الفصل التاسع والعشرين


توقف التاريخ هنا ليشهد ومجددا على فظاعة البشر ، هو دون هذه الحادثة المريعة بين طياته بينما يسترجع بذاكرته حادثة وقعت قبل زمن طويل ، تحمل ذات طابع الخبث و الفظاعة فقط تبدلت وجوه الضحايا و الشهود ، هو وقف ليسجل بين أحداث الزمن أن هذه الأسرة مصابة بلعنة ما ، و كأنه يخبر الجميع بأنه هنا شاهد على الجريمتين وبأن البذرة السيئة لن تخرج زهرة تسر الناظرين ولا تعطر الأجواء بعبقها الندي .

سيارات الإطفاء والشرطة إضافة لسيارات الإسعاف تقف بإنتظام أمام ذلك القصر المشتعل كالجمر،  الدخول إليه بات مستحيلا لذا هم فقط رأوا أنه من المستحيل إنقاذ من بالداخل !

القصر الثاني لأسرة روبنز العريقة ، والذي يقطن به الشقيق الأصغر أليكسس مشتعل بشدة ، رجال الإطفاء وجدوا أنفسهم عاجزين تماما أمام قوة هذه النيران ، والصحفيون فقط مشغولون بإلتقاط الصور والثرثرة التي لا طائل منها وكأن من يحترق بالداخل ليسوا أناسا حقا .

الأسر النبيلة وعلى رأسهم الحاكم ينظرون لهول المنظر أمامهم ، إينوري كريس رولند  ديريك وأسرته وأسرة جيفرسون هنا يقفون بمشاعر متفاوتة للغاية ، بين السعادة والقلق و الحزن !

دعونا نعد لساعتين أو ثلاثة كاملة حيث بدأ كل شيء من هناك ، بذلك الوقت ربما كانت الساعة تشير للسادسة مساءا كان لورانس بغرفة المكتب الخاصة به وهو يفكر بأوراق العمل ، وما إن إنتهى حتى رسم ابتسامة هادئة على شفتيه والتي سرعان ما تلاشت وهو يذكر حالة رولند بالأمس بسبب تلك الرصاصة ، هو عبس بينما يفكر بأنه لم يكن يعلم بأن عمه أيضا يستخدم مثل هذه الأساليب المزعجة .

تنهد بتعب وقد قرر التوجه لمكتب والده من الطابق نفسه بما انه أخبره على مائدة الغداء انه يريد الحديث معه على الساعة السادسة ، نظر للساعة ليجدها تعدت السادسة والعشر دقائق لينطق بهدوء :" يبدوا أن الأمر لن يمر على خير لاسيما إن كان غاضبا " 

نهض ليتوجه للمكتب بآخر الرواق الهادئ فهذا الطابق بالذات لا يسمح لأحد من الخدم التواجد به فهو يحتوي على جناح سيد القصر وزوجته إضافة لمكتب أليكسس وابنه .

هو طرق على باب المكتب بينما يتحدث بهدوئه المعتاد :" أبي أنا هنا كما طلبت "

صمت بإنتظار الرد لكنه لم يتلقاه ليضيق حاجباه فهذا يعني أن والده غاضب وبشدة منه ، تنفس بعمق بينما يفتح الباب ببطئ لكنه ما إن فتحه حتى وقعت عيناه على منظر لن ينساه طوال حياته المتبقية - هذا إن تبقى له الكثير أساسا - .

والده كانت عيناه متسعتين بشدة وخاليتان من الحياة بينما هو يقسم بأنه يرى دموع عالقة بين رموشه ، وهنالك سكين مغروسة بقلبه ، هو لم يتمكن من التراجع للخلف أو على الأقل الصراخ لعل أحدهم يأتي ، فالنيران كانت تلتهم المقعد وجسد والده من الأسفل بينما تنتشر ببطئ للأعلى وتتغذى بالخشب الفاخر الذي صنع منه مكتبه .

دموعه كانت تسيل بقوة وأنفاسه لم تعد تخرج بطريقة منتظمة وهو فقط تجاهل ذلك الشخص الذي أزال السكين من قلب والده بقوة وكأنه لا يراه أساسا !

تقدم ذلك الرجل الذي لم يظهر منه أي شيء ولا حتى لون عيناه لينطق بإنزعاج :" لا يمكنني قتلك أنت الآخر فإن تحولت جثتين لرماد قد يشك الآخرين بذلك ، لذا .. "

هو صمت بينما يبتسم بخبث ويمسك بلورانس الذي لم يتحرك من مكانه وضرب رأسه بالجدار بالرواق ليفقد وعيه بالمكان فهنا حتى لو تحول لرماد لن يهتم أحد وربما سيقولون أنه صدم أن والده إحترق وتراجع للخلف بصدمة وربما فقد وعيه من الصدمة !

هو ابتسم برضى بينما يشاهد الدماء التي بدأت تسيل من جانب رأس ضحيته ليغادر المكان وكأنه لم يوجد قط !

****

وبقصر ديريك كان أندرو يتحدث بألم :" لابد أن الأمر بدأ الآن ! "

حدق رولند به بصمت وتساؤل ليردف بندم شديد :" هو سيحرق قصر شقيقه أليكسس لإخفاء أمر قتله له ، لقد إتفق مع أحدهم لقتله "

نهض رولند من مكانه برعب وهو ينطق :" شقيقه ! هو سيقوم بقتل شقيقه ؟ لماذا بحق الإله ؟ "

حرك أندرو بكتفيه دلالة على جهله ! ليسير رولند وهو ينطق :" سأذهب الآن لهناك !  "

سار أندرو برفقته هو يدرك أن إيقاف رولند ضرب من المستحيل وأيضا هو يرغب بالتدخل ومساعدة الآخرين ، لا يهمه أليكسس حقا ولكنه فقط يشعر بأنه شارك بهذه الجريمة بسبب صمته !

****

وبعد ساعة تقريباً كانت زوجة أليكسس قد قررت الصعود لغرفتها لتبديل ثيابها والخروج لإحتفال ما , ولكنها ما إن وصلت للطابق حتى صرخت بخوف بسبب تلك النيران المشتعلة بالطابق , صوتها جعل الخدم يصعدون بفضول وما إن شاهدوا النيران تلتهم المكان حتى بدأ بعضهم بالركض بكل فوضى وهم يصرخون , حاول أحدهم جعل سيدة المنزل تهرب معه إلا أنها توقفت وهي تتحدث برعب :" طفلي هنا "

ومن ثم بدأت بالركض لداخل الرواق حتى رأت صغيرها مستند على الحائط بينما هنالك دماء تغطي وجهه , هي أسرعت له وجثت على ركبتيها وهي تنطق برعب :" صغيري لورانس , هيا إنهض أرجوك "

تقدم الخادم ليحمله بينما ينظر لسيدته وهي تنطق :" لنغادر الآن ! "

هي ألقت نظرة على المكتب الخاص بزوجها والذي كان مشتعلاً بالكامل لذا لا أمل حقاً من بقائه على قيد الحياة , تحركت عندما حثها الخادم وهنالك دمعة بعينيها ربما هي لم تسعد حقاً بوجوده لكن فقط من المؤلم رؤية شخص ما عشت معه لسنوات طويلة قد مات بالحريق هكذا دون أي سابق إنذار , هي فقط أوصلتهم للطابق الثاني ثم نطقت بهدوء :" خذه وأهرب حالاً أنا علي تفقد إيمليا "

أومئ الخادم ليهرب بلورانس للخارج ، لكنه صدم تماما بسبب النيران بالطابق الأول والفوضى العارمة ، هو نظر بذهول شديد للمطبخ وفهم أن الخدم بالمطبخ إرتعبوا بسبب سماعهم لكلمة حريق وبدأوا بالهرب بفوضى عارمة مما تسبب بإشعال حريق آخر لاسيما إن كان هناك قدر ما على النار !

لثانية فقط هو فكر بالعودة للخلف لأجل سيدته وابنتها لكن حقا حياته على المحك وقد لا يتمكن من الخروج إن صعد للأعلى لذا هو قرر فقط المغادرة وعدم المخاطرة ، وما إن خرج إستقبله رجال الأطفاء و الإسعاف وسرعان ما تجمع الإعلام حوله بسبب لورانس الفاقد للوعي .

تقدم ديريك ليعبدهم قليلا بينما تم وضع لورانس على سرير متحرك لعلاجه ومن حسن حظه ربما هي لم تكن إصابة خطرة .

وهنا بالخارج لم تكن الفوضى أقل من الداخل فالجميع ينظر بقلق شديد لما يحدث ، ديريك كان يحدق بالخادم الذي أخرج لورانس بحقد فهو آخر ما أراده أن ينجو هذا الفتى ! ربما لو أن إيمليا أو والدتها هن من تم إنقاذهن لكان الأمر أفضل حقا ، تنفس بعمق فهو لا يجر به إظهار وجه حاقد بل قلق حاليا .

مضى القليل من الوقت ربما نصف ساعة أو أكثر بقليل ليصحوا لورانس بفزع وهنا تقدم ديريك وهو ينطق بأسى :" صغيري لورانس أنا حقا سعيد لإنك بخير !"

نظر لورانس له ولزوجته التي كانت تذرف الدموع بهدوء ربما فقط لدقيقة قبل أن يقف وهو يتحدث برعب :" أمي وإيم؟ "

أخفض ديريك رأسه لينهض لورانس وهو يبعد الجميع عنه ويبدأ بالركض للداخل دون الإهتمام بصوت عمه الذي يطلب منه التوقف ولا لرجال الإطفاء ، هو فقط مصمم على العثور على ما تبقى من أسرته أو أن يموت معهم بكل بساطة لإنه ليس مستعد للعيش وحيدا .

واللحظة التي دخل بها لورانس للقصر وصلت سيارة رولند وأندرو ليترجل كلاهما منها بسرعة ، رولند بالكاد كان قادرا على السير بسبب إصابته وأندرو يسنده بينما عيناه تشعان بالذنب الشديد ، ثواني فقط ونطق رولند بهمس :" أنا مدين لذلك الفتى ، علي إنقاذه "

حدق أندرو به لينطق بابتسامة :" أنت إبقى هنا لإنك مصاب وأعدك أنني سأساعدهم "

إتسعت عينا رولند برعب ليتركه أندرو وهو يخلع معطفه بينما ينطق :" أعدك سأعود لأجلك يا صديقي "
ثم بدأ بالركض للداخل ، رولند كاد أن يتحرك ليتبعه لولا يد والدته التي أوقفته، هو نظر لها بتوسل بينما إينوري أومأت سلبا وعيناها غارقة بالدموع ، ضمته بخفة وهي تنطق :" أرجوك ، كريس أخبرني أنك مصاب لذا فقط إبعتد عن الخطر أرجوك "

هو لم يتمكن من الإبتعاد عنها بل بادلها العناق بخفة قبل أن يشعر بمعطف يلقى عليه ، هو نظر للخلف ليجد كل من ألفريد وآلبرت بينما ينطق الأخير بسخرية :" لطالما أخبرت والداي أن نهايتنا بسبب جيني ، لكن الآن وبعد التفكير بالأمر نحن من سرنا بهذا الطريق عندما إتخذنا منك صديق ! إعتمد علينا فقط وثق بنا فلست أنت البطل الخارق الذي يمكنه حل كل شيء بمفرده "

أنهى جملته ليسير للداخل بملل بينما لا يلقي بالا لرجال الإطفاء الذين يحاولون إيقافه ، ألفريد تنهد بملل وهو ينطق :" ثق بنا فقط موافق ؟ "

قالها بينما يركض ليلحق بشقيقه الأصغر بسرعة قبل أن يختفي كلاهما خلف النيران بمصير مجهول . 

****

والآن بالوقت الحالي كان رولند يراقب البوابة برعب , هو قد يفقد جميع أصدقائه دفعة واحدة ودون أن يتمكن من التدخل , إينوري فقط كانت تمسك به بقوة خوفاً من أن يقرر الدخول لاسيما بحالته هذه .

جينفير حقاً كانت تشعر بالرعب وهي تبكي بالفعل , هي لا ترغب بأن تشعر بأنها ستقفد أخوتها الآن , حقاً لا تريد أن تتذوق هذا النوع من الألم , وهنالك القليل من القلق على يتصاعد بداخلها لأجل إيمليا فهي ومهما حدث تعرفها منذ أن كانوا بالمدرسة الإبتدائية !

ديريك كان قد شعر بالملل بالفعل فهو فقط بإنتظار أن ينهار القصر بالكامل ليبكي قليلاً ثم يعود للمنزل للإحتفال وزوجته بهذا النصر , فأليكسس بالآونة الأخيرة أزعجه للغاية , هو فقط لا يكف عن الشجار وقد أفقدهم هذا ما يقارب نصف العملاء إضافة لما فعله مع رولند بالإحتفال والكثير من المشاكل التي هو في غنى عنها !

نظر لإبنه ريكس والذي كان يتأمل النيران بخوف وقلق حقيقي بابتسامة هادئة , فلم يتبقى هنالك الكثير ليصبح صغيره هو الوريث لكل شيء , وفقط عندما يحدث هذا هم يمكنهم العيش بسلام !

تعالت صوت الشهقات والبكاء عندما إنهار القصر فوق رؤوس من به , ابتسامة منتصرة صدرت من ديريك وزوجته لثانية أو أقل فقط قبل أن يتصنع ديريك الإنهيار التام بسبب وفاة شقيقه وأسرته !

رولند توقفت أنفاسه حرفياً وقد أبعد والدته فقط ليسير بخطوات بطيئة ومترنحة بينما حتى دموعه متجمدة , تبعه أخاه الأصغر ليمسك بيده ويمسكه بينما دموعه كانت تغرق وجنتيه ورولند فقط نظر بنظرات خالية من الحياة , جينيفر إنهارت أرضاً بينما دموعها تأبى التوقف ووالداها بالتبني لم يكونا بحال أفضل البتة .

كريستيان فقط كان صامت بينما يفكر بأنه من المستحيل أن يحدث الحادث ذاته وللأسرة نفسها مرتين , حقاً هذا فقط أثبت أن من الحريق الأول مدبر و الفاعل واحد ربما ! 

نظر لديريك الذي يبكي بمرارة وهو يفكر بأنه كان طفلاً عندما وقع الأول , لكن هو واثق فقط بأن لا أحد سواه قد يفعلها وإن لم يفهم السبب , لماذا قد يرغب بقتل أليكسس ؟ هو يده اليمنى ! الجميع فقط يعلم أن لا رأي لأليكسس وهو فقط يتبع خطوات ديريك ذاتها , إن كان هو الفاعل حقاً فهذا سيجعله أسوء شخص بالعالم , شخص لن تقبل الجحيم حتى بمثله !

رولند كاد أن ينهار أرضاً عندما وصل لمسامعه صوت تذمر ساخر :" القفز من النافذة بالطابق الثاني ثم تسلق الشجر كالقرود حقاً أندرو ؟! "

أجابه أندرو بينما يعدل وضعية لورانس بين يديه بهدوء :" لكن عزيزي آلبرت هذا أفضل من أن تصبح جثة مشوية صحيح ؟"

ضحك ألفريد وهو يسلم إيمليا لأحد رجال الأسعاف قبل أن ينطق بجد :" من فضلك هي فقدت الأكسجين تماماً "

وضع أندرو لورانس الفاقد للوعي والمصاب بعدة حروق طفيفة  بسيارة إسعاف أخرى بينما تململ آلبرت وهو يضع جثة زوجة أليكسس وهو ينطق بهدوء :" هي ميتة بالفعل , فقط لم يقبل لورانس تركها لتحرق بالنيران لذا أخرجناها من القصر "

هو أوضح هذا للمسعف الواقف أمامه وقبل أن يتحدث مجددا كان هو وألفريد أرضا بينما جينفير تنطق بغضب :" أحمقان , لقد كاد قلبي أن يتوقف بالفعل "

ابتسم ألفريد لها بحنان وهو ينهض ويضمها بينما نطق آلبرت بتذمر :" لا تتصرفي هكذا ! ماذا لوكنت مصابا ! "

هي تجاهلته ثم سارت بإتجاه شقيقها الأكبر الذي لم يتحرك لآن من مكانه بينما سار ألفريد وآلبرت لوالديهما .

تحدثت جينيفر بهدوء :" أنت أيها المنفصم هل أنت بخير ؟ أنظر أنا فتاة وتجاوزت خوفي عليهم ! "

هو نظر لها قليلا قبل أن يبتسم بخفة بينما يجيب وهو يسير بإتجاه أندرو :" فتاة ؟ عزيزتي على أحدهم أن يعيد تعريف هذه الكلمة لك ! "

هي قطبت حاجباها بغيظ بينما وجهت نظرة لآريان الذي كان ينظر لها بحيرة قبل أن تتسع ابتسامتها وهي تمسك بوجنتيه بينما تنطق بسرور :" هل تعلم أنت لطيف للغاية ؟ يمكنني أن أقع بحبك حتى ! "

هو إحمر من الخجل ليبتعد عنها ويختبئ خلف والدتهما , وهي تصنمت بمكانها وبدأت بمراقبتها بهدوء , لا تعلم ما هي المشاعر التي إجتاحتها بهذه اللحظة ولكنها تشعر بالدفئ حقاً , ثم هي تبدوا لها بخير , تنهدت بعمق وهي تتراجع عن فكرة الذهاب لها لاسيما بمكان مليء بالصحافة هكذا لتعود فقط لأسرتها !

رولند رحب بعودة أندرو وقام بالصراخ بوجهه حتى ثم ضمه إليه وفعل الشيء ذاته لألفريد و ألبرت ومن ثم قرر التوجه للمشفى والبقاء برفقة لورانس فحسب ما قاله المسعف أنه مصاب بإنهيار شديد , رولند كان فقط يمسك بيد لورانس وهو يراقب المسعفون بشرود تام , هو ليس طيباً لدرجة أنه حزين على أليكسس ولكن فقط الطريقة التي مات بها تزعجه للغاية , كيف لديريك قتله ؟ أي دم بارد هو هذا الذي يمتلكه لقتل شقيقه الأصغر ؟ بحق الإله لماذا فعل ذلك ؟ هو لا يفهم فقط كيف لأحدهم أن يقوم بقتل شقيقه ويده اليمنى , رولند نظر للورانس بألم شديد وهو يتخيل موقفه عندما يصحوا فبحسب ما أخبره به أندرو أنه كان متشبث بإنقاذ جسد والدته من الحرق حتى لو هي ميتة , هو كان يفكر بأن يخرج شقيقته ويعود ولولا قدومهم هو فقط أمنهم على حياتها وعاد لمحاولته لإستخراج جسد أمه من تحت الأنقاض , وما إن أخرجها هو وآلبرت حتى فقد وعيه .

شد على قبضة يده وهو يهمس :" حقاً ما ذنبنا نحن لنعاني هكذا ؟ إن كانت أسرتنا بها الكثير من العداوة ما ذنبنا نحن ؟ لقد كدت أرتكب غلطة فظيعة حقاً بقتل الجميع , وبالرغم من أنني لطالما ظننت أنه وفور موت أليكسس سأقيم إحتفال كبير إذا لماذا الآن أشعر بالإختناق وبرغبة عارمة بالبكاء ! "

هو أخفض رأسه بعدها بصمت شديد .

****

مضى يومان على تلك الحادثة وتقريباً جميع من بالبلد عرف بخبر موت أليكسس روبنز وزوجته ووجود إبنه الأول بالمشفى بسبب عدم خروجه من الصدمة بعد بينما ابنته بدأت بالعيش بمنزل عمها ! 

وهنا بهذه القرية الشبه معزولة وتحديداً بذلك المطعم المرافق للنزل الصغير كانت الصغيرة أليس تقدم الطعام للزبائن بابتسامة لطيفة للغاية ويساعدها شقيقها التوأم بذات الابتسامة , جين كان يجلس بالحديقة بالخارج وهو يشعر بضيق بصدره عندما ذكر أمامه أمر الحريق ! ليس حزنا على أليكسس بالتأكيد فهو حقاً سعيد بموته , لكن فقط الطريقة تجعله يذكر ما حدث لوالديه ولشقيقه من بعدها , وربما الأسوء هو يوجين الذي لم يتحدث لأحد منذ أن علم بالأمر وهو فقط يجلس بالحديقة بعيداً عن جين بشرود .

نظر له جين بتردد وقد قرر التقدم و محاولة التحدث معه بالرغم من أنه لم يسمح له حتى بالإقتراب منه خلال اليومين السابقين , آنجلي كانت قد قدمت بالطعام لهما عندما نطق جين :" أنت لست حزيناً على أليكسس صحيح ؟"

نظر يوجين له ببرود وهو يقف أمامه , هو فقط بدى وكأنه غاضب كالجحيم ليبتسم بشيء من السخرية البسيطة وهو ينطق :" وإن كنت كذلك ما شأنك ؟ "

قطب جين حاجبيه وهو يفكر بأنه لن يتراجع كالعادة فعلى هذا الشجار أن ينتهي الآن وهنا ! 

ولذا هو نطق مرة أخرى ولكن بشيء من الحده :" إن كان لديك أمر ما يو فأخبرني به مباشرة وتوقف عن التصرف بهذه الطريقة ! "

ضحك يوجين بسخرية ليعقد جين حاجبيه بإنزعاج شديد قبل أن يتحدث الأول بملامح جادة :" حقاً جين من أين تريد مني أن أبدء الحديث ؟"

عادت ملامح جين للتوتر بينما يردف يوجين بصوت حاد :" هل علي أن أبدء بحياتي التي قررت التضحية بها لأجل مغفل لا يستحق ؟! "

أخفض الأصغر رأسه بخضوع بينما نطق الأكبر بصوت أكثر حده :" أم بأنني تخليت عن زوجتي وأبنائي لأجل ذات المغفل ! أجبني جين ! أتظن أنني لم أكن قادرا على قتله ؟ هو وأبنائه ؟ أتظم أن شقيقك كان بهذا الضعف ؟"

لم يرفع رأسه وإنما أغمض عيناه عندما صرخ من أمامه بغضب :" كان بإمكاني قول الحقيقة بالكامل , سواء صدقني أحدهم أم لا لكن كان هذا ليثير الشك وبالنهاية سيكشف كل شيء , لكنني المغفل الذي رفضت ! "

أمسك يوجين به بقوة شديدة وهو ينطق بألم :" ماذا إستفدت أنت مما فعلته ؟ بحق الإله بماذا أفدتني ؟ أنظر إلي جين لا أزال هنا بعيدا عن أبنائي ! "

هو ألقاه بينما يكمل :" لقد أضعت كل شيء , أنا فقط صمت وتحملت كل شيء لأجلك أنت وبماذا كافأتني ؟ أنك أضعت كل شيء و لوثت يداك بدماء شخص قذر مثله , وبالنهاية تخليت عن أبنائي الذين وعدتني بأنك ستعتني بهم وتخليت عن إبنك المريض ! "

إنقبض قلب جين بقوة عندما ذكر يوجين إيثان , الآخر أدار بوجه عنه ليتحدث :" بالتأكيد فجين العظيم لديه المئات من الأفكار المذهلة ولن يهتم بقتل أحدهم وإفساد حياة الجميع ! "

منع جين دموعه من الإنهمار وهو ينطق بيأس :" لماذا كل هذا الغضب فأنا كان يحق لي أن أعلم يا أخي !؟ أن أعلم بالحقيقة الكاملة , آسف لإنني تهورت بالنهاية وأنا حقا آسف لقتله لكنني لست آسفا بإكتشاف الحقيقة المؤلمة "

صمت قليلا يتطلع بظهر شقيقه الذي لطالما حماه من أدنى ألم لينطق بألم شديد :" ولماذا أنت غاضب لإنني لوثت يداي بدمائه ؟ لا تتحدث وكأن يداي لم .."

وضع يوجين يديه على فم شقيقه وهو يتأمله بألم , عيناه كانتا تتوسلان له بأن يصمت , قلبه يألمه بشدة , هو فقط إبتعد مرة أخرى وعاد للنظر بالزهور الحمراء أمامه , نظر لها وهو يتمنى فقط لو أنه لم يستعد ذاكرته اللعينة !

لكن فجأة توسعت عيناه عندما مرت بذاكرته صورة لرولند وهو يبكي , هو وضع يده على رأسه بينما يفكر بأنه لم يرى طفله منذ أن كان بالخامسة إذا كيف رآه يبكي وهو شاب و الأعظم هو المكان الذي شاهده به !

نهض وقد توسعت عيناه لينظر حوله ونبضات قلبه تتسارع , هو فقط سار لداخل المنزل بسرعة ليتبعه جين وآنجلي بقلق فهو شحب وجهه بالكامل , دخل واتجه لغرفة الجلوس تحديدا للأريكة الكبيرة ذات اللون السكري وجلس أرضا بجوارها وهو يتحسس بقع الدماء الجافة والتي مضى على وجودها ثلاث سنوات كاملة وهي لم تختفي بالرغم من محاولات آنجلي لتنظيفها وكأنها فقط موجودة لهذه اللحظة لتؤكد ليوجين أنها ليست مخيلته فقط !

هو سالت دمعه منه بينما ينطق بألم شديد :" لهذا السبب لم يتوقف قلبي اللعين عن النبض بجنون وقتها , لهذا فقط دموعه آلمتني , ولأجل هذا لم أسمح لأحدهم بالعناية به سواي , قلبي لم يفقد ذاكرته ولو لثانية واحدة , لكن لماذا صمت فقط ولم تخبرني ؟ "

تقدم جين وهو يتحدث بقلق :" يو هل أنت بخير ؟"

نظر له يوجين بنظرة كسيرة وهو ينطق :" لم أفعل أي شيء , لا أستحق حتى أن ألقب بالوالد ! "

هو أنهى عبارته ليفقد وعيه بينما تقدم جين منه بمحاولة لإيقاظه دون فائدة مما إضطر آنجلي للتوجه وإحضار الطبيب مرة أخرى .

~ نهاية الفصل ~

أليكسس مات بس بصدق أنا حزنت عليه ! 

توقعات _ أراء ؟ 

فقط نحن بالفعل بالفصول الأخيرة الآن لذا سيبدأ السر الثالث بالإنكشاف وأظن أن هنالك خيط صغير للغاية بشأنه بهذا الفصل ..

أظن أن الأحداث القادمة هادئة بشكل نسبي لذا يمكن لكم إخفاء الأسلحة بها 😇 ..

أهنالك شيء محدد غامض أو يحتاج لتوضيح ترغبون بأن أقوم بتوضيحه بالفصول القادمة ؟ 

وفقط قراءة ممتعة 

Bạn đang đọc truyện trên: AzTruyen.Top