق برولند مهما حدث ! .

****

جلس على فراشه بصمت شديد بينما صديقه الخادم كان يتحدث بتوسل تقريبا :" لماذا لم تجب على إتصاله ؟ هو إتصل ثلاث مرات بالفعل ! "

أشاح إيثان ببصره عنه وهو يغمض عيناه بقوة ، رولند لم يخذله بحياته كلها ، وحتى بالرغم من أنه تغير مع الجميع بالسنوات الثلاث السابقة إلا أنه لم يتغير معه بالذات ولم يتعامل معه ببرود ، وبالرغم من أن إيثان يغضب وبشدة أن يرى شفقة من الآخرين أو أن يعامل بطريقة خاصة لأجل مرضه إلا أنه تقبل هذه المعاملة الخاصة من رولند برحابة صدر ، فهو ومهما حدث بحاجة لشخص كبير ومسؤول بحياته لاسيما بعد وفاة والداه بالتبني !

إستيقظ من أفكاره على صوت صراخ جينيفر :" أنت توقف عن التصرف كالأطفال أهذا مفهوم ؟ نحن نشعر بالقلق الشديد عليك بينما أنت تغضب لأجل شخص أحمق لم يجب على الهاتف ؟ "

صرخ هو بالمقابل :" وأنتي توقفي عن التدخل بما لا شأن لك به ! ماذا تعلمين عني ؟ منذ أيام قصيرة فقط أخبرتني أنكي تتحدثين معي فقط بدافع الشفقة ! لا تأتي الآن للعب ابنة العم الطيبة "

هي ابتسمت بتهكم شديد :" ابنة العم الطيبة ؟ هل أنت مغفل أم ماذا ؟ لست طيبة حقاً وإلا لكنت أبكي الآن وأتوسل لك كما تفعل الفتيات بالعادة لكنني هنا لتحطيم رأسك هذا! "

هو هم بالصراخ لولا صوت التصفيق الهادئ الذي صدح بالغرفة فجأة ليتحدث صاحبه بإنزعاج :" حقاً هل بكل مكان أذهب إليه سأجد إثنان يتشاجران كالديوك ؟ ألا يوجد مكان هادئ ؟"

رفع إيثان بصره نحوه بهدوء قبل أن يخفض رأسه مجدداً بمشاعر متضاربة , لكن رولند لم يكن أفضل منه حالاً فهو صدم بوجود جينيفر هنا كما أنه وبعد لقائهما الأخير لا يعلم كيف يجدر به التصرف معها , لذا ببساطة هو فقط سار متجاهلاً لها تماماً لينطق بهدوء :" إذا إيثان سأتجاهل فكرة أنك لم تجب على إتصالاتي السابقة فقط لإنني فوت إتصالك الأول وسأقنع نفسي بأنك تمتلك سبب آخر لأجل تجاهلي ! "

نظر إيثان له قبل أن يقترب ويضمه بهدوء بينما يغمض عيناه بقوة لعله يتمكن من الحصول على القليل من القوة , ظهرت ابتسامة لطيفة على وجه رولند وهو يعبث بشعر إيثان الأشقر بينما ينطق بهدوء :" إذاً ماذا هناك يا صغيري ؟"

شد إيثان على ثياب رولند أكثر بصمت ليوجه رولند نظره لريو الذي تحدث بقلق :" يفترض أن نذهب للمشفى فهناك عملية له هذه الليلة ! "

نظر رولند لإيثان وقد أبعده عنه برفق لينطق بعتاب ودهشة :" أي عملية هي هذه ؟ ولماذا لم أعلم عنها أي شيء ؟ "

نطق إيثان بصوت مخنوق :" إن أخفقت فهنالك إحتمال أن يضعف جسدي أكثر , مما سيمنعني حتى من الذهاب للمدرسة أو للخارج لوقت طويل , سأكون عاجز تقريباً ! "

ظهر القلق على وجه الأكبر وهو يمسح على شعر ابن عمه برفق بينما ينطق :" لا يمكنني أن أعدك أن النتيجة ستكون ناجحة لإنني لا أريد أن أخدعك ولكن إيثان يمكنني أن أعدك بأنني سأكون هنا مهما كانت النتيجة , لن أتخلى عنك ولن أمل منك وسأبذل كل ما بوسعي لإسعادك موافق ؟"

هو ابتسم قليلاً لينهض رولند بينما ينطق :" إذا هيا سنذهب للمشفى الآن وسأكون معك طوال الوقت أهذا جيد ؟"

أومئ له بهدوء لتتسع إبتسامة رولند دون أن يلاحظ نظرة شقيقته المندهشة نحوه فهي لم تكن تعلم أنه يمتلك جانب حنون كهذا , إلا أنها لم تمنع نفسها من النطق بتهكم شديد :" منفصم ! "

هو رفع أحد حاجباه ووجه نظره لها أخيرا بينما ضحك إيثان بخفة أما ريو فوقف لمراقبة ردة فعل رولند والذي أعاد نظرته الباردة وابتسامته الساخرة بينما ينطق :" أنا ؟! حسناً أعترف بذلك فأي شخص سيمتلك شقيقة مثلك لابد أنه سيصاب بإحباط فظيع ! "

هي حركت شعرها بكل خفة وغرور لتخرج لسانها له بينما تنطق :" لا تتحدث وكأنك تتصرف كواحد ! "

اتسعت ابتسامته وهو يجيب بينما يحمل حقيبة إيثان التي جهزها ريو بيده السليمة :" لم أكن أنوي فعل ذلك منذ البداية عزيزتي فأنا أرفض أن أكون شقيقاً للحمقى ! "

هي حرفياً كادت أن تتقدم وتضربه لولا ريو الذي أمسك بها , نظر لها رولند ولغضبها ليضحك بإستمتاع بينما يسير لينطق إيثان :" لننطلق فحسب "

سار الأربعة معاً بينما كانت جيني تبتسم أيضا بخفة فهي ترى أن علاقتها برولند بدأت بالنمو بطريقة إيجابية لكن كل واحد منهما بطريقته الخاصة .

****

بقصر أسرة روبنز كان يتحدث بصوت هادئ :" حسنا فهمت سأتولى أنا الأمر "

أغلق الهاتف وهو ينظر لأريان الذي كان يجلس على الأريكة بغرفة سيده وهو يشاهد التلفاز ليبتسم بلطف بينما ينطق :" أنا علي الذهاب للمشفى من أجل سيدي رولند ، هل ترغب بشيء ما ؟ "

رفع الصغير رأسه لينطق بخفة :" أندرو هل أنت تكره أخي رولند ؟ "

ابتسم بخفة وهو يبعثر شعره :" لا تقلق فعلاقتنا جيدة للغاية "

هو أنهى عبارته ليغادر بينما حدق به الصغير بعدم فهم فهو لم يره ولو لمرة واحدة يتحدث مع رولند بطريقة جيدة ولا العكس أيضا !

****

وقفت جينيفر بقلق بينما كان ريو يسير بالأرجاء بقلق شديد وهو يقضم أظافره من التوتر ، هو خائف للغاية على صديقه وسيده وتمنى لو أنه أخذ مكان رولند معه بالداخل !

إيثان كان يخضع للعملية بالفعل بينما يقف رولند فوق رأسه وهو يمسك بيده بخفة ، هو كان ينظر لكل شيء إلا الأطباء ، نطق بهمس شديد :" أنت تكره والداك بسببنا ، تظن أنك مجرد عبئ ونحن السبب ، ليتني قادر على نقل صورة والداك وسعادتهما الشديدة عندما ولدت أنت إيثان ! "

هو وضع رأسه على جبين إيثان بينما يسمح لذكرياته بالتسلل له ..

~ الماضي ~

رولند كان بالسادسة تقريبا من العمر عندما شعر بإضطراب بالحركة بالقصر ، غادر غرفته الفخمة وتوجه للطابق المخصص لعمه وزوجته ، هو رآى عمه يسير بالردهة بتوتر وقلق إلا أنه صمت وهو يراقبه من بعد ودون الإقتراب منه ، جين إنتفص عند سماعه لصوت بكاء صغيره الذي قدم لهذه الحياة أخيرا ، هو إنطلق للغرفة بأكبر إبتسامة عرفها من قبل ، ورولند تبعه بذات الصمت ، هو حدق بخالته آنجلي التي كانت تضم الطفل بكل رقة وحنان ومن ثم ابتسم بخفة على مظهر عمه عندما عرضت عليه آنجلي الإمساك بالصغير ، هو بدى متوترا للغاية ومن ثم أمسكه بكل حذر وكأنه جوهرة ثمينة ورقيقة يخشى تحطمها ..

بطريقة ما عينا رولند إلتمعت بفعل الدموع قبل أن يترك المشهد العائلي خلفه ويسير بإتجاه غرفته الموجودة بالطابق السفلي ، جلس بكل هدوء على سريره قبل أن يستلقي ويضع الغطاء على رأسه ويسمح لدموعه بالإنهمار ، هو يشعر بألم شديد بقلبه و صورة والده وكلامه الأخير له تجعله يشعر بألم أكبر .

أمسك بالغطاء بيداه الصغيرتان بقوة شديدة ليمنع شهقاته من الخروج بصعوبة هو لا يريد أن يكون طفل بكاء فقط !

توقف عن إصدار أي حركة عندما شعر  بدخول أحدهم للغرفة ، جين رمقه بهدوء وشيء من الأسى فهو أدرك أنه يبكي الآن ، حمله دون إبعاد الغطاء عنه وضمه برفق فهو لم يرد أن يرى دموع الصغير بما أنه يكره ذلك ، نطق بحنان :" هل تشعر بالملل رولند ؟ آسف لإنني إنشغلت عنك اليوم "

أوقف رولند دموعه وأخرج رأسه من الغطاء قليلا لينطق بصوت حزين :" هل أنت تكره أبي ؟ لماذا لا يحبه أحد ؟ "

قطب جين حاجبيه ومن ثم نطق بخفة :" يستحيل أن أكره شقيقي الأكبر رولند ، أنا أحبه للغاية وثق بي والدك لا يستحق الكره أبدا "

هو نطق بألم :" هل شعر أبي بالسعادة لإنني ولدت ؟ أم أنه لم يرغب بي ؟ "

عض جين على شفتيه وهو ينطق بحده مكتومة :" ومن أخبرك بهذا ؟ يو كان سعيدا للغاية بك ، هو أحبك بشدة "

إلتمعت عيناه مجددا بالدموع وهو يحدق بعينا عمه لينطق مرة أخرى :" لماذا جعلت أبي يرحل إن كنت تحبه ؟ ولماذا أخذتني من أمي ؟ لماذا لا تسمح لي بالذهاب ورؤيتها ؟ هل تكرهني أنت ؟"

أخفض جين رأسه ليقبل جبين الطفل وهو ينطق بصوت متألم :" كيف لي أن أبعد هذه الأفكار عنك رولند ؟ كيف ستثق بي يا صغيري ؟ أقسم لك أحبك وأحب والدك للغاية أنا لم أكرهه ولو لثانية واحدة ! أعلم أنني أحمق ومتهور ولكن لم أقصد أن أقوم بإيذائه مطلقا "

لم يفهم رولند ذلك أبدا وهو بعمره الصغير ، كل ما فكر به أن عمه فقط شخص شرير ويكرههم لإنه أبعدهم عن بعضهم البعض ، هو فقط إبتعد عن عمه وعاد لبكائه الصامت تحت الغطاء وهذا كان يقتل جين بالكامل ، هو أراد جعله سعيدا بحياته وإبعاده عن المشاكل فقط ، جين وفر كل وسائل الترفيه لرولند ، الألعاب بكل الأنواع والأشكال ، أحضر له كل شيء يراه يعجب الأطفال بعمره بما أن رولند لم يكن يطلب أي شيء تقريبا منه .

هو حتى وضع سيارة وسائق مع حارس شخصي تحت خدمته ليخرج متى ما أراد ذلك ، لكن لا شيء جعل الصغير يثق به ، نطق بهدوء :" توقف عن البكاء فيو لم يكن يحب رؤية دموعك ، أخبرني بأنها تؤلم قلبه المريض "

وهنا توقف رولند عن البكاء ونظر لعمه مرة أخرى ليتحدث الأخير بابتسامة :" هل تعلم أنك بإحدى المرات قمت بضربي بلعبتك مع أنك لم تتجاوز الخمسة أشهر ! "

هو ابتسم بفخر ليعبس جين بينما ينطق :" للمعلوماتية والدك طلب منك الإعتذار حالا "

تجهم وجه رولند مجددا لينطق بصوت لم يخلو من بحة البكاء :" ولماذا ؟ "

رفع جين يداه وهو ينطق :" أنت كنت مستعدا لقتلي فقط لإن يو يبتسم لي لقد كنت تغار عليه حتى من أمك "

ضحك رولند بإستمتاع وهنا وجد جين أن أفضل طريقة لإيقافه عن البكاء هي أن يحدثه عن ذكرياته مع والديه أو ان يحضر له صديقه أندرو لهنا .

~ نهاية الذكريات ~

إستيقظ من ذكرياته على يد الطبيب الذي تحدث :" لقد إنتهينا ، ستظهر النتائج بعد أن يصحوا "

نطق رولند دون أن يرفع رأسه له بنبرة مخنوقة :" أيمكنني البقاء معه لدقيقتين ؟"

أومئ الطبيب وهو يحذره من إزعاجه ليغادروا المكان ويبقى هو وإيثان النائم بفعل المخدر .

~ نهاية الفصل ~ 

رأيكم بالفصل ؟

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top